"عَنْ ابن إسْحَاق، حَدَّثَنى مَعَبد بن كعْب بن مَالِك أَنَّ أَخَاهُ عَبد الله بن كَعْب حَدَّثَهُ أَنَّ أَباه كَعْب بن مَالِكٍ، وَكَانَ مِمَّن شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَايَعَ النَّبِىَّ ﷺ بِهَا، قَالَ: خَرَجْنَا فِى حُجَّاجِ قَومنَا مِنَ الْمشرِكينَ وَقَد صَلَّينَا وَفَقِهْنَا، وَمَعَنَا الْبَراءُ بن مَعْرور كَبيرنَا وسَيَّدنَا، قَالَ الْبرَاء لَنَا: يَا هَؤلَاء فَدْ رَأَيْتُ أنْ لَا أَدَع هذه البنية مِنِّى بِظَهْرٍ - يَعْنِى الكَعْبَة، وَأَنْ أُصَلِّى إِلَيْهَا، فقُلْنَا وَالله مَا بَلَغنَا أَنَّ نَبِيَّنَا ﷺ يصلى إلى الشَّامِ وَمَا نُرِيدُ أَنْ نخَالِفَه،
فَقَالَ: إِنِّى لَمصَلٍ إِلَيْهَا فَقُلْنَا لَهُ: لَكِنَّا لَا نَفْعَلُ، فَكُنَّا إِذَا حَضَرتِ الصَّلَاةُ صَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ وَصَلَّى إِلَى الكَعْبَةِ حَتَّى قَدمْنَا مَكَّةَ، وَقَد كُنَّا عبْنَا عَلَيْهِ مَا صَنَعَ وَأَبَى إِلَّا الإقَامَةَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قدْمنَا مَكَّةَ، قَالَ: يَا بْنَ أَخِى انْطَلق إِلَى رَسُولِ الله ﷺ حَتَّى أسْأَلهُ عَمَّا صَنَعْتُ فِى سَفَرِى هَذَا فَإِنِّى وَالله قَدْ وَقَعَ فِى نَفْسِى مِنْهُ شَىْءٌ ولمَا رَأَيتُ مِن خِلافِكم إيَّاىَ فِيهِ، فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ رَسُولَ الله ﷺ وَكُنَّا لَا نَعْرِفهُ وَلَم نَرَهُ قَبْل ذَلِكَ، فَدَخَلْنَا المَسْجِدَ فَإِذَا العَبَّاسُ جَالِسٌ وَرَسُول الله ﷺ مَعَه جَالِسٌ، فَسَلَّمنَا ثُم جَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ الْبَراءُ بن مَعْرُور: يَا نَبِىَّ الله إنِّى خَرجْتُ فِى سَفَرِى هَذَا، وَقَد هَدَانِى الله - ﷻ - للإِسْلَامِ، فَرَأيتُ أن لَا أَجْعَلَ هَذِه الْبِنْيَةَ مِنِّى بِظَهْرٍ، فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، وَقدْ خَالَفَنِى أَصْحَابِى فِى ذَلِكَ، حتَّى وَقَعَ فِى نَفْسِى مِنْ ذَلِكَ، فَمَا تَرَى يَا رَسُول الله؟ قَالَ: لَقَد كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرتَ عَلَيْهَا، فَرَجَعَ الْبراءُ إِلى قبلَةِ رَسُول الله ﷺ فَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ، قَالَ: وَأَهْلهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى الكَعْبَةِ حَتَّى مَاتَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كمَا قَالُوا نَحنُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُم، قَالَ وَخَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ فَوَاعَدَنَا رَسُولُ الله ﷺ الْعَقَبَةَ مِنْ أَوسَطِ أيَّام التَّشْرِيقِ، فَلَمَّا فَرغْنَا مِنَ الْحَجِّ اجْتَمْعنَا تِلْكَ اللَّيلَةَ بِالشِّعبِ نَنْتَظِرُ رسُولَ الله ﷺ فَجَاءَ وَمَعَه الْعَبَّاس فَتَكلَّم الْعَبَّاس فَقُلْنَا لَهُ: قَد سَمِعْنَا مَا قُلْتَ، فَتَكَلَّم يَا رسُول الله فَخُذ لنِفسكَ ولِرَبَّكَ مَا أَحْبَبْتَ، فَتَكَلَّمَ رَسُول الله ﷺ فَتَلَا الْقُرآنَ وَدَعَا إِلَى الله وَرَغَّبَ فِى الإِسْلَامِ، وقَالَ: أُبَايعكُم عَلَى أَنْ تَمْنَعُونى مِمَّا تَمنَعونَ مِنْهُ نِسَاءكُم وأَبنَاءكُم، فَأَخذَ الْبَرَاءُ بن مَعْرورٍ بِيَدهِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَم وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَنَمْنَعُكَ مِمَّا نَمْنَع مِنْهُ أُزُرَنَا، فَبَايَعْنَا رَسُولَ الله ﷺ فَنَحنُ وَالله أَهْلُ الْحُرُوبِ وَأَهْلُ الْحَلَقَةِ وَرثْنَاهَا كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، قَالَ: فَاعْتَرض القَوْم وَالبَراءُ يكَلم رسُولَ الله ﷺ أَبُو الهَيْثم بن التيهَان حَلِيف بَنِى عَبد الله الأشَهْل، وكَانَ أَوَّل مَنْ ضَرَب عَلَى يَد رسَول الله ﷺ الْبَراء بن مَعْرُور ثُمَّ تَبايَعَ الْقَوْمُ".
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.