"قُراءُ القُرْآنِ ثلاثَةٌ: رَجلٌ قَرَأَ القرْآنَ فَاتَّخَذَهُ بِضَاعَةً فَاسْتَجَرَّ بهِ الْمُلوكَ، وَاسْتَمَال بهِ النَّاسَ، وَرجُلٌ قرأَ القرْآنَ فَأَقَامَ حُرُوفَهُ، وضَيَّعَ حُدُودَهُ، كَثُرَ هَؤُلاءِ مِنْ قُرَّاءِ القرآنِ -لَا كَثَّرَهُمُ الله تعَالى- وَرَجَلٌ قَرأ القُرآنَ فَوَضَع دواءَ القُرآنِ عَلَى دَاءِ قَلْبِهِ فأَسهَرَ بِه لَيلَهُ وَأظْمَأَ بِهِ نَهَارَهُ، وَقَامُوا في مَسَاجِدِهمْ، وَخَنَوْا بهِ تحْت بَرَانِسِهمْ، فبهؤُلاء يَدْفعُ اللهُ الْبَلاءَ، وَيُدِيلُ مِن الأَعْدَاءِ، وَيُنْزِلُ غَيثَ السَّمَاءِ فُوَالله لَهَؤُلاءِ مِن قُرَّاءِ القُرْآن أَعَزُّ مِن الْكِبْريتِ الأَحْمَرِ".
#ahruf (6)
"يَأتِى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَعَلَّمُونَ فِيهِ الْقُرآنَ، فَيَجْمعُونَ حُرُوفَهُ، وَيُضَيِّعُونَ حُدُودَهُ، وَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا جَمَعُوا، وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا ضَيَّعُوا، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِهَذَا الْقُرْآنِ مَنْ جَمَعَهُ وَلَمْ يُرَ عَلَيْهِ أَثَرُهُ".
"إِنَّ ربِّى تباركَ وتَعالَى أَرْسَلَ إِلىَّ أَن اقْرأْ القرآنَ عَلَى حرف فَرَدَدْتُ إِليه أَنْ هَوِّنْ علَى أُمَّتِى، فَأَرْسَلَ إِلىَّ أَن اقْرَأْهُ، علَى حَرْفَيْنِ فَرَدَدْتُ إِليه أَنْ هوِّنْ على أُمَّتى، فَأَرْسَل إِلىَّ أَن اقْرأْهُ علَى سبعةِ أَحْرُفٍ، ولَكَ بِكُلِّ رَدَّةِ مسْأَلةٌ تسْأَلنيهَا، قُلْتُ: اللهمَّ اغْفرْ لأُمَّتِى، اللهمَّ اغْفرْ لأُمَّتِى، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيْومٍ يَرْغَبُ إِلىَّ فيهِ الخلقُ حتَّى إِبْراهيمُ".
"إِنَّ هذا القرآن أُنزل على سبعة أَحرفٍ، فاقْرءُوا ولا حرج، ولكن لا تجمعوا ذكرَ رحمة بعذابٍ، ولا ذكر عذابٍ برحمة" .
"عَن النَّبِىِّ ﷺ قَالَ: الإِنْسَانُ هَكَذَا، هَذَا الْمُرَبَّعُ: الأَجَلُ، وَالَّذى وَسَطهُ الإِنْسَانُ، وَالْحَلَقَةُ الخَارِجَةُ: الأَمَلُ، وَهَذِهِ الْحرُوفُ الأَعْرَاضُ، وَالأَعرَاضُ تَنْهَشُهُ منْ كُلِّ مَكَانٍ، كُلَّما أَفْلَتَ مِنْ وَاحدٍ أَخَذَهُ وَاحدٌ، وَالأَجَلُ قَدْ حَالَ دُونَ الأَمَلِ".
"مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِىِّ ﷺ كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَقَالَ: إِذَا رَجَعَ أَحَدُكُمْ مِنْ سُوقِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَليَنْشُر المُصْحَفَ فَليَقْرَأ فَإِنَّ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ".
"إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أهْلِه فَليأتِ المُصْحَفَ فَليَفْتَحْهُ فَيَقْرَأ فِيه، فَإِنَّ الله سَيَكْتُبُ لَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّى لاَ أقُولُ: الم، وَلَكِنْ الألِفُ عَشْرٌ، وَاللَّامُ عَشْرٌ، وَالمِيمُ عَشْرٌ".
"إِنَّ الْقُرْآنَ أُنزلَ عَلَى نَبِيِّكُمْ مِنْ سَبْعَة أَبْوابٍ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، وَإِنَّ الكتَابَ قَبْلَكُمْ كَانَ يَنْزلُ منْ بَابٍ وَاحِدٍ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ".
"مَنْ كَفَرَ بحَرْفٍ منَ الْقُرْآن فَقَدْ كَفَرَ به أَجْمَع، وَمَنْ حَلَفَ بالْقُرْآنِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ مِنْهُ يَمينٌ".
"دَعَا رسُول الله ﷺ عَبْد الرَّحْمنِ بِنَ عَوفٍ فَقَالَ: تجَهَّزْ فإِنِّى باعثُكَ في سَرِيَّة منْ يَوْمِكَ هَذَا أَو مِنَ الْغَد إنْ شَاءَ الله، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: فَسَمِعْتُ ذَلِك فَقُلتُ: لأَدخُلَنَّ ولأُصَلِّيَنَّ مَعَ رَسُولِ الله ﷺ الغداةَ وَلأسْمَعَنَّ وَصِيَّتَهُ عبدَ الرحمنِ، فَقَعَدْتُ فَصَلَّيْتُ فإذَا أَبو بَكْر وعُمَرُ ونَاسٌ مِنَ المهاجِرِينَ فِيهِمْ عَبد الرَّحمَنِ ابْنُ عَوْف، وِإذَا رَسُولُ الله ﷺ قَدْ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى دَوْمَةِ الجنْدَلِ فَيدْعُوهُم إلى الإسْلاَمِ فَقَالَ رسُولُ الله ﷺ لِعَبدِ الرَّحمَنِ: مَا خَلَّفَكَ عَنْ أَصْحَابِكَ؟ قَالَ ابنُ عُمرَ وقَدْ مَضَى أَصْحَابُهُ مِن سُحُورِهِم مُعْتدُونَ بِالحَرْفِ وكَانوا سُبْعَمِائة رَجُلٍ، قَالَ: أَحْبَبْتُ يَا رَسُولَ الله أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِى بِكَ وَعَلَّى ثِيَابُ سَفَرِي، قَالَ: وَعَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عمَامةٌ قَدْ لَفَّهَا عَلَى رَأسِهِ فَدَعَاهُ رَسُولُ الله ﷺ فَأقَعَدَهُ بْينَ يَدْيهِ فَنَفَضَ عِمَامَتَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ عمَّمهُ بِعمَامةٍ سوْدَاء، فَأرْخَى بَيْنَ كَتِفَيه مِنْهَا ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا يابنَ عْوفٍ فاعْتَمْ وعَلَى ابْنِ عَوفٍ السَّيْفُ مُتَوَشِّحَه (ثُمَّ قَالَ: يَا رسُولَ الله ﷺ ) (*) أُغْزُ بِاسْمِ الله، وَفِى سَبِيلِ الله، قَاتِلْ مَنْ كَفَرَ بِالله، لا تَغْلُلْ (* *) ولاَ تَغْدرْ، ولاَ تَقْتُلْ ولِيدًا، فَخَرَج عَبدُ الرحَمنِ حِينَ لَحِقَ أَصْحَابَه فَسَارَ حَتَّى قَدِمَ دَوْمَةَ الجَنْدَلِ، فَلَمَّا دَخَلَهَا دَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ فَمَكثَ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ يدْعُوهُم إلَى الإِسَلامِ وَقَدْ كَانُوا أَبَوْا أَوَّلَ مَا قَدِمَ أَنْ يُعْطُوهُ إِلَّا السَّيْفَ، فَلَمَا كَانَ الْيَومُ الثَّالِثُ اصبع (* * *) ابنُ عَمْرِو الْكَلْبِى وَكَانَ نَصْرانِيًا وَكَانَ رَأسَهُمْ وَكَتَبَ عَبدُ الرحمنِ إلى النَّبِىِّ ﷺ يُخْبِرُه بذَلِكَ وَبَعَثَ رَجُلًا مِن جُهَيْنَة يُقَالُ لهُ رَافِعُ بنُ مُكَيِثٍ فَكَتَبَ إلى رسُولِ الله ﷺ أَنُّه أرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِيهم، فَكَتَبَ إليه النَّبِىُّ ﷺ أَن يَتَزَوَّجَ ابنة الأصبغ تُماضِر، فَتَزَوَجَّهَا عَبْدُ الرَّحمنِ وَبَنى بها، ثُمَّ أَقَبَل بِهِا وهِىَ أُمُّ سَلمَةَ بنِ عَبْد الرَّحمنِ ".
"قَالَ رسُولُ الله ﷺ: يَا مُعَاويَّةُ أَلْقِ الدَّواةَ وحرف القَلَم وانْصُبِ البَاءَ وَفرِّقِ السَّيِنَ ولَا تقور الميم وحَسِّن الله وَمُدَّ الرَّحَمنَ وَجَوِّدْ الرَّحِيمَ وَضعْ قَلَمكَ عَلَى أُذُنِكَ اليُسْرى فإِنَّهُ أَفْكَرُ لَكَ".
"كَتَبْتُ بَيْنَ يَدى مُعَاوِيَة كِتَابًا فَقَالَ لى يَا عُبَيْد أَرْقِشِ كتابَكَ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ كتابا رقشه (*) قلْتُ: يَا أَميرَ المؤمنِينَ مَا رَقْشتُه؟ قَالَ اعْطِ كُلَّ حَرْفٍ مَا ينوبه مِنَ النُّقَطِ".
" كُنَّا نُصَلِّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِس إِذْ أَتَانَا آتٍ وَإمَامُنَا رَاكِعٌ، وَنَحْنُ ركُوعٌ فَقَالَ: إِنَّ رسُولَ الله ﷺ قَد أُنْزِلَ عَلَيْهِ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِر أنْ يَسْتَقبِل الكَعْبَةَ أَلَا فَاسْتَقْبِلُوهَا، فَانْحَرفَ إِمَامُنَا وهُوَ رَاكعٌ، وَانْحَرفَ الْقَومُ حَتَّى اسْتَقْبَلُوا الكَعْبَةَ، فَصَلَّيْنَا بَعْضَ تِلْكَ الصَّلَاة إِلى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَبَعْضَهَا إِلَى الكَعْبَةِ".
"عَنْ رسُولِ الله ﷺ أَنَّهُ أتَاهُ جِبْرِيلُ - عليْه السلامُ - فَبينَا هوَ عِنْدَهُ إِذ أَقْبلَ أَبُو ذَرٍّ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ: هُوَ أَبُو ذَرٍّ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِينَ الله وَتَعْرِفُونَ أَنْتُمْ أبَا ذَرٍّ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَالذِى بَعَثَكَ بِالْحقِّ إِنَّ أَبا ذَرٍّ أَعْرفُ فِى أَهْلِ السَّمَاءِ مِنْهُ فِى أَهْلِ الأَرْضِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِدُعاءٍ يَدْعُو بِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتين، وَقَدْ تَعَجَّبَت المَلاَئِكَةُ مِنْهُ، فَادعُ بهِ. فَسَألَهُ عَنْ دعُائِهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله ﷺ : يَا أَبَا ذَرٍّ دعُاء تَدْعُو بِه كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: نَعَمْ، فدِاكَ أَبِى وأُمّى، مَا سَمعتُهُ مِن بَشَر، وَإِنَّما هُوَ عَشَرَةُ أَحْرُف أَلْهَمَنِى رَبِّى إِلْهَامًا، وَأَنَا أَدْعُو بِهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتيْنِ أَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فَأُسَبِّح الله مَليّا، وَأُهَلِّلُهُ مَلِيّا، وَأَحْمَدُهُ مَلِيّا، وَأُكَبِّرُهُ مَلِيّا، ثُمَّ أَدْعُو بِتِلْكَ العَشْرِ كَلِمَات : اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ إِيمَانًا دَائِمًا، وَأَسْالُكَ قَلْبًا خَاشِعًا، وأَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وأَسْأَلُك يَقِينًا صَادِقًا، وأَسْالُكَ دِينًا قِيِّمًا، وأَسْأَلُكَ الْعَافِيةَ مِنْ كُلِّ بَلِيَّة، وأَسْأَلُكَ تَمَامَ الْعافِيةِ، وَأَسْأَلُكَ دَوَامَ الْعافِيَةِ، وأَسْألُكَ الشُّكْرَ عَلَى الْعافِيَةِ، وأَسْأَلُكَ الْغِنَى عِنَ النَّاسِ. قَالَ جِبْرِيلُ: يا مُحَمَّدُ، وَالّذى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبيّا لاَ يَدْعُو أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِكَ بهذَا الدُّعاءِ إلَّا غُفرَتْ لَهُ ذُنُوبُه وِإنْ كانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ، وَعَدَدِ تُرَابِ الأَرْضِ، وَلاَ يَلقَى أَحدٌ مِنْ أُمَّتِكَ وَفِى قَلْبِهِ هَذَا الدُّعاءُ إِلاَ اشْتاقَتْ إِلَيْهِ الْجِنَانُ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ الْمَلَكانِ، وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوابُ الْجَنَّةِ، ونادتِ الْمَلائِكَةُ: يَا وَلِىَّ الله ادْخُلْ مِنْ أىِّ بَابٍ شِئْتَ "
"كَانَ عَلِىٌّ يَخْطُبُ فَقَامَ إِلْيهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ أَخْبِرْنِى: مَنْ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ؟ وَمَنْ أَهْلُ الْفُرْقَةِ؟ وَمَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ؟ وَمَنْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ. أَمَا إِذَا سَأَلْتَنِى فَافْهَمْ عَنِّى، وَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ عَنْهَا أَحَدًا بَعْدِى، فَأَمَّا أَهْلُ الْجَمَاعَةِ: فَأَنا وَمَن اتَّبَعَنِى وَإِنْ قَلُّوا، وذَلِكَ الْحَقُّ مِنْ أَمْرِ الله وَأَمْرِ رَسُولِهِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْفُرْقَةِ: فَالْمُخَالِفُونَ لِى وَلِمَنِ اتَّبَعَنِى وَإِنْ كَثُرُوا، وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ: الْمُتَمَسِّكُونَ بِما سَنَّهُ الله لَهُمْ وَرَسُولُهُ وَإِنْ قَلُّوا، وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدْعَةِ: فَالْمُخَالِفُونَ لأَمْرِ الله وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ، الْعَامِلُونَ بِرَأيِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ وَإنْ كَثُرُوا، وَقَدْ مَضَى مِنْهُمُ الْفَوْجُ الأَوَّلُ وَبَقِيَتْ أَفْوَاجٌ، وَعَلَى الله قَصْمُهَا وَاسْتِئْصَالُهَا عَنْ جدبة الأَرْضِ، فَقَامَ إِليْهِ عَمَّارٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ الْفَيْئَ وَيَزْعُمُون أَنَّ مَنْ قَاتَلَنَا فَهُوَ وَمَالُهُ وَأَهْلُهُ فَيْئٌ لَنَا وولده، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ: وَالله مَا قَسَمْتَ بالسَّوِيَّةِ وَلَا عَدَلْتَ فِى الرَّعِيَّةِ، فَقَالَ عَلِىٌّ: وَلِمَ؟ وَيْحَكَ، قَالَ: لأَنَّكَ قَسَمْتَ مَا فِى الْعَسْكَرِ، وَتَرَكْتَ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ، فَقَالَ عَلِىٌّ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْيُدَاوِهَا بالسمن، فَقَالَ عَبَّادُ: جِئْنَا نَطْلُبُ غَنَائِمنَا، فَجَاءَنَا بالتُّرَّهَاتِ، فَقَالَ لَهُ عَلِىٌّ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَلَا أَمَاتَكَ الله حَتَّى تُدْرِكَ غُلَامَ ثَقِيفٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَومِ: وَمَنْ غُلَامُ ثَقِيفٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ لَا يَدعُ لله حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا، قَالَ: فَيَمُوتُ أو يقتل؟ قال: بل يقصمه. قاصم الجبارين، قتلهُ بِمَوْتٍ فَاحِشٍ، يَحْتَرِقُ مِنْهُ دُبُرُهُ لِكَثْرَةِ مَا يَجْرِى مِنْ بَطْنِهِ، يَا أَخَا بَكْرٍ: أَنْتَ امْرؤٌ ضَعِيفُ الرَّأىِ، أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأخُذُ الصَّغِيرَ بِذَنْبِ الْكَبِيرِ؟ ! وَأَنَّ الأَمْوَالَ كَانَتْ لَهُمْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ، وَتَزَوَّجُوا عَلَى رِشْدَةٍ، وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنَّمَا لَكُمْ مَا حَوَى عَسْكَرُهُمْ، وَمَا كَانَ فِى دُورِهِم فَهُوَ مِيرَاثٌ لِذُرِّيتِهمْ، فإِنْ عَدَا عَلَيْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ أَخَذْنَاهُ
وقَالَ ابْنُ يَسَافَ الأَنْصَارِىُّ:
إِنَّ رَأيًا رَأَيْتُمُوهُ سَفَاهًا ... لَخَطَأُ الإيرَادِ وَالإِصْدَارِ
لَيْسَ زَوْجُ النَّبِىِّ تُقْسَمُ فَيْئًا ... ذَاكَ زَيْغُ الْقُلُوبِ وْالأَبْصَارِ
فَاقْبَلُوا الْيَوْمَ مَا يَقُولُ عَلِىٌّ ... لَا تَنَاجَوا بِالإِثْمِ فِى الإِسْرَارِ
لَيْسَ مَا ضَمَّتِ الْبُيُوتُ بِفَىْءٍ ... إِنَّمَا الْفَيْئُ مَا تَضُمُّ الأُوَارُ
مِنْ كرَاعٍ فِى عَسْكِرٍ وَسِلَاحٍ ... وَمَتَاعٍ يَبِيعُ أَيْدِى التِّجَارِ
لَيْسِ فِى الْحَقٍّ قَسْمُ ذَاتِ نِطَاقٍ ... لَا، وَلَا أَخْذُكُمْ لِذَاتِ خِمَارِ
ذَاكَ هُوَ فَيْئُكُمْ خُذُوهُ وَقُولُوا ... قَدْ رَضِينَا لَا خَيْرَ فِى الإِكْثَارِ
إِنَّهَا أَمُّكُمْ وَإنْ عَظُمَ الْخَطبُ ... وَجَاءَتْ بِذَلَّةٍ وَعَثَارِ
فَلَهَا حُرْمَةُ النَّبِىِّ وحقا ... قٌ عَليْنَا مِنْ سَتْرِهَا وَوَقَارُ
فَقَامَ عَبَّادُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ: يا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ: أَخْبِرْنَا عَن الإيمَانِ، فَقَال: نَعَمْ إِنَّ الله ابْتَدَأَ الأُمُورَ فَاصْطَفَى لِنَفْسِهِ مِنْهَا مَا شَاءَ، وَاسْتَخْلَصَ مَا أَحَبَّ، فَكَانَ مِمَّا أَحَبَّ أَنَّهُ ارْتَضَى الإسَلامَ وَاشْتَقَّهُ مِن اسْمِهِ، فَنَحَلَهُ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ شَقَّهُ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ، وَعَزَّزَ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ حَارَبَهُ، هَيْهَاتَ مِنْ أَنْ يَصْطَلِمَهُ مُصْطَلِمٌ! جَعَلَهُ سَلْمًا لِمَنْ دَخَلَهُ، وَنُورًا لِمَنْ اسْتَضَاءَ بِهِ، وَبُرْهَانًا لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَدِينًا لِمَنِ انْتَحَلَهُ، وَشَرَفًا لِمَنْ عَرَفَهُ، وَحُجَّةً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ، وَعِلْمًا لِمَنْ رَوَاهُ، وَحِكْمَةً لِمَنْ نَطَقَ به، وَحَبْلًا وَثِيقًا لِمَنْ تَعَلَّقَ بِهِ، وَنَجَاةً لِمَنْ آمَنَ بِهِ، فَالإِيمَانُ أَصْلُ الْحَقِّ، وَالْحَقُّ سبِيلُ الْهُدَى، وَسَيْفُهُ جَامِعُ الْحِلْيَةِ، قَدِيمُ الْعُدَّةِ، الدُّنْيَا مِضْمَارُهُ، وَالْغَنِيمَةُ حِلْيَتُهُ، فَهُوَ أَبْلَجُ مِنْهَاجٍ، وَأَنْورُ سِرَاجٍ، وَأَرْفَعُ غَايَةٍ، وَأَفْضَلُ دَاعِيَةٍ، بَشِيرٌ لِمَنْ سَلَكَ قَصْدَ الصَّادِقِينَ، وَاضِحُ الْبَيَانِ، عَظِيمُ الشأنِ، الأَمْنُ مِنْهَاجُهُ، وَالصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ، وَالْفِقْهُ مَصَابِيحُهُ، وَالْمُحْسِنُونَ فِرْسَانُهُ، فَعُصِمَ السُعَدَاءُ بِالإيمَانِ، وَخُذِلَ الأَشْقياءُ بِالْعِصْيَانِ مِنْ بَعْدِ اتِّجَاهِ، الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِالْبَيَانِ، إِذْ وَضَحَ لَهُمْ مَنَارُ الْحَقِّ وَسبِيلُ الْهُدَى، فتارك الحق مشوه يوم التغابن داحضة حجته عند فوزِ السعداء بالجنَّة، فَالإيمَانُ يُسْتَدَلُّ به عَلِى الصَّالِحَاتِ، وَبِالصَّالِحَات يَعْمُرُ الْفِقْهُ، وَبِالْفِقْهِ يُرْهَبُ الْمَوْتُ، وَبِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْيَا، وَبِالدُّنْيَا تَخْرُجُ الآخِرَةُ وَفِى الْقيَامَةِ حَسْرَةُ أَهْلِ النَّارِ، وَفِى ذِكْرِ أَهْلِ النَّارِ مَوْعِظَةُ أَهْلِ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى غَايَةٌ لَا يَهْلِكُ مَن اتَّبَعَهَا، وَلَا يَنْدَمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا؛ لأَنَّ بِالتَّقْوَى فَازَ الْفَائِزُونَ، وَبِالْمَعْصِيَةِ خَسِرَ الْخَاسِرُونَ، فَلْيَزْدَجِرْ أَهْلُ النُّهَى، وَليَتَذَكَّرْ أَهْلُ التَّقْوَى، فَإِنَّ الْخَلْقَ لَا مُقَصِّرَ لَهُمْ فِى الْقِيَامَةِ دُونَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَىِ الله، مرفلين في مِضْمَارِهَا نَحْوَ الْقَصَبَةِ الْعُلْيَا إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى، مُهْطِعينَ بِأَعْنَاقِهِمْ نَحْوَ دَاعِيهَا، قَدْ شَخَصُوا مِنْ مُسْتَقَرِّ الأَجْدَاثِ وَالْمَقَابِرِ إِلَى الضَّرُورَةِ أَبَدًا، لِكُلِّ دَارٍ أَهْلُهَا، قَدِ انْقَطَعَتْ بِالأَشْقِيَاءِ الأَسْبَابُ، وأفضوا إِلَى عَدْلِ الْجَبَّارِ، فَلَا كَرَّةَ لَهُمْ إِلَى دَارِ الدُّنْيَا، فَتَتَبَرَّءُوا مِنَ الَّذِينَ آثرُوا طاعَتَهُمْ عَلَى طَاعَةِ الله، وَفَازَ السُّعَدَاءُ بِوِلَايَةِ الإِيمَانِ، فَالإِيمَانُ يَا ابْنَ قَيْسٍ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: الصَّبْرِ، وَالْيَقِينِ، وَالْعَدْلِ، وَالْجِهَادِ، فَالصَّبْرُ مِنْ ذَلِكَ علَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: الشَّوْقِ، وَالشَّفَقِ، وَالزُّهْدِ، وَالتَّرَقُّبِ، فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَن الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَن الْمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِى الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ، وَمَن ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِى الْخَيْرَاتِ، وَالْيَقِينُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: تَبْصِرَة الْفِطْنَةِ، وَمَوْعِظَة الْعِبْرَةِ، وَتَأوِيل الْحِكْمَةِ، وَسُنَّة الأَوَّلِينَ، فَمَنْ أَبْصَرَ الْفِطْنَةَ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ، وَمَنْ تأَوَّلَ الْحِكْمَةَ عَرَفَ الْعِبْرَةَ، وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ عَرَفَ السُّنَةَ، وَمَنْ عَرَفَ السَّنَّةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِى الأَوَّلِينَ فَاهْتَدَى إِلَى الَّتِى هِىَ أَقْوَمُ، وَالْعَدْلُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: غَائِصِ الْفَهْمِ، وَغَمْرَةِ الْعِلْمِ، وَزَهْدَةِ الْحُكْمِ، وَرَوْضَةِ الْحِلْمِ فَمَنْ فَهِمَ فَسَّرَ جَمِيعَ الْعِلْمِ، وَمَنْ عَلِمَ عَرَفَ شَرَائِعَ الْحُكْمِ، وَمَنْ عَرَفَ شَرَائِعَ الْحُكْمِ لَمْ يَضِلَّ، وَمَنْ حَلِمَ لَمْ يُفْرَطْ أَمْرُهُ، وَعَاشَ فِى النَّاسِ حَمِيدًا، وَالْجِهَادُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِم: الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْىِ عَن الْمُنْكَرِ، وَالصِّدْقِ فِى الْمَوَاطِنِ، وَشَنَآنِ الْفَاسِقِينَ، فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ، وَمَنْ نَهَى عَن الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أَنْفَ الْمُنَافِقِ، وَمَنْ صَدَقَ فِى الْمَوَاطِنِ قَضَى الَّذى عَليْهِ، وَمَنْ شَنَأَ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ لله غَضِبَ الله لَهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ عَمَّارُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤُمِنِينَ: أَخْبِرْنَا عَن الْكُفْرِ، عَلَى مَا بُنِىَ؟ كَمَا أَخْبَرْتَنَا عَن الإيمَانِ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، بُنِىَ الْكُفْرُ عَلَى أَرْبِعِ دَعَائِمَ: عَلَى الْجَفَاءِ وَالْعَمَى - وَالْغَفْلَةِ وَالشَّكِّ، فَمَنْ جَفَا احْتَقَرَ الْحَقَّ وَجَهَرَ بِالْبَاطِلِ وَمَقَتَ الْعُلَمَاءَ وَأَصَرَّ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ، وَمَنْ عَمِىَ نَسِىَ الذِّكْرَ، وَاتَّبَعَ الظَّنَّ، وَطَلَبَ الْمَغْفِرَةَ بِلَا تَوْبَةٍ وَلَا اسْتِكَانَةٍ، وَمَنْ غَفَلَ حَادَ عَن الرُّشْدِ، وَغَرَّتْهُ الأَمَانِىُّ وَأَخَذَتْهُ الْحَسْرَةُ وَالنَّدَامَةُ، وَبَدَا لَهُ مِن الله مَا لَمْ يَكُنْ يَحْتَسِبُ، وَمَنْ عَتَا فِى أَمْرِ الله شَكَّ، وَمَنْ شَكَّ تَعَالَى الله عَليْهِ فَأَذَلَّهُ بسُلْطَانِهِ، وَصَغَّرهُ بِجَلَالِهِ كَمَا فَرَّطَ فِى أَمْرِهِ، وَاغْتَرَّ بِربِّهِ الْكَرِيمِ، وَالله أَوْسَعُ بِمَا لَدَيْهِ مِنَ الْعَفْوِ وَالتَّيْسِيرِ، فَمَنْ عَمِلَ بِطَاعَةِ الله اجْتَلَبَ بِذَلِكَ ثَوَابَ الله، وَمَنْ تَمَادَى فِى مَعْصِيَة الله ذَاقَ وَبَالَ نِعْمَةِ الله، فَهَنِيئًا لَكَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، عُقْبَى لَا عُقْبِى غَيْرُهَا، وَجَنَّاتٌ لَا جَنَّاتٌ بَعْدَهَا فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدِّثْنَا عَنْ مَيتِ الأَحْيَاءِ، قَالَ نَعَمْ: إِنَّ الله بَعَثَ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَصَدَّقَهُمْ مُصَدِّقُونَ، وَكَذَّبَهُمْ مُكَذِّبُونَ، فَيُقَاتِلُونَ مَنْ كَذَّبَهُمْ بِمَنْ صَدَّقَهُمْ، فَيُظْهِرُهُمُ الله، ثُمَّ تَمُوتُ الرُّسُلُ فَتَخْلُفُ خُلُوفٌ، فَمِنْهُمْ مُنْكِرٌ لْلمُنْكَرِ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ، فَذَلِكَ اسْتَكْمَلَ خِصَالَ الْخَيْرِ، وَمِنْهُمْ مُنْكِرٌ لِلْمُنْكَرِ بلِسَانِهِ وَقَلْبَهِ تَارِكٌ له بِيَدِهِ، فَذلِكَ خَصْلَتَانِ مِنْ خِصالِ الْخَيْرِ تَمَسَّكَ بِهِمَا، وضَيَّعَ خصْلَةً واحدة وَهِىَ أَشْرَفُهَا، وَمنْهُمْ مُنْكِرٌ لِلْمُنْكَرِ بِقَلْبِهِ تَارِكٌ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَذَلِكَ ضَيَّعَ شَرَفَ الْخَصْلَتَيْنِ مِنَ الثَّلَاثِ وَتَمَسَّكَ بِوَاحِدَةٍ، وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لَهُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِه ويَدِهِ، فَذَلِكَ مَيْتُ الأَحْيَاءِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَلَى مَا قَاتَلْتَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ؟ قَالَ: قَاتَلْتُهُمْ عَلَى نَقْضِهِمْ بَيْعَتِى وَقَتْلِهِمْ شِيعَتِى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، حَكِيمُ بَنُ جَبَلَةَ الْعَبْدِىُّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، والسَّائِحَةُ والأَسَاوِرَةُ بِلَا حَقٍّ اسْتَوْجَبُوهُ مِنْهُمَا، وَلَا كَانَ ذَلِكَ لَهُمَا دُونَ الأمَامِ، وَلَوْ أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ بِأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ لَقَاتَلَاهُمَا، ولقد علم مَنْ ههنا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّد ﷺ أَنَّ أَبَا بَكْر وَعُمَرَ لَمْ يَرْضَيَا مِمَّن امْتَنَع مِنْ بَيْعَةِ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى بَايَعَ وَهُوَ كَارِهٌ، وَلَمْ يَكُونُوا بَايَعُوهُ بَعْدُ الأَنْصَارُ، فَمَا بَالِى وَقَدْ بَايَعَانِى طَائِعَينِ غَيْرَ مُكْرَهَينِ وَلَكِنَّهُمَا طَمِعَا مِنِّى فِى وِلَايَةِ الْبَصْرَةِ وَالْيَمَنِ، فَلَمَّا لَمْ أُوَلِّهما وَجَاءَهُمَا الَّذِى غَلَبَ مِنْ حُبِّهِمَا لِلدُّنْيَا وَحِرْصِهِمَا عَليْهَا خِفْتُ أَنْ يَتَّخِذَا عِبَادَ الله خولا وَمَالَ الْمُسْلِمينَ لأَنْفُسِهِمَا، فَلَمَّا زَوَيْتُ (ذَلكَ) (*) عَنْهُمَا وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ جَرَّبْتُهُمَا وَاحْتَجَجْتُ علَيْهِمَا. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَخْبِرْنَا عَن الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْىِ عَن الْمَنْكَرِ أَوَاجِبٌ هُوَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الله الأُمَمَ السَّالِفَةَ قَبْلَكُمْ بتَرْكِهِمْ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَن الْمُنْكَرِ، يَقُولُ الله - ﷻ -: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} وَإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْىَ عَن الْمُنْكَرِ لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ الله، فَمَنْ نَصَرَهُمَا نَصَرَهُ الله، وَمَنْ خَذَلَهُمَا خَذَلَهُ الله، وَمَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَالْجِهَادُ فِى سَبيلِهِ عِنْدَ الأَمْرِ بالْمَعْرُوفِ والنَّهْىِ عَن الُمُنْكَرِ إِلَا كبقعة فِى بَحْرٍ لُجِّىٍّ، فَمُرُوا بِالْمَعْرُوَفِ وانْهَوا عَن الْمُنْكَرِ، فَإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَن الْمُنْكَرِ لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُنْقِصَانِ مِنْ رِزْقٍ، وأَفْضَلُ الْجِهَادِ كلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ، وَإِنَّ الأمْرَ لَيَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرْضِ كَمَا يَنْزِلُ قَطرُ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قَدَّرَ الله لَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فِى نَفْسٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدكم نقصانا فِى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَرَأَى الآخَر ذَا يَسَارٍ لَا يَكُونَنَّ لَهُ فِتْتَةٌ، فَإِنَّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ الْبرِئَ مِنَ الْخِيَانَةِ لَيَنْتَظِرُ مِنَ الله إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ: إِمَّا مِنْ عِنْدِ الله فَهُوَ خَيْرٌ وَاقِعٌ، وَإِمَّا رِزْقٌ مِنَ الله يَأَتِيهِ عَاجِلٌ، فإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ وَمَالٍ وَمَعَهُ حَسَبُهُ وَدِينُهُ، الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْبَاَقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ حَرْثُ الدُّنْيَا، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الآخِرَةِ، وَقَدْ يَجْمَعُهُمَا الله لأَقْوَامٍ. فَقَامَ إِليْه رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَنْ أَحَادِيثِ الْبِدَعِ، قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: إِنَّ أَحَادِيثَ سَتَظْهَرُ مِنْ بَعْدِى حَتَّى يَقُولَ قَائلُهُمْ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ ، وَسَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ كُلُّ ذَلِكَ افْترَاءٌ عَلَىَّ، وَالًّذِى بَعَثَنِى بِالْحَقِّ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِى عَلَى أَصْلِ دِينِهَا وَجَمَاعَتِهَا عَلى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا ضَالَّةٌ مُضِلَّةٌ تَدْعُو إِلَى النَّارِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ الله فَإنَّ فِيهِ نَبَأَ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَنَبَأَ مَا يَأتِى بَعْدَكُمْ، وَالْحُكْمُ فِيهِ بَيَّنٌ، مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْجَبَابِرَة قَصَمَهُ الله، وَمَنِ ابْتَغَى الْعِلْمَ فِى غَيْرِهِ أَضَلَّهُ الله، فَهُوَ حَبْلُ الله الْمَتِينُ، وَنُورُهُ المُبِينُ، وَشِفَاؤُهُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنْ تَبِعَهُ، لَا يَعْوَجُّ فَيُقَام، وَلَا يَزِيغُ فَيتَشَعَّبُ، وَلَا تَنْقَضِى عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ، هُوَ الَّذِى سَمِعَتْهُ الْجِنُّ فَلَمْ تَتَنَاهَ أَنْ وَلَّوا إلى قومهم منذرين، قَالُوا: يَا قَوْمَنَا؛ {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ هُدىَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَقَامَ إِليْهِ رَجُلٌ فقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: أَخْبِرْنَا عَنِ الْفِتْنَةِ، هَلْ سَأَلْتَ عَنْهَا رَسُولَ الله ﷺ ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِه الآيَةُ مِنْ قَوْل الله {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} عَلِمْتُ أَنَّ الْفِتْنَةَ لَا تَنْزِلُ بِنَا وَرَسُولُ الله ﷺ حَىٌّ بَيْنَ أَظهُرِنَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله: مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ التى أخبركم الله بها؟ فقال يا على إن أمَّتِى سيفتنون مِنْ بَعَدِى، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله: أَوْ لَيْسَ قَدْ قُلْتَ لِى يَوْمَ أُحُدٍ حَيْثُ اسْتُشْهِدَ مَن اسْتُشْهِدَ مِن الْمُسْلِمينَ وَحَزِنْتَ عَلَى الشَّهَادَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَىَّ، فَقُلْتَ لِى: أَبْشِرْ يا صديق فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ، فَقَالَ لِى: فإِنَّ ذَلكَ لَكَذَلِكَ، فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذَا خَضِبَتْ هَذِهِ مِنْ هَذَا، وَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِى وَرَأسِى، فَقُلْتُ: بَأَبِى وَأُمِّى يَا رَسُولَ الله لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ وَلَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَالشُّكْرِ، فَقَالَ لِى: أَجَلْ، ثُمَّ قَالَ لِى: يَا عَلِىُّ: إِنَّكَ بَاقٍ بَعْدِى وَمُبتَلًى بِأُمَّتِى، وَمُخَاصَمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَى الله، فَأَعِدَّ جَوَابًا، فَقُلْتُ: بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى بَيِّنْ لِى هَذِهِ الْفِتْنَةَ الَّتِى يُبْتَلُونَ بِهَا وَعَلَى مَا أُجَاهِدُهُمْ بَعْدَكَ، فَقَالَ: إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِى النَّاكِثَةَ وَالْقَاسِطَةَ وَالْمَارِقَةَ وَجَلَّاهُمْ وَسَمَّاهُمْ رَجُلًا رَجُلًا ثُمَّ قَالَ لِى: وَتُجَاهِدُ أُمَّتِى عَلَى كُلِّ مَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ وَسُنَّتِى مِمَّنْ يَعْمَلُ فِى الدِّينِ بِالرَّأىِ وَلَا رَأىَ فِى الدِّينِ، إِنَّمَا هُوَ أَمْرُ الرَّبِّ وَنَهْيُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فَأَرْشِدْنِى إلَى الفلج عِنْدَ الْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: نَعَمْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاقْتَصِرْ عَلَى الْهُدَى، إِذَا قَوْمُكَ عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الهوى، وَعَطَفُوا الْقُرآنَ عَلَى الرَّأىِ، فَتَأَوَّلُوهُ بِرَأيِهِمْ تُتْبَعُ الْحُجَجُ مِنَ الْقُرْآنِ بِمُشْتَبِهَاتِ الأَشْيَاءِ الْكَاذِبَةِ عِنْدَ الطُّمَأنِينَةِ إِلَى الدُّنْيَا وَالتَّهَالُكِ وَالتَّكَاثُرِ، فَاعْطِفْ أَنْتَ الرَّأَىَ عَلَى الْقُرْآنِ إِذَا قَوْمُكَ حَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه عِنْدَ الأَهْوَاءِ السَّاهِيَةِ، وَالأَمْرِ الصالح، وَالْهَرَجِ الآثِمِ، وَالْقَادَةِ النَّاكِثَةِ، وَالْفِرْقَةِ الْقَاسِطَةِ، وَالأُخْرَى الْمَارِقَةِ، أهل الأِفْكِ الْمُرْدِى، وَالْهَوَى الْمُطْغِى, وَالشُّبْهَةِ الْحَالِقَةِ، فَلَا تَتَّكِلَنَّ عَنْ فَضْلِ الْعَاقِبَةِ فإن العاقبة للمتقين وإياك يا على أن يكون خصمك أَوْلَى بالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، وَالتَّواضُعِ لله وَالاقْتَدَاءِ بِسُنَّتِى، وَالْعَمَلِ بِالْقُرْآنِ مِنْكَ، فإِنَّ من فلج الرَّبِّ عَلَى الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُخَالِفَ فَرْضَ الله أَوْ سُنَّةً سَنَّهَا نَبِىٌّ، أَوْ يَعْدِلَ عَن الْحَقِّ وَيَعْمَلَ بالْبَاطِلِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُمْلَى لَهُمْ فَيَزْدَادُوا إِثْمًا يَقُولُ الله: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} يَا عَلِىُّ فَلَا يَكُونَنَّ الشَاهِدُونَ بِالْحَقِّ وَالْقَوَّامُونَ بالقسط عندك كغيرهم يا على إن القوم سيفتنون وَيَفْتَخِرُونَ بِأَحْسَابِهِمْ وَأَمَوْالِهِمْ، وَيُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ، ويمنون دِينَهُمْ عَلَى ربِّهِمْ، وَيَتَمَنَّوْنَ رَحْمَتَهُ، وَيَأمَنُونَ عِقَابَهُ، وَيَسْتَحِلُّونَ حَرَامَهُ بِالْمُشْتَبِهَاتِ الْكَاذِبَةِ، فَيَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ بِالنَّبِيذِ، وَالسُحْتَ بِالْهَدِيَّةِ وَالرِّبَا بالْبَيْعِ، وَيَمْنَعُونَ الزَّكَاةَ، وَيَطْلُبُونَ الْبِرَّ، وَيَتَّخِذُونَ فِيمَا بَيْنَ ذلِكَ أَشْيَاءَ مِنَ الْفِسْقِ لَا تُوصَفُ صِفَتُهَا وَيَلِى أَمْرَهُمْ السُّفَهاءُ، وَيَكْثُرُ تَتَبُّعُهُمْ عَلَى الْجَوْرِ وَالْخَطَأِ، فَيَصيرُ الْحَقُّ عِنْدَهُمْ بِاطِلًا، وَالْبَاطِلُ حَقّا، وَيَتَعَاونُونَ عَلَيْهِ، وَيَرْمُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَيَعِيبُونَ الْعُلَمَاءَ وَيَتَّخِذُونَهُمْ سُخْرِيّا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فَبِأَيَّةِ الْمَنَازِلِ هُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ أو بمنزلة رِدَّةٍ؟ قَالَ: بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ، يُنْقِذُهُمْ الله بنَا أَهْلَ الْبَيْتِ عِنْدَ ظُهُورِنَا السعداء مِنْ أُولِى الأَلْبَابِ إِلَّا أَنْ يَدَعُوا الصَّلَاةَ وَيَسْتَحِلُّوا الْحَرَامَ فِى حَرَمِ الله، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَهُوَ كَافِرٌ، يَا عَلِىُّ بِنَا فَتَحَ الله الإِسْلَامَ، وَبِنَا يَخْتِمُهُ، بِنَا أَهْلَكَ الأَوْثَانَ وَمَنْ يَعْبُدُهَا، وَبِنَا يَقَصِمُ كُلَّ جَبَّارٍ وَكُلَّ مُنَافِقٍ حَتَّى إنَّا لَنُقْتَلُ فِى الْحَقِّ مِثْلَ مَنْ قُتِلَ فِى الْبَاطِلِ، يَا عَلِىُّ إِنَّمَا مَثَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ حَدِيقَةٍ أُطْعِمَ مِنْهَا فَوْجًا عاما، فَلَعَلَّ آخِرَهَا فَوجًا أَنْ يَكُونَ أثْبَتَهَا أَصْلًا وَأَحْسَنَهَا نَوْعًا، وَأَحْلَاهَا جَنًا، وَأَكْثَرَهَا خَيْرًا، وَأَوْسَعَهَا عَدْلًا، وَأَطْوَلَهَا مُلْكًا، يَا عَلِىُّ كَيْفَ يُهْلِكُ الله أُمَّةً أَنَا أَوَّلُهَا، وَمَهْدِينَا اَوْسَطُهَا، وَالْمِسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ آخِرُهَا، يَا عَلِىُّ إِنَّمَا مَثَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ، وَبَيْنَ ذَلكَ أَعْوَجُ لَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنِّى، يَا عَلِىُّ وَفِى تِلْكَ الأُمَّةِ يَكُونُ الْغُلُولُ وَالْخُيَلَاءُ وَأَنْوَاعُ الْمَثُلَاتِ، ثُمَّ تَعُودُ هَذِهِ الأُمَّةُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ خِيَارُ أَوَائِلها، فَذِلِكَ مِنْ بَعْدِ حَاجَةِ الرَّجُلِ إِلَى قُوتِ امْرَأَتِهِ - يَعْنِى غَزْلَهَا - حَتَّى إِنَ أَهْلَ الْبَيْتِ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيَقْنَعُونَ مِنْهَا بِرَأسِهَا وَيُوَاسُونَ بِبَقِيَّتِهَا مِنَ الرَّافَةِ والرَّحْمَةِ بَيْنَهُمْ".