مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ أَسْمَاءَ
كَانَتْ فَاطِمَةُ تُذْكَرُ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَلَا يَذْكُرُهَا أَحَدٌ إِلَّا صَدَّ عَنْهُ حَتَّى يَئِسُوا مِنْهَا فَلَقِي سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلِيًّا فَقَالَ إِنِّي وَاللهِ مَا أَرَى رَسُولَ اللهِ ﷺ يَحْبِسُهَا إِلَّا عَلَيْكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ فَلِمَ تَرَ ذَلِكَ؟ فَوَاللهِ مَا أَنَا بِوَاحِدِ الرَّجُلَيْنِ مَا أَنَا بِصَاحِبِ دُنْيَا يَلْتَمِسُ مَا عِنْدِي وَقَدْ عَلِمَ مَا لِي صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ وَمَا أَنَا بِالْكَافِرِ الَّذِي يَتَرَقَّقُ بِهَا عَنْ دِينِهِ يَعْنِي يَتَأَلَّفَهُ بِهَا إِنِّي لَأَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ فَقَالَ سَعْدٌ فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَتَفْرِجَنَّهَا عَنِّي فَإِنَّ لِي فِي ذَلِكَ فَرَجًا فَقَالَ أَقُولُ مَاذَا؟ فَقَالَ تَقُولُ جِئْتُ خَاطِبًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَعَرَضَ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ ثَقِيلٌ حَصِرٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً يَا عَلِيُّ؟» قَالَ أَجَلْ جِئْتُكَ خَاطِبًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «مَرْحَبًا» كَلِمَةً ضَعِيفَةً فَرَجَعَ عَلِيٌّ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ فَلَمْ يَزِدْ أَنْ رَحَّبَ بِي بِكَلِمَةٍ ضَعِيفَةٍ فَقَالَ سَعْدٌ أَنْكَحَكَ وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَا خُلْفَ الْآنَ وَلَا كَذِبَ أَعْزِمُ عَلَيْكَ لَمَّا أَتَيْتُهُ غَدًا فَلَتَقُولَنَّ يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى تُبْنِينِي؟ فَقَالَ عَلِيٌّ هَذِهِ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنَ الْأُولَى أَوَلَا أَقُولُ حَاجَتِي؟ قَالَ قُلْ كَمَا أَمَرْتُكَ فَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى تُبْنِينِي؟ قَالَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ دَعَا بِلَالًا فَقَالَ «يَا بِلَالُ قَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ سَنَةِ أُمَّتِي الطَّعَامُ عِنْدَ النِّكَاحِ فَائْتِ الْغَنَمَ فَخُذْ شَاةً وَأَرْبَعَةَ أَمْدَادٍ أَوْ خَمْسَةٍ فَاجْعَلْ لِي قَصِيعَةً لَعَلِّي أَجْمَعُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهَا فَائْذِنِّي بِهَا» فَانْطَلَقَ فَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ ثُمَّ جَاءَ بِقَصْعَةٍ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَطَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي رَأْسِهَا ثُمَّ قَالَ ادْخِلْ عَلِيَّ النَّاسَ زُفَّةً زُفَّةً وَلَا تُغَادِرَنَّ زُفَّةً إِلَى غَيْرِهَا يَعْنِي إِذَا فَرَغْتَ مِنْ زُفَّةٍ لَمْ تَعُدْ ثَانِيَةً فَجَعَلَ النَّاسَ يَرِدُونَ كُلَّمَا فَرَغَتْ زُفَّةً وَرَدَتْ أُخْرَى حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ ثُمَّ عَمَدَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى فَضْلٍ مِنْهَا فَثَفَلَ فِيهَا وَبَارَكَ وَقَالَ يَا بِلَالُ احْمِلْهَا إِلَى أُمَّهَاتِكَ وَقُلْ لَهُنَّ كُلْنَ وَأَطْعِمْنَ مَنْ غَشِيَكُنَّ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ «إِنِّي زَوَّجْتُ ابْنَتِي ابْنَ عَمِّي وَقَدْ عَلِمْتُنَّ مَنْزِلَتَهَا مِنِّي وَأَنَا دَافِعُهَا إِلَيْهِ فَدُونَكُنَّ ابْنَتُكُنَّ» فَقُمْنَ النِّسَاءُ إِلَيْهَا فَغَلَّفْنَهَا مِنْ طِيبِهِنَّ وَأَلْبَسْنَهَا مِنْ ثِيَابِهِنَّ وَحَلَّيْنَهَا مِنْ حُلِيِّهِنَّ ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ فَلَمَّا رَآهُ النِّسَاءُ وَثَبْنَ وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ النَّبِيِّ ﷺ سُتْرَةً وَتَخَلَّفَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ «كَمَا أَنْتِ عَلَى رِسْلِكِ مَنْ أَنْتِ؟» قَالَتْ أَنَا الَّتِي أَحْرُسُ ابْنَتَكَ إِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ يُبْنَى بِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنِ امْرَأَةٍ تَكُونُ قَرِيبًا مِنْهَا إِنْ عُرِضَتْ لَهَا حَاجَةٌ أَوْ أَرَادَتْ شَيْئًا أَفَضَتْ بِذَلِكَ إِلَيْهَا قَالَ «فَإِنِّي أَسْأَلُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكِ وَمِنْ خَلْفَكِ وَعَنْ يَمِينِكِ وَعَنْ شِمَالِكِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ثُمَّ صَرَخَ بِفَاطِمَةَ فَأَقْبَلَتْ فَلَمَّا رَأَتْ عَلِيًّا جَالِسًا إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ ﷺ حَصِرَتْ وَبَكَتْ فَأَشْفَقَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَكُونَ بُكَاؤُهَا لِأَنَّ عَلِيًّا لَا مَالَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «مَا يُبْكِيكِ فَمَا أَلَوْتُكِ فِي نَفْسِي وَقَدْ أَصَبْتُ لَكِ خَيْرَ أَهْلٍ وَايْمُ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ زَوَّجْتُكِ سَعِيدًا فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ» فُلَانٌ مِنْهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا أَسْمَاءُ ائْتِينِي بِالْمِخْضَبِ وَامْلَئِيهِ مَاءً» فَأَتَتْهُ أَسْمَاءُ بِالْمِخْضَبِ فَمَلَأَتْهُ مَاءً ثُمَّ تَمَسَّحَ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ وَوَجْهَهُ ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهَا وَكَفًّا بَيْنَ يَدَيْهَا ثُمَّ رَشَّ جِلْدَهُ وَجِلْدَهَا ثُمَّ الْتَزَمَهُمَا فَقَالَ «اللهُمَّ إِنَّهُمَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمَا اللهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنَّا الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَنِي فَطَهِّرْهُمَا» ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَعَ بِهَا ثُمَّ دَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا ثُمَّ قَالَ «قُومَا إِلَى بَيْتِكُمَا جَمَعَ اللهُ بَيْنَكُمَا وَبَارَكَ فِي سَيْرِكُمَا وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا» ثُمَّ قَامَ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُ بِيَدِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ أَنَّهَا رَمَقَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً لَا يُشْرِكُهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدًا حَتَّى تَتَوَارَى فِي حُجَرِهِ
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.