"يَا مُعاذُ إنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى أَهْلِ كِتَابٍ وإنَّهُمْ سَائلُوكَ عَنْ مفاتيح الجَّنَة، فَأَخْبِرْ أَنَّ مَفاتيحَ الجنة لا إله إلا الله وَأنها تخرُق كُلَّ شئٍ حَتَّى تنتهى إلى اللهِ - ﷻ - لا تُحجبُ دُونه مَنْ جَاءَ بها يَوْمَ القيامة مخْلِصًا رجحَتْ بِكُلِّ ذْنبٍ يا معاذ تواضَعْ للهِ - ﷻ - يرفعْك الله، واسْتَدِقَّ الدنيا تمقك الحكْمة، فَإنَّهُ مَن تَواضَع للهِ - ﷻ - واسْتَدَقَّ الدُّنيا أظْهَرَ الله الحكْمَةَ مِنْ قلْبِهِ عَلَى لِسَانِهِ ولا تَقْضِيَنَّ ولا تقولنَّ إلا بعلمٍ، فإن أَشكل عليك أمرٌ فاسْألْ ولا تْستَحى، واسْتشِر فإِن المسْتَشيرَ مُعَانٌ، والمُستَشَارَ مؤتَمن، ثُمَّ اجْتِهد فإن الله - ﷻ - إِن يعلم منك يوفقْك، وَإنْ أُلبس عَلَيْكَ فِقفْ وأمْسِكْ حَتَّى تَتَبَيَّنَهُ أو تَكْتُبَ إلىَّ فيهِ، ، وَلا تَضْرِبَنَّ فَيما لم تجدْ فِى كِتَابِ اللهِ ولا في سُنَّتى عَلَى قَضَاءٍ إلَّا عَنْ صلا، واحْذر الهَوَى فإنَّهُ قَائِدُ الأشقياء إِلى النَّارِ وإِذا قَدِمْتَ عَلَيهِم فَأقِمْ فِيهِمْ كِتَابَ اللهِ وأَحْسن أَدَبَهُمْ وأَقْرئهم القُرآنَ يَحْمِلْهُم القرآنُ عَلَى الحقَّ وَعَلَى الأخلاقِ الجميلة، وأَنزل النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ فإنَّهم لا يستوونَ إِلا في الحُدْودِ لا في الخير ولا في الشَّرِّ علَى قَدْرِ ما هُمْ عَليهِ مِنْ ذَلِكَ، ولا تُحابيَّن فِى أَمْرِ اللهِ وأَدِّ إليْهم الأَمانة في الصَّغير والكبير، وخُذْ ممن
لا سَبيلَ عليْهِ العفْو وَعَلَيكَ بالرِّفْق، وإذَا أَسَأتَ فاعتذر إلى النَّاسِ فعاجل التَّوبَةَ، وإذَا سروا عليك مِنَ الجَهَالة فَبيَّن لَهُم حتَّى يَعْرِفُوا، ولا تُحَاقِدْهُمْ وَأَمِتْ أَمْر الجاهلية إلا ما حسَّنُه الإسلام، واعْرِضْ الأخلاقَ عَلَى أخلاقِ الإسلامِ، ولا تعْرِضْهَا عَلى شَىْءٍ فِى الأُمُورِ، وتَعاهَد النَّاسَ فِى المواعِظِ، والقَصَدَ القصْدَ، والصَّلاةَ الصَّلاةَ فإِنَّهَا قَوامُ هَذَا الأَمْرِ، اجْعَلُوهَا همَّكم وأثْرُوا شُغْلها عَلى الأشْغَال، وتَرَفَّقُوا بِالنَّاسِ فِى كُلِّ مَا غَلَبَهُم ولا تَفْتنُوهُم، وانْظُرُوا فِى وقْت كلِّ صلاة فإِن كَانَ أَرْفَقَ بِهِم فصلُّوا بِهِم فِيهِ أولِهِ وَأَوسَطِهِ وآخرِه، صَلُّوا الفْجر في الشتاء وغلِّسوا بهَا، وأطِلْ في القراءة عَلَى قَدْرِ ما يُطيقُون، لا يَمَلُّونَ أَمْر الله ولا يَكْرهُونَه، وصَلُّوا الظّهرَ في الشِّتَاءِ مَعَ أوَّلِ الزَّوالِ والْعَصْرَ في أَوَّلِ وقْتِها والشَّمْسُ حَيَّةٌ، والمغرب حِينَ يجِبُ القرصُ، صِلِّهَا في الشَّتَاءِ والصَّيْفِ عَلَى مِيقَاتٍ واحدٍ إلا من عُذْرٍ، وأَخِّرْ الْعِشَاءَ شيئًا ما فإن الليلَ طويلٌ إلا أنْ يكُونَ غيَر ذلِكَ أَرْفَقَ بِهم، وإذا كانَ الصَّيفُ فاسْفِرْ بالفَجْر فإنَّ اللَّيل قصِيرٌ فيدْرِكُها النُّوَّامُ، وصلِّ الظُّهر بَعَدَ ما يَتَنَفَّس الظلُّ وَتَبْردُ الرَّيَاحُ، وصلِّ العَصْرَ فِى وَسَطِ وَقْتِهَا، وَصلِّ المغْرِبَ إِذَا سَقَطَ القُرصُ، والعشاءَ إذا غابَ الشَّفق إلا أن يكُونَ غَيْر ذَلِكَ أرْفَقَ بِهم، وتَعاهَدُوا النَّاسَ بالتذكير واتْبِعُوا الْمَوعِظَةَ بالْمَوعِظَةِ فإِنَّه أَقْوى للعاملين عَلَى العمل بما يحِبُّ الله ولا تَخافُوا فِى الله لَوْمَةَ لائمِ واتقُوا الله الَّذِى إِليْه ترجَعُونَ، يَا مُعَاذُ: إِنى عَرْفتُ بِلاءَكَ في الدِّينِ، والَّذى ذَهبَ مِن مَالِكَ وَرَكِبَكَ مِنَ الدَّيْنِ، وَقَدْ طَيبْتُ لَكَ الهدية، فإنْ هُدِى إِليكَ شَئٌ فْاقبلْ".
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.