"عَنْ سَعيد بنِ المسيّبِ قَالَ: لما وُلّى عُمَرُ بنُ الخطابِ خطبَ النَّاسَ على مِنبرِ رسولِ اللَّه ﷺ حَمدَ اللَّه وأَثْنَى عَليه ثُمَّ قَالَ: (يا) () أَيُّها النَّاسُ! إِنِّى قَد عَلِمتُ أَنّكم تُؤْنِسون مِنِّى شِدَّةً وغِلْظَةً، وَذَلِكَ أَنِّى كُنْتُ مَعَ رسول اللَّه ﷺ وكنتُ عَبْدَهُ وَخَادمَهُ، وَكَانَ كَما قَالَ اللَّه تَعَالَى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، فَكُنْتُ بَيْنَ يَدَيْه كَالسَّيف المَسْلُولِ إِلَّا أَنْ يُغْمدَنِى أَوْ يَنْهَانِى عَنْ أَمْر فَأكُفَّ، وَإلَّا أَقْدَمْتُ عَلَى النَّاسِ لِمَكَانِ لينه، فَلَمْ أَزَلْ معَ رسولِ اللَّه ﷺ على ذلك حَتَّى تَوفَّاهُ اللَّه وَهُوَ عَنِّى رَاضٍ والحمدُ للَّه عَلَى ذلكَ كثيرًا، وَأَنَا بِه أَسْعَدُ، ثُمَّ قُمْتُ ذَلِكَ المُقَامَ مَعَ أَبِى بَكرِ خَليفة رسولِ اللَّه ﷺ بعده وَكَانَ من ( ) قد علمتُم في كرمه وَدَعَتهِ ( * ) ولينه فَكُنْتُ خَادِمَه وكنتُ كَالسيف بَينَ يَدَيْهِ أَخْلِطُ شدَّتِى بِلينِهِ، إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَى فَأكُفَّ، وَإلَّا أَقْدَمْتُ فَلَمْ أَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَوَفَاهُ اللَّه وَهُو عَنِّى رَاضٍ، والحمدُ للَّه عَلَى ذَلِكَ كثيرًا وَأَنَا بِه أَسْعَدُ، ثُمَّ صَارَ أَمْرُكُمْ إِلىَّ اليومَ وأَنَا أَعْلَمُ؛ فَسَيَقُولُ قَائلٌ: كَانَ يَشْتَدُّ عَلَيْنَا والأَمْرُ إلَى غيرهِ فَكَيْفَ بِهِ إِذَا صَارَ إِلَيْه؟ واعْلَمُوا أَنَّكم لَا تَسْأَلُونَ عَنِّى أَحَدًا؛ قد عرفتمونى وجرَّبتمونى، وَعَرَفْتُم مِن
سُنَّة نَبِيِّكم ما عرفتُ، وَمَا أَصْبَحتُ نَادمًا عَلَى شَىْءٍ أَكُونُ أَحَبُّ إلى أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّه ﷺ عَنْه إلَّا وَقَدْ سَأَلتُه، فَاعْلَموا أَنَّ شِدَّتِى الّتِى كُنْتُم تَروْنَ قَد ازدَادتْ أَضعافًا إذْ صَارَ الأَمْرُ إِلىَّ عَلَى الظَّالم، وَالْمُعْتَدِى، والأَخذِ للمسلمين لضعيفهم مِنْ قَويِّهم، وَإِنِّى بَعْدَ شِدَّتِى تِلْكَ وَاضِعٌ خَدِّى بِالأَرْضِ لأَهْلِ العَفَافِ والكَفِّ مِنْكمْ والتسليم، وإِنى لَا آبَى () إِنْ كَانَ بَيْنِى وَبَينَ أَحَد منكم شَىْءٌ مِنْ أَحْكامكم أَنْ أَمِشى مَعَهُ إِلَى مَنْ أَحْبَبْتُمْ مِنكم فَلْيَنْظُرْ فِيمَا بَيْنى وَبَينهُ أَحَدٌ منكم، فَاتَّقُوا اللَّه عِبَادَ اللَّه وَأَعينونِى على أَنْفِسكم بِكفِّها عنى، وأَعِينُونِى عَلَى نَفْسِى بالأمر بالمعروف والنَّهْى عَنِ المُنكرِ وإحْضَارِى النَّصِيحَةَ فِيما وَلَّانِى اللَّه مِنْ أَمْرِكمُ، ثُم نَزَل".
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.