"عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: استعمَلنى أبو بكرٍ على الصدقَةِ، فقدِمتُ وقد ماتَ أبو بكرٍ، فقال عمرُ: يا أنسُ أجِئْتنَا بِظَهرٍ؟ ، قلت: نعم، قال: . جئتنا بالظَّهرِ والمالُ لكَ؟ قلت: هو أكثرُ من ذَاكَ، قال: وإن كان هُوَ لَك، وكان المال أربعةَ آلافٍ فَكُنْتُ أَكثرَ أَهْلِ المدينةِ مالا، وفى رواية: قال: أجئتنا بظهرٍ؟ قلت: البيعةُ ثم الخير، فقال عمر: وُفِّقْتَ، فبسطَ يَده فبايعتُه على السمعِ والطاعة".
31.04. Actions > ʿUmar b. al-Kaṭṭāb (47/75)
٣١.٠٤۔ الأفعال > مسند عمر بن الخطاب ص ٤٧
"عن المعرورِ قال: قال عمر: أمَّا أنا فأَحْفِنُ على رأسِى ثلاثَ حَفَنَاتٍ".
"عن عبد الرحمن قال: سألت محمدَ بن سيرينَ عن دخولِ الحمام، فقال: كان عمرُ بن الخطابِ يكرهه".
"عن عمر قال: ما أُحِبُّ أن أصَلِّىَ في بيتهم هذا المغلق -يعنى المقصورة-".
"عن الأسود أَنَّ عمر كان يضربُ على الركعتين بَعْدَ العصرِ".
"عن دبرة قال: رأى عمرُ تميمًا الدارى يصلِّى بعد العصرِ فضربه بالدِّرة، فقال تميم: لم يا عمرُ تضربُنى على صلاةٍ صليتها مع رسول اللَّه ﷺ ؟ فقال عمر: يا تميم ليس كل النَّاسِ يعلمُ ما تعلمُ".
"عن ابن عباسٍ قال: استقبلَ عمَرُ النَّاسَ من القِيامِ، فقال: ما بقىَ من الليلِ أفضلُ مما مضَى منه".
"عن معاويةَ بن قُرَّة قال: حَدَّثنى الثلاثةُ الرهطُ الذين سألوا عمر بن الخطابِ على الصَّلاةِ في المسجدِ، فقال: قال رسول اللَّه ﷺ : الفريضة في المسجدِ والتطوعُ في البيتِ".
"عن ابن عمر قال: أوصانى عمرُ فقال: إِذا وضعتَنى في لَحدِى فأفْضِ بخدِّى إلى الأَرْضِ حتى لا يكون بين خدى وبين الأَرْضِ شَىْءٌ".
"عن نافع قال: زَعَموا أَنَّ عمرَ بنَ الخطابِ كان يَبعَثُ رجالًا يدخلون النَّاسَ من وراءِ العَقَبةِ".
"عن سعيد بن المسيب قال: لما مات أبو بكر بكى عليه أهلُه، فقال عمر: إن رسولَ اللَّه ﷺ قال: إِنَّ الميت يعذبُ ببكاءِ الحى، فأبَوا إلا أن يَبْكوا، فقال عمر لهاشم بن الوليد: قم فأخرج النساء، فقالت عائشةُ: أخرجك، فقال عمر: ادخل؛ فقد أذنتُ لك، فجعل يخرجهن امرأةً امراةً وهو يضربهن بالدِّرة حتى خرجت أم فروة، وفرق بينهن".
"عن محمد بن سيرين قال: سأل عمر رجلًا عن إبِله، فذكر عجفاءَ ودبراءَ فقال عمر: إنّى لأَحْسِبها ضِخَامًا سِمَانًا، فمر عليه وهو في إِبلِه يَحْدُوهَا وهو يقول:
أَقْسَمَ باللَّه أَبُو حَفْصٍ عُمر ... مَا إِنَّ بِهَا مِن نَقْبٍ وَلَا دَبَرْ
فَاغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ إِن كَانَ فجرْ
فقال عمر: ما هذا؟ قال: أمير المؤمنين سألنى عن إبلى، فأخبرته عنها، فزعم أنه حَسِبَهَا ضِخامًا سمانًا، وهى كما ترى، قال: فإنى أنا أمير المؤمنين عمر، إِيتِنِى في مكانِ كذا، فأتاه فأمر بها فقُبِضَت وأعطاه مكانها من إبلِ الصدقة".
"عن سعيد بن جبير أن عمر بن الخطاب جاءَ إلى قوم مُحَاصِرى حِصْنٍ فأمرهم أن يُفْطِرُوا".
"عن عمر بن الخطاب قال: بينا نحن جلوسٌ عند النبى ﷺ في أناسٍ إذ جاءَ رجلٌ ليس عليه سحناء سفر وليس من أهل البلد، يتخطى حتى وَرِك بين يدى رسول اللَّه ﷺ كما يَجلِس أحدُنَا في الصلاة، ثم وضع يده على ركبتى رسول اللَّه ﷺ فقال: يا محمد ما الإسلامُ؟ قال: الإسلام أن تشهدَ أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدًا رسول اللَّه، وأن تقيم الصلاةَ، وتؤتى الزكاة، وتحج وتعتمر وتغتسلَ من الجنابَة، وتُتم الوضوء، وتصوم رمضانَ، قال: فإن فعلت هذا فأنا مسلم؟ قال: نعم، قال: صدقت يا محمد، قال: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالجنةِ والنارِ والميزانِ، وتؤمن بالبعثِ بعد الموت وتؤمن بالقدرِ خيرِه وشره، قال: فإذا فعلتُ هذا فأنا مؤمن؟ قال: نعم قال: صدقت".
"عن عباد بن عبد اللَّه بن الزبيرِ قال: حُدِّثتُ أن عمرَ بن الخطاب لما دخلَ بيت المقدسِ قال: لبَّيْكَ اللهم لبَّيْكَ".
"عن الوليد بن كثيرِ عن رجلٍ قال: أتى عمر مسجدَ قُبَاء، فأمر أبا ليلى فقال له: اجتنب القوائِم واكنس المسجِدَ بِسَعف، قال: لو كان هذا المسجد في أفق من الآفاق، أو مصر من الأمصار لكان ينبغى لنا أن نأتيه".
"عن أَبى رومان قال: سئل عمر بن الخطاب عن طعامٍ العُرْس فقيل: يا أمير المؤمنين: ما بال طعام العُرس ريحه أطيب من ريح طعامِنا؟ فقال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: في طعام العُرْس مثقالًا من ريحِ الجنة، قال عمر: دعَا له إبراهيم الخليل ومحمدٌ أن يبارك فيه وطيبه".
"عن ابن عمر أن عمر قضى في أمِّ الولد أن لا تباعَ ولا ترهن ولا تُورَّث، يستمتعُ بها صاحِبُها ما عاشَ، فإذا ماتَ فهى حُرَّة".
"عن أَبى بكر بن عمرو بن حزمٍ أن عمر أقام على رجل شرب الخمر الحدَّ وهو مريضٌ، وقال: أخشى أن يموتَ قبل أن يقام عليه الحد".
"عن سعيد بن المسيب قال: قضى عمر بن الخطاب في الإبهام والتى تليها نصفَ دية الكف، وفى لفظ: قضى في الإبهام خمسَ عشرةَ، وفى السبابة عشرًا، وفى الوسطى عشرًا، وفى البنصر تسعًا، وفى الخنصر ستًا، حتى وجد كتابا عند آل عمرو ابن حزم يزعمون أنه من رسول اللَّه ﷺ فيه: وفى كل أصبع عشرٌ فأخذته وصارت إلى عشر عشر".
"عن سفيان بن وهب الخولانِى قال: كنت مع عمرَ بن الخطاب بالشام، فقال أهل الذمة: إنك كلفتنا وفرضت علينا أن نرزقَ المسلمين العسلَ، ولا نجده، فقال عمر: إن المسلمين إذا دخلوا أرضا فلم يوطنوا فيها اشتد عليهم أن يشربوا الماء القراح، فلا بد لهم مما يُصلحهم، فقالوا: إن عندنا شرابا نصنعه من العنب شيئا يشبه العسل، قال: فأتوا به، فجعل يرفعه بأصبعه فيمده كهيئة العسل، فقال: كأن هذا طلاءُ الإبلِ، فدعا بماء فصبَّه عليه ثم خفض فشرب منه وشرب أصحابُه، وقال: ما أطيب هَذَا فارزقوا المسلمين منه، فرزقوهم منه، فلبث ما شاء اللَّه، ثم إن رجلا خَدِرَ منه، فقام المسلمون فضربوه بنعالهم وقالوا: سكران، فقال الرجل: لا تقتلونى؛ فواللَّه ما شربت إلا الذى رزقنا عمر، فقام عمر بين ظهرانى الناس فقال: يا أيها الناس: إنما أنا بشر لست أحل حرامًا ولا أحرم حلالًا، وإن رسول اللَّه ﷺ قُبضَ ورُفع الوحىُ، فأخذ عمر بثوبه فقال: إنى أبرأُ إلى اللَّه من هذا أن أحل لكم حراما، فاتركوه فإنى أخافُ أن يدخل الناس فيه دخولًا، وقد سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: كل مسكر حرام فدعوه".
"عن أَبى البخترى الطائى أن ناسا كانوا بالكوفة. مع أَبى المختار -يعنى والد المختار بن أَبى عبيد- حيث قتل بجسر أَبى عبيد قال: فقتلوا إلا رجلين حملا على العدو بأسيافهِما فأفرجوا لهما فنجِيا، أو ثلاثة، فأتوا المدينة، فخرج عمر وهم قعود يذكرونهم، فقال عمر: عَمَّ قلتم لهم؟ قالوا: استغفرنا لهم ودعونا لهم، قال: لتُحدثُتّى بما قلتم لهم أو لتلقون منى برجاء، قالوا: إنا قلنا إنهم شهداء، قال: والذى لا إله إلا هو، والذى بعث محمدا بالحق لا تقوم الساعة إلا بإذنه، ما تعلم نفس حية ماذا عند اللَّه لنفسٍ ميتة إلا نبى اللَّه، فإن اللَّه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والذى لا إله غيرهُ والذى بعث محمدا بالحق والهدى لا تقوم الساعةُ إلا بإذنه، إن الرجل يقاتل رياء، ويقاتل حمية، ويقاتل يريد الدنيا، ويقاتل يريد المال، وَما للذين يقاتلون عند اللَّه إلا ما في أنفسهم".
"عن سويدِ بن غفلةَ أن رجلًا من أهل الذّمة نَخَس بامرأة من المسلمين حمارَها ثم جابذها، فحال بينه وبينهَا عوفُ بن مالك وضربه، فأتى عمر فذكر ذلك له، فدعا بالمرأة فسألها فصدّقت عوفا، فأمر به فصلب، ثم قال: أيها الناس اتقوا اللَّه في ذمة محمد، فلا تظلموهم، فمن فعل منهم مثل هذا فلا ذمة لَه".
"عن العوامِ بن حَوشب قال: حدثنى شيخٌ كان مرابِطا بالساحلِ قال: خرجت ليلةً لحرسى، لم يخرج أحد مما كان عليه الحرص غيرى، فأتيت الميناء فصعدت عليه والميناء موضع الحرس، فجعل يخيل (إلى أن) البحر يشرف حتى يحاذى برءوس الجبال، ففعل ذلك مرارا، وأنا مستيقظ، فحدثت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب فقال: صدقت، حدثنا عمر بن الخطاب عن رسول اللَّه ﷺ قال: ليس من ليلة إلَّا والبحر مشرف ثلاث مرات على أهل الأرض ليستأذن اللَّه أن ينتضح عليهم يعنى يندفق، فَيَكُفُّه اللَّه، وحدثنى أبو صالح قال: أوصانا عمر بن الخطاب أن نشترك ثلاثة: رجل يبيع علينا، ورجل يغزو، ورجل يخلب علينا، فهذه نوبتى، فأنا الآن قافل إلى المدينة".
. . . .
"عن عبد الملك بن أَبى حُرّة الأسدى عن أبيه، وكان من أعلم الناس بالسوادِ قال: استقضَى عمر بن الخطاب حذيفةَ بن اليمان، فكتب إلى حذيفةَ بعشرِ خصالٍ، فحفظت ستًا ونسيت أربعًا: لا يُقْطِعَن إلا ما لكسرى أو لأهل بَيْتهِ، أو من قُتلَ في المعركةِ، أو دورِ البُرُد، أو موضع السجون، ومفيضِ الماء والآجام".
"عن سفيان بن وهب الخولانى قال: شهدت عمر بن الخطاب بالجابية، فحمد اللَّه وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعدُ فإن هذا الفئ أفاءه اللَّه عليكم، الرَّفيع فيه وَالْوَضِيعُ بمنزلةٍ، ليس أحد أحق به من أحد، إلا ما كان من هذين الحيَّيْن: لخمٍ وجُذام، فإنى غير قاسمٍ لهم شيئا، فقام رجلٌ من لخم فقال: يا بن الخطاب أنشدك اللَّه في العدلِ، فقال: أفما يريدُ ابن الخطاب العدل والسوية؟ ! واللَّه إنى لأعلم لو كانت الهجرة بصنعاء ما خرج إليها من لخمٍ وجذام إلا القليل، فلا أجعلُ من تكلف السفر وابتاع الظهرَ بمنزلة قوم إنما قاتَلُوا في ديارهم، فقام أبو حُدَيْرٍ فقال: يا أمير المؤمنين: إن كان اللَّه ساق إلينا الهجرة في ديارنا فنصرناها وصدَّقناها، أفذاك الذى يُذهب حقنا في الإسلام؟ فقال عمر: واللَّه لأقسمن لكم ثلاث مرات، ثم قسم بين الناس فأصاب كل رجل نصفَ دينار، وإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا، وإذا كان وحده أعطاه نصف دينار، ثم دعا ابن قاطورا صاحبَ الأرض فقال: أخبرنى ما يكفى الرجل من القوتِ في اليوم والشهرِ، فأتى بالمُدِّ والقسط، فقال: يكفيه هذا المُدُّ في الشهر، وقسطُ زيت، وقسطُ خلٍّ،
فأمر عمر بِمُدَّىْ قمح فطُحِنا ثم عُجِنا، ثم أدهَهَمها بقسطين زيتًا، ثم أجلس عليهما ثلاثين رجلًا فكانت كِفَافَ شبعهم، ثم أخذ عمر المُدَّيْنِ والقسط بِيساره، ثم قال: اللهم لا حِلَّ لأَحَد أن ينقِصَهُمَا (بعدى، اللهم فمن نقصهما فانقص من عمره) ".
"عن مجلز قال: قال عمرُ: من تستخلفون بعدى؟ فقال رجلٌ من القوم: الزبيرَ بن العوامِ، قال: إذًا تستخلفونه شَحِيحًا غَلِقا -يعنى: سئ الأخلاق- فقال رجل: نستخلفُ طلحة بن عُبيد، فقال: كيف تستخلفون رجلا كَانَ أولَ شئ نحله رسول اللَّه ﷺ أرضنا نحلها إياه فجعلها في مهر يهودية؟ فقال رجل من القوم: نستخلف
عليا، فقال: إنكم لعمرى لا تستخلفونه، والذى نفسى بيده لو استخلفتموه لأقامكم على الحق وإن كَرِهْتم، فقال الوليد بن عقبة: قد علمنا الخليفة من بعدك، فقعد فقال: من؟ قال: عثمان بن عفان، وكان الوليد أخا عثمان لأمه، قال: وكيف بحب عثمانَ المال، وبره بأهل بيته؟ ! ".
"عن عزرة أن أهل الشام قالوا لعمر: إن أفضل أموالنا الخيلُ والرقيق، فأخذهم عمر لكل فرس عشرة، ولكل رأس عشرة، ثم رزقهم فكان يعطيهم أكثر مما أخذ منهم".
"عن سلمان بن ربيعة قال: نَظَرنا إلى عمرَ بن الخطاب يوم النفرِ الأول فخرج علينا تقطرُ لحيتُه، ما في يده حُصَيَّات، وفى حُزُمه حُصيات، ماشيا يكبر في طريقه حتى أتى الجمرةَ الأولى فرماهَا حتى انقطع من الحصيات لا يناله حصى من رمى، ثم دعا ساعة، ثم مضى إلى الجمرة الوسطى ثم الأخرى".
"عن أوس الثعلبى قال: أكريت جرير بن عبد اللَّه في الحج، فقدم على عمر فسأله عن أشياء فكان فيما سأله قال: وجدت نساءك؟ قال: يا أمير المؤمنين: ما أستطيع أن أقبل امرأة منهن في غير نوبتها، وما خرجت لحاجة إلا قالت: كنت عند فلانة، فقال عمر: إن كثيرا منهن لا يؤمن باللَّه ولا يؤمن للمؤمنين، ولعل أحدًا يكون في حاجةِ بعضهن، أو يأتى السوق فيشترى الحاجة لبعضهن فتتهمه، فقال ابن مسعود: يا أمير المؤمنين: أما علمت أن إبراهيمَ خليل الرحمن شكا إلى اللَّه رَدَاءةً في خُلُقِ سارة، فقال له: إن المرأة كالضِّلع إن تركتها اعوجت، وإن قوَّمتها كسرت، فاستمتع بها على ما فيها، فضرب عمر بين كتِفى ابن مسعود وقال: لقد جعل اللَّه في قلبِك يا ابن مسعود غير قَليلٍ".
"عن أَبى مليكة ان ابن الزبير أُتِى بوَصِيفٍ سرَق، فأمر به فَشُبِرَ، فوجده ستة أَشْبارِ، فقطعه، وحدثنا أن عمر كتب في غلام من أهل العراق سرق فكتب أن اشبروه إن وجدتموه ستة أشبار فاقطعوه، فشبروه فوجدوه ستة أشبار ينقص أنملة (فترك) ".
"عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ أُتِىَ بغُلَامٍ سَرَقَ فَأَمَرَ بِهِ فَشُبِرَ فَوُجِدَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ إِلَّا أَنْمُلَة فَتَرَكَهُ (فَسُمِّى الغُلَامُ نُمَيْلَةَ) ".
"عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى مَكَّةَ فَاسْتَقْبَلَنَا أَمِيرُ مَكَّةَ نَافِعُ بْنُ عَلْقَمَةَ (وَسُمِّى بِعَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ: نَافِعٌ) فَقَالَ: مَنْ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى مَكَّةَ؟ قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى، قَالَ: عَمدْتَ إِلَى مَوْلًى مِنَ المَوالِى فَاسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى مَنْ بِهَا مِنْ قُرَيْشٍ وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه ﷺ ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ وَجَدْتُهُ أَقْرَأَهُمْ لِكَتَابِ اللَّه، ومَكَّةُ أَرْضٌ مُحْتَضَرَةٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَسْمَعُوا كتَابَ اللَّه مِنْ رَجُلٍ حَسَنِ الْقِرَاءَة، قَالَ: نعْمَ مَا رَأَيْتَ (إِنَّ اللَّه يَرْفَعُ بالْقُرآنِ أَقْوامًا، وَيَضَعُ بِالْقُرْآنِ أَقْوَامًا) وإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى مِمَّنْ يَرْفَعُهُ اللَّه بِالْقُرْآنِ".
"عَن الشَّعْبِىِّ قَالَ: جَاءَتِ امرْأةٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فَقَالَتْ: أَشْكُو إِلَيْكَ خَيْرَ أَهْلِ الدُّنْيَا إلَّا رَجُلًا سَبَقَهُ بعَمَل أَوْ عَمِلَ مِثْلَ عَمَلِهِ: يَقُومُ اللَّيْلَ حَتَّى يُصْبِحَ، وَيَصُومُ النَّهَارَ حَتَّى يُمْسِى، ثُمَّ (تَجَلَّاهَا) الْحَيَاءُ فَقَالَتْ: أَقِلْنِى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، فَقَالَ: جَزَاكِ اللَّه خَيْرًا فَقَدْ أَحْسَنْتِ الثَّنَاءَ، قَدْ أَقَلْتُكِ، فَلَمَّا وَلَّتْ قَالَ كَعْبُ بْنُ سورٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ: لَقَدْ أَبْلَغَتْ إِلَيْكَ فِى الشَّكْوَى! فَقَالَ: مَا اشْتَكَتْ؟ قَالَ: زَوْجَهَا، قَالَ: عَلَىَّ
"عَنْ أَرطبان قَالَ: لَمَّا عُتِقْتُ اكْتَسَبْتُ مَالًا، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِزَكَاتِهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قُلتُ: زَكَاةُ مَالِى، فَقَالَ: وَلَكَ مَالٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: بَارَكَ اللَّه لَكَ فِى مَالِكَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِير المؤمنينَ: وَفِى وَلَدِى، قَالَ: وَلَكَ وَلَدٌ؟ قلتُ: يَكُونُ، قَالَ: بَارَكَ اللَّه لَكَ فِى مَالِكَ وَوَلَدِكَ".
"عَنْ أَبِى رَافِعٍ الصَّائِغ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب سَنَتَيْنِ فَقَنَتَ بِهِمْ قَبْلَ الرَّكْعَةِ".
"عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَن أَبيه قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِعَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ، وَلأَبِى الدَّرْدَاء، وَلأَبِى ذَرٍّ: مَا هَذَا الْحَدِيَثُ عَن رَسُولِ اللَّه ﷺ ؟ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَخْرُجُونَ مِن الْمَدِيِنَةِ حَتَّى مَاتَ".
"عَن سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ كَانَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِى سَفَرٍ فَأَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَلَيسَ مَعَهُ مَاءٌ، فَقَالَ: أتَرَوْنَا لَوْ رَفَعْنَا نُدْرِكُ الْمَاءَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَرَفَعُوا دَوَابَّهُمْ فَجَاءُوا الْمَاءَ قَبْلَ طُلُوع الشَّمْسِ، فَاغْتَسَلَ عُمَرُ وَأَخَذَ يَغْسِلُ مَا أَصَابَ (ثَوْبَهُ) مِنَ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَوْ الْمُغِيرَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: لَوْ صَلَّيْتَ فِى غَيْرِ هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقَال: أَتُرِيدُ أَنْ لَا أُصَلِّى فِى ثَوْبٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَيُقَالُ: إِنَّ عُمَرَ لَمْ يُصَلِّ فِى ثَوْبِ أَصَابَتهُ جَنَابَةٌ؟ لَا، بَل أَغْسِلُ مَا رَأَيْتُ وَأَرُشُّ مَا لَمْ أَرَ".
"عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَنَّ عُمَرَ عَرَّسَ فِى بَعْضِ الطَّرِيقِ قَرِيبًا مِنْ بَعْضِ الْمِيَاه، فَاحْتَلَمَ فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أَتَرَوْنَا نُدْرِكُ الْمَاءَ قَبْلَ طُلُوع الشَّمْسِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَدْرَكَ الْمَاءَ فَاغْتَسَلَ وَصَلَّى".
"عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ أَسْبِقَهَا إِلَى الْغُسْلِ، فَأَغْتَسِلَ ثُمَّ أَتَكَوَّى بِهَا حَتَّى أَدْفَأَ (ثم آمُرَهَا فَتَغْتَسِلَ) ".
"عَنْ إِبْرَاهيمَ التَّيْمِى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَفْعَلُهُ وَيَأمُرُ بِهِ".
"عَن ابْنِ جُرَيجٍ قَالَ: بَلَغَنى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَغْتَسِلُ إِلَى بَعِيرِهِ".
"عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُوَرِّثُ الأخْوَةَ مِنَ الأخْوَةِ مِنَ الأُمِّ من الدِّيَةِ".
"عَنْ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ فَبَايَعْتُهُ وَأَنَا غُلَامٌ عَلَى كِتَابِ اللَّه وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ "لَنَا وَهِى عَلَيْنَا، فَضَحِكَ وَبَايَعَنِى".
"عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب عَلَى أَصْحَابِهِ يَوْمًا فَقَالَ: أَفْتُونِى فِى شَىْءٍ صَنَعْتُهُ الْيَومَ، فَقَالُوا: مَا هُوَ يَا أَميرَ المُؤْمِنينَ؟ قَالَ: مَرَّتْ بِى جَارِيَةٌ لِى فَأَعْجَبَتْنِى فَوَقَعْتُ عَلَيْهَا وَأَنَا صَائِمٌ، فَعَظَّمَ عَلَيْه الْقَوْمُ، وعَلِىٌّ سَاكتٌ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا بْنَ أَبِى طَالِبٍ؟ فَقَالَ: جِئتَ حَلالًا، ويَومٌ مَكانَ يَومٍ، فَقالَ: أَنْتَ خَيرُهُمْ فَتْوَى".
"عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: جَاءَتْ عَائشَةُ إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَهُوَ يُعَالِج ما يُعَالِج الْمَيِّتُ وَنَفْسُهُ فِى صَدْرِهِ، فَتَمَثَّلَتْ بِهَذَا البَيْتِ:
لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِى الثَّرَاءُ عَنِ الفَتَى ... إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
فَنَظَرَ إِلَيْهَا كَالْغَضْبَانِ ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ يَا أُمَّ الْمُؤْمنينَ، وَلَكِنْ (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) إِنِّى قَدْ نَحَلْتُك حَائطًا وَإِنَّ فِى نَفْسِى منْهُ شَيْئًا، فَرُدِّيهِ إِلى الْمِيرَاثِ، قَالَتْ: نَعَمْ قَدْ رَدَدْتُهُ (فَقَالَ): أمَا إِنَّا مُنْذُ وَليِنَا أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ نَأكُلْ لَهُمْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَكِنَّا قَدْ أَكَلْنَا مِنْ جَرِيشِ طَعَامِهِمْ فِى بُطُونِنَا، وَلَبسْنَا مِنْ خَشِنِ ثِيَابِهِمْ عَلَى ظُهُورِنَا، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مِنْ فَئ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلٌ وَلَا كَثيرٌ إلَّا هَذَا الْعَبْدَ الْحَبَشِىَّ، وَهَذَا الْبَعيرَ النَّاضِحَ، وَجَرْدَ هَذِهِ الْقَطِيفَةِ، فَإِذَا مِتُّ فَابْعَثِى بِهِنَّ إِلَى عُمَرَ، وَابْرَئِى مِنْهُنَّ، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُولُ لِعُمَرَ بَكَى حَتَّى جَعَلَتْ دمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى الأَرْضِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّه أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ، يَا غُلَامُ ارْفَعْهُنَّ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سُبْحَانَ اللَّه! ! تَسْلُبُ عِيَالَ أَبِى بَكرٍ عَبْدًا حَبَشِيًا، وَبَعِيرًا نَاضِحًا، وَجَرْدَ قَطِيفَةٍ ثَمَنَ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ؟ قَالَ: فَمَا تَأمُرُ؟ قَالَ: تَرُدُّهُنَّ عَلَى عِيَالِهِ، فَقَالَ: لَا، وَالَّذِى بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالحَقِّ لَا يَكُونُ هَذَا فِى وِلَايَتِى أَبَدًا، وَلَا يَخْرُجُ أَبُو بَكْرٍ منْهُنَّ عنْدَ الْمَوْتِ وَأَرُدُّهُنَّ أَنَا عَلَى عيَالِهِ، الْمَوْتُ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ".
"عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ اسْتَسْلَفَ مِن بَيْتِ الْمَالِ ثَمَانينَ أَلْفًا، فَدَعَا عَبْدَ اللَّه بْنَ عُمَرَ فَقَالَ: بِعْ فِيهَا أَمْوالَ آلِ عُمَرَ، فَإِنْ وَفَّتْ وَإلَّا فَسَلْ بَنِى عَدِىٍّ، فَإِنْ وَفَّتْ وَإلَّا فَسَلْ قُرَيْشًا وَلَا تَعِدْهُمْ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَلَا تَسْتَقْرِضُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى تُؤَدِّيَهَا؟ قَالَ: مَعَاذَ اللَّه أَنْ تَقُولَ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ بَعْدِى: أَمَّا نَحْنُ فَقَدْ تَرَكْنَا نَصِيَبنَا لِعُمَرَ فَتُغرونِى بِذَلِكَ فَتَتْبَعُنِى تَبِعَتُهُ وَأَقَعُ فِى أمْرٍ لَا يُنْجينِى إِلَّا الْمَخْرجُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لِعَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ: اضْمَنْهَا، فَضَمِنَهَا، فَلَمْ يُدْفَنْ عُمَرُ حَتَّى أَشْهَدَ بِهَا ابْنُ عُمَرَ عَلَى نَفْسهِ أَهْلَ الشُّورَى وَعِدَّةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَمَا مَضَتْ جُمُعَةٌ بَعْدَ أَنْ دُفُنَ (عُمَرُ) حَتَّى حَمَلَ ابْنُ عُمَرَ الْمَالَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَأَحْضَرَ الشُّهودَ عَلَى الْبَرَاءَةِ بِدَفْعِ الْمَالِ".
"عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: لَا أجِدُ (أحَدًا) جَامَعَ فَلَمْ يَغْتَسِلْ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ إِلَّا عَاقَبْتُهُ".
"عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلمَةَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبِ وأَشَيَاخٌ قَالُوا: (رَأَى) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِى الْمَنَامِ قَالَ: رَأَيْتُ دِيكًا أَحْمَرَ نَقَرنِى ثَلَاثَ نَقَراتٍ بَيْنَ الثُّنَّةِ وَالسُّرة، قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيسٍ أُمُّ عَبْدِ اللَّه بْنِ جَعْفَرٍ: قُولُوا لَهُ: فَلْيُوصِ -وَكَانَتْ تُعَبِّرُ الرُّؤيَا- فَجَاءَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْكَافِرُ الْمَجُوسِىُّ عَبْدُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ: إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ حَمَلَ عَلَىَّ مِنَ الْخَرَاجِ مَا لَا أطيقُ، قَالَ: كَمْ جَعَل عَلَيْكَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَمَا عَمَلُكَ؟ قَالَ: أَجُوبُ الأرْحَاءَ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ عَلَيْكَ بِكَثِيرٍ، لَيْسَ أَحَدٌ بِأَرْضِنَا يَعْمَلُهَا غَيْرُكَ، أَلَا تَصْنَعُ لِى رَحًا؟ قَالَ: بَلَى وَاللَّه لأَجْعَلَنَّ لَكَ رَحًى يَسْمَعُ بِهَا أَهْلُ الآفَاقِ، فَخَرَجَ عُمَرُ إِلَى الْحَجِّ فَلَمَّا صَدَرَ اضْطَجَعَ بِالْمُحَصِّبِ وَجَعَلَ رِدَاءَهُ تَحْتَ رَأسِهِ، فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ فَأَعْجَبَهُ إِشْرَاقُهُ وَحُسْنُهُ، فَقَالَ: بَدَا ضَعِيفًا ثُمَّ لَمْ يَزَلِ اللَّه يَزِيدُهُ وَيُنمِّيه حَتَّى اسْتَوى، فَكَانَ أَحْسنَ مَا كَانَ، ثُمَّ هُوَ يَنْقَصُ حَتَّى يَرْجِعَ كَما كَانَ، وَكَذَلِكَ الْخَلْقُ كُلُّهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ رَعيَّتِى قَدْ كَثُرَتْ وانْتَشَرَتْ، فَاقْبِضْنِى إِلَيْكَ غَيْرَ عَاجِزٍ وَلَا مُضَيِّعٍ، فَصَدَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ امرأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَاتَتْ بِالْبَيْدَاءِ مَطْرُوحَةً عَلَى الأَرْضِ يَمُرُّ بَهِا النَّاسُ لَا يُكَفِّنُها أَحَدٌ وَلَا يُوَاريها أَحَدٌ، حَتَّى مَرَّ بِهَا
كُلَيْبُ بْنُ الْبُكِير اللَّيْثِىُّ فَأَقَامَ عَلَيْهَا حَتَّى كَفَّنَهَا وَوَارَاهَا، فذُكِرَ لِعُمَرَ فَقَالَ: (مَنْ مَرَّ بِهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالُوا: لَقَدْ مَرَّ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ فَيِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنَ النَّاسِ، فَدَعَاهُ وَقَالَ: وَيْحَكَ مَرَرْتَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْمُسْلِمينَ مَطْرُوحَةٍ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيق فَلَمْ تُوَارِهَا وَلَمْ تُكَفِّنْهَا، قَالَ: وَاللَّه مَا شَعَرْتُ بِهَا وَلَا ذَكَرَهَا إِلىَّ (أحَدٌ)، فَقَالَ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيكَ خَيرٌ، فَقَالَ: مَنْ وَارَاهَا وَكَفَّنَهَا؟ قَالُوا: كُلَيْبُ بْنُ بُكَيرٍ الليْثِىُّ، قَالَ: وَاللَّه لحَرِىٌّ أَنْ يُصِيبَ كُلَيْبٌ خَيْرًا، فَخَرَجَ عُمَرُ يُوقِظُ النَّاسَ بِدِرَّتِهِ لِصَلَاةِ الصُّبْح، فَلَقِيَهُ الْكَافِرُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فَطَعَنَهُ ثَلَاثَ طَعَنَاتٍ بَيْنَ الثُّنَّةِ وَالسُّرَّةِ وَطَعَنَ كُلَيْبَ بْنَ بُكْيرٍ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ، وَتَصَايَحَ النَّاسُ، فَرَمَى رَجُلٌ عَلَى رَأَسِهِ بِبُرْنُسٍ ثم اضْطَبَعَهُ عَلَيْهِ، وَحُمِلَ عُمَرُ إِلَى الدَّارِ، فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف بِالنَّاسِ، وَقِيلَ لِعُمَرَ: الصَّلَاةُ، وَجُرْحُهُ يَثْغبُ، قَالَ: لَا حَظَّ لمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، فَصَلَّى وَدَمُهُ يُثْغِبُ ثُمَّ انْصَرَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأسٌ وَإِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يُبْقى اللَّه لَكَ فِى أَثَرِكَ وَيُؤَخِّرَكَ إِلَى حِينٍ! فَدَخَلَ عَلَيْه ابْنُ عَبَّاسٍ -وَكَانَ يُعْجَبُ بِه- فَقَالَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَنْ صَاحِبِى؟ ثُمَّ خَرَجَ فَجَاءَ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ، صَاحَبُكَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الْمَجُوسِىُّ غُلَامُ الْمُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ فَكَبَّرَ حَتَّى خَرَجَ صَوْتُهُ مِنَ الْبَاب، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذى لَمْ يَجْعَلْ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمينَ يُحَاجُّنِى بِسجْدةٍ سَجَدَهَا للَّه يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ: أَكَانَ هَذَا عَنْ مَلأٍ مَنكُمْ؟ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّه، وَاللَّه لَوَدِدْنَا أَنَّا فَدَيْنَاكَ بِأَبْنَائِنَا وَزدْنَا فِي عُمُرِكَ مِنْ أَعْمَارنَا، إِنَّهُ لَيْسَ بِكَ بَأسٌ، فَقَالَ: أَىْ يرفأ! اسْقِنِى، فَجَاءَهُ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ حُلْوٌ فَشَرِبَهُ فَأَلْصَقَ رِدَاءَهُ بِبَطْنِهِ، فَلَمَّا وَقَعَ الشَّرَابُ فِى بطْنِهِ خَرَجَ مِنَ الطَّعَنَاتِ فَقَالُوا: الْحَمْدُ للَّه هَذَا دَمٌ اسْتَكَنَّ فِي جَوْفِكَ فَأَخْرَجَهُ اللَّه مِنْ جَوْفِكَ، قَالَ: أَىْ يَرْفأ: اسْقِنِى لَبَنًا، فَجَاءَهُ بَلَبَنٍ فَشَرِبَهُ فَلَمَّا وَقَعَ فِى جَوْفَهِ خَرَجَ مِنَ الطَّعَنَات، فَلَمَّا رَأوْا ذَلِكَ عَلِمُوا أَنَّهُ هَالِكٌ، قَالُوا: جَزَاكَ اللَّه خَيْرًا قَدْ كُنْتَ تَعْمَلُ فِينَا بَكِتَابِ اللَّه وَتَتَّبِعُ سَنَّةَ صَاحِبَيْكَ، لَا تَعْدِلُ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا، جَزَاكَ اللَّه أَحْسَنَ الْجَزَاءِ قَالَ: أَبِلإِمَارَةِ تَغْبِطُونَنِى؟ فَوَاللَّه لَوَدِدْتُ أَنِّى أَنْجُو مِنْهَا كفَافًا لَا عَلَىَّ وَلَا لىَّ، قُومُوا فَتَشَاوَرُوا فِى أَمْرِكُمْ، أَمِّرُوا
عَلَيْكُمْ رَجُلًا مْنِكُمْ، فَمَنْ خَالَفَهُ فَاضْرِبُوا رَأْسَهُ، فَقَامُوا وَعَبْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ مُسْنِدُهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّه: أَتُؤمِّرُونَ وَأمِيرُ الْمُؤمنينَ حَىٌّ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَا؛ وَلْيُصَلِّ صُهَيبٌ ثَلَاثًا وَانْتَظِرُوا طَلْحَةَ، وَتَشاوَرُوا فِى أَمْرِكُمْ، فَأمِّرُوا عَلَيْكُمْ رَجُلًا مِنْكُمْ فَمَنْ خَالَفَهُ فاضْرِبُوا رَأسَه، قَالَ: اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ فَاقْرَأ عَلَيْهَا السَّلَامَ وَقُلْ: إِنَّ عُمَرَ يَقُولُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِكِ وَلَا يُضيِّقُ عَلَيْكِ فَإِنِّى أحبُّ أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَىَّ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِكِ وَيُضَيِّقُ عَلَيْكِ فَلَعَمْرِى لَقْدُ دُفِنَ فِى هَذَا الْبَقيعِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه ﷺ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَن هُوَ خَيْرٌ مِنْ عُمَرَ، فَجَاءَهَا الرَّسُولُ فَقَالَتْ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّنِى وَلَا يُضَيِّقُ عَلَىَّ، قَالَ: فَادْفِنُونِى مَعَهُمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ عُمَرَ: فَجَعَلَ المَوْتُ يَغْشَاهُ وَأَنَا أُمْسِكُهُ إِلَى صَدْرِى، قَالَ: وَيْحَكَ ضَعْ رَأسِى بِالأَرْضِ فَأَخَذَتْهُ غَشْيَةٌ فَوَجَدْتُ مِنْ ذَلِكَ، فَأَفَاقَ فَقَالَ: وَيْحَكَ ضَعْ رَأسِى بِالأَرْضِ، فَوَضَعْتُ رَأسَهُ بِالأَرْضِ فَعَفَرَهُ بِالتُّرَابِ وَقَالَ: وَيْلَ عُمَرَ، وَيْلَ أُمِّهِ إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللَّه لَهُ".
"عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِى قَوْلِهِ (تَعَالَى): {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} قَالَ: نَزَلَتْ فِى عُثْمَانَ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ؛ قَبَضَ مِنْهُ النَّبِىُّ ﷺ مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ وَدَخَلَ بِه الْبَيْتَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ، فَدَعَا عُثْمَانَ فَدَفَعَ إِلَيْه الْمِفْتَاحَ، قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّه ﷺ مِنَ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: "فِدَاهُ أَبِى وَأُمِّي" مَا سَمِعْتُهُ يَتْلُوهَا قَبْلَ ذَلِكَ".