"عن عمر قال: ثَلَاثَةٌ هُنَّ فَوَاقِرُ: جَارُ سُوءٍ فِى دَارِ مُقَامَةٍ، وَزَوْجَةُ سُوءٍ إِنْ دَخَلتَ عَلَيْهَا لَسَنَتْكَ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ تَأْمَنْهَا، وَسُلْطَانٌ إِنْ أَحْسَنْتَ لَمْ يَقْبَلْ مِنْكَ وَإِنْ أَسَأْتَ لَمْ يُقلْكَ".
31.04. Actions > ʿUmar b. al-Kaṭṭāb (66/75)
٣١.٠٤۔ الأفعال > مسند عمر بن الخطاب ص ٦٦
"عن أسلم أن عمرَ ضرب عَبْدَ اللَّه ابْنَهُ بالدِّرَّةِ وقال: أَتَكْتَنِى بِأبِى عِيسَى؟ أَوَ كَانَ لَهُ أَبٌ؟ ".
"عن أسلم قال: جاءت امرأة عبد اللَّه [ابن عمر بن الخطاب] إلى عمر ابن الخطاب فقالت له: يا أمير المؤمنين اعْذُرْنِى من أَبى عيسى، قال: وَمَنْ أَبُو عيسى؟ قالت: ابْنُكَ عَبْدُ اللَّه، قال: قَدْ يُكْنَى بِأبِى عِيسَى؟ ! قالت: نعم، قال يا أسلمُ اذْهَبْ فَادْعُهُ ولا تخبرهِ لأَىِّ شَىْءٍ أدعوه، فجئت فقلت له: أَجِب أبَاكَ، فسألنى: لأى شَئٍ "دعاه؟ فَأبَيْتُ أَنْ أخبره، فَرَشَانِى بَيْضَةَ دَجَاجَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فأخبرته، فجاء وقد حَذِرَ، فقال لى: أَخْبَرْتَهُ؟ وكان لا يكذب، فقلت: نَعَمْ، فضربنى، ثم قال له: تَكَنَّيْتَ أبَا عِيسَى؟ ! وَهَلْ لِعيسى مِنْ أَبٍ؟ ! لَيْسَ هَذَا الْكُنَى مِنْ كُنَى العَرَبِ، إِنَّمَا كُنَى العَرَبِ: أَبُو شَجَرَةَ، وأَبو سَلَمَةَ، وأَبو قَتَادَةَ؛ لأسْمَاءٍ عَدَّهَا".
"عن البهى قال: كان بين عبيد اللَّه بن عمر وبين المقداد شئ، فنال منه عبيد اللَّه، فشكاه المقداد إلى أبيه، فنذر عمر ليقطعن لسانه، فلما خاف ذلك من أبيه تحمل على أبيه بالرجال فقال: دعونى فأقطع لسانه فيكون سنة يعمل بها من بعدى، لا يوجد رجل شتم رجلا من أصحاب رسول اللَّه ﷺ إلا أقطع لسانه".
"عن الشعبى قال: جاءت امرأة إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين إنى وجدت صبيا ووجدت معه قبطية فيها مائة دينار، فأخذته واستأجرت له ظئرًا، وإن أربع نسوة يأتينه فيقبلنه لا أدرى أيتهن أمه، فقال لها: إذا أتينك فأعلمينى. ففعلت، فقال لأمْرَاةٍ منهن: أيتكن أم هذا الصبى؟ فقالت: واللَّه ما أحسنت ولا أجملت يا عمر؛ تعمد إلى امرأة ستر اللَّه عليها فتريد أن تهتك سترها؟ قال: صدقت، ثم قال للمرأة: إذا أتينك فلا تسأليهن عن شئ وحسنى إلى صبيهن. ثم انصرف".
"عن أَبى موسى الأشعرى قال: أتيت عمر فسلمت عليه، فإذا رجل قاعد عنده، فقال عمر: يا أبا موسى أتعرف هذا الرجل؟ قلت: لا، ومن هذا الرجل؟ قال: هذا الذى أفلت من قتل أَبى عامر، قال: وقد قاتل أبو عامر قبله عشرة من المشركين كلما قتل رجلا قال: اللهم اشهد، حتى إذا بقى هذا الحادى عشر ذهب ليتعاطاه فقال: اللهم اشهد فنزل الرجل حائطا وقال اللهم لا تشهد على اليوم، قال عمر: قد جاء اليوم مسلما".
"عن أَبى مريم عبيد قال: دخلت مع عمر بن الخطاب محراب داود فقرأ فيه (ص) وسجد".
"عن عمر قال: اجتنبوا أعداء اللَّه اليهود والنصارى في عيدهم يوم جمعهم؛ فإن السخط ينزل عليهم، فأخشى أن يصيبكم، ولا تعلموا رطانهم فتخلقوا بِخُلقِهم".
"عن عمر قال: اعتزل ما يؤذيك وعليك بالخليل الصالح، وقلَّ ما تجده، وشاور في أمرِك الذين يخافون اللَّه ﷻ".
"عن ابن سراقة أن أبا موسى الأشعرى كتب إلى عمر بن الخطاب يشاوره في جارية أراد أن يشتريها، فكتب إليه عمر: لا تتخذ منهن فإنهن قوم لا يتعايرون الزنا، وإن اللَّه نزع الحياء من وجوههم كما نزع من وجوه الكلاب، وعليك بجارية من سبايا العرب تحفظك في نفسها وتخلفك في ولدها".
"عن أَبى أُمامة الباهلى عن عمرَ بن الخطاب أنه سأل رسولَ اللَّه ﷺ عن الغُسلِ من الجنابة، فقال رسولُ اللَّه ﷺ فإنى أُفَرِغُ على رَأسى ثَلاثَ مَراتٍ، أَعْركُ رأسى في كل مرة".
"عن الحسن قال: كان لعمر عيونٌ على الناس، فأتوه فأخبروه أن قوما اجتمعوا ففضلوه على أَبى بكر فغضب وأرسل إليهم فأتى بهم فقال: يا شرَّ قومٍ، يا شرَّ حى، يا سيد الحصان! ! فقالوا: يا أمير المؤمنين لم تقول لنا هذا؟ ما شأننا؟ ! فأعاد ذلك
عليهم ثلاث مرات: ثم قال بعدتم فقونتم بينى وبين أَبى بكر الصديق! ! فوالذى نفسى بيده لوددت أنى في الجنة حيث أرى فيها أبا بكر مَدَّ البصر".
"عن جبير بن نفير أن نفرا قالوا لعمر بن الخطاب: واللَّه ما رأينا رجلا أقضى بالقسط ولا أَقْوَلَ بالحق، ولا أشد على المنافقين منك يا أمير المؤمنين، فأنت خير أمة بعد النبى ﷺ فقال: من هو يا عوف؟ فقال: أبو بكر، فقال عمر: صدق عوف وكذبتم، واللَّه لقد كان أبو بكر أطيب من ريح المسك وأنا أَضَلُّ من بعير أهلى".
"عن سليمان بن يسار قال: خطب عمر الناس فقال: يا أيها الناس إنه يكون منى مذى، وإن كل فحل يمذى، يغتسل من المنى ويتوضأ من المذى".
"عن أَبى بحرية الكندى أن عمر بن الخطاب خرج ذات يوم فإذا هو بمجلس فيه عثمان بن عفان".
"عن الحسن البصرى قال: كان عمر قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلا بإذن وأجل، فشكوه، فبلغه، فقام فقال: ألا إنى قد سَنَّنْتُ الإسلام: من البعير يبدأ فيكون جذعا، ثم ثنيا، ثم رباعيا، ثم سداسيا، ثم بازلا، فهل ينتظر بالبازل إلا النقصان؟ ! ألا وإن الإسلام قد بزل، ألا وإن قريشا يريدون أن يتخذوا مال اللَّه مَغْرما دون عبادة إلا فأمَّا وابن الخطاب حى فلا، إنى قائم دون شُعَبِ الحرة تأخذ بحلاقيم قريش وحجزها أن يتهافتوا في النار".
"عن ابن عمر قال: جاء الزبير إلى عمر فقأل: ائذَنْ لى أن أخرج فأقاتل في سبيل اللَّه، قال: حسبك؟ قد قاتلت مع رسول اللَّه ﷺ ".
"عن الشعبى قال: لم يمت عمر حتى ملته قريش، وقد كان حصرهم بالمدينة وأسبغ عليهم، وقال: إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد، فإن كان الرجل ليستأذنه في الغزو وهو ممن حضر في المدينة من المهاجرين، ولم يكن فعل ذلك بغيرهم من أهل مكة، فيقول: قد كان لك في غزوك مع النبى ﷺ ما يبلغك، هو خير لك من الغزو اليوم ألا ترى الدنيا ولا تراك؟ ! فلما ولى عثمان خلى عنهم فاضطربوا في البلاد وانقطع إليهم الناس، قال محمد وطلحة: فكان ذلك أول وهن دخل على الإسلام، وأول فتنة كانت في العامة ليس إلا ذلك".
"عن ميمون بن سياه، عن عمر أنه تلا هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} فقال رسول اللَّه ﷺ سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له".
"عن عمر قال: الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل من الخراة والبول والحدث".
"عن عمر قال: اشتدوا على الفساق واجعلوهم يَدًا يدا، ورجلا رجلا".
"عَنْ بشر بن عاصم قال: جاء تميم الدارى استأذن عمر أن يقص على الناس قائما، فأذن له".
"عن الحسن أن رجلا أتى أهل ماء فاستقاهم فلم يسقوه حتى مات عطشا، فأغرمهم عمر بن الخطاب ديته".
"عَنْ مُحمد بن سِيرِينَ فِى الجَدَّات الأرْبعِ أَنَّ عُمَر اطْعَمَهُنَّ السُّدُسَ".
"عَنْ مَسْرُوقٍ (*) قَال: قَدمْنا عَلى عُمَر فَقَالَ: كَيْفَ عَيْشُكُم؟ قُلْنا أَخْصَبُ قومٍ، نحن قَومٌ يخَافُونَ الدجال، قال: مَا قَبْلَ الدجالِ أخوف عَليكُمْ: الهَرْجُ، (قُلْتُ: وَمَا الهَرْجُ؟ ) قَال: القَتْلُ؛ حتَّى إنَّ الرَّجلَ ليقتل أباه".
"عَنْ أنسٍ قَال: اسْتُودِعْتُ مَالًا فَوضَعْتُه مَع مَالِى فَهَلَك من بَيْنِ مَالِى، فَرَفَعْتُ إلَى عُمَرَ، فَقَالَ: إنَّكَ لأَمِين فِى نَفْسٍ، وَلَكِن هَلَكَ مِن بَيْنِ مَالِكَ فَضَمِنْتَهُ".
"عَنْ أَبى مِجلِز قَال: أَرادَ عُمر أَنْ لَا يَدَعَ مِصْرًا مِن الأَمْصَارِ إلَّا أَتَاه، فَقَالَ لَهُ كَعبٌ: لَا تَأَتى العِرَاق فَإِنَّ فِيه تَسْعَة أَعَشارِ الشَّرِّ".
"عَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّه ﷺ يَومًا صَلاةَ الظُّهْرِ فَقَرأَ مَعَه رَجُل مِنَ النَّاسِ فِى نَفْسِه، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَه قَالَ: هَلْ قَرأَ [معى] منكم أَحَدٌ قَال ذَلِك ثَلاثًا، فَقالَ لَه الرَّجل: نَعَم يَا رَسولَ اللَّه، أَنَا كُنْتُ أَقْرأُ بِسبِّحِ اسمِ رَبِّك الأعْلَى، قَالَ: مَا لِى أُنَازعُ القُرَآنَ؟ ! أمَا يَكْفِى أَحَدَكُم قِرَاءَةُ إمَامَه؟ إِنَّما جُعِل الإِمَامُ ليُؤْتَم بِه، فَإذَا قَرأَ فَأَنْصِتُوا".
"عَنْ عُمَرَ قَالَ: سمِعْتُ رَسُولَ اللَّه ﷺ فَوْقَ المِنْبَر وَهُوَ يَتَعوَّذُ من خَمْسٍ: اللهم إنِّى أَعوذُ بِكَ من الجُبْنِ، والبُخْلِ، وَأَعوذُ بِكَ منْ سُوءِ العُمُر، وَأَعوذُ بِكَ منَ فِتْنَةِ الصَّدْرِ، وَأَعوذُ بِكَ منَ عَذابِ القبر".
"عَنْ منصور بن عبد الحميد الضبى، عن سالم بن عبد اللَّه ابن عمر قال: جاءوا بأسير إلى الحجاج، فقال الحجاج: قم يا سالم فاضرب عنق الأسير، فسل سيفه فأتاه فقالوا لأبيه عبد اللَّه: إن ابنك ذهب ليضرب عنق الأسير، قال: ما كان ليفعل، قالوا: إنه قد سَلَّ سيفه وأتاه، فقال: يا هذا توضأت الغداة وضوءا حسنا، وصليت في الجماعة؟ قال: نعم، فغمد سيفه ورجع. فقال له الحجاج: ما منعك أن تضرب الأسير؟ قال: ما سمعت من والدى يحدث عن عمر عن رسول اللَّه ﷺ قال: "أيما رجل توضأ صلاة الغداة وضوءا حسنا، وصلى في الجماعة كان في جوار اللَّه" ما كنت لأقتل جار اللَّه يا حجاج، قال أبوه: ما أخطأت حيث سميته سالما".
"عَنْ يَحْيى بْنِ سَعيدٍ قَال: ذَكَر عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ فَضلَ أَبِى بَكْرٍ الصِّديق، فَجعَلَ يَصفُ مَنَاقِبَه، ثُمَّ قالَ: وَهَذا سيِّدُنا، وبلالٌ حَسَنةٌ مِنْ حَسَناتِ أَبِى بَكْرٍ".
"عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّان قَال: كَسَحَ أَبو مُوسَى بَيْتَ المَالِ فَوجَدَ فيه دِرهَمًا، فَمَرَّ به ابْنٌ لعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ فَأَعْطاهُ، فَرَأَى عُمَرُ الدّرْهمَ مَعَ الصَّبِىِّ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: أعْطَانِيه أَبو مُوسَى، فَأَقْبَل عُمَرُ عَلَى أَبِى مُوسَى فَقَالَ: أمَا كَانَ لَكَ بالمديَنةِ أَهْلُ بَيْتٍ أَهْوُن عَلَيْكَ مِن آلِ عُمَرَ؟ ! أَرَدْتَ أن لَا يَبْقَى عِن أُمّة مُحَمّد ﷺ أَحَدٌ إلَّا طَالَبنَا بمَظْلِمَةٍ فِى هَذَا الدِّرهِم، ثْم أَخَذَ الدِّرْهَم فَألقَاهُ فِى بَيْت المالِ".
"عَنْ أَبِى وَائلٍ قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بِعَجوزٍ تَبيعُ لَبَنًا فِى سُوقِ اللَّيل، فَقالَ لَها: يَا عَجوزُ لَا تَغُشِّى المُسْلِمين وزوَّار بَيْتِ اللَّه وَلَا تَشْوبِى اللَّبنَ بالمَاءِ، فقالت: نَعَمْ يا أمَيرَ المؤمَنين، ثُم مَرَّ عليها بعَدَ ذَلِكَ فقَالَ: يَا عجوزُ ألَمْ أَتَقَدَّمْ إِليكَ أَنْ لَا تَشْوبِى لَبنَكِ بالماءِ؟ ! فَقالَت: وَاللَّه مَا فَعَلتُ، فَتَكَلَّمتِ ابْنَةٌ لَهَا مِن دَاخِلِ الخِبَاءِ فَقَالَتْ: أَغِشًّا وَكَذِبًا جَمَعْتِ عَلَى نَفْسكِ؟ ! فَسَمِعَها عُمَرُ فَهَّم بِمُعَاقَبةِ العَجوزِ، فَتَركَهَا لِكَلامِ ابْنَتِها، ثُمَّ التَفَتَ إلَى بَنِيهِ فَقَالَ: أيُّكم يَتَزَوَّجُ هَذِه؟ فَلَعَلَّ اللَّه ﷻ أَن يُخْرِجَ مِنْهَا نَسمَةً طيِّبةً مِثْلَهَا، فَقالَ عَاصمُ بنُ عُمَرَ: أَنَا أَتَزوَّجهُا يَا أَميرَ المؤمنين، فَزَوَّجها إِيَّاه، فَوَلَدتْ لَهُ أُمَّ عَاصِم، فَتَزوَّجَ أمَّ عَاصِم عبدُ العَزِيزِ بنُ مرْوَانَ فَوَلَدَتْ لَه عُمَرَ بَنَ عَبدِ العَزِيزِ".
"عَنْ زَيدِ بنِ ثَابتٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ ؓ اسَتَأْذَنَ عَلَيهِ يَومًا فَأَذِن لَهُ وَرَأْسُه فِى يَدِ جَارِية لَهُ تُرَجِّلُه، فَينْزَعُ رَأْسَه، فَقَالَ لَه عُمَرُ ؓ: دَعْهَا تُرجِّلُكَ، قَالَ يَا أَميرَ المؤُمنينَ: لَوْ أَرْسلتَ إلىَّ جِئْتُكَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَيسَ هُوَ بِوحْى حَتَّى نَزِيدَ فيه (فقال عمر: إنما الحاجة لى إنى جئتك لتنظر في أمر الجد، فقال زيد: لا واللَّه ما يقول فيه) (*)، ويَنْقُصُ مِنه، إنَّما هُو شَىْءٌ تَرَاهف، فإنْ رَأيتُه وَافَقنِى تَبِعْتُه، وإلَّا لَم يَكُن عَلَيْك فِيه شَىْءٌ، فَأبَى زَيْد، فَخَرجَ مُغْضبًا، قَال: قَدْ جِئْتُكَ وأَنَا أَظنُّكَ سَتَفْرُغُ مِن حَاجَتِى! ! ثُم أتَاهُ مَرَّةً أُخْرَى في السَّاعةِ الَّتِى أَتَاهُ المَرَّةَ الأُولَى، فَلَمْ يَزَلْ به حَتَّى قَالَ: فَسَأكْتُب لَكَ فِيهِ كتابًا، فَكَتبَه فِى قِطْعِة قَتَبٍ (* *) وضَرَبَ لَه مَثَلًا، إنَّمَا مَثَلُهُ مَثَلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ عَلَى سَاقٍ واحدٍ فَخَرَجَ فِيهَا غُصْنٌ، ثُمَّ خَرجَ فِى الغُصْنِ غُصْنٌ آخر فالساق يسقى الغصنين فإن قطعت الغصن الأَولَ ثم رَجَع المَاءُ إلَى الغُصْنِ -يَعْنِى الثَّانِى- وَإِنْ قَطَعْتَ
الثَّانِى رَجَعَ المَاءُ إلَى الأَولِ فَأتِى بِه، فَخَطب النَّاسَ عُمَرُ ثُم قَرأَ قِطْعَةَ القَتبِ عَلَيهم ثَمَّ قَالَ: إِنَّ زَيْد بنَ ثَابتٍ قَدْ قَالَ فِى الجَدِّ قولًا وَقَد امْضَيْتُهُ، قَالَ: وَكَان أَوَّل جَدٍّ كَانَ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ المَالَ كُلَّهُ: مَالَ [ابن] ابنهِ دُونَ إخوَتهِ، فَقَسَمَهُ بَعْد ذَلِكَ عُمرُ بنُ الخطَّابِ ؓ".
"عَنْ ابنِ أَبى الزِّنادِ، عن إبراهيمَ بنِ يحيى بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ عن جَدَّتِهِ أمِّ سَعْدٍ بِنتِ سَعْدِ بنِ الرَّبيع امراةِ أَبِى ثابتٍ أَنَّها أَخْبَرَتْه قَالَت: رَجَع إلِىَّ زيدُ بنُ ثَابتٍ يومًا فقَالَ: إن كَانَتْ لَك حَاجةٌ أَن تُكَلِّمِيهِ فِى ميراثك من أبيك فإنَّ أميرَ المؤمنين عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قدَ وَرَّثَ الحَمْل اليومَ، وكانتْ أمُّ سَعدٍ حمْلا فقُتِل أَبُوهَا سَعدُ بن الربيع، فَقَالَتْ أمُّ سَعْدٍ: مَا كُنت لأطلُبَ من إِخْوَتِى شيئًا".
"عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَن عُمرَ قَال: مَنَ وهَبَ هِبَةً فَلَمْ يَثبتْ فَهُو أَحَقُّ بِهبَتِه إِلا لذِى رَحمٍ".
"عَنْ عبدِ اللَّه بنِ بدر الجهنى أنَّه نَزَلَ مَنزِلًا بِطريق الشَّام، فَوجَد صُرَّةً فِيهَا ثَمانونَ دِينارًا، فَذَكَر ذَلِك لعُمَرَ بنِ الخطَّابِ، فقالَ لَه عُمَرُ: عَرِّفْها علَى أَبْواب المَساجدِ واذْكُرْهَا لِمَن يَقْدُم مِنَ الشَّام سَنَةً، فإذا قُضِيَتِ السَّنةُ فَشَأنُكَ بها".
"عَنْ سالم بن عبد اللَّه قالَ: لمَا وُلِّى عُمَرُ بنُ الخطَّابِ قَعَد عَلى رِزْقِ أَبِى بكرٍ الذى كَانوا فَرَضُوا لَه بِذَلكَ، فَاشْتَدت حَاجتُه، واجْتَمَعَ نَفَرٌ مِن المُهاجرِينَ فِيهم عثمانُ وعلى وطَلحةُ والزبيرُ، فقال الزبير: لو قلنا لِعُمَر فِى زيادة تَزيدُها إيَّاه فِى رِزْقهِ؟ ! فقالَ عَلىٌّ: وَدِدْنا أنه فَعَل ذَلِك، فَانطَلِقُوا بِنَا، فَقالَ عثمانُ: إنَّه عُمَرُ فَهَلُمُّوا فلنَسْتَشِر ما عنده مِن وراء وراءِ، نَأتِى حَفْصةَ فَنُكَلِّمُها، ونَسْتَكْتِمُها أَسْمَاءنا، فَدَخَلُوا عَليها وَسَأَلُوها أَنْ تُخْبِرَ بالخبرِ عن نفرٍ وَلَا تُسمَّى أحدًا لَه إِلَّا أَنْ يَقْبَلَ، وَخَرجُوا مِن عِندِها فَلَقِيَتْ عُمَرَ في ذلِكَ فَعَرفَتِ الغَضَبَ فِى وَجْهِه، فقَال: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَت: لَا سَبِيلَ إِلىَّ عَلَيهم حَتَّى أَعْلَمَ مَا رَأيُكَ، فقَال: لَو عَلِمْتُ مَنْ هم لَسَوَّدْتُ وجوهَهُم، أَنْت بَينِى وَبَيْنَهُمْ أُناشِدُكِ اللَّه: مَا أفْضَل مَا اقتنى رَسولُ اللَّه ﷺ فِى بيتك مِنَ المَلْبَسِ؟ قَالَتْ: ثَوْبَين مُمَشَّقَين كَانَا يَلَبَسُهُمَا للْوَفدِ وَيْخطُبُ فيِهما للجُمَع، قَالَ: فَأَى طَعَامٍ نَالَهُ عنْدك أرْفَعُ؟ قالَت: خُبزُنا خُبْزُ شَعير نَصُبُّ عَلَيها وَهِى حَارَّةٌ أَسْفَلَ عُكَّة لَنا فَجعَلْنَاهَا حَيْسةً (*) دَسِمَاءً حُلْوة نَأكُلُ منها ونَطْعَمُ منها استطابة لَها، قال: فَأَىُّ مِبْسَطٍ كان يَبْسُطُه عِنَدكِ كَان أَوْطَأ؟ قالت كِسَاءٌ
لَنا ثَخِينٌ كُنَّا نَرْفَعُه في الصَّيف (فنجعله تحتنا، فإن كان الشتاء بسطنا نصفه) (*) وتدثرنا نصفه، قال يا حَفصةُ: فَأَبلغِيهم عَنِّى أنَّ رَسولَ اللَّه ﷺ قَدَّر فَوضَعَ الفُضُولَ مَواضِعها وَتَبلَّغَ (* *) بالتوجيه (* * *)، وإنِّى قَدّرت فَواللَّه لأضَعَنَّ الفُضُول مواضِعها ولأَبلغَنَّ بالتوجيه، وإنَّما مَثَلِى ومَثَلُ صَاحِبَىَّ كثلَاثَةِ نَفَر سَلَكُوا طَرِيقًا، فَمَضَى الأولُ وَقَد تَزَوَّد زَادًا فَبَلَغَ، ثُمَّ أتبَعَهُ الآخرُ فَسَلَكَ طَرِيقهُ فأفضى إليه ثم أتبعهما الثالث، فإن لزم طريقهما ورَضِى بزَادهِمِا لحِق بهِمَا وكَان مَعَهُما، وإن سَلَك غيرَ طَرِيقِهمَا لَم يُجامعْهما أبدًا".
"عَنِ الأَحَنف بنِ قَيْسٍ قالَ: مَا كذَبتُ قَطُّ إلَّا مَرَّة، قَالُوا: وَكيْف يا أبا بَحْرٍ؟ قَالَ: وَفَدْنَا عَلى عُمَرَ بِفَتْح عَظيمٍ، فَلمَّا دَنوْنَا مِن المَدينةِ قالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: لَوْ أَلْقَيْنَا ثيابَ سَفَرِنَا وَلَبِسْنَا ثيابَ صُوفنَا فَدَخْلنَا عَلى أمير المُؤْمنين والمُسلمين فِى هَيئةٍ حَسنَةٍ وشارَة (* * * *) حَسَنَةٍ كان أَمْثَلَ، فَلَبسْنَا ثِيابَ صُوفنَا وألقَيْنَا ثِيابَ سَفَرِنا حَتَّى إِذَا طَلَعْنَا فِى أوائِلِ المَدينةِ لَقِيَنَا رَجُل فَقَالَ: انْظُروا إلَى هؤُلاء، أَصْحابُ دنيا وربِّ الكَعْبَة قَال: فَكُنْتُ رَجُلًا يَنْفعنى رَأْيِى، فَعلِمْتُ أَنَّ من ذَلِك لَيْس بمُرِافقٍ للقَوم فَعَدلْتُ فَلَبَسْتُها وَأَدْخَلتُ ثيابَ صُوفى العَيْبةَ وأَشرَجْتُهَا (* * * * *) وأَغْلَقْتُ طَرَفَ الرِّدَاءِ ثم رَكِبْتُ رَاحِلَتِى وَلِحقْتُ
أَصْحَابى، فلمَّا دَفَعْنَا إلَى عُمرَ نَبَت (*) عَيْنَاه عَنهم ووَقَعَتْ عَيْنَاه عَلَىَّ، فأَشَارَ إلىَّ بِيده فَقَالَ: أَيْن نَزَلتُم؟ قُلْتُ: في مَكانِ كَذا وكَذا، فقالَ: أرِنِى يَدَكَ، فَقَامَ مَعَنَا إلَى مَناخِ رِكَابِنَا فَجَعل يتَخللهَا ببَصره ثُمَّ قال: أَلَا اتقيتُم اللَّه فِى ركابكم هَذِه؟ أَمَا عَلِمْتُم أَنَّ لَهَا عَلَيكُم حَقًّا؟ أَلا تَقَصَّدْتم بها في السَّيرِ؟ أَلَا حَلَلْتُم عَنْهَا فأَكَلتْ مِن نَبْت الأَرْضِ؟ فَقُلْنا: يَا أمير المؤَمنين: إنَّا قَدِمنَا بَفَتْح عَظِيم، فَأَحَبَبْنَا أَنْ نُسْرعَ إلَى أَميرِ المؤمنين وإلَى المُسلِمين بالَّذى يَسُرُّهَم، فَحَانتْ منُه إلتفاتَه فَرأى عَيْبَتِى، فقَالَ هَذِهِ العَيبْةُ؟ قُلتُ: لِى يا أَميرَ المؤمنين. قَال: فَما هَذَا الثَّوبُ؟ قُلتُ: رِدَائِى، قال: بِكم ابتَعْتَهُ؟ فَألقَيتُ ثُلُثَى ثَمَنِهِ، فَقَال: إِنَّ ردَاءكَ هَذَا لحَسَنٌ لَوْلا كثْرةُ ثَمنِه، ثُمَّ انصرَفَ رَاجعًا وَنَحن مَعَه، فَلَقِيهُ رَجلٌ فقَالَ: يا أَميرَ المؤمنين انطلِق معى فَاعْدُنِى علَى فَلان؛ فَإنَّه قَد ظَلَمَنِى فَرفَعَ الدِّرَّة فَخَفَق (* *) بِها عَلى رَأسِه وقَالَ: تَدَعُون أَميرَ المؤمنين وَهُو مُعرِضٌ لكم حَتى إذا شُغِلَ فِى أَمرٍ من أمرِ المُسلمين أتيتموه: أعدُنِى اعْدُنِى! ! فَانَصرف الرَّجُلُ وَهُوَ يَتَذَمَّرُ (* * *) قال: عَلَى الرَّجُل، فألْقى إليه المخْفَقَةَ (* * * *) فَقَال: امْتَثلْ، فَقَال: لَا وَاللَّه وَلَكَن ادَعُها للَّه وَلَك، قَالَ: لَيَس هَكَذا، إِمَّا أَنْ تَدَعَهَا للَّه إرادةَ مَا عِنْدَه أَو تَدَعَها لِى فَأَعْلَم ذَلِك، قال: (أَدعها؟ )، قَال: [فانصرف ثم مضى حتى دخل منزلا ونحن معه فافتتح الصلاة فصلى] ركعتين وَجَلس، فَقَالَ: يَا بْنَ الخطَّابِ كُنْتَ وَضِيعًا فَرفَعَك اللَّه، وَكنْتَ ضَالّا [فهداك اللَّه، وكنت ذليلا
فأعزك اللَّه، ثم حملك على رقاب المسلمين، فجاءك رجل يستعيذبك فضربته ما تقول لربك غدًا إذا أتيته؟ قال] فَجعَلَ يُعَاتِبُ نَفْسَه فِى ذَلِكِ مُعَاتَبَةً ظَنَنَّا أَنَّهُ مِن خَيرِ أَهْلِ الأَرْضِ".
"عَنِ الحسنِ البَصرىِّ قَال: أَتَيْتُ مَجْلسًا فِى جَامِع الَبصْرَةِ فَإذا أَنَا بِنَفَرٍ مِن أَصحاب رَسُولِ اللَّه ﷺ يتَذكَّرون زُهْد أَبى بكْر وعُمَر ومَا فَتَح اللَّه عَلَيْهِمَا من الإِسلام وَحُسْنِ سِيرتِهما، فَدَنوْتُ مِنَ القَوْم فإذَا مِنهم الأَحْنَفُ بنُ قَيسِ التَّمِيمى جَالِسٌ مَعهُم فسمعته يَقُولُ: أَخَرجَنَا عُمَرُ بنُ الخَطَّاب فِى سَرِيَّة إلى العِرَاق فَفَتَح اللَّه عَلَيْنَا العراق، وبلد فارس، فأصبنا فيها من بياض فارس وخراسان فجعلناه معنا واكتسينا منهما، فلما قَدمْنَا عَلَى عمر أعْرَضَ عَنَّا بوَجههِ وَجَعَل لَا يُكَلمُنَا، فَاشْتدَّ ذَلِك عَلَى أَصْحَابِ رَسول اللَّه ﷺ فَأَتَينا ابْنَهُ عَبْدَ اللَّه بنَ عُمَر وَهو جَالسٌ فِى المسْجد، فَشَكَوْنَا إِلَيه مَا نَزَلَ بِنَا مِن الجَفاءِ مِنْ أَمِيرِ المؤِمنينَ عمر بن الخطاب، فقال عبد اللَّه إن أمير المؤمنين رَأَى عَلَيْكُمْ لِباسًا لَم يَر رَسُولَ اللَّه ﷺ يَلْبَسهُ، وَلَا الخَليفةَ من بعده أبا بكر الصِّديق، فأتينَا مَنَازِلَنَا فَنزَعْنَا مَا كَانَ عَلَينا وَأتيناهُ في البِزَّةِ (*) التى كَانَ يَعْهدُنَا فيها، فَقَامَ يُسَلِّم عَليْنا عَلَى رَجلٍ، رَجُل وَيُعانِق منَّا رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى كَأَنَّهُ لَم يَرنَا قَبْلَ ذَلِك، فَقَدَّمْنا إليه الغَنَائِم فَقَسَمَهَا بيننا بالسَّوِيَّة، فَعُرِضَ عَلَيه في الغَنائِم سِلال مِن أَنْواع الخَبِيصِ من أَصْفَرَ وَأحْمَرَ فَذَاقَه عُمَرُ فَوَجَدَهُ طيِّبَ الطَّعَام، طَيِّب الرِّيحِ فأَقَبل عَلَيْنَا بِوَجْهِه وَقَالَ: واللَّه يَا مَعْشَر المُهَاجِرينَ والأَنصارِ لَيَقْتُلَنَّ مِنْكم الابْن أبَاه والأخُ أَخَاه عَلى هَذَا الطَّعامِ، ثُمَّ أَمَر بِهِ فَحُمِلَ إلَى أَوْلاد مَن قُتِلوا بَيْن يَدَى رَسول اللَّه ﷺ من المهاجرين والأنصارِ ثُم إِنَّ عُمَرَ قَامَ مُنْصرِفًا، فَمشَى وَراءَه أَصْحابُ رَسولِ اللَّه ﷺ في أَثَرهِ، فَقَالُوا: مَا تَروْنَ يا مَعْشَر المُهَاجِرين والأَنْصارِ إلَى
زُهْدِ هَذَا الرَّجلِ وَإلى حِلْيتِهِ، لَقَد تقَاصَرتْ إلَينَا أَنفُسُنَا مُذْ فَتَح اللَّه عَلَينَا عَلَى يَدَيْه دِيارَ كِسْرَى وَقَيْصَر وَطَرَفَى المَشْرِقِ والمَغرِب ووفُود العَرَبِ والعَجَم يَأتُونَه فَيرَوْنَ عَلَيه هَذِه الجُبَّةَ قد رَقَعَهَا اثْنَتَى عَشْرَةَ رُقْعَة، فَلَو سَألْتُمَ مَعَاشِرَ أَصْحَابِ مُحمَّدٍ ﷺ وأَنْتُمُ الكُبَراء من أَهْلِ المَواقفِ وَالمشَاهِد مَع رَسولِ اللَّه ﷺ ، والسابقينَ من المهاجرين والأَنْصارِ أن يُغَيِّر هَذِه الجُبَّةَ بِثَوْبٍ لَيِّن يُهَابُ فيه مَنْظَرهُ وَيُغْدَى عَلَيه جَفْنَةٌ مِنَ الطَّعَام وَيُراحُ عَلَيه جَفنَةٌ يأكُلُهُ وَمَن حَضَره منَ المُهَاجِرين والأَنْصَارِ، فَقَالَ القومُ بأَجْمَعِهمْ: لَيْسَ لِهَذا القَولِ إلَّا عَلِىُّ بنُ أَبِى طَالبٍ فَإنَّه أجَرأ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَصِهْرُه عَلَى ابنَتِه، أو ابنَتُه حَفْصَةُ؛ فَإنَّها زَوجَةُ رَسُولِ اللَّه ﷺ ، وَهُو مُوجِبٌ لها لِمَوْضِعهَا مِن رَسُولِ اللَّه ﷺ فَكَلَّموا عَلِيًّا، فَقَالَ: لَست بفاعل ذلك، وَلَكن عَلَيكُم بَأزْوَاجِ رَسولِ اللَّه ﷺ فإنَّهنَّ أُمهَاتُ المُؤمنين يَجْتَرِئْنَ عَلَيه، قَال الأحْنَفُ بنُ قَيس: فَسَألُوا عَائشةَ وَحَفْصَةَ، وكَانَتَا مُجتَمعَتْين، فَقالَت عَائِشةُ: إنِّى سَائِلَةٌ أَمِيرَ المؤِمنينَ ذَلِكَ، وَقَالَت حَفْصَةُ: مَا أرَاهُ يَفْعَلُ، وسيبينُ لكَ ذَلِك، فَدَخَلتَا عَلَى أمِيرِ المؤمنينَ فَقَرَّبَهُما وأدْنَاهُما، فَقَالَت عَائشةُ: يَا أَمِيرَ المؤمنينَ أَتَأذن لى: قَال تَكَلمين (*) يا أمَّ المؤمنين، قَالَت: إنَّ رسول اللَّه ﷺ مَضَى لِسَبِيلهِ إلَى جَنَّتِهِ وَرِضْوانهِ، لَم يُرِدِ الدُّنيَا ولَم تُرِدْه، وَكذَلِك مَضَى أَبو بكْرٍ عَلَى أَثَرِه لِسبيلِه بَعدَ إحْيَاءِ سُنَنِ رَسول اللَّه ﷺ وقَتَلَ الكَذَّابِين وَأَدْحَضَ حُجَّةَ المُبْطِلينَ بَعْد عَدْله فِى الرَّعِيَّةِ، وَقَسْمِه بالسَّوِيَّة، وَأَرْضَى رَبَّ البَرِيَّةِ، فَقَبضهُ اللَه إلَى رَحْمَتِه وَرِضَوانِهِ، وَأَلحَقَه بِنَبِيِّهِ ﷺ بالرفيع (* *) الأَعْلَى، لَم يُرِدِ الدُّنيَا وَلَم تُرِدْه، وَقَد فَتَحَ اللَّه عَلَى يَدَيْك كُنوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَدِيارَهما، وَحُمِل إلَيْك أَمَوالُهُمَا، وَدَانَتْ لَكَ طَرَفَا المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَنَرْجُو مِنَ اللَّه المَزِيدَ، وَفِى الإِسْلام التَّأيِيد، وَرسُلُ العَجَم يَأتُونَك، وَوفُودُ العَرَب يَرِدونَ عَلَيك، وعَلَيْك هَذِه الجُبَّةُ قَد رقَعْتَها اثْنَتَى عَشْرَةَ رُقْعَةً، فَلَوْ غيَّرتَها بِثَوْبٍ لين يهاب فيه منظرك، وَيُغْدَين عليك بجفنة من الطعام، وَيُرَاحُ عَلَيْكَ بجفنة تأكل أنت ومن حضرك من المهاجرين والأنصار، فَبكَى
عُمَرُ عنْدَ ذلك بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: سَأَلْتُكِ بِاللَّه: هَلْ تَعْلَمِين أَنَّ رَسولَ اللَّه ﷺ شَبعَ مِنْ خُبزِ بُرٍّ عَشَرَة أَيَّامٍ، أو خَمْسَة، أو ثَلَاثَة؟ أَوْ جَمَع بين عشاءٍ وغداءٍ حتى لحق باللَّه؟ فقالت لا، فأقبل عَلى عَائِشةَ فَقالَ: هَلْ تَعْلَمِين أَنَّ رَسولَ اللَّه ﷺ قُرِّب إلَيْه طَعَامٌ عَلَى مَائِدةٍ فِى ارْتَفاعِ شبْرٍ منَ الأَرْضِ؟ كَانَ يَأمُرُ بالطَّعام فَيُوضَعُ عَلَى الأَرْضِ وَيأمُر بالمائِدةِ فَتُرْفَعُ؟ قَالَتا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، فَقَالَ لَهُمَا: أَنْتُما زَوْجَتَا رَسول اللَّه ﷺ ، وَأمَّهَاتُ المُؤمنين وَلَكُما عَلَى أمِيرِ (*) المؤمنينَ حقٌّ وَعَلى خَاصَّةً، ولِكنْ أَتَيْتُمانى تُرَغبانى فِى الدُّنْيا، وإنِّى لَا أَعْلَمُ أن رَسُولَ اللَّه ﷺ [لَبس جُبَّةً من الصوف فربما رقَّ جلده من خشونتها، أتعلمان ذلك؟ قالتا: اللهم نعم، قال: فهل تعلمين أن رسول اللَّه ﷺ ] (* *) كَانَ يَرْقُد عَلَى عَباءَةٍ عَلَى طَاقَةٍ واحدة، وكان مِسْحًا (* * *) في بَيْتِك يَا عائشةُ يكُونُ بالنهارِ بسَاطًا وَبالليلِ فِرَاشًا، فَندْخُل فَنرَى أَثَر الحَصِير عَلَى جَنْبِه، أَلَا يَا حَفْصَةُ أنْتِ حدثتنى أَنَّك أَثنيتِ لَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَوَجَدَ لِينَهَا فَرَقَدَ عَلَيه فَلَم يَسْتَيْقظ إلَّا بأَذَانِ بِلالٍ، فَقَالَ لَكِ يَا حَفْصَةُ: مَاذَا صَنعْت؟ أَثْنَيْت المِهَاد لَيْلتِى حَتى ذَهَبَ بِى النَّومُ إلَى الصَّباح، مَالِى وللِدُّنْيَا، ومَا للدُّنيَا وَمَالِى؟ ! شَغَلْتُموَنى بِلين الفرَاشِ! ! يَا حفْصَةُ: أَمَا تَعْلَمِين أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ كَان مَغْفورًا لَه مَا تَقَدَّمَ مِنَ ذَنْبهِ وَما تَأَخَر؟ أَمْسَى جَائعًا، وَرَقَد سَاجِدًا، فَلَمْ يزل رَاكِعًا وسَاجِدًا باكيًا ومُتَضرِّعًا في آنَاءِ الليْل والنَّهارِ إلى أَنْ قَبَضَهُ اللَّه إلَى رَحْمتِه وَرِضْوانِه، لَا أَكَلَ عُمَرُ طَيِّبا ولَا لَبِسَ لَيِّنًا، فَلَه أُسْوَةٌ بصَاحِبَيْه، ولا جَمَعَ بَيْنَ أُدْمَيْن إلَّا المِلْحِ والزَّيت، وَلَا أَكَلَ لَحْمًا إلَّا فِى كُلِّ شَهْرٍ حتَّى يَنْقَضِى من قضى من القوم، فخرجنا فخبرنا بذلك أصحاب رَسولِ اللَّه ﷺ فَلَمْ يَزَلْ بذلك حَتَّى لَحِقَ باللَّه ﷻ".
"عَنْ عُمَر أنَّه بَلَغَهُ قَتْلُ أَبِى عُبَيْدٍ فَقَالَ: رَحِمَ اللَّه أَبَا عُبَيدٍ! ! لَو انْحَازَ إلىّ لكُنْتُ لَهُ فِئَةً".
"عَنْ عُمَر أَنَّه كَانَ يَقولُ للجيوشِ إِذَا بَعَثَهُم: أَنَا فِئَتُكُمْ".
"عَنِ النزال بن سبرة أن رجلا من المسلمين قتل رجلا من أهل الحيرة نصرانيا عمدا، فكتب في ذلك إلى عمر، فكتب أن أقيدوه منه، فدفع إليه فكان يقال له: اقتله، فيقول: حتى يجئ الغيظ، حتى يجئ الغضب، فبينما هم كذلك (إذ جاء كتاب من عند عمر أن لا تقتلوه؛ فإنه لا يقتلُ مؤمنٌ بكافر، وليعطِ الديةَ) (*) ".
"عَنْ يحيى بن سعيد قال: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ فَتحَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَأَنَّ رَجُلًا مِنَ الْجند أَصَابَ رَجُلًا منْ أَهْلِ الْخَرَاجِ، فأَرَادَ أَنْ يُقِيدَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: مَالَكَ أَنْ تُقِيدَ كَافِرًا مِنْ مُسْلِمٍ، فَقَالَ: لأُغْلِظَنَّ عَلَيْهِ فِى الْعَقْلِ".
"عَنْ عمرو بن دينار قال: أَخْبَرَنِى من (رَأَى) عُمَرَ (أَنَّ عُمَرَ) يَشْرَبُ قَائِمًا".
"عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبَلِىِّ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ كَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اعْرِضْ عَلَىَّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةَ بَرَاءَة، فَبَكَى عُمَرُ".
. . . .
"عَنْ محمد بن إسحاق قال: أخبرنى صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، قال: واللَّه مَا مَاتَ عمر بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى بَعَثَ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه ﷺ فَجَمَعَهُمْ مِنَ الآفاقِ: عَبْدَ اللَّه [ابْنَ حُذَافَةَ]، وَحُذَيْفَةَ، وَأَبَا الدَّرْدَاءِ، وَأَبَا ذَرٍّ، وَعُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِى أَفْشَيْتُمْ عَنْ رَسُول اللَّه ﷺ فِى الآفَاقِ؟ قَالُوا: (أَتَنْهَانَا؟ ) قَالَ: لَا، أَقِيمُوا عِنْدِى، لَا وَاللَّه لَا تُفَارِقُونِى مَا عِشْتُ، فَنَحْنُ أَعْلَمُ نَأخُذُ وَنَرُدُّ عَلَيْكُمْ، فَمَا فَارَقُوهُ حَتَّى مَاتَ".
"عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِىِّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَر فِى عَيْنِ الدَّابَّةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: إِنَّا كُنَّا نَقْضِى فِيهَا كَمَا يُقْضَى فِى عَيْن الإِنْسَانِ، ثُمَّ اجْتَمَعَ رَأْيُنَا أَنْ نَجْعَلَهَا الرُّبُعَ".
"عَنْ ضَمرَةَ بْن رَبِيعَةَ، عَنْ مَالِكِ بن أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ابْن الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّه وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّه وَرَسُولُهُ، كَرَّارٍ غَيْرِ فَرَّارٍ، يَفْتَحُ اللَّه عَلَيْهِ، جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ. فَبَاتَ الناس متشوقين، فلما أصبح قال أين على؟ قالوا: يَا رَسُولَ اللَّه ما يُبْصِرُ، قَالَ ائْتُونِى بِهِ، فَأُتِى بهِ، فَقَالَ لَه النَّبِىُّ ﷺ : ادْنُ مِنِّى، فَدَنَا مِنْهُ، فَتَفَلَ فِى عَيْنِهِ فَمَسَحَهَا بِيَدِهِ، فَقَامَ عَلِىٌّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ كَأَنَّهُ لَمْ يَرْمَدْ".
"عَنْ نافع قال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ أَمْسَكَ عَنِ الإِهْلَالِ حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ السَّعْى بَيْنَهُمَا أَهَلَّ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ
رَاحَ إَلَى مِنًى، فَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ أَمْسَكَ عَنِ الإِهْلَال، وكَان التَّكْبِيرُ وَالْحَمْدُ وَالرَّغْبَةُ والمَسْأَلَةُ، وَيَقُولُ: إِنِّى رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَعَلَ ذَلِكَ".