"عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: بَعَثَنِى رسُولُ الله ﷺ وَالِيًا عَلَى عُمَان، فَأَتَيْتُهَا فَخَرَجَ إِلَى أَسَاقِفَتهُمْ وَرُهْبَانُهُمْ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بْنِ وَائِل السَّهْمىُّ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالُوا: وَمَنْ بَعَثَكَ؟ قُلْتُ: رَسُولُ الله ﷺ قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، رَجُلٌ مِنَّا قَد عَرَفْنَاهُ وَعَرَفْنَا نَسَبَهُ، أَمَرَنَا بِمَكَارِمِ الأَخْلَاقِ - وَنَهَانَا عَنْ مَسَاوِئِهَا، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ الله، قَالَ: فَصَيَّرُوا أَمْرَهُمْ إِلَى رَجُل مِنْهُمْ فَقَالَ لِى: هَلْ بِهِ مِنْ عَلَامَةٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ لَحْمٌ مُتَرَاكِبٌ بَيْنَ كَتِفَيْه يُقَالُ لَهُ: خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، قَالَ: فَهَلَ يَأخُذُ الصَّدَقَةَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا، قَالَ: فَكَيْفَ الْحَرْبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ؟ قُلْتُ: سِجَالٌ: مَرَّة لَهُ وَمَرَّة عَلَيْهِ، قَالَ: فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمُوا ثُمَّ قَالَ لِى: وَالله لأَنْ كُنْتَ صَدَقْتَنِى لَقَدْ مَاتَ فِى هَذِهِ اللَّيْلَةِ، قُلْتُ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَالله لَئنْ كُنْتَ صَدَقْتَنِى لَقَدْ مَاتَ صَدَقْتُكَ، قَالَ: فَمَكَثَ أَيَّامًا فَإِذَا رَاكِبٌ قَدْ أَنَاخَ يَسْأَلُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ مُفْزَعًا فَنَاوَلَنِى كِتَابًا فَإِذَا عُنْوَانُهُ: مِن أَبِى بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ الله ﷺ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ وَدَخَلْتُ الْبَيْتَ فَفَكَكْتُهُ فَإِذا فِيهِ: بِسْم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، مِنْ أبِى بَكْرٍ خَلِيفَةِ رسَوُلِ الله ﷺ إِلَى عَمْرو بْن الْعَاصِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الله - ﷻ - بَعَثَ نَبِيَّهُ ﷺ حَيْثُ شَاءَ، وَأَحْيَاهُ مَا شَاءَ، ثُمَّ تَوَفَّاهُ حِينَ شَاءَ وَقَدْ قَالَ فِى كِتَابِهِ الصَّادِقِ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَلَّدُونِى أَمْرَ هَذِه الأُمَّةِ عَن غَيْر إِرَادَةٍ مِنِّى وَلَا مَحَبَّةٍ فأَسْأَلُ الْعَوْنَ
وَالتَّوْفِيقَ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِى فَلَا تَحُلَّنَّ عِقَالًا عَقَلَهُ رَسُولُ الله ﷺ وَلَا تَعْقِلَنَّ عِقَالًا حَلَّهُ رَسُولُ الله ﷺ وَالسَّلَامُ، فَبَكَيْتُ بُكَاءً طَوِيلًا، ثُمَّ خَرَجْتُ عَلَيْهِمْ فَأعْلَمْتُهمْ فَبَكَوْا وَعَزَّوْنِى، فَقُلْتُ: هَذَا الَّذِى وَلِينَا بَعْدَهُ، مَا تَجِدُونَهُ فِى كِتَابِكُمْ؟ قَالَ: يَعْمَلُ بِعَمَلِ صَاحِبِهِ الْيَسِيرَ ثُمَّ يَمُوتُ، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يَلِيكُمْ قَرْنُ الْحَدِيدِ فَيَمْلأُ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا قِسْطًا وَعَدْلًا، لَا يَأخُذُهُ فِى الله لَوْمَةُ لَائِمِ، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: يُقْتَلُ، قُلْتُ: يُقْتَلُ؟ قَالَ: إِى وَالله يُقْتَلنَّ قُلْتُ: مِنْ مَلأٍ أَمْ مِنْ غيلَةٍ، قَالَ: بَلْ غِيلَةً، فَكَانَتْ أَهْوَنَ عَلَىَّ، قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ وانْقَطَعَ مِنْ كِتَابِ الشَّيْخِ".
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.