"المعافى بْن زَكَريَّا القَاضِى، ثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِىِّ بْنِ زَكَريَّا العَدَوِىُّ، أبُو سَعِيدٍ البَصْرِىُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَكِّىُّ أَبُو بَكْرٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ المَدَنىُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْد الواحدِ الكُوفِىِّ، ثَنَا مُحَمدُ بْنُ أَبى بَكْر الأنْصَارِىُّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَكانَ عَقَبِيًا، بَدْريًا، نَقِيبًا أَنهُ قَالَ: بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ يَدْعُوُه إِلَى الإِسْلاَم، وَيُرَغِّبُهُ فيهِ وَمَعِى عَمْرُو بْنُ العاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِىُّ، وَهِشامُ بْنُ العاص بْن وائِلٍ السَّهْمِىُّ، وَعَدِىُّ بْنُ كَعْب، ونُعَيْمُ بْنُ عَبْد الله النَّحَّامُ، فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى جَبَلَةَ بْنِ الأيْهَم دِمَشْقَ، فَأَدْخَلَنَا عَلَى مَلِكِهِمْ بِهَا الرُّومِىِّ، فَإِذَا هُوَ عَلَى فِرَاشٍ لَهُ مَعَ الأسقُفِ، فَأَجْلَسَنَا، وَبَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولَهُ، وَسَأَلَنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ، فَقُلنَا: لاَ وَالله لاَ نُكَلِّمُهُ (بِرَسُول (* )) بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ في كَلاَمِنَا حَاجَةٌ فَليقَرِّبْنا مِنْهُ، فَأمَرَ بِسُلَّمٍ فَوُضعَ، وَنَزَلَ إِلَى فَرْشٍ لَهُ في الأرْضِ فَقَرَّبنَا، فَإِذَا هُوَ عَلَيْهِ ثيَاب سُودٌ مُسُوحٌ، فَقَالَ لَهُ هِشَامُ بْنُ العَاص بْن وائِلٍ: مَا
هَذِهِ المُسوحٌ الَّتى عَلَيْك؟ قَالَ: لَبِسْتُهَا نَاذرًا أَنْ لاَ أَنْزِعَها حَتَّى أخْرِجَكُمْ مِنَ الشَّام، فَقُلْنَا: قَالَ القَاضِى: وَذَكَرَ كَلاَمًا خَفِى () عَلِىَّ مِنْ كِتَابِى مَعْنَاهُ بَلْ يَمْلِكُ مَجْلسَكَ وَبَعْدَهُ مَلِكَكُمْ الأعْظَم فَوَ الله لَتَأخُذَنَّهُ إِنْ شَاءَ الله، فَإِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَنَا بِذَلكَ نَبِينا ﷺ الصادقُ البَارُّ، قَالَ: إِذا أَنْتُمْ السّمراءُ، قَالَ: قُلنَا وَمَا السمْراءُ؟ قَالَ: لَسْتُمْ بهَا، قُلنَا: وَمَنْ هُمْ؟ قالَ: الَّذينَ يَقُومُونَ اللَّيْلَ، وَيَصُومُونَ النَّهَارَ، قَالَ: فَقُلنَا: نَحْنُ وَالله هُمْ، قَالَ: فَقَالَ: كيْفَ صَوْمُكُمْ وَصَلاَتُكُمْ وَحالُكُمْ، فَوَصَفْنَا لَهُ أَمْرَنَا، فَنَظَرَ إِلَى أَصْحابِهِ وَرَاطَنَهُمْ (* ) وَقَالَ لَنَا: ارْتَفِعُوا، قَالَ: ثُمَّ مَلأَ ( * ) وَجْهَهُ سَوَادًا حَتَّى كَأَنَّهُ قِطعَةُ مَسح مِنْ شِدَّةِ سَوَادِهِ وَبَعَثَ مَعَنَا رُسُلًا إِلَى مَلِكِهمْ الأعْظَم بالقُسْطَنْطينِيةِ، فَخَرَجْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى مَدينَتِهِمْ، وَنَحْنُ عَلَى رَوَاحِلِنَا عَلَيْنَا العَمَائِمُ وَالسّيُوفُ، فَقَالَ لَنَا الَّذِينَ مَعَنَا: إِنَّ دَوَابَّكُمْ هَذِه لاَ تَدْخُلُ مَدِينَةَ المَلِك فَإِنْ شِئْتُمْ جِئِنَاكمْ بِبَرَاذينَ وَبِغَالٍ؟ قُلْنَا: لاَ والله لاَ نَدْخُلُهَا إِلاَّ عَلَى رَوَاحِلِنَا، فَبَعَثُوا إِلَيْه لِيَسْتَأذِنُوهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ أَنْ خَلُّوا سَبَيلَهُمْ، وَدَخَلْنَا عَلَى رَوَاحِلِنَا حَتَّى انْتَهَيْنا إِلَى غُرْفَةٍ مَفْتُوحَةِ البَاب، فَإِذَا هو فِيهَا جَالِس يَنْتَظِرُ، قَالَ فَأَنَخَنَا تَحْتَهَا ثُمَّ قُلنَا: لاَ إِلَهَ إِلَّا الله وَالله أكْبَرُ فَيَعْلَمُ الله لاَ نَتَفَصت حَتَّى كَأَنَّهَا نَخْلَةٌ تَصْفِقُها الرِّيحُ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولا أَنَّ هَذَا لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَجْهروا بِدِينِكُمْ فِى بِلاَدِنَا، وَأَمَرَ بِنَا فَأدْخَلَنَا عَلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ مَعَ بَطَارِقَتِهِ، وَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَاب حُمْرٌ، فَإِذَا فَرْشُهُ وَمَا حَوَالَيْهِ أَحْمَرُ، وَإِذَا رَجُلٌ فَصِيح بِالعَرَبيَّة يَكْتُبُ، فَأوْمَأَ إِلَيْنَا، فَجَلَسْنَا نَاحِيَةً، فَقَالَ لَنَا وَهُوَ يَضْحَكُ: مَا مَنَعَكُمْ أنْ تُحَيُّونِى بتَحِيَّتكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ؟ فَقُلنَا نَرْغَبُ بِهَا عَنْكَ، وَأَمَّا تَحِيتكَ التِى لاَ نَرْضَى إلا بهَا، فَإِنَّها لاَ تَحِلُّ لَنَا أَنْ نُحيِّيَكَ بِهَا، قَالَ وَمَا تَحِيَّتُكُمْ فِيمَا
بَيْنَكُمْ؟ قُلنَا: السَّلاَمُ، قَالَ: فَمَا كنتُمْ تُحَيُّونَ بِهِ نَبِيَّكُمْ؟ قُلنَا: بِهَا، قَالَ: فَمَا كَانَ تَحِيَّتُهُ هُوَ؟ قُلنَا: بِهَا، قَالَ: فَبِمَ تُحَيُّونَ مَلِكَكُمْ اليَوْمَ؟ قُلنَا: بِهَا، قَالَ: فَبِمَ تَحِيتِكُمْ؟ قُلنَا: بِهَا، قَالَ: فَمَا كَانَ نَبِيُّكُمْ يَرِثُ مِنْكُمْ؟ قُلنَا: مَا كَانَ يَرِثُ إِلاَّ ذَا قَرَابَةٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ مَلكَكُمْ اليَوْمَ؟ قُلنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا أَعْظَمَ كَلامَكُمْ عِنْدَكُمْ؟ قُلنَا: لاَ إِلَه إِلاَّ الله، قَالَ: فَيَعْلم الله لاَنْتَقَضَ حَتَّى كأَنَّهُ طَيْرٌ ذو ريشٍ منْ حُسْنِ ثيَابه، ثُمَّ فتَحَ عَيْنَيْهِ في وجُوهِنَا، قَالَ: فَقَالَ: هَذِهِ الكَلِمَةُ الَّتِى قُلتُمُوهَا حِينَ نَزَلتُمْ تَحْتَ غُرْفَتِى؟ قُلنَا: نَعَمْ، قَالَ: كَذَلِكَ إِذَا قُلتُمُوهَا فِى بُيُوتِكُمْ انْتَفَضَتْ لَهَا سُقُوفُكُمْ، قُلنَا وَالله مَا رَأيْنَاهَا صَفَتْ هَذَا قَطُّ إِلاَّ عنْدَكَ، وَمَا ذَاكَ إِلا لأمْرٍ أَرَادَهُ الله تَعالَى، قَالَ: مَا أَحْسَنَ الصِّدْق، أمَا وَالله لَوَدِدْتُ أَنّى خَرَجْتُ مِنْ نِصْفِ مَا أمْلِكُ، وَأَنَّكُمْ لاَ تَقُولُونَهَا عَلَى شَىْءٍ إِلاَّ انْتَفَضَ لَهَا، قُلنَا: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: ذَاكَ أيْسَرُ لِشأنِها وَأَحْرَى أنْ لاَ تَكُونَ منَ النُّبوَّةِ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ حِيل وَلَدِ آدَمَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ إِذَا فَتَحْتُمُ المَدَائِنَ وَالحُصُونَ؟ قُلْنَا: نَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَالله أكبَرُ، قَالَ: تَقُولُونَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَالله أكبَرُ، لَيْسَ غَيْرَهُ شَىْء؟ قُلنَا: نَعَمْ، قَالَ: تَقُولُونَ: الله أكبَرُ هُوَ أكبَرُ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ قُلنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَرَاطنَهُمْ، ثُمَّ أقْبَل عَلَيْنَا فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا قُلتُ لَهُمْ؟ قُلتُ مَا أَشَدَّ اخْتِلاَطَهمْ، فَأَمَرَ لَنَا بِمَنْزِلٍ، وَأَجْرَى لَنَا نُزُلا، فَأَقَمْنَا في مَنْزِلِنَا تَأتِينا أَلطَافُةُ غْدْوَةً وَعَشِيَّةً، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْنَا فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ لَيْلًا وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، فَاسْتَعَادَنَا الكَلاَمَ فَأَعَدْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعا بِشىْءٍ كَهَيْئَة الرَّبْعَةِ () ضَخْمَةٍ مُذَهَّبَةٍ، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ فتَحَها فَإِذَا فِيهَا بُيُوتٌ صِغَارٌ عَلَيْهَا أَبْوابٌ، فَفَتَحَ مِنْهَا بَيْتًا، فَاسْتَخْرجَ مِنْهَا خِرْقَةَ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ، فَنَشَرَها فَإِذَا فِيهِ صُوَرة حَمْراءُ، وَإِذَا رَجُلٌ ضَخْمُ العَيْنَيْن، عَظِيمُ الأليَتَيْنِ، لَمْ يُرَ مِثْلُ طول
عُنُقِهِ في مِثْل جَسَدٍ، أَكْثَرُ النَّاس شَعْرًا، فَقَالَ لَنَا أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ هَذَا آدَمُ - عَلَيْه السَلاَم - ثُمَّ أَعادَهُ فَفَتَحَ بَيْتًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خِرْقَةَ حَريرٍ سَوْداءَ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا صُورَة بَيْضَاءُ، وَإذَا رَجُل لَهُ شَعْر كَثِير كَشَعْرِ القِبْطِ، قَالَ القاضي: أرَاهُ قَالَ: ضَخْم العَيْنَيْنِ، بَعِيدَ مَا بَيْنَ المَنْكَبَيْنِ، عَظِيم الهَامَةِ، فَقَالَ: تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا نُوحٌ - عَلَيْه السَّلاَمُ - ثُمَّ أَعَادَهَا في مَوْضِعِهَا، وَفَتَحَ بَيْتًا آخَر فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خِرْقَةَ حَريرٍ خَضْراءَ، فَإِذَا فيهَا صُوَرةٌ شَدِيَدةُ البَياضِ وَإذَا رَجُل حَسَنُ الوَجْهِ، حَسَنُ العَيْنَيْنِ، شَارعُ الأنْف، سَهْلُ الخَدَّيْنِ، اشْيَبُ الرَّأسِ، أبْيَضُ اللِّحْيَةِ كَأنَّهُ حَىٌ يَتَنَفَّسُ، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا إِبْراهِيمُ، ثُمَّ أعادَهَا، وَفَتَحَ بَيْتًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خِرْقَةَ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ فَإِذَا فِيهَا صُورَةُ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَالَ تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: هَذَا مُحَمَّد ﷺ وَبَكَيْنَا، فَقَالَ: بِدينكُمْ إِنَّهُ مُحَمَّدٌ؟ قُلْنَا: نَعَمْ بِدِيننَا، إِنَّهَا صُورَتُهُ كَأنَّما نَنْظُرُ إِلَيْهِ حَيًا، قَالَ: فَاسْتَخَفَّ حَتَّى قَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ قَائِمًا، ثُمَّ جَلَسَ، فَأَمْسكَ طَوِيلًا، فَنَظَرَ فِى وُجُوهِنَا، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ كَانَ آخِرَ البُيُوتِ وَلَكِنِّى عَجلتُهُ لأنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ، فَأَعَادَهُ، وَفَتَحَ بَيْتًا آخر فاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خِرْقَةَ حَريرٍ خَضْراءَ فَإِذَا فيهَا صُورَة رَجُلٍ جَعْدٍ () أَبْيَضَ قَطَطٍ ( ) غائِرِ العَيْنَيْن، حَدِيدِ النَّظَرِ عَابسٍ مُتَراكِب الأسْنَان مُقَفَصِ الشَّفة ( * )، كَأَنَّهُ مِنْ رجَالِ أَهْل البَاديَةِ، فَقَالَ: تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا مُوسَى وَإلَى جَانبِه صُورَة شَبِيهَةٌ بهِ رَجُل مُدَوَّر الرأسِ، عَريض الجَبِينِ، بعَيْنِهِ قَبَل ( * * )، قَالَ: تَدْرُون مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا هَارُونُ، وَفَتَحَ بَيْتًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خِرْقَةَ حَرِير خَضْرَاءَ فَنَشَرَهَا، فَإِذَا فِيهَا
صُورَةٌ بَيْضَاءُ، وَإذَا رَجُل شِبْهُ المَرْأَةِ ذُو عَجزَةٍ وَسَاقَيْنِ، قَالَ: تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا دَاوُدُ فَأَعَادَها، وَفَتَحَ بَيْتًا آخَرَ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ خرْقَةَ حَريرٍ خَضْراءَ فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ فَإِذَا رَجُلٌ أَوْ قَصُ () قَصيرُ الظَّهْر، طَويلُ الرِّجْلَيْنِ عَلَى فَرَسٍ لِكُلِّ شَىْءٍ منْهُ جِنَاحٌ، فَقَالَ: تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا سُلَيْمَانُ وَهَذِهِ الرِّيحُ تَحْمِلُهُ، ثمَّ أَعَادَهَا، وَفَتَحَ بَيْتا آخَرَ فيهِ حَرِيرَةٌ خَضْرَاءُ فَنَشَرَهَا فَإِذَا صُورَةٌ بَيْضَاءُ وَإِذَا رَجُلٌ شَابا حَسَنُ الوَجْهِ حَسَنُ العَيْنَيْنِ شَدِيدُ سَوَادِ اللِّحَيْةِ، يَشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَقَالَ: تَدْرُونَ مَنْ هَذَا؟ قُلْنَا: لاَ، قَالَ: هَذَا عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، فَأَعَادَهَا وَأَطبَقَ الرَّبْعَةَ، قَالَ: قُلنَا أَخْبِرْنَا عَنْ قِصةِ الصُّوَرِ مَا حَالُهَا فَإِنَّا نَعْلَمُ انَها تُشْبه الَّذِينَ صَوَّرْتَ صُوَرَهُمْ، فَإِنَّا رَأَيْنا نَبِيّنَا ﷺ يُشْبِهُ صُورَتَهُ، قَالَ: أُخْبِرْنَا أَن آدَمَ سَألَ رَبَّهُ أَنْ يُريَهُ أَنْبِيَاءَهُ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ صُوَرَهُمْ، فَاسْتَخْرَجها ذُو القَرْنَيْنِ مِنْ خِزَانَة آدَمَ فِى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَصَوَّرَهَا لَنَا دَانْيَالُ فِى خِرَقِ الحَرِيرِ عَلَى تِلكَ الصُّوَرِ، فَهِىَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا، امَا والله لَودِدْتُ أَنَّ نَفْسِى طَابَتْ بالخُرُوجِ مِنْ مُلكِى فَتَابَعْتُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، وَأَنْ أَكُونَ عَبْدًا لأسْوَئِكُمْ مَلَكَةً، وَلَكِنَّ نَفْسِى لاَ تَطِيبُ، فَأَجَازَنَا، فَأَحْسَنَ جَوَائِزَنَا، وَبَعَثَ مَعَنَا مَنْ يُخْرِجُنَا إِلَى مَأمَنِنا، فَانْصَرَفْنا إِلَى رِحَالِنَا، قَالَ القَاضِى: كُنَّا أَمْلَيْنَا هَذَا الخَبَرَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، وَمَعَانِى الخَبَرَيْنِ مُتَقَارِبَةٌ، وَلَمَّا حَضَرَنَا هَذَا الخَبَرُ مِنْ هَذَا الطَّريق، وَسَمْنَاهُ هَاهُنا، وَقَدْ تَضَمَّنَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ نَبِيِّنا، وَصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ عَلَى كَثْرَةِ الأَخْبَارِ وَالرِّوَايَات فِيهِ، وَشَهَادَة الكُتُب السَّالِفَةِ مَعَ تَأييدِ الله جَلَّ اسْمُهُ بالآياتِ الَّتِى أَظهَرَهَا عَلَى يَدِهِ والأعلاَمِ
الشَّاهدَة لَهُ".
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.