"عن أَبى موسى الأشعرى أنه قدِم على عمر مع وفدِ أهل البصرة قال: فكنا ندخلُ عليه وله كُلَّ يومٍ خُبز يُلتّ، وربما وافينَاه مَأدُومًا بسمنٍ أحيانًا، وأحيانًا بزيتٍ، وأحيانا بلبنٍ، وربما وافَقْنا القدائِد اليابسةَ قد دُقَّت ثم أغِلى بماءٍ، وربُّما وافقنا اللحم الغَريض وهو قليلٌ، فقال لنا يومًا: إنى واللَّه لقد أرى تَقْذِيركم وكراهيتكم طعامِى، وإنِّى واللَّه (لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأرقّكم عيشا، أما واللَّه) ما أجهلُ عن كراكر وأسنمة وعن صلاء وعن صلايق وصناب، قال جرير بن حازم: الصلاء: الشُّوى، والصناب: الخردل، والصلايق: الخبز الرقاق، ولكنى سمعت اللَّه عيَّر قومًا بأمرٍ فعلوه فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِى حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} (*) فقال أبو موسى: لو كلمتُم أميرَ المؤمنين ففرضَ لكم من بيتِ المالِ طعاما تأكلونُه؟ (فكلموه) فقال: يا معشرَ الأمراء: أما ترضونَ لأنفسكم ما أرضى لنفِسى؟ فقالوا: يا أميرَ المؤمنين، إن المدينة أرضٌ العيشُ بها شديدٌ، ولا نرى طعامَك يُغْشى ولا يؤكل، وإنا بأرضٍ ذاتِ ريفٍ، وإن أميرَنا يُغْشَى، وإن طعامَه يؤكلُ، فنكّس عمر ساعة، ثم رفع رأسَه فقال: قد فرضت لكم من بيت المال شاتين وجريبين، فإذا كان الغداة فضع إحدى الشاتين على أحد الجريبين فكل أنت وأصحابك، ثم ادع بشرابٍ فاشرب، يعنى الشرابَ الحلال، ثم اسق الذى عن يمينك ثم الذى يليه، ثم قم لحاجتك، فإذا كان بالعشى فضع الشاة الغابرة على الجريب الغابر، فكل أنت وأصحابك، ألا وأشبعوا النَّاسَ في بيوتهم، وأطعِموا عيالَهم فإنَّ تجفينكم للناسِ لا يحَسِّن أخلاقَهم، ولا يُشْبع جائِعهم، فواللَّه مع ذلك ما أظنّ رستاقا يؤخذ منه كل يومٍ شاتان وجريبان إلا يُسرع ذلك في خرابه".
[Machine] I saw Umar ibn Al-Khattab before he was struck by the days in Medina. He stood with Hudhaifah ibn Al-Yaman and Uthman ibn Hunayf and said, "How have you two managed to bear the burden of the earth that it cannot bear?" They said, "We have carried it by a command that it can bear." Hudhaifah said, "If I were to carry it, it would be weakened." Uthman ibn Hunayf said, "I have carried it by a command that it can bear, without any great favor." Umar then said, "See that you have not carried the burden of the earth that it cannot bear." They said, "No." Umar said, "If Allah grants me safety, I will leave the widows of Iraq without needing any man after me." He said, "Only four things came upon him until he was struck." He said, "And between me and him, there is no one except Abdullah ibn Abbas in the morning." He said, "And he used to stand between the rows. If he saw any disorder among them, he would say, 'Stand still until there is no disorder among them.' Then he would proceed and say the takbir." He said, "And perhaps he would recite Surah Yusuf or An-Nahl or something similar in the first raka'a until the people gathered." He said, "And it was only that he would say the takbir." He said, "I heard him say, 'The dog has killed me or the dog has eaten me,' when he was stabbed. Then he flew out of the wound with a double-edged knife that would not pass by anyone to the right or left except that it would stab him, until he stabbed thirteen men and nine of them died. When he saw that, a Muslim man threw a cloak on him. When the assassin thought that he had taken hold of him, he slit his own throat." He said, "And Umar held the hand of Abdullah ibn Awf and brought him forward." He said, "Who will take care of Umar? He has seen what he has seen." He said, "Regarding the surroundings of the mosque, they did not know anything except that they had lost the voice of Umar while they were saying, 'Subhan Allah, Subhan Allah.' Abdul-Rahman ibn Awf led them in a light prayer. When they finished, Umar said, 'O Ibn Abbas, see who killed me.' He went for a while and then came back and said, 'The slave of Al-Mughirah killed him.' He said, 'Really?' After they all spoke with their tongues and prayed towards their qibla and performed the Hajj according to their rites, he was brought to his house. We then left with him." He said, "And it was as if the people had not been affected by any calamity before that day. Some were saying, 'There is no harm,' while others were saying, 'We fear for him.' So they brought some wine and he drank it, and it came out of his wound. Then they brought some milk and he drank it, and it came out of his wound. They recognized that he was dead, and he mentioned this incident in his will and in the command to consult each other."
رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ؓ قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ وَقَفَ عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ فَقَالَ كَيْفَ فَعَلْتُمَا تَخَافَانِ أَنْ تَكُونَا قَدْ حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ؟ قَالَا حَمَّلْنَاهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ وَقَالَ حُذَيْفَةُ لَوْ حَمَّلْتُ عَلَيْهَا أُضْعِفَتْ وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ حَمَّلْتُهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُطِيقَةٌ مَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ قَالَ انْظُرْ أَلَّا تَكُونَا حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ قَالَا لَا فَقَالَ عُمَرُ ؓ لَئِنْ سَلَّمَنِي اللهُ لَأَدَعَنَّ أَرَامِلَ الْعِرَاقِ لَا يَحْتَجْنَ إِلَى رَجُلٍ بَعْدِي قَالَ فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا أَرْبَعَةٌ حَتَّى أُصِيبَ قَالَ وَإِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ غَدَاةَ أُصِيبَ قَالَ وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَامَ فَإِنْ رَأَى خَلَلًا قَالَ اسْتَوُوا حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِمْ خَلَلًا تَقَدَّمَ فَكَبَّرَ قَالَ وَرُبَّمَا قَرَأَ بِسُورَةِ يُوسُفَ أَوِ النَّحْلِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ قَالَ فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ كَبَّرَ قَالَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَتَلَنِي الْكَلْبُ أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ حِينَ طَعَنَهُ فَطَارَ الْعِلْجُ بِالسِّكِّينِ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لَا يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا إِلَّا طَعَنَهُ حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَمَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا فَلَمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ قَالَ وَتَنَاوَلَ عُمَرُ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ؓ ا فَقَدَّمَهُ قَالَ فَمَنْ يلِي عُمَرَ ؓ فَقَدْ رَأَى الَّذِي رَأَى وَأَمَّا نَوَاحِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ غَيْرَ أَنَّهُمْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ ؓ وَهُمْ يَقُولُونَ سُبْحَانَ اللهِ سُبْحَانَ اللهِ قَالَ فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ؓ صَلَاةً خَفِيفَةً فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي فَجَالَ سَاعَةً ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ الصَّنِعُ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ قَاتَلَهُ اللهُ لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ مَعْرُوفًا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يجْعَلْ مِيتَتِي بِيَدِ رَجُلٍ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ وَقَالَ قَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَكَانَ الْعَبَّاسُ ؓ أَكْثَرَهُمْ رَقِيقًا فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَعَلْنَا أَيْ إِنْ شِئْتَ قَتَلْنَا قَالَ كَذَبْتَ بَعْدَمَا تَكَلَّمُوا بِلِسَانِكُمْ وَصَلَّوْا قِبْلَتَكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ فَاحْتُمِلَ إِلَى بَيْتِهِ فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ قَالَ وَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ تُصِبْهُمْ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ فَقَائِلٌ يَقُولُ لَا بَأْسَ وَقَائِلٌ يَقُولُ نَخَافُ عَلَيْهِ فَأُتِيَ بِنَبِيذٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ ثُمَّ أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ مَيِّتٌ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي وَصَايَاهُ وَأَمْرِ الشُّورَى
" عَنْ عليٍّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبينَ} دَعَانِى رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: يَا عَلِىُّ إِنَّ الله أَمَرَنِى أَنْ أنذِرَ عَشيرَتِى الأَقْرَبينَ فَضِقْتُ بِذَلِكَ ذَرْعًا وَعَرَفْتُ أَنِّى مَهْمَا أُبَادِيهِمْ بِهَذَا الأمْرِ أَرَى مِنْهُمْ مَا أَكْرَهُ، فَصَمَتُّ عَلَيهاَ حَتَّى جَاءنِى جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّكَ إِنَّ لَمْ تَفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ بِهِ يُعَذِّبْكَ رَبُّكَ، فَاصْنَعْ لِى صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَاجْعَلْ عَلَيْهِ رِجْلَ شَاةٍ، وَاجْعَلْ لَنَا عُسّا مِنْ لَبَنٍ، ثُمَّ اجْمَعْ لِى بَنِى عَبْدِ الْمُطلِبِ حَتَّى أُكَلِّمَهمْ وَأُبَلَغِّ مَا أُمِرْتُ بِهِ فَفَعَلْتُ مَا أمَرَنِى بِهِ، ثُمَّ دَعَوْتُهُمْ لَهُ وَهُمْ يَوْمَئذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلًا يَزِيدُونَ رَجُلًا أَوْ يَنْقُصُونَهُ، فِيهِمْ أَعْمَامُهُ: أَبُو طالِبٍ وَحَمْزَةُ، وَالْعَبَّاسُ، وَأَبُو لَهَبٍ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا عَلَيْه دَعَانِى بِالطَّعَامِ الَّذِى صَنَعْتُهُ لَهُمْ فَجِئْتُ بِهِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُ تَنَاوَلَ النَّبِى ﷺ حَذْيَةً مِنَ اللحْمِ فَشَقَّهَا بِأَسْنَانِهِ ثُمَّ أَلْقَاهَا فِى نَوَاحِى الصَّحْفَةِ، ثُمَّ قَالَ: كُلُوا بِسْم اللهِ، فَأَكَلَ الْقَوْمُ حَتَّى نَهِلُوا عَنْهُ مَا نَرَى إِلاَّ آثَارَ أَصَابعِهِمْ، وَالله إِنْ كَانَ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لَيَأكُلُ مِثْلَ مَا قَدَّمْتُ لِجَمِيعِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِ الْقَوْمَ يَا عَلِىُّ، فَجِئْتُهُمْ بِذَلِكَ الْعُسِّ فَشَرِبُوا مِنْهُ حَتَّى رَوَوْا جَمِيعًا، وَايْمُ اللهِ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَيَشْرَبُ مِثْلَهُ، فَلَمَّا أرَادَ النَّبِى ﷺ أَنْ يُكَلِّمَهُمْ بَدَرَهُ أَبُو لَهَبٍ إِلَى الْكَلاَمِ، فَقَالَ: لَقَدْ سَحَرَكُمْ صَاحِبُكُمْ فَتَفَرق الْقَوْمُ، وَلَمْ يُكَلِّمْهُمُ النَّبِىُّ ﷺ فَلَمَّا كانَ الْغَدُ قَالَ: يَا عَلِىُّ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ سَبَقَنِى إِلَى مَا سَمْعتَ مِنَ الْقَوْلِ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ قَبْلَ أَنْ أُكلِّمَهُمْ،
فَعُدَّ لَنَا مِثْلَ الَّذِى صَنَعْتَ بِالأَمْسِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّراب، ثُمَّ اجْمَعْهُمْ لِى، فَفَعَلتُ ثُمَّ جَمَعْتُهُمْ، ثُمَّ دَعَانِى بِالطَّعَامِ فَقَرَّبْتُهُ، فَفَعَل كَمَا فَعَلَ بِالأمسِ، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى نَهِلوا، ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِى ﷺ فَقَالَ: يَا بَنِى (عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) ! إِنِّى وَاللهِ مَا أَعْلَمُ شَابّا فِى الْعَرَبِ جَاءَ قَوْمَهُ بِأَفْضَلَ مِمَّا جِئْتُكُمْ بِه، إِنِّى جِئْتُكُمْ بخَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخَرِةِ، وَقَدْ أَمَرَنِى الله أَنْ أَدْعُوَكمْ إِلَيْهِ، فَأَيُّكُمْ يُؤَازِرُنِى عَلَى أَمْرِى هَذَا؟ فَقُلتُ - وَأَنَا أَحْدَثُهُمْ سِنّا، وَأَرْمَصُهُمْ عَيْنًا وَأَعْظَمُهُمْ بَطنًا، وَأَقْمَشُهُمْ سَاقًا -: أَنَا يَا نَبِىَ اللهِ أَكوُنُ وَزِيَركَ عَلَيْه فَأَخَذَ يَرْقُبُنِى، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا أَخِى وَوَصِيِّى وَخَلِيفَتِى فِيكُمْ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا، فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ وَيَقُولُونَ لأَبِي طَالِبٍ: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ وَتُطِيعَ لِعَلِىٍّ ".