"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله ﷺ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيد فِي سَرِيَّة وَمَعَهُ فِي السَّرِيَّةِ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ إِلَى حَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ قَيْسٍ حَتَّى إِذَا دَنَوا مِنَ الْقَوْمِ جَاءَهُمْ النَّذِيرُ فَهَربُوا وَثَبَتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَالَ لأَهْلِهِ: كُونُوا عَلَى رَجُلٍ حَتَّى آتِيكُمْ، فَانْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ فِي العَسْكَرِ فَدَخَلَ عَلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَأَهْلَ بَيْتِي فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعِي؟ أَم أَذْهَبُ كَمَا ذَهَبَ قَوْمِي؟ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: أَقِمْ فَأَنْتَ آمِنٌ فَرَجَعَ الرَّجُلُ وَأَقَامَ وَصَبَّحهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَوَجَدَ الْقَوْمَ قَدْ نَذَرُوا وَذَهَبُوا، فَأَخَذَ الرَّجُلَ فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: إِنَّهُ لَيْسَ لَكَ عَلَى الرَّجُلِ سَبِيلٌ، إِنِّي قَدْ أَمَّنْتهُ وَقَدْ أَسْلَمَ، قَالَ: وَمَا أَنْتَ وَذَاكَ أَتُجِيرُ عَلَيَّ وَأَنَا الأَمِيرُ؟ قَالَ: نَعَمْ أُجِيرُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ الأَميرُ، إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ أَسْلَمَ وَلَوْ شَاءَ لَذَهَبَ كَمَا ذَهَبَ قَوْمُهُ، فَتَنَازَعَا فِي ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَسُولِ الله ﷺ فَذَكَرَ عَمَّارُ لِلنَّبِيِّ ﷺ الَّذي كَانَ منْ أَمْرِ الرَّجُلِ، فَأَجَارَ أَمَانَ عَمَّار وَنَهَى يَوْمَئِذٍ أَنْ يُجِيرَ رَجُلٌ عَلَى أَمِيرٍ، فَتَنَازَعَ عَمَّار وَخَالدٌ عِنْدَ رَسُولِ الله ﷺ حَتَّى تَشَاتَمَا، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَشْتُمُنِي هَذا الْعَبْدُ عِنْدَكَ، أَمَا وَالله لَوْلَاكَ مَا شَتَمَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ : كُفَّ يَا خَالِدُ عَنْ عَمَّارٍ، فَإنَّهُ مَنْ يُبْغِض عَمَّارًا يبغِضهُ الله، وَمَنْ يَلْعَن عَمَّارًا يَلْعَنهُ الله، وَقَامَ عَمَّارُ فَانْطَلَقَ فَاتْبَعَهُ خَالِدٌ فَأَخَذَ بِثَوْبِهِ فَلَمْ يَزَل يَتَرَضَّاهُ حَتَّى
رَضِيَ عَنْهُ قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} - يَعْني أُمَرَاء السَّرَايَا {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (*) حَتَّى يَكُونَ الرَّسُولُ ﷺ هُوَ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ".