Caution: Translations of Quran and Ḥadīth may lead to possible misapplications and misinterpretations. This site is intended for students of sacred knowledge that are proficient in comprehending classical Arabic and have a strong foundation in Islamic sciences. Also note that religious injunctions rely on several aspects beyond what one may glean through reading individual aḥādīth.

حَدِيثُ الْفُتُونِ

nasai-kubra:11263ʿAbdullāh b. Muḥammad > Yazīd b. Hārūn > Aṣbagh b. Zayd > al-Qāsim b. Abū Ayyūb Ny Saʿīd b. Jubayr > Saʾalt ʿAbdullāh b. ʿAbbās > Qawl Allāh ʿAz And Jal Limūsá ʿAlayh al-Salām Wafatannāk Futūn Ṭh 40 Fasaʾaltuh > al-Futūn Mā > Āstaʾnif al-Nahār Yā Ibn Jubayr Faʾin Lahā Ḥadīth Ṭawīl Falammā Aṣbaḥt Ghadawt > Ibn ʿAbbās Liʾantajiz Minh Mā Waʿadanī from Ḥadīth al-Futūn
Request/Fix translation

  

الكبرى للنسائي:١١٢٦٣أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ أني سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِ اللهِ ﷻ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ {§وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه 40] فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْفُتُونِ مَا هُوَ؟ قَالَ اسْتَأْنِفِ النَّهَارَ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَإِنَّ لَهَا حَدِيثًا طَوِيلًا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنْتَجِزَ مِنْهُ مَا وَعَدَنِي مِنْ حَدِيثِ الْفُتُونِ فَقَالَ تَذَاكَرَ فِرْعَوْنُ وَجُلَسَاؤُهُ مَا كَانَ اللهُ ﷻ وَعَدَ إِبْرَاهِيمَ ﷺ أَنْ يجْعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ أَنْبِيَاءَ وَمُلُوكًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَنْتَظِرُونَ ذَلِكَ مَا يَشُكُّونَ فِيهِ وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ فَلَمَّا هَلَكَ قَالُوا لَيْسَ هَكَذَا كَانَ وَعْدُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ فَكَيْفَ تَرَوْنَ؟ فَائْتَمَرُوا وَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ رِجَالًا مَعَهُمُ الشِّفَارُ يَطُوفُونَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَا يَجِدُونَ مَوْلُودًا ذَكَرًا إِلَّا ذَبَحُوهُ فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْكِبَارَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَمُوتُونَ بِآجَالِهِمْ وَالصَّغَارَ يُذْبَحُونَ قَالُوا تُوشِكُونَ أَنْ تُفْنُوا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَتَصِيرُوا أَنْ تُبَاشِرُوا مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْخِدْمَةِ الَّذِي كَانُوا يَكْفُونَكُمْ فَاقْتُلُوا عَامًا كُلَّ مَوْلُودٍ ذَكَرٍ فَيَقِلُّ نَبَاتُهُمْ وَدَعَوْا عَامًا فَلَا تَقْتُلُوا مِنْهُمْ أَحَدًا فَيَنْشَأُ الصِّغَارُ مَكَانَ مَنْ يَمُوتُ مِنَ الْكِبَارِ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَكْثُرُوا بِمَنْ تَسْتَحْيُونَ مِنْهُمْ فَتَخَافُوا مُكَاثَرَتَهُمْ إِيَّاكُمْ وَلَنْ يَفْنَوْا بِمَنْ تَقْتُلُونَ وَتَحْتَاجُونَ إِلَيْهِمْ فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَحَمَلَتْ أُمُّ مُوسَى بِهَارُونَ فِي الْعَامِ الَّذِي لَا يُذْبَحُ فِيهِ الْغِلْمَانُ فَوَلَدْتُهُ عَلَانِيَةً آمِنَةً [173] فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَمَلَتْ بِمُوسَى فَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا الْهَمُّ وَالْحَزَنُ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ فَأَوْحَى اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ إِلَيْهَا أَنْ {لَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص 7] فَأَمَرَهَا إِذَا وَلَدَتْ أَنْ تَجْعَلَهُ فِي تَابُوتٍ وَتُلْقِيَهُ فِي الْيَمِّ فَلَمَّا وَلَدَتْ فَعَلَتْ ذَلِكَ فَلَمَّا تَوَارَى عَنْهَا ابْنُهَا أَتَاهَا الشَّيْطَانُ فَقَالَتْ فِي نَفْسِهَا مَا فَعَلْتُ بِابْنِي لَوْ ذُبِحَ عِنْدِي فَوَارَيْتُهُ وَكَفَّنْتُهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُلْقِيَهُ إِلَى دَوَابِّ الْبَحْرِ وَحِيْتَانِهِ فَانْتَهَى الْمَاءُ بِهِ حَتَّى أَوْفَى بِهِ عِنْدَ فُرْضَةِ مُسْتَقَى جَوَارِي امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَخَذْنَهُ فَهَمَمْنَ أَنْ يَفْتَحْنَ التَّابُوتَ فَقَالَ

بَعْضُهُنَّ إِنَّ فِي هَذَا مَالًا وَإِنَّا إِنْ فَتَحْنَاهُ لَمْ تُصَدِّقْنَا امْرَأَةُ الْمَلِكِ بِمَا وَجَدْنَا فِيهِ فَحَمَلْنَهُ كَهَيْئَتِهِ لَمْ يُخْرِجْنَ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى دَفَعْنَهُ إِلَيْهَا فَلَمَّا فَتَحَتْهُ رَأَتْ فِيهِ غُلَامًا فَأُلْقِيَ عَلَيْهَا مِنْهُ مَحَبَّةٌ لَمْ يُلْقَ مِنْهَا عَلَى أَحَدٍ قَطُّ {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا} [القصص 10] مِنْ ذِكْرِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى فَلَمَّا سَمِعَ الذَّبَّاحُونَ بِأَمْرِهِ أَقْبَلُوا بِشِفَارِهِمْ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ لِيَذْبَحُوهُ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَتْ لَهُمْ أَقِرُّوهُ فَإِنَّ هَذَا الْوَاحِدَ لَا يَزِيدُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى آتِيَ فِرْعَوْنَ فَأَسْتَوْهِبَهُ مِنْهُ فَإِنْ وَهَبَهُ لِي كُنْتُمْ قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ وَإِنْ أَمَرَ بِذَبْحِهِ لَمْ أَلُمْكُمْ فَأَتَتْ فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ {قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} فَقَالَ فِرْعَوْنُ يَكُونُ لَكِ فَأَمَّا لِي فَلَا حَاجَةَ لِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ كَمَا أَقَرَّتِ امْرَأَتُهُ لَهَدَاهُ اللهُ كَمَا هَدَاهَا وَلَكِنَّ اللهَ حَرَمَهُ ذَلِكَ» فَأَرْسَلَتْ إِلَى مَنْ حَوْلَهَا إِلَى كُلِّ امْرَأَةٍ لَهَا لَبَنٌ تَخْتَارُ لَهُ ظِئْرًا فَجَعَلَ كُلَّمَا أَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ لِتُرْضِعَهُ لَمْ يُقْبِلْ عَلَى ثَدْيِهَا حَتَّى أَشْفَقَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنَ اللَّبَنِ فَيَمُوتَ فَأَحْزَنَهَا ذَلِكَ فَأَمَرَتْ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى السُّوقِ وَمَجْمَعِ النَّاسِ تَرْجُو أَنْ تَجِدَ لَهُ ظِئْرًا تَأْخُذُهُ مِنْهَا فَلَمْ يَقْبَلْ فَأَصْبَحَتْ أُمُّ مُوسَى وَالِهًا فَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّي أَثَرَهُ وَاطْلُبِيهِ هَلْ تَسْمَعِينَ لَهُ ذِكْرًا أَحَيٌّ ابْنِي أَمْ أُكْلَتَهُ الدَّوَابُّ وَنَسِيَتْ مَا كَانَ اللهُ وَعَدَهَا فِيهِ [174] فَبَصُرَتْ بِهِ أُخْتُهُ عَنْ جُنُبٍ وَالْجُنُبُ أَنْ يَسْمُوَ بَصَرُ الْإِنْسَانِ إِلَى الشَّيْءِ الْبَعِيدِ وَهُوَ إِلَى نَاحِيَةٍ لَا يَشْعُرُ بِهِ فَقَالَتْ مِنَ الْفَرَحِ حِينَ أَعْيَاهُمُ الظُّئُورَاتُ أَنَا {أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص 12] فَأَخَذُوهَا فَقَالُوا مَا يُدْرِيكَ مَا نُصْحُهُمْ؟ هَلْ تَعْرِفُونَهُ؟ حَتَّى شَكُّوا فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَتْ نَصِيْحَتُهُمْ لَهُ وَشَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ رَغْبَتُهُمْ فِي صِهْرِ الْمَلِكِ وَرَجَاءُ مَنْفَعَةِ الْمَلِكِ فَأَرْسَلُوهَا فَانْطَلَقَتْ إِلَى أُمِّهَا فَأَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ فَجَاءَتْ أُمُّهُ فَلَمَّا وَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا ثَوَى إِلَى ثَدْيِهَا فَمَصَّهُ حَتَّى امْتَلَأَ جَنْبَاهُ رِيًّا وَانْطَلَقَ الْبُشَرَاءُ إِلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ يُبَشِّرُونَهَا أَنْ قَدْ وَجَدْنَا لِابْنِكِ ظِئْرًا فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا فَأَتَتْ بِهَا وَبِهِ فَلَمَّا رَأَتْ مَا يَصْنَعُ قَالَتْ امْكُثِي تُرْضِعِي ابْنِي هَذَا فَإِنِّي لَمْ أُحِبَّ شَيْئًا حُبَّهُ قَطُّ قَالَتْ أُمُّ مُوسَى لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَ بَيْتِي وَوَلَدِي فَيَضِيعَ فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُكِ أَنْ تُعْطِينِيهِ فَأَذْهَبَ بِهِ إِلَى بَيْتِي فَيَكُونَ مَعِي لَا آلُوهُ خَيْرًا فَعَلْتُ فَإِنِّي غَيْرُ تَارِكَةٍ بَيْتِي وَوَلَدِي وَذَكَرَتْ أُمُّ مُوسَى مَا كَانَ اللهُ وَعَدَهُ فَتَعَاسَرَتْ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ وَأَيْقَنَتْ أَنَّ اللهَ مُنْجِزٌ مَوْعُودَهُ فَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا مِنْ يَوْمِهَا فَأَنْبَتَهُ اللهُ نَبَاتًا حَسَنًا وَحُفِظَ لِمَا قَدْ قَضَى فِيهِ فَلَمْ يَزَلْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الْقَرْيَةِ مُمْتَنِعِينَ مِنَ السُّخْرَةِ وَالظُّلْمِ مَا كَانَ فِيهِمْ فَلَمَّا تَرَعْرَعَ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِأُمِّ مُوسَى أَزِيْرِينِي ابْنِي فَوَعَدَتْهَا يَوْمًا تُزِيرُهَا إِيَّاهُ فِيهِ وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ لِخَازِنِهَا وَقَهَارِمَتِهَا لَا يَبْقَيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَّا اسْتَقْبَلَ ابْنِي الْيَوْمَ بِهَدِيَّةٍ وَكَرَامَةٍ لَأَرَى ذَلِكَ فِيهِ وَأَنَا بَاعِثَةٌ أَمِينًا يُحْصِي كُلَّ مَا يَصْنَعُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ فَلَمْ تَزَلِ الْهَدَايَا وَالْكَرَامَةُ وَالنِّحَلُ تَسْتَقْبِلُهُ مِنْ حِينِ خَرَجَ مِنْ بَيْتِ أُمِّهِ إِلَى أَنْ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةِ فِرْعَوْنَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا نَحَلَتْهُ وَأَكْرَمَتْهُ وَفَرِحَتْ بِهِ وَنَحَلَتْ أُمَّهُ بِحُسْنِ أَثَرِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَتْ لَآتِيَنَّ فِرْعَوْنَ فَلَيَنْحَلَنَّهُ وَلَيُكْرِمَنَّهُ فَلَمَّا دَخَلَتْ بِهِ عَلَيْهِ جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ فَتَنَاوَلَ مُوسَى لِحْيَةَ فِرْعَوْنَ فَمَدَّهَا إِلَى الْأَرْضِ [175] قَالَ الْغُوَاةُ مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ لِفِرْعَوْنَ أَلَا تَرَى مَا وَعَدَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ نَبِيَّهُ إِنَّهُ زَعَمَ أَنْ يَرُبَّكَ وَيَعْلُوكَ وَيَصْرَعَكَ؟ فَأَرْسَلَ إِلَى الذَّبَّاحِينَ لِيَذْبَحُوهُ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ بَعْدَ كُلِّ بَلَاءٍ ابْتُلِيَ بِهِ وَأُرِيدَ بِهِ فُتُونًا فَجَاءَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ تَسْعَى إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الْغُلَامِ الَّذِي وَهَبْتَهُ لِي؟ فَقَالَ أَلَا تَرَيْنَهُ إِنَّهُ يَزْعُمُ سَيَصْرَعُنِي وَيَعْلُونِي قَالَتِ اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَمْرًا يُعْرَفُ فِيهِ الْحَقُّ ائْتِ بِجَمْرَتَيْنِ وَلُؤْلُؤَتَيْنِ فَقَرِّبْهُنَّ إِلَيْهِ فَإِنْ بَطَشَ بِاللُّؤْلُؤِ وَاجْتَنَبَ الْجَمْرَتَيْنِ عَرَفْتَ أَنَّهُ يَعْقِلُ وَإِنْ تَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ وَلَمْ يُرِدِ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا لَا يُؤْثِرُ الْجَمْرَتَيْنِ عَلَى اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَهُوَ يَعْقِلُ فَقَرَّبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَتَنَاوَلَ الْجَمْرَتَيْنِ فَنَزَعُوهُمَا مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَحْرِقَا يَدَيْهِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ أَلَا تَرَى؟ فَصَرَفَهُ اللهُ عَنْهُ بَعْدَ مَا كَانَ قَدْ هَمَّ بِهِ وَكَانَ اللهُ بَالِغًا فِيهِ أَمْرَهُ فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَكَانَ مِنَ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ بِظُلْمٍ وَلَا سُخْرَةٍ امْتَنَعُوا كُلَّ الِامْتِنَاعِ فَبَيْنَمَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمْشِي فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا فِرْعَوْنِيٌّ وَالْآخَرُ إِسْرَائِيلِيٌّ فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَغَضِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ غَضَبًا شَدِيدًا لِأَنَّهُ تَنَاوَلَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَحِفْظَهُ لَهُمْ لَا يَعْلَمُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمُّ مُوسَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللهُ سُبْحَانَهُ أَطْلَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ غَيْرَهُ وَوَكَزَ مُوسَى الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ يَرَاهُمَا أَحَدٌ إِلَّا اللهُ ﷻ والْإِسْرَائِيلِيُّ فَقَالَ مُوسَى حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص 15] ثُمَّ قَالَ {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص 16] فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ الْأَخْبَارَ فَأُتِيَ فِرْعَوْنُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّكَ وَلَا تُرَخِّصْ لَهُمْ فَقَالَ ابْغُونِي قَاتِلَهُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَفْوُهُ مَعَ قَوْمِهِ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُ أَنْ يُقِيدَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبْتٍ فَاطْلُبُوا لِي عِلْمَ ذَلِكَ آخُذْ لَكُمْ بِحَقِّكُمْ [176] فَبَيْنَمَا هُمْ يَطُوفُونَ لَا يَجِدُونَ ثَبْتًا إِذَا مُوسَى مِنَ الْغَدِ قَدْ رَأَى ذَلِكَ الْإِسْرَائِيلِيَّ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ آخَرَ فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَصَادَفَ مُوسَى قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ وَكَرِهَ الَّذِي رَأَى فَغَضِبَ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بِالْفِرْعَوْنِيِّ فَقَالَ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ لِمَا فَعَلَ أَمْسِ وَالْيَوْمَ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ فَنَظَرَ الْإِسْرَائِيلِيُّ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ مَا قَالَ فَإِذْ هُوَ غَضْبَانُ كَغَضَبِهِ بِالْأَمْسِ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الْفِرْعَوْنِيَّ فَخَافَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ فَخَافَ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَقَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى لِيَقْتُلَهُ فَتَتَارَكَا وَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ حِينَ يَقُولُ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ لِيَقْتُلُوا مُوسَى فَأَخَذَ رُسُلُ فِرْعَوْنَ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ يَمْشُونَ عَلَى هَيْئَتِهِمْ يَطْلُبُونَ مُوسَى وَهُمْ لَا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ فَاخْتَصَرَ طَرِيقًا حَتَّى سَبَقَهُمْ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ فَخَرَجَ مُوسَى مُتَوَجِّهًا نَحْوَ مَدْيَنَ لَمْ يَلْقَ بَلَاءً قَبْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ عِلْمٌ إِلَّا حُسْنُ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ قَالَ {عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} [القصص 23] يَعْنِي بِذَلِكَ حَابِسَتَيْنِ عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُمَا مَا خَطْبُكُمَا مُعْتَزِلَتَيْنِ لَا تَسْقِيَانِ مَعَ النَّاسِ؟ فَقَالَتَا لَيْسَ لَنَا قُوَّةٌ نُزَاحِمُ الْقَوْمَ وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ فُضُولَ حِيَاضِهِمْ فَسَقَى لَهُمَا فَجَعَلَ يَغْتَرِفُ فِي الدَّلْوِ مَاءً كَثِيرًا حَتَّى كَانَ أَوَّلَ الرِّعَاءِ وَانْصَرَفَتَا بِغَنَمِهِمَا إِلَى أَبِيهِمَا وَانْصَرَفَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَاسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ وَقَالَ {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص 24] وَاسْتَنْكَرَ أَبُوهُمَا سُرْعَةَ صُدُورِهِمَا بِغَنَمِهِمَا حُفَّلًا بِطَانًا فَقَالَ إِنَّ لَكُمَا الْيَوْمَ لَشَأْنًا فَأَخْبَرَتَاهُ بِمَا صَنَعَ مُوسَى فَأَمَرَ إِحْدَاهُمَا أَنْ تَدْعُوَهُ [177] فَأَتَتْ مُوسَى فَدَعَتْهُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ لَيْسَ لِفِرْعَوْنَ وَلَا لِقَوْمِهِ عَلَيْنَا سُلْطَانٌ وَلَسْنَا فِي مَمْلَكَتِهِ فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مِنَ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ فَاحْتَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى أَنْ قَالَ لَهَا مَا يُدْرِيكِ مَا قُوَّتُهُ وَمَا أَمَانَتُهُ؟ قَالَتْ أَمَّا قُوَّتُهُ فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ فِي الدَّلْوِ حِينَ سَقَى لَنَا لَمْ أَرَ رَجُلًا قَطُّ أَقْوَى فِي ذَلِكَ السَّقْيِ مِنْهُ وَأَمَّا الْأَمَانَةُ فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَيَّ حِينَ أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَشَخَصْتُ لَهُ فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي امْرَأَةٌ صَوَّبَ رَأْسَهُ فَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى بَلَّغْتُهُ رِسَالَتَكَ ثُمَّ قَالَ لِي امْشِي خَلْفِي وَانْعَتِي لِيَ الطَّرِيقَ فَلَمْ يَفْعَلْ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا وَهُوَ أَمِينٌ فَسُرِّيَ عَنْ أَبِيهِا وَصَدَّقَهَا وَظَنَّ بِهِ الَّذِي قَالَتْ فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ {أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص 27] فَفَعَلَ فَكَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللهِ مُوسَى ثَمَانِي سِنِينَ وَاجِبَةً وَكَانَتْ سَنَتَانِ عِدَةً مِنْهُ فَقَضَى الله عَنْهُ عِدَتَهُ فَأَتَمَّهَا عَشْرًا قَالَ سَعِيدٌ فَلَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ عُلَمَائِهِمْ قَالَ هَلْ تَدْرِي أَيُّ الْأَجَلَيْنِ قَضَى مُوسَى؟ قُلْتُ لَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ لَا أَدْرِي فَلَقِيتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ ثَمَانِيًا كَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللهِ وَاجِبَةً لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللهِ ﷺ لِيَنْقُصَ مِنْهَا شَيْئًا وَتَعْلَمُ أَنَّ اللهَ كَانَ قَاضِيًا عَنْ مُوسَى عِدَتَهُ الَّتِي وَعَدَهُ فَإِنَّهُ قَضَى عَشْرَ سِنِينَ فَلَقِيتُ النَّصْرَانِيَّ فَأَخْبَرْتُهُ ذَلِكَ فَقَالَ الَّذِي سَأَلْتَهُ فَأَخْبَرَكَ أَعْلَمُ مِنْكَ بِذَلِكَ قُلْتُ أَجَلْ وَأَوْلَى فَلَمَّا سَارَ مُوسَى بِأَهْلِهِ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ وَالْعَصَا وَيَدِهِ مَا قَصَّ اللهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ فَشَكَا إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ مَا يَتَخَوَّفُ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فِي الْقَتِيلِ وَعُقْدَةِ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهِ عُقْدَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ كَثِيرِ الْكَلَامِ وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعِينَهُ بِأَخِيهِ هَارُونَ يَكُونُ لَهُ رِدْءًا وَيَتَكَلَّمُ عَنْهُ بِكَثِيرٍ مِمَّا لَا يُفْصِحُ بِهِ لِسَانُهُ فَآتَاهُ اللهُ سُؤْلَهُ وَحَلَّ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِهِ وَأَوْحَى اللهُ إِلَى هَارُونَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْقَاهُ [178] فَانْدَفَعَ مُوسَى بِعَصَاهُ حَتَّى لَقِيَ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَانْطَلَقَا جَمِيعًا إِلَى فِرْعَوْنَ فَأَقَامَا عَلَى بَابِهِ حِينًا لَا يُؤْذَنُ لَهُمَا ثُمَّ أُذِنَ لَهُمَا بَعْدَ حِجَابٍ شَدِيدٍ فَقَالَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ قَالَ فَمَنْ رَبُّكَمَا؟ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي قَصَّ اللهُ عَلَيْكَ فِي الْقُرْآنِ قَالَ فَمَا تُرِيدَانِ؟ وَذَكَّرَهُ الْقَتِيلَ فَاعْتَذَرَ بِمَا قَدْ سَمِعْتَ قَالَ أُرِيدُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَتُرْسِلَ مَعِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَبَى عَلَيْهِ وَقَالَ ائْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاغِرَةٌ فَاهَا مُسْرِعَةٌ إِلَى فِرْعَوْنَ فَلَمَّا رَآهَا فِرْعَوْنُ قَاصِدَةً إِلَيْهِ خَافَهَا فَاقْتَحَمَ عَنْ سَرِيرِهِ وَاسْتَغَاثَ بِمُوسَى أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ فَفَعَلَ ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ جَيْبِهِ فَرَآهَا بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ بَرَصٍ ثُمَّ رَدَّهَا فَعَادَتْ إِلَى لَوْنِهَا الْأَوَّلِ فَاسْتَشَارَ الْمَلَأَ حَوْلَهُ فِيمَا رَأَى فَقَالُوا لَهُ هَذَانِ سَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى يَعْنِي مُلْكَهُمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ وَالْعَيْشِ فَأَبَوْا عَلَى مُوسَى أَنْ يُعْطُوهُ شَيْئًا مِمَّا طَلَبَ وَقَالُوا لَهُ اجْمَعْ لَهُمَا السَّحَرَةَ فَإِنَّهُمْ بِأَرْضِكَ كَثِيرٌ حَتَّى يَغْلِبَ سِحْرُكَ سِحْرَهُمَا فَأَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ فَحُشِرَ لَهُ كُلُّ سَاحِرٍ مُتَعَالِمٍ فَلَمَّا أَتَوْا فِرْعَوْنَ قَالُوا بِمَ يَعْمَلُ هَذَا السَّاحِرُ؟ قَالُوا يَعْمَلُ بِالْحَيَّاتِ قَالُوا فَلَا وَاللهِ مَا أَحَدٌ فِي الْأَرْضِ يَعْمَلُ بِالسِّحْرِ بِالْحَيَّاتِ وَالْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ الَّذِي نَعْمَلُ وَمَا أَجْرُنَا إِنْ نَحْنُ غَلَبْنَا؟ قَالَ لَهُمْ أَنْتُمْ أَقَارِبِي وَخَاصَّتِي وَأَنَا صَانِعٌ إِلَيْكُمْ كُلَّ شَيْءٍ أَحْبَبْتُمْ فَتَوَاعَدُوا يَوْمَ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى قَالَ سَعِيدٌ فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ يَوْمَ الزِّينَةِ الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَالسَّحَرَةِ هُوَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ قَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْطَلِقُوا فَلْنَحْضُرْ هَذَا الْأَمْرَ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ يَعْنُونَ مُوسَى وَهَارُونَ اسْتِهْزَاءً بِهِمَا [179] فَقَالُوا يَا مُوسَى لِقُدْرَتِهِمْ بِسِحْرِهِمْ إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ قَالَ بَلْ أَلْقُوا {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ} [الشعراء 44] فَرَأَى مُوسَى مِنْ سِحْرِهِمْ مَا أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا أَلْقَاهَا صَارَتْ ثُعْبَانًا عَظِيمًا فَاغِرَةً فَاهَا فَجَعَلَتِ الْعَصَا تَلَبَّسُ بِالْحِبَالِ حَتَّى صَارَتْ جُرَزًا عَلَى الثُّعْبَانِ تَدْخُلُ فِيهِ حَتَّى مَا أَبْقَتْ عَصًا وَلَا حَبْلًا إِلَّا ابْتَلَعَتْهُ فَلَمَّا عَرَفَ السَّحَرَةُ ذَلِكَ قَالُوا لَوْ كَانَ هَذَا سِحْرًا لَمْ يَبْلُغْ مِنْ سِحْرِنَا كُلَّ هَذَا وَلَكِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَنَتُوبُ إِلَى اللهِ مِمَّا كُنَّا عَلَيْهِ فَكَسَرَ اللهُ ظَهْرَ فِرْعَوْنَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَأَتْبَاعِهِ وَظَهَرَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} [الأعراف 119] وَامْرَأَةُ فِرْعَوْنَ بَارِزَةٌ تَدْعُو اللهَ بِالنَّصْرِ لِمُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ فَمَنْ رَآهَا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ظَنَّ أَنَّهَا إِنَّمَا ابْتُذِلَتْ لِلْشَفَقَةِ عَلَى فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ وَإِنَّمَا كَانَ حُزْنُهَا وَهَمُّهَا لِمُوسَى فَلَمَّا طَالَ مُكْثُ مُوسَى بِمَوَاعِدِ فِرْعَوْنَ الْكَاذِبَةِ كُلَّمَا جَاءَهُ بِآيَةٍ وَعَدَهُ عِنْدَهَا أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا مَضَتْ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ وَقَالَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يَصْنَعَ غَيْرَ هَذَا؟ فَأَرْسَلَ اللهُ ﷻ عَلَى قَوْمِهِ {الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقَمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ} [الأعراف 133] كُلُّ ذَلِكَ يَشْكُو إِلَى مُوسَى وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّهَا عَنْهُ وَيُوَافِقُهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا كَفَّ ذَلِكَ عَنْهُ أَخْلَفَ مَوْعِدَهُ وَنَكْثَ عَهْدَهُ حَتَّى أُمِرَ مُوسَى بِالْخُرُوجِ بِقَوْمِهِ فَخَرَجَ بِهِمْ لَيْلًا فَلَمَّا أَصْبَحَ فِرْعَوْنُ فَرَأَى أَنَّهُمْ قَدْ مَضَوْا أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ فَتَبِعَهُ بِجُنُودٍ عَظِيمَةٍ كَثِيرَةٍ وَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَى الْبَحْرِ إِذَا ضَرْبَكَ عَبْدِي مُوسَى بِعَصَاهُ فَانْفَرِقْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى يُجَاوِزَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ الْتَقِ عَلَى مَنْ بَقِيَ بَعْدُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَشْيَاعِهِ فَنَسِيَ مُوسَى أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِالْعَصَا فَانْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ وَلَهُ قَصَيفٌ مَخَافَةَ أَنْ يَضْرِبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ وَهُو غَافِلٌ فَيَصِيرَ عَاصِيًا لِلَّهِ [180] فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ تَقَارَبَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ افْعَلْ مَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَمْ تَكْذِبْ قَالَ وَعَدَنِي رَبِّي إِذَا أَتَيْتُ الْبَحْرَ انْفَرَقَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً حَتَّى أُجَاوِزَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَصَا فَضَرَبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ حِينَ دَنَا أَوَائِلُ جُنْدِ فِرْعَوْنَ مِنْ أَوَاخِرِ جُنْدِ مُوسَى فَانْفَرَقَ الْبَحْرُ كَمَا أَمَرَهُ رَبُّهُ وَكَمَا وُعِدَ مُوسَى فَلَمَّا أَنْ جَازَ مُوسَى وَأَصْحَابُهُ كُلُّهُمُ الْبَحْرَ وَدَخَلَ فِرْعَوْنُ وَأَصْحَابُهُ الْتَقَى عَلَيْهِمُ الْبَحْرُ كَمَا أُمِرَ فَلَمَّا جَاوَزَ مُوسَى الْبَحْرَ قَالَ أَصْحَابُهُ إِنَّا نَخَافُ أَلَّا يَكُونَ فِرْعَوْنُ غَرِقَ وَلَا نُؤْمِنُ بِهَلَاكِهِ فَدَعَا رَبَّهُ فَأَخْرَجَهُ لَهُ بِبَدَنِهِ حَتَّى اسْتَيْقَنُوا هَلَاكَهُ ثُمَّ مَرُّوا بَعْدَ ذَلِكَ {عَلَى قَوْمٍ يَعْكِفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف 138] قَدْ رَأَيْتُمْ مِنَ الْعِبَرِ وَسَمِعْتُمْ مَا يَكْفِيكُمْ وَمَضَى فَأَنْزَلَهُمْ مُوسَى مَنْزِلًا وَقَالَ لَهُمْ أَطِيعُوا هَارُونَ فَإِنِّي قَدِ اسْتَخْلَفْتُهُ عَلَيْكُمْ فَإِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي وَأَجَّلَهُمْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ فِيهَا فَلَمَّا أَتَى رَبَّهُ أَرَادَ أَنْ يُكَلِّمَهُ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ صَامَهُنَّ لَيْلَهُنَّ وَنَهَارَهُنَّ وَكَرِهَ أَنْ يُكَلِّمَ رَبَّهُ وَرِيحُ فِيهِ رِيحُ فَمِ الصَّائِمِ فَتَنَاوَلَ مُوسَى مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ شَيْئًا فَمَضَغَهُ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ حِينَ أَتَاهُ لِمَ أَفْطَرْتَ؟ وَهُو أَعْلَمُ بِالَّذِي كَانَ قَالَ يَا رَبِّ إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلَّا وَفَمِي طَيِّبُ الرِّيحِ قَالَ أَوَمَا عَلِمْتَ يَا مُوسَى أَنَّ رِيحَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؟ ارْجِعْ فَصُمْ عَشْرًا ثُمَّ ائْتِنِي فَفَعَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَلَمَّا رَأَى قَوْمُ مُوسَى أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ فِي الْأَجَلِ سَاءَهُمْ ذَلِكَ وَكَانَ هَارُونُ قَدْ خَطَبَهُمْ وَقَالَ إِنَّكُمْ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ وَلِقَوْمِ فِرْعَوْنَ عِنْدَكُمْ عَوَارِي وَوَدَائِعُ وَلَكُمْ فِيهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ وَأَنَا أَرَى أَنْ تَحْتَسِبُوا مَا لَكُمْ عِنْدَهُمْ وَلَا أُحِلُّ لَكُمْ وَدِيعَةً اسْتُودِعْتُمُوهَا وَلَا عَارِيَةً وَلَسْنَا بِرَادِّينَ إِلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا مُمْسِكِيهِ لِأَنْفُسِنَا [181] فَحَفَرَ حَفِيرًا وَأَمَرَ كُلَّ قَوْمٍ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَنْ يَقْذِفُوهُ فِي ذَلِكَ الْحَفِيرِ ثُمَّ أَوَقَدَ عَلَيْهِ النَّارَ فَأَخْرَجَهُ فَقَالَ لَا يَكُونُ لَنَا وَلَا لَهُمْ وَكَانَ السَّامِرِيُّ مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ جِيرَانٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَاحْتَمَلَ مَعَ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ احْتَمَلُوا فَقُضِيَ لَهُ أَنْ رَأَى أَثَرًا فَأَخَذَ مِنْهُ قَبْضَةً فَمَرَّ بِهَارُونَ فَقَالَ لَهُ هَارُونُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَا سَامِرِيِّ أَلَا تُلْقِي مَا فِي يَدِكَ؟ وَهُوَ قَابِضٌ عَلَيْهِ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ طُوَالَ ذَلِكَ فَقَالَ هَذِهِ قَبْضَةٌ مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ الَّذِي جَاوَزَ بِكَمُ الْبَحْرَ فَلَا أُلْقِيهَا بِشَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ اللهَ إِذَا أَلْقِيْتُ أَنْ يَكُونَ مَا أُرِيدُ فَأَلْقَاهَا وَدَعَا لَهُ هَارُونُ فَقَالَ أُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عِجْلًا فَاجْتَمَعَ مَا كَانَ فِي الْحُفْرَةِ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ حِلْيَةٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ فَصَارَ عِجْلًا أَجْوَفَ لَيْسَ فِيهِ رَوْحٌ لَهُ خُوَارٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا وَاللهِ مَا كَانَ لَهُ صَوْتٌ قَطُّ إِنَّمَا كَانَتِ الرِّيحُ تَدْخُلُ مِنْ دُبُرِهِ وَتَخْرُجُ مِنْ فِيهِ فَكَانَ ذَلِكَ الصَّوْتُ مِنْ ذَلِكَ فَتَفَرَّقَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِرَقًا فَقَالَتْ فِرْقَةٌ يَا سَامِرِيُّ مَا هَذَا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ؟ قَالَ هَذَا رَبُّكُمْ وَلَكِنَّ مُوسَى أَضَلَّ الطَّرِيقَ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ لَا نُكَذِّبُ بِهَذَا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى فَإِنْ كَانَ رَبَّنَا لَمْ نَكُنْ ضَيَّعْنَاهُ وَعَجَزْنَا فِيهِ حِينَ رَأَيْنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّنَا فَإِنَّا نَتَّبِعُ قَوْلَ مُوسَى وَقَالَتْ فِرْقَةٌ هَذَا عَمَلُ الشَّيْطَانِ وَلَيْسَ بِرَبِّنَا وَلَنْ نُؤْمِنَ بِهِ وَلَا نُصَدِّقُ وَأُشْرِبَ فِرْقَةٌ فِي قُلُوبِهِمُ الصِّدْقَ بِمَا قَالَ السَّامِرِيُّ فِي الْعِجْلِ وَأَعْلَنُوا التَّكْذِيبَ بِهِ فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكَمُ الرَّحْمَنُ هَكَذَا قَالُوا فَمَا بَالُ مُوسَى وَعَدَنَا ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْلَفَنَا؟ هَذِهِ أَرْبَعُونَ قَدْ مَضَتْ فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ أَخْطَأَ رَبَّهُ فَهُوَ يَطْلُبُهُ وَيَتْبَعُهُ فَلَمَّا كَلَّمَ اللهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ لَهُ مَا قَالَ أَخْبَرَهُ بِمَا لَقِيَ قَوْمُهُ مِنْ بَعْدِهِ فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ لَهُمْ مَا سَمِعْتُمْ فِي الْقُرْآنِ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ مِنَ الْغَضَبِ ثُمَّ إِنَّهُ عَذَرَ أَخَاهُ بِعُذْرِهِ لَهُ [182] فَانْصَرَفَ إِلَى السَّامِرِيِّ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ قَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ وَفَطِنْتُ إِلَيْهَا وَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ فَقَذَفْتُهَا {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} [طه 96] وَلَوْ كَانَ إِلَهًا لَمْ نَخْلُصُ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُ فَاسْتَيْقَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالْفِتْنَةِ وَاغْتُبِطَ الَّذِينَ كَانَ رَأْيُهُمْ فِيهِ مِثْلَ رَأْيِ هَارُونَ فَقَالُوا لِجَمَاعَتِهِمْ يَا مُوسَى سَلْ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَفْتَحَ لَنَا بَابَ تَوْبَةٍ نَصْنَعُهَا فَيُكَفِّرُ عَنَّا مَا عَمِلْنَا فَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِذَلِكَ لَا يَأْلُوا الْخَيْرَ خِيَارَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمَنْ لَمْ يُشْرِكْ فِي الْعِجْلِ فَانْطَلَقَ بِهِمْ يَسْأَلُ لَهُمُ التَّوْبَةَ فَرَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ وَاسْتَحْيَا نَبِيُّ اللهِ ﷺ مِنْ قَوْمِهِ وَمِنْ وَفْدِهِ حِينَ فُعِلَ بِهِمْ مَا فُعِلَ فَقَالَ {لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الأعراف 155] وَفِيهِمْ مَنْ كَانَ اللهُ اطَّلَعَ مِنْهُ عَلَى مَا أُشْرِبَ قَلْبُهُ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ وَإِيمَانٍ بِهِ فَلِذَلِكَ رَجَفَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ فَقَالَ {رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف 156] فَقَالَ يَا رَبِّ سَأَلْتُكَ التَّوْبَةَ لِقَوْمِي فَقُلْتَ إِنَّ رَحْمَتِي كَتَبْتُهَا لِقَوْمٍ غَيْرِ قَوْمِي فَلَيْتَكَ أَخَّرْتَنِي حَتَّى تُخْرِجَنِي فِي أُمَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرْحُومَةِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ تَوْبَتَهُمْ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ كُلَّ مَنْ لَقِيَ مِنْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ فَيَقْتُلُهُ بِالسَّيْفِ لَا يُبَالِي مَنْ قَتَلَ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ وَيَأْتِي أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانَ خَفِيَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ وَاطَّلَعَ اللهُ مِنْ ذُنُوبِهِمْ فَاعْتَرَفُوا بِهَا وَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا وَغَفَرَ اللهُ لِلْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ ثُمَّ سَارَ بِهِمْ مُوسَى ﷺ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَأَخَذَ الْأَلْوَاحَ بَعْدَمَا سَكَتَ عَنْهُ الْغَضَبُ فَأَمَرَهُمْ بِالَّذِي أُمِرَ بِهِ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ مِنَ الْوَظَائِفِ فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَبَوْا أَنْ يُقِرُّوا بِهَا فَنَتَقَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَبَلَ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَدَنَا مِنْهُمْ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ فَأَخَذُوا الْكِتَابَ بِأَيْمَانِهِمْ وَهُمْ مُصْطَفُّونَ يَنْظُرُونَ إِلَى الْجَبَلِ وَالْكِتَابُ بِأَيْدِيهِمْ وَهُوَ مِنْ وَرَاءِ الْجَبَلِ مَخَافَةَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِمْ [183] ثُمَّ مَضَوْا حَتَّى أَتَوُا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَوَجَدُوا مَدِينَةً فِيهَا قَوْمٌ جَبَّارُونَ خَلْقُهُمْ خَلْقٌ مُنْكَرٌ وَذَكَرَ مِنْ ثِمَارِهِمْ أَمْرًا عَجِيبًا مِنْ عِظَمِهَا فَقَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِمْ وَلَا نَدْخُلُهَا مَا دَامُوا فِيهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ قِيلَ لَيَزِيدَ هَكَذَا قَرَأَهُ؟ قَالَ نَعَمْ مِنَ الْجَبَّارِينَ آمَنَا بِمُوسَى وَخَرَجَا إِلَيْهِ فَقَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِقَوْمِنَا إِنْ كُنْتُمْ إِنَّمَا تَخَافُونَ مِنْ مَا رَأَيْتُمْ مِنْ أَجْسَامِهِمْ وَعَدَدِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا قُلُوبَ لَهُمْ وَلَا مَنَعَةَ عِنْدَهُمْ فَادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَيَقُولُ أُنَاسٌ إِنَّهُمَا مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَقَالَ الَّذِينَ يَخَافُونَ بَنُو إِسْرَائِيلَ {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة 24] فَأَغْضَبُوا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَعَا عَلَيْهِمْ وَسَمَّاهُمْ فَاسِقِينَ وَلَمْ يَدَعُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ لِمَا رَأَى مِنْهُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَإِسَاءَتِهِمْ حَتَّى كَانَ يَوْمَئِذٍ فَاسْتَجَابَ اللهُ تَعَالَى لَهُ وَسَمَّاهُمْ كَمَا سَمَّاهُمْ مُوسَى فَاسِقِينَ فَحَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيْهُونَ فِي الْأَرْضِ يُصْبِحُونَ كُلَّ يَوْمٍ فَيَسِيرُونَ لَيْسَ لَهُمْ قَرَارٌ ثُمَّ ظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فِي التِّيهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَجَعَلَ لَهُمْ ثِيَابًا لَا تَبْلَى وَلَا تَتَّسِخْ وَجَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ حَجَرًا مُرَبَّعًا وَأَمَرَ مُوسَى فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ ثَلَاثَةُ أَعْيُنٍ وَأَعْلَمَ كُلَّ سِبْطٍ عَيْنَهُمُ الَّتِي يَشْرَبُونَ مِنْهَا فَلَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَةٍ إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ الْحَجَرَ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ فِيهِ بِالْأَمْسِ رَفَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَصَدَّقَ ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْفِرْعَوْنِيُّ الَّذِي أَفْشَى عَلَى مُوسَى أَمْرَ الْقَتِيلِ الَّذِي قَتَلَ فَقَالَ كَيْفَ يُفْشِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهِ وَلَا ظَهَرَ عَلَيْهِ إِلَّا الْإِسْرَائِيلِيُّ الَّذِي حَضَرَ ذَلِكَ؟ فَغَضِبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ بِيَدِ مُعَاوِيَةَ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ هَلْ تَذْكُرُ يَوْمًا حُدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَنْ قَتِيلِ مُوسَى الَّذِي قَتَلَ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ؟ آلْإِسْرَائِيلِيُّ أَفْشَى عَلَيْهِ أَمِ الْفِرْعَوْنِيُّ؟ قَالَ أَنَّمَا أَفْشَى عَلَيْهِ الْفِرْعَوْنِيُّ مَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ وَحَضَرَهُ  


See similar narrations below:

Collected by Ṭabarānī, Bayhaqī, Suyūṭī
tabarani:17211Isḥāq b. Ibrāhīm al-Dabarī > ʿAbd al-Razzāq > Maʿmar > al-Zuhrī > ʿUrwah b. al-Zubayr > al-Miswar b. Makhramah And Marwān b. al-Ḥakam Yuṣaddiq Kul Wāḥid Minhumā Ṣāḥibah

(whose narrations attest each other) Messenger of Allah ﷺ set out at the time of Al-Hudaibiya (treaty), and when they proceeded for a distance, he said, "Khalid bin Al-Walid leading the cavalry of Quraish constituting the front of the army, is at a place called Al-Ghamim, so take the way on the right." By Allah, Khalid did not perceive the arrival of the Muslims till the dust arising from the march of the Muslim army reached him, and then he turned back hurriedly to inform Quraish. The Prophet ﷺ went on advancing till he reached the Thaniya (i.e. a mountainous way) through which one would go to them (i.e. people of Quraish). The she-camel of the Prophet ﷺ sat down. The people tried their best to cause the she-camel to get up but in vain, so they said, "Al-Qaswa' (i.e. the she-camel's name) has become stubborn! Al-Qaswa' has become stubborn!" The Prophet ﷺ said, "Al-Qaswa' has not become stubborn, for stubbornness is not her habit, but she was stopped by Him Who stopped the elephant." Then he said, "By the Name of Him in Whose Hands my soul is, if they (i.e. the Quraish infidels) ask me anything which will respect the ordinances of Allah, I will grant it to them." The Prophet ﷺ then rebuked the she-camel and she got up. The Prophet ﷺ changed his way till he dismounted at the farthest end of Al-Hudaibiya at a pit (i.e. well) containing a little water which the people used in small amounts, and in a short while the people used up all its water and complained to Messenger of Allah ﷺ; of thirst. The Prophet ﷺ took an arrow out of his arrow-case and ordered them to put the arrow in that pit. By Allah, the water started and continued sprouting out till all the people quenched their thirst and returned with satisfaction. While they were still in that state, Budail bin Warqa-al- Khuzaʿi came with some persons from his tribe Khuzaʿa and they were the advisers of Messenger of Allah ﷺ who would keep no secret from him and were from the people of Tihama. Budail said, "I left Kaʿb bin Luai and 'Amir bin Luai residing at the profuse water of Al-Hudaibiya and they had milch camels (or their women and children) with them, and will wage war against you, and will prevent you from visiting the Kaʿba." Messenger of Allah ﷺ said, "We have not come to fight anyone, but to perform the ʿUmra. No doubt, the war has weakened Quraish and they have suffered great losses, so if they wish, I will conclude a truce with them, during which they should refrain from interfering between me and the people (i.e. the 'Arab infidels other than Quraish), and if I have victory over those infidels, Quraish will have the option to embrace Islam as the other people do, if they wish; they will at least get strong enough to fight. But if they do not accept the truce, by Allah in Whose Hands my life is, I will fight with them defending my Cause till I get killed, but (I am sure) Allah will definitely make His Cause victorious." Budail said, "I will inform them of what you have said." So, he set off till he reached Quraish and said, "We have come from that man (i.e. Muhammad) whom we heard saying something which we will disclose to you if you should like." Some of the fools among Quraish shouted that they were not in need of this information, but the wiser among them said, "Relate what you heard him saying." Budail said, "I heard him saying so-and-so," relating what the Prophet ﷺ had told him. ʿUrwa bin Masʿud got up and said, "O people! Aren't you the sons? They said, "Yes." He added, "Am I not the father?" They said, "Yes." He said, "Do you mistrust me?" They said, "No." He said, "Don't you know that I invited the people of ʿUkaz for your help, and when they refused I brought my relatives and children and those who obeyed me (to help you)?" They said, "Yes." He said, "Well, this man (i.e. the Prophet) has offered you a reasonable proposal, you'd better accept it and allow me to meet him." They said, "You may meet him." So, he went to the Prophet ﷺ and started talking to him. The Prophet ﷺ told him almost the same as he had told Budail. Then ʿUrwa said, "O Muhammad! Won't you feel any scruple in extirpating your relations? Have you ever heard of anyone amongst the Arabs extirpating his relatives before you? On the other hand, if the reverse should happen, (nobody will aid you, for) by Allah, I do not see (with you) dignified people, but people from various tribes who would run away leaving you alone." Hearing that, Abu Bakr abused him and said, "Do you say we would run and leave the Prophet ﷺ alone?" ʿUrwa said, "Who is that man?" They said, "He is Abu Bakr." ʿUrwa said to Abu Bakr, "By Him in Whose Hands my life is, were it not for the favor which you did to me and which I did not compensate, I would retort on you." ʿUrwa kept on talking to the Prophet ﷺ and seizing the Prophet's beard as he was talking while Al-Mughira bin Shuʿba was standing near the head of the Prophet, holding a sword and wearing a helmet. Whenever ʿUrwa stretched his hand towards the beard of the Prophet, Al-Mughira would hit his hand with the handle of the sword and say (to ʿUrwa), "Remove your hand from the beard of Messenger of Allah ﷺ." ʿUrwa raised his head and asked, "Who is that?" The people said, "He is Al-Mughira bin Shuʿba." ʿUrwa said, "O treacherous! Am I not doing my best to prevent evil consequences of your treachery?" Before embracing Islam Al-Mughira was in the company of some people. He killed them and took their property and came (to Medina) to embrace Islam. The Prophet ﷺ said (to him, "As regards your Islam, I accept it, but as for the property I do not take anything of it. (As it was taken through treason). ʿUrwa then started looking at the Companions of the Prophet. By Allah, whenever Messenger of Allah ﷺ spat, the spittle would fall in the hand of one of them (i.e. the Prophet's companions) who would rub it on his face and skin; if he ordered them they would carry his orders immediately; if he performed ablution, they would struggle to take the remaining water; and when they spoke to him, they would lower their voices and would not look at his face constantly out of respect. ʿUrwa returned to his people and said, "O people! By Allah, I have been to the kings and to Caesar, Khosrau and An- Najashi, yet I have never seen any of them respected by his courtiers as much as Muhammad is respected by his companions. By Allah, if he spat, the spittle would fall in the hand of one of them (i.e. the Prophet's companions) who would rub it on his face and skin; if he ordered them, they would carry out his order immediately; if he performed ablution, they would struggle to take the remaining water; and when they spoke, they would lower their voices and would not look at his face constantly out of respect." ʿUrwa added, "No doubt, he has presented to you a good reasonable offer, so please accept it." A man from the tribe of Bani Kinana said, "Allow me to go to him," and they allowed him, and when he approached the Prophet and his companions, Messenger of Allah ﷺ said, "He is so-and-so who belongs to the tribe that respects the Budn (i.e. camels of the sacrifice). So, bring the Budn in front of him." So, the Budn were brought before him and the people received him while they were reciting Talbiya. When he saw that scene, he said, "Glorified be Allah! It is not fair to prevent these people from visiting the Kaʿba." When he returned to his people, he said, 'I saw the Budn garlanded (with colored knotted ropes) and marked (with stabs on their backs). I do not think it is advisable to prevent them from visiting the Kaʿba." Another person called Mikraz bin Hafs got up and sought their permission to go to Muhammad, and they allowed him, too. When he approached the Muslims, the Prophet ﷺ said, "Here is Mikraz and he is a vicious man." Mikraz started talking to the Prophet and as he was talking, Suhail bin ʿAmr came. When Suhail bin ʿAmr came, the Prophet ﷺ said, "Now the matter has become easy." Suhail said to the Prophet "Please conclude a peace treaty with us." So, the Prophet ﷺ called the clerk and said to him, "Write: By the Name of Allah, the most Beneficent, the most Merciful." Suhail said, "As for 'Beneficent,' by Allah, I do not know what it means. So write: By Your Name O Allah, as you used to write previously." The Muslims said, "By Allah, we will not write except: By the Name of Allah, the most Beneficent, the most Merciful." The Prophet ﷺ said, "Write: By Your Name O Allah." Then he dictated, "This is the peace treaty which Muhammad, Messenger of Allah ﷺ has concluded." Suhail said, "By Allah, if we knew that you are Messenger of Allah ﷺ we would not prevent you from visiting the Kaʿba, and would not fight with you. So, write: "Muhammad bin ʿAbdullah." The Prophet ﷺ said, "By Allah! I am Apostle of Allah even if you people do not believe me. Write: Muhammad bin ʿAbdullah." (Az-Zuhri said, "The Prophet ﷺ accepted all those things, as he had already said that he would accept everything they would demand if it respects the ordinance of Allah, (i.e. by letting him and his companions perform ʿUmra.)" The Prophet ﷺ said to Suhail, "On the condition that you allow us to visit the House (i.e. Kaʿba) so that we may perform Tawaf around it." Suhail said, "By Allah, we will not (allow you this year) so as not to give chance to the 'Arabs to say that we have yielded to you, but we will allow you next year." So, the Prophet ﷺ got that written. Then Suhail said, "We also stipulate that you should return to us whoever comes to you from us, even if he embraced your religion." The Muslims said, "Glorified be Allah! How will such a person be returned to the pagans after he has become a Muslim? While they were in this state Abu- Jandal bin Suhail bin ʿAmr came from the valley of Mecca staggering with his fetters and fell down amongst the Muslims. Suhail said, "O Muhammad! This is the very first term with which we make peace with you, i.e. you shall return Abu Jandal to me." The Prophet ﷺ said, "The peace treaty has not been written yet." Suhail said, "I will never allow you to keep him." The Prophet ﷺ said, "Yes, do." He said, "I won't do.: Mikraz said, "We allow you (to keep him)." Abu Jandal said, "O Muslims! Will I be returned to the pagans though I have come as a Muslim? Don't you see how much I have suffered?" (continued...) (continuing... 1): -3.891:... ... Abu Jandal had been tortured severely for the Cause of Allah. ʿUmar bin Al-Khattab said, "I went to the Prophet ﷺ and said, 'Aren't you truly the Messenger of Allah?' The Prophet ﷺ said, 'Yes, indeed.' I said, 'Isn't our Cause just and the cause of the enemy unjust?' He said, 'Yes.' I said, 'Then why should we be humble in our religion?' He said, 'I am Messenger of Allah ﷺ and I do not disobey Him, and He will make me victorious.' I said, 'Didn't you tell us that we would go to the Kaʿba and perform Tawaf around it?' He said, 'Yes, but did I tell you that we would visit the Kaʿba this year?' I said, 'No.' He said, 'So you will visit it and perform Tawaf around it?' " ʿUmar further said, "I went to Abu Bakr and said, 'O Abu Bakr! Isn't he truly Allah's Prophet?' He replied, 'Yes.' I said, 'Then why should we be humble in our religion?' He said, 'Indeed, he is Messenger of Allah ﷺ and he does not disobey his Lord, and He will make him victorious. Adhere to him as, by Allah, he is on the right.' I said, 'Was he not telling us that we would go to the Kaʿba and perform Tawaf around it?' He said, 'Yes, but did he tell you that you would go to the Kaʿba this year?' I said, 'No.' He said, "You will go to Kaʿba and perform Tawaf around it." (Az-Zuhri said, " ʿUmar said, 'I performed many good deeds as expiation for the improper questions I asked them.' ") When the writing of the peace treaty was concluded, Messenger of Allah ﷺ said to his companions, "Get up and' slaughter your sacrifices and get your head shaved." By Allah none of them got up, and the Prophet repeated his order thrice. When none of them got up, he left them and went to Um Salama and told her of the people's attitudes towards him. Um Salama said, "O the Prophet ﷺ of Allah! Do you want your order to be carried out? Go out and don't say a word to anybody till you have slaughtered your sacrifice and call your barber to shave your head." So, the Prophet ﷺ went out and did not talk to anyone of them till he did that, i.e. slaughtered the sacrifice and called his barber who shaved his head. Seeing that, the companions of the Prophet ﷺ got up, slaughtered their sacrifices, and started shaving the heads of one another, and there was so much rush that there was a danger of killing each other. Then some believing women came (to the Prophet ﷺ ); and Allah revealed the following Divine Verses:-- "O you who believe, when the believing women come to you as emigrants examine them . . ." (60.10) ʿUmar then divorced two wives of his who were infidels. Later on Muawiya bin Abu Sufyan married one of them, and Safwan bin Umaiya married the other. When the Prophet ﷺ returned to Medina, Abu Basir, a new Muslim convert from Quraish came to him. The Infidels sent in his pursuit two men who said (to the Prophet ﷺ ), "Abide by the promise you gave us." So, the Prophet ﷺ handed him over to them. They took him out (of the City) till they reached Dhul-Hulaifa where they dismounted to eat some dates they had with them. Abu Basir said to one of them, "By Allah, O so-and-so, I see you have a fine sword." The other drew it out (of the scabbard) and said, "By Allah, it is very fine and I have tried it many times." Abu Basir said, "Let me have a look at it." When the other gave it to him, he hit him with it till he died, and his companion ran away till he came to Medina and entered the Mosque running. When Messenger of Allah ﷺ saw him he said, "This man appears to have been frightened." When he reached the Prophet ﷺ he said, "My companion has been murdered and I would have been murdered too." Abu Basir came and said, "O Messenger of Allah ﷺ, by Allah, Allah has made you fulfill your obligations by your returning me to them (i.e. the Infidels), but Allah has saved me from them." The Prophet ﷺ said, "Woe to his mother! what excellent war kindler he would be, should he only have supporters." When Abu Basir heard that he understood that the Prophet ﷺ would return him to them again, so he set off till he reached the seashore. Abu Jandal bin Suhail got himself released from them (i.e. infidels) and joined Abu Basir. So, whenever a man from Quraish embraced Islam he would follow Abu Basir till they formed a strong group. By Allah, whenever they heard about a caravan of Quraish heading towards Sham, they stopped it and attacked and killed them (i.e. infidels) and took their properties. The people of Quraish sent a message to the Prophet ﷺ requesting him for the Sake of Allah and Kith and kin to send for (i.e. Abu Basir and his companions) promising that whoever (amongst them) came to the Prophet ﷺ would be secure. So the Prophet ﷺ sent for them (i.e. Abu Basir's companions) and Allah I revealed the following Divine Verses: "And it is He Who Has withheld their hands from you and your hands From them in the midst of Mecca, After He made you the victorious over them. ... the unbelievers had pride and haughtiness, in their hearts ... the pride and haughtiness of the time of ignorance." (48.24-26) And their pride and haughtiness was that they did not confess (write in the treaty) that he (i.e. Muhammad) was the Prophet of Allah and refused to write: "In the Name of Allah, the most Beneficent, the Most Merciful," and they (the mushriks) prevented them (the Muslims) from visiting the House (the Kaʿbah). (Using translation from Bukhārī 2731)  

الطبراني:١٧٢١١حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ قَالَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَسَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ وَجَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «أَشِيرُوا عَلَيَّ أَتَرَوْنَ لِيْ أَنْ أَمِيلَ إِلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ فَإِنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْرُوبِينَ وَإِنْ جَاؤُوا تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللهُ أُمْ تَرَوْنَ أَنَّ نَؤُمَّ الْبَيْتَ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ؟» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَلَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «فَرُوحُوا إِذًا» فَرَاحُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ» فَوَاللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُوَ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ وَسَارَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَقَالَ النَّاسُ حَلْ حَلْ فَقَالُوا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «مَا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنَّهَا حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ» ثُمَّ قَالَ «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا» ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ بِهِ فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ إِنَّمَا يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ الْعَطَشَ فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ قَالَ فَوَاللهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَهُمْ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنْ جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاؤُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا وَإِنْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي أَوْ لَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمَرَهُ» فَقَالَ بُدَيْلٌ سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا فَقَالَ إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ فَعَلْنَا فَقَالَ سُفهَاؤُهُمْ لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ تُحَدِّثَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ وَقَالَ ذُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ أَوَ لَسْتُ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ فَهَلْ تَتَّهِمُونِي؟ قَالُوا لَا فَقَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظٍ فَلَمَّا بَلَّحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا بَلَى قَالَ فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِهِ فَقَالُوا ائْتِهِ فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَيْ مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَهْلَهُ قَبْلَكَ؟ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا وَأَرَى أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ خَلِيقًا أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ نَحْنُ نَفِرُّ وَنَدَعُهُ؟ فَقَالَ مَنْ ذَا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ قَالَ وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ ﷺ بِالْمِغْفَرِ وَمَعَهُ السَّيْفُ فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ يَدَهُ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ ﷺ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ وَقَالَ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ هَذَا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ أَيْ غُدَرُ أَوَ لَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ؟ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالِهِمْ وَجَاءَ فَأَسْلَمَ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ» ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ صَحَابَةَ النَّبِيِّ ﷺ بِعَيْنَيْهِ فَقَالَ وَاللهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَ ابْتَدَرُوا أَمَرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ وَاللهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ وَاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا وَاللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمَرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمُوا خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِنَّهُ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ دَعُونِي آتِهِ فَقَالُوا ائْتِهِ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «هَذَا فُلَانٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ» فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ الْقَوْمُ يُلَبُّونَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ قَالَ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ دَعُونِي آتِهِ قَالُوا ائْتِهِ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «هَذَا مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ» فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ فَبَيْنَا هُوَ يُكَلِّمُهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ هَاتِ أَكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا الْكَاتِبَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «اكْتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» فَقَالَ سُهَيْلٌ أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهُمَّ كَمَا كُنْتَ تُكْتَبُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَاللهِ مَا يَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهُمَّ» ثُمَّ قَالَ «هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ﷺ » فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ وَاللهِ إِنِّي لِرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ» فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّنَا أُخِذْنَا ضَغْطَةً وَلَكِنْ لَكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ فَقَالَ سُهَيْلٌ وَعَلَى أَنْ لَا يَأْتِيَكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ سُبْحَانَ اللهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ قَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ سُهَيْلٌ هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَنْ أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ» قَالَ فَوَاللهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «فَأَجِزْهُ لِي» فَقَالَ مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ قَالَ «بَلَى فَافْعَلْ» قَالَ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ قَالَ مِكْرَزٌ بَلَى قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ أَيْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا؟ أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا قَدْ لَقِيتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللهِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَاللهِ مَا شَكَكْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ إِلَّا يَوْمَئِذٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ «بَلَى» قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ «بَلَى» قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ «إِنِّي لِرَسُولُ اللهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي» قُلْتُ أَوَ لَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفَ بِهِ؟ قَالَ «بَلَى فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟» قُلْتُ لَا قَالَ «فَإِنَّكَ آتِيَهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ» قَالَ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ بَلَى قُلْتُ أَلَيْسَ نَحْنُ عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ وَهُوَ نَاصِرُهُ فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ فَوَاللهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ قُلْتُ أَوَ لَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ بَلَى أفأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ؟ قُلْتُ لَا قَالَ فَإِنَّكَ آتِيَهِ وَتَطُوفُ بِهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا» قَالَ فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِيَّ اللهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تَكَلَّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِكَلِمَةٍ حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُو حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ فَقَامَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ثُمَّ جَاءَتْ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللهُ ﷻ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ وَقَالُوا الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ فَخَرَجَا حَتَّى إِذَا بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا يَا فُلَانُ جَيِّدًا فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ فَقَالَ أَجَلْ وَاللهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ فَضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ رَآهُ «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا» فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللهِ قَدْ وَاللهِ أَوْفَى اللهُ ذِمَّتَكَ قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِيَ اللهُ مِنْهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ قَالَ وَيَنْفَلِتُ مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ حَتَّى اجْتَمَعَ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ قَالَ فَوَاللهِ مَا سَمِعُوا بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ تُنَاشِدُهُ بِاللهِ وَالرَّحِمِ إِلَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَنْزَلَ اللهُ ﷻ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} حَتَّى بَلَغَ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} وَكَانَتْ قُرَيْشٌ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ  

tabarani:168Aḥmad b. ʿAlī al-Abbār > Abū Umayyah ʿAmr b. Hishām al-Ḥarrānī > Ṣāḥibih al--Adhī Tawajjah Ilayh Ḥattá Yaqtulah or Yamūt Dūnah Faʾakhadhūā Asyāfahum Fasammūhā Wāttaʿadūā Lisabʿ ʿAshrah from Shahr Ramaḍān > Yathib Kul a man Minhum > Ṣāḥibih al--Adhī Tawajjah Ilayh And ʾAqbal Kul a man Minhum > al-Miṣr al--Adhī Fīh Ṣāḥibuh al--Adhī Yaṭlub Faʾammā Ibn al-Muljam al-Murādī Faʾatá Aṣḥābah Bi-al-Kūfah Wakātamahum Amrah Karāhiyah > Yuẓhirūā Shayʾ from Amrih > Laqī Aṣḥāb Lah from Taym al-Rabāb Waqad Qatal ʿAlī b. Abū Ṭālib Minhum ʿIddah Yawm al-Nahar Fadhakarūā Qatlāhum Fataraḥḥamūā ʿAlayhim > Walaqī from Yawmih Dhalik Āmraʾah from Taym al-Rabāb Yuqāl Lahā Qaṭām b. al-Shaḥnh Waqad Qatal ʿAlī b. Abū Ṭālib Abāhā Waʾakhāhā Yawm al-Nahar Wakānat Fāʾiqah al-Jamāl Falammā Rāhā al-Tabasat Biʿaqlih Wanasī Ḥājatah al--Atī Jāʾ Lahā Fakhaṭabahā > Lā Atazawwaj Ḥattá Tashtafī Lī > Wamā Tashāʾīn > Thalāthah Ālāf Waʿabd Waqaynah Waqatl ʿAlī b.
Request/Fix translation

  

الطبراني:١٦٨حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ ثنا أَبُو أُمَيَّةَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيُّ ثنا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفيُّ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَاشِدٍ قَالَ كَانَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللهُ وَأَصْحَابَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُلْجَمٍ وَالْبَرْكَ بْنَ عَبْدِ اللهِ وَعَمْرَو بْنَ بَكْرٍ التَّمِيمِيَّ اجْتَمَعُوا بِمَكَّةَ فَذَكَرُوا أَمْرَ النَّاسِ وَعَابُوا عَمَلَ وُلَاتِهِمْ ثُمَّ ذَكَرُوا أَهْلَ النَّهَرِ فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ فَقَالُوا وَاللهِ مَا نَصْنَعُ بِالْبَقَاءِ بَعْدَهُمْ شَيْئًا إِخْوَانُنَا الَّذِينَ كَانُوا دُعَاةَ النَّاسِ لِعِبَادَةِ رَبِّهِمُ الَّذِينَ كَانُوا لَا يَخَافُونَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ فَلَوْ شَرَيْنَا أَنْفُسَنَا فَأَتَيْنَا أَئِمَّةَ الضَّلَالَةِ فَالْتَمَسْنَا قَتْلَهُمْ فَأَرَحْنَا مِنْهُمُ الْبِلَادَ وَثَأَرْنَا بِهِمْ إِخْوَانَنَا قَالَ ابْنُ مُلْجَمٍ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ أَنَا أَكْفِيكُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَ الْبَرْكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَا أَكْفِيكُمْ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ التَّمِيمِيُّ أَنَا أَكْفِيكُمْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَتَعَاهَدُوا وَتَوَاثَقُوا بِاللهِ لَا يَنْكُصُ رَجُلٌ مِنْهُمْ

عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ فَسَمُّوها وَاتَّعَدُوا لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْ يَثِبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ وَأَقْبَلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ صَاحِبُهُ الَّذِي يَطْلُبُ فَأَمَّا ابْنُ الْمُلْجَمِ الْمُرَادِيُّ فَأَتَى أَصْحَابَهُ بِالْكُوفَةِ وَكَاتَمَهُمْ أَمْرَهُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُظْهِرُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ وَأَنَّهُ لَقِيَ أَصْحَابًا لَهُ مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ وَقَدْ قَتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ؓ مِنْهُمْ عِدَّةً يَوْمَ النَّهَرِ فَذَكَرُوا قَتْلَاهُمْ فَتَرَحَّمُوا عَلَيْهِمْ قَالَ وَلَقِيَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ يُقَالُ لَهَا قَطَامُ بِنْتُ الشَّحنةِ وَقَدْ قَتَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ؓ أَبَاهَا وَأَخَاهَا يَوْمَ النَّهَرِ وَكَانَتْ فَائِقَةَ الْجَمَالِ فَلَمَّا رَآهَا الْتَبَسَتْ بِعَقْلِهِ وَنَسِيَ حَاجَتَهُ الَّتِي جَاءَ لَهَا فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ لَا أَتَزَوَّجُ حَتَّى تَشْتَفِيَ لِي قَالَ وَمَا تَشَائِينَ؟ قَالَتْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَعَبْدٌ وَقَيْنَةٌ وَقَتْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ؓ فَقَالَ هُوَ مَهْرٌ لَكَ فَأَمَّا قَتْلُ عَلِيٍّ فَمَا أَرَاكِ ذَكَرْتِيهِ لِي وَأَنْتِ تُرِيدِينَهُ؟ قَالَتْ بَلَى فَالْتَمِسْ غُرَّتَهُ فَإِنْ أَصَبْتَهُ شَفَيْتَ نَفْسَكَ وَنَفْسِي وَنَفَعَكَ الْعَيْشُ مَعِي وَإِنْ قُتِلْتَ فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَزِبْرِجِ أَهْلِهَا فَقَالَ مَا جَاءَ بِي إِلَى هَذَا الْمِصْرِ إِلَّا قَتْلُ عَلِيٍّ قَالَتْ فَإِذَا أَرَدْتَ ذَلِكَ فَأَخْبِرْنِي حَتَّى أَطْلُبَ لَكَ مَنْ يَشُدُّ ظَهْرَكَ وَيُسَاعِدُكَ عَلَى أَمْرِكَ فَبَعَثَتْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهَا مِنْ تَيْمِ الرَّبَابِ يُقَالُ لَهُ وَرْدَانُ فَكَلَّمَتْهُ فَأَجَابَهَا وَأَتَى ابْنُ مُلْجَمٍ رَجُلًا مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ شَبِيبُ بْنُ نَجْدَةً فَقَالَ لَهُ هَلْ لَكَ فِي شَرَفِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ قَالَ وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ قَتْلُ عَلِيٍّ ؓ قَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِدًّا كَيْفَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ؟ قَالَ أَكْمُنُ لَهُ فِي السَّحَرِ فَإِذَا خَرَجَ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ شَدَدْنَا عَلَيْهِ فَقَتَلْنَاهُ فَإِنْ نَجَوْنَا شَفَيْنَا أَنْفُسَنَا وَأَدْرَكْنَا ثَأْرَنَا وَإِنْ قُتِلْنَا فَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَزِبْرِجِ أَهْلِهَا قَالَ وَيْحَكَ لَوْ كَانَ غَيْرَ عَلِيٍّ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ قَدْ عَرَفْتُ بَلَاءَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَسَابِقَتَهُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ وَمَا أَجِدُنِي أنْشَرِحُ لِقَتْلِهِ قَالَ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّهُ قَتَلَ أَهْلَ النَّهَرِ الْعُبَّادَ الْمُصَلِّينَ؟ قَالَ بَلَى قَالَ فَقَتْلُهُ بِمَا قَتَلَ مِنْ إِخْوَانِنَا فَأَجَابَهُ فَجَاءُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى قَطَامِ وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ مُعْتَكِفَةٌ فِيهِ فَقَالُوا لَهَا قَدْ أَجْمَعَ رَأْيُنَا عَلَى قَتْلِ عَلِيٍّ قَالَتْ فَإِذَا أَرَدْتُمْ ذَلِكَ فَائْتُونِي فَجَاءَ فَقَالَ هَذِهِ اللَّيْلَةُ الَّتِي وَاعَدْتُ فِيهَا صَاحِبِي أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا صَاحِبَهُ فَدَعَتْ لَهُمْ بِالْحَرِيرِ فَعَصَّبَتْهُمْ وَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ وَجَلَسُوا مُقَابِلَ السُّدَةِ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْهَا عَلِيٌّ فَخَرَجَ عَلِيٌّ ؓ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ فَجَعَلَ يُنَادِي الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ فَشَدَّ عَلَيْهِ شَبِيبٌ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ السَّيْفُ بِعِضَادَةِ الْبَابِ أَوْ بِالطَّاقِ فَشَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ مُلْجَمٍ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فِي قَرْنِهِ وَهَرَبَ وَرْدَانُ حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمِّهِ وَهُوَ يَنْزِعُ الْحَرِيرَ وَالسَّيْفَ عَنْ صَدْرِهِ فَقَالَ مَا هَذَا السَّيْفُ وَالْحَرِيرُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ فَذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَجَاءَ بِسَيْفِهِ فَضَرَبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ وَخَرَجَ شَبِيبٌ نَحْوَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ وَشَدَّ عَلَيْهِ النَّاسُ إِلَّا أَنَّ رَجُلًا مِنْ حَضْرَمَوْتَ يُقَالُ لَهُ عُوَيْمِرٌ ضَرَبُ رِجْلَهُ بِالسَّيْفِ فَصَرَعَهُ وَجَثَمَ عَلَيْهِ الْحَضْرَمِيُّ فَلَمَّا رَأَى النَّاسَ قَدْ أَقْبَلُوا فِي طَلَبِهِ وَسَيْفُ شَبِيبٍ فِي يَدِهِ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ فَتَرَكَهُ فَنَجَا بِنَفْسِهِ وَنَجَا شَبِيبٌ فِي غِمَارِ النَّاسِ وَخَرَجَ ابْنُ مُلْجَمٍ فَشَدَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَمْدَانَ يُكَنَّى أَبَا أَدَمَا فَضَرَبَ رِجْلَهُ وَصَرَعَهُ وَتَأَخَّرَ عَلِيٌّ ؓ وَدَفَعَ فِي ظَهْرِ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ وَشَدَّ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَذَكَرُوا أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ حُنَيْفٍ قَالَ وَاللهِ إِنِّي لِأُصَلِّي تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي ضُرِبَ فِيهَا عَلِيٌّ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ قَرِيبًا مِنَ السُّدَّةِ فِي رِجَالٍ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ مَا فِيهِمْ إِلَّا قِيَامٌ وَرُكُوعٌ وَسُجُودٌ وَمَا يَسْأَمُونَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ إِذْ خَرَجَ عَلِيٌّ ؓ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ فَجَعَلَ يُنَادِي أَيُّهَا النَّاسُ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ فَمَا أَدْرِي أَتَكَلَّمَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ أَوْ نَظَرْتُ إِلَى بَرِيقِ السُّيُوفِ وَسَمِعْتُ الْحُكْمُ للَّهِ لَا لَكَ يَا عَلِيُّ وَلَا لِأَصْحَابِكَ فَرَأَيْتُ سَيْفًا ثُمَّ رَأَيْتُ نَاسًا وَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ لَا يَفُوتُكُمُ الرَّجُلُ وَشَدَّ عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى أُخِذَ ابْنُ مُلْجَمٍ فَأُدْخِلَ عَلَى عَلِيٍّ ؓ فَدَخَلْتُ فِيمَنْ دَخَلَ مِنِ النَّاسِ فَسَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ إِنْ هَلَكْتُ فَاقْتُلُوهُ كَمَا قَتَلَنِي وَإِنْ بَقِيتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي وَلَمَّا أُدْخِلَ ابْنُ مُلْجَمٍ عَلَى عَلِيٍّ ؓ قَالَ يَا عَدُوَّ اللهِ أَلَمْ أُحْسِنْ إِلَيْكَ؟ أَلَمْ أَفْعَلْ بِكَ؟ قَالَ بَلَى قَالَ فَمَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ شَحَذْتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَسَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ شَرَّ خَلْقِهِ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ ؓ مَا أُرَاكَ إِلَّا مَقْتُولًا بِهِ وَمَا أُرَاكَ إِلَّا مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللهِ وَكَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ مَكْتُوفًا بَيْنَ يَدَيِ الْحَسَنِ إِذْ نَادَتْهُ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ وَهِيَ تَبْكِي يَا عَدُوَّ اللهِ إِنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَى أَبِي وَاللهُ مُخْزِيكَ قَالَ فَعَلَامَ تَبْكِينَ؟ وَاللهِ لَقَدِ اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ وَسَمَّمْتُهُ بِأَلْفٍ وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الضَّرْبَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمِصْرِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ سَاعَةً وَهَذَا أَبُوكِ بَاقِيًا حَتَّى الْآنَ فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ ؓ إِنْ بَقِيتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي وَإِنْ هَلَكْتُ مِنْ ضَرْبَتِي هَذِهِ فَاضْرِبْهُ ضَرْبَةً وَلَا تُمَثِّلْ بِهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ وَلَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ» وَذَكَرَ أَنَّ جُنْدُبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ دَخَلَ عَلَى عَلِيٍّ يَسْأَلُ بِهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ فَقَدْنَاكَ وَلَا نَفْقُدُكَ فَنُبَايِعُ الْحَسَنَ؟ قَالَ مَا آمُرُكُمْ وَلَا أَنْهَاكُمْ أَنْتُمْ أَبْصَرُ فَلَمَّا قُبِضَ عَلِيٌّ ؓ بَعَثَ الْحَسَنُ ؓ إِلَى ابْنِ مُلْجَمٍ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ هَلْ لَكَ فِي خَصْلَةٍ؟ إِنِّي وَاللهِ مَا أَعْطَيْتُ اللهَ عَهْدًا إِلَّا وَفَّيْتُ بِهِ إِنِّي كُنْتُ أَعْطَيْتُ اللهَ عَهْدًا أَنْ أَقْتُلَ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُمَا فَإِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَلَكَ اللهَ عَلَيَّ إِنْ لَمْ أُقْتُلْ أَنْ آتِيَكَ حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِكَ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ ؓ لَا وَاللهِ أَوْ تُعَايِنُ النَّارَ فَقَدَّمَهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ النَّاسُ فَأَدْرَجُوهُ فِي بَوَارِي ثُمَّ أَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ وَقَدْ كَانَ عَلِيٌّ ؓ قَالَ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ تَقُولُونَ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا لَا يُقْتَلُ بِي إِلَّا قَاتِلِي وَأَمَّا الْبَرْكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَقَعَدَ لِمُعَاوِيَةَ ؓ فَخَرَجَ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ فَشَدَّ عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ وَأَدْبَرَ مُعَاوِيَةُ هَارِبًا فَوَقَعَ السَّيْفُ فِي إِلْيَتِهِ فَقَالَ إِنَّ عِنْدِي خَبَرًا أُبَشِّرُكَ بِهِ فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ أَنَافِعِي ذَلِكَ عِنْدَكَ؟ قَالَ وَمَا هُوَ؟ قَالَ إِنَّ أَخًا لِي قَتَلَ عَلِيًّا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَالَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ؟ قَالَ بَلَى إِنَّ عَلِيًّا يَخْرُجُ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ يَحْرُسُهُ فَأَمَرَ بِهِ مُعَاوِيَةُ ؓ فَقُتِلَ فَبَعَثَ إِلَى السَّاعِدِيِّ وَكَانَ طَبِيبًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنْ ضَرَبْتَكَ مَسْمُومَةٌ فَاخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى خَصْلَتَيْنِ إِمَّا أَنْ أَحْمِيَ حَدِيدَةً فَأَضَعَهَا مَوْضِعَ السَّيْفِ وَإِمَّا أَسْقِيَكَ شَرْبَةً تَقْطَعُ مِنْكَ الْوَلَدَ وَتَبْرَأُ مِنْهَا فَإِنَّ ضَرَبْتَكَ مَسْمُومَةٌ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ أَمَّا النَّارُ فَلَا صَبْرَ لِي عَلَيْهَا وَأَمَّا انْقِطَاعُ الْوَلَدِ فَإِنَّ فِي يَزِيدَ وَعَبْدِ اللهِ وَوَلَدِهِمَا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنَيَّ فَسَقَاهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الشَّرْبَةَ فَبَرَأَ فَلَمْ يُولَدْ بَعْدُ لَهُ فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ ؓ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَقْصُورَاتِ وَقِيَامِ الشُّرَطِ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ؓ أَيْ بَنِيَّ أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ عِنْدَ مَحِلِّهَا وَحُسْنِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ صَلَاةٌ إِلَّا بِطَهُورٍ وَأُوصِيكُمْ بِغَفْرِ الذَّنْبِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْحِلْمِ عَنِ الْجَهْلِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَالتَّثَبُّتِ فِي الْأَمْرِ وَتَعَاهُدِ الْقُرْآنِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجْتِنَابِ الْفَوَاحِشِ قَالَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَقَالَ هَلْ حَفِظْتَ مَا أَوْصَيْتُ بِهِ أَخَوَيْكَ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِمِثْلِهِ وَأُوصِيكَ بِتَوقِيرِ أَخَوَيْكَ لِعِظَمِ حَقِّهِمَا عَلَيْكَ وَتَزْيِينِ أَمْرِهِمَا وَلَا تَقْطَعْ أَمْرًا دُونَهُمَا ثُمَّ قَالَ لَهُمَا أُوصِيكُمَا بِهِ فَإِنَّهُ شَقِيقُكُمَا وَابْنُ أبِيكُمَا وَقَدْ عَلِمْتُمَا أَنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُحِبُّهُ ثُمَّ أَوْصَى فَكَانَتْ وَصِيَّتُهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ؓ أَوْصَى أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ثُمَّ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أُوصِيكُمَا يَا حَسَنُ وَيَا حُسَيْنُ وَجَمِيعَ أَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي بِتَقْوَى اللهِ رَبِّكُمْ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ يَقُولُ «إِنَّ صَلَاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ أَعْظَمُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ» وَانْظُرُوا إِلَى ذَوِي أَرْحَامِكُمْ فَصِلِوهُمْ يُهَوِّنُ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحِسَابَ وَاللهَ اللهَ فِي الْأَيْتَامِ لَا يَضِيعُنَّ بِحَضْرَتِكُمْ وَاللهَ اللهَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا عَمُودُ دِينِكُمْ وَاللهَ اللهَ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا تُطْفِيءُ غَضَبَ الرَّبِّ ﷻ وَاللهَ اللهَ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَأَشْرِكُوهُمْ فِي مَعَايِشِكُمْ وَاللهَ اللهَ فِي الْقُرْآنِ فَلَا يَسْبِقَنَّكُمْ بِالْعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ وَاللهَ اللهَ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَاللهَ اللهَ فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ ﷻ لَا يَخْلُوَنَّ مَا بَقِيتُمْ فَإِنَّهُ إِنْ تُرِكَ لَمْ تَنَاظَرُوا وَاللهَ اللهَ فِي أَهْلِ ذِمَّةِ نَبِيِّكُمْ ﷺ فَلَا يُظْلَمُنَّ بَيْنَ ظَهْرَانَيْكُمْ وَاللهَ اللهَ فِي جِيرَانِكُمْ فَإِنَّهُمْ وَصِيَّةُ نَبِيِّكُمْ ﷺ قَالَ «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِهِمْ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُمْ» وَاللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِ نَبِيِّكُمْ ﷺ فَإِنَّهُ وَصِيٌّ بِهِمْ وَاللهَ اللهَ فِي الضَّعِيفَيْنِ نِسَائُكُمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَإِنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ ﷺ أَنْ قَالَ أُوصِيكُمْ بِالضَّعِيفَيْنِ النِّسَاءُ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ لَا تَخَافُنَّ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ يَكْفِكُمْ مَنْ أرَادَكُمْ وَبَغَى عَلَيْكُمْ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ وَلَا تَتْرُكُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلِّيَ أَمْرَكُمْ شِرَارَكُمْ ثُمَّ تَدْعُونَ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ عَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّبَاذُلِ وَإِيَّاكُمْ وَالتَّقَاطُعَ وَالتَّدَابُرَ وَالتَّفُرَّقَ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ حَفِظَكُمُ اللهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ وَحَفِظَ فِيكُمْ نَبِيَّكُمْ ﷺ أَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ وَأَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ ثُمَّ لَمْ يَنْطِقْ إِلَّا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهَ حَتَّى قُبِضَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَغَسَّلَهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ الْحَسَنُ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَوَلِيَ الْحَسَنُ ؓ عَمَلَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَكَانَ ابْنُ مُلْجَمٍ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ عَلِيًّا قَاعِدًا فِي بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ إِذْ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةِ أَبْجَرَ بْنِ جَابِرٍ الْعِجْلِيِّ أَبِي حَجَّارٍ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا وَالنَّصَارَى حَوْلَهُ وَأُنَاسٌ مَعَ حَجَّارٍ بِمَنْزِلَتِهِ فِيهِمْ يَمْشُونَ فِي جَانِبٍ أَمَامَهُمْ شَقِيقُ بْنُ ثَوْرٍ السُّلَمِيُّ فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ مَا هَؤُلَاءِ؟ فَأُخْبِرَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ  

tabarani:2676Muḥammad b. Aḥmad b. al-Barāʾ > ʿAbd al-Munʿim b. Idrīs b. Sinān from his father > Wahbb. Munabbih > Jābir b. > Muḥammad ﷺ Yā Jibrīl Nafsī Qad Nuʿiyat > Jibrīl ʿAlayh al-Salām al-Ākhirah Khayr Lak from al-Ūlá Wlasawf Yuʿṭīk Rabbuk Fatarḍá Faʾamar Rasūl Allāh ﷺ Bilāl
Request/Fix translation

  

الطبراني:٢٦٧٦حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ ثنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللهِ ﷻ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ

مُحَمَّدٌ ﷺ «يَا جِبْرِيلُ نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ» قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ولَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ ﷻ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَبَكَتِ الْعُيُونُ ثُمَّ قَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ نَبِيٍّ كُنْتُ لَكُمْ؟» فَقَالُوا جَزَاكَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ خَيْرًا؛ فَلَقَدْ كُنْتَ بِنَا كَالْأَبِ الرَّحِيمِ وَكَالْأَخِ النَّاصِحِ الْمُشْفِقِ أَدَّيْتَ رِسَالَاتِ اللهِ ﷻ وأَبْلَغْتَنَا وَحَيَهُ وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ فَجَزَاكَ اللهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ فَقَالَ لَهُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أَنَا أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ وبِحَقِّي عَلَيْكُمْ مَنْ كَانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَنَاشَدَهُمُ الثَّانِيَةَ فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ فَنَاشَدَهُمُ الثَّالِثَةَ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ وبِحَقِّي عَلَيْكُمْ مَنْ كَانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي قَبْلَ الْقِصَاصِ فِي الْقِيَامَةِ فَقَامَ مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يُقَالُ لَهُ عُكَّاشَةُ فَتَخَطَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي لَوْلَا أَنَّكَ ناشَدْتَنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَا كُنْتُ بِالَّذِي يُقْدِمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا كُنْتُ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ ﷻ عَلَيْنَا وَنَصَرَ نَبِيَّهُ ﷺ وكُنَّا فِي الِانْصِرَافِ حَاذَتْ نَاقَتِي نَاقَتَكَ فَنَزَلْتُ عَنِ النَّاقَةِ وَدَنَوْتُ مِنْكَ لِأُقَبِّلَ فَخِذَكَ فَرَفَعْتَ الْقَضِيبَ فَضَرَبْتَ خَاصِرَتِي وَلَا أَدْرِي أَكَانَ عَمْدًا مِنْكَ أَمْ أَرَدْتَ ضَرْبَ النَّاقَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «أُعِيذُكَ بِجِلَالِ اللهِ أَنْ يَتَعَمَّدَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالضَّرْبِ يَا بِلَالُ انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ وَائْتِنِي بِالْقَضِيبِ الْمَمْشُوقِ» فَخَرَجَ بِلَالٌ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي هَذَا رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ فَقَرَعَ الْبَابَ عَلَى فَاطِمَةَ فَقَالَ يَا بِنْتَ رَسُولِ اللهِ نَاوِلِينِي الْقَضِيبَ الْمَمْشُوقَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ يَا بِلَالُ وَمَا يَصْنَعُ أَبِي بِالْقَضِيبِ وَلَيْسَ هَذَا يَوْمَ حَجٍّ وَلَا يَوْمَ غَزَاةٍ؟ فَقَالَ يَا فَاطِمَةُ مَا أَغْفَلَكِ عَمَّا فِيهِ أَبُوكِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُوَدِّعُ الدِّينَ وَيُفَارِقُ الدُّنْيَا وَيُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ ؓ يَا بِلَالُ وَمَنْ ذَا الَّذِي تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ يَا بِلَالُ فَقُلْ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقُومَانِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَيَقْتَصُّ مِنْهُمَا وَلَا يَدَعانِهِ يَقْتَصُّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَدَخَلَ بِلَالٌ الْمَسْجِدَ وَدَفَعَ الْقَضِيبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْقَضِيبَ إِلَى عُكَّاشَةَ فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؓ إِلَى ذَلِكَ قَامَا فَقَالَا يَا عُكَّاشَةُ هَذَانِ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَاقْتَصَّ مِنَّا وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ «امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَامْضِ فَقَدْ عَرَفَ اللهُ مَكَانَكُمَا ومَقامَكُمَا» فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا عُكَّاشَةُ أَنَا فِي الْحَيَاةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَلَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ يُضْرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي اقْتَصَّ مِنِّي بِيَدِكَ وَاجْلِدْني مِئَةً وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا عَلِيُّ اقْعُدْ فَقَدْ عَرَفَ اللهُ ﷻ مَقَامَكَ ونِيَّتَكَ» وَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ؓ فَقَالَا يَا عُكَّاشَةُ أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَا سِبْطَا رَسُولِ اللهِ؟ فَالْقِصَاصُ مِنَّا كَالْقِصَاصِ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ لَهُمَا ﷺ «اقْعُدَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي لَا نَسِيَ اللهُ لَكُمَا هَذَا الْمُقَامَ» ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا عُكَّاشَةُ اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضارِبًا» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ ضَرَبْتَني وَأَنَا حاسِرٌ عَنْ بَطْنِي فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ ﷺ وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ وَقَالُوا أَتُرَى عُكَّاشَةُ ضَارِبٌ رَسُولَ اللهِ ﷺ؟ فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ إِلَى بَيَاضِ بَطْنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَأَنَّهُ الْقَبَاطِيُّ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ كَبَّ عَلَيْهِ وَقَبَّلَ بَطْنَهُ وَهُوَ يَقُولُ فِدَاءٌ لَكَ أَبِي وَأُمِّي وَمَنْ تُطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ» فَقَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللهُ عَنِّي فِي الْقِيَامَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الشَّيْخِ» فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْ عُكَّاشَةَ وَيَقُولُونَ طُوبَاكَ طُوباكَ نِلْتَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَمُرَافَقَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَمَرِضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ يَوْمِهِ فَكَانَ مَرِيضًا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَعُودُهُ النَّاسُ وَكَانَ ﷺ وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَبُعِثَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَقُبِضَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالْأَذَانِ ثُمَّ وَقَفَ بِالْبَابِ فَنَادَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ الصَّلَاةَ رَحِمَكَ اللهُ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صَوْتَ بِلَالٍ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ ؓ يَا بِلَالُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ الْيَوْمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ فَدَخَلَ بِلَالٌ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا أَسْفَرَ الصُّبْحُ قَالَ وَاللهِ لَا أُقِيمُهَا أَوْ أَسْتَأْذِنَ سَيِّدِي رَسُولَ اللهِ ﷺ فَرَجَعَ فَقَامَ بِالْبَابِ وَنَادَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللهُ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صَوْتَ بِلَالٍ فَقَالَ «ادْخُلْ يَا بِلَالُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّ بِالنَّاسِ» فَخَرَجَ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ وَاغَوْثَا بِاللهِ وَانْقِطَاعَ رَجَائِهِ وَانْقِطَاعَ رَجَائِهِ وَانْقِصامَ ظَهْرِي لَيْتَنِي لَمْ تَلِدْنِي أُمِّي وَإِذْ وَلَدَتْنِي لَمْ أَشْهَدْ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ هَذَا الْيَوْمَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ ؓ لِلنَّاسِ وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى خَلْوَةِ الْمَكَانِ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ضَجِيجَ النَّاسِ فَقَالَ «مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ؟» قَالُوا ضَجَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِفَقْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ ؓ فَاتَّكَأَ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْمَلِيحِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَسْتَوْدِعُكمُ اللهَ أَنْتُمْ فِي رَجَاءِ اللهِ وَأَمَانِهِ وَاللهُ خِلْفَتِي عَلَيْكُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللهِ وَحِفْظِ طَاعَتِهِ مِنْ بَعْدِي فَإِنِّي مُفَارِقٌ الدُّنْيَا هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَآخِرُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا» فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ اشْتَدَّ بِهِ الْأَمْرُ وَأَوْحَى الله ﷻ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ ﷺ أَنِ اهْبِطْ إِلَى حَبِيبِي وَصَفِيِّي مُحَمَّدٍ ﷺ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وارْفُقْ بِهِ فِي قَبْضِ رُوحِهِ فَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ ﷺ فَوَقَفَ بِالْبَابِ شِبْهَ أَعْرَابِيٍّ ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ أَدْخُلُ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ ؓ لِفَاطِمَةَ أَجِيبِي الرَّجُلَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ آجَرَكَ اللهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ فَدَعَا الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا فَاطِمَةُ أَجِيبِي الرَّجُلَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ آجَرَكَ اللهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ ثُمَّ دَعَا الثَّالِثَةَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بيت النُّبُوَّةِ وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ أَأَدْخُلُ؟ فَلَابُدَّ مِنَ الدُّخُولِ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صَوْتَ مَلَكِ الْمَوْتِ ﷺ فَقَالَ «يَا فَاطِمَةُ مَنْ بِالْبَابِ؟» فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ رَجُلًا بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنُ فِي الدُّخُولِ فَأَجَبْناهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَنَادَى فِي الثَّالِثَةِ صَوْتًا اقْشَعَرَّ مِنْهُ جِلْدِي وارْتَعَدَتْ فَرَائِصِي فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ «يَا فَاطِمَةُ أَتَدْرِينَ مَنْ بِالْبَابِ؟ هَذَا هَادِمُ اللَّذَّاتِ ومُفَرِّقُ الْجَمَاعَاتِ هَذَا مُرَمِّلُ الْأَزْوَاجِ ومُوتِمُ الْأَوْلَادِ هَذَا مُخَرِّبُ الدُّورِ وَعَامِرُ الْقُبُورِ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ ﷺ ادْخُلْ رَحِمَكَ اللهُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ» فَدَخَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «يَا مَلَكَ الْمَوْتِ جِئْتَنِي زَائِرًا أَمْ قَابِضًا؟» قَالَ جِئْتُكَ زَائِرًا وَقَابِضًا وَأَمَرَنِي اللهُ ﷻ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ وَلَا أَقْبِضَ رُوحُكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَإِنْ أَذِنْتَ وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي ﷻ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «يَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَيْنَ خَلَّفْتَ حَبِيبِي جِبْرِيلَ؟» قَالَ خَلَّفْتُهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالْمَلَائِكَةُ يُعَزُّونَهُ فِيكَ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعِ أَنْ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «يَا جِبْرِيلُ هَذَا الرَّحِيلُ مِنَ الدُّنْيَا فَبَشِّرْنِي مَا لِي عِنْدَ اللهِ» ؟ قَالَ أُبَشِّرُكَ يَا حَبِيبَ اللهِ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ وَالْمَلَائِكَةَ قَدْ قَامُوا صُفُوفًا صُفُوفًا بِالتَّحِيَّةِ وَالرَّيْحَانِ يُحَيُّونَ رُوحَكَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ «لِوَجْهِ رَبِّيَ الْحَمْدُ وَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ» قَالَ أُبَشِّرُكَ أَنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ قَدْ فُتِحَتْ وَأَنْهَارَهَا قَدِ اطَّرَدَتْ وأَشْجَارَهَا قَدْ تَدَلَّتْ وحُورَهَا قَدْ تَزَيَّنَتْ لِقُدُومِ رُوحِكِ يَا مُحَمَّدُ قَالَ «لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ فَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ» قَالَ أَنْتَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ «لِوَجْهِ رَبِّيَ الْحَمْدُ» قَالَ جِبْرِيلُ يَا حَبِيبِي عَمَّ تَسْأَلُنِي؟ قَالَ «أَسْأَلُكَ عَنْ غَمِّي وَهَمِّي مَنْ لِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِصَومِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لحَاجِّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِأُمَّتِي الْمُصْفَاةِ مِنْ بَعْدِي؟» قَالَ أَبْشِرْ يَا حَبِيبَ اللهِ فَإِنَّ اللهَ ﷻ يَقُولُ قَدْ حُرِّمَتِ الْجَنَّةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ حَتَّى تُدَاخِلَهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ «الْآنَ طَابَتْ نَفْسِي إِذَنْ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَانْتَهِ إِلَى مَا أُمِرْتَ» فَقَالَ عَلِيٌّ ؓ يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا أَنْتَ قُبِضْتَ فَمَنْ يُغَسِّلُكَ؟ وَفِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ وَمَنْ يُصَلَّى عَلَيْكَ؟ وَمَنْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا عَلِيُّ أَمَّا الْغُسْلُ فاغْسِلْنِي أَنْتَ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْكَ الْمَاءَ وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَالِثُكُمَا فَإِذَا أَنْتُمْ فَرَغْتُمْ مِنْ غُسْلِي فَكَفِّنُونِي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِينِي بِحَنُوطٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَإِذَا أَنْتُمْ وَضَعْتُمُونِي عَلَى السَّرِيرِ فَضَعُونِي فِي الْمَسْجِدِ وَاخْرُجُوا عَنِّي فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ الرَّبُّ ﷻ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ثُمَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ مِيكَائِيلُ ثُمَّ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ زُمَرًا زُمَرًا ثُمَّ ادْخُلُوا فَقُومُوا صُفُوفًا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيَّ أَحَدٌ» فَقَالَتْ فَاطِمَةُؓ يَا بِلَالُ وَمَنْ ذَا الَّذِي تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ يَا بِلَالُ فَقُلْ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقُومَانِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَيَقْتَصُّ مِنْهُمَا وَلَا يَدَعانِهِ يَقْتَصُّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَدَخَلَ بِلَالٌ الْمَسْجِدَ وَدَفَعَ الْقَضِيبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْقَضِيبَ إِلَى عُكَّاشَةَ فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؓ إِلَى ذَلِكَ قَامَا فَقَالَا يَا عُكَّاشَةُ هَذَانِ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَاقْتَصَّ مِنَّا وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ «امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَامْضِ فَقَدْ عَرَفَ اللهُ مَكَانَكُمَا ومَقامَكُمَا» فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا عُكَّاشَةُ أَنَا فِي الْحَيَاةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَلَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ يُضْرَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي اقْتَصَّ مِنِّي بِيَدِكَ وَاجْلِدْني مِائَةً وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا عَلِيُّ اقْعُدْ فَقَدْ عَرَفَ اللهُ ﷻ مَقَامَكَ ونِيَّتَكَ» وَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ؓ فَقَالَا يَا عُكَّاشَةُ أَلَيْسَ تَعْلَمُ أَنَا سِبْطَا رَسُولِ اللهِ؟ فَالْقِصَاصُ مِنَّا كَالْقِصَاصِ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ لَهُمَا ﷺ «اقْعُدَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي لَا نَسِيَ اللهُ لَكُمَا هَذَا الْمُقَامَ» ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا عُكَّاشَةُ اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضارِبًا» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ ضَرَبْتَني وَأَنَا حاسِرٌ عَنْ بَطْنِي فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ ﷺ وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ وَقَالُوا أَتُرَى عُكَّاشَةُ ضَارِبٌ رَسُولَ اللهِ ﷺ؟ فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ إِلَى بَيَاضِ بَطْنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كَأَنَّهُ الْقَبَاطِيُّ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ كَبَّ عَلَيْهِ وَقَبَّلَ بَطْنَهُ وَهُوَ يَقُولُ فِدَاءٌ لَكَ أَبِي وَأُمِّي وَمَنْ تُطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ «إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ» فَقَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللهُ عَنِّي فِي الْقِيَامَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الشَّيْخِ» فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْ عُكَّاشَةَ وَيَقُولُونَ طُوبَاكَ طُوباكَ نِلْتَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَمُرَافَقَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَمَرِضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنْ يَوْمِهِ فَكَانَ مَرِيضًا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَعُودُهُ النَّاسُ وَكَانَ ﷺ وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَبُعِثَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَقُبِضَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالْأَذَانِ ثُمَّ وَقَفَ بِالْبَابِ فَنَادَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ الصَّلَاةَ رَحِمَكَ اللهُ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صَوْتَ بِلَالٍ فَقَالَتْ فَاطِمَةُؓ يَا بِلَالُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ الْيَوْمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ فَدَخَلَ بِلَالٌ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا أَسْفَرَ الصُّبْحُ قَالَ وَاللهِ لَا أُقِيمُهَا أَوْ أَسْتَأْذِنَ سَيِّدِي رَسُولَ اللهِ ﷺ فَرَجَعَ فَقَامَ بِالْبَابِ وَنَادَى السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللهُ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صَوْتَ بِلَالٍ فَقَالَ «ادْخُلْ يَا بِلَالُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّ بِالنَّاسِ» فَخَرَجَ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ وَاغَوْثَا بِاللهِ وَانْقِطَاعَ رَجَائِهِ وَانْقِطَاعَ رَجَائِهِ وَانْقِصامَ ظَهْرِي لَيْتَنِي لَمْ تَلِدْنِي أُمِّي وَإِذْ وَلَدَتْنِي لَمْ أَشْهَدْ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ هَذَا الْيَوْمَ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ ؓ لِلنَّاسِ وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى خَلْوَةِ الْمَكَانِ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ضَجِيجَ النَّاسِ فَقَالَ «مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ؟» قَالُوا ضَجَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِفَقْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ ؓ فَاتَّكَأَ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْمَلِيحِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أَسْتَوْدِعُكمُ اللهَ أَنْتُمْ فِي رَجَاءِ اللهِ وَأَمَانِهِ وَاللهُ خِلْفَتِي عَلَيْكُمْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللهِ وَحِفْظِ طَاعَتِهِ مِنْ بَعْدِي فَإِنِّي مُفَارِقٌ الدُّنْيَا هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ وَآخِرُ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا» فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ اشْتَدَّ بِهِ الْأَمْرُ وَأَوْحَى الله ﷻ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ ﷺ أَنِ اهْبِطْ إِلَى حَبِيبِي وَصَفِيِّي مُحَمَّدٍ ﷺ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ وارْفُقْ بِهِ فِي قَبْضِ رُوحِهِ فَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ ﷺ فَوَقَفَ بِالْبَابِ شِبْهَ أَعْرَابِيٍّ ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ أَدْخُلُ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُؓ لِفَاطِمَةَ أَجِيبِي الرَّجُلَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ آجَرَكَ اللهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ فَدَعَا الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا فَاطِمَةُ أَجِيبِي الرَّجُلَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ آجَرَكَ اللهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ ثُمَّ دَعَا الثَّالِثَةَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ النُّبُوَّةِ وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ أَأَدْخُلُ؟ فَلَا بُدَّ مِنَ الدُّخُولِ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صَوْتَ مَلَكِ الْمَوْتِ ﷺ فَقَالَ «يَا فَاطِمَةُ مَنْ بِالْبَابِ؟» فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ رَجُلًا بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنُ فِي الدُّخُولِ فَأَجَبْناهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَنَادَى فِي الثَّالِثَةِ صَوْتًا اقْشَعَرَّ مِنْهُ جِلْدِي وارْتَعَدَتْ فَرَائِصِي فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ «يَا فَاطِمَةُ أَتَدْرِينَ مَنْ بِالْبَابِ؟ هَذَا هَادِمُ اللَّذَّاتِ ومُفَرِّقُ الْجَمَاعَاتِ هَذَا مُرَمِّلُ الْأَزْوَاجِ ومُوتِمُ الْأَوْلَادِ هَذَا مُخَرِّبُ الدُّورِ وَعَامِرُ الْقُبُورِ هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ ﷺ ادْخُلْ رَحِمَكَ اللهُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ» فَدَخَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «يَا مَلَكَ الْمَوْتِ جِئْتَنِي زَائِرًا أَمْ قَابِضًا؟» قَالَ جِئْتُكَ زَائِرًا وَقَابِضًا وَأَمَرَنِي اللهُ ﷻ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ وَلَا أَقْبِضَ رُوحُكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ فَإِنْ أَذِنْتَ وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي ﷻ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «يَا مَلَكَ الْمَوْتِ أَيْنَ خَلَّفْتَ حَبِيبِي جِبْرِيلَ؟» قَالَ خَلَّفْتُهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالْمَلَائِكَةُ يُعَزُّونَهُ فِيكَ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعِ أَنْ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «يَا جِبْرِيلُ هَذَا الرَّحِيلُ مِنَ الدُّنْيَا فَبَشِّرْنِي مَا لِي عِنْدَ اللهِ» ؟ قَالَ أُبَشِّرُكَ يَا حَبِيبَ اللهِ أَنِّي قَدْ تَرَكْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ وَالْمَلَائِكَةَ قَدْ قَامُوا صُفُوفًا صُفُوفًا بِالتَّحِيَّةِ وَالرَّيْحَانِ يُحَيُّونَ رُوحَكَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ «لِوَجْهِ رَبِّيَ الْحَمْدُ وَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ» قَالَ أُبَشِّرُكَ أَنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ قَدْ فُتِحَتْ وَأَنْهَارَهَا قَدِ اطَّرَدَتْ وأَشْجَارَهَا قَدْ تَدَلَّتْ وحُورَهَا قَدْ تَزَيَّنَتْ لِقُدُومِ رُوحِكِ يَا مُحَمَّدُ قَالَ «لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ فَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ» قَالَ أَنْتَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ فِي الْقِيَامَةِ قَالَ «لِوَجْهِ رَبِّيَ الْحَمْدُ» قَالَ جِبْرِيلُ يَا حَبِيبِي عَمَّ تَسْأَلُنِي؟ قَالَ «أَسْأَلُكَ عَنْ غَمِّي وَهَمِّي مَنْ لِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِصَومِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لحَاجِّ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِأُمَّتِي الْمُصْفَاةِ مِنْ بَعْدِي؟» قَالَ أَبْشِرْ يَا حَبِيبَ اللهِ فَإِنَّ اللهَ ﷻ يَقُولُ قَدْ حُرِّمَتِ الْجَنَّةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ حَتَّى تُدَاخِلَهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ يَا مُحَمَّدُ قَالَ «الْآنَ طَابَتْ نَفْسِي إِذَنْ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَانْتَهِ إِلَى مَا أُمِرْتَ» فَقَالَ عَلِيٌّ ؓ يَا رَسُولَ اللهِ إِذَا أَنْتَ قُبِضْتَ فَمَنْ يُغَسِّلُكَ؟ وَفِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ وَمَنْ يُصَلَّى عَلَيْكَ؟ وَمَنْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ «يَا عَلِيُّ أَمَّا الْغُسْلُ فاغْسِلْنِي أَنْتَ وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْكَ الْمَاءَ وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَالِثُكُمَا فَإِذَا أَنْتُمْ فَرَغْتُمْ مِنْ غُسْلِي فَكَفِّنُونِي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِينِي بِحَنُوطٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَإِذَا أَنْتُمْ وَضَعْتُمُونِي عَلَى السَّرِيرِ فَضَعُونِي فِي الْمَسْجِدِ وَاخْرُجُوا عَنِّي فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ الرَّبُّ ﷻ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ثُمَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ مِيكَائِيلُ ثُمَّ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ زُمَرًا زُمَرًا ثُمَّ ادْخُلُوا فَقُومُوا صُفُوفًا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيَّ أَحَدٌ» فَقَالَتْ فَاطِمَةُؓ الْيَوْمَ الْفِرَاقُ فَمَتَى أَلْقَاكَ؟ فَقَالَ لَهَا «يَا بُنَيَّةُ تَلْقَيْنَنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْحَوْضِ وَأَنَا أَسْقِي مَنْ يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ مِنْ أُمَّتِي» قَالَتْ فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ «تَلْقَيْنَنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ وَأَنَا أَشْفَعُ لِأُمَّتِي» قَالَتْ فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ «تَلْقَيْنَنِي عِنْدَ الصِّرَاطِ وَأَنَا أُنَادِي رَبِّي سَلِّمْ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ» فَدَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ ﷺ يُعَالِجُ قَبْضَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ الرُّكْبَتَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «أَوْهِ» فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ السُّرَّةَ نَادَى النَّبِيُّ ﷺ «وَاكَرْبَاهُ» فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلَامُ كَرْبِي يَا أَبَتَاهُ فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ إِلَى الثُّنْدُؤَةِ نَادَى النَّبِيُّ ﷺ «يَا جِبْرِيلُ مَا أَشَدَّ مَرَارَةَ الْمَوْتِ» فَوَلَّى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجْهَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ «يَا جِبْرِيلُ كَرِهْتَ النَّظَرَ إِلَيَّ؟» فَقَالَ جِبْرِيلُ ﷺ يَا حَبِيبِي وَمَنْ تُطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْكَ وَأَنْتَ تُعَالِجُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ؟ فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَغَسَّلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُمَا وَكُفِّنَ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ وَحُمِلَ عَلَى سَرِيرٍ ثُمَّ أَدْخَلُوهُ الْمَسْجِدَ وَوَضَعُوهُ فِي الْمَسْجِدِ وَخَرَجَ النَّاسُ عَنْهُ فَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الرَّبُّ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ ثُمَّ جِبْرِيلُ ثُمَّ مِيكَائِيلُ ثُمَّ إِسْرَافِيلُ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ زُمَرًا زُمَرًا قَالَ عَلِيٌّ ؓ لَقَدْ سَمِعْنَا فِي الْمَسْجِدِ هَمْهَمَةً وَلَمْ نَرَ لَهُمْ شَخْصًا فَسَمِعْنَا هاتِفًا يَهْتِفُ وَيَقُولُ ادْخُلُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ ﷺ فَدَخَلْنَا وَقُمْنَا صُفُوفًا صُفُوفًا كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَكَبَّرْنَا بِتَكْبِيرِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَصَلَّيْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بِصَلَاةِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا تَقَدَّمَ مِنَّا أَحَدٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَدَخَلَ الْقَبْرَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ ؓ وَدُفِنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ قَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ ؓ يَا أَبَا الْحَسَنِ دَفَنْتُمْ رَسُولَ اللهِ ﷺ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ فَاطِمَةُؓ كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا التُّرَابَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ أَمَا كَانَ فِي صُدُورِكُمْ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ الرَّحْمَةُ أَمَا كَانَ مُعَلِّمَ الْخَيْرِ؟ قَالَ بَلَى يَا فَاطِمَةُ وَلَكِنْ أَمْرُ اللهِ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ فَجَعَلَتْ تَبْكِي وتَنْدُبُ وَهِيَ تَقُولُ يَا أَبَتَاهُ الْآنَ انْقَطَعَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكَانَ جِبْرِيلُ يَأْتِينَا بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ  

bayhaqi:18807Abū ʿAbdullāh al-Ḥāfiẓ > Abū Bakr Aḥmad b. Jaʿfar al-Qaṭīʿī > Abū ʿAbd al-Raḥman ʿAbdullāh b. Aḥmad b. Ḥanbal from my father > ʿAbd al-Razzāq > Maʿmar > al-Zuhrī > ʿUrwah b. al-Zubayr > al-Miswar b. Makhramah And Marwān b. al-Ḥakam Yuṣaddiq Ḥadīth Kul Wāḥid Minhumā Ṣāḥibuh > Kharaj Rasūl Allāh ﷺ

(whose narrations attest each other) Messenger of Allah ﷺ set out at the time of Al-Hudaibiya (treaty), and when they proceeded for a distance, he said, "Khalid bin Al-Walid leading the cavalry of Quraish constituting the front of the army, is at a place called Al-Ghamim, so take the way on the right." By Allah, Khalid did not perceive the arrival of the Muslims till the dust arising from the march of the Muslim army reached him, and then he turned back hurriedly to inform Quraish. The Prophet ﷺ went on advancing till he reached the Thaniya (i.e. a mountainous way) through which one would go to them (i.e. people of Quraish). The she-camel of the Prophet ﷺ sat down. The people tried their best to cause the she-camel to get up but in vain, so they said, "Al-Qaswa' (i.e. the she-camel's name) has become stubborn! Al-Qaswa' has become stubborn!" The Prophet ﷺ said, "Al-Qaswa' has not become stubborn, for stubbornness is not her habit, but she was stopped by Him Who stopped the elephant." Then he said, "By the Name of Him in Whose Hands my soul is, if they (i.e. the Quraish infidels) ask me anything which will respect the ordinances of Allah, I will grant it to them." The Prophet ﷺ then rebuked the she-camel and she got up. The Prophet ﷺ changed his way till he dismounted at the farthest end of Al-Hudaibiya at a pit (i.e. well) containing a little water which the people used in small amounts, and in a short while the people used up all its water and complained to Messenger of Allah ﷺ; of thirst. The Prophet ﷺ took an arrow out of his arrow-case and ordered them to put the arrow in that pit. By Allah, the water started and continued sprouting out till all the people quenched their thirst and returned with satisfaction. While they were still in that state, Budail bin Warqa-al- Khuzaʿi came with some persons from his tribe Khuzaʿa and they were the advisers of Messenger of Allah ﷺ who would keep no secret from him and were from the people of Tihama. Budail said, "I left Kaʿb bin Luai and 'Amir bin Luai residing at the profuse water of Al-Hudaibiya and they had milch camels (or their women and children) with them, and will wage war against you, and will prevent you from visiting the Kaʿba." Messenger of Allah ﷺ said, "We have not come to fight anyone, but to perform the ʿUmra. No doubt, the war has weakened Quraish and they have suffered great losses, so if they wish, I will conclude a truce with them, during which they should refrain from interfering between me and the people (i.e. the 'Arab infidels other than Quraish), and if I have victory over those infidels, Quraish will have the option to embrace Islam as the other people do, if they wish; they will at least get strong enough to fight. But if they do not accept the truce, by Allah in Whose Hands my life is, I will fight with them defending my Cause till I get killed, but (I am sure) Allah will definitely make His Cause victorious." Budail said, "I will inform them of what you have said." So, he set off till he reached Quraish and said, "We have come from that man (i.e. Muhammad) whom we heard saying something which we will disclose to you if you should like." Some of the fools among Quraish shouted that they were not in need of this information, but the wiser among them said, "Relate what you heard him saying." Budail said, "I heard him saying so-and-so," relating what the Prophet ﷺ had told him. ʿUrwa bin Masʿud got up and said, "O people! Aren't you the sons? They said, "Yes." He added, "Am I not the father?" They said, "Yes." He said, "Do you mistrust me?" They said, "No." He said, "Don't you know that I invited the people of ʿUkaz for your help, and when they refused I brought my relatives and children and those who obeyed me (to help you)?" They said, "Yes." He said, "Well, this man (i.e. the Prophet) has offered you a reasonable proposal, you'd better accept it and allow me to meet him." They said, "You may meet him." So, he went to the Prophet ﷺ and started talking to him. The Prophet ﷺ told him almost the same as he had told Budail. Then ʿUrwa said, "O Muhammad! Won't you feel any scruple in extirpating your relations? Have you ever heard of anyone amongst the Arabs extirpating his relatives before you? On the other hand, if the reverse should happen, (nobody will aid you, for) by Allah, I do not see (with you) dignified people, but people from various tribes who would run away leaving you alone." Hearing that, Abu Bakr abused him and said, "Do you say we would run and leave the Prophet ﷺ alone?" ʿUrwa said, "Who is that man?" They said, "He is Abu Bakr." ʿUrwa said to Abu Bakr, "By Him in Whose Hands my life is, were it not for the favor which you did to me and which I did not compensate, I would retort on you." ʿUrwa kept on talking to the Prophet ﷺ and seizing the Prophet's beard as he was talking while Al-Mughira bin Shuʿba was standing near the head of the Prophet, holding a sword and wearing a helmet. Whenever ʿUrwa stretched his hand towards the beard of the Prophet, Al-Mughira would hit his hand with the handle of the sword and say (to ʿUrwa), "Remove your hand from the beard of Messenger of Allah ﷺ." ʿUrwa raised his head and asked, "Who is that?" The people said, "He is Al-Mughira bin Shuʿba." ʿUrwa said, "O treacherous! Am I not doing my best to prevent evil consequences of your treachery?" Before embracing Islam Al-Mughira was in the company of some people. He killed them and took their property and came (to Medina) to embrace Islam. The Prophet ﷺ said (to him, "As regards your Islam, I accept it, but as for the property I do not take anything of it. (As it was taken through treason). ʿUrwa then started looking at the Companions of the Prophet. By Allah, whenever Messenger of Allah ﷺ spat, the spittle would fall in the hand of one of them (i.e. the Prophet's companions) who would rub it on his face and skin; if he ordered them they would carry his orders immediately; if he performed ablution, they would struggle to take the remaining water; and when they spoke to him, they would lower their voices and would not look at his face constantly out of respect. ʿUrwa returned to his people and said, "O people! By Allah, I have been to the kings and to Caesar, Khosrau and An- Najashi, yet I have never seen any of them respected by his courtiers as much as Muhammad is respected by his companions. By Allah, if he spat, the spittle would fall in the hand of one of them (i.e. the Prophet's companions) who would rub it on his face and skin; if he ordered them, they would carry out his order immediately; if he performed ablution, they would struggle to take the remaining water; and when they spoke, they would lower their voices and would not look at his face constantly out of respect." ʿUrwa added, "No doubt, he has presented to you a good reasonable offer, so please accept it." A man from the tribe of Bani Kinana said, "Allow me to go to him," and they allowed him, and when he approached the Prophet and his companions, Messenger of Allah ﷺ said, "He is so-and-so who belongs to the tribe that respects the Budn (i.e. camels of the sacrifice). So, bring the Budn in front of him." So, the Budn were brought before him and the people received him while they were reciting Talbiya. When he saw that scene, he said, "Glorified be Allah! It is not fair to prevent these people from visiting the Kaʿba." When he returned to his people, he said, 'I saw the Budn garlanded (with colored knotted ropes) and marked (with stabs on their backs). I do not think it is advisable to prevent them from visiting the Kaʿba." Another person called Mikraz bin Hafs got up and sought their permission to go to Muhammad, and they allowed him, too. When he approached the Muslims, the Prophet ﷺ said, "Here is Mikraz and he is a vicious man." Mikraz started talking to the Prophet and as he was talking, Suhail bin ʿAmr came. When Suhail bin ʿAmr came, the Prophet ﷺ said, "Now the matter has become easy." Suhail said to the Prophet "Please conclude a peace treaty with us." So, the Prophet ﷺ called the clerk and said to him, "Write: By the Name of Allah, the most Beneficent, the most Merciful." Suhail said, "As for 'Beneficent,' by Allah, I do not know what it means. So write: By Your Name O Allah, as you used to write previously." The Muslims said, "By Allah, we will not write except: By the Name of Allah, the most Beneficent, the most Merciful." The Prophet ﷺ said, "Write: By Your Name O Allah." Then he dictated, "This is the peace treaty which Muhammad, Messenger of Allah ﷺ has concluded." Suhail said, "By Allah, if we knew that you are Messenger of Allah ﷺ we would not prevent you from visiting the Kaʿba, and would not fight with you. So, write: "Muhammad bin ʿAbdullah." The Prophet ﷺ said, "By Allah! I am Apostle of Allah even if you people do not believe me. Write: Muhammad bin ʿAbdullah." (Az-Zuhri said, "The Prophet ﷺ accepted all those things, as he had already said that he would accept everything they would demand if it respects the ordinance of Allah, (i.e. by letting him and his companions perform ʿUmra.)" The Prophet ﷺ said to Suhail, "On the condition that you allow us to visit the House (i.e. Kaʿba) so that we may perform Tawaf around it." Suhail said, "By Allah, we will not (allow you this year) so as not to give chance to the 'Arabs to say that we have yielded to you, but we will allow you next year." So, the Prophet ﷺ got that written. Then Suhail said, "We also stipulate that you should return to us whoever comes to you from us, even if he embraced your religion." The Muslims said, "Glorified be Allah! How will such a person be returned to the pagans after he has become a Muslim? While they were in this state Abu- Jandal bin Suhail bin ʿAmr came from the valley of Mecca staggering with his fetters and fell down amongst the Muslims. Suhail said, "O Muhammad! This is the very first term with which we make peace with you, i.e. you shall return Abu Jandal to me." The Prophet ﷺ said, "The peace treaty has not been written yet." Suhail said, "I will never allow you to keep him." The Prophet ﷺ said, "Yes, do." He said, "I won't do.: Mikraz said, "We allow you (to keep him)." Abu Jandal said, "O Muslims! Will I be returned to the pagans though I have come as a Muslim? Don't you see how much I have suffered?" (continued...) (continuing... 1): -3.891:... ... Abu Jandal had been tortured severely for the Cause of Allah. ʿUmar bin Al-Khattab said, "I went to the Prophet ﷺ and said, 'Aren't you truly the Messenger of Allah?' The Prophet ﷺ said, 'Yes, indeed.' I said, 'Isn't our Cause just and the cause of the enemy unjust?' He said, 'Yes.' I said, 'Then why should we be humble in our religion?' He said, 'I am Messenger of Allah ﷺ and I do not disobey Him, and He will make me victorious.' I said, 'Didn't you tell us that we would go to the Kaʿba and perform Tawaf around it?' He said, 'Yes, but did I tell you that we would visit the Kaʿba this year?' I said, 'No.' He said, 'So you will visit it and perform Tawaf around it?' " ʿUmar further said, "I went to Abu Bakr and said, 'O Abu Bakr! Isn't he truly Allah's Prophet?' He replied, 'Yes.' I said, 'Then why should we be humble in our religion?' He said, 'Indeed, he is Messenger of Allah ﷺ and he does not disobey his Lord, and He will make him victorious. Adhere to him as, by Allah, he is on the right.' I said, 'Was he not telling us that we would go to the Kaʿba and perform Tawaf around it?' He said, 'Yes, but did he tell you that you would go to the Kaʿba this year?' I said, 'No.' He said, "You will go to Kaʿba and perform Tawaf around it." (Az-Zuhri said, " ʿUmar said, 'I performed many good deeds as expiation for the improper questions I asked them.' ") When the writing of the peace treaty was concluded, Messenger of Allah ﷺ said to his companions, "Get up and' slaughter your sacrifices and get your head shaved." By Allah none of them got up, and the Prophet repeated his order thrice. When none of them got up, he left them and went to Um Salama and told her of the people's attitudes towards him. Um Salama said, "O the Prophet ﷺ of Allah! Do you want your order to be carried out? Go out and don't say a word to anybody till you have slaughtered your sacrifice and call your barber to shave your head." So, the Prophet ﷺ went out and did not talk to anyone of them till he did that, i.e. slaughtered the sacrifice and called his barber who shaved his head. Seeing that, the companions of the Prophet ﷺ got up, slaughtered their sacrifices, and started shaving the heads of one another, and there was so much rush that there was a danger of killing each other. Then some believing women came (to the Prophet ﷺ ); and Allah revealed the following Divine Verses:-- "O you who believe, when the believing women come to you as emigrants examine them . . ." (60.10) ʿUmar then divorced two wives of his who were infidels. Later on Muawiya bin Abu Sufyan married one of them, and Safwan bin Umaiya married the other. When the Prophet ﷺ returned to Medina, Abu Basir, a new Muslim convert from Quraish came to him. The Infidels sent in his pursuit two men who said (to the Prophet ﷺ ), "Abide by the promise you gave us." So, the Prophet ﷺ handed him over to them. They took him out (of the City) till they reached Dhul-Hulaifa where they dismounted to eat some dates they had with them. Abu Basir said to one of them, "By Allah, O so-and-so, I see you have a fine sword." The other drew it out (of the scabbard) and said, "By Allah, it is very fine and I have tried it many times." Abu Basir said, "Let me have a look at it." When the other gave it to him, he hit him with it till he died, and his companion ran away till he came to Medina and entered the Mosque running. When Messenger of Allah ﷺ saw him he said, "This man appears to have been frightened." When he reached the Prophet ﷺ he said, "My companion has been murdered and I would have been murdered too." Abu Basir came and said, "O Messenger of Allah ﷺ, by Allah, Allah has made you fulfill your obligations by your returning me to them (i.e. the Infidels), but Allah has saved me from them." The Prophet ﷺ said, "Woe to his mother! what excellent war kindler he would be, should he only have supporters." When Abu Basir heard that he understood that the Prophet ﷺ would return him to them again, so he set off till he reached the seashore. Abu Jandal bin Suhail got himself released from them (i.e. infidels) and joined Abu Basir. So, whenever a man from Quraish embraced Islam he would follow Abu Basir till they formed a strong group. By Allah, whenever they heard about a caravan of Quraish heading towards Sham, they stopped it and attacked and killed them (i.e. infidels) and took their properties. The people of Quraish sent a message to the Prophet ﷺ requesting him for the Sake of Allah and Kith and kin to send for (i.e. Abu Basir and his companions) promising that whoever (amongst them) came to the Prophet ﷺ would be secure. So the Prophet ﷺ sent for them (i.e. Abu Basir's companions) and Allah I revealed the following Divine Verses: "And it is He Who Has withheld their hands from you and your hands From them in the midst of Mecca, After He made you the victorious over them. ... the unbelievers had pride and haughtiness, in their hearts ... the pride and haughtiness of the time of ignorance." (48.24-26) And their pride and haughtiness was that they did not confess (write in the treaty) that he (i.e. Muhammad) was the Prophet of Allah and refused to write: "In the Name of Allah, the most Beneficent, the Most Merciful," and they (the mushriks) prevented them (the Muslims) from visiting the House (the Kaʿbah). (Using translation from Bukhārī 2731)   

البيهقي:١٨٨٠٧أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنِي أَبِي ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يُصَدِّقُ حَدِيثَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبُهُ قَالَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَسَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي الْأَشْطَاطِ قَرِيبٍ عَنْ عُسْفَانَ أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِشَ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ وَجَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَشِيرُوا عَلَيَّ أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ فَإِنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْزُونِينَ وَإِنْ نَجَوْا تَكُنْ عُنُقًا قَطَعَهَا اللهُ أَوْ تَرَوْنَ أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ؓ اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَلَمْ نَجِئْ نُقَاتِلُ أَحَدًا وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فَرُوحُوا إِذًا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَرَاحُوا حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٍ فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ فَوَاللهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُوَ بِغَبْرَةِ الْجَيْشِ فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ وَسَارَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَقَالَ النَّاسُ حَلْ حَلْ فَأَلَحَّتْ فَقَالُوا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ مَا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونَنِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ بِهِ قَالَ فَعَدَلَ عَنْهَا حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ إِنَّمَا يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا فَلَمْ يَلْبَثْهُ النَّاسُ أَنْ نَزَحُوهُ فَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ الْعَطَشُ فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ قَالَ فَوَاللهِ مَازَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ قَالَ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ وَكَانُوا عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ لَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ وَأَضَرَّتْ بِهِمْ فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً وَيُخَلُّوا بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ فَعَلُوا وَإِلَّا فَقَدْ جَمُّوا وَإِنْ أَبَوْا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي أَوْ لَيُنْفِذَنَّ اللهُ أَمْرَهُ قَالَ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ حَتَّى تَنْفَرِدَ قَالَ فَإِنْ شَاءوا مَادَدْنَاهُمْ مُدَّةً قَالَ بُدَيْلٌ سَأُبَلِّغُهُمْ مَا تَقُولُ فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا فَقَالَ إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا فَإِنْ شِئْتُمْ نَعْرِضْهُ عَلَيْكُمْ فَقَالَ سُفَهَاؤُهُمْ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي أَنْ تُحَدِّثَنَا عَنْهُ بِشَيْءٍ وَقَالَ ذَوُو الرَّأْيِ مِنْهُمْ هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا فَحَدَّثَهُمْ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَامَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ أَلَسْتُمْ بِالْوَلَدِ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ أَوَلَسْتُ بِالْوَالِدِ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ فَهَلْ تَتَّهِمُونَنِي؟ قَالُوا لَا قَالَ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظٍ فَلَمَّا جَمَحُوا عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي وَوَلَدِي وَمَنْ أَطَاعَنِي؟ قَالُوا بَلَى قَالَ فَإِنَّ هَذَا قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا وَدَعُونِي آتِهِ فَقَالُوا ائْتِهِ فَأَتَاهُ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ لِبُدَيْلٍ فَقَالَ عُرْوَةُ عِنْدَ ذَلِكَ أَيْ مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَكَ هَلْ سَمِعْتَ بِأَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَى وُجُوهًا وَأَرَى أَوْبَاشًا مِنَ النَّاسِ خُلَقَاءَ أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ ؓ امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ أَنَحْنُ نَفِرُّ عَنْهُ وَنَدَعُهُ؟ فَقَالَ مَنْ ذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ فَلَمَّا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ ﷺ وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ ﷺ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ وَقَالَ أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَرَفَعَ عُرْوَةُ يَدَهُ فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ قَالُوا الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ أَيْ غُدَرُ أَوَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ وَكَانَ الْمُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ ثُمَّ جَاءَ وَأَسْلَمَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ أَمَّا الْإِسْلَامُ فَأَقْبَلُ وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ النَّبِيَّ ﷺ بِعَيْنِهِ قَالَ فَوَاللهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمُوا خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ وَمَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ تَعْظِيمًا لَهُ فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ وَاللهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ وَاللهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا وَاللهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمُوا خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ فَاقْبَلُوهَا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ دَعُونِي آتِهِ قَالُوا ائْتِهِ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا فُلَانٌ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ فَابْعَثُوهَا لَهُ فَبُعِثَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَهُ الْقَوْمُ يُلَبُّونَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ مَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ قَالَ رَأَيْتُ الْبُدْنَ قَدْ قُلِّدَتْ وَأُشْعِرَتْ فَلَمْ أَرَ أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ فَقَالَ دَعُونِي آتِهِ فَقَالُوا ائْتِهِ فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا مِكْرَزٌ وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ ﷺ فَبَيْنَا هُوَ يُكَلِّمُهُ ﷺ إِذْ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ مَعْمَرٌ فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلٌ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ سُهِّلَ لَكُمْ أَمْرُكُمْ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا الْكَاتِبَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ اكْتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ سُهَيْلٌ أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللهُمَّ ثُمَّ قَالَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ لَا يَسْأَلُونَنِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضَغْطَةً وَلَكِنْ لَكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ فَقَالَ سُهَيْلٌ عَلَى أَنْ لَا يَأْتِيَكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ سُبْحَانَ اللهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ وَقَالَ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ يَرْصُفُ فِي قُيُودِهِ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ سُهَيْلٌ هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلِيَّ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ قَالَ فَوَاللهِ إِذًا لَا نُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَجِزْهُ لِي قَالَ مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ قَالَ بَلَى فَافْعَلْ قَالَ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ قَالَ مِكْرَزٌ بَلَى قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ أَيْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ أَتَيْتُ؟ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللهِ ﷻ فَقَالَ عُمَرُ ؓ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلْتُ أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ بَلَى قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي قُلْتُ أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ بَلَى فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ ؟ قُلْتُ لَا قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ قَالَ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ ؓ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللهِ حَقًّا؟ قَالَ بَلَى قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا؟ قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَلَنْ يَعْصِيَ رَبَّهُ وَهُوَ نَاصِرُهُ فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ حَتَّى تَمُوتَ فَوَاللهِ إِنَّهُ لَعَلَى الْحَقِّ قُلْتُ أَوَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّهُ سَيَأْتِي الْبَيْتَ وَيَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ بَلَى أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ قُلْتُ لَا قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ فَتَطُوفُ بِهِ قَالَ الزُّهْرِيُّ قَالَ عُمَرُ فَعَمِلْتُ لِذَلِكَ أَعْمَالًا قَالَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا قَالَ فَوَاللهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ فَقَامَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ وَنَحَرَ هَدْيَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ يَعْنِي فَحَلَقَهُ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللهُ ﷻ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة 10] حَتَّى بَلَغَ {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة 10] قَالَ فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَقَالَ يَحْيَى عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَدِمَ عَلَيْهِ أَبُو بَصِيرِ بْنُ أُسَيْدٍ الثَّقَفِيُّ مُسْلِمًا مُهَاجِرًا فَاسْتَأْجَرَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ رَجُلًا كَافِرًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَمَوْلًى مَعَهُ وَكَتَبَ مَعَهُمَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ يَسْأَلُهُ الْوَفَاءَ قَالَ فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ فَقَالُوا الْعَهْدَ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا فِيهِ فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَاللهِ إِنِّي لَأَرَى سَيْفَكَ يَا فُلَانُ هَذَا جَيِّدًا فَاسْتَلَّهُ الْآخَرُ فَقَالَ أَجَلْ وَاللهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ ثُمَّ جَرَّبْتُ قَالَ أَبُو بَصِيرٍ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ فَضَرَبَهُ بِهِ حَتَّى بَرَدَ وَفَرَّ الْآخَرُ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَالَ قُتِلَ وَاللهِ صَاحِبِي وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللهِ قَدْ وَاللهِ أَوْفَى اللهُ ذِمَّتَكَ قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ ثُمَّ أَنْجَانِي اللهُ مِنْهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ وَيْلُ امِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لَوْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى سِيفَ الْبَحْرِ قَالَ وَيَنْفَلِتُ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ قَدْ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ قَالَ فَوَاللهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ إِلَى الشَّامِ إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا فَقَتَلُوهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ تُنَاشِدُهُ اللهَ وَالرَّحِمَ لَمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَمَنْ أَتَاهُ فَهُوَ آمِنٌ فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيْهِمْ فَأَنْزَلَ اللهُ ﷻ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ} [الفتح 24] حَتَّى بَلَغَ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح 26] وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللهِ وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَيْتِ  

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
suyuti:4-1946bʿAli
Request/Fix translation

  

السيوطي:٤-١٩٤٦bعَنْ عَلِىٍّ

أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِهِ الْحَسَنِ كِتَابًا: مِنَ الْوَالِدِ الْفَانِى الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ، الْمُدْبِرِ الْعُمْرَ، الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ، الذَّامِّ لِلدُّنْيَا، السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَى، الظَّاعِنِ إِلَيْهِمْ عَنْهَا غَدًا إِلَى الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لَا يُدْرَكُ، السَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ، غَرَضِ الأَسْقَامِ، وَرَهينَةِ الأَيَّامِ، وَرَمِيَّةِ الْمَصَائِبِ، وَعَبْدِ الدُّنْيَا، وَتَاجِر الْغُرُورِ، وَغَرِيمِ الْمَنَايَا، وَأَسِيرِ الْمَوْتِ، وَحَليفِ الْهُمُومِ، وَقَرين الأَحْزَانِ، وَنصْبِ الآفَاتِ، وَصَرِيعِ الشَّهَوَاتِ، وَخَلِيفَةِ الأَمْوَاتِ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ فِيمَا قَدْ تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ الدُّنْيَا وَجُنُوحِ الدَّهْرِ عَلَىَّ، وَإِقْبَالِ الآخِرَةِ عَلَىَّ مَا يَزَعُنِى عَنْ ذِكْرِ مَا سِوَاىَ وَالاهْتِمامِ بِمَا وَرَائِى غَيْرَ أَنِّى حِينَ تَفَرَّدَ بِى - دُونَ هُمُومِ النَّاسِ - هَمُّ نَفْسِى، فَصَدَفَنِى رَأيِى، وَتَصَرَّفَ بِى هَوَاى، وَصَرَّحَ إِلَى مَحْضِ أَمْرِى فَأَفْضَى بِى إِلَى حَدٍّ لَا يَزْرِى به لَعِبٌ، وَصِدْقٍ لَا يَشُوبُهُ كَذِبٌ، وَجَدْتُكَ، أَىْ بُنَىَّ، مِنْ بَعْضِى، بَلْ وَجَدْتُكَ مِنْ كُلِّى حَتَّى كَأَنَّ شَيْئًا لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِى، وَكَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِى، فَعَنَانِى مِنْ أَمْرِكَ مَا عَنَانِى مِنْ نَفْسِى، فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابِى هَذَا، إِنْ أَنَا بَقِيتُ أَوْ فَنِيتُ، وَإِنِّى أُوصِيكَ يَا بُنَىَّ بِتَقْوَى الله وَلُزُومِ أَمْرِهِ، وَعِمَارَة قَلْبِكَ بِذِكْرِهِ، وَالاعْتِصَامِ بِحَبْلِه، فَهُوَ أَوْثَقُ السَّبَبِ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، يَا بُنَىَّ: أَحْيِى قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ وَمَوِّتْهُ بِالزُّهْدِ، وَقَوِّهِ بِالْيَقِينِ، وَذَلِّلْهُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ، وَكسِّرْهُ بِالْفَنَاءِ، وَبَصِّرْهُ فَجَائِعَ الدُّنْيَا، وَحَذِّرْهُ صَوْلَةَ الدَّهْرِ، وَفُحْشَ تَقَلُّبِ الأيَّامِ، وَاعْرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْمَاضِينَ، وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَسِرْ فِى دِيَارِهِمْ، وَاعْتَبرْ بِآثَارِهمْ، وَانْظُرْ مَا فَعَلُوا، وَعَمَّنِ انْتَقَلُوا، وَأَيْنَ حَلُّوا؛ فَإِنَّكَ تَجِدُهُم انْتَقَلُوا عَنِ الأَحِبَّةِ، وَحَلُّوَا دَارَ الْغُرْبَةِ، وَكَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ كأَحَدِهِمْ فَأَصْلِحْ مَثْوَاكِ، وَاحْرِزْ آخرَتَكَ، وَدَعِ الْقَوْلَ فيمَا لَا تَعْرِفُ، وَالدُّخُولَ فِيمَا لَا تُكَلَّفُ، وَأَمْسِكْ عَنِ السَّيْرِ إِذَا خِفْتَ ضَلَالَةً فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرةِ الضَّلَالَةِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الأَهْوَالِ، وَأمُرْ بِالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنْكِرِ الْمُنْكَرَ بِيَدِكَ وَلِسَانِكَ، وبَايِنْ مِنْ فعْلِهِ بِجُهْدِكَ، وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ، وَتَفَقَّهْ فِى الدِّينِ، وَعَوِّدْ نَفْسَكَ الصَّبْرَ عَلَى الْمَكْرُوهِ، وَأَلْجِئْ نَفْسَكَ فِى الأُمُورِ كُلِّهَا إِلَى الله، فَإنَّكَ تُلْجِئُهَا إِلَى كهْفٍ حَرِيزٍ، وَمَانِعٍ عَزِيزٍ، وَأَخْلِصْ فِى الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ، فَإِنَّ بِيَدِه الْعَطَاءَ وَاَلْحِرْمَانَ، وَأَكْثِرِ الاسْتِخَارَةَ، وَتَفَهَّمْ وَصِيَّتِى، لَا تَذْهَبَنَّ عَنْكَ صَفْحًا، أَىْ بُنَىَّ: إنِّى لَمَّا رَأَيْتُنِى قَدْ بَلَغْتُ سِنّا وَرَأَيْتُنِى ازْدَدْتُ وَهنًا بَادَرْتُ بِوَصِيَّتِى إِيَّاكَ خِصَالًا مِنْهُنَّ أَنْ يُعَجَّلَ بِى أَجَلٌ قَبْلَ أَنْ أَقْضِىَ إِلَيْكَ مَا فِى نَفْسِى، وَأَنْقُصُ فِى رَأيى كَمَا نَقَصْت فِى جسْمِى أَوْ يَسْبِقُنِى إِلَيْكَ بَعْضُ غَلَبَةِ الْهَوَى وَفِتَنِ الدُّنْيَا، فَتَكُونُ كَالصَّعْبِ النَّفُورِ، وَإِنَّمَا قَلْبُ الْحَدَثِ كَالأَرْضِ الْخَالِيَةِ مَا أُلْقِى فِيهَا مِنْ شَئٍ قَبِلَتْهُ، فَبَاكَرْتُكَ بالأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقُسُوَ قَلْبُكَ وَيَشْتَغِلَ لُبُّكَ، لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأيِكَ مَا قَدْ كَفَاكَ (أَهْلُ التَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَتَجْرِبَتَهُ) فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مُؤْنَةَ الطَّلَبِ، وَعُوفِيتَ مِنْ عِلَاجِ التَّجْرِبَةِ، فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأتِيهِ، وَاسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أُظلَمَ عَلَيْنَا فِيهِ، أَىْ بُنَىَّ: إِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ

كَانَ قَبْلِى فَقَدْ نَظَرْتُ فِى أَعْمَارِهِمْ وَفَكَّرْتُ فِى أَخْبَارِهِمْ، وَسِرْتُ فِى آثَارِهِمْ حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ، بَلْ كَأَنِّى لِمَا قَدْ انْتَهَى (*) إِلَىَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمَّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ، فعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ، وَنَفْعَهُ مِنْ ضَرَرِهِ، فَاسَتَخْلَصْتُ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَحِيلَتَهُ، وَتَوَخَّيْتُ لَكَ جَمِيلَهُ، وَصَرفْتُ عَنْكَ مَجهُولَهُ، وَرَأَيْتُ عِنَايَتِى بكَ وَاجِبَةً عَلَىَّ، فَجَمَعْتُ لَكَ مَا إِنْ فَهِمْتَهُ أَدَّبَكَ، فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَأَنْتَ مُقْبِلٌ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالْيَقِينَ، فَعَلَيْكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ الله وَتَأوِيلِهِ، وَشَرَائِعِ الإِسْلَامِ وَأَحْكَامِهِ، وَحلَالِهِ وَحَرامِهِ، لَا تُجَاوِزْ ذَلِكَ قَبْلَهُ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ أَشْفَقْتَ أَنْ تَلْبَسَكً شُبْهَةٌ لمَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَهْوَائِهِمْ وَرَأيِهِمْ مِثْلَ الَّذِى لبسهم فتقصد فِى تَعْلِيمِ ذَلِكَ بِلُطْفٍ يَا بُنَىَّ، وَقدِّمْ عِنَايَتَكَ فِى الأَمْرِ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ نَظَرًا لِدِينِكَ لَا مُمَارِيًا وَلَا مُفَاخِرًا، وَلَا طَلبًا لعَرَضِ عَاجِلَتِكَ، فَإِنَّ الله يُوَفِّقُكَ لِرُشْدِكَ، وَيَهْدِيكَ لِقَصْدِكَ، فأَقْبَلْ عَهْدِى إِلَيْكَ، وَوَصِيَّتِى لَكَ، وَاعْلَمْ يَا بُنَىَّ أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِهِ مِنْ وَصِيَّتِى تَقْوَى الله وَالاقْتَصَارُ عَلَى مَا افْتَرَضَ الله عَلَيْكَ، والأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْكَ أَوْ لَكَ مِنْ آبَائِكَ، وَالصَّالِحين مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوا أَنْ يَنْظُرُوا لأَنْفُسِهِمْ عَمَّا أَنْتَ نَاظِرٌ، وَفَكَّرُوا كَمَا أَنْتَ مُفَكِّرٌ، ثُمَّ رَدَّهُمْ ذَلِكَ إِلَى الأَخْذِ بِما عَرَفُوا، وَالإِمْسَاكِ عَمَّا لَمْ يُكَلَّفُوا، فَإِنْ أَبَتْ نَفْسُكَ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ مَا عَمِلُوا، فَيَكُونُ طَلَبُكَ ذَلِكَ بِتَعْلِيمٍ وَتَفَهُمٍ وَتَدَبُّرٍ، لَا بِتَوَارُدِ الشَّبُهَاتِ وَعِلْم الْخُصُومَاتِ، وَابْدَأ بِعَمَلِ نَظَرِكَ فِى ذَلِكَ بِالاسْتِعَانَةِ بِإِلَهِكَ عَلَيْهِ، وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ، وَاحْذَرْ كُلَّ شَائِبَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَيْكَ شُبْهَةً، وَأَسْلَمَتْكَ إِلَى ضَلَالَةٍ، فإِذَا أيْقَنْتَ أَنْ قَدْ صَفَا قَلْبُكَ فَخَشَعَ، وَتَمَّ رَأيُكَ فَاجْتَمَعَ، كَانَ هَمُّكَ فِى ذَلِكَ هَمّا وَاحِدًا، فَانْظُرْ فِيمَا فَسَّرْتُ لَكَ، وَإِنْ أَنْتَ لَمْ يَجْتَمِعْ لَكَ مَا تُحِبُّ مِنْ فَرَاغِ نَظَرِكَ فَاعْلَمْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَخْبطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ، وَلَيْسَ مِنْ طَالِبٍ لِدِينٍ مَنْ خَبَطَ وَلَا خَلَطَ، وَالإِمْسَاكُ عِنْدَ ذَلِكَ أَمْثَلُ، وَإِنَّ أَوَّلَ مَا أَبْدَؤُكَ بِهِ فِى ذَلِكَ وآخِرَهُ أَنِّى أَحْمَدُ الله إِلَهِى وَإِلهَكَ، إِلَهَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، رَبَّ مَنْ فِى السَّموَاتِ وَمَنْ فِى الأَرَضِينَ بِمَا هُمْ أَهْلُهُ، وَكَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَكَمَا يُحِبُّ وَيَنْبَغِى لَهُ، وَأَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَى نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ وَأَنْ يُتِمَّ عَلَيْنَا نِعَمَهُ لِمَا وَفَّقَنَا مِنْ مَسْأَلَتِهِ، وَالإِجَابَةِ لَنَا، فإِنَّ بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، اعْلَمْ أَىْ بُنَىَّ: أَنَّ أَحَدًا لَمْ يُنْبِئْ عَنِ الله - ﷻ - كَمَا نَبَّأَ مُحَمَّدٌ ﷺ فَارْضَ بِهِ رَائِدًا ، فَإِنِّى لَمْ آلُكَ نَصِيحَةً، وَلَنْ تَبْلُغَ فِى ذَلِكَ وَإِنِ اجْتَهَدْتَ مَبْلَغِى فِى ذَلكَ لِعِنَايتى وطُولِ تَجْرِبَتِى، وَإِنَّ نَظَرِى لَكَ كَنَظَرِى لِنَفْسِى، اعْلَمْ أَنَّ الله وَاحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَا يَضَادُّهُ فِى مُلْكِهِ أَحَدٌ، وَلاَ يَزُولُ وَلَمْ يَزَلْ، أَوَّلٌ قَبْلَ الأَشْيَاءِ بِلَا أَوَّلِيَّةٍ، وآخِرٌ بِلَا نِهَايَةٍ، حَكِيمٌ عَلِيمٌ، قَدِيمٌ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، فَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَافْعَلْ كَمَا يَنْبَغِى لِمِثْلِكَ فِى صِغَرِ خَطَرِهِ وَقِلَّةِ مَقْدِرَتِهِ، وَكَثْرَةِ عَجْزِهِ، وَعَظِيمِ حَاجَتِهِ إِلَى ربِّكَ، فَاسْتَعِنْ بِإِلَهِكَ فِى طَلَبِ حَاجَتِكَ، وَتَقَرَّب إِلَيْهِ بِطَاعَتِكَ، وَارْغَبْ إِلَيْهِ بِقُدْرَتِهِ، وَارْهَبْ مِنْهُ لِرُبُوبِيَّتِهِ، فَإِنَّهُ حَكِيمٌ لَمْ يَأمُرْكَ إِلَّا بِحَسَنٍ، وَلاَ يَنْهَاكَ إِلَّا عَنْ قَبِيحٍ، اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَانًا بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، وَأَحِبَّ لِغَيْرِكَ مَا تُحبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَه لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَلَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ، بَلْ أَقْلِلْ مِمَّا تَعْلَمُ، وَلاَ تَقُلْ مَا لَا تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ، اعْلَمْ يَا بُنَىَّ؛ أَنَّ الإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ، وآفَةُ الأَلْبَابِ، فَاسْعَ فِى كَدْحِكَ، وَلَا تَكُنْ خَازَنًا لِغَيْرِكَ، فَإِذَا هُدِيتَ لِقَصْدكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ طَرِيقًا ذَا مَشَقَّةٍ بَعيدَةٍ وَأَهْوَالٍ شَدِيدَةٍ، وإِنَّكَ لَا غِنَى بِكَ عَنْ حُسْنِ الارْتِيَادِ، وَقَدِّرْ بَلَاغَكَ مِنَ الزَّادِ مَعَ خفَّةِ الظَّهْرِ، فَلَا تَحْمِلَنَّ عَلَى ظَهْرِكَ فَوْقَ طَاقَتِكَ، فَيَكُونَ ثِقَلُه وَبَالًا عَلَيْكَ، وَإِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ وَيُوَافِيكَ بِهِ حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْه فَاغْتَنِمْهُ، واغْتَنِمْ مَا أَقْرَضْتَ مَن اسْتَقْرَضَكَ فِى حَالِ غِنَاكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَمَامَكَ عَقَبَةً كَؤُدًا مَهْبَطُهَا عَلَى جَنَّةٍ أَوْ عَلَى نَارٍ، فَارْتَدْ لِنَفْسِكَ قبْلَ نُزُولِكَ، فَلَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْتَعْتَبٌ وَلَا إِلَى الدُّنْيَا مُنْصَرَفٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِى بِيَدِهِ خَزَائِنُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ قَدْ أَذِنَ لَكَ في الدُّعَاءِ وَضَمِنَ الإِجَابَةَ، وَأَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ فَيُعْطِيَكَ، وَتَطْلُبَ إِلَيْهِ فَيُرْضِيَكَ، وَهُوَ رَحِيمٌ لِمَ تَجْعَلُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ حِجابًا، وَلَمْ يُلْجئْكَ إِلَى مَنْ تَشَّفَّعُ بِهِ إِلَيْه، وَلَمْ يَمْنَعْكَ إِنْ أَسَأتَ التَّوْبَةَ، وَلَمْ يُعَاجِلْكَ بِالنِّعْمَةِ، ولَمْ يُؤْيِبْكَ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَلَمْ يَسُدَّ عَلَيْكَ بَابَ التَّوْبَةِ، وَجَعَلَ تَوْبَتَكَ النُّزُوعَ عَن الذَّنْبِ، وَجَعَلَ سَيَّئَتَكَ وَاحِدَةً، وَجَعَلَ حَسَنَتَكَ عَشْرًا، إِذَا نَادَيْتَهُ أَجَابَكَ، وَإِذَا نَاجَيْتَهُ عَلِمَ نَجْوَاكَ، فأَفْضَيْتَ إِلَيْه بِحَاجَتِكَ وَأَبْثَثْتَهُ ذَاتَ نَفْسِكَ، وَشَكَوْتَ إِلَيْهِ هُمُومَكَ، وَاسْتَعَنْتَهُ عَلَى أَمُورِكَ، وَسَأَلْتَهُ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ الَّتِى لَا يَقْدرُ عَلَى إِعْطَائِهَا غَيْرُهُ مِنْ زِيَادَةِ الأَعْمَارِ، وَصِحَّةِ الأَبْدَانِ، وَسعَةِ الرِّزْقِ، وَتَمَامِ النَّعْمَةِ، فَأَلْحِحْ فِى الْمَسْأَلَةِ، فَبِالدُّعَاءِ تَفْتَحُ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَلَا يُقنِّطْكَ إِبْطَاءُ إِجَابَتِهِ، فَإِنَّ العَطَيَّةَ عَلَى قَدْرِ النِّيَّةِ، فَرُبَّمَا أُخِّرَتِ الإِجَابَةُ لِتَطُولَ مَسْأَلَةُ السَّائِلِ فَيَعْظُمَ أَجْرُهُ، وَيُعْطَى سُؤْلَهُ وَرُبَّمَا ادُّخِر ذَلِكَ لَهُ لِلآخِرَةِ فَيُعْطَى أَجْرَ تَعَبُّدِهِ، وَلَا يَفْعَلُ بِعَبْدِهِ إِلَّا مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ فِى الْعَاجلَةِ وَالآجِلَةِ، ولَكِنْ لَا يَجِدُ لُطْفَهُ أَحَدٌ، وَلَا يَعْرِفُ دَقَائِقَ تَدْبِيرِهِ إِلَّا المُصْطَفَوْنَ، وَلْتَكُنْ مَسْأَلَتُكَ لِمَا يَبْقَى وَيَدُومُ فِى صَلَاحِ دُنْيَاكَ وَتَسْهِيلِ أَمْرِكَ وَشُمُولِ عَافيَتِكَ، فإِنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، اعْلَمُ، أىْ بُنىَّ، أَنَّكَ خُلِقْتَ لِلآخِرَةِ لَا لِلدُّنْيَا، وَلِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ، وَأَنَّكَ فِى مَنْزِلِ قُلْعَةٍ وَدَارِ بُلْغَةٍ، وَطَرِيقِ الآخِرَةِ، وَأَنَّكَ طَرِيدَةُ الْمَوْتِ الَّذِى لَا يَنْجُو مِنْهُ هَارِبُهُ، وَلَا يَفُوتُهُ طَالِبُهُ، فَاحْذَرْ أَنْ يُدْرِكَكَ وَأَنْتَ عَلَى حَالٍ سَيَّئَةٍ، وَأَعْمَالٍ مُرْدِيَةٍ فَتَقَعَ فِى نَدَامَةِ الأَبَدِ، وَحَسْرَةٍ لَا تَنْفَدُ، فَتَفْقِدَ دِينَكَ لِنْفسِكَ، فَدِينُكَ لَحْمُكَ وَدَمُكَ وَلَا يُنْقِذُك غَيْرُهُ، أَىْ بُنَىَّ: أَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ وَذِكْرَ مَا تَهْجُمُ عَلَيْهِ وَتُفْضِى بَعْدَ المَوْتِ إِلَيْهِ، وَاجْعَلْهُ نُصْبَ عَيْنِكَ حَتَّى يَأتِيَكَ وَقَدْ أَخَذْتَ لَهُ حِذْرَكَ، وَلَا يَأتِيكَ بَغْتةً فَيُبْهِرَكَ، وَأَكْثِرْ ذِكْرَ الآخرَةِ وَذِكْرَ نَعيمِهَا وَحُبُورِهَا وَسُرُورِهَا وَدَوَامِهَا وَكَثْرَةِ صُنُوفِ لَذَّاتِهَا وَقِلَّةِ آفَاتِهَا إِذَا سَلِمَتْ، وَفَكِّرْ فِى أَلْوَانِ عَذَابِهَا، وَشِدَّةِ غُمُومِهَا وَأَصْنَافِ نَطَالِهَا، إِنْ أَنْتَ تَيَقَّنْتَ، فإِنَّ ذَلِكَ يُزَهِّدكَ فِى الدُّنْيَا، وَيُرَغِّبُكَ فِى الآخِرَةِ، وَيُصَغِّرُ عِنْدَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا وَغُرُورَهَا وَزَهْوَتَهَا، فَقَدْ نبَّأَكَ الله عَنْهَا وَبَيَّنَ أَمْرَهَا وَكشَفَ عَنْ مَسَاوِئِهَا، فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلَادِ أَهْلِهَا إِلَيْهَا، وَتَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا كَكِلَابٍ عَاوِيَةٍ وَسِبَاعٍ ضَارِيَةٍ، يَهِرُّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَيَقْهَرُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا، وَكَثِيرُهَا قَلِيلَهَا، قَدْ أَضَلَّتْ أَهْلَهَا عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، وَسَلَكَتْ بِهِمْ طَرِيقَ العَمَى، وَأَخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنْهَجِ الصَّوَابِ، فَتَاهُوا فِى حَيْرَتِهَا، وَغَرِقُوا فِى فِتْنَتِهَا، واتَّخَذُوهَا رِيَاءً فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَلَعِبُوا بِهَا، وَنَسُوا مَا وَرَاءَهَا، فإِيَّاكَ يَا بُنَىَّ: أَنْ تَكُونَ مِثْلَ مَنْ قَدْ شَانَتْهُ بِكَثْرَةِ عُيُوبِهَا! أَىْ بُنَىَّ: إِنَّكَ إِنْ تَزْهَدْ فِيمَا قَدْ زَهَّدْتُكَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَتُعْرِضْ نَفْسَكَ عَنْهَا فَهِىَ أَهْلُ ذَاكَ، فَإنْ كُنْتَ غَيرَ قَابِلٍ نُصْحِى إِيَّاكَ مِنْهَا فَاعْلَمْ يقِينًا أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ، وَلَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ، فَإِنَّكَ فِى سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ، فأَجْمِلْ فِى الطَّلَبِ، وَاعْرفْ سَبِيلَ المُكْتَسَبِ فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جرَّ إِلى حَرْبٍ، وَليْسَ كُلُّ طَالِبٍ يُصِيبُ، وَلَا كُلُّ غَائِبٍ يَؤُوبُ، وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ رِيبَةٍ وَإِنْ سَاقَتْكَ، إِيَّاكَ أَنْ تَعْتَاضَ بمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسكَ عِوَضًا، وَقَدْ جَعَلَكَ الله بِهِ حُرّا، وَمَا مَنْفَعَةُ خَيْرٍ لَا يُدْرَكُ بالْيَسِيرِ، وَيَسِيرٍ لَا يُنَالُ إِلَّا بِالْعَسِيرِ، وَإيَّاكَ أَنْ تَرْجُفَ بِكَ مَطَايَا الطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ، وَإِن اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَكُونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الله ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ، فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ، وآخِذٌ سَهْمَكَ، وَإِنَّ الْيَسِيرَ مِنَ الله أَعْظَمُ وَأَكْرَمُ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنَ الله ولله الْمَثَلُ الأَعْلَى، وَاعْلَمْ أَنَّ لَكَ فِى يَسِيرٍ مِمًّا تَطْلُبُ فَتَنَال مِنَ الْمُلُوكِ افْتِخارًا، وَبَيْعُ عِرْضِكَ وَدِينِكَ عَلَيْكَ عَارٌ، فَاقْتَصِدْ فِى أَمْرِكَ تَحْمِدْ بَعْضَ عَقْلِكَ، إِنَّكَ لَسْتَ بَائِعًا شَيْئًا مِنْ عِرْضِكَ وَدِينِكَ إِلَّا بِثَمَنٍ، وَالْمَغُبُونُ مَنْ حُرِمَ نَصِيبَهُ مِنَ الله، فَخُذْ مِنَ الدُّنْيَا مَا أَتَاكَ، وَتَوَلَّ عَمَّا تَولَّى عَنْكَ فإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فأَجْمِلْ فِى الطَّلَبِ، وَإِيَّاكَ وَمُقَارَبَةَ مَنْ يَشينُكَ وَتَبَاعَدْ مِنَ السُّلْطَانِ، وَلَا تَأمَنْ خِدَعَ الشَّيْطَانِ، وَمَتَى مَا رَأَيْتَ مُنْكَرًا مِنْ أَمْرِكَ فَأَصْلِحْهُ بِحُسْنِ نَظَرِكَ، فإِنَّ لِكُلِّ وَصْفٍ صِفَةً، وَلِكُلِّ قَوْلٍ حَقِيقَةً، وَلِكُلِّ أَمْرٍ وَجْهًا، يَنَالُ الأَرِيبُ فِيهِ رُشْدَهُ، ويُهْلِكُ الأَحْمَقُ بِتَعَسُّفِهِ فِيهِ نَفْسَهُ، يَا بُنَىَّ: كَمْ قَدْ رَأَيْتُ مَنْ قِيلَ لَهُ تُحِبُّ أَنْ تُعْطَى الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا مِائَةَ سَنَةٍ بِلَا آفَةٍ وَلَا أَذًى، لَا تَرَى فِيهَا سُوءًا وَيَكُون آخِرُ أَمْرِكَ عَذَابَ الأَبَدِ فَلَا يَقَعُ فِيها وَلَا يُرِيدُهَا، وَرَأَيْتُهُ قَدْ أَهْلَكَ دِينَهُ وَنَفْسَهُ بِالْيَسِيرِ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا، وَهَذَا مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ وَحبَائلِهِ، فَاحْذَرْ مَكِيدَتَهُ وَغُرُورَهُ، يَا بُنَىَّ: أَمْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلَا تَنْطِقْ فِيمَا تَخَافُ الضَّرَرَ فِيهِ، فإِنَّ الصَّمْتَ خَيْرٌ مِنَ الْكَلَامِ فِى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ، وَتَلافِيك مَا فَرطَ مِنْ هِمَّتِكَ أَيْسَرُ مِنْ إِدْرَاكِكَ مَا فَاتَ مِنْ مَنْطِقِك، وَاحْفَظْ مَا فِى الْوِعَاءِ بِشَدِّ الْوِكَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّ حِفْظَ مَا فِى يَدِكَ خَيْرٌ مِنْ طَلَبِ مَا فِى يَد غَيْرِكَ، وَحُسْنَ التَّدْبِيرِ مَعَ الْكَفَافِ أَكْفَى لَكَ مِنَ الْكَثِيرِ فِى الإِسْرَافِ، وَحُسْنَ الْيَأسِ خَيْرٌ مِنَ الطَّلَبِ إِلَى النَّاسِ، يَا بُنَىَّ: لَا تُحَدِّثْ عَنْ غَيْرِ ثِقَةٍ فَتَكُونَ كَذَّابًا، وَالْكَذِبُ دَاءٌ فَجَانِبْهُ وَأَهْلَهُ، يَا بُنَىَّ: الْعِفَّةُ مَعَ الشِّدَّةِ خَيْرٌ مِنْ الْغِنَى مَعَ الْفُجُورِ، مَنْ فَكَّرَ أَبْصَرَ، وَمَنْ كَثُرَ خَطَاؤُهُ هُجِرَ، رُبَّ مُضَيِّعٍ مَا يَسُرُّهُ وَسَاعٍ فِيمَا يَضُرُّهُ، مِنْ خَيْرِ حَظِّ الْمَرْءِ قَرِينٌ صَالِحٌ، فَقَارِنْ أَهْلَ الْخَيْرِ تَكُنْ مِنْهُمْ، وَبَايِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ مِنْهُمْ، وَلَا يَغْلِبَنَّ عَلَيْكَ سُوءُ الظَّنِّ، فَإنَّهُ لَنْ يَدعَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ خَلِيلٍ صُلْحًا، قَدْ يُقَالُ: مِنَ الْحَزْمِ سُوءُ الظَّنِّ وَبِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ، وَظُلْمُ الضَّعيفِ أَفْحَشُ الظُّلْمِ، الْفَاحِشَةُ تَقْصِمُ الْقَلْبَ، إِذَا كَانَ الرِّفْقُ خَرْقًا كَانَ الْخَرْقُ رِفْقًا، وَرُبَّما كَانَ الدَّاءُ دَواءً، والدَّوَاءُ دَاءً، وَرُبَّمَا نَصَحَ غَيْرُ النَّاصِحِ، وَغَشَّ الْمُنْتَصِحُ، إِيَّاكَ وَالاتِّكَالَ عَلَى الْمُنَى فَإِنَّهَا بَضَائِعُ النَّوكَى ذَكِّ قَلْبَكَ بِالأَدَبِ كَمَا تُذَكِّى النَّارُ الْحَطَبَ، وَلَا تَكُنْ كحَاطِبِ اللَّيْلِ وَغُثَاءِ السَّيْلِ، كُفْرُ النِّعْمَةِ لُؤْمٌ، وَصُحْبَةُ الْجَاهِلِ شُؤْمٌ، وَالْعَقْلُ حِفْظُ التَّجَارُبِ، وَخَيْرُ مَا جَرَّبْتَ مَا وَعَظَكَ، وَمِنَ الْكَرَمِ لِينُ الشِّيَمِ، بَادِرِ الْفُرْصَةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ غُصَّةً، وَمِنَ الْحَزْم الْعَزْمُ، وَمِنْ سَبَبِ الْحِرْمَانِ التَّوَانِى، وَمِنَ الْفَسَادِ إِضَاعَةُ الزَّادِ وَمَفْسَدَةُ الْمَعَادِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ عَاقِبَةٌ، وَرُبَّ مُشِيرٍ بِمَا يَضُرُّ، لَا خَيْرَ فِى مُعِينٍ مَهِينٍ، وَلَا فِى صَدِيقٍ ظَنِينٍ، لَا تَدَعِ الطَّلَبَ فِيمَا يَحِلُّ وَيَطيبُ، فَلَا بُدَّ مِنْ بُلغَةٍ، وَسَيَأتِيكَ مَا قُدِّرَ لَكَ، التَّاجِرُ مُخَاطِرٌ، مَنْ حَلِمَ سَادَ، مَنْ تَفَهَّمَ ازْدَادَ، وَلِقَاءُ أَهْلِ الْخَيْرِ عِمَارَةُ الْقُلُوبِ، سَاهِلْ مَا ذَلَّ لَكَ بِقُوَّةٍ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَجْمَحَ بِكَ مَطِيَّةُ اللَّجَاجِ، وَإِنْ قَارَفْتَ سيِّئَةً فَعَجِّلْ مَحْوَهَا بِالتَّوْبَةِ، وَلَا تَخُنْ مَن ائْتَمَنَكَ وَإنْ خَانَكَ، وَلَا تُذِعْ سِرَّهُ وَإِنْ أذَاعَ سِرَّكَ، خُذْ بِالْفضْلِ وَأَحْسِنِ الْبَذْلَ، وَأَحْبِبْ للِنَّاسِ الْخَيْرَ، فإِنَّ هَذِهِ مِنَ الأَخْلَاقِ الرَّفِيعَةِ، وَإِنَّكَ قَلَّ مَا تَسْلَمُ مِمَّنْ تَسَرَّعْتَ إِلَيْهِ، وَكَثيرًا مَا تَحْمَدُ مَنْ تَفَضَّلْتَ عَلَيْهِ، اعْلَمْ أَىْ بُنَىَّ أَنَّ مِنَ الْكَرَمِ الْوَفَاءَ بِالذِّمَمِ وَالدَّفْعَ عَن الْحُرمِ. وَالصُّدُودُ آيَةُ الْمَقْتِ، وَكَثْرَةُ الْعِلَلِ آيَةُ الْبُخْلِ، وَبَعْضُ الإِمْسَاكِ عَنْ أَخِيكَ مَعَ لُطْفٍ خَيْرٌ مِنَ الْبَذْلِ، وَعِنْدَ تَبَاعُدِهِ عَلَى الدُّنُوِّ، وَعِنْدَ شِدَّتِهِ عَلَى اللِّينِ، وَعِنْدَ تَجَرُّمِهِ عَلَى الاعْتِذَارِ، حَتَّى كَأَنَّكَ لَهُ عَبْدٌ، وَكَأَنَّهُ ذُو نِعْمَةٍ عَليْكَ، وَلَا تَضَعْ ذَلِكَ فِى غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَلَا تَفْعَلْهُ بِغَيْرِ أَهلِهِ، وَلَا تَتَّخِذْ مِنْ عَدُوِّ صَدِيقكَ صَدِيقًا فَتُعَادِىَ صَدِيقَكَ، وَلَا تَعْمَلْ بِالْخَدِيعَةِ فإنَّهَا أَخْلَاقُ اللِّئَامِ، وامْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ، حَسَنَةً كَانَتْ أَمْ قَبِيحَةً، وَسَاعِدْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَزُلْ مَعَهُ حَيْثُ زَالَ، وَلَا تَطْلُبَنَّ مِنْهُ الْمُجَازَاةَ، فَإِنَّهَا مِنْ شِيَمِ الدَّنَاءَةِ، وَخُذْ عَلَى عَدُوِّكَ بِالْفَضْلِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى لِلظَّفَرِ، لَا تَصْرِمْ أَخَاكَ عَلَى ارْتِيَابٍ، وَلَا تَقْطعْهُ دُونَ اسْتِعْتَابٍ، وَلِنْ لِمَنْ غَالَظَكَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَلِينَ لَكَ، مَا أَقْبَحَ الْقَطِيعَةَ بَعْدَ الصِّلَةِ، وَالْجَفَاءَ بَعْدَ اللُّطْفِ، وَالْعَدَاوَةَ بَعْدَ الْمَوَدَّةِ، وَالْخِيَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَكَ، وَخُلْفَ الظَّنِ لِمَنْ ارْتَجَاكَ، وَالْغَرَرَ بِمَنْ وثِقَ بِكَ، وَإِنْ أَرَدْتَ قَطِيعَةَ أَخِيكَ فَاسْتَبْقِ لَهُ مِنْ نَفْسِكَ بَقِيَّةً، وَمَنْ ظَنَّ بِكَ خَيْرًا فَصَدِّقْ ظَنَّهُ، وَلَا تُضيِّعَنَّ بِرَّ أَخِيكَ اتَّكَالًا عَلى مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ بِأَخٍ مَنْ أَضَعْتَ حَقَّهُ، لَا تَكُونَنَّ لأَهْلِكَ أَشْقَى النَّاسِ بِكَ ، وَلَا تَرغَبَنَّ فِيمَنْ زَهِدَ فِيكَ، وَلَا تَزْهَدَنَّ فِيمَنْ رغِبَ إِلَيْكَ إِذَا كَانَ لِلْخَلْطِ مَوْضعًا، لَا يَكُونَنَّ أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته لا تكونن عَلَى الإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الْفَضْلِ، لَا يَكْثُرَنَّ عَلَيْكَ ظُلْمُ مَنْ ظلَمَكَ فَإِنَّهُ يَسْعَى فِى مَضَرَّتِهِ وَنَفْعِكَ، وَلَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَهُ، اعْلَمْ أَىْ بُنَىَّ: أَنَّ الرِّزْقَ رِزْقَانِ: رِزْقٌ تَطْلُبُهُ وَرِزْقٌ يَطْلُبُكَ، فإِنْ لَمْ تَأَتِهِ أَتَاكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّهْرَ ذُو صُرُوفٍ فلا تَكُونَنَّ مِمَّنْ يَسُبُّكَ لاعنةً للدَّهْرِ، وَمَحْفَلًا عِنْدَ النَّاسِ عُذرُهُ، مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَالْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَى، إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِهِ مَثْوَاكَ، فَأَنْفِقْ يُسْرَكَ، وَلَا تَكُنْ خَازنًا لِغَيْرِكَ، فإِنْ كُنْتَ جَازِعًا ممَّا تَفَلَّتَ مِنْ يَديْكَ فَاجْزَعْ عَلَى مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ، اسْتَدِلَّ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ، فَإِنَّ الأُمُورَ أَشْبَاهٌ يُشْبِهُ بِعْضُهَا بَعْضًا، وَلَا تَكْفُرَنَّ ذَا نِعْمَةٍ، فَإنَّ كُفْرَ النِّعْمَةِ مِنْ قِلَّةِ الشُّكْرِ وَلُؤْمِ الْخُلُقِ، وَأَقْلِلِ الْعُذْرَ، وَلَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا تَنْفَعُهُ الْعِظَةُ إِلَّا إِذَا بالَغْتَ فِى الْمَلَامَةِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالْقَلِيلِ، وَالْبَهَائِمُ لَا تَنْتَفِعُ إِلَّا بِالضَّرْبِ، وَاتَّعِظْ بِغَيْرِكَ، وَلَا يَكُونَنَّ غَيْرُكَ مُتَعِّظًا بِكَ، وَاحْتَذِ بِحِذَاءِ الصَّالِحِينَ، وَاقْتَدِ بِآدَابِهِمْ، وَسِرْ بسِيرَتِهِمْ، وَاعْرفِ الْحَقَّ لِمَنْ عَرَفَهُ لَكَ رَفِيعًا كَانَ أَوْ وَضِيعًا، وَاطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُوَمِ بعَزَائِمِ الصَّبْرِ، مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ جَارَ، نعْمَ حَظُّ الْمَرْءِ الْقَنَاعَةُ، شرُّ مَا أَشعَرَ قَلْبَ الْمَرْءِ الْحَسَدُ، وَفِى الْقُنُوطِ التَّفْرِيطُ، وَفِى الْخَوفِ مِنَ الْعَوَاقِبِ السَّعْىُ، الْحَسَدُ لَا يَجْلِبُ إِلَّا مَضَرَّةً وَغَيْظًا يُوهِنُ فِى قَلْبِكَ وَيُمْرِضُ جِسْمَكَ فَاصْرِفْ عَنْكَ الْحَسَدَ تَغْنَمْ، وأَنْقِ صَدْرَكَ مِنْ الْغِلِّ تَسْلَمْ، وَارْجُ الَّذِي بِيَدِهِ خَزَائِنُ الأَرْضِ وَالأَقْوَاتِ والسَّمَاوَاتِ، وَسَلْهُ طَيِّبَ الْمَكَاسِبِ تَجِدْهُ مِنْكَ قَرِيبًا وَلَكَ مُجِيبًا، الشُحُّ يَجْلِبُ الْمَلَامَةَ، وَالصَّاحِبُ الصَّالِحُ مُنَاسِبٌ، وَالصَّدِيقُ مَنْ صَدَقَ غَيْبُهُ، وَالْهَوَى شَرِيكُ الْعَمَىَ، وَمِنَ التَّوْفِيقِ سَعَةُ الرِّزْقِ، نِعْمَ طَارِدُ الْهُمُومِ الْيَقِينُ، وَفِى الصِّدْقِ النَّجَاةُ، عَاقِبَةُ الْكَذِبِ شَرُّ عَاقِبَةٍ، رُبَّ بَعِيدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ، وَقَرِيبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِيدٍ، وَالْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبِيبٌ، مَنْ تَعَدَّى الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُهُ، مَن اقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِهِ كَانَ أَبقَى له ونعم الخلق وأوثق العرى التقوى من أعتبك قد هَوَى، وَقَدْ يَكُونُ الْيَأسُ إِدْرَاكًا إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلَاكًا، كَمْ مِنْ مُرِيب قَدْ شَقِىَ بِهِ غَيْرُهُ وَنَجَا هُوَ مِنَ الْبَلَاءِ، جَانِيكَ مَنْ يَجْنِى عَلَيْكَ، وَقَدْ تُعْدِى الصِّحَاحَ مَبَارِكُ الْجُرْبِ، وَلَيْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ، رُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِيرُ قَصْدَهُ، وَأَصَابَ الأَعْمَى رُشْدَهُ، لَيْسَ كُلُّ مَنْ طَلَبَ وَجَدَ، وَلَا كُلُّ مَنْ تَوَقَّى نَجَا، أَخِّر الشَّيْءَ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ عَجَّلْتَهُ، أَحْسِنْ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، احْتَمِلْ أَخَاكَ عَلَى كُلِّ مَا فِيهِ وَلَا تُكْثِر الْعِتَابَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الضَّغِينَةَ، وَيَجُرُّ إِلَى الْمَغْضَبَةِ، وَكَثْرَتُهُ مِنْ سُوءِ الأَدَبِ، اسْتَعْتِبْ مَنْ رَجَوْتَ صَلَاحَهُ، قَطِيعَةُ الْجَاهِلِ صِلَةُ الْعَاقِلِ، مَنْ كَابَدَ الْحُرِّيَّةَ عَطِبَ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ زَمَانَهُ حرب، مَا أَقْرَبَ النِّقْمَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَغْىِ وَأَخْلَق مَنْ عَذَرَ أَنْ لَا يُوَفَّى لَهُ، زَلَّةُ الْعَالِمِ أَقْبَحُ زَلَّةٍ، وَعِلَّةُ الْكَذَّابِ أَقْبَحُ عِلَّةٍ، الْفَسَاد يُبِيدُ الْكَثِيرَ، وَالاقْتِصَادُ يُثْمِرُ الْقَلِيلَ، وَالْقِلَّةُ ذِلَّةٌ، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ أَكْرَمُ الطَّبَائِعِ، وَالْخَوْفُ شَرُّ لِحَافٍ، وَالزَّلَلُ مَعَ الْعَجلَةِ، لَا خَيْرَ فِى لَذَّةٍ تعقب ندامة والعاقل من وعظته  

وكيع، والعسكرى في المواعظ
suyuti:4-1947bYaḥyá b. ʿAbdullāh b. al-Ḥasan from his father
Request/Fix translation

  

السيوطي:٤-١٩٤٧bعَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْد الله بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ

"كَانَ عَلِىٌّ يَخْطُبُ فَقَامَ إِلْيهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ أَخْبِرْنِى: مَنْ أَهْلُ الْجَمَاعَةِ؟ وَمَنْ أَهْلُ الْفُرْقَةِ؟ وَمَنْ أَهْلُ السُّنَّةِ؟ وَمَنْ أَهْلُ الْبِدْعَةِ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ. أَمَا إِذَا سَأَلْتَنِى فَافْهَمْ عَنِّى، وَلَا عَلَيْكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ عَنْهَا أَحَدًا بَعْدِى، فَأَمَّا أَهْلُ الْجَمَاعَةِ: فَأَنا وَمَن اتَّبَعَنِى وَإِنْ قَلُّوا، وذَلِكَ الْحَقُّ مِنْ أَمْرِ الله وَأَمْرِ رَسُولِهِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْفُرْقَةِ: فَالْمُخَالِفُونَ لِى وَلِمَنِ اتَّبَعَنِى وَإِنْ كَثُرُوا، وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ: الْمُتَمَسِّكُونَ بِما سَنَّهُ الله لَهُمْ وَرَسُولُهُ وَإِنْ قَلُّوا، وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدْعَةِ: فَالْمُخَالِفُونَ لأَمْرِ الله وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ، الْعَامِلُونَ بِرَأيِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ وَإنْ كَثُرُوا، وَقَدْ مَضَى مِنْهُمُ الْفَوْجُ الأَوَّلُ وَبَقِيَتْ أَفْوَاجٌ، وَعَلَى الله قَصْمُهَا وَاسْتِئْصَالُهَا عَنْ جدبة الأَرْضِ، فَقَامَ إِليْهِ عَمَّارٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ النَّاسَ يَذْكُرُونَ الْفَيْئَ وَيَزْعُمُون أَنَّ مَنْ قَاتَلَنَا فَهُوَ وَمَالُهُ وَأَهْلُهُ فَيْئٌ لَنَا وولده، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ: وَالله مَا قَسَمْتَ بالسَّوِيَّةِ وَلَا عَدَلْتَ فِى الرَّعِيَّةِ، فَقَالَ عَلِىٌّ: وَلِمَ؟ وَيْحَكَ، قَالَ: لأَنَّكَ قَسَمْتَ مَا فِى الْعَسْكَرِ، وَتَرَكْتَ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ، فَقَالَ عَلِىٌّ: أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْيُدَاوِهَا بالسمن، فَقَالَ عَبَّادُ: جِئْنَا نَطْلُبُ غَنَائِمنَا، فَجَاءَنَا بالتُّرَّهَاتِ، فَقَالَ لَهُ عَلِىٌّ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَلَا أَمَاتَكَ الله حَتَّى تُدْرِكَ غُلَامَ ثَقِيفٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَومِ: وَمَنْ غُلَامُ ثَقِيفٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ لَا يَدعُ لله حُرْمَةً إِلَّا انْتَهَكَهَا، قَالَ: فَيَمُوتُ أو يقتل؟ قال: بل يقصمه. قاصم الجبارين، قتلهُ بِمَوْتٍ فَاحِشٍ، يَحْتَرِقُ مِنْهُ دُبُرُهُ لِكَثْرَةِ مَا يَجْرِى مِنْ بَطْنِهِ، يَا أَخَا بَكْرٍ: أَنْتَ امْرؤٌ ضَعِيفُ الرَّأىِ، أَوَ مَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأخُذُ الصَّغِيرَ بِذَنْبِ الْكَبِيرِ؟ ! وَأَنَّ الأَمْوَالَ كَانَتْ لَهُمْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ، وَتَزَوَّجُوا عَلَى رِشْدَةٍ، وَوُلِدُوا عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنَّمَا لَكُمْ مَا حَوَى عَسْكَرُهُمْ، وَمَا كَانَ فِى دُورِهِم فَهُوَ مِيرَاثٌ لِذُرِّيتِهمْ، فإِنْ عَدَا عَلَيْنَا أَحَدٌ مِنْهُمْ أَخَذْنَاهُ

وقَالَ ابْنُ يَسَافَ الأَنْصَارِىُّ:

إِنَّ رَأيًا رَأَيْتُمُوهُ سَفَاهًا ... لَخَطَأُ الإيرَادِ وَالإِصْدَارِ

لَيْسَ زَوْجُ النَّبِىِّ تُقْسَمُ فَيْئًا ... ذَاكَ زَيْغُ الْقُلُوبِ وْالأَبْصَارِ

فَاقْبَلُوا الْيَوْمَ مَا يَقُولُ عَلِىٌّ ... لَا تَنَاجَوا بِالإِثْمِ فِى الإِسْرَارِ

لَيْسَ مَا ضَمَّتِ الْبُيُوتُ بِفَىْءٍ ... إِنَّمَا الْفَيْئُ مَا تَضُمُّ الأُوَارُ

مِنْ كرَاعٍ فِى عَسْكِرٍ وَسِلَاحٍ ... وَمَتَاعٍ يَبِيعُ أَيْدِى التِّجَارِ

لَيْسِ فِى الْحَقٍّ قَسْمُ ذَاتِ نِطَاقٍ ... لَا، وَلَا أَخْذُكُمْ لِذَاتِ خِمَارِ

ذَاكَ هُوَ فَيْئُكُمْ خُذُوهُ وَقُولُوا ... قَدْ رَضِينَا لَا خَيْرَ فِى الإِكْثَارِ

إِنَّهَا أَمُّكُمْ وَإنْ عَظُمَ الْخَطبُ ... وَجَاءَتْ بِذَلَّةٍ وَعَثَارِ

فَلَهَا حُرْمَةُ النَّبِىِّ وحقا ... قٌ عَليْنَا مِنْ سَتْرِهَا وَوَقَارُ

فَقَامَ عَبَّادُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ: يا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ: أَخْبِرْنَا عَن الإيمَانِ، فَقَال: نَعَمْ إِنَّ الله ابْتَدَأَ الأُمُورَ فَاصْطَفَى لِنَفْسِهِ مِنْهَا مَا شَاءَ، وَاسْتَخْلَصَ مَا أَحَبَّ، فَكَانَ مِمَّا أَحَبَّ أَنَّهُ ارْتَضَى الإسَلامَ وَاشْتَقَّهُ مِن اسْمِهِ، فَنَحَلَهُ مَنْ أَحَبَّ مِنْ خَلْقِهِ، ثُمَّ شَقَّهُ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ، وَعَزَّزَ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ حَارَبَهُ، هَيْهَاتَ مِنْ أَنْ يَصْطَلِمَهُ مُصْطَلِمٌ! جَعَلَهُ سَلْمًا لِمَنْ دَخَلَهُ، وَنُورًا لِمَنْ اسْتَضَاءَ بِهِ، وَبُرْهَانًا لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَدِينًا لِمَنِ انْتَحَلَهُ، وَشَرَفًا لِمَنْ عَرَفَهُ، وَحُجَّةً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ، وَعِلْمًا لِمَنْ رَوَاهُ، وَحِكْمَةً لِمَنْ نَطَقَ به، وَحَبْلًا وَثِيقًا لِمَنْ تَعَلَّقَ بِهِ، وَنَجَاةً لِمَنْ آمَنَ بِهِ، فَالإِيمَانُ أَصْلُ الْحَقِّ، وَالْحَقُّ سبِيلُ الْهُدَى، وَسَيْفُهُ جَامِعُ الْحِلْيَةِ، قَدِيمُ الْعُدَّةِ، الدُّنْيَا مِضْمَارُهُ، وَالْغَنِيمَةُ حِلْيَتُهُ، فَهُوَ أَبْلَجُ مِنْهَاجٍ، وَأَنْورُ سِرَاجٍ، وَأَرْفَعُ غَايَةٍ، وَأَفْضَلُ دَاعِيَةٍ، بَشِيرٌ لِمَنْ سَلَكَ قَصْدَ الصَّادِقِينَ، وَاضِحُ الْبَيَانِ، عَظِيمُ الشأنِ، الأَمْنُ مِنْهَاجُهُ، وَالصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ، وَالْفِقْهُ مَصَابِيحُهُ، وَالْمُحْسِنُونَ فِرْسَانُهُ، فَعُصِمَ السُعَدَاءُ بِالإيمَانِ، وَخُذِلَ الأَشْقياءُ بِالْعِصْيَانِ مِنْ بَعْدِ اتِّجَاهِ، الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِالْبَيَانِ، إِذْ وَضَحَ لَهُمْ مَنَارُ الْحَقِّ وَسبِيلُ الْهُدَى، فتارك الحق مشوه يوم التغابن داحضة حجته عند فوزِ السعداء بالجنَّة، فَالإيمَانُ يُسْتَدَلُّ به عَلِى الصَّالِحَاتِ، وَبِالصَّالِحَات يَعْمُرُ الْفِقْهُ، وَبِالْفِقْهِ يُرْهَبُ الْمَوْتُ، وَبِالْمَوْتِ تُخْتَمُ الدُّنْيَا، وَبِالدُّنْيَا تَخْرُجُ الآخِرَةُ وَفِى الْقيَامَةِ حَسْرَةُ أَهْلِ النَّارِ، وَفِى ذِكْرِ أَهْلِ النَّارِ مَوْعِظَةُ أَهْلِ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى غَايَةٌ لَا يَهْلِكُ مَن اتَّبَعَهَا، وَلَا يَنْدَمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا؛ لأَنَّ بِالتَّقْوَى فَازَ الْفَائِزُونَ، وَبِالْمَعْصِيَةِ خَسِرَ الْخَاسِرُونَ، فَلْيَزْدَجِرْ أَهْلُ النُّهَى، وَليَتَذَكَّرْ أَهْلُ التَّقْوَى، فَإِنَّ الْخَلْقَ لَا مُقَصِّرَ لَهُمْ فِى الْقِيَامَةِ دُونَ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَىِ الله، مرفلين في مِضْمَارِهَا نَحْوَ الْقَصَبَةِ الْعُلْيَا إِلَى الْغَايَةِ الْقُصْوَى، مُهْطِعينَ بِأَعْنَاقِهِمْ نَحْوَ دَاعِيهَا، قَدْ شَخَصُوا مِنْ مُسْتَقَرِّ الأَجْدَاثِ وَالْمَقَابِرِ إِلَى الضَّرُورَةِ أَبَدًا، لِكُلِّ دَارٍ أَهْلُهَا، قَدِ انْقَطَعَتْ بِالأَشْقِيَاءِ الأَسْبَابُ، وأفضوا إِلَى عَدْلِ الْجَبَّارِ، فَلَا كَرَّةَ لَهُمْ إِلَى دَارِ الدُّنْيَا، فَتَتَبَرَّءُوا مِنَ الَّذِينَ آثرُوا طاعَتَهُمْ عَلَى طَاعَةِ الله، وَفَازَ السُّعَدَاءُ بِوِلَايَةِ الإِيمَانِ، فَالإِيمَانُ يَا ابْنَ قَيْسٍ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: الصَّبْرِ، وَالْيَقِينِ، وَالْعَدْلِ، وَالْجِهَادِ، فَالصَّبْرُ مِنْ ذَلِكَ علَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: الشَّوْقِ، وَالشَّفَقِ، وَالزُّهْدِ، وَالتَّرَقُّبِ، فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَن الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ أَشْفَقَ مِنَ النَّارِ رَجَعَ عَن الْمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِى الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ، وَمَن ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِى الْخَيْرَاتِ، وَالْيَقِينُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: تَبْصِرَة الْفِطْنَةِ، وَمَوْعِظَة الْعِبْرَةِ، وَتَأوِيل الْحِكْمَةِ، وَسُنَّة الأَوَّلِينَ، فَمَنْ أَبْصَرَ الْفِطْنَةَ تَأَوَّلَ الْحِكْمَةَ، وَمَنْ تأَوَّلَ الْحِكْمَةَ عَرَفَ الْعِبْرَةَ، وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ عَرَفَ السُّنَةَ، وَمَنْ عَرَفَ السَّنَّةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِى الأَوَّلِينَ فَاهْتَدَى إِلَى الَّتِى هِىَ أَقْوَمُ، وَالْعَدْلُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: غَائِصِ الْفَهْمِ، وَغَمْرَةِ الْعِلْمِ، وَزَهْدَةِ الْحُكْمِ، وَرَوْضَةِ الْحِلْمِ فَمَنْ فَهِمَ فَسَّرَ جَمِيعَ الْعِلْمِ، وَمَنْ عَلِمَ عَرَفَ شَرَائِعَ الْحُكْمِ، وَمَنْ عَرَفَ شَرَائِعَ الْحُكْمِ لَمْ يَضِلَّ، وَمَنْ حَلِمَ لَمْ يُفْرَطْ أَمْرُهُ، وَعَاشَ فِى النَّاسِ حَمِيدًا، وَالْجِهَادُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِم: الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْىِ عَن الْمُنْكَرِ، وَالصِّدْقِ فِى الْمَوَاطِنِ، وَشَنَآنِ الْفَاسِقِينَ، فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ، وَمَنْ نَهَى عَن الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أَنْفَ الْمُنَافِقِ، وَمَنْ صَدَقَ فِى الْمَوَاطِنِ قَضَى الَّذى عَليْهِ، وَمَنْ شَنَأَ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ لله غَضِبَ الله لَهُ. فَقَامَ إِلَيْهِ عَمَّارُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤُمِنِينَ: أَخْبِرْنَا عَن الْكُفْرِ، عَلَى مَا بُنِىَ؟ كَمَا أَخْبَرْتَنَا عَن الإيمَانِ، قَالَ: نَعَمْ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، بُنِىَ الْكُفْرُ عَلَى أَرْبِعِ دَعَائِمَ: عَلَى الْجَفَاءِ وَالْعَمَى - وَالْغَفْلَةِ وَالشَّكِّ، فَمَنْ جَفَا احْتَقَرَ الْحَقَّ وَجَهَرَ بِالْبَاطِلِ وَمَقَتَ الْعُلَمَاءَ وَأَصَرَّ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ، وَمَنْ عَمِىَ نَسِىَ الذِّكْرَ، وَاتَّبَعَ الظَّنَّ، وَطَلَبَ الْمَغْفِرَةَ بِلَا تَوْبَةٍ وَلَا اسْتِكَانَةٍ، وَمَنْ غَفَلَ حَادَ عَن الرُّشْدِ، وَغَرَّتْهُ الأَمَانِىُّ وَأَخَذَتْهُ الْحَسْرَةُ وَالنَّدَامَةُ، وَبَدَا لَهُ مِن الله مَا لَمْ يَكُنْ يَحْتَسِبُ، وَمَنْ عَتَا فِى أَمْرِ الله شَكَّ، وَمَنْ شَكَّ تَعَالَى الله عَليْهِ فَأَذَلَّهُ بسُلْطَانِهِ، وَصَغَّرهُ بِجَلَالِهِ كَمَا فَرَّطَ فِى أَمْرِهِ، وَاغْتَرَّ بِربِّهِ الْكَرِيمِ، وَالله أَوْسَعُ بِمَا لَدَيْهِ مِنَ الْعَفْوِ وَالتَّيْسِيرِ، فَمَنْ عَمِلَ بِطَاعَةِ الله اجْتَلَبَ بِذَلِكَ ثَوَابَ الله، وَمَنْ تَمَادَى فِى مَعْصِيَة الله ذَاقَ وَبَالَ نِعْمَةِ الله، فَهَنِيئًا لَكَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ، عُقْبَى لَا عُقْبِى غَيْرُهَا، وَجَنَّاتٌ لَا جَنَّاتٌ بَعْدَهَا فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدِّثْنَا عَنْ مَيتِ الأَحْيَاءِ، قَالَ نَعَمْ: إِنَّ الله بَعَثَ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَصَدَّقَهُمْ مُصَدِّقُونَ، وَكَذَّبَهُمْ مُكَذِّبُونَ، فَيُقَاتِلُونَ مَنْ كَذَّبَهُمْ بِمَنْ صَدَّقَهُمْ، فَيُظْهِرُهُمُ الله، ثُمَّ تَمُوتُ الرُّسُلُ فَتَخْلُفُ خُلُوفٌ، فَمِنْهُمْ مُنْكِرٌ لْلمُنْكَرِ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ، فَذَلِكَ اسْتَكْمَلَ خِصَالَ الْخَيْرِ، وَمِنْهُمْ مُنْكِرٌ لِلْمُنْكَرِ بلِسَانِهِ وَقَلْبَهِ تَارِكٌ له بِيَدِهِ، فَذلِكَ خَصْلَتَانِ مِنْ خِصالِ الْخَيْرِ تَمَسَّكَ بِهِمَا، وضَيَّعَ خصْلَةً واحدة وَهِىَ أَشْرَفُهَا، وَمنْهُمْ مُنْكِرٌ لِلْمُنْكَرِ بِقَلْبِهِ تَارِكٌ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَذَلِكَ ضَيَّعَ شَرَفَ الْخَصْلَتَيْنِ مِنَ الثَّلَاثِ وَتَمَسَّكَ بِوَاحِدَةٍ، وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لَهُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِه ويَدِهِ، فَذَلِكَ مَيْتُ الأَحْيَاءِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَلَى مَا قَاتَلْتَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ؟ قَالَ: قَاتَلْتُهُمْ عَلَى نَقْضِهِمْ بَيْعَتِى وَقَتْلِهِمْ شِيعَتِى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، حَكِيمُ بَنُ جَبَلَةَ الْعَبْدِىُّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، والسَّائِحَةُ والأَسَاوِرَةُ بِلَا حَقٍّ اسْتَوْجَبُوهُ مِنْهُمَا، وَلَا كَانَ ذَلِكَ لَهُمَا دُونَ الأمَامِ، وَلَوْ أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ بِأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ لَقَاتَلَاهُمَا، ولقد علم مَنْ ههنا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّد ﷺ أَنَّ أَبَا بَكْر وَعُمَرَ لَمْ يَرْضَيَا مِمَّن امْتَنَع مِنْ بَيْعَةِ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى بَايَعَ وَهُوَ كَارِهٌ، وَلَمْ يَكُونُوا بَايَعُوهُ بَعْدُ الأَنْصَارُ، فَمَا بَالِى وَقَدْ بَايَعَانِى طَائِعَينِ غَيْرَ مُكْرَهَينِ وَلَكِنَّهُمَا طَمِعَا مِنِّى فِى وِلَايَةِ الْبَصْرَةِ وَالْيَمَنِ، فَلَمَّا لَمْ أُوَلِّهما وَجَاءَهُمَا الَّذِى غَلَبَ مِنْ حُبِّهِمَا لِلدُّنْيَا وَحِرْصِهِمَا عَليْهَا خِفْتُ أَنْ يَتَّخِذَا عِبَادَ الله خولا وَمَالَ الْمُسْلِمينَ لأَنْفُسِهِمَا، فَلَمَّا زَوَيْتُ (ذَلكَ) (*) عَنْهُمَا وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ جَرَّبْتُهُمَا وَاحْتَجَجْتُ علَيْهِمَا. فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَخْبِرْنَا عَن الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْىِ عَن الْمَنْكَرِ أَوَاجِبٌ هُوَ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: إِنَّمَا أَهْلَكَ الله الأُمَمَ السَّالِفَةَ قَبْلَكُمْ بتَرْكِهِمْ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَن الْمُنْكَرِ، يَقُولُ الله - ﷻ -: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} وَإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْىَ عَن الْمُنْكَرِ لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ الله، فَمَنْ نَصَرَهُمَا نَصَرَهُ الله، وَمَنْ خَذَلَهُمَا خَذَلَهُ الله، وَمَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَالْجِهَادُ فِى سَبيلِهِ عِنْدَ الأَمْرِ بالْمَعْرُوفِ والنَّهْىِ عَن الُمُنْكَرِ إِلَا كبقعة فِى بَحْرٍ لُجِّىٍّ، فَمُرُوا بِالْمَعْرُوَفِ وانْهَوا عَن الْمُنْكَرِ، فَإِنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَن الْمُنْكَرِ لَا يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُنْقِصَانِ مِنْ رِزْقٍ، وأَفْضَلُ الْجِهَادِ كلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ، وَإِنَّ الأمْرَ لَيَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ إِلَى الأَرْضِ كَمَا يَنْزِلُ قَطرُ الْمَطَرِ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا قَدَّرَ الله لَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فِى نَفْسٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدكم نقصانا فِى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَرَأَى الآخَر ذَا يَسَارٍ لَا يَكُونَنَّ لَهُ فِتْتَةٌ، فَإِنَّ الْمَرْءَ الْمُسْلِمَ الْبرِئَ مِنَ الْخِيَانَةِ لَيَنْتَظِرُ مِنَ الله إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ: إِمَّا مِنْ عِنْدِ الله فَهُوَ خَيْرٌ وَاقِعٌ، وَإِمَّا رِزْقٌ مِنَ الله يَأَتِيهِ عَاجِلٌ، فإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ وَمَالٍ وَمَعَهُ حَسَبُهُ وَدِينُهُ، الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْبَاَقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ حَرْثُ الدُّنْيَا، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ حَرْثُ الآخِرَةِ، وَقَدْ يَجْمَعُهُمَا الله لأَقْوَامٍ. فَقَامَ إِليْه رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَنْ أَحَادِيثِ الْبِدَعِ، قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: إِنَّ أَحَادِيثَ سَتَظْهَرُ مِنْ بَعْدِى حَتَّى يَقُولَ قَائلُهُمْ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ ، وَسَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ كُلُّ ذَلِكَ افْترَاءٌ عَلَىَّ، وَالًّذِى بَعَثَنِى بِالْحَقِّ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِى عَلَى أَصْلِ دِينِهَا وَجَمَاعَتِهَا عَلى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا ضَالَّةٌ مُضِلَّةٌ تَدْعُو إِلَى النَّارِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ الله فَإنَّ فِيهِ نَبَأَ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَنَبَأَ مَا يَأتِى بَعْدَكُمْ، وَالْحُكْمُ فِيهِ بَيَّنٌ، مَنْ خَالَفَهُ مِنَ الْجَبَابِرَة قَصَمَهُ الله، وَمَنِ ابْتَغَى الْعِلْمَ فِى غَيْرِهِ أَضَلَّهُ الله، فَهُوَ حَبْلُ الله الْمَتِينُ، وَنُورُهُ المُبِينُ، وَشِفَاؤُهُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنْ تَبِعَهُ، لَا يَعْوَجُّ فَيُقَام، وَلَا يَزِيغُ فَيتَشَعَّبُ، وَلَا تَنْقَضِى عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ، هُوَ الَّذِى سَمِعَتْهُ الْجِنُّ فَلَمْ تَتَنَاهَ أَنْ وَلَّوا إلى قومهم منذرين، قَالُوا: يَا قَوْمَنَا؛ {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ هُدىَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، فَقَامَ إِليْهِ رَجُلٌ فقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: أَخْبِرْنَا عَنِ الْفِتْنَةِ، هَلْ سَأَلْتَ عَنْهَا رَسُولَ الله ﷺ ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِه الآيَةُ مِنْ قَوْل الله {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} عَلِمْتُ أَنَّ الْفِتْنَةَ لَا تَنْزِلُ بِنَا وَرَسُولُ الله ﷺ حَىٌّ بَيْنَ أَظهُرِنَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله: مَا هَذِهِ الْفِتْنَةُ التى أخبركم الله بها؟ فقال يا على إن أمَّتِى سيفتنون مِنْ بَعَدِى، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله: أَوْ لَيْسَ قَدْ قُلْتَ لِى يَوْمَ أُحُدٍ حَيْثُ اسْتُشْهِدَ مَن اسْتُشْهِدَ مِن الْمُسْلِمينَ وَحَزِنْتَ عَلَى الشَّهَادَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَىَّ، فَقُلْتَ لِى: أَبْشِرْ يا صديق فَإِنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ وَرَائِكَ، فَقَالَ لِى: فإِنَّ ذَلكَ لَكَذَلِكَ، فَكَيْفَ صَبْرُكَ إِذَا خَضِبَتْ هَذِهِ مِنْ هَذَا، وَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَتِى وَرَأسِى، فَقُلْتُ: بَأَبِى وَأُمِّى يَا رَسُولَ الله لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ مَوَاطِنِ الصَّبْرِ وَلَكِنْ مِنْ مَوَاطِنِ الْبُشْرَى وَالشُّكْرِ، فَقَالَ لِى: أَجَلْ، ثُمَّ قَالَ لِى: يَا عَلِىُّ: إِنَّكَ بَاقٍ بَعْدِى وَمُبتَلًى بِأُمَّتِى، وَمُخَاصَمٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَى الله، فَأَعِدَّ جَوَابًا، فَقُلْتُ: بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى بَيِّنْ لِى هَذِهِ الْفِتْنَةَ الَّتِى يُبْتَلُونَ بِهَا وَعَلَى مَا أُجَاهِدُهُمْ بَعْدَكَ، فَقَالَ: إِنَّكَ سَتُقَاتِلُ بَعْدِى النَّاكِثَةَ وَالْقَاسِطَةَ وَالْمَارِقَةَ وَجَلَّاهُمْ وَسَمَّاهُمْ رَجُلًا رَجُلًا ثُمَّ قَالَ لِى: وَتُجَاهِدُ أُمَّتِى عَلَى كُلِّ مَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ وَسُنَّتِى مِمَّنْ يَعْمَلُ فِى الدِّينِ بِالرَّأىِ وَلَا رَأىَ فِى الدِّينِ، إِنَّمَا هُوَ أَمْرُ الرَّبِّ وَنَهْيُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فَأَرْشِدْنِى إلَى الفلج عِنْدَ الْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: نَعَمْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاقْتَصِرْ عَلَى الْهُدَى، إِذَا قَوْمُكَ عَطَفُوا الْهُدَى عَلَى الهوى، وَعَطَفُوا الْقُرآنَ عَلَى الرَّأىِ، فَتَأَوَّلُوهُ بِرَأيِهِمْ تُتْبَعُ الْحُجَجُ مِنَ الْقُرْآنِ بِمُشْتَبِهَاتِ الأَشْيَاءِ الْكَاذِبَةِ عِنْدَ الطُّمَأنِينَةِ إِلَى الدُّنْيَا وَالتَّهَالُكِ وَالتَّكَاثُرِ، فَاعْطِفْ أَنْتَ الرَّأَىَ عَلَى الْقُرْآنِ إِذَا قَوْمُكَ حَرَّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه عِنْدَ الأَهْوَاءِ السَّاهِيَةِ، وَالأَمْرِ الصالح، وَالْهَرَجِ الآثِمِ، وَالْقَادَةِ النَّاكِثَةِ، وَالْفِرْقَةِ الْقَاسِطَةِ، وَالأُخْرَى الْمَارِقَةِ، أهل الأِفْكِ الْمُرْدِى، وَالْهَوَى الْمُطْغِى, وَالشُّبْهَةِ الْحَالِقَةِ، فَلَا تَتَّكِلَنَّ عَنْ فَضْلِ الْعَاقِبَةِ فإن العاقبة للمتقين وإياك يا على أن يكون خصمك أَوْلَى بالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، وَالتَّواضُعِ لله وَالاقْتَدَاءِ بِسُنَّتِى، وَالْعَمَلِ بِالْقُرْآنِ مِنْكَ، فإِنَّ من فلج الرَّبِّ عَلَى الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يُخَالِفَ فَرْضَ الله أَوْ سُنَّةً سَنَّهَا نَبِىٌّ، أَوْ يَعْدِلَ عَن الْحَقِّ وَيَعْمَلَ بالْبَاطِلِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُمْلَى لَهُمْ فَيَزْدَادُوا إِثْمًا يَقُولُ الله: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} يَا عَلِىُّ فَلَا يَكُونَنَّ الشَاهِدُونَ بِالْحَقِّ وَالْقَوَّامُونَ بالقسط عندك كغيرهم يا على إن القوم سيفتنون وَيَفْتَخِرُونَ بِأَحْسَابِهِمْ وَأَمَوْالِهِمْ، وَيُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ، ويمنون دِينَهُمْ عَلَى ربِّهِمْ، وَيَتَمَنَّوْنَ رَحْمَتَهُ، وَيَأمَنُونَ عِقَابَهُ، وَيَسْتَحِلُّونَ حَرَامَهُ بِالْمُشْتَبِهَاتِ الْكَاذِبَةِ، فَيَسْتَحِلُّونَ الْخَمْرَ بِالنَّبِيذِ، وَالسُحْتَ بِالْهَدِيَّةِ وَالرِّبَا بالْبَيْعِ، وَيَمْنَعُونَ الزَّكَاةَ، وَيَطْلُبُونَ الْبِرَّ، وَيَتَّخِذُونَ فِيمَا بَيْنَ ذلِكَ أَشْيَاءَ مِنَ الْفِسْقِ لَا تُوصَفُ صِفَتُهَا وَيَلِى أَمْرَهُمْ السُّفَهاءُ، وَيَكْثُرُ تَتَبُّعُهُمْ عَلَى الْجَوْرِ وَالْخَطَأِ، فَيَصيرُ الْحَقُّ عِنْدَهُمْ بِاطِلًا، وَالْبَاطِلُ حَقّا، وَيَتَعَاونُونَ عَلَيْهِ، وَيَرْمُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ، وَيَعِيبُونَ الْعُلَمَاءَ وَيَتَّخِذُونَهُمْ سُخْرِيّا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله فَبِأَيَّةِ الْمَنَازِلِ هُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ أو بمنزلة رِدَّةٍ؟ قَالَ: بِمَنْزِلَةِ فِتْنَةٍ، يُنْقِذُهُمْ الله بنَا أَهْلَ الْبَيْتِ عِنْدَ ظُهُورِنَا السعداء مِنْ أُولِى الأَلْبَابِ إِلَّا أَنْ يَدَعُوا الصَّلَاةَ وَيَسْتَحِلُّوا الْحَرَامَ فِى حَرَمِ الله، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَهُوَ كَافِرٌ، يَا عَلِىُّ بِنَا فَتَحَ الله الإِسْلَامَ، وَبِنَا يَخْتِمُهُ، بِنَا أَهْلَكَ الأَوْثَانَ وَمَنْ يَعْبُدُهَا، وَبِنَا يَقَصِمُ كُلَّ جَبَّارٍ وَكُلَّ مُنَافِقٍ حَتَّى إنَّا لَنُقْتَلُ فِى الْحَقِّ مِثْلَ مَنْ قُتِلَ فِى الْبَاطِلِ، يَا عَلِىُّ إِنَّمَا مَثَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ مَثَلُ حَدِيقَةٍ أُطْعِمَ مِنْهَا فَوْجًا عاما، فَلَعَلَّ آخِرَهَا فَوجًا أَنْ يَكُونَ أثْبَتَهَا أَصْلًا وَأَحْسَنَهَا نَوْعًا، وَأَحْلَاهَا جَنًا، وَأَكْثَرَهَا خَيْرًا، وَأَوْسَعَهَا عَدْلًا، وَأَطْوَلَهَا مُلْكًا، يَا عَلِىُّ كَيْفَ يُهْلِكُ الله أُمَّةً أَنَا أَوَّلُهَا، وَمَهْدِينَا اَوْسَطُهَا، وَالْمِسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ آخِرُهَا، يَا عَلِىُّ إِنَّمَا مَثَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ، وَبَيْنَ ذَلكَ أَعْوَجُ لَسْتُ مِنْهُ وَلَيْسَ مِنِّى، يَا عَلِىُّ وَفِى تِلْكَ الأُمَّةِ يَكُونُ الْغُلُولُ وَالْخُيَلَاءُ وَأَنْوَاعُ الْمَثُلَاتِ، ثُمَّ تَعُودُ هَذِهِ الأُمَّةُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ خِيَارُ أَوَائِلها، فَذِلِكَ مِنْ بَعْدِ حَاجَةِ الرَّجُلِ إِلَى قُوتِ امْرَأَتِهِ - يَعْنِى غَزْلَهَا - حَتَّى إِنَ أَهْلَ الْبَيْتِ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ فَيَقْنَعُونَ مِنْهَا بِرَأسِهَا وَيُوَاسُونَ بِبَقِيَّتِهَا مِنَ الرَّافَةِ والرَّحْمَةِ بَيْنَهُمْ".  

وكيع