"عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ كَانَ أَبو بَكْرٍ في ناحِيةِ الْمَدِينَة، فَجَاءَ فَدَخلَ عَلَى رسُولِ الله ﷺ وَهُوَ مسجَّى، فَوَضَعَ فَاهُ عَلَى جَبِينِ رَسُول الله ﷺ فَجَعَلَ يُقَبِّلُهُ وَيَبْكِى وَيَقُولُ: بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، طِبْ حَيًا وطِبْ مَيَّتًا فَلَمَّا خَرَجَ مَرَّ بِعُمَر بْنِ الْخَطابِ وَهُوَ يَقُولُ: مَا مَاتَ رسُولُ اللهِ ﷺ وَلا يَمُوتُ حَتَّى يَقْتُلَ اللهُ الْمُنَافِقينَ، وَحَتى يُخْزِىَ اللهُ المُنَافِقِينَ، قَالَ: وَكَانُوا قَدِ اسْتَبْشَرُوا بِمَوْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ
فَرَفَعُوا رُءُوسَهُمْ فقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ ارْبِعْ عَلَى نَفْسِكَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَدْ مَاتَ، أَلَمْ تَسْمَع اللهَ يَقُولُ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}، قَالَ: ثُمَّ أَتَى المِنْبَر فَصَعِدَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ: إنْ كَانَ مُحَمَّدٌ إِلَهَكُمُ الّذِى تَعْبُدُونَ، فَإِنَّ إِلَهَكمُ مُحَمَّدٌ قَدْ مَاتَ، وإِنْ كَانَ إِلَهكَمُ الَّذِى في السَّمَاءِ، فَإِنَّ إِلَهَكمُ لَمْ يمتْ، ثُمَّ تَلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} حَتَّى خَتَمَ الآيَة، ثُمَّ نَزَلَ. وَقَدِ اسْتَبْشَرَ المُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، وَاشْتَدَّ فَرحُهُمْ، وَأُخِذَ الْمُنَافِقُونَ بِهِ، فَقالَ عبدُ اللهِ: فوالَّذِى نَفْسِى بِيَدهِ لَكَأَنَّمَا كَانَتْ عَلَى وُجُوهِنَا أَغطِيَةٌ فَكُشِفَتْ".