60. Actions > Mursal Aḥādīth (3/20)
٦٠۔ الأفعال > المراسيل ص ٣
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المدِينَةَ عَلَى الأَنْصَارِ مُهَاجِرا إِلَيْهَا وَجَّهَ الأنْصَارُ حُلَفَاءَ مِمن حَوْلَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ العَرَبِ وَبَيْنَهُمْ عَهْد وَعَقْد عَلَى مَنْ نَصَرَهُمْ وَعَلَى مَنْ قَاتَلَهُمْ مِنْ قَبَائِلِ العَرَبِ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، وَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ
يَبْرَؤُا إِلَيْهِمْ مِنْ حِلفِهِمْ، وَأَنْ يَأذَنُوهُمْ بِحَرْبٍ فَفَعَلُوا، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرَايَا إِلَى مَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ (أو استناء عنه فيما بينه وبين مكة إلى ما بينهم وبين مؤته من حِثْمَى جذام)، فبعث بضْعًا وَعِشْرِينَ سَرِيَّةً فِيهَا الرُّجُلُ يبعثه وأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِلَى مَا بَعَثَ مِنْ سَرِيَّةِ زَيْدِ بْن حَارِثَةَ بِمُؤْتَةَ فِى سِتَّةِ آلَافٍ".
"عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالقِرَاءَةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ".
"عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ أَخَّر الإفاضة (*) بَعْضَ التَّأخِير مِنْ
أجْلِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ذَهَبَ يَقْضِى حَاجَتَهُ، فَلَمَّا جَاءَ جاء غُلَامٌ أَفْطَسُ أَسْوَدُ قَالَ أَهْلُ اليَمَنِ مَا حُبسنَا بِالإفَاضَةِ اليْوَم إِلا مِنْ أَجْلِ هَذَا! ، قَالَ عُرْوَةُ: إِنَّمَا كَثُرَتِ (* *) اليَمَنُ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِىُّ ﷺ مِنْ أَجْلِ أُسَامَةَ".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قد تَجَهَّزَ لِلعَدُوِّ "للغزو" وَخَرَجَ ثَقَلَهُ إِلَى الحَرْبِ، فَأَقَامَ تِلْكَ الأَيَّام لِوجِع رَسُولِ اللَّه ﷺ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى "إلى" جَيْشٍ عَامَّتُهُم المُهَاجِرُونَ، فيهم عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ أَمَرَهُ رَسولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُغِيرَ عَلَى أَهْلِ مُؤْتَةَ، وَعَلَى جَانِبِ فلَسْطِين، حَيْثُ أُصيبَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَجَلَسَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى ذَلِكَ الجِذعْ، وَاجْتَمَعَ المُسْلِمُونَ يُسَلمُونَ عَلَيْهِ وَيَدْعُونَ لَهُ بِالعَافِيَة، فَدَعَا رَسولُ اللَّهِ ﷺ أُسَامَةَ بْنَ زَيْد فَقَالَ: اغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ -تَعَالَى- وَالنَّصْر وَالعَافِيَة، ثُمَّ اغْزُ حَيْثُ أمَرْتُكَ أَنْ تَغْزُو "تغير"، قَالَ: بِأبِى أَنْتَ "وأمى" قَدْ أصْبَحْتَ مُفِيقًا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّه -تَعَالَى- قَدْ شَفَاكَ فَائذَنْ لِى أَنْ أَمْكُثَ حَيثُ يَشْفِيكَ اللَّهُ -تَعَالَى- فَإِنِّى إِنْ خَرَجْتُ عَلَى هذِهِ الحَالَةِ خَرَجَتُ وفِى قَلبِى قُرْحَةٌ (*) مِنْ شَأنِكَ، وَأكْرَهُ أَنْ أَسْأَلَ عَنْكَ النَّاسَ فَسَكَتَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ وَقَامَ فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فَقَالَ: يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أمةً وَاحِدَةً، بَيْنِى وَبَيْنَ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ سَعْدُ بْنُ زَيْد بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ مِنَ الشامِ بَعْدَ مَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ بَدْرٍ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ، قَالَ: وَأجْرِى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَجْرُكَ".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَدِمَ طَلحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنَ الشَّامِ بعْدَ مَا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ بَدْرٍ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِى سَهْمِهِ، فَقَالَ: نَعْمَ لَكَ سَهمُكَ، فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمِهِ قَالَ: وَأَجْرِى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَأَجْرُكَ".
"عْنَ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَمَ النَّبِىُّ ﷺ بَيْنَ النَّاسِ قَسْمًا فَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مِدْرَاسٍ:
أتَجْعَلُ نَهْبِى وَنَهْبَ العَبِيدِ ... بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالأقْرَعِ
وَمَا كَانَ حِصْنٌ وَلَا حَابِسٌ ... يَفُوقَانِ مِدْرَاسَ فِى مَجْمِعٍ
وَلَقَدْ كُنْتُ فِى الحَرْبِ ذَا نذر ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ
وَمَا كُنْتُ دُوَن امْرِئٍ مِنْهُمَا ... وَمَنْ يضع اليَوْمَ لَا يُرْفَعِ
فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ : اذْهَبْ يَا بِلَالُ وَاقْطَعْ لِسَانهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أيُقْطَعُ لِسَانِى بَعْدَ الإِسْلَام يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ لَا أَعُودُ أَبَدًا، فَلَمَّا رَأَى بِلَالٌ جَزعَهُ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَأمُرْنِى أَنْ أَقْطَعَ لِسَانَكَ، أمَرَنِى أَنْ أَكْسُوكَ وَأُعْطِيكَ شَيْئًا".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: أَخَذَ العَبَّاسُ بَنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ بِيَدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ في العقبة حين وافاه السبعون من الأنصار فأخذ رسول اللَّهِ ﷺ وَاشْتَرَطَ لَهُ وَذَلِكَ وَاللَّهِ فِى غُرَّةِ الإِسْلَامِ وَأَوَّلِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ -تَعَالَى- أحَدٌ عَلَانِيَةً".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَقْدَ بَاتَ أَبُو أيُّوبَ لَيلَةَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّه ﷺ بَصفيةَ بِنْتِ حُيىٍّ فَبَاتَ قَرِيبًا مِنْ قُبَّتِهِ آخِذًا بِقَائم السَّيْف حَتَّى أصْبَحَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بُكْرةً كَبَّرَ أَبُو أَيُّوبَ حِيْنَ أَبْصرَ رَسولَ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلَهُ رَسولُ اللَّه ﷺ مَالَكَ يَا أبا أَيُّوبَ؟ قَالَ: لمَ أَرْقُدْ لَيْلَتِى هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ ﷺ : لِمَ يَا أبَا أَيُّوبَ؟ قَالَ: لَمَّا دَخَلتَ بِهَذِهِ المرْأَةِ ذَكرتُ أَنَّكَ قَتَلتَ أَبَاهَا، وَأَخَاهَا، وَزْوجهَا، وَعَامَّةَ عَشِيرَتِهَا، فَخِفْتُ لَعَمْرُو اللَّهِ أَن تَغْتَالَكَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ لَهُ مَعْرُوفًا".
"عَنْ عُرْوَةَ أَنْ عَبْدَ اللَّه بنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ، وَفِى لَفْظٍ، وجَعْفَرَ بْنَ الزُّبَيْرِ بَايَعَا النَّبِىَّ ﷺ وهُمَا ابْنَا سَبْع سِنِينَ، وَأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَا رآهُمْ تَبَّسمَ وَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعهُمَا".
"عنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَتَبَ إِلَى زُرْعَةَ بْنِ يُوسُفَ بْن ذِى يَزَن: بْسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيم، أَمَّا بَعْدُ: مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِىِّ إِلَى زُرْعَة بْنِ ذِى يَزَن، إِذَا أَتَاكُمْ رُسُلِى فأمُرُكُمْ بِهِمْ خَيْرًا: مُعَاذُ بن جَبلٍ، وَابْنُ رَوَاحَةَ، وَمَالِكُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ دِينَارٍ".
"عنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عن عروة بْنِ الزُّبَيرِ، وَفَاطِمَةَ بِنْت المُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمَا قَالَا: خَرَجَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِى بَكرٍ حينَ هَاجَرتْ، وَهِى حُبْلَى بَعْبد اللَّه بْنِ الزُّبَيرِ فَقَدِمَتْ قُبَاءَ فَنفسَتْ بِعَبْدِ اللَّه بِقُبَاءَ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ حِينَ نُفِسَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِيُحَنِّكَهُ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فوضعَهُ فِى حجْرِهِ، ثُمَّ دَعَا لَهُ بَتمرةٍ قَالَ: قالت: عَائِشَةُ فَمَكثنَا سَاعَةً فَالتَمَسَهَا فَلَمْ نَجِدْهَا، ثُمَّ مَضَغَهَا، ثُمَّ بزقها فِى فِيهِ قَالَ: أَوَّلُ شَىْءٍ دَخَلَ بَطنَهُ لَرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَتْ أَسْمَاءُ: ثُمَّ مَسَحَهُ وَصَلى عَلَيْهِ، وَسمَّاهُ عَبْدَ اللَّهِ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدُ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَو ثَمانٍ لِيُبَايع رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ، فَتَبَسمَ رَسُولُ اللَّه ﷺ حِينَ رآه مُقْبِلًا إِلَيْهِ ثُمَّ بَايَعَهُ".
"عنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بِنَ أَبِى بَكْرٍ كَانَ الَّذِى يَخْتَلِفُ بِالطَّعَام إِلَى النَّبِىِّ ﷺ وَأبِى بَكْرٍ وَهُمَا فِى الغَارِ".
"عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَامِر بْنُ فُهَيْرَةَ اسَتْقبَلهُمْ (*) هَدِيَّةُ طَلحَةَ إِلَى أَبِى بَكْر فِى الطَّرِيق فِيهَا ثِيابٌ بِيضٌ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بكر المدينة".
"عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ خرج إِلَى اليَمَنِ فَاشْتَرَى حُلَّةَ ذِى يَزَن، فقدم بها المدينة على رسول اللَّه ﷺ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَأهْدَاهَا له، فَرَدَّهَا رَسولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ: إِنَّا لَا نَقْبَلُ هَدِيةَ مُشْرِكٍ، فَبَاعَهَا حَكِيمٌ فَأمَر بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاشْترِيتْ لَهُ فَلَبسَهَا، فَلَما دَخَلَ فِيهَا المسْجدَ قَالَ حَكيمٌ: فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ فِيهَا كَالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَمَا مَلَكَتُ نَفْسى حِينَ رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ أَنْ قُلتُ:
مَا يَنْظُرُ الحُكَّامُ بِالحُكْم بَعْدَمَا ... بَدَا وَاضِحٌ ذُو غُرَّةٍ [وَحُجُولِ]
إِذَا وَاضَحُوهُ المَجْدَ أَرْبَى عَلَيْهِمُ ... بِمُسْتَفْرِعٍ مَاءَ الذنَابِ سَجِيلِ
فَضَحكَ رَسُولُ اللَّه ﷺ ".
"عَنْ زُهْرَةَ بْنِ سعيد [مَعْبَدٍ]، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ عُرْوَةُ: مَا تَرَكَ لَنَا فْضَلًا إِنَّ السَّلَامَ ابرالى [انْتَهَى إِلَى] وَبَرَكَاتُهُ".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رُقَيَّةَ بِنْتَ رَسُول اللَّه ﷺ تُوفِّيَتْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى بَدْرٍ وَهِى امْرَأَةُ عُثْمَانَ، فَتَخَلَّفَ عُثْمَانُ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيَدِ يَوْمَئِذِ فَبَيْنَاهُمْ يَدْفِنُونَهَا إِذْ سَمع عُثْمَانُ تَكْبِيرًا فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ! انْظُر هَذَا التَّكْبِيرَ، فَإِذَا زَيدُ بْنُ حَارِثَةَ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الجْدَعَاءِ يُبَشِّرُ بقَتْلِ أَهْلِ بَدْرٍ مِنْ المُشْرِكينَ، فَقَالَ المُنَافِقُونَ: لَا، واللَّهِ مَا هَذَا بِشئٍ، مَا هَذَا إِلَّا بَاطِل، حَتَّى جِئَ بِهِمْ مُصفدينَ مَغللينَ".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَسَرَ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ فَرآهُ بِلَال فَقَتَلَهُ".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذا رَأى أُحُدًا قَالَ: هَذَا جَبَل يُحِبُّنَا وَنُحَبُّهُ".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ صَافَّ المُشرِكِينَ يَوْمَ الخَنْدقِ، وَكانَ يَوْمًا شَدِيدًا لَمْ يَلقَ المسْلِمُونَ مِثْلهُ قَطُّ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَهُ جَالِسٌ وَذَلِكَ زَمَانَ طَلع النَّخل، وَكانُوا يَفْرَحُونَ بِهِ فَرحًا شَدِيدًا؛ لأنَّ عَيْشَهُمْ فِيهِ، فَرَفَعَ أبُو بَكْرٍ رَأسَهُ فبَصُرَ بِطَلعَةٍ وَكَانَتْ أَوَّلَ طَلعَةٍ رُئِيَتْ، فَقَالَ: هَذَا -بِيدِهِ- طَلعَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِن الفرح، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِليْهِ فَتَبسَّمَ وَقَالَ: اللهُمَّ لَا تَنزِعْ مِنَّا صَالِحَ مَا أعْطَيتَنَا أو صَالِحًا أَعْطَيْتَنَا".
"On the authority of Urwah, he said: The Messenger of Allah ﷺ said on the Day of Quraizah: War is deception."
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه ﷺ يَوْمَ قُرَيْظَةَ: الحَربُ خُدْعَة".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فِى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه ﷺ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مَسْعُودٌ، وَكَانَ نمامًا فَلَمَّا كَانَ يَومُ الخَنْدَقِ بَعَثَ أَهَلُ قُرِيظةَ إِلَى أَبى سُفْيَانَ أن ابْعَثْ إِلَينَا
رَجُلًا يَكُون فِى آطَامِنَا حَتَّى نُقَاتِلَ مُحمدًا مِمَّا يَلى المدِينَةَ، وتُقَاتِلَ أنت مِمَّا يَلى الخَنْدَقَ، فَشَقَّ ذَلِكَ على النَّبِىِّ ﷺ أَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَجْهَيْن، فَقَالَ لِلمَسْعُودِ: يَا مَسْعُود! إنا نَحنُ بَعَثْنَا إِلَى بنى قُرَيظَة أَنْ يُرسِلُوا إِلَى أَبِى سُفْيَانَ فَيُرسِل إِلَيهمْ رِجَالًا، فإِذَا أَتوهُم [قَتَلُوهُمْ] قال: فما عدا أَنْ سمع ذَلِكَ مِن النَّبِىِّ ﷺ فَمَا تَمَالَكَ حَتَّى أَتَى (أَبَا) سُفْيَانَ فأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: صدَقَ واللَّهِ مُحَمدٌ، مَا كَذَبَ قطُّ وَلَمْ يَبْعَث إِلَيهم أحدًا".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ يَومَ الخندقِ: مَنْ رَجُل يَذْهَبُ فَيَأَتِينَا بِخَبر بَنِى قُريظَةَ؟ فَرَكِبَ الزُّبَيرُ فجاءه بِخَبَرِهِمْ، ثمَّ عَادَ فَقَالَ ثَلَاثَ مَراتٍ: مَنْ يَجِيئُنِى بخَبَرهِمْ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: نَعَمْ، قَالَ: وجَمَعَ النَّبِىُّ ﷺ لِلزُّبيرِ أَبويهِ، فَقَالَ: [فِدَاكَ أَبِى وَامِّى، وَقَالَ لِلزُّبَيرِ: لِكُلِّ نَبىٍّ حَوارِىٌّ وَحَوَارِيِّى الزُّبيرُ ابْنُ عَمَّتِى".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَرَدُّوا الحُكْمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَحَكَم فِيهم سعد بْنُ مُعَاذ أَنْ تُقْتَلَ مقاتلهم، وتُسْبَى النِّسَاءُ والذُّرِّيَّةُ، وَتُقَسَمَ أَمْوَالُهُمْ، فَأُخْبرِتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِم بِحُكم اللَّهِ -تَعَالَى-".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ عَلَى بَاب عَائشة سِتْرٌ فيه تَصَاوِيرُ، فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ : يَا عَائِشَةُ! أَخِّرِى هَذَا، فإِنِّى إِذَا رَأيتُه ذَكْرتُ الدُّنْيَا".
"عَنْ عُرْوَةَ: فِى نُزُولِ النَّبِىِّ ﷺ بِالحُدِيبيةِ قَالَ: وَفزعَتْ قُرَيْشٌ لِنُزُولِهِ عَلَيْهِمْ، فأحب رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهم رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَعَا عُمَرَ ابْنَ الخَطَّابِ ليبعَثَهُ إِلَيْهم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّى لألعنهُمْ وَلَيْسَ أَحَد بِمَكَّةَ مِنْ بَنِى كَعبٍ يَغْضَبُ لِى إِنْ أوذِيْتُ، فَأرسِلْ عثمَانَ [فَإِنَّ] عَشِيرَتَهُ [بِهَا] وإِنَّهُ يبلغُ لَكَ مَا أَرَدْتَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَأرْسَلَهُ إِلَى قُرَيْشٍ وَقَالَ: أخبِرهُمْ أَنَّا لَمْ نَأْتِ لِقتَالٍ وإِنَّمَا جِئْنَا عُمَّارًا، وادعُهُمْ إِلى الإِسلَام، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأتِى رِجَالًا بِمَكَّةَ مُؤْمِنِينَ وَنسَاءً مُؤْمِنَات فَيدْخُلَ عَلَيْهِم وَيبشِّرهُم بِالفَتْحِ، وَيُخْبِرهُم أَنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- جَل ثَنَاؤُه وَشيكٌ أَنْ يظهِرَ دينهُ بِمَكَّةَ حَتَّى لا يستخفى فِيهَا بِالإِيمَان تثبيتًا يثبتهم، قَالَ فانْطَلَقَ عُثْمَانُ فَمرَ عَلَى قُرَيْشٍ
"ببلدح" (*)، فَقَالت قُرَيشٌ: أَيْنَ؟ فقال: بَعَثَنى رسولُ اللَّهِ ﷺ إِليكُمْ لأدعُوَكُمْ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- جَلَّ ثَنَاؤُه، وَإلَى الإِسْلَامِ، ويُخبركُم أَنَّا لَمْ "نأت" لقِتَالِ أَحَدٍ وَإِنَّا جِئْنَا عمَّارًا، فَدَعَاهُم عُثمَانُ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: قْد سَمِعْنَا مَا تَقُولُ فَانْفُذْ لِحَاجَتكَ، وقَامَ إِلَيْه أَبَانُ بن سَعيد بْنِ العَاصِ فَرَحَّبَ بِهِ، وَأَسرجَ فَرَسَهُ، فَحَملَ عُثْمَانَ عَلَى الفَرَسِ فَأجَارَهُ وَرَدفهُ أَبَانُ حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ، ثُمَّ إِنَّ قُريشًا بَعثُوا بُديْلَ بْنَ ورْقَاءَ الخُزَاعىَّ وَأَخَا بَنِى كنَانَةَ، ثُمَّ جَاءَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثقفىُّ فَذكرَ الحَدِيثَ بِمَا قَالُوا وَقِيلَ لهُم، وَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ وَقَالَ: إِنَّمَا جَاءَ الرَّجُلُ وَأصْحَابُهُ عُمَّارًا فَخَلُّوا بَيْنَه وبَيْنَ البَيْت فْلَيطُوفُوا، فَشَتَمُوهُ، ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيشٌ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرو، وحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ العُزَّى وَمكرزَ بْنَ حَفْصٍ يُصْلِحُوا عَلَيْهم، فَكَلَّموا رَسُولَ اللَّه ﷺ ودَعَوْهُ إِلَى الصُّلحِ وَالمُوَادَعَة، فَلَمَّا لَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وهم عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَسْتَقَم لَهُمْ مَا يَدْعُونَ إِلَيْهِ مِنَ الصُّلْح، والموادعة، وقد أمر بعضهم بعضًا وتزاوروا فبينما هُمْ كَذَلِكَ وَطَوَائِفُ من المُسْلِمِين فِى المُشْرِكِينَ لَا يخَافُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ينتظِرُونَ الصُّلحَ والهُدْنَةَ إذ رَمَى رَجُلٌ مِنْ أَحَدِ الفَرِيقَينِ رَجُلًا مِن الفَرِيق الآخَرِ فَكَانَتْ معركةٌ، وَتَرَامُوا بِالنَبْلِ والحجَارة، وَصاح الفريقانِ كلاهُمَا، وارتَهَنَ كُلُّ واحِد مِن الفرِيقين مَنْ فِيهِمْ، فَارْتَهَنَ المسِلمُون سُهَيْل بْنَ عمرو وَمَنْ أَتَاهُم من المشركين وارتهن المشركون عثمان بن عفان ومن كان أتاهم مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ ﷺ وَدَعَا رسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى البَيْعَةِ، ونادى مُنَادِى رَسُول اللَّهِ ﷺ أَلَا إِنَّ رُوحَ القُدُس قَدْ نَزَلَ عَلَى
رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَمَرَهُ بِالبَيْعَةِ، فَاخْرُجُوا عَلى اسْم اللَّهِ فبَايعُوا، فَثَارَ المسْلِمُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُو تَحْتَ الشجَرة فَبَايَعُوهُ عَلَى أَنْ لَا يفرُّوا أَبدًا، فرغبهم اللَّه -تَعَالَى- فَأرْسَلُوا مَنْ كَانُوا قَدِ ارتَهَنُوا وَدَعُوا إِلَى المُوَادَعَةِ وَالصُّلحِ، وَذَكَرَ الحَدِيثَ فِى كيْفيةِ الصُّلْحِ والتحَلُّلِ مِنَ العُمْرَة، قَالَ: وَقَالَ المسْلِمُونَ وهُمْ بِالحُديْبيَةِ قْبَل أَنْ يَرْجعَ عُثْمَانُ خَلَصَ عُثْمَانُ مِنَ بيْنِنَا إِلَى البيتِ، فَطَافَ بِه، فَقَال رَسُولُ اللَّه ﷺ : مَا أَظُنُّهُ طَافَ بالبَيْتِ وَنَحْنُ مُحْصَرُونَ، قَالُوا: وَمَا يَمْنَعُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ خَلَصَ؟ قَالَ: ذَاكَ ظنَى بِه أَنَّهُ لَا يَطُوفُ بِالكَعْبَةِ حَتّى يَطُوفَ مَعَنَا، فَرَجَعَ إِليهم عُثمَانُ، فَقَالَ المسْلِمُونَ: اشتفيْتَ يَا أبَا عَبْدِ اللَّه مِنَ الطَّوَافِ بِالبيتِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: بِئْسمَا ظَنَنْتُمْ بِى، فَوَالذِى نَفْسِى بَيدِهِ لَوْ مَكَثْتُ بِهَا مُقِيمًا سَنَةً وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مقيم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف بها رسول اللَّه ﷺ وَلَقَدْ دَعتْنى قُريْشٌ إِلَى الطَّوافِ بِالبيتِ فَأبَيْتُ، فَقَالَ المُسْلِمونَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كَانَ أَعْلَمَنَا باللَّه وَأَحْسَنَنَا ظَنّا".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ بِلَالًا أَذَنَ يَوْمَ الفَتْح فَوْقَ الكَعْبَةِ".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ اعْتَمَر عَامَ الفْتح مِنْ الجِعْرَانَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى مَكَّةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ المَناسِكَ، وَأَنْ يُؤَذِّنَ فِى النَّاسِ: مَنْ حَجَّ العَامَ فَهُوَ آمِنٌّ، ولا يحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشرِك، وَلَا يطوفُ بِالبيْتِ عُرْيانٌ".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ كَانَ قَطَعَ بعثًا قِبَلَ مُوْتَةَ وَأمَّرَ عليْهم أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَفِى ذَلِكَ البَعْثِ أَبُو بَكْر وَعُمَرُ فَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يطْعَنُونَ فِى ذَلِك لِتَأميرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أُسَامَةَ عَلَيْهِمْ، فَقَامَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ فَخطبَ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ أُنَاسًا قَدْ طَعَنُوا عَلَىَّ فِى تَأمِيرِ أُسَامَةَ كَمَا طَعنُوا فِى تأمير أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا للإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وإنَّ ابْنَهُ مِنْ أحَبِّ النَّاسِ إِلَى مِنْ بَعْدِهِ، وَإنِّى لأرجو أَنْ يَكُونَ مِنْ صَالِحيكُمْ، فَاسْتَوْصُوا بِه خَيْرًا".
"عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ النِّمِرةِ مِنْ نَجْدٍ، أمِيرُهُمْ ثابِتُ بْنُ أقرم، فَأُصِيبَ فْيَها ثَابِت بنُ أقرم".
"عَنْ عُرْوَة قَالَ: كَانَ يُقَالُ: أَزْهَدُ النَّاسِ فِى عَالِمٍ أَهْلُهُ".
"أَخَبَرنِى الوليدُ بنُ مُسْلِم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن لَهِيعَة، عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَال: ثُمَّ غَزْوَةُ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ ذَات السَّلاسل مِنْ مَشارِقِ الشام، بَعَثُه رسولُ اللَّهِ ﷺ فِى بلى وَهُمْ أَخْوَالُ العاصِ بْنِ وَائِلٍ، وبعثه رسُولُ اللَّهِ ﷺ فِيمنْ يَلِيهِم مِن قضاعة وَأَمَّرَه عَلَيْهِم، فَخَافَ عَمْرُو مِنْ جَانِبِه الَّذِى هُوَ به، فَبَعَثَ إِلَى رسُولِ اللَّهِ ﷺ يَسْتَمِدُّه، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ عَمْرو عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَسْتَمِدُّه نَدَبَ لَهُ المهاجِرِينَ، فانتدب أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ (*)، فِى سُرَاةٍ مِن المهُاجِرين، وَأَمَّرَ عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَّراحِ، ثُمَّ أَمَدَّ بِهِمْ عَمْرو بْنَ العَاصِ وَعَمْرُو يؤمئذِ فِى سَعةِ اللَّهِ -تَعَالَى- وَتِلْكَ النَّاحية مِنْ قُضَاعَة، فَلَمَّا قَدمَ مَدَدُ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِن المهَاجِرِينَ الأولِينَ، وأَمِيرُهُمْ أَبُو عبيَدةَ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ عَمْرٌو: أَنَا الأميرُ، وإِنَّمَا أَرْسَلْتُ إِلَى رسُول اللَّهِ ﷺ أَسْتَمِدةُ فَأَمَدَّنِى بِكُمْ، قَالَ المهاجرونَ: أَنْتَ أَمِيرُ أصْحَابِكَ، وَأَبُو عبيدَةَ أَمِيرُ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ عَمْرٌو: إِنَّمَا أَنْتُمْ مَدْدٌ مُدِدْتُ بِهِ فَأَنَا الأَمِيرُ، فَلَمَّا رَأَى أبُو عُبيْدَة ذَلِكَ، وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الخلقِ ليِّنَ الشيمةِ قَالَ: إن آخِرَ مَا عَهِدَ إِلَىَّ رسولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ عَلَى عَمْرٍو فتطاوعا، وإِنَّكَ واللَّهِ إِنْ عصيتنِى لأُطِيعَنَّكَ، فَسَّلَم أَبُو عُبَيْدَة لِعَمْرِو بْنِ العَاصِ".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَا فَتَحَ اللَّهُ -تَعَالَى- خَيْبَر عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْهُم، أَهْدَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ الحْارثِ اليَهُودِيَّةُ، وَهِىَ بِنْت أَخِى مَرْحَبٍ شَاةً مَصْلِيَّةً وسمَّته فِيهَا وَأَكثَرتْ فِى الكَتِفِ والذِّرَاع حِينَ أُخْبِرَتْ أَنَّهُمَا أَحَبُّ أَعْضَاءِ الشَّاةِ إِلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَعَه بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بن مَعْرُورٍ أَخُو بنى سَلمَة قدمَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَتَنَاوَلَ الكَتِفَ والذِّرَاعَ، فَانْتَهَشَ مِنْهُمَا، وَتَنَاوَل بِشْرٌ عَظْمًا آخَرَ فَانْتَهشَ مِنْهُ، فَلَمَّا أرَغم (*) رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا فِى فِيهِ أرْغَمَ بِشْرٌ ما في فِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ فإِنَّ كتفَ الشَّاةِ يُخْبِرُنِى أَنِّى قَدْ بغيت فِيهَا، فَقَالَ بِشْرُ ابْنُ الْبَرَاءِ: والَّذى أَكرَمكَ لَقَدْ وَجَدْتُ ذَلِكَ فِى أَكلَتِى التى أكلتُ وَلَمْ يَمْنَعنى أَنْ أَلْفِظَهَا إِلا أَنِّى كَرِهتُ أَنْ أنغصك طَعَامَكَ، فَلَمَّا أَكَلتَ مَا فِى فِيكَ لم أَرْغَبْ بِنَفْسِى عَنْ نَفْسِكَ، وَرَجَوْتُ أن لَا تَكُونَ رغمتها وَفِيهَا بَغْىٌ، فَلَمْ يَقُمْ بِشْرٌ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى عَادَ لَوْنُهُ كَالطَّيْلَسَانِ وما طله وَجَعُهُ حَتَّى كَانَ لا يَتَحَوَّلُ إِلَّا مَا حُوِّلَ وَبَقَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْدِ ثَلَاثَ سِنِيْنَ حَتَّى كَانَ وَجَعهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ".
"حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْحُدَيبِيَةِ وَكَانَتِ الْحُدَيْبِيةُ فِى شَوَّال، فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفَانَ لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى كَعْبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إنَّا تَرَكْنَا قُرَيْشًا وَقَدْ جَمَعَتْ أَحَابِيشَها تُطعِمُهَا الْخَزِيرَ يُريدُونَ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى إِذَا تبرز عفان لَقِيَهُمْ خَالِدُ ابْنُ الوليد طليعةً لِقُرَيْشٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هلم هَهُنَا فَأَخَذَ سَرْوَعَتَيْنِ -يَعْنِى بَيْنَ شَجَرتَيْنِ وَمالَ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ- حَتَّى نَزَلَ الْغَمِيمَ فَلَمَّا نَزَلَ الْغَمِيمَ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى- وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِما هُوَ أهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعَتْ لَكُمْ أَحابِيشَهَا تُطعِمُهَا الْخِزيرَ يُريدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ، فَأَشِيرُوا عَلَىَّ بِمَا تَرَوْنَ. أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الرَّأس -يَعْنِى أَهْلَ مَكَّةَ أَمْ تَروْنَ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الرَّأس- يَعْنِى أَهْلَ مَكَّةَ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ تَعْمِدوا إِلَى الَّذِينَ أخافوهم فَتخالِفُوهُمْ إِلَى نِسَائهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ، فَإِنْ جَلَسُوا جَلَسُوا مَوتورينَ مَهْزُومِينَ، فَإِنْ طَلَبُونَا طَلَبُونَا طَلَبًا مُتَدَارِيًا ضَعِيفًا فَأخْزَاهُمُ اللَّهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنْ تَعْمِدْ إِلَى الرَّأسِ فَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- مُعِينُكَ وَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- نَاصِرُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ مُظهِرُكَ، قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ وَهُوَ فِى رَحْلِهِ إِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ لا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِنَبِيِّهَا: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى إِذَا غَشِى الْحَرَمَ وَدَخَلَ أَنْصَابَهُ بَرَكَتْ نَاقَتُهُ الْجَدْعَاءُ فَقَالُوا: خَلأَتْ، فَقَالَ: واللَّهِ مَا خَلأَتْ وَمَا الْخَلأ
بِعَادَتِهَا، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ عَنْ مَكَّةَ، لَا تَدْعُونِى قُرَيْشٌ إِلِى تَعْظِيمِ الْمَحَارِمِ فيسبقونى إليها، هلم هاهنا لأصْحَابِهِ- فَأَخَذَ ذَاتَ اليمين فِى ثَنِيَّةٍ تُدْعَى ذَات الْحَنْظَل حَتَّى هَبَطَ عَلَى الْحُديبيةِ، فَلَمَّا نَزَلَ اسْتَسْقَى النَّاسُ مِنَ الْبِئْرِ فَنُزِفَتْ، وَلَمْ تَقُمْ بِهِمْ، فَشَكَوا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُمْ سَهْمًا مِنْ كنَانَتِهِ فَقَالَ: اغْرِزُوهُ فِى الْبِئْرِ، فَغَرَزُوهُ فِى الْبِئْرِ فَجَاشَتْ وَطَمَا مَاؤهُا حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ، فَلَمَّا سَمِعْتْ بِهِ قَرُيِشٌ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَخَا بَنِى حُلَيْسٍ وَهُمْ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْى، فَقَالَ: ابْعَثُوا الْهَدْى، فَلَمَّا رَأَى الْهَدِى لَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً، فَانْصَرَفَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا قَوْمُ: الْقَلَائِدُ، وَالْبُدْنُ، وَالْهَدْىُ، فحذرهم وعظم عَلَيْهِم، فَسَبَّوه وَتَجَهَّمُوهُ وَقَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِىٌّ جِلفٌ لَا يُعْجَبُ مِنْكَ، وَلَكِنَّا نَعْجَبُ مِنْ أَنْفُسِنَا إِذْ أَرْسَلنَاكَ، اجْلِسْ، ثُمَّ قَالُوا لِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: انْطَلِقْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَلَا تُؤْتَيَنَّ مِنْ وَرَائِكَ، فَخَرجً عُرْوَةُ حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا رَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ سَارَ إِلَى مِثْل مَا سَرْتَ إِلَيْهِ، سِرْتَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ إِلَى عِتْرتِكَ وبيضتك التَّى تفلقت عَنْكَ لِتُبِيدَ خضراءها، تَعْلَمُ أنِّى قَدْ جِئْتكَ مِنْ عِنْدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَىٍّ، وَعَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ قَدْ لَبِسُوا جُلُود النُّمُورِ عِنْدَ الْعُوذِ المطَافِيلِ يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ -تَعَالَى- لَا تَعْرِضُ لَهُمْ خُطَّةً إِلَّا عَرَضُوا لَكَ أَمرَّ مِنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : إِنَّا لَمْ نأتِ لِقِتَالٍ، وَلِكنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَقْضِى عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرَ هَدْيَنَا، فَهَلَ لَكَ أَنْ تَأْتِى قَوْمَكَ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ قتبٍ، وَإِنَّ الحَرْبَ قَدْ أَخَافَتْهُمْ وَإِنَّهُ لَا خَيْرَ لَهُمْ أَنْ تَأكُلَ الْحَرْبُ مِنْهُمْ إِلَّا مَا قَدْ أَكَلتْ، فَيُخَلُّونَ بَيْنِى وبَيْنَ الْبَيْتِ فَنقْضِى عُمْرَتَنَا، وَتَنْحَرُ هَدْيَنَا،
وَيَجْعَلُونَ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً تُزيلُ فِيهَا نِسَاؤُهُمْ، وَيَأمَنُ فِيهَا سِرْبُهُمْ، ويخلون بَيْنِى وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنِّى وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الأَمْر الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يُظهِرَنِى اللَّهُ -تَعَالَى- أَوْ تَنْفَردَ سَالِفَتِى فَإِنْ أَصَابَنِى النَّاسُ فَذَاكَ الَّذِى يُرِيدُونَ، وَإِنْ أَظْهَرَنِى اللَّهُ -تَعَالَى- عَلَيْهِمْ، اخْتَارُوا: إِمَّا قَاتَلُوا مُعدينَ، وَإِمَّا دَخَلُوا فِى السِّلم وَافرِينَ، قَالَ: فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ قَوْمٌ أَحَبُّ إِلَى مِنْكُمْ، إِنَّكُمْ لإِخْوَانِى وَأَحَبُ النَّاسِ إِلَىَّ، وَلَقَد اسْتَنْصَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِى الْمَجامِع فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكُمْ، أَتَيْتُكُمْ بِأَهْلِى حَتَّى نَزَلْتُ مَعَكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أَواسِيَكُمْ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ الْحَيَاةَ بَعْدَكُمْ، تَعْلَمُن أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ عَرَضَ نَصفًا فَاقْبَلُوهُ، تَعْلَمُنَّ أَنّى قَدِمْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَرَأَيْتُ الْعُظَمَاءَ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ -تَعَالَى مَا رَأَيْتُ مَلِكًا وَلا عَظِيمًا أَعْظَمَ فِى أَصْحَابِهِ مِنْهُ، لَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَهُ رَجُلٌ حَتَّى يَسْتَأذِنَهُ، قَالَ: فَإِنْ هُوَ أَذِنَ تَكَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَأذَنْ لَهُ سَكَتَ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضَّأ فيبتدرونَ وضُوءَهُ يَصُبُّون عَلَى رَءُوسِهِمْ يَتَّخِذُونَهُ حنانًا فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ومكرزَ بْنَ حَفْصٍ، فَقَالَوَا: انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فَإِنْ أَعْطَاكُمْ مَا ذَكَرَ عُرْوَةُ فَقَاضِياهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عامهُ هَذَا عَنَّا وَلَا يَخْلُصَ إِلَى الْبَيْتِ حتِّى يَسْمَعَ مَنْ يَسْمَعُ بِمَسِيرِهِ مِنَ الْعَرَبِ أَنَّا قَدْ صَدَدْنَاهُ، فَخَرَجَ سُهَيْلٌ ومكرزُ حَتَّى أَتَيَاهُ وَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَأَعْطَاهُمَا الَّذِى سَأَلَا، فَقَالَ: اكْتُبُوا بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، قَالُوا: وَمَا نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا قَالَ: فَكَيْفَ قَالُوا نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، قَالَ وَهَذِهِ فَاكْتُبُوهَا فَكَتَبُوهَا قَالَ: اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: وَاللَّهِ
مَا نَخْتَلِفُ إِلَّا فِى هَذِا، فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ فَقَالُوا: إِنْ شِئْتَ فَاكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: وَهَذِهِ حَسَنَةٌ فَاكْتبُوهَا فَكَتَبُوهَا وَكَانَ فِى شَرْطِهِمْ إِنَّ بْيَنَنَا لَلْعَيْبَةَ المكْفُوفَةَ (*)، وَأَنَّهُ لَا إِغْلَالَ، وَلَا إسْلالَ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: الأغْلَالُ: الدُّرُوعُ، وَالأَسْلَالُ: السُّيُوفُ -وَيَعْنِى بِالعَيْبَةِ الْمَكْفُوفَةِ أَصْحَابَهُ يُكُّفُهمْ عَنْهُمْ، وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، وَمَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَنْ دَخَلَ مَعِى فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِى، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَنْ مَعَنَا فَهُوَ مِثْلُ شَرْطِنَا، فَقَالَتْ بَنُو كعْبٍ: نَحْنُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَت بَنُو بَكْرٍ: نَحْنُ مَعَ قُرَيْشٍ، فَبَيْنَاهُمْ فِى الْكِتَابِ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَرْسُفُ فِى الْقُيُودِ، فَقَالَ الْمُسْلُمونَ: هَذَا أَبُو جَنْدَلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ لِى، وَقَالَ سُهَيْلٌ: أقْرأ الْكِتَابَ، فَإِذَا هُوَ لِسُهَيْلٍ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا مَعْشَر الْمُسْلِمينَ أُرَدُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا جَنْدَلٍ هَذَا السَّيْفُ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَرَجُلٌ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَعَنْتَ عَلَىَّ يَا عُمَرُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِسُهَيْلٍ: هَبْهُ لِى، قَالَ: لَا، قَالَ: فَأَجِرْهُ لِى: قَالَ: لَا، قَالَ مكرزٌ: قَدْ أَجَرْتُهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ، فَلَمْ يبحْ".
"حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الحُدَيْبِيَةِ وَكَانَتِ الحُدَيْبِيَةُ فِى شَوَّال، فَخَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِعسْفَانَ لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِى كَعْبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا تَرَكْنَا قُرَيْشًا وَقَدْ جَمَعَتْ أَحَابِيشَهَا (*) تُطعِمُهَا الخَزيرَ يُريدونَ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنِ البيتِ، فَخَرَجَ رَسُول اللَّهِ ﷺ حَتَّى إِذا تَبَرَّزَ عسْفَان لَقِيَهُمْ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ طَلِيعَةً لِقُرَيْشٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ : هَلُمَّ هَهُنَا فَأَخَذَ بَيْنَ سروعتين -يَعْنِى بَيْنَ شَجَرَتَيْن وَمَالَ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ- حَتَّى نَزَلَ الغَمِيمَ فَلَمَّا نَزَلَ الغَمِيمَ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّه -تَعَالَى- وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعَتْ لَكُمْ أَحَابِيشَهَا تُطعِمُهَا الخَزِيرَ يُريدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ البَيْتِ، فَأَشِيرُوا عَلَىَّ بِمَا تَرَوْنَ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الرَّأسِ -يَعْنِى أَهْلَ مَكَّةَ- أَمْ تَرَوْنَ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَتُخَالِفُوهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ، فَإِنْ جَلَسُوا جَلَسُوا مَوْتُورِينَ مَهْزُومِينَ، فَإِنْ طَلَبُونَا طَلَبُونَا طَلبًا مُتَدَارِيًا ضَعِيفًا فَأَخْزَاهُمُ اللَّهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ تَعْمِدْ إِلَى الرَّاسِ فَإِنَّ اللَّه -تَعَالَى- مُعِينُكَ وَإِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- نَاصِرُكَ، وَإِنَّ اللَّهَ مُظهِرُكَ، قَالَ المِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ وَهُوَ فِى رَحْلِهِ إِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بنُو إِسْرَائِيلَ لِنَبَيِّهَا: اذهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى
إِذَا غَشِى الحَرَمَ وَدَخَلَ أَنْصَابَه بَرَكَتْ نَاقَتُهُ الجَدْعَاءُ فَقَالُوا خَلأَتْ، فَقَالَ: وَاللَّه مَا خَلأَتْ وَمَا الْخَلأُ بعَادَتِهَا، وَلَكِن حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيكِ عَنْ مَكَّةَ، لَا تَدْعُونِى قُرَيْشٌ إِلَى تَعْظِيم المَحَارِمِ فَيَسْبِقُونِى إليها هَلُمَّ هَهُنَا -لأَصْحَابِهِ- فَأَخَذَ ذَاتَ اليمين في ثنية تدعى ذات الحَنْظَلِ [حَتَّى] هَبَطَ عَلَى الحُدَيْبِيةِ، فَلَمَّا نَزَلَ اسْتَسْقَى النَّاسُ مِنَ البِئْرِ فَنزفَتْ وَلَمْ تَقُمْ بِهِمْ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَأَعْطَاهُمْ سَهْمًا مِنْ كنَانَتِهِ، فَقَالَ: اغْرِزُوهُ فِى البِئْرِ، فَغَرَزُوهُ فِى البِئْرِ فَجَاشَتْ وَطَمَا مَاؤهُا حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ، فَلَمَّا سَمِعْتْ بِهِ قَريشٌ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَخَا بَنِى حُلَيْسٍ وَهُمْ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الهَدْى، فَقَالَ: ابْعَثُوا الهَدْى، فَلَمَّا رَأَى الهَدْى لَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً، فَانْصَرَفَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا قَوْمُ القَلَائِدُ، والبُدْنُ، وَالهَدْىُ، فَحَذَّرَهُمْ وَعَظَّمَ عَلَيْهِمْ، فَسَبُوهُ وَتَجَهَّمُوهُ، وَقَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِىُّ جِلفٌ لَا نعْجَبُ مِنْكَ، وَلَكِنَّا نَعْجَبُ مِنْ أَنْفُسِنَا إِذْ أَرْسَلْنَاكَ، اجْلِسْ. ثُمَّ قَالُوا لِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: انْطَلِقْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَلَا تُؤْتَيَنَ مِنْ وَرَائِكَ، فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مَا رَأيْتَ رَجُلًا مِن العَرَب سَارَ إِلَى مِثْل مَا سِرْتَ إِلَيْهِ، سِرْتَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ إِلَى عِتْرَتِكَ وبيضتك الَّتِى تَفَلَّقَتْ عَنْكَ لِتُبِيدَ خَضْرَاءهَا، تَعْلَمُ أَنِّى قَدْ جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَىٍّ، وَعَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ عِنْدَ العُوذِ المطَافِيلِ يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ -تَعَالَى- لا تَعْرِضُ لَهُمْ خطَّةً إِلَّا عَرَضُوا لَكَ أَمرًا مِنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : إِنَّا لَمْ نَأتِ لِقِتَالٍ وَلَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَقْضِى عُمْرَتَنَا وننحر هَدْيَنَا، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَأتِى قَوْمَكَ فَإِنَّهُمْ أَهْلُ قَتَبٍ، وإِنَّ الحَرْبَ قَدْ أَخَافَتْهُمْ وَإِنَّهُ لَا خَيْرَ لَهُمْ أَنْ تَأكُلَ الحَرْبُ مِنْهُمْ إِلَّا مَا قَدْ أَكَلَتْ، فَيُخَلُّونَ بَيْنِى وَبَيْنَ البَيْتِ فَنَقْضِى عُمْرَتَنَا، وَنَنْحَرُ
هَدْيَنا، ويَجْعَلُونَ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً تُزِيلُ فِيهَا نِسَاؤهُمْ، وَيَأَمَنُ فِيهَا سِرْبُهُمْ، وَيخَلُّونَ بَيْنِى وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنِّى وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الأمْرِ الأَحْمَرَ وَالأَسْوَدَ حَتَّى يظهرنى اللَّهُ -تَعَالَى- أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَنِى، فَإِنْ أَصَابَنِى النَّاسُ فَذَاكَ الَّذِى يُرِيدُونَ، وَإِنْ أَظْهَرَنِى اللَّهُ -تَعَالَى- عَلَيْهِمْ، اخْتَارُوا: إِمَّا قَاتَلُوا معدين، وَإمَّا دَخَلُوا فِى السِّلم وافرينَ، قَالَ: فَرَجَع عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ قَوْمٌ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْكُمْ، إِنَّكُمْ لإِخْوَانِى وأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَلَقَدِ اسْتَنْصَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِى المَجَامِع فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكمْ، أَتَيْتُكُمْ بِأَهْلِى حَتَّى نَزَلْتُ مَعَكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أُوَاسِيكُمْ، وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ الحَيَاةَ بَعْدَكمْ تعلمن أن الرجل قد عرض نصفًا فأقبلوه تَعْلَمُنَّ أَنِّى قَدِمْتُ عَلَى المُلُوكِ، وَرَأَيْتُ العُظَمَاءَ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ -تَعَالَى- مَا رَأَيْتُ مَلِكًا وَلَا عَظِيمًا أَعْظَمَ فِى أَصْحَابِهِ مِنْهُ، لَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَهُ رَجُلٌ حَتَّى يَسْتَأذِنَهُ، قَالَ: فَإِنْ هو أَذِنَ تَكَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَأذَنْ لَهُ سَكَتَ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضُّأُ فَيَبْتَدِرُونَ وضُوءَهُ ويَصُبُّونه عَلَى رؤُوسِهِمْ يَتَخِذُونَهُ حَنَانًا فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، ومكرز بْنَ حَفْصٍ، فَقَالُوا: انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فَإِنْ أَعْطَاكُمْ مَا ذَكَرَ عُرْوَةُ [فَقَاضِياهُ] عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ هَذَا عَنَّا وَلَا يَخْلُصَ إِلى البَيْتِ حَتَّى يَسْمعَ مَن يسْمَعُ بِمَسِيرِهِ منَ العَرَبِ أَنَّا قَدْ صَدَدْنَاهُ، فَخَرَجَ سُهَيْل [وَ] مكرزٌ حَتَّى أَتَيَاهُ وَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ، فَأَعْطَاهُمَا الَّذِى سَأَلَا، فقَالَ: اكْتُبُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالُوا: واللَّه لا نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا قَالَ: فَكَيْفَ؟ [قَالُوا] نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللهُمَّ، قَالَ: وَهَذِهِ فَاكْتُبُوهَا (فَكَتَبُوهَا)، قَالَ: اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَخْتَلِفُ إِلَّا فِى هَذَا، فَقَالَ: مَا أَكتُبُ؟ فَقَالُوا: إِنْ شِئْتَ فَاكتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: وَهَذِهِ حَسَنَةٌ فَاكْتُبُوهَا [فَكَتَبُوهَا]، وَكَانَ فِى شَرْطِهِمْ [إِنَّ بيننا لَلْعَيْيَبَة] الْمَكْفُوفَة، وَأَنَّهُ لَا إغْلالَ، وَلَا إِسْلَالَ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: الإِغلالُ: الدُّرُوعُ: وَالإِسْلَالُ: السُّيُوفُ -وَيَعْنِى بِالعَيْبَةِ المَكْفُوفَةِ أَصْحَابهُ يَكُفُّهُمْ عَنْهُمْ- وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، وَمَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ له رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : وَمَنْ دَخَلَ مَعِى فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِى، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَنْ دَخَلَ مَعَنَا فَهُوَ منا لَهُ مثل شَرْطِنَا، فَقَالَتْ بَنُو كَعْبٍ: نَحْنُ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: نَحْنُ مَعَ قُرَيشٍ، فَبَينَا هُمْ فِى الكِتَابِ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَرْسُفُ فِى القُيُودِ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: هَذَا أَبُو جَنْدَلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : هُوَ لِى، وَقَالَ سُهَيْلٌ [هُو لِى - وَقَالَ سُهَيْلٌ: ] اقْرأ الكِتَابَ، فَإِذَا هُوَ لِسُهَيْلٍ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا جَنْدَلٍ هَذَا السَّيْفُ، فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ، فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَعَنْتَ عَلَىَّ يَا عُمَرُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِسُهَيْلٍ: هَبْهُ لِى، قَالَ: لَا، [قَالَ: ] فَأَجِرْهُ لِى. قَالَ: لَا، قَالَ مكرزٌ: قَدْ أَجَرْتُهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ، فَلَمْ يبح".
"حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مُخَلَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحَمْنِ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ الأَنْصَارِىُّ، حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ، حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بْن الزُّبَيْرِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ عَامَ الْحُدَيبِيَةِ فِى أَلْفٍ وَثَمَانِمائةٍ، وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْه عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُدْعَى نَاجِيَة يَأتِيهِ بخبرِ القَوْمِ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَدِيرًا بِعُسْفَانَ عَيْنُهُ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! تَرَكْتُ قَوْمَكَ: كَعْبَ بْنَ لُؤَىٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَىٍّ قَدِ اسْتَنْفَرُوا لَكَ الأَحَابِيشَ مَنْ أَطَاعَهُمْ قَدْ سَمِعُوا بِمَسِيركَ وَتَرَكَتُ غَدَوَاتِهِمْ يَطعَمُونَ الخزير فِى دُورِهِمْ، وَهَذَا خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ فِى خيلٍ بَعَثُوهُ، فقام رسولُ اللَّه ﷺ فقال: مَاذَا تَأمُرُونَ؟ اشِيرُوا عَلَىَّ، قَدْ جَاءَكُمْ خَبَرٌ من قُرَيْشٍ مَرَّتَيْنِ وَمَا صَنَعَتْ، [فَهَذَا] خَالِدُ بْنُ الوَلِيدٍ [بِالغَمِيم] (*)، قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَتَرَوْنَ أَنْ نَمْضِى لِوَجْهِنَا وَمَنْ صَدنا عَنِ البَيْتِ قَاتَلْنَاهُ؟ أَمْ تَرَوْنَ أَنْ نُخَالِفَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَنْ تَرَكُوا وَرَاءَهُمْ فَإِنِ اتَّبَعَنَا مِنْهُمْ عُنُقٌ قَطَعَهُ اللَّهُ -تَعَالَى-، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! الأَمْرُ أَمْرُكَ، والرأىُ رَأيُكَ فَتَيَامَنُوا فِى هَذَا الفِعْلِ فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ خَالِدٌ وَلَا الخَيْلُ التى مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَ بهمْ قَتَرَةَ (* *) الجَيْشِ وَأَوَفَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى ثَنِيَّةٍ تَهْبِط عَلَى غَائِطِ القَوْمِ يُقَالُ لها بَلدَحُ! [فَبَرَكَتْ] فَقَالَ: حِلْ حِلْ فَلَمْ تَنْبَعِثْ، فَقَالُوا: خَلأَتِ القَصْوَاء، قَالَ: إِنَّهَا وَاللَّهِ مَا خَلأَتْ، وَلَا هُوَ لَهَا [بِخُلُقٍ]، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الفِيلِ، أَمَا وَاللَّهِ لَا يَدْعُونِى اليَوْمَ إِلَى خُطَّةٍ يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرْمَةً، وَلَا يَدْعُونِ فِيهَا إِلَى صِلَةٍ إِلَّا أَجَبْتُهُمْ إِلَيْهَا، ثُمَّ [زَجَرَهَا] فَوَثَبَتْ، فَرَجَعَ مِنْ حَيْثُ جَاءَ عَوْدُهُ عَلَى بدئه حَتَّى نَزَلَ بِالنَّاسِ عَلَى [ثَمَدٍ] (* * *) من ثِمَادِ
الحُدَيْبِيَةِ ظنُونٍ قَلِيلِ المَاءِ، يَتَبرَضُ (*) النَّاسُ مَاءَهَا تَبَرُّضًا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّه ﷺ قِلَّةَ المَاءِ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فأَمَرَ رَجُلًا فَغَرَزَهُ فِى جَوْفِ القَلِيبِ فَجَاشَ بِالمَاءِ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ عَنْه بَعَطَنٍ، فَبَيْنَما هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ مَرَّ بِهِ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الخُزَاعِىُّ فِى رَكْبٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ قد خَرَجُوا بِالعُوذِ المَطَافِيلِ يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ -تَعَالَى- لَيَحُولُنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، قَالَ: يَا بُدَيْلُ إِنِّى لَمْ آتِ لقتال أَحَدٍ، إِنَّمَا جِئْتُ لأَقْضِى نُسُكِى وَأَطُوفَ بِهَذَا البَيْتِ، وَإِلَّا [فَهَلْ] لِقُرَيْشٍ فِى غَيْرِ ذَلِكَ؟ هَلْ لَهُمْ إِلَى أَنْ أُمَادَّهُمْ مُدَّةً يَأمَنُونَ فِيهَا [وَيَسْتَجِمُّونَ وَيُخَلُّونَ] فِيهَا بَيْنِى وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ ظَهَرَ أَمْرِى عَلَى النَّاسِ كَانُوا فِيهَا بِالخِيارِ أَنْ يَدْخُلُوا [فِيمَا] [أدَخَل] فِيهِ النَّاسُ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَاتلُوا، وَقَدْ جَمَعُوا وَأَعَدُوا، قَالَ بُدَيْلٌ: سَأَعْرِضُ هَذَا عَلَى قَوْمِكَ، فَرَكِبَ بُدَيْلٌ حَتَّى مَرَّ بِقُرَيْشٍ فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَإِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ بِمَا سَمِعْتُ مِنْهُ فَعَلْتُ، فَقَالَ نَاسٌ مِنْ سُفَهَائِهِمْ: لَا تُخْبِرْنَا عَنْهُ شَيْئًا، وَقَالَ نَاسٌ مِنْ ذَوِى أَسْنَانِهِمْ وحُكَمَائِهِمْ: بَلْ تُخْبِرُنَا بِالَّذِى رَأَيْتَ وَمَا الَّذِى سَمِعْتَ؟ [فقصَّ] عَلَيْهِمْ [بُدَيْلٌ] قِصَّةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَمَا عَرَضَ عَلَيهِمْ مِنَ المُدَّةِ، قَالَ: وَفِى كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ عُرْوةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِىُّ، فَوَثَبَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! هَلْ تَتَّهِمُونِى فِى شئٍ؟ أَلَسْتُ بِالوَلَدِ وَلَسْتَمْ بَالوَالِدِ؟ أَوَ لَسْتُ قَدِ اسْتَنْفَرْت لَكُمْ أَهْلَ عكاظ؟ فَلَمَّا بَلَحُوا (* *) عَلَىَّ [نَفَرْتُ] إِلَيْكُمْ بِنَفْسِى وَوَلَدِى، وَمَنْ أَطَاعَنِى؟ قَالَوُا: بَلَى قَدْ فَعَلْتَ، قَالَ: فَاقْبَلُوا مِنْ بُدَيْلٍ مَا جَاءَكُمْ بِهِ، وَمَا عَرَضَ عَلَيْكمْ رَسُولُ اللَّهِ وَابْعَثُونِى حَتَّى آتِيكُمْ [بِمَصَافِيهَا] مِنْ
عِنْدِهِ، قَالُوا: فَاذْهَبْ، فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ قَوْمُكَ كَعْبُ بْنُ لُؤَىٍّ، وَعَامِرُ بْنُ لُؤَىٍّ قَدْ خَرَجُوا بِالعُوذِ الْمطَافِيلِ [يُقْسِمُون] لا يُخَلُّونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَكَّةَ حَتَّى [تبِيدَ] خَضَرَاؤهُمْ، وإنَّما أَنْتَ بين قِتَالِهِمْ من أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَجْتَاحَ قَوْمَكَ فَلَمْ نَسْمَعْ بِرَجُلٍ قَطُّ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ، وَبَيْنَ أَنْ يُسْلِمَكَ مَنْ [أَرَى] مَعَكَ، فَإِنِّى لَا أَرَى مَعَكَ إِلَّا أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ لَا أَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ، وَلَا وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَغَضِبَ: امْصُصْ بَظْرَ (*) الَّلاتِ، أَنَحْنُ نَخْذُلُهُ أَوْ نُسْلِمُهُ؟ فَقَالَ عُرْوَةُ: أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِى لَمْ أَجْزِكَ [بِهَا] [لأَجَبْتُكَ] فِيمَا قُلْتَ، فَكَانَ عُرْوَةُ قَدْ حُمِّلَ بِدِيَةٍ فَأَعَانَهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا بِعَوْنٍ حَسَنٍ، وَالمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وعلى وجهه المِغْفَر، فلم يعرفه عروة وكان عروة يكلم رسول اللَّه ﷺ كُلَّمَا مَدَّ يَدَهُ مَسَّ لِحْيَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ [يَدُعُّهَا] المُغِيرَةُ بِقَدَحٍ [كَانَ] فِى يَدِهِ حَتَّى إِذَا أَخْرَجَهُ قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ عُرْوَةُ: أَنْتَ بِذَاكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ وَهَلْ [غَسَلتُ] عَنْكَ [غَدْرَتَكَ] إِلَّا أَمْسِ بِعُكَاظ، فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ لِعُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ مِثَلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ، فَقَامَ عُرْوَةُ فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! إِنِّى قَدْ وَفَدْتُ عَلَى المُلُوكِ عَلَى قَيْصَرَ فِى مُلِكْهِ بِالشَّامِ، وَعَلَى النَّجَاشِىِّ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ، وَعَلَى كِسْرَى بِالعِرَاقِ وَإِنِّى وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَلِكًا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّنْ هُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ فِى أَصْحَابِهِ، وَاللَّهِ مَا [يَشُدُّونَ] إِلَيْهِ النَّظَرَ، وَلَا يَرْفَعُونَ عِندَهُ الصَّوْتَ، وَمَا يَتَوَضَّأُ بِوَضُوءٍ إِلَّا ازْدَحَمُوا عَلَيْه أَيُّهُمْ يَظْفَرُ مِنْهُ بِشَىْءٍ، فَاقْبَلُوا الَّذِى جَاءَكُمْ بِهِ بُدَيْلٌ، فَإِنَّهَا خُطَّةُ (* *) رُشْدٍ قالوا: [اجْلسْ، وَدَعَوْا رَجُلًا
مِنْ بَنِى الحَارِثَ بْنَ مَنَافٍ يُقَالُ لَهُ: الحَلَيْسُ، فقَالُوا: انْطَلِقْ فَانْظُر مَا قِبَلَ هَذَا الرَّجُلِ وَمَا يَلقَاكَ بِهِ، فَخَرَجَ الحُلَيْسُ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُقْبِلًا عَرَفَهُ قَالَ: هَذَا الحُلَيْسُ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الهَدْى فَابْعَثُوا الهَدْى فِى وَجْهِهِ فبعثوا الهدى فِى وجهه قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَاخْتَلَفَ الحَدِيثُ فِى الحُلَيْسِ [فَمِنْهُمْ] مَنْ يَقُولُ: جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَعُرْوَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَمَّا رَأَى الهَدْى رَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ أَمْرًا لَئِنْ [صَدَدْتَمُوهُ]، إِنِّى خَائِفٌ عَلَيْكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ غِبٌّ (*) فَأَبْصِرُوا بَصَرَكُمْ، قَالُوا: اجْلِسْ، وَدَعَوْا رَجُلًا يُقَالُ لَهُ مكرزُ بْنُ حَفْصِ بْنِ الأَحْنَفِ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ [فَبَعَثُوهُ]، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِىُّ ﷺ [قَالَ]: هَذَا رَجُلٌ فَاجِرٌ يَنْظُرُ بعيْنٍ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِبُدَيْلٍ وَأَصْحَابِهِ فِى المُدَّةِ، فَجَاءَهُمْ فَأَخبَرَهُمْ، فَبَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ [يُكَاتِبُ رَسُولَ اللَّهِ] ﷺ عَلَى الَّذِى دَعَا إِلَيْهِ، فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: قَدْ بَعَثَتْنِى قُرَيْشٌ إِلَيْكَ أُكَاتِبُكَ عَلَى قَضِيَّةٍ نَرْتَضِى أَنَا وَأَنْتَ، فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ : نَعَمْ، اكْتُبْ بِسْم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ: مَا أَعْرِفُ اللَّهَ وما أَعرف الرَّحْمَنَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ كَمَا كُنَّا نَكْتُبُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَوَجَدَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا نُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَّةٍ حَتَّى تُقِرَّ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيم، قَالَ سُهَيْلٌ: إِذَنْ لَا أُكَاتِبكَ [عَلَى] خُطَةٍ حَتَّى أَرْجِعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ اكْتُبْ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ: هَذَا مَا [قَاضِى] عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا أُقِرُّ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا خَالَفْتُكَ وَلَا عَصَيْتُكَ، وَلَكِنْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَوَجَدَ النَّاسُ منها أَيْضًا، فَقَالَ:
اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، سَهَيْل بْن عَمْرٍو، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَسْنَا عَلَى الحَق؟ أَوَ لَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطى الدَّنيةَ فِى دينِنَا؟ قَالَ: [إِنِّى! رَسُول اللَّهِ وَلَن أَعَصْيَهُ، وَلَنْ يُضيِّعَنِى. وَأَبُو بَكْرٍ مُتَنَحٍّ بِنَاحِيَةٍ، فَأَتَاهُ عمَرُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ! فَقَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ؟ أَوَ لَيْسَ عَدُوُّنَا عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَعَلَامَ نُعْطِى الدنية فِى دِيْنِنَا؟ قَالَ: ] دَعْ عَنْكَ مَا تَرَى يَا عُمَرُ، فَإِنَّهُ رَسُول اللَّهِ - وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- وَلَنْ يَعْصِيهُ، وَكَانَ فِى شَرْطِ الكِتَابِ أَنَّهُ مَنْ كَانَ مِنَّا فَأَتَاكَ فَكَانَ عَلَى دِينِكَ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْ قِبَلِكَ رَدَدْنَاهُ إِلَيْكَ، قَالَ: أَمَّا مَنْ جَاءَ مِنْ قِبَلِى فَلَا حَاجَةَ لِى بِرَدِّهِ، وَأَمَّا الَّذِى اشْتَرَطتَ لِنَفْسِكَ فَتِلكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ الحَالِ إِذْ طَلَعَ عليهم أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِى الحَدِيدِ قَدْ خَلَا لَهُ أَسْفَل مَكَّةَ مُتَوَشِّحَ السَّيْفِ، فَرَفَعَ سُهَيْلٌ رَأسَهُ فَإِذَا هُوَ [بِابْنِهِ] أَبى جَنْدَلٍ، فَقَالَ: هَذَا أَوَّل مَنْ قَاضَيْتُكَ عَلَيْهِ رُدَّهُ، فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ يَا سُهَيْلُ! إِنَّا لَمْ نَقْضِ الكِتَابَ بَعْدُ، قَالَ: وَما أُكَاتِبُكَ عَلَى خُطَةٍ حَتَّى تَرُدَّهُ [، قَالَ]: فَشَأنُكَ بِهِ، قَالَ؟ فبهش (*) أَبُو جَنْدَلٍ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ! أُرَدُّ إِلَى المُشْرِكينَ [يَفْتِنُونَنِى] فِى دِينِى فَلَصِقَ بِهِ عُمَرُ وَأَبُوهُ آخِذٌ بِيَدِهِ [يَجْتَرُّهُ] وَعُمَرُ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ رَجُل وَمَعَكَ السَّيْفُ، فَانْطَلَقَ بِهِ أَبُوهُ، فَكَانَ النَّبِىُّ ﷺ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ [مَنْ] جَاءَ مِنْ قِبَلِهِمْ يَدْخُل فِى دِينِهِ، فَلَمَّا [اجْتَمَعَ] نَفَرٌ فِيهِمْ أَبُو بَصِير رَدَّهُمْ إِلَيْهِمْ أَقَامُوا بِسَاحِلِ البَحْرِ، فَكَأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَى قُرَيْشٍ مَتْجَرَهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَبَعَثُوا
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِنَّا نَرَاهَا مِنْكَ صِلَةً أَنْ تَرُدَّهُمْ إِلَيْكَ وَتَجْمَعَهُمْ، فَرَدَّهُمْ إِلَيْهِ، فَكَانَ [فِيمَا] أَرَادَهُمُ النَّبِىُّ ﷺ فِى الكِتَابِ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، فَيَقْضِى نُسُكَهُ، وَيَنْحَر هَدْيَهُ بَيْنَ ظُهُورِهِمْ، فَقَالُوا: لَا تَتَحَدَّثُ العَرَبُ أنَّكَ أَخَذْتَنَا ضَغْطَةً أَبَدًا، وَلَكِنِ ارْجِعْ عَامَكَ هَذَا فَإِن كَانَ قَابِلٌ أَذنَّا لَكَ فَاعْتَمَرْتَ وأَقَمْتَ ثَلَاثًا، وَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لِلنَّاسِ: قُومُوا فَانْحَرُوا هَديكُمْ وَاحْلِقُوا وَأَحِلُّوا، فَمَا قَامَ رَجُلٌ وَلَا تَحَرَّكَ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النَّاسَ بِذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَاتٍ فَمَا تَحَرَّكَ [أَحدٌ مِنْهُمْ] وَلَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِىُّ ﷺ ذَلِكَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَكَانَ خَرَجَ بِهَا فِى تِلْكَ الغَزْوَةِ فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ! مَا بَالُ النَاسِ أَمَرْتُهُمْ ثَلَاثَ مِرَار أَنْ يَنْحَرُوا، وأَنْ يَحْلِقُوا، وَأَنْ يحِلُّوا فَمَا قَامَ رَجُلٌ إِلَى مَا أَمَرْتُ بِهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: اخْرُجْ أَنْتَ [فَاصْنع] ذَلِكَ، [فَقَامَ] رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى [يمم] هَدْيَهُ فَنَحَرَهُ، وَدَعَا حَلَّاقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَثَبُوا إِلَى هَدْيِهِمْ فَنَحَرُوهُ، وَأَكَبَّ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَغُمَّ بَعْضًا مِنَ الزِّحَامِ، قَالَ [ابن] شِهَابٍ: وَكَانَ الهَدْىُ الَّذِى سَاقَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيبِيَةِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِكُلِّ مِائَةِ رَجُلٍ [سهم] ".
"حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ رُومَانَ قَالُوا: دَعَا عُتْبَةُ [يَوْمَ] بَدْر إِلَى المُبَارَزَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِى العَرِيشِ، وَأَصْحَاُبهُ فِى صُفُوفِهِمْ، فَاضْطَجَعَ فَغَشِيَهُ نَوْمٌ غَلَبَهُ، وَقَالَ: لَا تُقَاتِلُوا حَتَّى [أُوذِنكُمْ] وَإِنْ كَبَسُوكُمْ فَارمْوُهُمْ، وَلَا تَسُلُّوا السُّيُوفَ حَتَّى يَغْشَوْكُمْ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ دَنَا القَوْمُ وَقَدْ نَالُوا مِنَّا، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَدْ [أَرَاهُ] اللَّهُ -تَعَالَى- إِيَّاهُمْ فِى مَنَامِهِ قَلِيلًا، وَقَلَّلَ بَعْضَهُمْ فِى أَعْيُنِ بَعْضٍ، فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يُنَاشِدُ رَبَّهُ مَا وَعَدَهُ مِنَ النَّصْرِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ تُظهِرْ عَلَى هَذِهِ العِصَابَةَ يَظهَرِ الشِّرْكُ، وَلَا [يَقُمْ] لَكَ دِينٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَيَنْصُرَنَّكَ اللَّهُ -تَعَالَى-[وَلَيُبَيِّض] وَجْهَكَ، وَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّى أُشِيرُ عَلَيكَ وَرَسُول اللَّهِ ﷺ أَعْظَمُ وَأَعْلَمُ بِالأَمْرِ أَنْ يُشَارَ عَلَيْهِ، إِنَّ اللَّهَ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُنْشَدَ وعده فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وآله وسلم-: يا بْنَ رواحة ألا لينشد اللَّه وعده إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- لَا يُخْلِفُ المِيعَادَ، وَأَقْبَلَ عُتْبَةُ يَعْمِدُ إِلَى القِتَالِ، قَالَ خَفافُ بْنُ إِيمَاء: فَرَأَيْتُ [أَصْحَابَ] النَّبِىِّ ﷺ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدْ تَصَافَّ النَّاسُ وَتَزَاحَفُوا لَا يَسُلُّونَ السُّيُوفَ وَقَدِ انْتَضَوُا القِسِىَّ وَقَدْ تَتَرَّسَ بَعْضهُمْ [عَلَى] بَعْضٍ بِصُفُوفٍ مُتَقَارِبَةٍ [لا فُرَجَ] بَيْنَهَا، وَالآخَرُونَ قَدْ سَلُّوا السُّيوفَ حِينَ طَلَعُوا، فَعَحِبْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَسَأَلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلًا مِنْ المُهَاحِرِينَ فَقَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَن لَا نَسُلَّ السُّيُوفَ حَتَّى يَغْشَوْنَا، فَدَنَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَخَرَجَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ وَالوَلِيدُ حَتَّى فَصَلُوا مِنَ الصَّفِّ، ثُمَّ دَعَوْا إِلَى المُبَارَزَةِ، فَخَرَحَ إِلَيْهِمْ فِتْيَانٌ ثَلَاثَةٌ مِنْ
الأَنْصَارِ، وَهُمْ بَنُو عَفْرَاءَ: مُعَاذٌ وَمُعَوَّذٌ وَعَوْفٌ بَنُو الحَارِثِ، فَاسْتَحْيَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ ذَلِكَ، وَكَرِهَ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ قِتَالٍ لَقِى المُسْلِمُونَ فِيهِ المُشْرِكِينَ فِى الأَنْصَارِ، فَأَحَبَّ أَنْ تَكُونَ الشَّوْكَةُ لِبَنِى عَمِّهِ وَقَوْمِهِ، فَأَمَرَهُمْ فَرَجَعُوا إِلَى مَصَافِّهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ خَيْرًا، ثُمَّ نَادَى [مُنَادِى] المشُرِكِينَ يَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إِلَيْنَا الأَكْفَاءَ مِنْ قَوْمِنا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : يَا بَنِى هَاشِمٍ! قُومُوا فَقَاتِلُوا لِحَقِّكُّمُ الَّذِى بَعَثَ اللَّهُ -تَعَالَى-[بِهِ نَبِيَّكُمْ] بينكم إِذْ جَاءُوا بِبَاطِلِهِمْ لِيُطفِئُوا نُورَ اللَّهِ، فَقَامَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَعَلَىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ عبد مَنَافٍ فَمَشَوْا إِلَيْهِمْ، فَقَالَ عُتْبَةُ: تَكَلَّمُوا لِنَعْرِفَكُمْ، وَكَانَ عَلَيْهمُ البَيْضُ فَأَنْكَرُوهُمْ، فَإِنْ كُنْتُمْ أَكْفَاء قَاتَلنَاكُمْ، فَقَالَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ (*)، أَنَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أَنَا أَسَدُ اللَّهِ -تَعَالَى- وَأَسَدُ رَسُولِهِ، قَالَ عتبَةُ: كُفُوءٌ كَرِيمٌ، ثُمَّ قَالَ عتبَةُ: وَأَنَا أَسَدُ الحُلَفَاءِ، مَنْ هَذَانِ مَعَكَ؟ قَالَ: عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِب وَعُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ، قَالَ: كُفُؤَانِ كَرِيمَانِ، ثُمَّ قَالَ عُتْبَةُ [لاِبْنِهِ]: قُمْ يَا وَلِيدُ، فَقَامَ الوَلِيدُ، وَقَامَ إِلَيْهِ عَلِىٌّ -وَكَانَ أَصْغَرَ النَّفَرِ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ عَلِىٌّ، ثُمَّ قَامَ عتبَةُ، وَقَامَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ، فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ حَمْزَةُ، ثُمَّ قَامَ شَيْبَةُ وَقَامَ إِلَيْهِ عُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَسَنُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَهِ ﷺ فَضَرَبَ شَيْبَةُ رِجْلَ عُبَيْدَةَ بِذُبَابِ السَّيْفِ فَأَصَابَ عَضَلَةَ سَاقِهِ فَقَطَعَهَا، وَكَرَّ حَمْزَةُ وَعَلِىٌّ [عَلَى] شَيْبَةَ فَقَتَلَاهُ وَاحْتَمَلَا عُبَيْدَةَ، فَجَاءُوا إِلَى الصَّفِّ وَمُخُّ سَاقِهِ يَسِيلُ، فَقَالَ عُبَيْدَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَسْتُ شَهِيدًا؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ حَيًّا لَعَلِمَ أَنَّا أَحَقُّ بِمَا قَالَ مِنْهُ حِينَ يَقُولُ:
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ [يُبْزَى] (*) مُحَمَّدٌ ... وَلَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَنُنَاضلِ
وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلُ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالحَلَائِلِ
وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ} حَمْزَةُ أسَنُّ مِنَ النَّبِىِّ ﷺ بِأَرْبَع سِنِينَ، [وَالعَبَّاسُ أَسَنُّ مِنَ النَّبِىِّ ﷺ بثَلَاثِ سِنِينَ، ] قَالُوا: وَكَانَ عُتبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ حِينَ دَعَا إِلَى البَرَازِ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو حُذَيْفَةَ يُبَارِزُهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : اجْلِسْ، فَلَمَّا قَامَ إِلَيْهِ النَّفَرُ أَعْلَى أَبُو حُذَيْفَةَ عَلَى أَبِيهِ فَضَرَبَهُ".
"عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْد بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كعْبِ ابْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَا: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الخَنْدَقِ خَرَجَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ ليرى مشهده، فَلَمَّا وَقَفَ وَخَيْلُهُ قَالَ لَهَ عَلِىُّ: يَا عَمْرُو إِنَّكَ كنتَ تُعَاهِدُ اللَّهَ -تَعَالَى- لِقُرَيْشٍ أَلَّا يَدْعُوكَ رَجُلٌ إِلَى خُلَّتَيْنِ إِلَّا [أَخَذْتَ] إِحْدَاهُمَا؟ قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: فَإِنِّى أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ، وَإلَى الإِسْلَامِ، قَالَ: لَا حَاجَةَ لِى فِى ذَلِكَ، قَالَ: فَإِنِّى أَدْعُوكَ إِلَى المُبَارَزَةِ، قَالَ لَهُ: يَا أَخِى فَوَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ. قَالَ عَلِىٌّ: وَلَكِنِّى أَحِبُّ وَاللَّهِ أَنْ أَقْتُلَكَ، حَمِىَ عَمْرٌو عِنْدَ ذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَى عَلِىٍّ فَتَنَازَلَا فَتَحَاوَلَا، فَقَتَلَهُ عَلِىٌّ".
"عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: جَلَسَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ [الجُمَحِىُّ] مَعَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ [فِى الحِجْرِ] بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْر بِيَسِيرٍ، وَكَانَ عُمَيْرٌ شَيْطَانًا مِنْ شَيَاطِين قُرَيْشٍ، وَكَانَ مِمَّنْ يُؤْذِى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَصَحَابَهُ، وَيَلْقَونَ مِنْهُ عَنَاءً وَهُمْ بِمَكَّةَ، وَكَانَ ابْنُهُ [وَهْبُ] بْنُ عُمَيْرٍ فِى أُسَارَى بَدْرٍ، فَذَكَرَ أَصْحَابَ القَلِيب وَمُصَابَهُمْ، فَقَالَ صَفْوَانُ: وَاللَّهِ [إِنَّهُ لَيْسَ] فِى العَيْشِ خَيْر بَعْدَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْر: صَدَقْتَ واللَّهِ أما واللَّه لَوْلَا دَيْنٌ عَلَىَّ لَيْسَ لَهُ عِنْدِى قَضَاءٌ وَعِيَالٌ أَخْشَى عَلَيْهِمُ الضَّيْعَةَ بَعْدِى لَرَكِبْتُ إِلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى أَقْتُلَهُ فَإِنَّ لِى قِبَلَهُ عَلَّةً (* *)، ابْنِى أَسِيرٌ فِى أَيْدِيهِمْ، فَاغْتَنَمَهَا صَفْوَانُ بْنُ أُمِيَّةَ فَقَالَ: فَعَلَىَّ دَيْنُكَ، أَنَا أَقْضِيهِ عَنْكَ، وَعِيَالُكَ مَعَ عِيَالِى أسوتهم مَا بَقُوا لا يَسَعُهُمْ شَئٌ وَيَعْجز عَنْهُمْ، فَقَالَ عُمَيْر: فَاكْتُمْ عَلَىَّ شَأنِى وَشَأنَكَ، قَالَ: أَفْعَلُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَيْرًا أَمَرَ بِسَيْفِهِ فَشُحِذَ (* * *) لَهُ وسُمَّ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ، فَبَيْنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فِى نَفَرٍ مِنَ المُسْلِمِينَ فِى المَسْجِدِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ يوم بَدْرٍ وَيَذْكُرُونَ مَا أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ -تَعَالَى- بِهِ، وَمَا أَرَاهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ إِذْ نَظَرَ عُمَرُ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ حِينَ أَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ المَسْجِدِ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ فَقَالَ: هَذَا الكَلبُ عَدُوُّ اللَّهِ قَدْ جَاءَ مُتَوَشِّحًا سَيْفَهُ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ، [قَالَ] فَأَدْخِلهُ عَلَىَّ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ حَتَّى أَخَذَ بِحِمَالَةِ سَيْفِهِ فِى عُنُقِهِ [فَلَبَّبَهُ] (* * * *) بِهَا وَقَالَ: لِرجَالٍ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الأَنْصَارِ: ادْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَاجْلِسُوا عِنْدَهُ، وَاحْذَرُوا هَذَا الخَبِيثَ عَلَيْهِ؟ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأمُون، ثُمَّ دَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمَّا رآهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعُمَرُ آخِذٌ بِحِمَالةِ سَيْفِهِ فِى عَنُقِهِ قَالَ: أَرْسِلهُ يا عمر! ادن يا عمير! فَدَنَا ثُمَّ قَالَ: أَنْعِمُوا صَبَاحًا، وَكَانَتْ تَحِيَةَ أَهْلِ الجَاهِلِيَّةِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : قَدْ أَكْرَمَنَا اللَّهُ -تَعَالَى- بِتَحِيَّةٍ خَيْر مِنْ تَحِيَّتِكَ يَا عُمَيْرُ بِالسَّلَامِ: تَحِيَّةِ أَهْلِ الجَنَّةِ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ يَا مُحَمَّدُ لَحَدِيثُ عَهْدٍ بِهَا، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَيْرُ؟ قَالَ: جِئْتُ لِهَذَا الأَسِيرِ الَّذِى فِى أَيْدِيكُمْ فَأَحْسِنُوا فِيهِ، قَالَ: فَمَا بَالُ السَّيْفِ فِى عُنُقِكَ؟ قَالَ: قبَّحَهَا اللَّهُ -تَعَالَى- مِنْ سُيُوفٍ! ! وَهَلْ أَغْنَتْ شَيْئًا؟ ! قَالَ: اصْدُقْنِى مَا الَّذِى جِئْتَ لَهُ؟ قَالَ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِذَلِكَ، فَقَالَ: بَلى قَعَدْتَ أَنْتَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ فِى الحِجْرِ فَذَكَرْتُمَا أَصْحَابَ القَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ قُلْتَ: لَوْلَا دَيْنٌ عَلَىَّ وَعِيَالِى لخَرَجْتُ حَتَّى أَقْتُلَ مُحَمَّدًا فَتَحَمَّلَ لَكَ صَفْوَانُ بِدَيْنِكَ وَعِيَالِكَ عَلَى أَنْ تَقْتُلَنِى لَهُ، وَاللَّهُ حَائِل بَيْنِى وَبَيْنَكَ، فَقَالَ عُمَيْرٌ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَد كُنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُكَذِّبكَ بِمَا كُنْتَ تَأتِينَا مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَمَا يَنْزِلُ عَلَيْكَ مِنَ الوَحْى، وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَحْضُرْهُ إِلَّا أَنَا وَصَفْوَانُ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُ [أَنَّ] مَا أَتَاكَ بِهِ إِلَّا اللَّهُ، فَالحَمْدُ للَّهِ الَّذِى هَدَانِى لِلإِسْلَامِ، وَسَاقَنِى هَذَا المَسَاقَ [ثُمَّ] تَشَهَّدَ شَهَادَةَ الحَقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقِّهُوا أَخَاكُمْ فِى دِينِهِ، وأقرؤه وَعَلِّمُوهُ الْقُرْآنَ وَأَطلِقُوا لَهُ أَسِيرَهُ، فَفَعَلُوا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّى كُنْتُ جَاهِدًا فِى إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ -تَعَالَى- شَدِيد الأَذى لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ اللَّهِ، وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ تَأذَنَ لِى فَأَقْدُمَ مَكَّةَ فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الإِسْلَامِ، لَعَلَّ اللَّهَ -تَعَالَى- أَنْ يَهْدِيَهمْ، [وَإِلَّا آذَيْتُهُمْ] فِى دِينِهِمْ كَمَا كُنْتُ أُؤْذِى أَصْحَابَكَ فِى دِينِهِمْ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ وَكَانَ صَفْوَانُ حِينَ
خَرجَ عُمَيْرُ بنُ وَهْبٍ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ: أَبْشِرُوا بِوَقْعَةٍ تَأتِيكُمْ الآنَ فِى أَيَّامٍ تُنْسِيكُمْ وَقْعَةَ بَدْرٍ، وَكَانَ صَفْوَانُ يَسْأَلُ عَنْهُ الرُّكْبَانَ حَتَّى قَدِمَ رَاكِبٌ فَأَخْبَرَهُ بِإِسْلَامِهِ، فَحَلَفَ أَن لَا يُكَلِّمَهُ أَبَدًا، وَلَا يَنْفَعَهُ بِنَفْعٍ أَبَدًا، فَلَمَّا قَدِمَ عُمَيْرٌ مَكَّةَ قَامَ بِهَا يَدْعُو إِلَى الإِسْلَامِ، وَيُؤْذِى مَنْ خَالَفَهُ أَذًى شَدِيدًا، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ أُنَاسٌ كَثِيرٌ".
"عَنْ عَطَاء: أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ اسْتَمَعَ لَيْلَةً أَبَا بَكْرٍ، فإِذَا هُوَ يُخَافِتُ بِالقِراءَة فِى صَلَاتِهِ، وَاسْتَمَعَ عُمَرَ فَإِذَا هُوَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَاسْتَمَعَ بلالًا فَإِذَا هُوَ يَأَخُذُ مِنْ هَذِهِ السُّورَة وَمِنْ هَذِهِ السُّوَرةِ، فَقَالَ: اسْتَمَعْتُ إِلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِذَا أَنْتَ تَخْفِضُ صَوْتَكَ؟ قَالَ: اخْفِضُ صوتى انتجى ربى، قَالَ: وَاسْتَمَعْتُ إِلَيْكَ يَا عُمَرُ فَإِذَا أَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ؟ قَالَ: أنفرُ الشَّيْطَانَ وَأُوقِظُ النَّائِمَ، وقال: وَاسْتَمَعْتُ إِلَيْكَ يَا بِلَالُ فَإِذَا أَنْتَ تَأخُذُ مِنْ هذه السُّورةِ، وَمِنْ هَذِهِ السُّورَةِ؟ قَالَ: أَخْلِط الطَيِّبَ بِالطَيِّبِ، أَجْمَعُ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ: كُلٌّ قَدْ أَحْسَنَ".
"عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ كَانَ يَقْصِرُ مَا أَقَامَ فِى مَكَّةَ فِى سَفَرِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، حَتَّى كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَى خِلَافَتِهِ".
"عَنْ عَطَاء بْنِ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أعتق عَنْ أمى وَقَدْ مَاتَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ".
"عَنْ ابْنِ جُرِيج قَالَ: قُلْنَا لِعَطَاء أَحَقٌّ تَسِوْيَةُ النحل بَيْنَ الوَلَدِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ -تَعَالَى-؟ قَالَ: نَعَمْ، قَدْ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ نَبِىِّ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: أسويت بَيْنَ وَلَدِكَ؟ قُلتُ: فِى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ؟ ، قَالَ: نَعَمْ وَفِى غَيْرِهِ".
"عَنْ ابن جريج قال: قلت لعطاء أيدبر الرجل عبده ليس له مال غيره؟ قال: لا، ثم ذكر فقال النبى ﷺ في العبد الذى دبر على (عبده) (*) قال: قال رسول اللَّه ﷺ أغنى عنه من فلان، وذكر ما قال في الرجل يتصدق بماله وَيَجْلِس لا مال له".
"عَنْ عَطَاء بْنِ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِنَّ العُمْرَى جَائِزَةٌ".
"عَنْ عَطَاء: أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ أَعْتَقَ أَمَةً، وَجَعَلَ مَهْرَهَا عِتْقَهَا".
"عَنْ عَطَاء: أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ كَانَ فِى سَفَرٍ فَأَخَرَّ العِمَامَةَ وَمَسَحَ هَكَذَا، وَأَشَارَ سُفْيَانُ إِلَى مُقَدَّمِ رَأسِهِ إِلَى وَجْهِهِ".
"عَنْ عَطَاء قَالَ: أَلقَى النَّبِىُّ ﷺ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ وَمَسَحَ بِرَأسِهِ مَسْحَةً وَاحِدَةً وَقَالَ بِيَدِهِ عَلَى هَامَتِهِ فَمَسَحَهَا إِلَى مُقَدَّمِ وَجْهِهِ".
"عَنْ عَطَاء قَالَ: لَا تُشْهِدُ المَلَائكَةَ وَأَنْتَ عَلَى الخَلَاء".