ذِكْرُ تَزْوِيجِ فَاطِمَةَ ؓ
كَانَتْ فَاطِمَةُ تُذْكَرُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَلَا يَذْكُرُهَا أَحَدٌ إِلَّا صَدَّ عَنْهُ حَتَّى يَئِسُوا مِنْهَا فَلَقِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلِيًّا فَقَالَ إِنِّي وَاللهِ مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ ﷺ يَحْبِسُهَا إِلَّا عَلَيْكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ فَلِمَ تَرَ ذَلِكَ؟ فَوَاللهِ مَا أَنَا بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ مَا أَنَا بِصَاحِبِ دُنْيَا يُلْتَمَسُ مَا عِنْدِي وَقَدْ عَلِمَ مَا لِي صَفْرَاءُ وَلَا بَيْضَاءُ وَمَا أَنَا بِالْكَافِرِ الَّذِي يُتَرَفَّقُ بِهَا عَنْ دِينِهِ يَعْنِي يَتَأَلَّفُهُ بِهَا إِنِّي لَأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ فَقَالَ سَعْدٌ فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتُفُرِجَنَّهَا عَنِّي فَإِنَّ لِي فِي ذَلِكَ فَرَجًا قَالَ أَقُولُ مَاذَا؟ قَالَ تَقُولُ جِئْتُ خَاطِبًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ قَالَ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ وَهُوَ ثَقِيلٌ حَصِرٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً يَا عَلِيُّ؟» قَالَ أَجَلْ جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللهِ وَإِلَى وَرَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «مَرْحَبًا» كَلِمَةً ضَعِيفَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ لَهُ قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ رَحَّبَ بِي كَلِمَةً ضَعِيفَةً فَقَالَ سَعْدٌ أَنْكَحَكَ وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَا خُلْفَ الْآنَ وَلَا كَذِبَ عِنْدَهُ وَأَعْزَمُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّهُ غَدًا فَلَتَقُولَنَّ يَا نَبِيَّ اللهِ مَتَى تُبْنِينِي؟ فَقَالَ عَلِيٌّ هَذِهِ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنَ الْأُولَى أَوَّلًا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ حَاجَتِي قَالَ قُلْ كَمَا أَمَرْتُكَ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى تُبْنِينِي؟ قَالَ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ دَعَا بِلَالًا فَقَالَ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ دَعَا بِلَالًا فَقَالَ «يَا بِلَالُ إِنِّي قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ سُنَّةِ أُمَّتِي الطَّعَامُ عِنْدَ النِّكَاحِ فَائْتِ الْمَغْنَمَ فَخُذْ شَاةً وَأَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ وَاجْعَلْ لِي قَصْعَةً لِعَلِيٍّ أَجْمَعُ عَلَيْهَا الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ فَإِذَا فَرَغْتُ فَآذِنِّي بِهَا» فَانْطَلَقَ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ ثُمَّ أَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَطَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي رَأْسِهَا وَقَالَ «أَدْخِلِ النَّاسَ عَلَيَّ زِقَّةً زِقَّةً وَلَا تُغَادِرُونَ زِقَّةً إِلَى غَيْرِهَا» يَعْنِي إِذَا فَرَغَتْ زِقَّةٌ فَلَا تَعُودَنَّ ثَانِيَةً فَجَعَلَ النَّاسُ يَرُدُّونَ كُلَّمَا فَرَغَتْ زِقَّةٌ وَرَدَتْ أُخْرَى حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ ثُمَّ عَمَدَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى مَا فَضَلَ مِنْهَا فَتَفَلَ فِيهَا وَبَارَكَ وَقَالَ يَا بِلَالُ احْمِلْهَا إِلَى أُمَّهَاتِكَ وَقُلْ لَهُنَّ كُلْنَ وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ إِنِّي زَوَّجْتُ بِنْتِي ابْنَ عَمِّي وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتِهَا مِنِّي وَأَنَا دَافِعُهَا إِلَيْهِ فَدُونَكُنَّ ابْنَتَكُنَّ فَقُمْنَ النِّسَاءُ فَغَلَّفْنَهَا مِنْ طِيبِهِنَّ وَأَلْبَسْنَهَا مِنْ ثِيَابِهِنَّ وَحَلَّيْنَهَا مِنْ حُلِيِّهِنَّ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ النِّسَاءُ ذَهَبْنَ وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ سَتَرٌ وَتَخَلَّفَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ عَلَى رِسْلِكِ «مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ أَنَا الَّتِي أَحْرُسُ ابْنَتَكَ إِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ تُبْنَى بِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنِ امْرَأَةٍ تَكُونُ قُرَيْبَةً مِنْهَا إِنْ عَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ أَوْ أَرَادَتْ شَيْئًا أَفْضَتْ بِذَلِكَ إِلَيْهَا قَالَ «فَإِنِّي أَسْأَلُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكِ وَمِنْ خَلْفِكِ وَعَنْ يَمِينِكِ وَعَنْ شِمَالِكِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ثُمَّ صَرَخَ بِفَاطِمَةَ فَأَقْبَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْ عَلِيًّا جَالِسًا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ حَصِرَتْ وَبَكَتْ فَأَشْفَقَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكُونَ بُكَاؤُهَا؛ لِأَنَّ عَلِيًّا لَا مَالَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «مَا يُبْكِيكِ؟ فَمَا أَلَوْتُكِ فِي نَفْسِي وَقَدْ أَصَبْتُ لَكِ خَيْرَ أَهْلِي وَايْمُ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَعِيدًا فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لِمَنِ الصَّالِحِينَ» فَلَانَ مِنْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا أَسْمَاءُ ائْتِينِي بِالْمِخْضَبِ فَامْلَئِيهِ مَاءً» فَأَتَتْ أَسْمَاءُ بِالْمِخْضَبِ فَمَلَأَتْهُ فَمَجَّ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ وَمَسَحَ فِيهِ وَجْهَهُ وَقَدَمَيْهِ ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهَا وَكَفَا بَيْنَ ثَدْيَيْهَا ثُمَّ رَشَّ جِلْدَهُ وَجِلْدَهَا ثُمَّ الْتَزَمَهَا فَقَالَ اللهُمَّ «إِنَّهُمَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمَا اللهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي فَطَهِّرْهُمَا» ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَعَ بِهَا ثُمَّ دَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا ثُمَّ قَالَ لَهُمَا «قُومَا إِلَى بَيْتِكُمَا جَمَعَ اللهُ بَيْنَكُمَا وَبَارَكَ فِي سَيْرِكُمَا وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا» ثُمَّ قَامَ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُ بِيَدِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ أَنَّهَا رَمَقَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً لَا يُشْرِكُهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدًا حَتَّى تَوَارَى فِي حُجْرَتِهِ ﷺ
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.