31.01. Actions > Abū Bakr al-Ṣiddīq (1/8)
٣١.٠١۔ الأفعال > مسند أبى بكر الصديق ص ١
"عن على قال: أَعْظَمُ النَّاسِ فِى الْمَصَاحِف أجْرًا أَبُو بَكْرٍ؛ إِنَّ أبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، وفِى لفظ: أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ كِتَابَ الله".
"عَن مَاجِدة قَالَ: عَارَمْتُ غُلَامًا بِمَكَّةَ فَعَضَّ أُذُنِى فَقَطَعَ مِنْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ حَاجًا دَفَعْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ؛ فَإِنْ كَانَ الْجَارحُ بَلَغَ أَنْ يُقْتصَّ مِنْهُ فَليُقْتصَّ، فَلَمَّا انْتَهَىَ بِنَا إِلَى عُمَرَ نَظَرَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ بَلَغَ هَذَا أَنْ يُقْتَصَّ مِنْه، ادْعُوا لِى حَجَّامًا".
"عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ وَبِيَدِهِ عَسيبُ نَخْلٍ وَهُو يُجْلِسُ النَّاسَ يَقُولُ: اسْمَعُوا لِقَوْلِ خَليْفَةِ رَسُولِ الله ﷺ فَجَاءَ مَوْلًى لأَبِى بَكْرٍ - يُقَالُ لَهُ شَدِيدٌ - بِصَحِيفَةٍ فَقَرَأهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: اسْمَعُوا وأَطيعُوا لِمَنْ فِى هَذِهِ الصَّحيفَةِ، فَوَالله مَا أَلَوْتُكُمْ قَالْ قَيْسٌ: فَرَأَيْتُ عُمَرَ بَعْدَ ذَلكَ عَلى الْمِنْبَرِ".
"عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: لَمَّا بُويعَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ وعَلَى سَاعِدهِ أَبْرَادٌ، وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلى السُّوقِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: السُّوقَ، قَالَ: مَاذَا وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ أُطعِمُ عِيَالِى؟ فَقَالَ عُمَرُ: انْطَلِقْ يَفْرِضْ لَكَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَانْطَلَقَا إِلى أَبِى عُبَيْدةَ فَقَالَ: أَفْرِضُ لَكَ قُوتَ رَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَيْسَ بِأَفْضَلِهِمْ وَلَا أوْكَسِهِمْ، وَكُسْوَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، إِذَا أَخْلَقْتَ شَيْئًا رَدَدْتَهُ وَأخَذْتَ غَيْرهُ، فَفَرَضَا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ شَاةٍ (وما كساه) في الرأس والبطن".
"عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مَهْران قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلُوا لَهُ ألْفَيْنِ، فَقَالَ: زِيدُونِى؛ فَإِنَّ لِى عِيَالًا وَقَدْ شَغَلْتُمونِى عَنِ التِّجَارَةِ، فَزَادُوهُ خَمْسَمِائَةٍ".
"عَنْ عَائشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ الله ﷺ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِى بَكْر تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ الله ﷺ مِمَّا أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ، وَفَاطِمَة حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ النَّبِى ﷺ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ وَمَا بَقىَ مِن خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالْ أَبو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ: لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقةٌ، إِنَّمَا يَأكُلُ آلُ مُحمدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ - يَعْنِى مَالَ الله - لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأَكَلِ، وَإِنَّى والله لَا أُغَيِّرُ صَدَقَاتِ النَّبِىِّ ﷺ عَنْ حَاِلهَا الَّتِى كَانَتْ عَلَيْهِ فِى عَهْدِ النَّبِىِّ ﷺ ، وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ النَّبِىُّ ﷺ فِيهَا، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطمَةُ عَلَى أَبِى بَكْر مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: والَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله ﷺ أَحَبُّ إِلىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرابَتِى، فَأمَّا الَّذِى شَجَرَ
بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّدقَاتِ فَإِنِّى (لا آلو) فِيهَا عَنِ الْحَقِّ، وَإِنِّى لَمْ أَكُنْ لأَتْرُكَ فِيهَا أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ".
"عَنِ الشَّعْبِىِ قَالَ: لَمَّا مَرِضَتْ فَاطِمَةُ أتَاها أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا، فَقَالَ عَلِىٌّ: يا فاطِمَةُ: هَكَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأذِنُ عَلَيْكِ؛ فَقَالَتْ: أَتُحِبُّ أَنْ آذَنَ لَهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَأَذِنَتْ لَهُ فَدَخَلَ عَلَيْها يَتَرضَّاهَا، وَقالَ: وَالله مَا تَرَكْتُ الدَّارَ والْمَالَ والأهْلَ والعشِيرَةَ إِلَّا ابْتِغَاءَ مَرضَاةِ الله ومَرْضَاةِ رَسُولِه، وَمَرْضَاتِكُم أَهْلَ البَيْتِ".
"عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ قَالَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَتْ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ الله، أَنْتَ وَرِثْتَ رَسُولَ الله ﷺ أَمْ أَهْلُهُ؟ فَقَالَ: لَا، بَلْ أَهْلُهُ، قَالَتْ: فَمَا بَالُ الْخُمسِ؟ فَقَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقولُ: إِذَا أَطعَمَ الله نَبِيًا طُعْمَةً ثُمَّ قَبضَه كَانَتْ لِلَّذِى يَلِى بَعْدَهُ، فَلَمَّا وُلِّيتُ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّهُ عَلىَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَت: فَأَنْتَ وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله ﷺ أَعْلَمُ، ثُمَّ رَجَعت".
"عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَمَرَنِى أَبُو بَكْرٍ حَيْثُ قُتِلَ أَهْلُ الْيَمَامَةِ أَنْ أُوَرِّثَ الأَحْيَاءَ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَلَا أَوَرِّثَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ".
"عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسيِّبِ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ بالْعِرَاقِ أَرْضٌ يُقَالُ لَها خُرَاسانُ؟ قالوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ منْها".
"عَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ وهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ: يَا مَعْشَرَ النَّاسِ اسْتَحْيُوا مِنَ الله فَوَالَّذى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنِّى لأَظَلُّ حِينَ أَذْهَبُ إِلَى الغَائِطِ فِى الفَضَاءِ مُغَطِّيًا رَأسِى - وَفِى لَفْظٍ مُقنِّعًا رَأَسِى - اسْتِحْيَاءً مِنْ رَبِّى".
"عَنْ عَمْرو (*) بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ اسْتَحْيُوا مِنَ الله، فَوَالله إِنِّى لأَدْخُلُ الكَنِيفَ فَأسْنِدُ ظَهْرِى إِلى الحَائِطِ، وَأُغَطِّى رَأسِى حَيَاءً مِنَ الله - ﷻ -".
"عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ أَبُو بَكْر: إِنِّى لأُقَنِّعُ رَأْسِى إِذَا دَخَلْتُ الْكَنِيفَ".
"عِن ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إِذَا عَزَّى رَجُلًا قَالَ: لَيْسَ مَعَ الْعَزَاءِ مُصِيبَةٌ، وَلَيْسَ مَعَ الْجُوعِ فَائِدَةٌ، الْمَوْتُ أَهْوَنُ مَا قَبْلَهُ وَأَشَدُّ مَا بَعْدَهُ، اذكُرُوا فَقْدَ رَسُولِ الله ﷺ تَصْغُرْ مُصِيبَتُكُمْ، وأعْظَمَ الله أَجْرَكُمْ".
"عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِىِّ ﷺ أَهْيَبَ - لِمَا
لَا يَعْلَمُ - مِنْ أَبِى بَكْرٍ، وَلَمْ يَكُن أَحَدٌ بَعْدَ أَبِى بَكْرٍ أَهْيَبَ - لِمَا لَا يَعْلَمُ - مِنْ عُمَرَ، وَإنَّ أَبَا بَكْرٍ نَزَلَتْ بِهِ قَضِيَّةٌ فَلَمْ يَجِدْ لَهَا فِى كِتَابِ الله أَصْلًا وَلَا فِى السُّنَّةِ أَثَرًا، فَقَالَ: أَجْتَهِد رَأيي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ الله، وإِنْ يَكُنْ خَطَأَ فَمِنِّى وَأَسْتَغْفِرُ الله".
"عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين قَالَ: كَانَ أَعْبَرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّها أَبُو بَكْرٍ".
"عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ لَمَّا تُوُفِّىَ اجْتَمَعَتْ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بن عُبَادَةَ فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأبُو عُبَيْدَة بْنُ الْجَرَّاحِ، فَقَامَ حُبَابُ بْنُ الْمنذِرِ وَكَانَ بَدْرِيًا فَقَالَ: منَّا أَمِيْرٌ وَمنْكُمْ أَمِيْرٌ؛ فإِنَّا والله مَا نَنْفَسُ هَذَا الأَمْرَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ، وَلَكِنَّا نَخَافُ أَنْ يَلِيَه أَقْوَامٌ قَتَلْنَا آبَاءَهُمْ وَإِخْوَتَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمُتْ إِن اسْتَطَعْتَ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ، وَهَذَا الأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ نِصْفَيْنِ كَقَدِّ الأُبْلُمَةِ - يَعْنِى الخُوصَةَ - فَبَايَعَ أَوَّلَ النَّاسِ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ أبُو النُّعْمَانِ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ قسْمًا، فَبَعَثَ إِلَى عَجُوزٍ مِنْ بَنِى عَدِىَّ بْنِ النَّجَّارِ قَسْمَها مَعَ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَسْمٌ قَسَمَهُ أَبُو بَكْرٍ لِلنِّسَاءِ، فَقَالَتْ: أَتُراشُونِى عَنْ دِينِى؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَتْ: أَتَخَافونَ أَنْ أَدَعَ مَا أَنَا عَلَيْهِ؟ فَقَالْوا: لَا، قَالَت: فَوَالله لَا آخُذُ مِنْه شَيْئًا أَبَدًا، فَرَجَعَ زَيْدٌ إِلَى أَبِى بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَحْنُ لَا نَأخُذُ مِمَّا أَعْطَيْنَاهَا شَيْئًا أَبَدًا".
"عَنْ عرْوَةَ قَالَ: لَمَّا وُلِّى أَبُو بَكْرٍ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: قَدْ وُلِّيتُ أَمْرَكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، وَلكِنْ نَزَلَ الْقُرآنُ، وسَنَّ النَّبِىُّ ﷺ السُّنَنَ فَعَلَّمَنَا، اعْلَمُوا أَنَّ أَكْيَسَ الكَيْسِ التُّقَى، وأَحْمَقَ الْحُمْقِ الفُجُورُ،
وأَنَّ أَقْواكُمْ عِنْدِى الضَّعِيفُ حَتَّى آخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَأَنَّ أَضْعَفَكُمْ عِنْدِى الْقَوِىُّ حَتَّى آخُذَ مِنْه الْحَقَّ، أَيُّها النَّاسُ: أَنَا مُتَّبِعٌ وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِى، وَإنْ زُغْتُ فَقَوِّمُونى، أَقُولُ قَوْلى هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ الله لِى وَلَكُمْ".
"عنْ أبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّد بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِى، وَعَبْدِ الله بْنِ السُّنِّى - دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمِ فِى بَعْضٍ -: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيق لَما اسْتُعِزَّ بِهِ دَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَقَالَ: أَخْبِرْنِى (عَنْ) عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا تَسْأَلُنِى عَنْ أَمْرٍ إِلَّا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى، فقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وإِنْ، فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ: هُوَ وَالله أَفْضَلُ مِنْ رَأيِكَ فِيهِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: أَخْبِرْنِى عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: أَنْتَ أَخْبَرُنَا بِهِ، فَقَالَ: عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: اللَّهُمَّ عِلْمِى بِهِ أَنَّ سَرِيرَتَهُ خَيْرٌ مِنْ عَلَانِيَتِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَرْحَمُكَ الله، لَوْ تَرَكْتُه لَمَا عَدَوْتُكَ، وَشَاوَرَ مَعَهُمَا سَعِيدَ بْنَ يَزِيدَ وأُسَيْدَ بْنَ الحُضَيرِ وَغَيرهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَقَالَ أُسيْدٌ: اللَّهُمَّ أَعْلَمُهُ الْخِيَرَةَ بَعْدَكَ، يَرْضَى لِلرِّضَى ويَسْخَطُ للسُّخْط، الَّذِى يُسِرُّ خَيْرٌ مِنَ الَّذِى يُعْلِنُ، وَلَمْ يَلِ هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ أَقْوَى عَلَيْهِ مِنْهُ، وَسَمِعَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِىِّ ﷺ بِدُخُولِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانَ عَلَى أَبِى بَكْرٍ وخلْوَتهِمَا بِهِ فَدَخَلُوا عَلَى أَبِىْ بَكْرٍ، فَقَالَ لَه قَائِلٌ مِنْهُمْ: مَا أَنْتَ قَائِلٌ
لِرَبِّكَ إِذَا سَأَلَكَ عَنِ اسْتِخْلَافِكَ عُمَرَ عَلَيْنَا، وَقَدْ تَرَى غِلْظَتَهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْلِسُونِى، أَبِاللهِ تُخَوِّفُونِى؟ خَابَ مَنْ تَزَوَّد مِنْ أَمْرِكُمْ بظُلْمٍ، أَقُولُ: اللَّهُمَّ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ، أَبْلِغْ عنِّى مَا قُلْتُ لَكَ مَنْ وَرَاءَكَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ وَدَعَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالْ: اكْتُبْ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، هَذَا مَا عَهِدَ أَبُو بَكْرٍ بنِ أَبِى قُحَافَة، فِى آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا، وَعِنْدَ أَوَّلِ عَهْدِهِ بالآخِرَةِ دَاخِلًا فِيهَا حَيْتُ يُؤْمِنُ الكَافِرُ ويُوقِنُ الفَاجِرُ، ويَصْدُقُ الْكَاذِبُ، إِنِّى اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ بَعْدِى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، وَإِنِّى لَمْ آلُ الله وَرَسُولَهُ وَدِينَهُ وَنَفْسِى وَإِيَّاكُمْ خَيْرًا، قَالَ: (فَإِنْ) عَدَلَ فَذَلِكَ ظَنِّى بِهِ وَعِلْمِى فِيهِ، وَإِنْ بَدَّلَ فلِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ، وَالْخَيْرَ أَرَدْتُ، ولَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ، "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ الله، ثُمَّ أمَرَ بِالْكِتَابِ فَخَتَمَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا أَمْلَى أَبُو بَكْرٍ (صَدْرَ هَذَا) الْكِتَابِ: بَقِىَ ذكْرُ عُمَرَ فَذُهِبَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَمِّىَ أَحَدًا، فَكَتَبَ أَنِّى قَدِ اسْثَخْلَفْتُ عَلَيْكُمْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ أَفَاقَ أبُو بَكْرٍ فَقَالَ: اقْرَأ عَلَىَّ مَا كَتَبْتَ، فَقَرَأَ عَلَيْه ذِكْرَ عُمَرَ، فَكَبَّر أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: أَرَاكَ خِفْتَ (إِنَّ أَقْبَلَتْ) نَفْسِى فِى غَشْيَتِى تِلْكَ يَخْتَلِفُ النَّاسُ، فَجزَاكَ الله عَنِ الإسْلَامِ وَأَهْلِهِ خَيْرًا، وَالله (إِنْ) كُنْتَ لَهَا لأَهْلًا، ثُمَّ أَمَرَهُ فَخَرَجَ بِالْكِتَابِ مَخْتُومًا وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأُسَيدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقُرظِىُّ، فَقَالَ عُثْمَانُ للنَّاسِ: أَتُبَايِعُونَ لِمن فِى هَذَا الْكِتَاب؟ قَالْوا، نَعَمْ فَأَقَرُّوا جَمِيعًا، وَرَضُوا بِهِ وبَايَعُوا، ثُمَّ دَعَا أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ خَالِيًا (فأوصاه) بمَا أَوْصَاهُ بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ مَدًا فَقَالَ: الَّلهُمَّ إِنِّى لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ إِلَّا إِصْلَاحَهُمْ، وَخِفْتُ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ (فَعَمِلْتُ) فِيهِمْ مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، وَاجْتَهَدْتُ لَهُمْ رَأيي فَوَلَّيْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَهُمْ وأَقْوَاه عَلَيْهِمْ، وَأَحْرَصَهُ عَلَى مَا أَرْشَدَهُمْ، وَقدْ حَضَرَنِى مِنْ أَمْرِكَ مَا حَضَرَ، فَاخْلُفْنِى فِيهِمْ، فَهُمْ عِبَادُكَ، وَنَواصِيهِمْ بِيَدكَ، أَصْلِحْ لَهُمْ وَإِليْهِمْ، وَاجْعَلْهُ مِنْ خُلَفَائِكَ الرَّاشِدِينَ يَتَّبِعْ هَدْىَ نَبِىِّ الرَّحْمَةِ، وَهَدْىَ الصَّالِحينَ بَعْدَهُ، وَأَصْلِحْ لَهُ رَعِيَّتَهُ".
"عَنْ عُمَيْر بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ رَجُلًا رَأَى عَلَى عُنُقِ أَبِى بَكْرٍ الصَدِّيقِ عَبَاءَةً، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ (هَاتِها أَكْفِيكَهَا) (*)، فَقَالَ: إِلَيْكَ عَنِّى، لَا تَغُرَّنِى، أَنْتَ وَابْنُ الخَطَّابِ مِنْ عِيالِى".
"عَنْ حميْد بْنِ هِلَال قَالَ: لَما وَلِىَ أَبو بَكْرٍ قَالَ أَصْحَابُ رسولِ الله ﷺ : افْرِضوا لِخَليفَةِ رَسُول الله ﷺ ما يُعِينُهُ، قَالُوا: نَعَمْ، بُرْدَاهُ إِذَا أَخْلَقَهُمَا وَضَعَهُمَا وَأَخَذَ مِثْلَهُمَا، وَظَهْرُهُ إِذا سَافَرَ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَهْلِهِ، كَمَا كَانَ يُنْفِقُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ، قَالَ أَبو بَكْر: رَضِيتُ".
"عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَسَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ وَصَبِيحَة التَّيْمِىِّ (وَوَالِدِ أَبِى وجْزَةَ)، وغيْرِ هَؤلاء دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِى بَعْضٍ، قَالوا: بُويعَ أَبُو بَكْرٍ الصِّديقُ يَوْمَ قُبِضَ رَسُول الله ﷺ يَوْم الاثْنَيْنِ، لِثِنْتَى عَشَرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهرِ ربِيعٍ الأَولِ، سنَة إِحدى عَشَرةَ منْ مُهَاجَرِ رسُولِ الله ﷺ ، وكانَ مَنْزِلُهُ بالسُّنْحِ عِنْدَ زَوْجَته حَبِيبَةَ بِنْتِ خَارْجَةَ بْنِ زَيدِ بنِ أَبِى زُهَيْرِ بْنِ الحَارثِ بْنِ الْخَزْرج، وَكَانَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْه حُجْرةٌ مِنْ شَعْرٍ، فَمَا زادَ عَلَى ذَلِك حَتَّى تحوَّل إلى مَنْزِله بالْمَدِينَةِ، فَأقَامَ هُنَالِكَ بِالسُّنْحِ بَعْد مَا بويعَ لهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَغْدُو عَلَى رِجْلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَرُبَّمَا رَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ إِزَارٌ وَرِدَاءٌ مُمَشَّقٌ، فَيُوافِى الْمَدِينَةَ، فَيُصَلِّى الصلواتِ بِالنَّاسِ، فَإِذَا صَلَّى العشَاءَ رَجَعَ إِلى أَهْلِهِ، فَكَانَ إِذَا حَضَرَ صَلَّى بِالنَّاسِ، وَإِذَا لَمْ يَحْضُر صَلَّى بِهمْ عُمرُ بْنُ الْخَطاب، وَكَانَ يُقِيمُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِى صَدْرِ النَّهَارِ بِالسُّنْحِ، يَصْبغُ لِحْيَتَهُ وَرَأسَهُ، ثُمَّ يَرُوحُ لِقَدْرِ الْجُمُعَةِ، فَيُجَمَّعُ بِالنَّاسِ، وَكَانَ رجلًا تَاجِرًا، فَكَانَ يَغْدو كُلَّ يَوْمٍ السُّوقَ فَيَبيعُ ويبتَاعُ، وكَانَ لَهُ قِطْعَةُ غَنَمٍ تَروحُ علَيْهِ، ورُبَّمَا خَرجَ هو نَفْسُه بِهَا، وَربَّمَا كُفِيَهَا، فَرُعِيَتْ لَهُ، وَكَانَ يحْلبُ لِلْحَىِّ أغْنَامَهمْ, فَلَما بُويِعَ بِالْخِلَافةِ قَالتْ جاريةٌ مِنْ الحىَّ: الآنَ لا يَحْلُبُ لَنا مَنايِحَ دَارِنَا، فَسَمِعَها أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: بَلَى لَعَمْرِى لأَحْلُبَنَّها لَكُمْ، وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ لَا يُغَيِّرَنِى ما دخلْتُ فيه عَنْ خُلُقٍ كُنْت عَلَيْهِ، فَكَانَ يَحْلِبُ لهم، فربما قال للجارية من الحى يا جارية أتحبين أَنْ أُرْغِىَ لَك أَوْ أُصَرِّحَ؟ فَرُبَّمَا قَالَتْ: أَرْغِ، وَرُبَّمَا قَالتْ: صَرِّح، فَأَىُّ ذَلِكَ قَالَتْ فَعَلَ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ بِالسُّنْحِ سَّتةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ نَزَل بِالْمَدِينَةِ فَأَقام بِهَا، ونَظَر فِى أَمْرِهِ فَقَالَ: لَا وَالله مَا يُصْلِحُ أَمْرَ النَّاسِ التَّجَارةُ، ومَا يُصْلِحُهُمْ إلا التفرغ، والنظر في شأنهم، وما بد لعيالى مما يصلحهم، فَتَركَ التِّجَارَة واسْتَنْفَق مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ ما يُصْلِحهُ، وَيُصْلِحُ عِيَالَهُ يومًا بِيَوْمٍ وَيَحُجُّ وَيَعْتَمِرُ، وَكَانَ الَّذى فَرَضوا لَهُ كُلَّ سَنَةٍ سِتَّة آلافِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ قَالَ: ردُّوا مَا عِنْدَنَا مِنْ مَال الْمُسلِمِينَ؛ فَإِنَّى لَا أُصِيبُ مِنْ هَذَا الْمَالِ شيئًا، وَإِنَّ أَرْضِى التى بِمكَانِ كَذَا وَكَذَا لِلْمُسْلِمِينَ بِمَا أَصبْتُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَدُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، ولقوحٌ وعبدٌ صَيْقَلٌ وقطيفةٌ ما تُسَاوِى خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، فَقَالَ عُمَرو: لَقَد أَتْعَبَ منْ بَعْدَهُ: قَالُوا واستَعْمل أَبُو بَكْرٍ عَلَى الحَجِّ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرةَ عُمَر بْنَ الْخَطاب، ثُمَّ اعتَمَر أَبُو بَكْرٍ فِى رَجَبَ سَنَةَ اثْنتى عشْرةَ فَدَخَلَ مَكَّةَ ضَحوةً، فَأَتى مَنْزِله وأَبو قحافة جَالِسٌ عَلَى بَاب دَارِهِ، مَعَهُ فِتْيَانِ أَحْداثٌ، يُحدِّثُهُمْ إِلى أَنْ قِيل لهُ: هَذَا ابْنكَ، فَنَهَض قَائمًا، وعَجِلَ أَبو بَكْرٍ أَنْ يُنِيخَ راحِلته فَنَزَلَ عَنْهَا وَهِىَ قَائِمَةٌ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يا أَبةُ: لَا تَقُم، ثُمَّ لاقاهُ فَالْتَزَمَهُ وقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَىْ أَبِى قُحَافَةَ، وَجَعَلَ الشَّيْخُ يَبْكِى فَرحًا بقدومِهِ، وَجَاءوا إِلى مَكَّة: عَتَّابُ بن أَسِيدٍ، وسُهيْلُ بْنُ عَمرو، وَعكْرمَةُ بن أَبِى جهْل، وَالْحَارثُ بْنُ هِشَامٍ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ: سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ الله، وَصَافَحوه جَمِيعًا، فَجَعلَ أَبو بَكْرٍ يبْكِى حينَ يذكُرون رسولَ الله ﷺ ثُمَّ سلَّموا عَلَى أَبِى قحافة، فقَالَ أَبو قُحَافَةَ: يا عتيقُ: هؤلاء المَلأُ فأَحْسِن صُحْبَتَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا أَبَتِ: لا حولَ ولا قوَةَ إِلَّا بالله، طُوِّقْتُ أَمْرًا عَظِيمًا مِنَ الأَمْرِ، لا قُوة لِى بِهِ وَلَا يَدَانِ إِلَّا بالله، ثُمَّ دَخَلَ فاغْتَسَلَ، وَخَرجَ وتَبَعهُ أَصْحَابُه، فَنَحَّاهُمْ ثُمَّ قالَ: امْشوا عَلَى رِسْلِكُمْ، ولقيه النَّاسُ يَمْشونَ فِي وجهِه وَيُعَزُّونَهُ بِنَبِىِّ الله ﷺ وَهُو يَبْكى، حتى انتهى إلى البَيْتِ، فاضْطَبع بِرِدَائِهِ، ثُمَّ اسْتَلمَ الرُّكْنَ ثُمَّ طاف سَبْعًا، وركع رَكْعَتيْنِ، ثُمَّ انصرف إِلَى مَنْزلِهِ، فَلَمّا كَانَ الظُّهْرُ خَرَجَ فطَافَ أَيضًا بِالْبَيْتِ، ثُمَّ جلس قَريبًا مِنْ بَابِ النَّدْوةِ، فَقَالَ: هل مِنْ أَحدٍ يَشْتَكِى مِن ظُلَامَةٍ أَوْ يَطْلُبُ حَقًا؟ فَما أَتَاه أَحدٌ، وَأَثْنى النَّاسُ عَلَى وَاليهِمْ خيرًا ثم صلى العصْر، وَجَلس فودَّعه النَّاسُ، ثُمَّ خَرجَ راجِعًا إِلى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ الْحجِّ سَنة اثنتى عشرةَ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّاسِ تِلْكَ السَّنَةِ وَأَفْرَدَ الحجَّ واسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عفان".
"عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّديقُ يُكْثِرُ أَنْ يَتَمَثَّل هَذَا الْبَيْتَ:
لا تَزالُ تَنْعَى حَبِيبًا حتَّى تَكونَهْ ... وَقَدْ يَرْجُو الفَتَى الرَّجَاءَ يَمُوتُ دُونَهْ".
"عَنْ حَبَّانَ الصَايغِ قَالَ: كَانَ نَقْشُ خَاتمِ أَبِى بَكْرٍ: "نِعْمَ القَادرُ الله".
"عَنْ أَبِى سعيد الخدرى قال: لما توفى رسولُ الله ﷺ قام خطباءُ الأنصارِ فجعل الرجلُ منهم يقولُ: يا معشرَ المهاجرين: إِنَّ رسولَ الله ﷺ كان إذا استعمل منكم رجلًا قَرنَ معه رجلًا منا، فَيَرى أن يَلِىَ هَذا الأمر رجلان، أَحدُهُمَا منْكُمْ والآخرُ مِنَّا، فَتَتَابعت خُطباءُ الأنْصَار عَلَى ذَلِكَ، فقام زَيدُ بن ثابتٍ فقال: إِن رسول الله ﷺ كَانَ مِنَ المهاجرين، وَإِنَّ الإمامَ يَكون مِنَ المهاجِرينَ، ونَحْنُ أنْصارهُ كمَا كُنَّا أَنْصَارَ رسولِ الله ﷺ فَقَامَ أَبو بَكْرٍ فقَالَ: جَزاكُمُ الله يَا مَعْشَر الأَنْصَارِ خَيْرًا، وثَبَّتَ قَائِلَكُمْ, ثُمَّ قَالَ: أما والله لو فعلتم غَيْرَ ذَلِكَ لَمَا صالحناكم، ثم أَخَذَ زَيدُ بن ثابِتٍ بيد أَبِى بَكْرٍ فقال: هذا صاحبُكم فبايعوه ثُمَّ انطلقوا، فلمَّا قَعَدَ أَبو بكْرٍ على المِنْبر نظر في وجوه القوم فلم يَرَ عليًا فَسَأَلَ عنْهُ، فَقَامَ نَاسٌ من الأنصار فأتوْا بِهِ فَقَالَ أَبو بكرٍ: ابْنَ عَمِّ رَسُولِ الله وَخَتْنَه أردتَ أَنْ تَشُقَّ عصا المسلمين؟ فَقَالَ: لا تَثْرِيبَ يا خليفة رسولِ الله، فَبَايَعَهُ، ثُمَّ لَمْ يَرَ الزُّبيْرَ بن العوام، فَسَأَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءوا بِهِ فقَالَ: ابْنَ عَمَّة رسولِ الله وَحَوَارِيَّه؛ أَرَدْتَ أَنْ تَشُقَّ عَصَا الْمُسْلمين؟ فقال مثل قوله: لَا تَثْرِيبَ يَا خلِيفَةَ رَسولِ الله فَبَايَعَاهُ".
"عَنْ طلحَة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَقْنُتْ فِى الْفَجْرِ".
"عَنِ الشعبى قال: لَمْ يَقْنُتْ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ فِى الْفَجْرِ" (*).
"عَنْ سهل بن أبى حَثْمَة وَصُبيحة التَّيْمِى وجبير بن الحُوَيْرث وهِلَالٍ دَخَلَ حديثُ بعضهم فِى بعض أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدَّيق كَانَ لَهُ بَيْتُ مَالٍ بِالسُّنْح مَعْروفٌ، وَلَيْسَ يَحْرسُه أَحدٌ، فقيل له: يَا خليفَة رسولِ الله: أَلا تَجْعَل عَلَى بَيْتِ المَالِ منْ يَحرسُه؟ قَال: لا يُخافُ عَلَيه، قُلْتُ: لِمَ؟ ، قَالَ: عليْهِ قُفْلٌ، وَكَانَ يُعْطِى ما فيهِ حَتَّى لا يَبْقَى فِيهِ شئٌ، فَلَمَّا تَحوَّل أَبو بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ حَوَّلَهُ، فَجَعلَ بَيْتَ مَالِهِ فِى الدَّارِ التِى كَانَ فِيهَا، وَكَانَ قَدِمَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ مَعدَنِ القبلية، وَمِنْ معَادِن جُهَيْنَةَ كَثِيرٌ، وانْفَتَح معدنُ بَنِى سلِيمٍ فِى خِلَافَةِ أَبِى بَكْرٍ فَقُدم عَليْهِ بِصدقَتِه، فكَانَ يوضعُ في بيْتِ المَالِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقْسِمُه على النَّاسِ نَفرًا نَفرًا، فيصيبُ كلُّ مِائَةِ إِنْسَانٍ كَذَا وكذَا؛ ليسوِّى بَيْنَ النَّاس فِى القَسْم، الحُرُّ والْعَبْدُ, والذَّكَرُ والأُنْثَى، والصَغِيرُ والكَبيرُ فِيهِ سَوَاءٌ، وكَانَ يَشْتَرى الإبلَ والْخَيْل، والسِّلَاحَ فَيَحمِلُ فِى سَبِيلِ الله، واشْتَرى عامًا قَطَائفَ أُتِىَ بِهَا مِن الباديةِ فَفَرَّقَهَا فِى أَرَامِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِى الشِّتَاء، فَلَمَّا توفى أَبو بَكْرٍ وَدُفِنَ دَعَا عمر بن الْخَطَّاب الأُمَنَاءَ، ودخل بِهمْ بَيْتَ مالِ أَبِى بَكر ومعه عبد الرحمن بن عوف، وعثمَان بن عفان، وفتحوا بَيْتَ المَالِ فَلمْ يَجدوا فِيه دينارًا ولا دِرْهَمًا، ووجدوا خَيشةً للمال فَنُفِضَتْ فوجدوا فِيهَا درهمًا، فترحموا على أبِى بَكْرٍ، وكَانَ بالمَدينَة وزَّانٌ عَلَى عهد رسول الله ﷺ وكَانَ يزن مَا كَانَ عِنْدَ أَبِى بَكرٍ مِنْ مالٍ فَسُئِلَ الوزَّانُ: كَمْ بَلَغَ ذَلِكَ المَالُ الذى وَرَدَ عَلَى أَبِى بَكْرٍ؟ قَالَ: مائتى ألْفٍ".
"عَنْ أَبِى بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ ظَنَنْتُمْ أَنِّى أخَذْتُ خِلَافَتَكُمْ رَغْبَةً فِيهَا أَوْ إِرَادَةَ استيثارٍ عَلَيْكُم وَعَلَى الْمُسْلِمينَ فَلَا، والذِى نَفْسى بِيَدِهِ مَا أخَذْتُهَا رغْبةً فِيهَا، ولا اسْتِيثَارًا عَليْكُمْ، ولَا عَلَى أحدٍ مِنَ الْمُسْلِمينَ، وَلَا حَرَصْتُ عَلَيْهَا لَيْلَةً ولا يومًا قَطُّ، ولا سأَلْتُ الله سِرًا ولا عَلَانِيَةً، وَلَقَد تَقَلَّدْتُ أَمْرًا عَظِيمًا لَا طَاقَةَ لِى بِهِ إِلَّا أنْ يُعِينَ الله، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهَا إِلى أىِّ أصْحَابِ رسُولِ الله ﷺ عَلَى أَنْ يَعْدِلَ فِيهَا، فَهِىَ إِلَيْكُمْ رَدٌّ، ولَا بَيْعَ لَكُمْ عِنْدِى، وَلَا بَيْعَ إِلىَّ عِنْدَكُمْ، فَادْفَعُوا لِمَنْ أَحْبَبْتُم فَأَنَا رجل مِنكُمْ".
"عَنْ أبِى جعْفَرٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًا قَالُوا: مَا أَوْجَبَ الحَدَّينِ الجَلْدَ أَوْ الرَّجْمَ أَوْجَبَ الغُسْلَ".
"عَنْ أَبِى بَكرٍ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: إِنِّى أَدْعُوكَ إِلى أَمْرٍ مُتْعِبٍ لِمَنْ وَلِيَه، فَاتَّقِ
الله يا عمرُ بِطاعَتِهِ، وأَطِعْهُ بِتَقْواه؛ فَإِنَّ التُّقَى أَمْرٌ محفُوظٌ، ثُمَّ إِنَّ الأَمْرَ مَعْرُوضٌ لا يستوجبُه إِلَّا مَنْ عَمِل بِهِ، فَمن أَمَرَ بِالْحَقِّ وَعمِلَ بِالْبَاطِلِ، وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ وَعَمِلَ بِالمُنْكَرِ يوشكُ أَنْ يَقْطَعَ أُمْنِيَّتَهُ وأَنْ يُحْبِطَ عَمَلَهُ، فَإِنْ أَنْتَ وَلِّيتَ عَلَيْهِمْ أَمْرَهُم؛ فَإِن استَطَعْتَ أَنْ تَجِفَّ يدكَ مِنْ دمائِهم، وأَنْ يضْمُر بَطْنُكَ مِنْ أَموالهِمْ، وَأَنْ يَجِفَّ لِسَانُكَ عن أَعراضِهِمْ فَافْعَلْ، وَلَا قُوَّةَ إِلا بِالله".
"عَنْ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: لَمَّا ارْتَدَّ مَنِ ارتَدَّ عَلَى عَهْد أبِى بَكْرٍ، أَرَادَ أَبو بَكْرٍ أَنْ يُجَاهِدَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتُقَاتِلُهمْ وَقَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ الله، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُه إِلَّا بحَقٍّ، وحِسَابُه عَلَى الله؟ ! فقَالَ لهُ أَبو بَكْرٍ: أَلَا أُقَاتِلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاة؟ وَالله لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَجْمَعَهُمَا، قَالَ عُمَرُ: فَقَاتَلْنَا مَعَهُ فَكَانَ وَالله رَشِيدًا، فَلَمَّا ظفِرَ بِمَنْ ظَفِرَ بِه مِنْهُمْ قَالَ: اخْتَارُوا بَيْنَ خطَّتَيْنِ: إمَّا حَرْب مُجْليَةٌ وإِمَّا الخُطَّةُ المُخزِيَةُ، قَالُوَا: هَذِهِ الحَربُ الْمُجْلِيَة قَدْ عَرَفْنَاهَا، فمَا الْخُطَّةُ المُخْزِيَةُ؟ قَالَ: تَشْهَدُونَ عَلَى قَتْلاَنَا أنَّهُمْ فِى الْجَنَّةِ, وَعلَى قَتْلَاكُمْ أَنَّهُمْ فِى النَّارِ، فَفَعلُوا".
"عن موسى بن عقبة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّديقَ كَانَ يَخْطُبُ فَيَقُولُ: الحَمدُ لله رَبِّ الْعالَمِينَ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُه ونَسْأَلُه الْكَرَامةَ فيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنَّهُ قَدْ دَنَا أَجَلِى وأَجَلُكُمْ، وأَشهدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ ورسُولُه، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا ونذيرًا وَسِراجًا مُنيرًا، لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًا وَيَحِقَّ القَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ، ومَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَد رشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا، أُوصِيكُمْ بِتقْوى الله والاعْتِصَامِ بأَمْرِ الله الَّذِى شَرعَ لَكُمْ وَهَدَاكُمْ بِهِ، فَإِنَّ جَوَامِعَ هُدَى الإِسْلامِ بَعْدَ كَلِمَة الإِخْلَاصِ السَّمْعُ والطَّاعَةُ لِمَنْ وَلَّاهُ الله أَمْرَكُمْ؛ فإنَّهُ مَنْ يُطِعْ وَلِىَّ الأَمْرِ بِالْمَعروفِ والنَّهْى عَنِ المُنْكَرِ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَدَّى الَّذِى عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، وَإِيَّاكُمْ واتَّبَاعَ الْهَوى، فَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ حُفِظَ مِنَ الْهَوَى وَالطَّمعِ، وَإِيَّاكُمْ والْفُجُوَرَ، وما فَجَرَ مَنْ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِلى التُّرابِ يَعُودُ، ثُمَّ يَأكُلُهُ الدُّودُ، ثُمَّ هُوَ الْيَومَ حَىٌّ وغَدًا ميِّتٌ، فاعْمَلوا يَوْمًا بيَوْمٍ وسَاعَةً بِسَاعَةٍ، وَتَوَقَّوْا دُعَاءَ الْمَظْلومِ، وَعُدُّوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْمَوْتَى، واصبروا فَإِنَّ الْعَمَلَ كله بِالصَّبْرِ, واحْذَرُوا والحذرُ يَنْفَعُ، واعْمَلُوا والعَملُ يُقْبَلُ، واحْذَرُوا مَا حَذَّرَكُمْ الله مِنْ عَذَابِه، وَسَارِعُوا فِيمَا وَعَدَكُمُ الله مِنْ رَحْمَتِهِ، وافْهَمُوا تُفْهَمُوا، واتَّقُوْا تُوَقَّوْا، فَإِنَّ الله قَدْ بَيَّنَ لَكُمْ مَا أهْلَكَ بِه مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَمَا نَجَا بِهِ مَنْ نَجَا قَبْلَكُمْ، قَدْ بَيَّنَ لَكُمْ فِى كِتَابِهِ حَلَالَهُ وَحَرامَهُ، وَمَا يُحِبُّ مِنَ
الأَعْمَال وَمَا يَكْره فَإِنِّى لا آلوكم ونَفِسى، والله الْمُسْتَعَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بَالله واعلمُوا أَنَّكُمْ مَا أَخْلَصْتُمْ فِيهِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَرَبَّكُمْ أطعتم، وحظَّكُمْ حَفِظْتُمْ واغْتَبَطْتُمْ , وَمَا تَطَوَّعْتُمْ بِهِ فاجْعَلُوا نَوافِلَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ تَسْتَوْفُوا بِسَلَفِكُمْ وتُعْطَوْا جَزَاءَكمْ حِينَ فَقْرِكُمْ وَحَاجَتكُمْ إِليهَا، ثُمَّ تَفكَّروا عِبَادَ الله فِى إِخْوَانِكُمْ وصَحابتكُمْ الَّذينَ مَضَوا، قَدْ وَرَدوا عَلَى مَا قَدَّمُوا فَأَقَامُوا عَليْهِ، وحَلُّوا فِى الشَّقَاءِ والسَّعَادَةِ فِيمَا بَعْد الْمَوْتِ، إِنَّ الله لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ نَسَبٌ يُعْطِيهِ به خَيْرًا وَلَا يصْرِفُ عَنْهُ سُوءًا إِلَّا بِطَاعَتِهِ واتِّبَاعِ أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِى خَيْرٍ بَعْدَهُ النَّارُ، وَلَا شَرَّ فِى شَرٍّ بَعْدَه الْجَنَّةُ، أَقُولُ قَولِى هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ الله لِى وَلَكُمْ، وَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ ﷺ ".
"والسَّلَامُ عَلَيْكُمْ, ورَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُه"
"عن معاوية بن قرة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّديقَ كَانَ يَقُولُ فِى دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمْرِى آخِرَه، وَخَيْرَ عَمَلِى خَوَاتِمَهُ، وَخَيْرَ أَيَّامِى يَوْمَ لِقَائِكَ".
Abu Bakr expressed humility when he was praised
Abu Bakr, when praised, used to say: "O Allah, you know me better than myself, and I know myself better than them. O Allah, make me better than what they think of me, and forgive me for what they do not know, and do not hold me accountable for what they say."
كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا مُدِحَ قَالَ: (اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّى بِنَفْسِى، وأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِى مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ، واغْفِر لِى مَا لَا يَعْلمُونَ، وَلَا تُؤَاخِذْنِى بِمَا يَقُولُونَ)۔
"عن معاذ بن جبلٍ قَالَ: دَخَلَ أبُو بَكْرٍ حَائِطًا وَإِذَا بِدُبْسِىٍّ فِى ظِلِّ شَجَرَةٍ، فَتَنَفَّسَ الصَّعْدَاءَ ثمَّ قَالَ: طُوبَى لَكَ يَا طَيْرُ، تَأكُلُ مِنَ الشَّجَرِ، وتَسْتَظِلُّ بِالشَّجَرِ، وَتَصيرُ إِلَى غَيْرِ حِسابٍ، يَا لَيْتَ أبَا بَكْرٍ مِثْلُك".
"عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَتْ: لَمَّا كانَ عَامُ الْفَتْحِ خَرَجَتِ ابْنَةٌ لأَبِى قُحَافَةَ، فلقِيَتْهَا الخيْلُ وَفِى عُنُقِهَا طَوْقٌ مِنْ وَرِقٍ فَاقْتَطَفَهُ إِنْسَانٌ ومِنْ عُنُقِهَا، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ الله ﷺ الْمَسجِدَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: أَنْشُدُ بِالله وَبِالإسْلَامِ طَوْقَ أُخْتِى؟ ، فَوَالله مَا أَجَابَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةَ، فَمَا أَجَابَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: يَا أُخَيَّةُ: احْتَسِبِى طَوْقَكِ، فَوَالله إِنَّ الأَمَانَة الْيَوْمَ فِى النَّاس لَقَليلٌ".
"عَنْ أبِى بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ قَالَ: بَلَغَنِى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَصُومُ الصَّيْفَ وَيُفْطِرُ الشِّتَاءَ".
"عَنْ يَزيد بْنِ الأَصَمِّ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ قَالَ لأَبِى بكْرٍ: أَنَا أَكْبَرُ أَوْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنْتَ أَكْبَرُ وأَكْرَمُ وَأَنَا أَسَنُّ مِنْكَ".
"عَنْ ميمون بن مهران قال: جاء رجل إلى أبى بكرٍ فقال: السلام عليك يا خليفة رسول الله، قال: مِنْ بَيْنِ هَؤلَاءِ أَجْمَعِينَ؟ ".
"عَنِ الزُّهْرى قال: قال رَجُلٌ لأَبِى بَكْرٍ: مَا أَحدٌ مِنَ النَّاسِ بَعْدَ نَفْسِى أَحَبَّ إِلَىَّ صَلَاحًا مِنْكَ، قالَ: وَمِنْ نَفْسِكَ؟ قَال: فِى بعْضِ الأُمُورِ".
"عنْ عبد الله بن الزبير أن عمر بن الخطاب ذكر أبا بكر وهو على المنبر فقال: (إنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ سَابِقًا مُبَرِّزًا) ".
"عَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِى صَلَاتِهِ".
"عنْ معاوية بن أبى سفيان قال: إِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُرِدْ أَبَا بَكْرٍ وَلَمْ يُرِدْهَا، وَأَرَادَتِ ابْنَ الْخَطَّابِ وَلَمْ يُرِدْهَا".
"عنْ عروة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَلْقىَ كُلَّ دِرْهَمٍ لَهُ وَدِينَارٍ فِى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ: كُنْتُ أَتَّجِرُ فِيهِ وَأَلْتَمِسُ بِهِ؛ فَلَمَّا وَلِّيتُهُمْ شَغَلُونِى عَنِ التِّجَارَةِ وَالطَّلَبِ فِيهِ"
31.01.3 ʿAbdullāh b. Salām
٣١.٠١۔٣ مسند عبد الله بن سلام
"عنْ عائشة قالت: مَات أَبُو بَكْرٍ فَمَا تَرَكَ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَكَانَ قَدْ أَخَذَ قَبْلَ ذَلِكَ مَالَهُ فَأَلْقَاهُ فِى بَيْتِ الْمَالِ".
"عنْ محمد بن سيرين قال: (لَمْ أَعْلَمْ أحَدًا اسْتَقَاءَ مِنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ غَيْرَ أَبِى بَكْرٍ: فَإِنَّهُ أُتِىَ بِطَعَامٍ فَأَكَلَهُ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ: جَاءَ بِهِ ابْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: فَأَطْعَمْتُمُونِى كَهَانَةَ ابْنِ النُّعْمَانِ؟ ثُمَّ اسْتَقَاءَ".
"عنِ الأشياخ أن الْمُهَاجِرَ بْنَ أبِى أُمَيَّةَ وَكَان أمِيرًا عَلَى الْيَمَامَةِ رُفِعَ إِلَيْهِ امرأتان مغنِّيتان، غَنَّتْ إحداهُمَا بِشَتْمِ النَّبِىِّ ﷺ فَقَطَعَ يَدَهَا وَنَزعَ ثَنَايَاهَا، وغَنَّتِ الأخْرى بِهِجَاءِ الْمُسْلِمينَ، فَقَطَعَ يَدَهَا، ونَزع ثنِيَّتهَا، فَكَتبَ إِلَيْهِ أَبو بَكْر: بَلَغَنِى الَّذِى
فَعَلْتَ فِى الْمَرْأَةِ الَّتِى تَغَنَّتْ بشَتْمِ النَّبِىَّ ﷺ فَلَوْلَا مَا سَبَقْتَنِى فِيهَا لأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا؛ لأَنَّ حَدَّ الأَنْبِيَاءِ لَيْسَ يُشْبِهُ الْحُدُودَ، فَمَنْ تَعَاطَى ذَلكَ مِنْ مُسْلِمٍ فَهُوَ مُرْتَدٌّ، أوْ مُعَاهَدٌ فَهُوَ مُحَارِبٌ غَادِرٌ، وَأَمَّا الَّتِى تَغَنَّتْ بِهِجَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَدَّعِى الإِسْلَامَ فَأَدِّبْ دونَ الْمُثْلَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً فَلعَمْرِى لَمَا صَفَحْتَ عَنْهُ مِنْ الشِّرْكِ أَعْظَمُ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ فِى مِثْلِ هَذَا لَبَلَغْتُ مَكْرُوهًا وَإِيَّاكَ والْمُثْلَةَ فِى النَّاسِ فَإِنَّهَا مَأثَمٌ وَمنَفِّرَةٌ إِلَّا فِى قِصَاصٍ".
"عنْ سالم بن عبيد قال: كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَقُولُ لِى: قُمْ بَيْنِى وَبَيْنَ الْفَجْرِ حَتَّى أَتَسَحَّرَ".
"عَنْ عائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا اشْتَدَّ مَرضُ أَبِى بَكْرٍ بَكَيْتُ، وَأُغْمِىَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ:
مَنْ لَا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا ... فَإِنَّهُ فِى مَرَّة مَدْفُوقٌ
فَأَفَاقَ فَقَالَ: لَيْسَ كَمَا قُلْتِ يَا بُنَيَّةُ: وَلَكِنْ جَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ، ثُمَّ قَالَ: أَىُّ يَوْمٍ تُوُفِّىَ فِيه رسُولُ الله ﷺ ؟ فَقُلْتُ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ، قَالَ: فَأَىُّ يَومٍ هَذَا؟ فَقُلْتُ: يَوْمُ الاثْنَينِ، قَالَ: فَإِنِّى أَرجُو مِنَ الله مَا بيْنِى وبَيْنَ هَذَا اللَّيْلِ، فَمَاتَ لَيْلةَ الثُّلَاثَاءِ، وَقَالَ: فِى كَمْ كُفِّنَ رسولُ الله ﷺ ؟ فَقُلْتُ: كَفَّنَّاهُ فِى ثَلَاثَةِ أَثْوابٍ سُحُولِيَّةٍ بِيضٍ جُدُد لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ ولَا عِمَامَةٌ، فَقَالَ لِى: اغْسِلُوا ثَوْبِى هَذَا، وَبِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانَ، واجْعلَوا مَعَهُ ثَوْبَينْ جَدِيدَيْنِ، فَقُلْتُ: إِنَّه خَلَق، فَقَالَ: الحَىُّ أَحَوُج إِلَى الْجَديدِ مِنَ الْميِّتِ، إِنَّمَا هوَ لِلْمُهْلَةِ".