"عَنْ سَعِيد بْنِ الْمُسيِّبِ: أنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يُوَرِّثْ أَحَدًا مِنَ الأَعاجِم إِلَّا أَحَدًا وُلِدَ في الْعَرَبِ".
31.04. Actions > ʿUmar b. al-Kaṭṭāb (35/75)
٣١.٠٤۔ الأفعال > مسند عمر بن الخطاب ص ٣٥
"عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ صَحِيحٌ يُسْأَلُ أَنْ يَسْتَخْلفَ (فَيَأبَى) (*) فَصَعِدَ يَوْمًا الْمِنْبَرَ فَتَكَلَّمَ بكَلِمَاتٍ وَقَالَ: إِنْ متُّ فَأَمْرُكُمْ إِلَى هَؤُلَاء (النَّفَرِ) (*) السِّتَّةِ الَّذينَ فَارَقُوا رَسُولَ اللَّه ﷺ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ: عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالبٍ، وَنَظيرُهُ الزُّبيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ؓ وَنَظِيرُهُ عُثْمانُ بْنُ عَفَّانٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّه، وَنَظِيرُهُ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، أَلَا وإِنِّى أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّه فِى الْحُكْمِ وَالْعَدْلِ فِى القَسْمِ".
"عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ لأَصْحَاب الشُّورَى: تَشَاوَرُوا في أَمْرِكُمْ، فَإنْ كَانَ اثْنَانِ (وَاثْنَانِ فَارْجِعُوا فِى الشُّورَى، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةٌ وَاثْنَانِ) فَخُذُوا صِنْفَ الأَكْثَرِ".
"عَنْ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ قَالَ: وَإِنِ اجْتَمَعَ رَأىُ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ فَاتَبِعُوا صِنْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا".
"عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعيدِ بْنِ يَرْبُوعٍ أَنَّ عُمَرَ حِينَ طُعنَ قَالَ: لِيُصَلِّ لَكُمْ صُهَيْبٌ ثَلاثًا وَتشَاوَرُوا فِى أَمْرِكُمْ، وَالأَمْرُ إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّة، فَمَنْ بَعَلَ (*) أَمْرَكُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ -يَعْنِى مَنْ خَالَفَكُمْ-".
"عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالكٍ قَالَ: أرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِى طَلْحَةَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِسَاعَةٍ فَقَالَ: يا أَبَا طَلحَةَ: كُنْ فِى خَمْسِينَ مِنْ قَوْمِكَ مِنَ الأَنْصَارِ مَعَ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ أَصْحَابِ الشُّورَى؛ فَإِنَّهُمْ فِيمَا أَحْسِبُ سَيَجْتَمِعُونَ فِى بَيْتِ أَحَدهِمْ، فَقُمْ عَلَى ذَلكَ الْبَابِ بِأَصْحَابِكَ فلَا تَتْرُكْ أحَدًا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ، وَلَا تَتْرُكْهُمْ يَمْضِى الْيَوْمُ الثَّالِثُ حَتَّى يُؤَمِّرُوا أحَدَهُمْ، اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلِيفَتِى (عَلَيْهِمْ) (*) ".
"عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب بضَجْنَانَ (* *) فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإنَى لأَرْعَى عَلَى الْخَطَّابِ فِى هَذَا الْمَكَانِ، وَكَانَ وَاللَّه مَا عَلِمْتُ فَظًا غلِيظًا، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَلىَّ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ ثُمَّ قَالَ متَمثِّلًا:
لَا شَئَ فِيمَا تَرَى إِلَّا بَشَاشَتهُ ... يَبْقَى الإِلَهُ وَيودَى الْمَالُ وَالْوَلَدُ
ثُمَّ قَالَ لِبَعِيرِهِ: حَوْبَ".
"عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: أقْبَلْنَا مَعَ عمر بْنِ الخطاب قَافِلِينَ منْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بشعابِ ضَجْنَانَ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِى في هَذَا الْمكَان، وَأَنا فِى إِبِلٍ لِلْخَطَّابِ وَكَانَ فَظًا غَلِيظًا احْتَطِبُ عَلَيْهَا مَرَّةً وَأَخْتَبِطُ عَلَيْهَا أُخرَى، ثُمَّ أَصبَحْتُ الْيَوْمَ يَضْرِبُ النَّاسُ بِجَنَبَاتِى لَيْسَ فَوْقِى أَحَدٌ، ثُمَّ تَمَثَّلَ بِهَذَا الْبَيْتِ:
لَا شَىْءَ فِيمَا تَرَى إِلَّا بَشَاشَتُهُ ... يَبْقَى الإلَهُ وَيودِى الْمَالُ وَالْوَلَدُ".
"عَنْ قَيْسِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَمَّنْ حدَّثَهُ قَالَ: لَمَّا فَتَحَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مصْرَ أَتَى أَهْلُهَا إِلَيْهِ حينَ دَخَلَ "بَؤُنَةُ" -مِنْ أَشْهُرِ الْعَجَم- فَقَالُوا لَهُ: أَيُّهَا الأَمِيرُ! إِنَّ لنيلِنَا هَذَا سُنَّة لَا يَجْرِى إِلَّا بِهَا، فَقَالَ لَهُمْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: إِنَّهُ إِذَا كَانَ لِثِنْتَى عَشْرَةَ لَيْلَةً تَخْلُو منْ هَذَا الشَّهْرِ عَمَدْنَا إِلَى جَارِيَة بكْرٍ بَيْنَ أَبَوَيْهَا فَأَرْضَيْنَا أَبَوَيْهَا، وَجَعَلْنَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُلَىِّ وَالثِّياب أَفْضَلَ مَا يَكُونُ ثُمَّ أَلْقَيْنَاهَا فِى هَذَا النِّيلِ، فَقَالَ لَهُمْ عَمْرو: إِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فِى الإِسَلَامِ، وَإِنَّ الإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ فَأَقَامُوا بَؤُنَةَ وَأَبِيبَ وَمِسْرَى، لَا يَجْرِى قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا حَتَّى هَمُّوا بِالْجَلَاءِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَمْرٌو كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَذلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: قَدْ أَصَبْتَ؛ إِنَّ الإِسْلَامَ يَهْدمُ مَا كَانَ قبْلَهُ، وقد بَعثْتُ إِلَيْكَ بِبِطاقةٍ (فَأَلْقِهَا فِى دَاخِلِ النِّيلِ إِذَا أَتَاكَ كِتَابِى، فَلَمَّا قَدِمَ الْكِتَابُ عَلَى عَمْرٍو فَتَحَ البِطاقَةَ) فَإذَا فِيهَا: مِنْ عَبْدِ اللَّه عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمنينَ إِلَى نِيل مِصْرَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإنْ كُنْتَ تَجْرِى منْ قِبَلِكَ فَلَا تَجْرِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ يُجْرِيكَ فَنَسْألُ اللَّه الْوَاحدَ الْقَهَّارَ أَنْ يُجْرِيَكَ، فَأَلْقَى عَمْرُو الْبطَاقَةَ فيه قَبْلَ يَوْمِ الصَّليبِ بِيَوْمٍ، وَقَدْ تَهَيَّأَ أَهْلُ مصْرَ للْجَلَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنْهَا؛ لأَنَّهُ لَا يَقُومُ بمَصْلَحَتِهَم فِيهَا إِلَّا النِّيلُ، فَأَصْبَحُوا يَوْمَ الصَّلِيبِ وَقَدْ أَجْرَاهُ اللَّه سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَقَطَعَ تِلْكَ السُّنَّةَ السُّوءَ عنْ أَهْلِ مِصْرَ".
"عَن الْحَسَنِ قَالَ: إِنَّ أَوَّلَ خُطْبةٍ خَطَبَهَا عُمَرُ حَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُم قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَقدِ ابْتليتُ بِكُمْ وَابْتُلِيتُمْ بِى، وَخُلِّفْتُ فيكُمْ بَعْدَ صَاحِبَىَّ، فَمَنْ كَانَ بِحَضْرَتِنَا بَاشَرْنَاهُ بِأَنْفُسِنَا، وَمَهْمَا غَابَ عَلَيْنَا وَلَّيْنَا أَهْلَ الْقُوَّةِ وَالأَمَانَةِ، فَمَنْ يُحْسِنْ نَزِدْهُ حُسْنًا وَمَنْ يُسِء نُعَاقِبْهُ، وَيَغْفِرُ اللَّه لَنَا وَلَكُمْ".
"عَنْ جَامِع بْنِ شَدَّادٍ عَنْ أَبِيِه قَالَ: كَانَ أَوَّلُ كَلَامٍ تَكَلَّمَ بِهِ عُمَرُ حِينَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ أَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّى غَلِيظٌ فَلَيِّنِّى، وَإِنِّى ضَعِيفٌ فَقَوِّنِى وَإِنِّى بَخيلٌ فَسَخِّنِى".
"عَنْ حَمِيدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ شَهِدَ وَفَاةَ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ؛ فَلَمَّا فَرَغَ (عُمَرُ) مِنْ دَفْنِهِ نَفَضَ يَدَيْهِ مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ، ثُمَّ قَامَ خطِيبًا مَكَانَهُ؛ فَقَالَ: إِنَّ اللَّه ابْتَلَاكمْ بِى، وابْتَلَانِى بِكُمْ، وَأَبْقَانِى فِيكُمْ بَعْدَ صَاحِبَىَّ فَوَاللَّه، لَا يَحْضُرُنِى شَىْءٌ منْ أَمْرِكُمْ فَيَلِيهِ أحَدٌ دُونِى، وَلَا يَتَغَيَّبُ عنِّى فَآلُو فِيهِ عَنِ الْجَزْءِ وَالأَمَانَةِ، وَلَئِنْ أَحْسَنُوا لأُحْسِننَّ إلَيْهِمْ، وَلَئِنْ أَسَاءُوا لأُنَكِّلَنَّ بِهِمْ، قَالَ الرَّجُلُ: فَوَاللَّه، مَا زَالَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا".
"عَنِ الْقَاسِم بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لِيَعْلَمْ مَنْ وَلِى هَذَا الأَمْرَ مِنْ بَعْدِى أَنْ سَيُرِيدُهُ عَنْهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، إِنِّى لأُقَاتِلُ النَّاسَ عَنْ نَفْسِى قِتَالًا، وَلَوْ عَلِمْتُ أنَّ أحَدًا مِنَ النَّاسِ أَقْوَى عَلَيْه منِّى؛ لَكُنْتُ أُقَدَّمُ فَيُضْرَبُ عُنُقِى أحَبَّ إلَىَّ مِنْ أَنْ أَلِيَهُ".
"عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمىِّ قَالَ: لَمَّا قُبضَ رَسُولُ اللَّه ﷺ أَتَى عُمَرُ أَبَا عُبيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاح فَقَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ فَلأُبَايِعْكَ، فَإِنَّكَ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى لسَانِ رَسُولِ اللَّه ﷺ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ: مَا رَأَيْتُ لَكَ فَهَّةً قَبْلَهَا مُنْذُ أَسْلَمْتَ، أَتُبَايِعُنِى وَفِيكُمُ الصِّدِّيقُ، وَثَانِى اثْنَيْنِ؟ ".
"عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: فِيمَ تَرَوْنَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ}؟ فَقَالُوا: اللَّه أَعْلَمُ، فَغَضبَ عُمَرُ فَقَالَ: قُولُوا: نَعْلَمُ أَوْ لَا نَعْلَمُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِى نَفسِى مِنْهَا شَىْءٌ ويَا أَميرَ الْمَؤْمنينَ، فَقَالَ عُمَرُ: قُلْ يَا بْنَ أَخِى، وَلَا تَحقِرْ نَفْسَكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَ مَثلًا لِعَمَلٍ، فَقَالَ عُمَرُ: أَىُّ عَمَلٍ؟ فَقَالَ: لِعَمَلٍ، فَقَالَ عُمَرُ: لرَجُلٍ غَنِىٍّ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّه لَهُ شَيْطَانًا فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِى حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ كُلَّهَا".
"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: قَرَأتُ اللَّيْلَةَ آيَةً أَسْهَرَتْنِى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} مَا عُنِى بِهَا؟ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: اللَّه أَعْلَمُ، فَقَالَ: إِنِّى أَعْلَمُ أَنَّ اللَّه أَعْلَمُ، وَلَكِنْ إِنَّمَا سَأَلْتُ إِنْ كَانَ عنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عِلْمٌ وَسَمِعَ فِيهَا شَيْئًا أَنْ يُخْبِرَ بِمَا سَمِعَ، فَسَكَتُوا، فَرَآنِى وَأَنَا أَهْمِسُ، قَالَ: قُلْ يَا ابْنَ أَخى وَلَا تَحْقِرْ نَفْسَكَ، قُلْتُ: عُنى بِهَا الْعَمَلُ، قَالَ: وَمَا عُنِى بِهَا الْعَمَلُ؟ قُلتُ: شَىْءٌ أُلْقَى فِى رُوعِى فَقُلْتُهُ، فَتَرَكَنِى، وَأَقْبَلَ وَهُو يُفَسِّرُهَا صدَقْتَ يَا بْنَ أَخى عُنِى بِهَا الْعَمَلُ، ابْنُ آدَمَ أَفْقَرُ مَا يَكُونُ إِلَى جَنَّتِه إِذا كَبِرَتْ سِنُّهُ، وَكَثُرَ عِيَالهُ، وَابْنُ آدَمَ أَفْقَرُ مَا يَكُونُ إِلَى عَمَلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، صَدَقْتَ يَا بْنَ أَخِى".
"عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: بَلَغَنِى عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَى أبا عُبَيْدَةَ فَكَأَنَّهُ رَأَى شَيْئًا، فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: أنْتِ الْفَاعِلَةُ كَذَا وَكَذَا؟ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أسُوءَك، فَقَالَتْ: مَا أَنْتَ عَلَى ذَلِكَ بِقَادِرٍ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بَلَى قَدْ قَدَّرَكَ اللَّه عَلَى ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: أَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْلُبَنِى الإِسْلَامَ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَإِنِّى لَا أُبَالِى مَا وَرَاءَ ذَلكَ، فقَالَ عُمَرُ: رَحِمَكِ اللَّه! لَقَدْ وَقَعَ الإِسْلَامُ مِنْكِ مَوْقِعًا لَا أَظُنُّهُ يُفَارِقُكِ حتى يُدْخِلَكِ الْجَنَّةَ".
"عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: حَدِّثْنِى يَا كَعْبُ عَنْ جَنَّاتِ عَدْنٍ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمنيِنَ! قُصُورُ الْجَنَّةِ لَا يَسْكُنُهَا إِلَّا نَبِىٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ، أَوْ حَكَمٌ عَدْلٌ، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا النُّبُوَّةُ فَقَدْ مَضَتْ لأَهْلِهَا، وَأمَّا الصِّدِّيقونَ فَقَدْ صَدَقْتُ اللَّه وَرَسُولَهُ، وَأمَّا حَكمٌ عَدْلٌ فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ لَا أَحْكُمَ بِشَىْءٍ إِلَّا لَمْ آلُ فِيهِ عَدْلًا، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ؛ فَأَنَّى لِعُمَرَ بِالشَّهَادَةِ".
"عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْد الْقَارِى قَالَ: سَمعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِه، أَوْ عَنْ شَىْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ".
"عَنْ حُمَيْد بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: مَنْ فَاتَه وِرْدُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيُصَلِّ بِهِ فِى صَلَاةٍ قَبْلَ الظُّهْرِ؛ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ صَلَاةَ اللَّيْلِ".
"عَنْ مُحَمَّد بْنِ سِيرِينَ قَالَ: قَالَ كَعْبٌ لعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: يَا أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَلْ تَرَى فِى مَنَامِكَ شَيْئًا؟ فَانْتَهَرَهُ فَقَالَ: إِنَّمَا نَجِدُ شَيْئًا رَجُلًا (*) يَرَى أَمْرَ الأُمَّةِ فِى مَنَامِهِ".
"عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَيْلَةً يَحْرُسُ، فَرَأَى مِصْبَاحًا فِى بَيْتٍ فَدَنَا فَإِذَا عَجُوزٌ تَطرُقُ شَعْرًا لَهَا لِتَغْزِلَهُ -أَى تَنْفُشُهُ بِقَدَحٍ- وَهِى تَقُولُ:
عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَاةُ الأَبْرَارِ ... صَلَّى عَلَيْكَ الْمُصْطَفَونَ الأَخْيَارُ
قَدْ كُنْتَ قَوَّامًا بَكِىَّ الأَسْحَارِ ... يَا لَيْتَ شِعْرِى وَالْمنَايَا أَطْوَارُ
هَلْ تَجْمَعُنِى وَحَبِيبِى الدَّارُ
تَعْنِى: النَّبِىَّ ﷺ فَجَلَسَ عُمَرُ يَبْكِى، فَمَا زَالَ يَبْكِى حَتَّى قَرَعَ الْبَابَ عَلَيْها، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب، قَالَتْ: مَالِى وَلِعُمَرَ؟ وَمَا يَأتِى بِعُمَرَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: افْتَحِى رَحِمَكِ اللَّه! فَلَا بَأسَ عَلَيْكِ، فَفَتَحَتْ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: رُدِّى عَلَىَّ الْكَلِمَاتِ الَّتِى قُلْتِ آنِفًا، فَرَدَّتْهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَتْ آخِرَهَا قَالَ: أَسْأَلُكِ أَنْ تُدْخِلينِى مَعَكُمَا، قَالَتْ: وَعُمَرُ فَاغْفِرْ لَهُ يَا غَفَّارُ؛ فَرَضِى وَرَجَعَ".
"عَن قتادة قال: قال عمر: (أَبْغَضُ) عِبَاد اللَّه إِلَى (اللَّه) طَعَّانٌ لَعَّانٌ".
"عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِى خُطْبَتِهِ: تَعْلَمُونَ أنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ وَأَنَّ الإِيَاسَ غِنًى، وَأَنَّهُ مَنْ أَيِسَ مِمَّا عِنْدَ النَّاسِ اسْتَغْنَى عَنْهُمْ".
"عن يَسَارِ بْنِ نُمَيْرٍ قال: ما نَخَلْتُ لِعُمَر طعامًا قَطُّ إِلَّا وأنَا له عَاصٍ".
"عن مُوسَى بنِ أَبى عِيسى قال: أَتَى عمرُ بْنُ الخَطَّابِ مَشْرَبَةَ بَنِى حَارِثةَ فوجَدَ محمدَ بنَ مَسْلَمَة، فقال عمرُ: كيف ترانى يا محمدُ؟ قال: أراك واللَّه كما أُحبُّ، وكما يُحبُّ من يُحِبُّ لك الخيرَ، أراك قوِيًا على جمعِ المالِ عفيفًا عنه، عدْلًا في قَسْمه، ولو مِلْتَ عدَّلْنَاك كما يعدَّل السهم في الثِّقَافِ، فقال عمرُ: الحمدُ للَّه الذى جَعَلنى في قومٍ إذا ملتُ عدَّلُونى".
"عن عُبادة بن رفاعة بن رَافع قال: بلغ عمرَ بن الخطاب أن سعدًا اتَّخذَ قصرًا وجَعَل عليه بابًا، وقال: انْقَطَع الصُّوَيْت، فأرسل عمر محمد بن مَسْلمةَ، وكان عمر إذا أحب أن يؤتى بالأمر كما يريد بعثه، فقال له: إِيتِ سعدًا وأَحْرِق عليه بابه، فقدم الكوفة، فلما أتى الباب أخرج زَنده فاستورَى نارًا، ثم أحرق الباب، فأتى سَعْدًا فأخْبَرَهُ ووصف له صفته فعرفه، فخرج إليه سَعْدٌ، فقال محمدٌ: إنه بلغ أمير المؤمنين منك أنك قلت: انقطع الصُّويت، فحلف سعدٌ باللَّه ما قال ذلك، فقال محمدٌ: نفعل الَّذِى أُمرْنا، ونُؤَدِّى ما نقول، وأقبل يعرض عليه أن يُزَوِّدَه فأبَى، ثم ركب راحلتَه حتى قدم المدينةَ، فلما أبصره عمرُ قال: لم لا أحسن الظن بك؟ ما رَأينا أنك أديت، وذَكر أنه أسرع السير وقال: قد فعلت، وهو يعتذر ويحلف باللَّه ما قال، فقال: فهل آمرُ لك بشئٍ؟ قال: ما كرهت من ذلك، قال: أرضُ العراقِ أرضٌ رقيقة، وإنَّ أهل المدينةٍ يموتون حولى من الجوع، فخشيت أن آمر لك فيكون لك الباردُ ولِى الْحَارُّ، أما سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: "لَا يشْبَعُ المؤمنُ دون جارِه" أو قالَ: "الرجلُ دون جارهِ"؟ ! .
"عن ابن عمرَ قال: لما حضر عمرَ الموتُ غُشِى عليه، فأخذتُ رأسَه فوضعته في حِجرِى، فأفاقَ فقال: ضع رأسِى بالأرضِ، ثم غُشِى عليه فأفاقَ ورأسُه في حِجرى، فقال: ضعْ رأسى في الأَرْضِ كما آمُرك، قلتُ: فهل حجرى والأرضُ إلَّا سَوَاءٌ يا أبتَاه، فقال: ضع رأسِى في الأَرْضِ -لا أُمَّ لك- كَما آمُرُك، فإذا قُبِضتُ فَأَسرعوا بى إلَى حُفْرتِى، فإِنما هو خَيْرٌ تقدِّمونى إليه، أو شرٌّ تضعونه عن رِقابِكم".
"عن عمر قالَ: ما أُبَالى عَلَى أىِّ حالٍ أصبحت، على ما أحبُّ أم على ما أكرهُ، إنى لا أَدْرى الخير فيما أُحِبُّ أو فيما أكره".
"عن سعيدِ بن إبراهيمَ، عن أبيه قال: سمع عمرُ بنُ الخطاب صوتَ رجلٍ في المسجدِ فقال: أتدرى أين أنتَ؟ أتدرى أين أنت؟ كرِه الصَّوْتَ".
"عن عمر أنه سمع رجلًا يقرأ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} فقال عمر: يَا لَيتها تمت".
"عن عثمان بن عفان قال: قال عمر بن الخطاب حين حُضِر: ويلى وويلُ أمى إن لم يغفر لى، فقَضَى، ما بينهما كلام".
"عن حميدِ بن نُعَيم أن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان دُعيا إلى طعامٍ فأجابا، فلما خرجا قال عُمر لعثمان: لقد شهدتُ طعامًا لوَدِدْت أنى لم أشهدْه، قال: وما ذاك؟ قال: خشيت أن يكون جعل مباهاة".
"عن أسلم قال: قدمَ معاويةُ بْنُ أَبى سفيانَ وهو أبيضُ أو أنيض (*) النَّاسِ وأجْمَلُهم، فخرج إلى الحجِّ مع عمرَ بن الخطاب، وكان عمر ينظر إليه فتعجبَ له، ثم يضعُ أصبعه على مَتْنِه ثم يرفعها عن مِثل الشِّواكِ (* *)، فيقول: بَخٍ بَخٍ: نحن إذن خَيْرُ النَّاسِ إن جمع لنا خَيْرُ الدنيا والآخرة، فقال معاوية: يا أمير المؤمنين سأحدثُك: أنا بأرض الحماماتِ والريف، فقال عمر: سأحدثك ما بك إلطافُك نَفْسَك بأطيبِ الطَّعَامِ وتَصَبُّحُك حتى تضربَ الشمسُ متْنيك وذوو الحاجاتِ وراءَ البابِ، فلما جئنا ذا طِوًى أخرج معاويةُ حلةً فَلَبسها، فوجدَ عمرُ منها ريحًا كأنه ريحُ طيبٍ، فقال: يَعْمِد أحدُكُم فيخرجُ حاجًا تَفِلًا حتى إذا جاء أعظَم بلدانِ اللَّه حرمةً أخرج ثوبيه كأنهما كانا في الطيبِ فلبسَهُما! ! فقال معاوية: إنما لبستهما لأن أدخلَ فيهما على عشيرتى أو قومى ونزع معاوية الثوبين، ولبس ثوبيه اللذين أحرم فيهما".
"عن سعيد بن جبير قال: بلغ عمرَ بْنَ الخطاب أن يزيدَ بن أَبى سفيانَ يأكل ألوانَ الطعامِ، فقال لمولى له يقال له يرفأ: إذا علمت أنَّه قد حَضر عَشَاؤُه فأعلمنى، فلما حَضر عشاؤُه أعلمَه، فأتى عمرُ بن الخطاب فسَلَّم واستأذَن، فأذن له، فدخلَ، فَقَرَّبَ عشاءَه فجاءَ بثريدٍ ولحمٍ فأكل عمرُ معه، ثم قربَ شُواءً فبسطَ يزيد يدَه، وكفَّ عمرُ، ثم قال عمر: واللَّه يا يَزيدُ بن أَبى سفيانَ، أَطعامٌ بعد طعامٍ؟ ! والذى نفس عمرَ بيدِه لئن خالفتم عن سنتهِم ليخالفن بكم عن طريقهم".
"عن أَبى موسى الأشعرى أنه قدِم على عمر مع وفدِ أهل البصرة قال: فكنا ندخلُ عليه وله كُلَّ يومٍ خُبز يُلتّ، وربما وافينَاه مَأدُومًا بسمنٍ أحيانًا، وأحيانًا بزيتٍ، وأحيانا بلبنٍ، وربما وافَقْنا القدائِد اليابسةَ قد دُقَّت ثم أغِلى بماءٍ، وربُّما وافقنا اللحم الغَريض وهو قليلٌ، فقال لنا يومًا: إنى واللَّه لقد أرى تَقْذِيركم وكراهيتكم طعامِى، وإنِّى واللَّه (لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأرقّكم عيشا، أما واللَّه) ما أجهلُ عن كراكر وأسنمة وعن صلاء وعن صلايق وصناب، قال جرير بن حازم: الصلاء: الشُّوى، والصناب: الخردل، والصلايق: الخبز الرقاق، ولكنى سمعت اللَّه عيَّر قومًا بأمرٍ فعلوه فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} (*) فقال أبو موسى: لو كلمتُم أميرَ المؤمنين ففرضَ لكم من بيتِ المالِ طعاما تأكلونُه؟ (فكلموه) فقال: يا معشرَ الأمراء: أما ترضونَ لأنفسكم ما أرضى لنفِسى؟ فقالوا: يا أميرَ المؤمنين، إن المدينة أرضٌ العيشُ بها شديدٌ، ولا نرى طعامَك يُغْشى ولا يؤكل، وإنا بأرضٍ ذاتِ ريفٍ، وإن أميرَنا يُغْشَى، وإن طعامَه يؤكلُ، فنكّس عمر ساعة، ثم رفع رأسَه فقال: قد فرضت لكم من بيت المال شاتين وجريبين، فإذا كان الغداة فضع إحدى الشاتين على أحد الجريبين فكل أنت وأصحابك، ثم ادع بشرابٍ فاشرب، يعنى الشرابَ الحلال، ثم اسق الذى عن يمينك ثم الذى يليه، ثم قم لحاجتك، فإذا كان بالعشى فضع الشاة الغابرة على الجريب الغابر، فكل أنت وأصحابك، ألا وأشبعوا النَّاسَ في بيوتهم، وأطعِموا عيالَهم فإنَّ تجفينكم للناسِ لا يحَسِّن أخلاقَهم، ولا يُشْبع جائِعهم، فواللَّه مع ذلك ما أظنّ رستاقا يؤخذ منه كل يومٍ شاتان وجريبان إلا يُسرع ذلك في خرابه".
"عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب وقف بين الحرتين -وهما داران لفلان- فقال: شَوَى أخوكَ حَتَّى إذا أَنْضَجَ أَرْمَدَ -يعنى أفسد".
"عن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه قال: رأى عمر بن الخطاب على الأحنِف قميصًا فقال: يا أحنف: بكم أخذتَ قميصَك هَذَا؟ قال: أخذتُه بِاثنى عشرَ دِرْهمًا، قال: ويحك ألا كان بستةِ دراهمَ وكان فضلُه فيما تعلم؟ ! ".
"عن أسلم قال: قدِم عمرُ الشام على بعيرٍ، فجعلوا يتحدثون بينَهم، فقال عمر: تَطْمَحُ أبصارُهُم إلى مناكبِ من لا خلاقَ له".
"عن عروة عن عاملٍ لعمر كان على أَذْرِعات قال: قدم علينا عمر بن الخطاب وإذا عليه قميصٌ من كَرْبيس (*) فأعطانيه، فقال: اغسله وارْقَعْه، فغسلتهُ ورَقَعْته، ثم قطعتُ عليه قميصًا نَبَطِيًا فأتيته بهما، فقلت: هذا قميصٌ هذا قميص قطعته عليه لتلبسَه، فمسَّه فوجده ليِّنا، فقال: لا حاجةَ لنا فيه، هذا أنشفُ للعرقِ منه".
"عن عروة أن عمر بن الخطاب قال: لا يحلُّ لى من هذَا المالِ إلا ما كنت آكلًا من صلب مالى".
"عن عمران أن عمر بن الخطاب كان إذا احتاج أتى صاحب بيت المال فاستقرضه، فربما أَعسر فيأتيه صاحبُ بيتِ المال يتقاضَاه فيلزمُه فيحتال له عمر وربما خرج عطاؤه فقضاه".
"عن ابن البراء بن معْرور أن عمر خرج يوما حتى أتى المنبر وقد كان اشتكى شكوى فَنُعِت له العسل، وفى بيت المال عُكة فقال: إن أَذِنتم لى فيها أخذتُها وإلَّا فإنها علىَّ حرامٌ، فأذنوا له فيها".
"عن عاصم بن عمر قال: لما زوجنى عمر أنفقَ على من مال اللَّه شهرًا، ثم أرسلَ إلىَّ عمرُ يَرْفأَ فأتيتُه فقال: واللَّه ما كنتُ أرى هذا المال يحِل لى من قبلِ أن أَليَه إِلَّا بِحَقٍّ، وما كان قط أحرم على إذ وُليتُه فعادَ أمانتى، وقد أنفقت عليك شهرًا من مالِ اللَّه، ولست بزائِدِك، ولكنى معينُك بِثُمنِ مالى بالغابَةِ فاجْدُدْه فبِعه ثم إيت رجلًا من قومِك من تُجَّارهم فقم إلى جَنْبهِ فإذا اشترى شيئًا فاستشركه، فاستنفق وأنفق على أهلك".
"عن الحسن أن عمر بن الخطاب رأى جارية تطيش هُزالًا فقال: من هذه الجارية؟ فقال عبد اللَّه: هذه إحدى بناتك، قال: وأى بناتى هذه؟ قال: ابنتى، قال: ما بلغ بها ما أرى؟ قال: عملك، لا تنفق عليها مال، إنى واللَّه ما أعز من ولدك، فَاسْعَ على ولدك أيها الرجل".
"عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب كان يتحرك وهو خليفة وجهز عيرًا إلى الشام، فبعث إلى عبد الرحمن بن عوف ليستقرضه أربعة آلاف درهم، فقال للرسول: قل له يأخذها من بيت المال، ثم ليردها، فلما جاءه الرسول فأخبره بما قال، شق ذلك عليه، فلقيه عمر فقال: أنت القائل: ليأخذها من بيت المال؟ فإن مت قبل أن تجئ قُلتم أخذها أمير المؤمنين دعوها له، وأُوخذ بها يومَ القيامةِ؟ لا, ولكن أردتُ أن آخذها من رَجُلٍ حريصٍ شحيحٍ مثلك فإن متُّ أخذها من ميراثى".
"عن حميد بن هلال أن حفص بن أَبى العاص كان يحضر طعام عمر، وكان لا يأكل، فقال له عمر: ما يمنعك من طعامنا؟ قال: إن طعامك جشب غليظ وإنى راجع إلى طعام لين قد صنع فأصيب منه، قال: أترانى أعجز أن آمر بشاة فيلقى عنها شعرها، وآمر بدقيق فينخل في خرقة وآمر به فيخبز خبزًا رقاقًا، وآمر بصاع من زبيب فيقذف في شعر ثم يصب عليه من الماء فيصبح كأنه دم غزال؟ فقال حفص: إنى لأراك عالمًا بطيبِ العيشِ! فقال عمر: أجل والذى نفسى بيده لولا كراهة أن تنقص حسناتى يوم القيامة لشاركتكم في لين عيشكم".
"عن الربيع بن زياد الحارثى أنه وفد إلى عمر بن الخطاب فأعجبته هيئته ونحوه، فشكى عمر طعاما غليظا أكله، فقال الربيع: يا أمير المؤمنين: إن أحق الناس بطعام لين ومركب لين لأنت، فرفع عمر جريدة معه فضرب بها رأسه، وقال: ويحك هل تدرى ما مثلى ومثل هؤلاء؟ قال: وما مثلك ومثلهم؟ قال: مثل قوم سافروا فدفعوا نفقاتهم إلى رجل منهم، فقالوا: أنفق علينا، فهل يحل له أن يستأثر منها بشئ؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، قال: فكذلك مثلى ومثلهم".
"عن الحسن أن عمر بن الخطاب قال: هانَ شئٌ أُصْلِحُ به أقوامًا أن أُبْدِلَهُمْ أميرًا مكانَ أميرٍ".
"عن عبيد اللَّه بن إبراهيم قال: أَوَّلُ من ألقى الحصَى في مسجِد رسول اللَّه ﷺ عمر بن الخطاب، وكان الناس إِذا رفعوا رُءوسَهم من السجود نَفَضُوا أيْدِيَهم، فأمر عمرُ بالحصَى فجئَ به من الْعَقِيق فَبُسِطَ في مسجد النبى ﷺ ".