"عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَيْلَةً يَحْرُسُ، فَرَأَى مِصْبَاحًا فِى بَيْتٍ فَدَنَا فَإِذَا عَجُوزٌ تَطرُقُ شَعْرًا لَهَا لِتَغْزِلَهُ -أَى تَنْفُشُهُ بِقَدَحٍ- وَهِى تَقُولُ:
عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَاةُ الأَبْرَارِ ... صَلَّى عَلَيْكَ الْمُصْطَفَونَ الأَخْيَارُ
قَدْ كُنْتَ قَوَّامًا بَكِىَّ الأَسْحَارِ ... يَا لَيْتَ شِعْرِى وَالْمنَايَا أَطْوَارُ
هَلْ تَجْمَعُنِى وَحَبِيبِى الدَّارُ
تَعْنِى: النَّبِىَّ ﷺ فَجَلَسَ عُمَرُ يَبْكِى، فَمَا زَالَ يَبْكِى حَتَّى قَرَعَ الْبَابَ عَلَيْها، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب، قَالَتْ: مَالِى وَلِعُمَرَ؟ وَمَا يَأتِى بِعُمَرَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: افْتَحِى رَحِمَكِ اللَّه! فَلَا بَأسَ عَلَيْكِ، فَفَتَحَتْ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ: رُدِّى عَلَىَّ الْكَلِمَاتِ الَّتِى قُلْتِ آنِفًا، فَرَدَّتْهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَتْ آخِرَهَا قَالَ: أَسْأَلُكِ أَنْ تُدْخِلينِى مَعَكُمَا، قَالَتْ: وَعُمَرُ فَاغْفِرْ لَهُ يَا غَفَّارُ؛ فَرَضِى وَرَجَعَ".