"عن الهيثم بن عمار قال: سمعت جدى يقول: لما ولى عمر بن الخطاب زار أهل الشام فنزل بالجابية، وكانت دمشق تشتعل طاعونًا، فَهَمَّ أن يدخلها، فقال له أصحابه: أما علمت أن النبى ﷺ قال: إذا (دخل) بكم الطاعون فلا تهربوا منه ولا تأتوه حيث هو؟ وقد علمت أن أصحاب النبى ﷺ الذين معك فرحانين لم يصبهم طاعون قط، فأرسل عند ذلك رجلا من جديلة ولم يدخلها هو (وسار) إلى بيت المقدس فافتتحها صلحًا، ثم أتاها عمر ومعه كعب فقال: يا أبا إسحاق! الصخرة أتعرف
موضعها؟ قال: اذرع من الحائط الذى يلى وادى جهنم كذا وكذا ذراعا، وهى مزبلةٌ، ثم احفر ذلك ستجدها، فحفروا فظهرت لهم، فقال عمر لكعب: أين ترى أن نجعل المسجد للَّه قال: اجعله خلف الصخرة فتجمع (بين) القبلتين: قبلة موسى وقبلة محمد ﷺ ، فقال: ضاهيت اليهودية واللَّه يا أبا إسحاق، خير المساجد مقدمها، فبناه في مقدم المسجد، فبلغ أهل العراق أنه زار أهل الشام فكتبوا إليه يسألونه أن يزورهم كما زار أهل الشام، فهمَّ أن يفعل، فقال له كعب الأحبار: أعيذك باللَّه يا أمير المؤمنين أن تدخلها، قال: ولم؟ قال: فيها عصاة الجن وهاروت وماروت يعلمان الناس السحر، وفيها تسعة أعشار الشرِّ، وكل داء معضلٍ، فقال عمر: قد فهمت كل ما ذكرته غير الداء المعضل فما هو؟ قال: كثرة الأموال هو الذى ليس له شفاء، فلم يأتها عمر".