"عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الله بْنَ الصَّامِتِ، وَهُوَ ابْنُ أَخِى أَبِى ذَرٍّ عَنِ الأُمَرَاءِ إِذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ، فَضَرَبَ رُكْبَتِى وَقَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنْ ذَلِكَ فَفَعَلَ بِى كمَا فَعَلْتُ بِكَ وَضَرَبَ رُكْبَتِى، وَحَدَّثَنِى أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ الله ﷺ فَفَعلَ بِهِ كمَا فَعَلَ بِى وَضَرَبَ رُكْبَتَهُ كَمَا ضَرَبَ رُكْبَتِى، فَقَالَ: صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتُمْ مَعَهُمْ فَصَلُّوا، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنِّى قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّى".
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّى تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللهِ وَعِتْرَتِى أهْلَ بَيْتِى".
"عَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ قَالَ: صَلَّى عَلِىٌّ عَلى زَيْدِ بنِ المُكَفَّفِ، فَجَاءَ قَرَظَةُ بنُ كَعْبٍ وَأَصْحَابُهُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَأَمَرَهُم أَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ".
"لله تَبَارَكَ وَتَعَالى لَوحٌ يَنْظُرُ فِيهِ فِي كُلِّ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ نَظْرَةً يرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ لِيسَ لأَهْلِ الشَّاةِ فِيهَا نَصِيبٌ".
"عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ شَبْحَ الذِّرَاعينِ، أَذْهَبَ أَشْفارِ الْعَيْنَيْنِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، يُقْبِلُ جَمِيعًا، وَيُدْبِرُ جَمِيعًا، لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفحشًا، وَلَا سَحَّابا في الأسْوَاقِ".
عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَوَصَفَ قَالَ كَانَ «يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا ثِنْتَيْنِ وَيُصَلَّى قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمٍ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَالنَّبِيِّينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ» قَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو إِسْحَاقَ اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَالَفَهُمَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ جَيٍّ وَكَانَ أَهْلُ قَرْيَتِي يَعْبُدُونَ الْخَيْلَ الْبُلْقَ وَكُنْتُ أَعْرِفُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ فَقِيلَ لِي إِنَّ الدِّينَ الَّذِي تَطْلُبُ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَغْرِبِ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَوْصِلَ فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْضَلِ رَجُلٍ فِيهَا فَدُلِلْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي صَوْمَعَةٍ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ جَيٍّ وَإِنِّي جِئْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمَ وَأَتَعَلَّمُ فَضُمَّنِي إِلَيْكَ أَخْدُمُكَ وأَصْحَبُكَ وتُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ؟ فَقَالَ نَعَمْ فَصَحِبْتُهُ فَأَجْرَى عَلَيَّ مِثْلَ مَا كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ الْخَلَّ وَالزَّيْتَ وَالْحُبُوبَ فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَجَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَبْكِيهِ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْتُ يُبْكِينِي أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بِلَادٍ أَطْلُبُ الْخَيْرَ فَرَزَقَنِي اللهُ ﷻ فَصَحِبْتُكَ فَعَلَّمْتَنِي وَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي فَنَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ وَلَا أَدْرِي أَيْنَ أَذْهَبُ قَالَ لِي أَخٌ بِالْجَزِيرَةِ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ عَلَى الْحَقِّ فَائْتِهِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُ أَنِّي أَوْصَيْتُ إِلَيْهِ وأَوْصَيْتُكَ بِصُحْبَتِهِ قَالَ فَلَمَّا أَنْ قُبِضَ الرَّجُلُ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الرَّجُلَ الَّذِي وَصَفَ لِي فَأَخْبَرْتُهُ بِالْخَبَرِ وَأَقْرَأْتُهُ السَّلَامَ مِنْ صَاحِبِهِ وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ هَلَكَ وَأَمَرَنِي بِصُحْبَتِهِ قَالَ فَلَمَّا أَنْ قُبِضَ الرَّجُلُ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الرَّجُلَ الَّذِي وَصَفَ لِي فَأَخْبَرْتُهُ وأَوْفَيْتُهُ السَّلَامَ مِنْ صَاحِبِهِ أَنَّهُ هَلَكَ وَأَمَرَنِي بِصُحْبَتِهِ قَالَ فَضَمَّنِي إِلَيْهِ وَأَجْرَى عَلَيَّ كَمَا كَانَ يُجْرَى عَلَيَّ مَعَ الْآخَرِ فَصَحِبْتُهُ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَلَمَّا أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ جَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَبْكِي فَقَالَ لِي مَا يُبْكِيكَ؟ قُلْتُ خَرَجْتُ مِنْ بِلَادِي أَطْلُبُ الْخَيْرَ فَرَزَقَنِي اللهُ ﷻ صُحْبَةَ فُلَانٍ فَأَحْسَنَ صُحْبَتِي وَعَلَّمَنِي فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ أَوْصَى بِي إِلَيْكَ فَضَمَمْتَنِي وَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي وَعَلَّمْتَنِي وَقَدْ نَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ فَلَا أَدْرِي أَيْنَ أَتَوَجَّهُ؟ قَالَ فَائْتِ أَخًا لِي عَلَى قُرْبِ الرُّومِ فَهُوَ عَلَى الْحَقِّ فَائْتِهِ وَاقْرِأْهُ مِنِّي السَّلَامَ واصْحَبْهُ فَإِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ فَلَمَّا قُبِضَ الرَّجُلُ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِي وبِوَصِيَّةِ الْآخَرِ قَبْلَهُ قَالَ فَضَمَّنِي إِلَيْهِ وَأَجْرَى عَلَيَّ كَمَا يُجْرَى عَلَيَّ فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ جَلَسْتُ أَبْكِي عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لِي مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَصَصْتُ قِصَّتِي قُلْتُ لَهُ إِنَّ اللهَ رَزَقَنِي صُحْبَتَكَ وَأَحْسَنْتَ صُحْبَتِي وَقَدْ نَزَلَ بِكَ الْمَوْتُ فَلَا أَدْرِي أَيْنَ أَتَوَجَّهُ؟ قَالَ لَا أَيْنَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُهُ عَلَى دِينِ عِيسَى فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ هَذَا أَوَانٌ يَخْرُجُ فِيهِ نَبِيٌّ أَوْ قَدْ خَرَجَ بِتِهَامَةَ فَأَنْتَ عَلَى الطَّرِيقِ لَا يَمُرُّ بِكَ أَحَدٌ إِلَّا سَأَلْتَهُ عَنْهُ وَإِذَا بَلَغَكَ أَنَّهُ خَرَجَ فَائْتِهِ فَإِنَّهُ النَّبِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ وَأَنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ قَالَ فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِي أَحَدٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ فَمَرَّ بِي نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَسَأَلْتُهُمْ فَقَالُوا نَعَمْ قَدْ ظَهْرَ فِينَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ هَلْ لَكُمْ إِلَى أَنْ أَكُونَ عَبْدًا لِبَعْضِكُمْ عَلَى أَنْ تَحْمِلُونِي عُقْبَةً وتُطْعِمُونِي مِنَ الْكِسَرِ فَإِذَا بَلَغْتُمْ إِلَى بِلَادِكُمْ فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَبِيعَ بَاعَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَسْتَعْبِدَ اسْتَعْبَدَ فَقَالَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ أَنَا فَصِرْتُ عَبْدًا لَهُ حَتَّى قَدِمَ بِي مَكَّةَ فَجَعَلَنِي فِي بُسْتَانٍ لَهُ مَعَ حُبْشَانٍ كَانُوا فِيهِ فَخَرَجْتُ وَسَأَلْتُ فَلَقِيتُ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ بِلَادِي فَسَأَلْتُهَا فَإِذَا أَهْلُ بَيْتِهَا قَدْ أَسْلَمُوا وَقَالَتْ لِي إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْحِجْرِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا صَاحَ عُصْفُورٌ بِمَكَّةَ حَتَّى إِذَا أَضَاءَ لَهُمُ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا فَانْطَلَقْتُ إِلَى الْبُسْتَانِ فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ لَيْلَتِي فَقَالَ لِي الْحُبْشَانُ مَا لَكَ؟ فَقُلْتُ أَشْتَكِي بَطْنِي قَالَ وَإِنَّمَا صَنَعْتُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَفْقِدُونِي إِذَا ذَهَبْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ فَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي أَخْبَرَتْنِي الْمَرْأَةُ الَّتِي يَجْلِسُ فِيهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ خَرَجْتُ أَمْشِي حَتَّى رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَإِذَا هُوَ مُحْتَبٍ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ فَأَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَعَرَفَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ الَّذِي أُرِيدُ فَأَرْسَلَ حَبْوَتَهُ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَقُلْتُ اللهُ أَكْبَرُ هَذِهِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الْمُقْبِلَةُ لَقَطْتُ تَمْرًا جَيِّدًا ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ «مَا هَذَا؟» قُلْتُ هُوَ هَدِيَّةٌ فَأَكَلَ مِنْهَا وَقَالَ لِلْقَوْمِ «كُلُوا» قَالَ قُلْتُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «اذْهَبْ فَاشْتَرِ نَفْسَكَ» فَانْطَلَقْتُ إِلَى صَاحِبِي فَقُلْتُ بِعْنِي نَفْسِي؟ قَالَ نَعَمْ عَلَى أَنْ تُنْبِتَ لِي مِائَةَ نَخْلَةٍ فَإِذَا أَنْبَتَتْ جِئْنِي بِوَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ «اشْتَرِ نَفْسَكَ بِالَّذِي سَأَلَكَ وَائْتِنِي بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ الَّذِي كُنْتَ تَسْقِي مِنْهَا ذَلِكَ النَّخْلَ» قَالَ فَدَعَا لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ فِيهَا ثُمَّ سَقَيْتُهَا فَوَاللهِ لَقَدْ غَرَسْتُ مِائَةَ نَخْلَةٍ فَمَا غادَرَتْ مِنْهَا نَخْلَةٌ إِلَّا نَبَتَتْ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّخْلَ قَدْ نَبَتْنَ فَأَعْطَانِي قِطْعَةً مِنْ ذَهَبٍ فَانْطَلَقْتُ بِهَا فَوَضَعْتُهَا فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَوَضَعَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ نَوَاةً فَوَاللهِ مَا اسْتَقَلَّتِ الْقِطْعَةُ الذَّهَبُ مِنَ الْأَرْضِ قَالَ وَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فأَعْتَقَنِي
"عَنْ أَبِي وَائلٍ قَالَ: كُنَّا نَأتِي النَبِيَّ ﷺ فَإذَا نَزَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِن القُرْآنِ أَخْبَرَنَا بِهِ، فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: قَالَ اللهُ - تَعَالَى-: إِنَّا أَنْزَلَنَا المَالَ لإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَلَوْ أَنَّ لابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ مَالٍ لابَتَغَى إِلِيْهِ الثَّانِي، وَلَوْ أَنَّ لَهُ الثَّانِي لاَبْتَغَى إلَيْهِ الثَّالِثَ، وَلَا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلَّا التراب، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ".
"إِنَّ الله ﷻ قَال: إِنَّا أَنزَلْنَا الْمَال لإِقَامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكَاةِ، وَلوْ كَان لابْنِ آدَم وادٍ لأحَبَّ أنْ يَكُون لَهُ ثَانٍ، ولَوْ كَان وَادِيَان لأحَبَّ أن يَكُون إِلَيهِما ثَالثٌ، ولا يَمْلأُ جَوْف ابن آدم إلَّا التُّرابُ، ثُمَّ يَتُوبُ الله عَلَى مَنْ تَابَ".
"رأَيتُ ربِّى, لَيْس كَمِثْلِهِ شَئٌ".
"الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فَإِنَّ عَاقِبَتَهُ تَصِيرُ إِلى قُلٍّ".
"مَاءُ زَمْزَمَ شفَاءٌ منْ كلِّ دَاءٍ! ".
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ حَظٌّ رَجَاءَ التَّخَلُّصِ فِي الْعُقْبَى بِشَيْءٍ مِنْهَا
دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ وَحْدَهُ قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ لِلْمَسْجِدِ تَحِيَّةً وَإِنَّ تَحِيَّتَهُ رَكْعَتَانِ فَقُمْ فَارْكَعْهُمَا» قَالَ فَقُمْتُ فَرَكَعْتُهُمَا ثُمَّ عُدْتُ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَنِي بِالصَّلَاةِ فَمَا الصَّلَاةُ؟ قَالَ «خَيْرُ مَوْضُوعٍ اسْتَكْثِرْ أَوِ اسْتَقِلَّ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلُ إِيمَانًا؟ قَالَ «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَسْلَمُ؟ قَالَ «مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ «طُولُ الْقُنُوتِ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ «مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا الصِّيَامُ؟ قَالَ «فَرْضٌ مُجْزِئٌ وَعِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافٌ كَثِيرَةٌ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ «مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ «جَهْدُ الْمُقِلِّ يُسَرُّ إِلَى فَقِيرٍ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ «آيَةُ الْكُرْسِيِّ» ثُمَّ قَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ مَعَ الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ وَفَضْلُ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى الْحَلْقَةِ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الْأَنْبِيَاءُ؟ قَالَ «مِائَةُ أَلْفٍ وَعِشْرُونَ أَلْفًا» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمِ الرُّسُلُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ «ثَلَاثُ مِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمًّا غَفِيرًا» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ كَانَ أَوَّلُهُمْ؟ قَالَ «آدَمُ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ؟ قَالَ «نَعَمْ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَكَلَّمَهُ قِبَلًا» ثُمَّ قَالَ يَا «أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعَةٌ سُرْيَانِيُّونَ آدَمُ وَشِيثُ وَأَخْنُوخُ وَهُوَ إِدْرِيسُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ وَنُوحٌ وَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ هُودٌ وَشُعَيْبٌ وَصَالِحٌ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ ﷺ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ كِتَابًا أَنْزَلَهُ اللَّهُ؟ قَالَ «مِائَةُ كِتَابٍ وَأَرْبَعَةُ كُتُبٍ أُنْزِلَ عَلَى شِيثٍ خَمْسُونَ صَحِيفَةً وَأُنْزِلَ عَلَى أَخْنُوخَ ثَلَاثُونَ صَحِيفَةً وَأُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشَرُ صَحَائِفَ وَأُنْزِلَ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ عَشَرُ صَحَائِفَ وَأُنْزِلَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ وَالْقُرْآنُ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَتْ صَحِيفَةُ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ «كَانَتْ أَمْثَالًا كُلُّهَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ الْمُبْتَلَى الْمَغْرُورُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ الدُّنْيَا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَكِنِّي بَعَثْتُكَ لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنِّي لَا أَرُدُّهَا وَلَوْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ وَعَلَى الْعَاقِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ تَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَسَاعَةٌ يَتَفَكَّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اللَّهِ وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لَا يَكُونَ ظَاعِنًا إِلَّا لِثَلَاثٍ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ وَمَنْ حَسَبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قَالَ «كَانَتْ عِبَرًا كُلُّهَا عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ هُوَ يَفْرَحُ وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ ثُمَّ هُوَ يَضْحَكُ وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ عَجِبْتُ لِمَنْ رَأَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ لَا يَعْمَلُ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ «عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ «إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ «عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ عَنْكَ وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ «عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ «أَحِبَّ الْمَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ «انْظُرْ إِلَى مَنْ تَحْتَكَ وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ فَوْقَكَ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تُزْدَرَى نِعْمَةُ اللَّهِ عِنْدَكَ» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ «قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ «لِيَرُدَّكَ عَنِ النَّاسِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ وَلَا تَجِدْ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَأْتِي وَكَفَى بِكَ عَيْبًا أَنْ تَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا تَجْهَلُ مِنْ نَفْسِكَ أَوْ تَجِدَ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَأْتِي» ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي فقَالَ «يَا أَبَا ذَرٍّ لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ»
"عَنْ أبِى ذَرٍّ قَالَ: إِذَا خَرَجَ عَطَاءٌ حَبَسْتُ مِنْهُ نَفَقَةَ أَهْلِى - يَعْنِى إِلى أَنْ يَخْرُجَ العَطَاءُ الآخَرُ".
" كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله ﷺ فيِ مَسِيرٍ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ أَبْرِدْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ، حَتَّي رَأَيْنَا فيِ الْبَلُولِ، ثُمَّ أَذَّنَ فَصَلَّي الظُّهْرَ، ثُمَّ قَالَ: إِن شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فأبردوا بِالصَّلَاةِ".
"دَخَلتُ عَلَي رَسُولِ الله ﷺ وَهُوَ في المَسْجِدِ فَقَالَ ليِ: يَا أبَا ذَرٍّ: صَلَّيْتَ؟ قُلتُ: لَا، قَالَ: فَقُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ".
"عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ﷺ إِلَّا بِثَلَاثٍ: بنكيرهم الله ورسوله، وَالتَّخَلُّفِ عَنِ الصَّلَاةِ، وَبِبُغْضِهِمْ عَلِىَّ بْن أَبِى طَالِبٍ".
"عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَىَّ النَّبِىُّ ﷺ في مَرَضهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ نَائِمًا فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ فَرَفَعَ يَدَهُ قَالَ: مرمنى "فالتزمنى"".
"يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ الصَّعيدَ الطَّيِّبَ كَافِيكَ، وَإِن لَم تَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدْتَ الَمَاءَ "فَأمِسَّهُ جِلْدَكَ".
"عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله: يَعْمَلُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لِنَفْسِهِ وَيُحَدِّثُهُ النَّاسُ، قَالَ: تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ".
"يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ فَأكْثِر الْمَرَقَ وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ".
"عَنْ المعْرورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِالرِّبْذَةِ فَرَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ عَلَيْهِ بُرْدَةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ أُخْتُهَا فَقَالَ (*) يَا أَبَا ذَرٍّ: لَوْ جَمَعْتَ هَاتَيْنِ فَكَانَتْ حُلَّةً، فَقَالَ سَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ إِنِّى سَابَبْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِى وكَانَتْ أُمُّهُ أَعْجَمَّيةً فنلت مِنْهَا، فَأَتَى النَّبِىَّ ﷺ لِيعْذِرَهُ مِنِّى، فَقَالَ النِّبىُّ ﷺ يَا أَبَا ذَرٍّ إِن فِيكَ جَاهِلِيَّةً، قُلتُ يَا رَسُولَ الله: أَعَلَى سِنِّى هذِهِ مِنْ الكِبَرِ، فَقَالَ إِنَّكَ امْرؤٌ فيكَ جَاهِلِيَّةٌ، إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ جَعَلَهُم الله -تَعَالَى- فِتْنَةً لَكُمْ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطعمهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَلْيُلبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ، وَلَا يُكَلِّفْهُ مَا يَغْلِبُهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ".
"يَا أَبَا ذَرٍّ كيْفَ تَصْنَعُ إِذَا خَرَجْتَ مِنَ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: إِذَنْ آخُذ سَيْفِي فَأَضْرِب بِهِ مَنْ يخرجني فَقَالَ: غفرًا يَا أَبَا ذَرٍّ ثَلَاثًا، بَلْ تَنْقَادُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَادُوكَ، وَتَنْسَاقُ مَعَهُمْ حَيْثُ سَاقُوكَ وَلَوْ عَبْدًا أَسْوَدَ".
"عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلبُ الأَسْوَدُ، وَالْمَرْأةُ الْحَائِضُ فَقُلْتُ لأَبى ذَرٍّ: مَا بَالُ الْكَلْبِ الأَسْوَد؟ قَالَ (*) إِنِّى سَأَلْتُ رَسُولَ الله ﷺ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: إِنَّهُ شَيْطَانٌ".
"يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي لأَعْرِفُ آيَةً لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَخَذُوا بِهَا لَكَفَتْهُمْ: وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ".
"الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ الله تَعَالى، وَالرُّؤيَا السُّوءُ منَ الشَّيطَان، فَمنْ رَأى رُؤيَا فكره منها شيئًا، فليَنْفُث عنَ يَسَاره، ولَيَتَعَوَّذ بالله من الشيطان فإِنَّها لَا تَضُرُّه، ولَا يُخْبر بها أَحَدًا، فَإِنْ رأَى رُؤيا حَسنَةً فَليُبَشِّرْ ولا يُخْبر بهَا إلا منْ يُحبُّ".
"الْبَرَكَةُ في الْغَنَم وَالْجَمَالُ في الإِبل".
"يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا أُعَلِّمُكَ كلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ تَلْحَقُ مَنْ سَبَقَكَ وَلَا يُدْرِكُكَ إِلَّا مَنْ أَخَذَ بِعَمَلِكَ؟ ثُكبِّرُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسبِّحُ ثلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُحَمِّدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَخْتِمُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَي كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَعَلَي كُلِّ يَوْمٍ (*)، وَعَلَي كُلِّ نَفْسٍ فيِ كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ، فَضَلُ بَصَرِكَ لِلمَنْقُوصِ بَصُرُهُ صَدَقَةٌ، وَفَضْلُ سَمعكَ لِلْمَنْقُوصِ لَهُ سَمْعُهُ صَدَقَةٌ، وَفَضْلُ شِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ لِلضَّعِيفِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَفَضْلُ شِدَّةِ سَاقَيْكَ لِلَملْهوفِ صَدَقَةٌ، وَإرْشَادُكَ الضَّالَّ صَدَقَةٌ، وَإِرْشَادُكَ سَائِلًا أيْنَ فُلَان فَأَرْشَدْتَهُ لَكَ صَدَقَةٌ، وَرَفْعُكَ الْعِظَامَ وَالْحَجَرَ عَنْ طَرِيقِ الَمُسْلِمِينَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمُبَاضَعَتُكَ أَهْلَكَ لَكَ صَدَقَةٌ".
خ في التاريخ، طس، وابن عساكر: عن أبي ذر، وسنده حسن .
"يَقْبِضُ اللَّه ﷻ الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَطْوِى السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَقولُ: أَنَا المَلِك، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟ ".
"انْظُرْ مَا تَسْأَلُنِى، فَإِنَّكَ لَا تَسْأَلُنِى عَنْ شَىْءٍ إِلَّا أَذاكَ الله بِهِ بَلَاءً".
"لا تَسُبُّوا الدِّيكَ؛ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ بِوَقْتٍ".
"مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُصيبُه وَصَبٌ، وَلا نَصَبٌ، وَلا سَقَمٌ، وَلا حَزَنٌ وَلا هَمٌّ يُهمُّه، إِلا كَفَّر الله سيِّئاته".
"عَنْ سَلَمَةَ بناتة المحاربى قَالَ: لَقِينَا أَبَا ذَرٍّ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ إِلَّا الْفِطْرَ وَالأَضْحَى؟ قَالَ: لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ، فَعَاوَدَهُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَأَلَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ، كَيْفَ يَصُومُ؟ قَالَ: أَطمَعَهُ مِنْ رَبِّى أَنْ أَصُومَ الدَّهْرَ كُلَّهُ، قَالَ: فَهَذَا الَّذِى عِبْتُ عَلَى صَاحِبِى، قَالَ: كَلَّا أَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَطْمَعُ مِنْ رَبِّى أَنْ يَجْعَلَ لى مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ عَشَرَةَ أيَّامٍ، وَذَلِكَ صَوْم الدَّهْرِ كُلِّهِ، وَذَلِكَ بِأَنَّ الله -تَعَالَى- قَالَ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} ".
"مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ في مَجْلِسٍ فَتَفَرَّقُوا مِنْ غَيرِ ذِكْرِ الله، والصَّلاةِ على النبي ﷺ إِلَّا كَانَ عَلَيهم حَسْرَةً يَوْمَ القِيَامَةِ".
"عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: يَا رَسولَ الله: ذَهَبَ بِالأُجورِ أَصْحَاب الدُّثُورِ، نُصَلِّى وَيُصَلُّونَ، وَنَصُومُ وَيَصُومُونَ، وَلَهُمْ فضُول أَمْوَالٍ فَيَتَصَدَّقُونَ بِهَا، وَلَيْسَ لَنَا مَا نَتَصَدَّقُ، فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ : يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولهن تَلْحَقُ مَنْ سَبَقَكَ وَلَا يُدْرِكُكَ إِلَّا مَنْ أَخَذَ بِعَمَلِكَ؟ قَالَ: بَلَى يَا رسُولَ الله، قَالَ: تُكبِّرُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَخْتِمُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ، فَأُخبِرَ الآخَرُونَ بِذَلِكَ، فَأتَوْا رَسُولَ الله ﷺ فَقَالُوا يَا رَسُولَ الله: إِنَّهُمْ قَدْ قَالُوا مِثْلَ مَا قُلنَا، قَالَ رَسُولُ الله ﷺ : ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وَعَلَى كُلِّ نَفْسٍ في كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ، فَضْلُ بَصَرِكَ لِلْمنْقُوصِ بَصَرُهُ صَدَقَةٌ، وَفَضْلُ سَمْعِكَ لَلْمَنْقُوصِ لَهُ سَمْعُهُ صَدَقَةٌ، وَفَضْلُ شِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ لِلضَّعِيفِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَفَضْلُ شِدَّةِ سَاقَيْكَ لِلْمَلْهُوفِ صَدَقَةٌ، وَإِرْشادُكَ الضَّالَ صَدَقَةٌ، وَإرْشَادُكَ سَائِلا أَيْنَ فُلَان فَأَرْشَدْتَهُ لَكَ صَدَقَةٌ، "وَرَفعُكَ" الْعِظَامَ وَالْحَجَر عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمبَاضَعَتُكَ أَهْلَكَ لَكَ صَدَقَةٌ".
"عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ: من (*) رَجُل يَقُولُ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا قُلْتُ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ حَلَفْتُ مِنْ حَلِفٍ، أَوْ نَذَرْتُ مِنْ نَذْرٍ فَمَشِيئَتُكَ بَيْنَ يَدَىْ ذَلكَ كُلِّه مَا شِئْتَ مِنْهُ كَانَ، وَمَا لَمْ تَشَأ لَمْ يَكُنْ فَاغْفرْ لِى، وَتَجَاوَزْ لِىَ عَنْهُ، اللَّهُمَّ مَنْ صَلَّيْتَ عَلَيْهِ فَصَلَوَاتِى عَلَيْهِ، وَمَنْ لَعَنْتَهُ فَلَعْنَتِى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ في استِثْنَاءٍ (* *) بَقِيَّة يَوْمِهِ ذَلِكَ".
حَدِيثُ الْفُتُونِ
بَعْضُهُنَّ إِنَّ فِي هَذَا مَالًا وَإِنَّا إِنْ فَتَحْنَاهُ لَمْ تُصَدِّقْنَا امْرَأَةُ الْمَلِكِ بِمَا وَجَدْنَا فِيهِ فَحَمَلْنَهُ كَهَيْئَتِهِ لَمْ يُخْرِجْنَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى دَفَعْنَهُ إِلَيْهَا فَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأَتْ فِيهِ غُلَامًا فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا مِنْهُ مَحَبَّةٌ لَمْ يُلْقَ مِنْهَا عَلَى أَحَدٍ قَطُّ {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} [القصص 10] مِنْ ذِكْرِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى فَلَمَّا سَمِعَ الذَّبَّاحُونَ بِأَمْرِهِ أَقْبَلُوا بِشِفَارِهِمْ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ لِيَذْبَحُوهُ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَتْ لَهُمْ أَقِرُّوهُ فَإِنَّ هَذَا الْوَاحِدَ لَا يَزِيدُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى آتِيَ فِرْعَوْنَ فَأَسْتَوْهِبَهُ مِنْهُ فَإِنْ وَهَبَهُ لِي كُنْتُمْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ وَإِنْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ لَمْ أَلُمْكُمْ فَأَتَتْ فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} فَقَالَ فِرْعَوْنُ يَكُونُ لَكِ فَأَمَّا لِي فَلَا حَاجَةَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ كَمَا أَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ لَهَدَاهُ اللهُ كَمَا هَدَاهَا وَلَكِنَّ اللهَ حَرَمَهُ ذَلِكَ» فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَنْ حَوْلَهَا إِلَى كُلِّ امْرَأَةٍ لَهَا لَبَنٌ تَخْتَارُ لَهُ ظِئْرًا فَجَعَلَ كُلَّمَا أَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ لِتُرْضِعَهُ لَمْ يُقْبِلْ عَلَى ثَدْيِهَا حَتَّى أَشْفَقَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ اللَّبَنِ فَيَمُوتَ فَأَحْزَنَهَا ذَلِكَ فَأَمَرَتْ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى السُّوقِ وَمَجْمَعِ النَّاسِ تَرْجُو أَنْ تَجِدَ لَهُ ظِئْرًا تَأْخُذُهُ مِنْهَا فَلَمْ يَقْبَلْ فَأَصْبَحَتْ أُمُّ مُوسَى وَالِهًا فَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّي أَثَرَهُ وَاطْلُبِيهِ هَلْ تَسْمَعِينَ لَهُ ذِكْرًا أَحَيٌّ ابْنِي أَمْ أُكْلَتَهُ الدَّوَابُّ وَنَسِيَتْ مَا كَانَ اللهُ وَعَدَهَا فِيهِ [174] فَبَصُرَتْ بِهِ أُخْتُهُ عَنْ جُنُبٍ وَالْجُنُبُ أَنْ يَسْمُوَ بَصَرُ الْإِنْسَانِ إِلَى الشَّيْءِ الْبَعِيدِ وَهُوَ إِلَى نَاحِيَةٍ لَا يَشْعُرُ بِهِ فَقَالَتْ مِنَ الْفَرَحِ حِينَ أَعْيَاهُمُ الظُّئُورَاتُ أَنَا {أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص 12] فَأَخَذُوهَا فَقَالُوا مَا يُدْرِيكَ مَا نُصْحُهُمْ؟ هَلْ تَعْرِفُونَهُ؟ حَتَّى شَكُّوا فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَتْ نَصِيْحَتُهُمْ لَهُ وَشَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ رَغْبَتُهُمْ فِي صِهْرِ الْمَلِكِ وَرَجَاءُ مَنْفَعَةِ الْمَلِكِ فَأَرْسَلُوهَا فَانْطَلَقَتْ إِلَى أُمِّهَا فَأَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَلَمَّا وَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا ثَوَى إِلَى ثَدْيِهَا فَمَصَّهُ حَتَّى امْتَلَأَ جَنْبَاهُ رِيًّا وَانْطَلَقَ الْبُشَرَاءُ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ يُبَشِّرُونَهَا أَنْ قَدْ وَجَدْنَا لِابْنِكِ ظِئْرًا فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا فَأَتَتْ بِهَا وَبِهِ فَلَمَّا رَأَتْ مَا يَصْنَعُ قَالَتْ امْكُثِي تُرْضِعِي ابْنِي هَذَا فَإِنِّي لَمْ أُحِبَّ شَيْئًا حُبَّهُ قَطُّ قَالَتْ أُمُّ مُوسَى لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَ بَيْتِي وَوَلَدِي فَيَضِيعَ فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُكِ أَنْ تُعْطِينِيهِ فَأَذْهَبَ بِهِ إِلَى بَيْتِي فَيَكُونَ مَعِي لَا آلُوهُ خَيْرًا فَعَلْتُ فَإِنِّي غَيْرُ تَارِكَةٍ بَيْتِي وَوَلَدِي وَذَكَرَتْ أُمُّ مُوسَى مَا كَانَ اللهُ وَعَدَهُ فَتَعَاسَرَتْ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ وَأَيْقَنَتْ أَنَّ اللهَ مُنْجِزٌ مَوْعُودَهُ فَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا مِنْ يَوْمِهَا فَأَنْبَتَهُ اللهُ نَبَاتًا حَسَنًا وَحُفِظَ لِمَا قَدْ قَضَى فِيهِ فَلَمْ يَزَلْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ مُمْتَنِعِينَ مِنَ السُّخْرَةِ وَالظُّلْمِ مَا كَانَ فِيهِمْ فَلَمَّا تَرَعْرَعَ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِأُمِّ مُوسَى أَزِيْرِينِي ابْنِي فَوَعَدَتْهَا يَوْمًا تُزِيرُهَا إِيَّاهُ فِيهِ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِخَازِنِهَا وَقَهَارِمَتِهَا لَا يَبْقَيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا اسْتَقْبَلَ ابْنِي الْيَوْمَ بِهَدِيَّةٍ وَكَرَامَةٍ لَأَرَى ذَلِكَ فِيهِ وَأَنَا بَاعِثَةٌ أَمِينًا يُحْصِي كُلَّ مَا يَصْنَعُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ فَلَمْ تَزَلِ الْهَدَايَا وَالْكَرَامَةُ وَالنِّحَلُ تَسْتَقْبِلُهُ مِنْ حِينِ خَرَجَ مِنْ بَيْتِ أُمِّهِ إِلَى أَنْ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا نَحَلَتْهُ وَأَكْرَمَتْهُ وَفَرِحَتْ بِهِ وَنَحَلَتْ أُمَّهُ بِحُسْنِ أَثَرِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَتْ لَآتِيَنَّ فِرْعَوْنَ فَلَيَنْحَلَنَّهُ وَلَيُكْرِمَنَّهُ فَلَمَّا دَخَلَتْ بِهِ عَلَيْهِ جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ فَتَنَاوَلَ مُوسَى لِحْيَةَ فِرْعَوْنَ فَمَدَّهَا إِلَى الْأَرْضِ [175] قَالَ الْغُوَاةُ مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ لِفِرْعَوْنَ أَلَا تَرَى مَا وَعَدَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ نَبِيَّهُ إِنَّهُ زَعَمَ أَنْ يَرُبَّكَ وَيَعْلُوكَ وَيَصْرَعَكَ؟ فَأَرْسَلَ إِلَى الذَّبَّاحِينَ لِيَذْبَحُوهُ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ بَعْدَ كُلِّ بَلَاءٍ ابْتُلِيَ بِهِ وَأُرِيدَ بِهِ فُتُونًا فَجَاءَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْعَى إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الْغُلَامِ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي؟ فَقَالَ أَلَا تَرَيْنَهُ إِنَّهُ يَزْعُمُ سَيَصْرَعُنِي وَيَعْلُونِي قَالَتِ اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَمْرًا يُعْرَفُ فِيهِ الْحَقُّ ائْتِ بِجَمْرَتَيْنِ وَلُؤْلُؤَتَيْنِ فَقَرِّبْهُنَّ إِلَيْهِ فَإِنْ بَطَشَ بِاللُّؤْلُؤِ وَاجْتَنَبَ الْجَمْرَتَيْنِ عَرَفْتَ أَنَّهُ يَعْقِلُ وَإِنْ تَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ وَلَمْ يُرِدِ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا لَا يُؤْثِرُ الْجَمْرَتَيْنِ عَلَى اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَهُوَ يَعْقِلُ فَقَرَّبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَتَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ فَنَزَعُوهُمَا مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَحْرِقَا يَدَيْهِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ أَلَا تَرَى؟ فَصَرَفَهُ اللهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا كَانَ قَدْ هَمَّ بِهِ وَكَانَ اللهُ بَالِغًا فِيهِ أَمْرَهُ فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَكَانَ مِنَ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ بِظُلْمٍ وَلَا سُخْرَةٍ امْتَنَعُوا كُلَّ الِامْتِنَاعِ فَبَيْنَمَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمْشِي فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا فِرْعَوْنِيٌّ وَالْآخَرُ إِسْرَائِيلِيٌّ فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَغَضِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ غَضَبًا شَدِيدًا لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَحِفْظَهُ لَهُمْ لَا يَعْلَمُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمُّ مُوسَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَطْلَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَوَكَزَ مُوسَى الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ يَرَاهُمَا أَحَدٌ إِلَّا اللهُ ﷻ والْإِسْرَائِيلِيُّ فَقَالَ مُوسَى حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص 15] ثُمَّ قَالَ {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص 16] فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ الْأَخْبَارَ فَأُتِيَ فِرْعَوْنُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّكَ وَلَا تُرَخِّصْ لَهُمْ فَقَالَ ابْغُونِي قَاتِلَهُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَفْوُهُ مَعَ قَوْمِهِ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُ أَنْ يُقِيدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبْتٍ فَاطْلُبُوا لِي عِلْمَ ذَلِكَ آخُذْ لَكُمْ بِحَقِّكُمْ [176] فَبَيْنَمَا هُمْ يَطُوفُونَ لَا يَجِدُونَ ثَبْتًا إِذَا مُوسَى مِنَ الْغَدِ قَدْ رَأَى ذَلِكَ الْإِسْرَائِيلِيَّ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ آخَرَ فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَصَادَفَ مُوسَى قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ وَكَرِهَ الَّذِي رَأَى فَغَضِبَ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بِالْفِرْعَوْنِيِّ فَقَالَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ لِمَا فَعَلَ أَمْسِ وَالْيَوْمَ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ فَنَظَرَ الْإِسْرَائِيلِيُّ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ مَا قَالَ فَإِذْ هُوَ غَضْبَانُ كَغَضَبِهِ بِالْأَمْسِ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الْفِرْعَوْنِيَّ فَخَافَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ فَخَافَ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَقَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى لِيَقْتُلَهُ فَتَتَارَكَا وَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ حِينَ يَقُولُ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ لِيَقْتُلُوا مُوسَى فَأَخَذَ رُسُلُ فِرْعَوْنَ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ يَمْشُونَ عَلَى هَيْئَتِهِمْ يَطْلُبُونَ مُوسَى وَهُمْ لَا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ فَاخْتَصَرَ طَرِيقًا حَتَّى سَبَقَهُمْ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَخَرَجَ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ مَدْيَنَ لَمْ يَلْقَ بَلَاءً قَبْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ عِلْمٌ إِلَّا حُسْنُ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ قَالَ {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص 23] يَعْنِي بِذَلِكَ حَابِسَتَيْنِ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُمَا مَا خَطْبُكُمَا مُعْتَزِلَتَيْنِ لَا تَسْقِيَانِ مَعَ النَّاسِ؟ فَقَالَتَا لَيْسَ لَنَا قُوَّةٌ نُزَاحِمُ الْقَوْمَ وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ فُضُولَ حِيَاضِهِمْ فَسَقَى لَهُمَا فَجَعَلَ يَغْتَرِفُ فِي الدَّلْوِ مَاءً كَثِيرًا حَتَّى كَانَ أَوَّلَ الرِّعَاءِ وَانْصَرَفَتَا بِغَنَمِهِمَا إِلَى أَبِيهِمَا وَانْصَرَفَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ وَقَالَ {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص 24] وَاسْتَنْكَرَ أَبُوهُمَا سُرْعَةَ صُدُورِهِمَا بِغَنَمِهِمَا حُفَّلًا بِطَانًا فَقَالَ إِنَّ لَكُمَا الْيَوْمَ لَشَأْنًا فَأَخْبَرَتَاهُ بِمَا صَنَعَ مُوسَى فَأَمَرَ إِحْدَاهُمَا أَنْ تَدْعُوَهُ [177] فَأَتَتْ مُوسَى فَدَعَتْهُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ لَيْسَ لِفِرْعَوْنَ وَلَا لِقَوْمِهِ عَلَيْنَا سُلْطَانٌ وَلَسْنَا فِي مَمْلَكَتِهِ فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مِنَ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ فَاحْتَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى أَنْ قَالَ لَهَا مَا يُدْرِيكِ مَا قُوَّتُهُ وَمَا أَمَانَتُهُ؟ قَالَتْ أَمَّا قُوَّتُهُ فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ فِي الدَّلْوِ حِينَ سَقَى لَنَا لَمْ أَرَ رَجُلًا قَطُّ أَقْوَى فِي ذَلِكَ السَّقْيِ مِنْهُ وَأَمَّا الْأَمَانَةُ فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَيَّ حِينَ أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَشَخَصْتُ لَهُ فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي امْرَأَةٌ صَوَّبَ رَأْسَهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى بَلَّغْتُهُ رِسَالَتَكَ ثُمَّ قَالَ لِي امْشِي خَلْفِي وَانْعَتِي لِيَ الطَّرِيقَ فَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا وَهُوَ أَمِينٌ فَسُرِّيَ عَنْ أَبِيهِا وَصَدَّقَهَا وَظَنَّ بِهِ الَّذِي قَالَتْ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ {أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص 27] فَفَعَلَ فَكَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللهِ مُوسَى ثَمَانِي سِنِينَ وَاجِبَةً وَكَانَتْ سَنَتَانِ عِدَةً مِنْهُ فَقَضَى الله عَنْهُ عِدَتَهُ فَأَتَمَّهَا عَشْرًا قَالَ سَعِيدٌ فَلَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَالَ هَلْ تَدْرِي أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ لَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ لَا أَدْرِي فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ ثَمَانِيًا كَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللهِ وَاجِبَةً لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللهِ ﷺ لِيَنْقُصَ مِنْهَا شَيْئًا وَتَعْلَمُ أَنَّ اللهَ كَانَ قَاضِيًا عَنْ مُوسَى عِدَتَهُ الَّتِي وَعَدَهُ فَإِنَّهُ قَضَى عَشْرَ سِنِينَ فَلَقِيتُ النَّصْرَانِيَّ فَأَخْبَرْتُهُ ذَلِكَ فَقَالَ الَّذِي سَأَلْتَهُ فَأَخْبَرَكَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِذَلِكَ قُلْتُ أَجَلْ وَأَوْلَى فَلَمَّا سَارَ مُوسَى بِأَهْلِهِ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ وَالْعَصَا وَيَدِهِ مَا قَصَّ اللهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ فَشَكَا إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ مَا يَتَخَوَّفُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فِي الْقَتِيلِ وَعُقْدَةِ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهِ عُقْدَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ كَثِيرِ الْكَلَامِ وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعِينَهُ بِأَخِيهِ هَارُونَ يَكُونُ لَهُ رِدْءًا وَيَتَكَلَّمُ عَنْهُ بِكَثِيرٍ مِمَّا لَا يُفْصِحُ بِهِ لِسَانُهُ فَآتَاهُ اللهُ سُؤْلَهُ وَحَلَّ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِهِ وَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَارُونَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْقَاهُ [178] فَانْدَفَعَ مُوسَى بِعَصَاهُ حَتَّى لَقِيَ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَانْطَلَقَا جَمِيعًا إِلَى فِرْعَوْنَ فَأَقَامَا عَلَى بَابِهِ حِينًا لَا يُؤْذَنُ لَهُمَا ثُمَّ أُذِنَ لَهُمَا بَعْدَ حِجَابٍ شَدِيدٍ فَقَالَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ قَالَ فَمَنْ رَبُّكَمَا؟ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي قَصَّ اللهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ قَالَ فَمَا تُرِيدَانِ؟ وَذَكَّرَهُ الْقَتِيلَ فَاعْتَذَرَ بِمَا قَدْ سَمِعْتَ قَالَ أُرِيدُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَتُرْسِلَ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَبَى عَلَيْهِ وَقَالَ ائْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهَا مُسْرِعَةٌ إِلَى فِرْعَوْنَ فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إِلَيْهِ خَافَهَا فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ فَفَعَلَ ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الْأَوَّلِ فَاسْتَشَارَ الْمَلَأَ حَوْلَهُ فِيمَا رَأَى فَقَالُوا لَهُ هَذَانِ سَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى يَعْنِي مُلْكَهُمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَالْعَيْشِ فَأَبَوْا عَلَى مُوسَى أَنْ يُعْطُوهُ شَيْئًا مِمَّا طَلَبَ وَقَالُوا لَهُ اجْمَعْ لَهُمَا السَّحَرَةَ فَإِنَّهُمْ بِأَرْضِكَ كَثِيرٌ حَتَّى يَغْلِبَ سِحْرُكَ سِحْرَهُمَا فَأَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ فَحُشِرَ لَهُ كُلُّ سَاحِرٍ مُتَعَالِمٍ فَلَمَّا أَتَوْا فِرْعَوْنَ قَالُوا بِمَ يَعْمَلُ هَذَا السَّاحِرُ؟ قَالُوا يَعْمَلُ بِالْحَيَّاتِ قَالُوا فَلَا وَاللهِ مَا أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ يَعْمَلُ بِالسِّحْرِ بِالْحَيَّاتِ وَالْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ الَّذِي نَعْمَلُ وَمَا أَجْرُنَا إِنْ نَحْنُ غَلَبْنَا؟ قَالَ لَهُمْ أَنْتُمْ أَقَارِبِي وَخَاصَّتِي وَأَنَا صَانِعٌ إِلَيْكُمْ كُلَّ شَيْءٍ أَحْبَبْتُمْ فَتَوَاعَدُوا يَوْمَ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى قَالَ سَعِيدٌ فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ يَوْمَ الزِّينَةِ الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَالسَّحَرَةِ هُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ قَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْطَلِقُوا فَلْنَحْضُرْ هَذَا الْأَمْرَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ يَعْنُونَ مُوسَى وَهَارُونَ اسْتِهْزَاءً بِهِمَا [179] فَقَالُوا يَا مُوسَى لِقُدْرَتِهِمْ بِسِحْرِهِمْ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ قَالَ بَلْ أَلْقُوا {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} [الشعراء 44] فَرَأَى مُوسَى مِنْ سِحْرِهِمْ مَا أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا أَلْقَاهَا صَارَتْ ثُعْبَانًا عَظِيمًا فَاغِرَةً فَاهَا فَجَعَلَتِ الْعَصَا تَلَبَّسُ بِالْحِبَالِ حَتَّى صَارَتْ جُرَزًا عَلَى الثُّعْبَانِ تَدْخُلُ فِيهِ حَتَّى مَا أَبْقَتْ عَصًا وَلَا حَبْلًا إِلَّا ابْتَلَعَتْهُ فَلَمَّا عَرَفَ السَّحَرَةُ ذَلِكَ قَالُوا لَوْ كَانَ هَذَا سِحْرًا لَمْ يَبْلُغْ مِنْ سِحْرِنَا كُلَّ هَذَا وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَنَتُوبُ إِلَى اللهِ مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ فَكَسَرَ اللهُ ظَهْرَ فِرْعَوْنَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَأَتْبَاعِهِ وَظَهَرَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} [الأعراف 119] وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ بَارِزَةٌ تَدْعُو اللهَ بِالنَّصْرِ لِمُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ فَمَنْ رَآهَا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ظَنَّ أَنَّهَا إِنَّمَا ابْتُذِلَتْ لِلْشَفَقَةِ عَلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ وَإِنَّمَا كَانَ حُزْنُهَا وَهَمُّهَا لِمُوسَى فَلَمَّا طَالَ مُكْثُ مُوسَى بِمَوَاعِدِ فِرْعَوْنَ الْكَاذِبَةِ كُلَّمَا جَاءَهُ بِآيَةٍ وَعَدَهُ عِنْدَهَا أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا مَضَتْ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ وَقَالَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يَصْنَعَ غَيْرَ هَذَا؟ فَأَرْسَلَ اللهُ ﷻ عَلَى قَوْمِهِ {الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقَمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ} [الأعراف 133] كُلُّ ذَلِكَ يَشْكُو إِلَى مُوسَى وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ وَيُوَافِقُهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا كَفَّ ذَلِكَ عَنْهُ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ وَنَكْثَ عَهْدَهُ حَتَّى أُمِرَ مُوسَى بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ فَخَرَجَ بِهِمْ لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ فَرَأَى أَنَّهُمْ قَدْ مَضَوْا أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ فَتَبِعَهُ بِجُنُودٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ وَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَى الْبَحْرِ إِذَا ضَرْبَكَ عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَرِقْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى يُجَاوِزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ الْتَقِ عَلَى مَنْ بَقِيَ بَعْدُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ فَنَسِيَ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِالْعَصَا فَانْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ وَلَهُ قَصَيفٌ مَخَافَةَ أَنْ يَضْرِبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ وَهُو غَافِلٌ فَيَصِيرَ عَاصِيًا لِلَّهِ [180] فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ تَقَارَبَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ افْعَلْ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَمْ تَكْذِبْ قَالَ وَعَدَنِي رَبِّي إِذَا أَتَيْتُ الْبَحْرَ انْفَرَقَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى أُجَاوِزَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَصَا فَضَرَبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ حِينَ دَنَا أَوَائِلُ جُنْدِ فِرْعَوْنَ مِنْ أَوَاخِرِ جُنْدِ مُوسَى فَانْفَرَقَ الْبَحْرُ كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ وَكَمَا وُعِدَ مُوسَى فَلَمَّا أَنْ جَازَ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمُ الْبَحْرَ وَدَخَلَ فِرْعَوْنُ وَأَصْحَابُهُ الْتَقَى عَلَيْهِمُ الْبَحْرُ كَمَا أُمِرَ فَلَمَّا جَاوَزَ مُوسَى الْبَحْرَ قَالَ أَصْحَابُهُ إِنَّا نَخَافُ أَلَّا يَكُونَ فِرْعَوْنُ غَرِقَ وَلَا نُؤْمِنُ بِهَلَاكِهِ فَدَعَا رَبَّهُ فَأَخْرَجَهُ لَهُ بِبَدَنِهِ حَتَّى اسْتَيْقَنُوا هَلَاكَهُ ثُمَّ مَرُّوا بَعْدَ ذَلِكَ {عَلَى قَوْمٍ يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف 138] قَدْ رَأَيْتُمْ مِنَ الْعِبَرِ وَسَمِعْتُمْ مَا يَكْفِيكُمْ وَمَضَى فَأَنْزَلَهُمْ مُوسَى مَنْزِلًا وَقَالَ لَهُمْ أَطِيعُوا هَارُونَ فَإِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُهُ عَلَيْكُمْ فَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي وَأَجَّلَهُمْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ فِيهَا فَلَمَّا أَتَى رَبَّهُ أَرَادَ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ صَامَهُنَّ لَيْلَهُنَّ وَنَهَارَهُنَّ وَكَرِهَ أَنْ يُكَلِّمَ رَبَّهُ وَرِيحُ فِيهِ رِيحُ فَمِ الصَّائِمِ فَتَنَاوَلَ مُوسَى مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ شَيْئًا فَمَضَغَهُ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ حِينَ أَتَاهُ لِمَ أَفْطَرْتَ؟ وَهُو أَعْلَمُ بِالَّذِي كَانَ قَالَ يَا رَبِّ إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلَّا وَفَمِي طَيِّبُ الرِّيحِ قَالَ أَوَمَا عَلِمْتَ يَا مُوسَى أَنَّ رِيحَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؟ ارْجِعْ فَصُمْ عَشْرًا ثُمَّ ائْتِنِي فَفَعَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَلَمَّا رَأَى قَوْمُ مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ فِي الْأَجَلِ سَاءَهُمْ ذَلِكَ وَكَانَ هَارُونُ قَدْ خَطَبَهُمْ وَقَالَ إِنَّكُمْ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ وَلِقَوْمِ فِرْعَوْنَ عِنْدَكُمْ عَوَارِي وَوَدَائِعُ وَلَكُمْ فِيهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ وَأَنَا أَرَى أَنْ تَحْتَسِبُوا مَا لَكُمْ عِنْدَهُمْ وَلَا أُحِلُّ لَكُمْ وَدِيعَةً اسْتُودِعْتُمُوهَا وَلَا عَارِيَةً وَلَسْنَا بِرَادِّينَ إِلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا مُمْسِكِيهِ لِأَنْفُسِنَا [181] فَحَفَرَ حَفِيرًا وَأَمَرَ كُلَّ قَوْمٍ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَنْ يَقْذِفُوهُ فِي ذَلِكَ الْحَفِيرِ ثُمَّ أَوَقَدَ عَلَيْهِ النَّارَ فَأَخْرَجَهُ فَقَالَ لَا يَكُونُ لَنَا وَلَا لَهُمْ وَكَانَ السَّامِرِيُّ مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ جِيرَانٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَاحْتَمَلَ مَعَ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ احْتَمَلُوا فَقُضِيَ لَهُ أَنْ رَأَى أَثَرًا فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْضَةً فَمَرَّ بِهَارُونَ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا سَامِرِيِّ أَلَا تُلْقِي مَا فِي يَدِكَ؟ وَهُوَ قَابِضٌ عَلَيْهِ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ طُوَالَ ذَلِكَ فَقَالَ هَذِهِ قَبْضَةٌ مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاوَزَ بِكَمُ الْبَحْرَ فَلَا أُلْقِيهَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ اللهَ إِذَا أَلْقِيْتُ أَنْ يَكُونَ مَا أُرِيدُ فَأَلْقَاهَا وَدَعَا لَهُ هَارُونُ فَقَالَ أُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عِجْلًا فَاجْتَمَعَ مَا كَانَ فِي الْحُفْرَةِ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ فَصَارَ عِجْلًا أَجْوَفَ لَيْسَ فِيهِ رَوْحٌ لَهُ خُوَارٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا وَاللهِ مَا كَانَ لَهُ صَوْتٌ قَطُّ إِنَّمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ وَتَخْرُجُ مِنْ فِيهِ فَكَانَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ ذَلِكَ فَتَفَرَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِرَقًا فَقَالَتْ فِرْقَةٌ يَا سَامِرِيُّ مَا هَذَا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ؟ قَالَ هَذَا رَبُّكُمْ وَلَكِنَّ مُوسَى أَضَلَّ الطَّرِيقَ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ لَا نُكَذِّبُ بِهَذَا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى فَإِنْ كَانَ رَبَّنَا لَمْ نَكُنْ ضَيَّعْنَاهُ وَعَجَزْنَا فِيهِ حِينَ رَأَيْنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّنَا فَإِنَّا نَتَّبِعُ قَوْلَ مُوسَى وَقَالَتْ فِرْقَةٌ هَذَا عَمَلُ الشَّيْطَانِ وَلَيْسَ بِرَبِّنَا وَلَنْ نُؤْمِنَ بِهِ وَلَا نُصَدِّقُ وَأُشْرِبَ فِرْقَةٌ فِي قُلُوبِهِمُ الصِّدْقَ بِمَا قَالَ السَّامِرِيُّ فِي الْعِجْلِ وَأَعْلَنُوا التَّكْذِيبَ بِهِ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكَمُ الرَّحْمَنُ هَكَذَا قَالُوا فَمَا بَالُ مُوسَى وَعَدَنَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْلَفَنَا؟ هَذِهِ أَرْبَعُونَ قَدْ مَضَتْ فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ أَخْطَأَ رَبَّهُ فَهُوَ يَطْلُبُهُ وَيَتْبَعُهُ فَلَمَّا كَلَّمَ اللهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ أَخْبَرَهُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ مِنْ بَعْدِهِ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ لَهُمْ مَا سَمِعْتُمْ فِي الْقُرْآنِ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ مِنَ الْغَضَبِ ثُمَّ إِنَّهُ عَذَرَ أَخَاهُ بِعُذْرِهِ لَهُ [182] فَانْصَرَفَ إِلَى السَّامِرِيِّ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وَفَطِنْتُ إِلَيْهَا وَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ فَقَذَفْتُهَا {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه 96] وَلَوْ كَانَ إِلَهًا لَمْ نَخْلُصُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالْفِتْنَةِ وَاغْتُبِطَ الَّذِينَ كَانَ رَأْيُهُمْ فِيهِ مِثْلَ رَأْيِ هَارُونَ فَقَالُوا لِجَمَاعَتِهِمْ يَا مُوسَى سَلْ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَفْتَحَ لَنَا بَابَ تَوْبَةٍ نَصْنَعُهَا فَيُكَفِّرُ عَنَّا مَا عَمِلْنَا فَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِذَلِكَ لَا يَأْلُوا الْخَيْرَ خِيَارَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَنْ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْعِجْلِ فَانْطَلَقَ بِهِمْ يَسْأَلُ لَهُمُ التَّوْبَةَ فَرَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ وَاسْتَحْيَا نَبِيُّ اللهِ ﷺ مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ وَفْدِهِ حِينَ فُعِلَ بِهِمْ مَا فُعِلَ فَقَالَ {لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف 155] وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ اللهُ اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى مَا أُشْرِبَ قَلْبُهُ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ وَإِيمَانٍ بِهِ فَلِذَلِكَ رَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ فَقَالَ {رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف 156] فَقَالَ يَا رَبِّ سَأَلْتُكَ التَّوْبَةَ لِقَوْمِي فَقُلْتَ إِنَّ رَحْمَتِي كَتَبْتُهَا لِقَوْمٍ غَيْرِ قَوْمِي فَلَيْتَكَ أَخَّرْتَنِي حَتَّى تُخْرِجَنِي فِي أُمَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرْحُومَةِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ تَوْبَتَهُمْ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ كُلَّ مَنْ لَقِيَ مِنْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ فَيَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ لَا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَيَأْتِي أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانَ خَفِيَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَاطَّلَعَ اللهُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ فَاعْتَرَفُوا بِهَا وَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا وَغَفَرَ اللهُ لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ ثُمَّ سَارَ بِهِمْ مُوسَى ﷺ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَخَذَ الْأَلْوَاحَ بَعْدَمَا سَكَتَ عَنْهُ الْغَضَبُ فَأَمَرَهُمْ بِالَّذِي أُمِرَ بِهِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ مِنَ الْوَظَائِفِ فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِهَا فَنَتَقَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ فَأَخَذُوا الْكِتَابَ بِأَيْمَانِهِمْ وَهُمْ مُصْطَفُّونَ يَنْظُرُونَ إِلَى الْجَبَلِ وَالْكِتَابُ بِأَيْدِيهِمْ وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ [183] ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى أَتَوُا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَوَجَدُوا مَدِينَةً فِيهَا قَوْمٌ جَبَّارُونَ خَلْقُهُمْ خَلْقٌ مُنْكَرٌ وَذَكَرَ مِنْ ثِمَارِهِمْ أَمْرًا عَجِيبًا مِنْ عِظَمِهَا فَقَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ وَلَا نَدْخُلُهَا مَا دَامُوا فِيهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ قِيلَ لَيَزِيدَ هَكَذَا قَرَأَهُ؟ قَالَ نَعَمْ مِنَ الْجَبَّارِينَ آمَنَا بِمُوسَى وَخَرَجَا إِلَيْهِ فَقَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِقَوْمِنَا إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تَخَافُونَ مِنْ مَا رَأَيْتُمْ مِنْ أَجْسَامِهِمْ وَعَدَدِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا قُلُوبَ لَهُمْ وَلَا مَنَعَةَ عِنْدَهُمْ فَادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَيَقُولُ أُنَاسٌ إِنَّهُمَا مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَقَالَ الَّذِينَ يَخَافُونَ بَنُو إِسْرَائِيلَ {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة 24] فَأَغْضَبُوا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَعَا عَلَيْهِمْ وَسَمَّاهُمْ فَاسِقِينَ وَلَمْ يَدَعُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَإِسَاءَتِهِمْ حَتَّى كَانَ يَوْمَئِذٍ فَاسْتَجَابَ اللهُ تَعَالَى لَهُ وَسَمَّاهُمْ كَمَا سَمَّاهُمْ مُوسَى فَاسِقِينَ فَحَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيْهُونَ فِي الْأَرْضِ يُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لَا تَبْلَى وَلَا تَتَّسِخْ وَجَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا وَأَمَرَ مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ مِنْهَا فَلَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِالْأَمْسِ رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَصَدَّقَ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْفِرْعَوْنِيُّ الَّذِي أَفْشَى عَلَى مُوسَى أَمْرَ الْقَتِيلِ الَّذِي قَتَلَ فَقَالَ كَيْفَ يُفْشِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ وَلَا ظَهَرَ عَلَيْهِ إِلَّا الْإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي حَضَرَ ذَلِكَ؟ فَغَضِبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ هَلْ تَذْكُرُ يَوْمًا حُدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَنْ قَتِيلِ مُوسَى الَّذِي قَتَلَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ؟ آلْإِسْرَائِيلِيُّ أَفْشَى عَلَيْهِ أَمِ الْفِرْعَوْنِيُّ؟ قَالَ أَنَّمَا أَفْشَى عَلَيْهِ الْفِرْعَوْنِيُّ مَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ وَحَضَرَهُ
"سَأَلْتُ النَّبِىَّ ﷺ عَنْ كُلِّ شَىْءٍ حَتَى سَأَلْتُهُ عَنْ مَسْحِ الْحَصَا، فَقَالَ وَاحِدَة أَو دَعْ".
"يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ: لاَ تَسْألِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْالَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإنْ أُوتِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْألَةٍ أعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا؛ فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَأتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ".
. . . .
"عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: اسْتَتْبَعَنِى النَّبِىُّ ﷺ فَانْطَلَقْنا حَتَّى أَتَيْنَا مَوْضِعًا، فَخَطَّ لِى خُطَّةً، فَقَالَ لِى: كُنْ بَيْنَ ظَهْرَىْ هَذِهِ لا تَخْرُجْ منْهَا فَإنَّكَ إِنْ خَرَجْتَ هَلَكْتَ، فَكُنْتُ فِيهَا، وَمَضَى رَسُولُ الله ﷺ أَوْ قَاَلَ أَبْعَدْ شَيئًا، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ هُنيْنًا (*) كَأَنَّهُمُ الزُّطُّ (* *) أَوْ كَمَا شَاءَ اللهُ لَيْسَ عَلَيْهِم ثيَابٌ وَلا أَرَى سَوْآتَهُمْ، طِوالٌ قَلِيلٌ لَحْمُهُمْ، فَأَتَوْا فَجَعَلُوا يَرْكَبُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقْرَأُ عَلَيْهِمْ، وَجَعَلُوا يَأتُونَ فَيَخْلِبُونَ (* * *) حَوْلَى وَيَضْرَطونَ (* * * *) بِى فَأُرْعِبْتُ مِنْهُمْ رُعْبًا شَدِيدًا،
فَجَلَسْتُ أَوْ كَمَا قَالَ، فَلَمَّا انْشَقَّ عَمُودُ الصُّبْح جَعَلُوا يَذْهَبُونَ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ جَاءَ ثَقِيلًا وَجِعًا - أَوْ يَكُونُ وَجِعًا - مِمَّا رَكِبُوهُ، قَالَ: إِنِّى أَجِدُنِى ثَقيلًا، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَأسَهُ فِى حجْرِى، ثُمَّ إِنَّ هُنَيْنًا أَتَوا عَلَيْهِمْ ثيَابٌ بيضٌ طِوالٌ وَقَدْ أَغْفَى رَسُولُ اللهِ ﷺ فَأُرْعِبْتُ أَشَدّ مِمَّا أَرْعِبْتُ الْمَرَّةَ الأُولَى، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَقَدْ أُعْطِىَ هَذَا الرَّجُلُ خَيْرًا - أَوْ كَمَا قَالُوا: إِنَّ عَيْنَيْه نَائِمَتانِ، أَوْ قَالَ: عَينهُ نَائِمَةٌ وَقَلْبُهُ يَقْظَانُ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، هَلُمَّ فَلْنَضْرِبْ لَهُ مَثَلًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا وَنُوَوِّلُ نَحْنُ أَوْ نَضْرِبُ نَحْنُ وَتُأوِّلُونَ أَنْتُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ سيِّد أَوْ قَالُوا: هُوَ سيِّدُ بَنى بُنْيَانًا حَصِينًا ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى النَّاسِ الطَّعَامَ، فَمَنْ لَمْ يَأت طَعَامَهُ - أَوْ قَالُوا: لَمْ يَتَّبِعْهُ عَذَّبَهُ عَذَابًا شَدِيدًا، وقَالَ الآخَرُونَ: أمَّا السَّيِّدُ فَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَمَّا الْبُنْيَانُ فَهُوَ الإِسْلامُ وَالطَّعَامُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا الدَّاعِى، فَمَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ فِى الْجَنَّةِ، وَمنْ لَمْ يَتَّبِعْهُ عُذِّبَ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ اسْتَيْقَظَ، قَالَ: مَا رَأَيْتَ يَابْنَ أمِّ عْبِدٍ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ كَذَاَ وَكَذَا فَقَالَ: يَا نَبِّىَ اللهِ! مَا خَفِى عَلَىَّ مِمَّا قَالُوا شَىْءٌ.
قَالَ نَبِىُّ اللهِ ﷺ : ما خَفِىَ عَلَىَّ مِمَا قَالُوا شَىْءٌ، قَالَ نَبِىُّ الله ﷺ : هُمْ نَفَرٌ مِنَ الْملائِكَةِ، أَوْ كَمَا شَاءَ اللهُ".
"رأَيتُ لأَبِى جَهْل عِذْقًا في الجَنّةِ، فَلَمَّا أسْلَم عِكْرمةُ قُلتُ: هَذَا هُو".
"لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الأرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ مُسْلمٍ لَكَبَّهُمْ اللهُ جَمِيعًا عَلَى وَجُوهِهم في النَّارِ".
"لله أشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَيِسَ مِنْهَا فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَينَا (*) هُوَ كَذَلِكَ، إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةٌ عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَال مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ".
"رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ حَمَلَ الحَسَنَ عَلَى عَاتِقِه وقال: اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ".
"عَنْ عُمَرَ قَالَ: لا تَتَحرَّوْا بِصَلاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلا غُرُوبها، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَطْلُعُ قَرْنَاهُ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ويَغْرُبَانِ مَعَ غُروبِهَا، وكَانَ يَضْرِبُ النَّاسَ عَلَى تِلْكَ الصَّلَاةِ".
"عَنْ أنَسٍ قَالَ: طَلَعَ عَلَيْنَا أُحُدٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله ﷺ فَقَالَ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبنا وَنُحبُّهُ".
"كَانَ في عمَاءٍ، ما تَحْتَهُ هَوَاءٌ، وَمَا فَوْقَهُ هواءٌ، ثُمَّ خَلَقَ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ".
"أكرموا أصحابى، ثم الذين يلونَهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكَذبُ، حتى يَحْلِفَ المرءُ قبلَ أن يُسْتَحلفَ، ويَشْهَدَ قَبْلَ أن يُسْتَشهَدَ، فمن أرادَ بحبُوحَةَ الجنةِ فعليه بالجماعةِ، وإيَّاكم والفُرقْةَ، فإِن الشيطانَ مع الواحِد، وهو من الاثنين أبَعدُ، لا يخلوَنَّ رَجُلٌ بامرأهٍ، فإن ثالثَهمُا الشيطانُ، ومن سَرَّتْهُ حَسَنتُهُ وساءته سيئتُهُ فهو مؤمِنٌ" .
"إِن الإيمان بدأ غربيًا وسيَعُودُ كما بدأ، فطُوبَى يومئذِ للغُربَاءِ إِذا فَسَد الناسُ، والذي نفسُ أبِي القاسِم بيدِه لَيَأرِزُ الإِيمانُ بين هَذينِ المَسْجِدَينِ كما تأرِزُ الحَية في جُحرِهَا" .
"بَعَثَنِى رَسُولُ الله ﷺ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: إِيتِ قَوْمَكَ فَمُرْهُم أَنْ يَصُومُوا هَذَا الْيَوْمَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله: مَا أُرَانِى آتِيهِمْ حَتَّى يَطْعَمُوا، فَقَالَ: مُرْ مَنْ طَعِمَ مِنْهُمْ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ".