"عَنِ ابن عباسٍ قال: خدمتُ عمرَ بنَ الخطابِ وكنتُ له هائبًا، ومعظِّمًا، فدخلتُ عليه ذاتَ يومٍ في بيته وقد خَلَا بِنَفْسِهِ فتنفَّسَ تَنَفُّسًا ظننتُ أَنَّ نَفْسَهُ خَرَجَتْ، ثم رفَعَ رأسَهُ إلى السَّمَاءِ فتنفس [الصعداء]، قال: فتحاملت وتشدَّدْتُ وقلتُ: واللَّه لأسأَلَنَّهُ فقلتُ: واللَّه ما أخرجَ هَذَا منكَ إلَّا هَمٌ يَا أَمِيرَ المؤمنينَ؟ قالَ: هَمُّ واللَّه. هَمُّ شَدِيدٌ، هَذَا الأمرُ لَمُ أَجِدْ لَهُ موضعًا -يعنى الخلافَةَ- ثم قالَ: لعلَّكَ تَقُولُ: إِنَّ صاحِبَكَ لَهَا -يَعْنِى عَليًّا- قالَ: قلتُ: يَا أَمِيرَ المؤمنين أَوَلَيْسَ هُوَ أَهْلَهَا في هجرتِهِ وأهلَهَا في صُحْبِتَهِ، وأهلَهَا في قَرَابَتِهِ؟ قَال: هُوَ كَمَا ذكرتَ، لكنه رجلٌ فيهِ دُعَابَةٌ، قالَ: فقلتُ: الزُّبَيْرُ، قال: وُعْقَة لَقَسٌ يقاتلُ على الصَّاعِ بالبقيعِ، قالَ: قلتُ: طلحَة، قالَ: إن فيهِ لَبَأْوًا وما أَرَى اللَّه مُعطيهِ خيرًا، وما بَرحَ ذلكَ فيهِ منذُ أُصيبَتْ يَدُهُ قَالَ: فقلتُ سعدًا، قالَ: يَحْضُرُ الناس ويقاتلُ وليسَ بصاحبِ هذا الأمرِ، قالَ: قُلْتَ: وعبد الرحمنِ بْن عوفٍ، قالَ: نعم المرءُ ذكرتَ، ولكنه ضعيفٌ، قَالَ: وأخرتُ عثمانَ لكثرةِ صَلاتِهِ وكان أحبَّ النَاس إلى قريشٍ، قال: فقلتُ: فعثمانَ، قالَ: أَوَّاهٌ، كَلِفَ بأَقَارِبِهِ، ثم قال: لو اسْتَعْمَلْتُهُ اسْتَعَمل بنى أميةَ أجمعينَ أكتَعِينَ، ويحملُ بَنِى معيط على رقابِ النَّاسِ، واللَّه لو فعلتُ لفَعَلَ، واللَّه! لو فعلت لفعل، إن هذا الأمرَ لا يحملُهُ إلا اللَّيِّن في غيرِ ضَعْفٍ، والقوىُّ في غير عُنفٍ، والجوادُ في غيرِ سَرَفٍ، والممسكُ في غيرِ بُخْل، قال: وقالَ عُمَرُ: لا يطيقُ هَذَا الأمرَ إلا رجلٌ لا يُصَانَعُ ولا يضَارع، ولا يتبعُ المطامِعَ، ولا يطيقُ أمرَ اللَّه إلا رجلٌ لا يتكلمُ بلسانِهِ كلمةً لا ينتقدُ عزمه، ويحكمُ في الحقِّ على حِزْبِهِ -وفِى الأَصْلِ- عَلَى وُجُوبِهِ".
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.