"أنبأنَا الأَسْلَمى، حدثنى عمرو بن يحيى عن أبِيه عن جدِّه: أنه كان في حَائطه ربيعٌ لعبدِ الرحمنِ بن عوفٍ، فأرادَ عبد الرحمن أن يُحوله إلى ناحيةٍ من الْحَائِطِ هى أقربُ إلى أرضه، فمنعه، فكلَّم عبدُ الرحمن عُمرَ في ذلك، فقضى عمر لعبد الرحمنِ أن يُحَوِّلَه" .
31.04. Actions > ʿUmar b. al-Kaṭṭāb (59/75)
٣١.٠٤۔ الأفعال > مسند عمر بن الخطاب ص ٥٩
"عن يحيى بن سعيد أن رجلا كانت له بئرٌ في أرضٍ فتهوَّرَت، فأتى عمرَ بن الخطاب، فقال: انظر أقربَ بئرٍ منك فاثْلم الحائط واشرب حتى تُصْلِحَ بئرَك".
"عن عمر قال: نِعْمَ وَلِىُّ تَرِكَةِ المرءِ المسلم الزبيرُ".
"عن الشعبى قال: تَنَازعَ فِى جُذَاذِ نَخْلٍ أبىُّ بن كعب وعمرُ بن الخطاب، فبكى أبىٌّ ثم قال: أفى سلطانك يا عُمَرُ؟ قال عمر: اجعل بينى وبينَك رجلًا من المسلمين، قال أبىٌّ: زيد، قال: رضيت، فانطلقا حتى دخلا على زيد (فلما رأى زيد) عمر تنحى عن فراشِه، فقال له عمر: (في بيته يؤتى الحكم، فعرف زيد أنهما جاءا ليتحاكما إليه، فقال لأُبى: تقصُّ؟ فقص، فقال له عمر: ) تذكر لعلك نسيتَ شيئا فتذكر ثم قص حتى قال: ما أذكرُ شيئًا، ثم قصَّ عمر، فقال زيدٌ: بينتك يا أبَىُّ؟ قال: ما لى بينةٌ، قال: فأَعْفِ أميرَ المؤمنينِ من اليمين، فقال عمر: لا تُعْفِ أميرَ المؤمنين من اليمين إن رأيتها عليه".
"عن محمد بن قيس قال: لم يلق عمر أسامةَ بنَ زيدٍ قطٌّ إلا قال: السلام عليك أيها الأميرُ ورحمة اللَّه وبركاتهُ، أميرٌ أمَّره رسول اللَّه ﷺ ثم لم ينزِعه حتى ماتَ".
"عن عبد اللَّه بن دينار قال: كان عمر بن الخطاب إذا رأى أسامة بن زيد قال: السلام عليك أيها الأمير، فيقول أسامة: غفر اللَّه لك يا أميرَ المؤمنين، تقول لى هذا؟ قال: فكان يقولُ له: لا أزال أدْعوك ما عشتُ الأميرَ، مات رسول اللَّه ﷺ وأنت علىَّ أميرٌ".
"عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب خطب بالمدينة فقال: (يا سارية بن زنيم: الجبل، من استرعى الذئب فقد ظلم، فقيل: تذكر ساريةَ وساريةُ بالعراق؟ ! فقال) الناس لعلى: أما سمعت عمر يقول: يا سارية (وهو يخطب على المنبر؟ قال: ويحكم؛ دعوا عمر فإنه ما دخل في شئ إلا خرج منه، فلم يلبث إلا يسيرا حتى قدم سارية فقال: سمعت صوت عمر فصعدت الجبل".
"عن عمر قال: كان رسول اللَّه ﷺ إذا دعا رفع يديه وإذا فرغَ ردَّهما على وَجْهه".
"عن سعيد بن المسيب قال: خرجت جاريةٌ لسعدِ بن أَبى وقاص وعليها قميصٌ جديدٌ فكشفها الريحُ فشدَّ عليها عمرُ بالدِّرة، وجاء سعد ليمنَعه فتناوله بالدِّرة، فذهب سعدٌ يدعو على عمرَ، فناوله الدرةَ وقال: اقتص، فعفا عن عمرَ".
"عن عبد اللَّه بن (زياد) أن عمر بن الخطاب أعطى سعيد بن عامر ألف دينار، فقال: لا حاجة لى فيها، أعط من هو أحوجُ إليها منى، فقال عمر: على رسلِك حتى أُحَدِّثك ما قال رسول اللَّه ﷺ ثم إن شئت فدع، إن رسول اللَّه ﷺ عرض على شيئًا فقلتُ مثلَ الذى قلت: فقال رسول اللَّه ﷺ : "من أُعْطِى شيئًا من غير سؤالٍ ولا استشرافِ نفسٍ، فإنه رزق من اللَّه فليقبلْه ولا يرده) فقال سعيد: أنت سمعتَه من رسول اللَّه ﷺ ؟ قال: نعم (فقبله) ".
"عن عطيةَ بن قيس أن عمرَ بن الخطاب استعملَ سعيد بن عامرِ بن حذيم على جند حمص، فقدِم عليه فعلاه بالدِّرة، فقال سعيد: سبق سَيلُكَ مطرك، إن تَستعتب نعتب، وإن تعاقبْ نصبر، وإن تَعْفُ نشكرْ، فاستحيى عمر، وألقى بالدرة، وقال ما على المسلم أكثر من هذا، إنك تبطئ بالخراجِ، فقال سعيد: إنك أمرتنا أن لا نزيد الفلاح على أربعة دنانير، فنحن لا نزيد ولا نَنْقص، إلا أنا نؤخرهم إلى غَلَّاتِهم، فقال عمر: لا أعزلك ما كنت حيًا".
"عن النُّعْمانِ بنِ بَشِير أَنَّ عُمَرَ بن الخَطَّابِ قَالَ فِى مَجْلسٍ وَحَوْلَه المُهَاجرُون وَالأَنْصَارُ: أَرَأَيْتُم لَو تَرَخَّصْتُ فِى بَعْضِ الأمُورِ مَا كُنْتُم فَاعِلينَ؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ ذَلِك مَرَّتيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ بَشِيرُ بنُ سَعْدٍ: لَو فَعَلت ذَلِكَ قَوَّمْنَاكَ تَقْوِيمَ القِدْحِ (*)، فَقَال عُمَرُ: أَنْتُم إِذًا، أنتم إذًا".
"عن ابنِ عَبَّاسٍ قَال: إِنِّى لَجَالسٌ مع عمرَ بنِ الخطَّاب ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ تَنَفَّسَ نَفْسَةً ظَنَنْتُ أَنَّ أَضْلَاعَهُ قَد تَفَرَّجتْ، فَقلت: ما أخرج هذا منه إلا شر، فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنينَ: مَا أَخْرَجَ هَذَا مِنْكَ إِلَّا شَرٌّ، قال: شر واللَّه، إِنِّى لَا أَدْرِى إلَى مَنْ أَجْعَلُ هَذَا الأَمْرَ بَعدِى، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلىَّ فَقَالَ: لَعَلَّكَ تَرَى صَاحِبَك لَهَا أَهْلًا؟ فَقُلْتُ: إِنَّه لأهْلُ ذَلِكَ فِى سَابقَتهِ وَفَضْلِهِ، قَالَ: إِنَّه لَكما قُلْتَ وَلَكِنَّه امرُؤٌ فيه دُعَابَةٌ (*)، قُلتُ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَن طَلحَةَ؟ قَال: ذَاكَ امْرُؤٌ لَمْ يَزَلْ بَأوًا (* *) مُنْذ أُصِيبَتْ أصْبُعه، قُلتُ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الزُّبيْرِ؟ قال: وَعْقَةٌ (* * *) لَقِسٌ (* * * *) قَال: يُلَاطِم عَلَى الصَّاعِ بِالَبقِيعِ، وَلَو مُنِعَ مِنْه صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ تأُبَّط عَلَيه بِسَيْفِه، قُلْتُ: فَأَيْن أَنْتَ عَنْ سَعْدٍ؟ قَالَ: فَارِسُ الفُرسَانِ، قُلتُ: فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبدِ الرَّحمنِ؟ قَالَ: نِعْمَ الْمرءُ ذَكَرْتَ عَلَى الضَّعْفِ، قُلتُ: فَأَيْنَ أنتَ عَنْ عُثْمَان؟ قَالَ: كَلِفٌ بأَقَارِبِه، وَاللَّه لَوْ وَلَّيْتُه لَحَمَلَ بَنِى أَبِى مُعَيْط عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَاللَّه لَوْ فَعَلتُ لَفَعَلَ، وَلَوْ فَعَلَ لسارت الْعَربُ حَتَّى تُقْتُلَه، إِنَّ هَذَا الأَمْرَ لَا يُصْلحُه إلَّا الشَّدِيدُ في غَيْرِ عُنْفِ، الليِّنُ فِى غَيْرِ ضَعف، الجَوَادُ فِى غَيْرِ سَرَفٍ، المُمْسكُ في غَيْرِ بُخْلٍ، فَكَانَ ابنُ عَبَّاسٍ يَقولُ: ما اجْتَمَعَتْ هَذِه الخِصَالُ إِلَّا فِى عُمَر".
"عن سيفِ بن عُمَرَ، عَن الصَّعْبِ بنِ عَطِيةَ بنِ بلَالٍ، عن أَبيهِ، وعن سَهْمِ بنِ مِنْجابٍ قَالَا: خَرَجَ الأَقَرَعُ والزِّبْرَقَان إلَى أَبِى بَكرٍ فَقَالَا اجْعْل لَنَا خَرَاجَ البَحْرَيْنِ وَنَضمَن لَكَ أَن لَا يَرْجِعَ مِنْ قْومِنا أَحَدٌ، فَفَعَلَ، وكَتَب الكِتَابَ، وَكانَ الَّذِى يَخْتَلِفُ بَيْنَهُم طَلْحَة بن عُبَيْد اللَّه، وَأَشْهَدُوا شُهُودًا مِنْهُم عُمَرُ، فَلَما أُتِى عُمَرُ بِالكِتَابِ وَنَظَر فِيهِ لَمْ يَشْهَد ثُمَّ قَالَ: لَا وَلَا كَرَامَةَ، ثُمَّ مَزَّقَ الكِتَابَ وَمَحاهُ، فَغَضِبَ طَلْحَةُ وَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَال له: أَنْتَ الأَمِيرُ أَمْ عُمرُ؟ فقال: الأميرُ عُمَرُ غَيْرَ أَنَّ الطَّاعَةَ لِى، فَسَكَتَ".
"عن نافع أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اقْطَعَ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِس والزِّبْرقَانَ قَطِيعةً، وَكَتَبَ لَهُما كتابًا، فقالَ لهما عُثْمان: أَشْهِدَا عُمَرَ فَهُو أَحْرزُ لأمرِكما، وَهُوَ الخَلِيفَةُ بَعْده، فَأَتَيا عُمرَ فَقَالَ لَهُمَا: مَنْ كَتَبَ لَكُما هَذَا الكتَابَ؟ قَالَا: أَبو بَكْرٍ، قالَ: لَا وَاللَّه وَلَا كَرَامةَ واللَّه لَيُغلِقنَّ وجوهَ المسلمينَ بالسيوف والحِجَارَة ثُمَّ يكُون لَكُما هَذَا؟ فَتَفلَ فيه فَمَحَاه، فأتَيا أَبَا بَكْر فقَالا: مَا نَدْرِى أَنْتَ الخَلِيفَة أمْ عُمرُ؟ ثم أَخَبَرَاه، قَالَ: فَإِنا لا نُجيزُ إلَّا ما أَجازَهُ عُمرُ".
"عن ابنِ شهابٍ أَنَّ عُمرَ بن الخَطَّابِ لمَّا قَدِمَ الشَّامَ أُهْدِيَتْ لَهَ سَلَّةُ خَبِيص، قال: إِنَّ هَذَا طَعَامٌ مَا أَعْرِفُه، فَمَا هُو؟ قَالُوا: يَا أَميرَ المُؤْمِنينَ! الخَبِيصُ، قَال: وما الخَبيصُ؟ قَالُوا: طَعَامٌ يُصْنَعُ مِنَ العَسَلِ وَنَقِىِّ الدَّقيق، قَالَ: واللَّه إِنَّ هَذَا طَعَامٌ لَا آكُلُه أَبدًا حَتَّى أَلْقَى اللَّه إلَّا أَن يَكُون طَعَامُ النَّاسِ كُلِّهِم مِثْلَه، قَالوا: يَا أَمِيرَ المؤْمنين! مَا هُو بِطَعامِ المُسلِمين كلِّهِمْ، قالَ: فلَا حَاجَةَ لنَا فِيه".
"عَن جُبَير بنِ نُفَيرٍ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ أُتِى بمِالٍ كَثير منَ الجِزْيَةِ، قال: إنِّى لأَظُنُّكم قد أَهْلَكتُم النَّاسَ؟ قَالُوا: لَا وَاللَّه، مَا أَخَذْنَا إِلَّا عَفْوًا صَفْوًا، قَال، بِلَا سَوْطٍ وَلَا نَوْطٍ (*)؟ قَالُوا: نَعْم، قَالَ: الحَمْد للَّه الَّذِى لمْ يَجْعَلْ ذَلِك عَلَى يَدِى وَلَا فِى سُلْطَانِى".
"عن قيسِ بنِ أَبى حازمٍ قالَ: جَاءَ بِلالٌ إِلى عُمَرَ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ وعنْدَه أمراء الأَجْنَادِ فَقَالَ: يَا عُمَرُ يَا عُمرُ، فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا عُمَرُ، فَقَالَ: إِنَّكَ بَيْن هَؤلاءِ وَبَيْنَ اللَّه وَلَيْس بَيْنَك وبَيْنَ اللَّه أَحَدٌ، فَانْظُرْ مَنْ بَيْنَ يَديْك وَمَن عَنْ يَمِينِكَ، وَمَنْ عَنْ شِمَالِكَ، فإنَّ هَؤُلاءِ الَّذينَ جَاءوكَ، واللَّه لَنْ يَأكُلوا (إلَّا) لحوم الطّيرِ، فقال عُمَرُ: صَدَقْتَ، لَا أَقُومُ مِن مجْلِسى هَذَا حَتَّى تَكْفُلُوا لِى لِكُلّ رَجلٍ منَ المُسلِمينَ بِمُدَّى بُرٍّ وحَظِّهمَا منَ الخَلِّ والزّيْتِ، قَالُوا: تَكَفَّلْنَا لَكَ يَا أَميرَ المُؤمِنينَ، هُو عَلَيْنَا، قَد كَثَّر اللَّه مِنَ الخَيرِ وأَوْسَعَ، قَالَ: فَنَعْم إِذنْ".
"عن حارِثَةَ بنِ مُضَرِّب: أَنَّ عُمَر أَمَر بجَرِيبٍ مِن طَعَامٍ فَعُجِنَ ثم خُبِزَ ثم ثَرَدَهُ بِزَيْت، ثمَّ دَعَا عَلَيْه ثَلَاثِينَ رَجُلًا فَأَكلُوا مِنْه غَدَاءَهُمْ حَتَّى أصدرهُم، ثُمَّ فَعَلَ بالعشَاء مِثلَ ذَلِك، وَقَالَ: يَكْفِى الرَّجُلَ جَرِيبانِ كلَّ شَهْرٍ، فَكَانَ يَرْزُقُ النَّاسَ: المرأةَ والرجلَ والممْلوكَ جَرِيبَين (جَرِيبين) كلَّ شَهْرٍ".
"عن سفيان بنِ وَهْبٍ قَال: قَالَ عُمَرُ -وَأَخَذَ الْمُدْى بِيدٍ وَالقِسْطَ بِيَدٍ- فَقَالَ: إنِّى فَرَضْتُ لكُلِّ نَفْسٍ مُسلِمَةٍ في كل شَهْر مُدَّى حِنْطَةٍ وقِسْطَى خَلٍّ، وَقِسْطَى زَيْتٍ، فَقالَ رجَلٌ: وللعَبيدِ؟ فَقال عُمَرُ: نَعَمْ ولِلعَبيدِ".
"عن عبدِ اللَّه بنِ أَبى قَيْسٍ أَنَّ عُمَرَ صَعِدَ المِنْبَر فَحمِدَ اللَّه ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بعدُ فَقَدْ أَجْرَيْنَا عَليْكُم أُعْطِياتِكُم وَأَرْزَاقكُم فِى كُلِّ شَهْر، قَالَ: وفِى يَدِهِ الْمُدْىُ والْقِسْطُ، ثُم حركهما قَالَ، خُذْ كِلَيْهمِا، فَمَن انْتَقصَهمَا فعل اللَّه بِه كَذَا وَكذَا قال: فدَعا عَلَيه".
"عن أَبى الدَّرْداءِ قَالَ: ربُّ سُنَّةٍ رَاشِدَة مَهْديَّةٍ قد سَنَّها عمرُ في أمَّةِ رسُولِ اللَّه ﷺ منْها الْمُدْيَانِ والقِسْطَانِ".
"عن ابن عمر قال: شهدت جَلُولَاء فابْتَعْتُ مِنَ المَغْنَم بِأَرْبَعِينَ أَلْفَا، فَلمَّا قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ قَالَ لى: أَرَأَيْتَ لَوْ عُرِضْتُ عَلَى النَّارِ فَقِيلَ لَك، افْتَدِيْنِى، أكنت مفتدىَّ؟ فَقُلْتُ: واللَّه مَا مِنْ شَىْءٍ يُؤذِيكَ إلَّا كُنتُ مُفَتدِيَك مِنْه، فَقَال: كَأَنِّى شَاهِدُ النَّاسِ حِينَ تَبَايَعُوا فَقَالُوا: عَبدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ صَاحِبُ رَسولِ اللَّه ﷺ وابْنُ أَميرِ المُؤمنينَ، وَأحَبُّ النَّاسِ إِلَيه، وَأَنْتَ كَذَلِكَ، فَكَان أَنْ يُرْخِصوا عَلَيك بمائِةٍ أَحَبَّ إِلَيْهم منْ أَن يُغْلُوا عَلَيْك بِدِرْهَم، وَإنِّى قَاسِم مَسئولٌ، وأنا مُعْطِيكَ أكَثَر مَا رَبِحَ تاجِرٌ من قريشٍ، لَكَ رِبْح
الدِّرهم دِرْهَمٌ، ثُمَّ دَعَا التُّجَّارَ فَابْتَاعُوا مِنْه بِأربَعْمِائة أَلْفٍ، فَدَفَع إِلَىَّ ثَمانينَ أَلْفًا، وبعثَ بالبَقِيَّةِ إلَى سَعدِ بنِ أَبى وَقَّاص، فَقَالَ: اقْسِمْهُ فِى الَّذِينَ شَهِدُوا الْوَقْعَةَ وَمَن كَانَ مَاتَ مِنْهم فَادْفَعْه إلَى وَرَثَتِه".
"عن (*) صَبِيغ بنِ عِسْل قال: جِئْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب وعَلَىَّ غَديرتان وقلنسوة (* *) فقال عمر: إنى سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: يخرج من المشرق قوم حلقان الرءوس يَقْرَءونَ القرآنَ لا يجاوزُ حناجِرهم، طوبى لمن قتلوه، وطوبى لمن قتلهم، ثم أمر عمر أن لا أدوى ولا أجالس".
"عن سَعِيدِ بنِ عَامِر عن محمدِ بن عمرو قَال: قَدِمَ مَكَّةَ عُمَرُ فقال له: يَا أمِير المؤْمنينَ إِنَّ أبَا سفيانَ قَدْ حَمَلَ عَلَيْنَا السَّيْلَ، فَانْطَلَق عُمَرُ مَعَهُم، فَقَالَ: يَا أَبَا سفيان خذ هَذَا الْلحَجَر، فَأَخَذَه فَاحْتَمَلَهُ عَلَى كَتِدِه (*) وجَاءَه فَقَال لَه: خُذْ هَذَا فَاحْتَمِله، ثم قَالَ لَه: وهَذا، فَرَفعَ يَدَه عُمَرُ فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِى آمرُ أبَا سُفيانَ بِبَطنِ مَكَّةَ فُيُطِيعُنِى".
"عن جُويرية بن أسماءَ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ قَدِمَ مَكَّةَ فَجَعَل يَجْتَازُ فِى سِكَكِها فيقول: قُمُّوا أفْنيتكم، فَمَرَّ بأَبِى سفيان فقَالَ لَهُ: يا أبا سفيانَ قمُّوا فِنَاءكمْ فقَال: نَعَمْ يا أَمِيرَ المُؤمنينَ، حَتَّى يَجِئَ مُهَّانُنا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ اجْتَازَ بَعْد ذَلِك فَرَأَى الفِنَاءَ كَما كَانَ، فَقالَ: يَا أَبا سُفْيانَ! أَلَم آمُرْكَ أَنْ نَقُمُّوا فِنَاءَكم؟ قَال: بَلَى يَا أَمِيرَ المؤمنينَ وَنَحْنُ نَفْعَل إِذَا جَاء مُهَّانُنَا، فَعَلَاه بِالدِّرَّة فَضَرَبَه بَينَ أُذُنَيْهِ فَسَمِعتْ هِنَدٌ فَقَالَتْ: أبْصرِ بهِ، أَمَا وَاللَّه لَرُبَّ يَومٍ لَو ضَرَبْتَهُ لَاقْشَعَر بِكَ بَطْنُ مَكَّةَ، فَقَالَ عُمَر: صَدَقْتِ وَلَكِنَّ اللَّه رَفَع بالإسْلام أَقْوامًا وَوَضَعَ بِه آخرِينَ".
"عن سَعيدِ بنِ عَبدِ العَزيزِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ لأَبِى سُفَيانَ بنِ حَرْبٍ: لا أُحِبُّكَ أَبدًا، رُبَّ لَيلةٍ غَممتَ فِيهَا رَسُولَ اللَّه ﷺ ".
"عن أَبى بَكْرٍ أحمدَ بنِ يَحْيَى البِلَاذُرى قَالَ: كَان ضِرَارُ بنُ الخَطَّابِ بن مِرْدَاسٍ الفِهْرِى بالسَّرَاةِ فَوثَبَتْ دَوْسٌ عَلَيه لِيَقتُلُوه، فَسَعَى حَتَّى دَخَلَ بَيْتَ امرأةٍ يُقالُ لَها أُمُّ جمَيلٍ، وَأتْبَعَه رَجُلٌ ليضربهُ فَوَقَعَ ذُبَابُ السَّيف عَلَى البَابِ، وَقَامَتْ فِى وجُوهِهِم فَذبَّتْهم وَنَادَتْ قَوْمَها فَمَنَعُوه لَهَا، فَلَمَّا استُخْلِفَ عُمرُ بنُ الخَطَّابِ ظنت أَنَّهُ أخُوهُ، فَأَنَتِ المَدِينةَ، فَلمَّا كَلَّمَتْهُ عَرَفَ القِصَّةَ، فَقَالَ: لَسْتُ بأَخيهِ إلَّا فِى الإِسلَام، وَهُو غَازٍ بالشَّامِ، وَقَد عَرَفْتُ مِنَّتَكِ عَلَيْه، فَأَعْطَاهَا عَلَى أَنَّها بِنْتُ السَّبَيل".
"عن سيفِ بنِ عُمَر، عن الربيعِ وَأبى المجَالَدِ وأبِى عُثمانَ وَأبِى حَارِثَة قالوا: كتَبَ أَبو عُبَيْدَة إلَى عُمَر أنَّ نَفرًا من المسلمينِ أصَابُوا الشَّرابَ منهم ضِرارٌ، وأَبو جَنْدلٍ، فَسأَلْنَاهُم فَتَأوَّلوا وقَالُوا: خُيِّرْنَا فَاخْترْنَا، قَال: فهل أنتم منتهون؟ ! ولم يعزم، فكتب إليه عمر: فذلك بيننا وبينهم فهل أنتم منتهون -يعنى فانتهوا- وجَمَع النَّاسَ فاجْتَمعوا عَلَى أَن يُضْرَبُوا فيها ثَمانينَ جَلْدَةً ويُضمنوا النَّفسَ، وَمَن تَأَوَّلَ عَلَيْها بمثلِ هَذَا فإنْ أَبى قُتِلَ، وَقَالوا: مَنْ تَأوَّلَ عَلى مَا فَسَّر رسُول اللَّه ﷺ يزجر بالفعلِ والقَتْل، (فكتب عمر إلى أَبى عبيدة أن ادعهم، فإن زعموا أنها حلال فاقتلهم) فإن زعموا أنها
حرام فاجلدوهم ثمانين، فبَعَثَ إليهم فَسَألَهم على رُءوسِ الأَشْهِاد، فَقَالُوا: حَرَامٌ، فَجَلَدهم ثَمانين، حُدَّ القومُ وَندموا عَلى لَجاجَتِهم، وقَالَ: لَيَحْدثَنَّ فيكم يا أَهْل الشَّامِ حادِثٌ، فحدثت الرمادة".
"عن الحكمِ بن عيينة والشَّعْبِىِّ قَالَا: لَما كَتَبَ أَبُو عُبَيَدةَ فِى أَبِى جَنْدلٍ وضِرَار بن الأزْوَرِ جَمَع النَّاسَ فَاسْتَشارَهم فِى ذَلِك الحَدِيث، فَأَجْمَعوا أَنْ يحدُّوا في شُرْب الخَمْرِ والسُّكْرِ مِنَ الأَشْرِبَةِ حَدَّ الْقاذِف، وَإِن مَاتَ في حَدٍّ مِن هَذَا الحَدِّ فَعَلى بيتِ المَالِ دِيَتُهُ لأَنَّه شَئ رواهم".
"عن سيفِ بن عُمَر، عَن زُهْرَة، عَن أَبى سَلَمَة ومُحمد، والمُهلَّب، وَطَلْحَةَ قَالُوا: لَمَّا أَعْطى عُمَر أَوَّلَ عَطاءٍ أَعْطَاهُ، وَذَلِكَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَلَما دَعَا صَفْوَان بنَ أمَيَّةَ وَقَدْ رَأَى مَا أَخَذَ أَهْلُ بَدْرٍ وَمَنْ بَعْدَهم إلَى الفَتْحِ فَأَعْطَاه فِى أَهْلِ الفَتْح أَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ مَنْ كَان قَبْلَه أَبَى أن يقبَلَهُ وَقَالَ: يا أَمِير المُؤمِنينَ! لَسْتُ مُعْتَرِفًا لأن يكون أكرم منى أحد، ولستُ آخذُ أقلَّ مما أخذ من هو دونى! أو مَنْ هو مثلى، فقال: إِنَّما أعطيتهم على السَّابِقَة والقِدْمَة فِى الإسلَام لَا عَلَى الأَحْسَابِ، قَالَ: فنَعمْ إذَنْ، فَأَخَذ وقَالَ: أهلُ ذلك هُمْ".
"عن أَبى محذورةَ قال: كنت جالسًا عند عمر بن الخطاب إِذْ جاء صفوان بن أمية بجفنةٍ فوضعها بين يدى عمرَ، فدعا عمرُ ناسًا مساكينَ وأرقاء من أرقاء النَّاسِ حوله فأكلوا معه، ثم قال عند ذلك: فعل اللَّه بقومٍ -أو لحا اللَّه قومًا- يرغبون عن أرقائهم أن يَأْكُلوا معهم، فقال صفوان: أما واللَّه ما نرغب عنهم ولكنا نستأثر عليهم؛ لا نجدُ من الطعامِ الطيبِ ما نأكلُ ونُطعِمُهم".
"عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس، فمشيت حتى اقتحمت حديقة فيها نفر من المسلمين فيهم عمر بن الخطاب وفيهم طلحة،
فقال عمر: إنك لجريئة وما يدريك لعله يكون بلاءٌ أو تحوز (*) فواللَّه ما زال يلومنى حتى لوددت أن الأرض تنْشَقُّ فأدخلُ فيها، فقال طلحة: قد أكثرت، أين التحوز؟ أين الفِرارُ؟ ".
"عن أَبى خالد: أن عمر خطب أم كلثوم بنت أَبى بكر إلى عائشة وهى جارية، فقال: أين المذهب بها عنك فبلغها ذلك، فأتت عائشة فقالت: تُنْكحينى عمر يطعمنى الخشب من الطعام! إنما أريدُ فتى يصُبُّ على الدنيا صبا، واللَّه لئن فعلت لأذهبن لأصيحن عند قبر رسول اللَّه ﷺ ! فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص، فقال: أنا أكفيك، فدخل على عمر فتحدث عنده، ثم قال: "يا أمير المؤمنين! رأيتك تذكر التزويج، قال: نعم قال: مَنْ؟ قال: أم كلثوم بنت أَبى بكر، فقال: يا أمير المؤمنين! ما أريك إلا جارية تَنْعى عليك أباها كل يوم، فقال عمر: عائشة أمرتك بهذا! فتزوجها طلحة بن عبيد اللَّه، فقال له: أتأذن لى أن أدنو من الخِدرِ؟ قال: نعم، فدنا منه ثم قال: أما على ذلك لقد تزوجت فتى من أصحاب محمد ﷺ ".
"عن طلحة بن عبيد اللَّه قال: خَطبَ عمرُ بن الِخطاب أُمَّ أَبان بنت عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس فأبتْهُ، فقيل لها: ولمَ؟ قالت: إن دخلَ دخل ببأس، وإن خرج خرج ببأسٍ، قد داخله أمرٌ أذهله عن أمر دنياهُ، كأنه ينظر إلى ربه بعينه؛ ثم خطبها الزبيرُ بن العوام فأبتْهُ، فقيل لها: ولم؟ قالت: ليس لزوجته منه إلا شارةٌ في قراملها، ثم خطبها علىٌّ فَأبتْ، فقيل لها: ولم؟ قالت: ليس لزوجته منه إلا قضاءُ حاجته، ويقولُ: كُنْتُ وكنتُ وكانَ وكانَ؛ ثم خطبها طلحة فقالت: زوجى حقًا، قالوا: وكيف ذلك؟ قالت: إنى عارفةٌ بِخلائقه، إن دخلَ دخلَ ضحاكًا، وإن خرجَ خرجَ بسامًا، إن سألتُ أعْطى، وأن سكتُّ ابتدأَ، وإن عملتُ شكَر، وإن أذنبتُ غَفَر؛ فلما أن ابْتَنى بها قال على: يا أبا محمد! إن أذنتَ لى أن أكلم أم أبان! قال: كلمها، فأخذ سجف الحجلة ثم قال: السلام عليك يا عزيزة نفسها! قالت: وعليك السلام، قال: خطبك أمير المؤمنين، (وسيد المرسلين) (*) فأبيته، قالت: كان ذلك، قال: وخطبك الزبير ابن عمة رسول اللَّه ﷺ وأحد حواريه فأبيته، قالت: وقد كان ذلك، قال: وخطبتك أنا وقرابتى لرسول اللَّه ﷺ قالت: قد كان ذلك، قال: أما واللَّه! لو تزوجت أحسننا وجهًا، وأسمحنا كفًا يعطى هكذا وهكذا".
"عن خوات بن جبير قال: خرجنا حجاجًا مع عمر بن الخطاب، فسرنا في ركبٍ فيهم أبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، فقال القوم: غَنِّنا يا خواتُ! فغناهم، فقالوا: غننا من شعرِ ضرارٍ، فقال عمر: دعوا أبا عبد اللَّه يتغنى من هُنَيَّات فؤاده -
يعنى من شعره- فمازلت أغنيهم حتى إذا كان السحر فقال عمر: ارفع لسانك يا خوات فقد أسحرنا".
"عن طارق بن شهاب قال: كنا عند أَبى موسى فقال لنا ذات يوم: لا يضركم أن تخففوا عنى؛ فإن هذا الداء قد أصاب في أهلى -يعنى الطاعون- فمن شاء أن يُغَبِّرَهُ فليفعلْ واحذروا اثنتين: لا يقولن قائل إن هذا جلس فعوفى الخارج لو كنت خرجت لعوفيت كما عوفى فلان، ولا يقولن الخارج إن عوفى وأُصيب الذى جلس: لو كنت جلست أُصبْتُ كما أُصيبَ فلان، وإنى سأحدثكم بما ينبغى للناس من خروج هذا الطاعون، إن أمير المؤمنين كتب إلى أَبى عبيدة حيث سمع بالطاعون الذى أخذ الناس بالشام إنى بدت لى حاجة إليك فلا غنى بى عنك فيها، فإن أتاك كتابى ليلًا فإنى أعزمُ عليك أن تصبح حتى تركب إلىَّ، وإن أتاك نهارًا فإنى أعزم عليك أن تمسى حتى تركب إلىَّ، فقال أبو عبيدة: قد علمت حاجة أمير المؤمنين التى عَرضتْ، وإنه يريد أن يستبقى من ليس بباقٍ، فكتب إليه: إنى في جند من المسلمين لن أرغب بنفسى عنهم، وإنى قد علمتُ حاجتك التى عرضت لك وإنك تستبقى من ليس بباق، فإذا أتاك كتابى هذا فحللنى من
عزمك وائذن لى في الجلوس، فلما قرأ عمر كتابه فاضت عيناه وبكى، فقال له من عنده: يا أمير المؤمنين مات أبو عبيدة؟ قال: لا، وكان قد كتب إليه عمر: إن الأردن أرض وبية عمقة، وإن الجابية أرض نزهة، فاظهر بالمهاجرين إليها، فقال أبو عبيدة حين قرأ الكتاب: أما هذا فنسمع فيه أمر أمير المؤمنين ونطيعه، فأمرنى أن أركب وأُبوِّئَ الناس منازلهم، فطعنت امرأتى فجئت أبا عبيدة فأخبرته، فانطلق أبو عبيدة يبوئُ النَّاسَ منازلهم، فطعن فتوفى، وانكشف الطاعون، قال أبو الموجه: زعموا أن أبا عبيدة كان في ستةٍ وثلاثين ألفًا من الجند فماتوا فلم يبق إلا ستةُ آلاف رجل".
"عن أَبى العجفاء الشامى من أهل فلسطين، قال: قيل لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين لو عهدت؟ قال: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح، ثم وليته، ثم قدمت على ربى فقال لى: من استخلفت على أُمة محمد؟ لقلت: سمعت عبدك ونبيك ﷺ يقول: "لكل أُمةٍ أمينٌ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" ولو أدركت معاذ ابن جبل ثم وَلَّيتْهُ ثم قدمت على ربى فقال لى: من استخلفت على أُمةِ محمدٍ؟ لقلت: سمعت عبدك ونبيك ﷺ يقول: يأتى معاذٌ بين يدى العلماء برتوة، ولو أدركتُ خالد ابن الوليد (ثم وليته، ثم قدمت على ربى فسألنى من استخلفت على أمة محمد؟ ) لقلت سمعت عبدك ونبيك يقول لخالد بن الوليد: (سيف من سيوف اللَّه سله اللَّه على المشركين) ".
"عن قبيصة بن ذؤيب أن عبادة بن الصامت أنكر على معاوية شيئا فقال: لا (أساكنُك) بأرضٍ، فرحل إلى المدينة، فقال له عمر: وما أقدمك؟ فأخبره، فقال (له عمر): ارحل إلى مكانك، قبَّح اللَّه أرضا لست فيها وأمثالُك! فلا إمرة له عليك".
"عن معاوية بن أَبى سفيان أنه خطب فقال: يا أيها الناس: أقلوا الرواية عن رسول اللَّه ﷺ وإن كنتم تتحدثون به في عهد عمر، إن عمر كان يخيف".
"عن ابن شهاب قال: كان أبو بكر، وعمر في ولايتهما لا يلقى العباس منهما واحد وهو راكب إلا نزل عن دابته وقادها، ومشى مع العباس حتى بلغه منزله (أو مجلسَهُ) فيفارقُه".
"عن عدى بن سهيل قال: لما استمدَّ أهلُ الشام عمر على أهل فلسطين استخلف عليا، وخرج مُمِدًا لهم، فقال له على: أين تخرج بنفسك؟ إنك تريد عدوًا كِلِبًا، فقال: إنى أبادرُ بجهاد العدو موتَ العباس، إنكم لو قد فقدتم العباس لانتقض بكم الشَّرُّ كَمَا ينتقضُ الحبلُ، فمات العباس لست سنين خلت من إمارة عثمان، فانتقض واللَّه بالناس الشر".
"عن أَبى وجزة السعدى عن أبيه قال: استسقى عمر بن الخطاب فقال: اللهم! إنى قد عجزت عنهم، وما عندك أوسع لهم، وأخذ بيد العباس فقال: هذا عم نبيك ونحن نتوسل به إليك، فلما أراد عمر أن ينزل قَلَبَ رداءه ثم نزل".
"عن أَبى صالح أن الأرض أجدبت على عهد عمر، فقال كعب الأحبار: يا أمير المؤمنين: إن بنى إسرائيل كانوا إذا أصابهم أشباه هذا استسقوا بِعَصَبَةِ الأنبياء، فقال عمر: هذا عم النبى ﷺ وصنوا أبيه وسيد بنى هاشم، فشكى إليه عمر ما فيه الناس فصعد عمر المنبر وصعد معه العباس، فقال عمر: اللهم إنا توجهنا إليك بعم نبيك وصنوا أبيه فاسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين".
"عن أَبى الزناد، عن الثقة أن العباس بن عبد المطلب لم يمر قط بعمر بن الخطاب ولا بعثمان بن عفان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس بهما إجلالًا له".
"عن سيف بن عمر، عن محمد، وطلحة والمهلب، وعمر، وسعيد قالوا: قدم سماكُ بن مخرمة، وسماكُ بن عبيد، وسماك بن خرشة على عمر، فقال: بارك اللَّه فيكم! اللهم اسمك بهم الإسلام، وأيد بهم الإسلام".
"عن الهيثم بن عمار قال: سمعت جدى يقول: لما ولى عمر بن الخطاب زار أهل الشام فنزل بالجابية، وكانت دمشق تشتعل طاعونًا، فَهَمَّ أن يدخلها، فقال له أصحابه: أما علمت أن النبى ﷺ قال: إذا (دخل) بكم الطاعون فلا تهربوا منه ولا تأتوه حيث هو؟ وقد علمت أن أصحاب النبى ﷺ الذين معك فرحانين لم يصبهم طاعون قط، فأرسل عند ذلك رجلا من جديلة ولم يدخلها هو (وسار) إلى بيت المقدس فافتتحها صلحًا، ثم أتاها عمر ومعه كعب فقال: يا أبا إسحاق! الصخرة أتعرف
موضعها؟ قال: اذرع من الحائط الذى يلى وادى جهنم كذا وكذا ذراعا، وهى مزبلةٌ، ثم احفر ذلك ستجدها، فحفروا فظهرت لهم، فقال عمر لكعب: أين ترى أن نجعل المسجد للَّه قال: اجعله خلف الصخرة فتجمع (بين) القبلتين: قبلة موسى وقبلة محمد ﷺ ، فقال: ضاهيت اليهودية واللَّه يا أبا إسحاق، خير المساجد مقدمها، فبناه في مقدم المسجد، فبلغ أهل العراق أنه زار أهل الشام فكتبوا إليه يسألونه أن يزورهم كما زار أهل الشام، فهمَّ أن يفعل، فقال له كعب الأحبار: أعيذك باللَّه يا أمير المؤمنين أن تدخلها، قال: ولم؟ قال: فيها عصاة الجن وهاروت وماروت يعلمان الناس السحر، وفيها تسعة أعشار الشرِّ، وكل داء معضلٍ، فقال عمر: قد فهمت كل ما ذكرته غير الداء المعضل فما هو؟ قال: كثرة الأموال هو الذى ليس له شفاء، فلم يأتها عمر".
"عن ضمرة بن حبيب قال: قال عمر بن الخطاب في أهل الذمة سموهم ولا تكنوهم، وأذلُّوهم، ولا تظلموهم، وإذا جمعتكم وإياهم طريق فألجئوهم إلى أضيقها".
"عن مطرف عن بعض أصحابه قال: اشترى طلحة بن عبيد اللَّه أرضا من نشاستج (*) بنى طلحة فأتى عمر بن الخطاب فذكر له ذلك، فقال له عمر: ممن
اشتريتها؟ قال: اشتريتها من أهل الكوفة، من أهل القادسية، فقال طلحة: وكيف اشتريتها من أهل القادسية كلهم؟ قال: إنك لم تصنع شيئا إنما هى فئ".
"عن محمد بن عائذ قال: قال الوليد: أخبرنى أبو عمرو وغيره أن عمر وأصحاب رسول اللَّه ﷺ أجمع رأيهم على إقرار ما كان بأيديهم من أرضهم يعمرونها ويؤدون منها خراجًا إلى المسلمين، فمن أسلم منهم رفع عن رأسه الخراج، وصار ما كان في يده من الأرض وداره بين أصحابه من أهل قريته يؤدون عنها ما كان يؤدى من خراجها، ويسلمون له ماله ورقيقه وحيوانه، وفرضوا له في ديوان المسلمين، وصار (من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ولا يرون أنه وإن أسلم أولى بما كان في يديه من أرضه من أصحابه) من أهل بيته وقرابته، ولا يجعلونها صافية للمسلمين، وسموا من ثبت منهم على دينه وقريته ذمة للمسلمين، ويرون أنه لا يصلح لأحد من المسلمين شراء ما في أيديهم من الأرضين، كرها لما احتجوا به على المسلمين من إمساكهم كان عن قتالهم وتركهم مظاهرة عدوهم من الروم عليهم، فهاب لذلك أصحاب رسول اللَّه ﷺ وولاة الأمر قسمهم وأخذ ما في أيديهم من تلك الأرضين، وكره المسلمون أيضًا شراءها طوعا لما كان من ظهور المسلمين على البلاد، وعلى من كان يقاتلهم عنها، ولتركهم كان البعثة إلى المسلمين وولاة الأمر في طلب الأمان قبل ظهورهم عليهم، قالوا: وكرهوا شراءها منهم (طوعا لما كان من إيقاف عمر وأصحاب الأرضين محبوسة على آخر الأمة من المسلمين المجاهدين، لا تُباعُ) ولا تُورثُ قوةً على جهادِ (من) لم يظهروا عليه بعد من المشركين، ولما ألزموه أنفسهم من إقامة فريضة الجهاد".