أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ شَاوَرَ الْهُرْمُزَانَ فِي أَصْبَهَانَ وَفَارِسَ وَأَذْرَبِيجَانَ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَصْبَهَانُ الرَّأْسِ وَفَارِسُ وَأَذْرَبِيجَانَ الْجَنَاحَانِ فَإِذَا قَطَعْتَ إِحْدَى الْجَنَاحَيْنِ فَالرَّأْسُ بِالْجَنَاحِ وَإِنْ قَطَعْتَ الرَّأْسَ وَقَعَ الْجَنَاحَانِ فَابْدَأْ بأَصْبَهَانَ فَدَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِالنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ يُصَلِّي فَانْتَظَرَهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ فَقَالَ لَهُ إِنِّي مُسْتَعْمِلُكَ فَقَالَ أَمَّا جَابِيًا فَلَا وَأَمَّا غَازِيًا فَنَعَمْ؟ قَالَ فَإِنَّكَ غَازٍ فَسَرَّحَهُ وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَمُدُّوهُ وَيَلْحَقُوا بِهِ وَفِيهِمْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَالْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَعَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَأَتَاهُمُ النُّعْمَانُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ نَهَرٌ فَبَعَثَ إِلَيْهُمُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رَسُولًا وَمَلِكُهُمْ ذُو الْحَاجِبَيْنِ فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ مَا تَرَوْنَ أَقْعُدُ لَهُمْ فِي هَيْئَةِ الْحَرْبِ أَوْ فِي هَيْئَةِ الْمَلِكِ وَبَهْجَتِهِ؟ فَجَلَسَ فِي هَيْئَةِ الْمَلِكِ وَبَهْجَتِهِ عَلَى سَرِيرِهِ وَوَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ وَحَوْلَهُ سِمَاطَيْنِ عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الدِّيبَاجِ وَالْقُرْطِ وَالْأَسْوَرَةِ فَجَاءَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَأَخَذَ بِضَبْعَيْهِ وَبِيَدِهِ الرُّمْحُ وَالتُّرْسُ وَالنَّاسُ حَوْلَهُ سِمَاطَيْنِ عَلَى بِسَاطٍ لَهُ فَجَعَلَ يَطْعَنُهُ بِرُمْحِهِ فَخَرَّقَهُ لِكَيْ يَتَطَيَّرُوا فَقَالَ لَهُ ذُو الْحَاجِبَيْنِ إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَصَابَكُمْ جُوعٌ شَدِيدٌ وَجَهْدٌ فَخَرَجْتُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ مِرْنَاكُمْ وَرَجَعْتُمْ إِلَى بِلَادِكُمْ فَتَكَلَّمَ الْمُغِيرَةُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ إِنَّا كُنَّا مَعْشَرَ الْعَرَبِ نَأْكُلُ الْجِيفَةَ وَالْمَيْتَةَ وَكَانَ النَّاسُ يَطَئُونَنَا وَلَا نَطَأُهُمْ فَابْتَعَثَ اللَّهُ مِنَّا رَسُولًا فِي شَرَفٍ مِنَّا أَوْسَطَنَا وَأَصْدَقَنَا حَدِيثًا وَإِنَّهُ قَدْ وَعَدَنَا أَنَّ هَا هُنَا سَتُفْتَحُ عَلَيْنَا وَقَدْ وَجَدْنَا جَمِيعَ مَا وَعَدَنَا حَقًّا وَإِنِّي لَأَرَى هَا هُنَا بَزَّةً وَهَيْئَةً مَا أَرَى مَنْ مَعِي بِذَاهِبِينَ حَتَّى يَأْخُذُوهُ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ فَقَالَتْ لِي نَفْسِي لَوْ جَمَعْتَ جَرَامِيزَكَ فَوَثَبْتَ وَثْبَةً فَجَلَسْتُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ إِذْ وَجَدْتُ غَفَلَةً فَزَجَرُونِي وَجَعَلُوا يَحُثُّونَهُ فَقُلْتُ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ أَنَا اسْتَحْمَقْتُ فَإِنَّ هَذَا لَا يُفْعَلُ بِالرُّسُلِ وَإِنَّا لَا نَفْعَلُ هَذَا بِرُسُلِكُمْ إِذَا أَتَوْنَا فَقَالَ إِنْ شِئْتُمْ قَطَعْتُمْ إِلَيْنَا وَإِنْ شِئْتُمْ قَطَعْنَا إِلَيْكُمْ فَقُلْتُ بَلْ نَقْطَعُ إِلَيْكُمْ فَقَطَعْنَا إِلَيْهِمْ وَصَافَفْنَاهُمْ فَتَسَلْسَلُوا كُلُّ سَبْعَةٍ فِي سِلْسِلَةٍ وَخَمْسَةٌ فِي سِلْسِلَةٍ حَتَّى لَا يَفِرُّوا قَالَ فَرَامُونَا حَتَّى أَسْرَعُوا فِينَا فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِلنُّعْمَانِ إِنَّ الْقَوْمَ قَدْ أَسْرَعُوا فِينَا فَاحْمِلْ فَقَالَ إِنَّكَ ذُو مَنَاقِبٍ وَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَكِنِّي أَنَا «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ وَيَنْزِلُ النَّصْرُ» فَقَالَ النُّعْمَانُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اهْتَزَّ ثَلَاثُ هَزَّاتٍ فَأَمَّا الْهَزَّةُ الْأُولَى فَلْيَقْضِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلْيَنْظُرِ الرَّجُلُ فِي سِلَاحِهِ وَسَيْفِهِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَإِنِّي حَامِلٌ فَاحْمِلُوا فَإِنْ قُتِلَ أَحَدٌ فَلَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ قُتِلْتُ فَلَا تَلْوُوا عَلَيَّ وَإِنِّي دَاعٍ اللَّهَ بِدَعْوَةٍ فَعَزَمْتُ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ مِنْكُمْ لَمَّا أَمَّنَ عَلَيْهَا فَقَالَ اللَّهُمُ ارْزُقِ الْيَوْمَ النُّعْمَانَ شَهَادَةً تَنْصُرُ الْمُسْلِمِينَ وَافْتَحْ عَلَيْهِمْ فَأَمَّنَ الْقَوْمُ وَهَزَّ لِوَاءَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ حَمَلَ فَكَانَ أَوَّلَ صَرِيعٍ فَذَكَرْتُ وَصِيَّتُهُ فَلَمْ أَلْوِ عَلَيْهِ وَأَعْلَمْتُ مَكَانَهُ فَكُنَّا إِذَا قَتَلْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ شُغِلَ عَنَّا أَصْحَابُهُ يَجُرُّونَهُ وَوَقَعَ ذُو الْحَاجِبَيْنِ مِنْ بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءِ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَأَتَيْتُ النُّعْمَانَ وَبِهِ رَمَقٌ فَأَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَجَعَلْتُ أَصُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ أَغْسِلُ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ فَقَالَ مَا فَعَلَ النَّاسُ؟ فَقُلْتُ فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ اكْتُبُوا بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ وَفَاضَتْ نَفْسُهُ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فَقَالَ فَأَتَيْنَا أُمَّ وَلَدِهِ فَقُلْنَا هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ عَهْدًا؟ قَالَتْ لَا إِلَّا سُفَيْطٌ لَهُ فِيهِ كِتَابٌ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ إِنْ قُتِلَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ وَإِنْ قُتِلَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ قَالَ حَمَّادٌ فَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ ثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ أَنَّهُ أَتَى عُمَرَ فَقَالَ مَا فَعَلَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ؟ فَقَالَ قُتِلَ فَقَالَ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ثُمَّ قَالَ مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ قُلْتُ قُتِلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَآخَرِينَ لَا نَعْلَمُهُمْ قَالَ قُلْتُ لَا نَعْلَمُهُمْ لَكِنَّ اللَّهَ يُعَلِّمُهُمْسكت عنه الذهبي في التلخيص
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.