"عن مجاهد أَنَّ عمر بن الْخطاب رأَى أبا الدرداء مُبْقَعَ الرِّجْلَيْنِ، فقال: يَا أَبا الدَّرْدَاءِ مَا لَكَ؟ قَالَ: الْقَرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَعَثَ إِليْهِ بِخَمِيصَةٍ وقال: أَجِدَّ الآن الطُّهورَ".
31.04. Actions > ʿUmar b. al-Kaṭṭāb (45/75)
٣١.٠٤۔ الأفعال > مسند عمر بن الخطاب ص ٤٥
"عن عبد اللَّه بن عبيد اللَّه بن عمير أن عمر بن الخطاب بعث أبا قتادة فقتل مَلِكَ فَارِسَ بِيَدِهِ وعليه مِنْطَقَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَنَفَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ".
"عن عثمان بن عبد اللَّه بن موهب قال: مر جبيرُ بن مطعمٍ على ماءٍ فسألوه عن فَرِيضةٍ، فقال: لا عِلْمَ لِى، ولكنْ أَرْسِلُوا مَعِى حَتَّى أَسْألَ لكم عنها، فأرسلوا معه، فأتى عمر فسأله، فقالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ فَقيهًا عَالمًا فَلْيَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ جُبَيْرُ بْنُ مُطعَمٍ؛ سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: اللَّه أَعْلَمُ".
"عن يزيد بن الأصم قال: لما تُوُفِّى خالد بن الوليد بكت عليه أمُّ خالدٍ، فقال عمرُ: يَا أُمَّ خالِدٍ: أَخَالِدًا وَأَجْرَهُ تُرْزَئِينَ جَمِيعًا؟ عَزَمْتُ عَلَيْكِ أَن لَا تَبِيتِى حَتَّى تُسَوَّدَ يَدَاكِ مِنَ الْخِضَابِ".
"عن ثعلبة بن أَبى مالك قال: رأيت عمرَ بن الخطاب مَرَّ بقباء يوم السبت ومعه نفر من المهاجرين والأنصار، فإذا أناس من أهل الشامِ يُصلُّون في مسجد قُبَاءَ حُجَّاجًا، قال: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: مِنْ حِمْصَ، قال: هَلْ كَانَ من مُغْرِبَةٍ خَبَرٌ؟ قالوا: مَوْتُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ يَوْمَ رَحَلْنَا مِنْ حِمْصَ، فاسْتَرْجَعَ عمرُ مرارًا وَنَكَّسَ وأَكثر الترحُّمَ عليه وقال: كَانَ وَاللَّه سَدَّادًا لِنُحُورِ الْعَدُوِّ، مَيْمُونَ النَّقِيبَة، فقال له على بن أَبى طالب: فَلِمَ عَزَلْتَهُ؟ قال؟ عَزَلْتُهُ لِبَذْلِ الْمَالِ لأَهْلِ (الشَّرَف) وَذَوِى اللِّسَانِ، قال على: فَكُنْتَ تَعْزِلُهُ عَنِ التَّبْذِيرِ فِى الْمَالِ وَتَتْرُكُهُ عَلَى جُنْدِهِ، قال: لَمْ يَرْضَ، قال: فَهَلَّا بَلَوْتَهُ؟ ! ".
"عن شيخ من بنى غفار قال: سمعت عمر بن الخطاب يقولُ -وذكرَ خالدًا وموته فقال قَدْ ثَلمَ فِى الإِسْلَامِ ثَلمَةً لَا تُرْتَقُ، فقلت: يا أميرَ المؤمنين لم يكن رأيُك فيه في حياتهِ على هذا، قال: نَدِمْتُ عَلَى مَا كَانَ مِنِّى إِلَيْهِ".
"عن شقيق بن سلمة قال: لما مات خالد بن الوليد اجتمع نسوة بنى المغيرة في دار خالدٍ يبكين عليه، فقيل لعمر: إِنَّهُنَّ قَدِ اجْتَمَعْنَ فِى دارِ خالدٍ وهن خَلِقَاتٌ أَنْ يُسْمِعْنَكَ بَعْضَ ما تَكْرَهُ، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِنَّ فَانْهَهُنَّ، فقال عمر: وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُرِقْنَ مِنْ دُمُوعِهِنَّ عَلَى أَبِى سُلَيْمَانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعًا أَوْ لَقْلَقَةً".
"عن عبدِ اللَّه بن عِكْرِمةَ قال: عَجَبًا لقولِ النَّاسِ: إِنَّ عمر بن الخطابِ نهى عن النَّوْحِ؛ لقد بكى على خالد بن الوليد بمكة والمدينةِ نساءُ بنى المغيرة سبعًا يَشْقُقْنَ الْجُيُوبَ وَيَضْرِبْنَ الْوُجُوهَ، وَأَطْعمُوا الطَّعَامَ تِلْكَ الأَيَّامَ حَتَّى مَضَتْ، مَا نَهَاهُنَّ عُمَرُ".
"عن أسلم قال: سمعت عمرَو بن العاص يومًا ذكرَ عمرَ فترحَّم عليه ثم قال: ما رأَيتُ أحدًا بعد نبى اللَّه ﷺ وأبى بكر أخوفَ للَّه من عمرَ؛ لا يبالى على من وقعَ الحقُّ على ولد أو والد، ثم قال: واللَّه إِنِّى لفى منزلى ضحًى بمصرَ إذا أتانى آتٍ فقال: قدم عبد اللَّه وعبد الرحمنِ ابنا عمر غَازِيَيْن، فقلت للذى أخبرنى: أين نزلا؟ فقال: في موضع كذا وكذا -لأقصى مصر- (وقد كتب إلىَّ عمر: إياك أن يقدم عليك أحد من أهل بيتى فَتَحْبُوَهُ بأمر) لا تصنعه بغيره فأفعل بك ما أنت أهلُه، فأنا لا أستطيع أن أُهدى لهما ولا آتيهما في منزلهما خوفًا من أبيهما، فواللَّه إنِّى لعلى ما أَنَا عليه، إلى أن قال قائلٌ: هذا عبد الرحمن بن عمر وأَبو سروعة على الباب يستأذنان، فقلت: يدخلان، فدخلا (وهما) (منكسران) وتالا: أقم علينا حد اللَّه؛ فإنا قد أصبنا البارحة شرابا فسكرنا، فزبرتهما وطردْتُهما، فقال عبد الرحمن: إن لم تفعل أخبرت أَبى إذا قدمت عليه فحضرنى، (رأى) وعلمت إن لم أُقِمْ عليهما الحدَّ غضب علىَّ عمرُ في ذلك وعَزَلنى، وخالفه ما صنعت، فنحن على ما نحن عليه إذا دخل عبد اللَّه بن عمر، فقمت إليه ورحبت به، وأردت أن أجلسه على صدر مجلسى، فأبى على وقال: (إن) أَبى نهانى أن أدخل عليك إلا أن لا أجد بُدًا، وإنى لم أجد بُدًا من الدخول عليك إن أخى لا يُحْلَقُ (على) رءوس الناس أبدا، فأما الضربُ فاصنع ما بدا لك، قال: وكانوا يحلقون مع الحد، قال: فأخرجتهما إلى (صحن) الدار فضربتهما الحد، ودخل ابن عمر بأخيه عبد الرحمن إلى بيت من الدار فحلق رأسه، ورأس أَبى سروعة، فواللَّه ما كتبت إلى عمرَ بحرف مما كان
حتى إذا تحينت (كتابى) (فإذا هو يطم) فيه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْد اللَّه عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْعَاصِى ابْنِ الْعَاصِى، فَعَجِبْتُ لَكَ يَا بْنَ العَاصِ وَلِجُرْأَتِكَ عَلَىَّ وَخِلَافِ عَهْدِى! ! أَمَا إِنِّى قَدْ خَالَفْتُ فِيكَ أَصْحَابَ بَدْر مِمَّنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ وَاخْتَرْتُكَ لِجُرْأَتِكَ (عَنِّى) وَإنْفَاذِ عَهْدِى، فَأَرَاكَ تَلَوَّثْتَ بِمَا (قَدْ) تَلَوَّثْتَ (فَمَا) أُرَانِى إِلَّا عَازِلَكَ (وَمَنْشَى) عَزْلِكَ: تَضْرِبُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُمَرَ فِى بَيْتِكَ وَتَحْلِقُ رَأسَهُ فِى بَيْتِكَ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ هَذَا يُخَالِفُنِى؟ ! إِنَّمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَجُلٌ مِنْ رَعيَّتِكَ تَصْنَعُ بِهِ مَا تَصْنَعُ بِغَيْر مِنَ المُسْلِمِينَ، وَلَكِنْ قُلْتَ: هُوَ وَلَدُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنْ لَا هَوَادَةَ لأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ عِنْدِى فِى حَقٍّ يَجِبُ للَّه عَلَيْهِ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِى هَذَا فَابْعَثْ بِهِ فِى عَبَاءَةٍ عَلَى قَتَبٍ حَتَّى يَعْرِفَ سَوءَ مَا صَنَعَ، فبعثت به كما قال أبوه، وأقرأت ابن عمر كتابَ أبيه، وكتبت إلى عمرَ كتابًا أعتذر فيه وأخبره أنى ضَرَبْتُه في صحنِ دارى، وبِاللَّه الذى لا يُحْلَفُ بأعظمَ مِنْهُ إِنِّى لأقيمُ الحدودَ في صحن دارى على الذِّمِّىِّ وَالْمُسْلِمِ، وبعثت بالكتاب مع عبد اللَّه بن عمرَ، قال أسلم: فقُدِمَ بعبد الرحمن على أبيه، فدخل عليه وعليه عباءة ولا يستطيع المشى من مَرْكَبِهِ، فقال: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَعَلتَ وفَعَلَتِ السِّيَاطُ، فكلمه عبد الرحمن بن عوف، فقال: يا أمير المؤمنين قد (أقيم) عليه الحد مرة فما عليه أن تقيمه ثانيةً، فلم يلتفت إلى هذا عمر (وزبره)، فجعل عبد الرحمن يصيح: إنى مريض وأنت قاتلى، فضربه الثانية الحدَّ وحبسه، ثم مرض فمات".
"عن ابن عمرَ قال: شرِب -أى عبدُ الرحمنِ- وشرِب معه أبو سِروعة عقبة بن الحارث وهما بمصر في خلافة عمر فسكرا، فلما أصبحا انطلقا إلى عمرو بن
العاص وهو أميرُ مصر، فقالا: طَهِّرنا فإنا قد سكِرنا من شرابٍ شربناه، قال عبد اللَّه: فذكر لى أخى أنه سكر، فقلت: ادخل الدار أُطَهِّرك، ولم أشعر أنهما قد أتيا عَمْرًا، فأخبرنى أخى أنه قد أخبر الأمير بذلك، فقلت: لا يُحلَق اليوم على رءوس الناس، ادخل الدار أحلقك -وكانوا إِذ ذاك يحلقون مع الحدود- فدخل الدار، قال عبد اللَّه: فحلقت أخى بيدى ثم جلدهم عمرو، فسمع بذلك عمرُ، فكتب إلى عمرو: أَنِ ابْعَثْ إِلَىَّ بعَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى قَتَب، ففعل ذلك، فلما قدم على عمر جلَدهُ وعاقبه بمكان منه، ثم أرسَله، فلبث شهرا صحيحًا، ثم أصابه قَدَرُهُ فمات، فَيَحْسِبُ عامةُ النَّاسِ أنما مات من جَلْدِ عُمَرَ، ولم يمت من جلد عمر".
"عن شهر بن حَوْشَب قال: قال عمر: إن العلماء إذا حضروا يومَ القيامة كان معاذ بن جبل بين أيديهم قَذْفَةً بِحَجَرٍ".
"عن نيارٍ الأسلمى قال: كان عمر لَيَسْتَشِير في خلافَتهِ إذا حَزَبَهُ الأمرُ من أَهْلِ الشورَى ومن الأنصارِ معاذَ بن جبلٍ، وأبىّ بن كعب، وزيدَ بنَ ثابتٍ".
"عن سليمان بن يسارٍ قال: ما كان عمرُ ولا عثمانُ يُقَدِّمَانِ على زيدِ ابن ثابتٍ أحدًا في القضاء والفُتيا، والفرائضِ، والقِراءَة".
"عن عطاء بن يسار: أن عمر وعثمان كانا يَدْعُوانِ ابن عباس فيسيرُ مع أهل بدرٍ، وكان يفتى في عهدِ عمرَ وعثمانَ إلى يوم مات".
"عن جعفر بن محمدٍ عن أبيه قال: صُلى على رسول اللَّه ﷺ بغير إِمَامٍ، يَدْخل المسلمون عليه زُمَرًا زُمَرًا يُصَلُّون عليه، فلما فرَغوا نادى عمر: خَلُّوا الجنازةَ وأهلَها".
"عن ابن جريج قال: سمعت د اللَّه بن أَبى مليكة يحدث عمن لا أتهم أن عمر بن الخطاب سها وهو قائمٌ يصلى بالناس حين بدأَ في الصلاة، فنزلت يده على ذكَره، فأشار إلى النَّاسِ أن امكثُوا، وذهب وتوضأ، ثم جاء فَصَلَّى، فقال له أَبى: فلعلَّه وجد مَذْيًا، قال: لا أَدْرى".
عب
"عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب خرجَ إلى الصَّلاةِ فَقَبَّلتْه امرأته فصلَّى ولم يَتَوَضَّأ".
"عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر بن محمد بن عمر، وابن حزم، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر، أن عَاتِكَةَ بنتَ زيدٍ قبَّلت عمر بن الخطاب وهو صَائِمٌ فلم يَنْهها، قال: وهو يريدُ الصلاة، ثم مضى فصلَّى ولم يتوضأ".
"عن ابن عمر قال: هلكَ أسيدُ بنُ الحضيرِ وترَكَ عليه أَرْبَعة آلافِ درهمٍ دَينًا، وكان مالُه يُغِلُّ كلَّ عامٍ ألفًا، فأرادُوا بَيعَه، فبلغ ذلك عمرَ بن الخطاب فبعثَ إلى غَرمائِه فقال: هل لكم أن تَقْبِضوا كلَّ عامٍ ألفًا فتستوفُونه في أربع سِنين؟ قالوا: نعم يا أميرَ المؤمنين، فَأخَّروا ذلك، وكانوا يقبضون كل عام ألفًا".
"عن عبيد اللَّه بن عباس قال: كان للعباس مِيزَابٌ على طريقِ عمرَ، فَلبِس عمرُ ثيابَهُ يومَ الجمعة، وقد كَانَ ذُبحَ للعباسِ فرخان، فلما وافى الميزابَ صُبَّ فيه ماء فيه دمُ الفرخين فأصابَ عمرَ، فأمر عمرُ بقلعهِ، ثم رجعَ فطرحَ ثيابهُ ولبسَ غيرَها، ثم جاء فصلى بالناس، فَأَتَاهُ العباسُ فقال: واللَّه إِنَّهُ لَلمَوضِعُ الذى وضعه رسول اللَّه ﷺ ، فقال عمرُ للعباس: فأنا أعزم عليك لَمَا صَعِدتَ عَلَى ظهرى حتى تَضَعَهُ في الموضعِ الذى وضعه رسولُ اللَّه ﷺ ففعلَ ذلك العباسُ".
"عن سالمٍ أَبى النضر قال: لما كثُر المسلمون في عهدِ عمرَ ضاق بهم المسجدُ فاشترى عمرُ ما حولَ المسجدِ من الدورِ إلا دارَ العباسِ بنِ عبد المطلب وحُجَرَ أمهات المؤمنين، فقال عمرُ للعباس: يا أبا الفضلِ، إن مسجدَ المسلمين قد ضاقَ بهم وقد ابتعتُ ما حولَه من المنازل نوسعُ به على المسلمين في مسجدِهم إلا دارَك وحُجرَ أمهاتِ المؤمنين، فأمَّا حُجرُ أمهاتِ المؤمنين فلا سبيل إليها، وأما دَارُك فبِعْنيهَا بما شئت من بيتِ مالِ المسلمين أوَسِّعُ بها في مسجدهم، فقال العباس: ما كُنْتُ لأفعلَ فقال عمر: اخترْمنى إحدى ثلاثٍ: إما أن تَبِيعَنِيها بما شئتَ من بيتِ مالِ المسلمين، وإما أن أخُطَّك حيث شئت من المدينةِ وأَبْنيِها لك من بيت مالِ المسلمين، وإما أن تَصَّدقَ بها على المسلمين فتوسعَ بها في مسجدِهم، فقال: لا، ولا واحدةً منها، فقال عمرُ: اجعل بينى وبينَك من شئت، فقال: أُبَىّ بن كعب، فانطلقا إلى أُبَىٍّ فقصَّا عليه القصة فقال أَبىّ: إن شئتما حَدَّثُتكما بحديثٍ سمعته من رسول اللَّه ﷺ فقالا: حدثنا، فقال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: إن اللَّه أوحى إلى داود أن ابن لى بيتًا أُذْكر فيه، فخط له هذه الخُطة، خُطةَ بيت المقدس، فإذا تربيعُها بِزاوية بيتِ رجل من بنى إسرائيل، فسأله داود أن يبيعه إياه فأبى، فحدَّث داودُ نفسَه أن يأخذَه منه، فأوحى اللَّه إليه أن يا داودُ: أمرتُكَ أن تبنى لى بيتا أُذْكر فيه فأردتَ أن تُدْخِل في بيتى الغصب، وليس من شأنِى الغصبُ، وإن عقوبتك أن لا تبنيَه، قال: يا رب فَمِنْ ولدى؛ قال: من ولدِك، فأخذ عمرُ بمجامع ثياب أُبى بن كعب وقال: جئتك بشئ فجئت بما هو أَشدُّ منه، لتخرجنَّ مما قلت، فجاء يَقُودُه حتى أدخله المسجد، فأوقفه على حلقة من أصحاب رسول اللَّه ﷺ منهم أبو ذَرٍّ، فقال إِنِّى: نشدت اللَّه رجلًا سمع رسول اللَّه ﷺ يذكرُ حديث بيت المقدس حيث أمرَ اللَّه داود أن يبنيه إلا ذكره، فقال أبو ذر: أنا سمعته من رسول اللَّه ﷺ (وقال آخَرُ: أنا سمعته -يعنى من رسول اللَّه ﷺ ) فأرسل أُبَيًا، فأقبل أَبى على عمر فقال: يا عمر أتتهمنى على حديث رسول اللَّه ﷺ ؟ ! فقال عمر: يا أبا المنذر: لا واللَّه ما اتهمتك عليه، ولكنى كَرِهْت أن
يكون الحديث عن رسول اللَّه ﷺ غير ظاهر، وقال عمر للعباس: اذهب فلا أعرِض لك في دارك فقال العباس: أَمَّا إذا فَعْلت هذا فإنى قد تصدقت بها على المسلمين (أوسع بها عليهم في مسجدهم، فأما وأنت تخاصمنى فلا، فخط عمر داره التى هى له اليوم وبناها من بيت مال المسلمين) ".
"عن ابن عباس قال: كانت للعباسِ دارٌ بالمدينة إلى جنب المسجد، فقال عمر: هبها لى أو بعنيها حتى أُدخلَها في المسجد، فأبى، قال: فاجعل بينى وبينَك رجلا من أعحابِ رسول اللَّه ﷺ ، فجعلا أبىَّ بن كعب بينهما، فقضى أُبى على عمرَ، فقال عمر: ما من أصحاب رسول اللَّه ﷺ أحد أجرأ علىَّ من أُبى، قال: أو أنصح لك منى يا أمير المؤمنين؟ ! أما علمت قصة إن داود لما بنى المقدس أدخل فيه بيت امرأة بغير إذنها، فلما بلغ حجز الرجال منع بناءهُ، فقال: أى ربِّ إذ منعتنى بناءَه فاجعله في عقبى من بعدى، فلما كان بعد، قال له العباس: أليس قد قضيت لى بها؟ قال: بلى قال: فهى لك قد جعلتها للَّه".
"عن أَبى جعفرٍ محمد بن على أن العباس جاء إلى عمر فقال له: إن النبى ﷺ أقطعنى البحرين، قال: من يعلم ذلك؟ قال: المغيرة بن شعبة، فجاء به فشهد له فلم يمض له عمر ذاك، كأنه لم يقبل شهادته، فأغلظَ العباس لعمرَ، فقال عمر: يا عبدَ اللَّه خذ بيد أبيك، وقال عمر: واللَّه يا أبا الفضل: لأنا بإسلامك كنت أسر منى بإسلام الخطاب لو أسلم لمرضاة رسول اللَّه ﷺ ".
"عن موسى بن عمر قال: أصاب النَّاسَ قحطٌ، فخرج عمرُ بن الخطاب ليستقى فأخذ بيدِ العباس فاستقبلَ به القبلةَ فقال: هذا عم نبيِّك جئنا نتوسل به إليك فاسقنا، فما رجعوا حتى سُقُوا".
"عن عبد الرحمن بن حاطب قال: رأَيتُ عمر آخذًا بيد العباس فقام به فقال: اللهم إنا نستشفعُ بعمِّ رسولك إليك".
"عن الأحنف بن قيس قال: عمر بن الخطاب يقول: إن قريشا رءوسُ الناس لا يدخل أحدٌ منهم في باب إلا دخلَ معه فيهِ طائِفَةٌ من الناس، فلم أدر ما تأويلُ قوله في ذا حتى طُعِنَ، فلما احتُضِر أمر صهيبًا أن يصلى بالناس ثلاثةَ أيام، وأمر أن يُجعَل
للناس طعَامٌ يَطعموا حتى يَستخلفوا إنسانا، فلما رجعوا من الجنازة جِئَ بالطعام ووضِعتِ الموائدُ، فأمسكَ الناس عنها للحزنِ الذى هم فيه، فقال العباسُ بن عبد المطلب: أيها الناس: إن رسول اللَّه ﷺ قد مات فأكلنا بعده وشربنا، وإنه لابدَّ من الأكل، فكلوا من هذا الطعامِ، ثُمَّ مَدَّ العباسُ يده فَأَكَل ومَدَّ الناس أيديهم فأكلوا، فَعرفتُ قول عمرَ: إنهم رُءُوسُ الناس".
"عن عامر الشعبى أن العباس تَحَفَّى عمر في بعض الأمرِ، فقال له: يا أميرَ المؤمنين: أرأيَت أن لو جاءك عمُّ موسى مُسْلمًا ما كنت صانعًا به للَّه قال: كُنْتُ واللَّه محسنا إليه، قال: فأنا عَمُّ محمدٍ النبى، قال: وما رأيُك يا أبا الفضل؟ فواللَّه لأَبوكَ أحَبُّ إلىَّ من أَبى! قال: اللَّه اللَّه؛ لأنِى كُنْتُ أعلمُ أنَّهُ أَحَبُّ إلى رسول اللَّه ﷺ (من أَبى، فإنِّى أوثرُ حُبَّ رسول اللَّه ﷺ ) على حُبِّى".
ابن سعد .
الأزهر الشريف
جمع الجوامع
المعروف بـ «الجامع الكبير»
تأليف
الإمام جلال الدين السيوطي (849 هـ - 911 هـ)
[المجلد السادس عشر]
جَمْعُ الْجَوَامِعِ المعْرُوفُ بِـ «الجامِعِ الْكَبِيرِ»
[16]
" عن الحسن قال: بقى في بيت المال على عهد عمر شئ بعدما قسم بين الناس، فقال العباس لعمر وللناس: أرأيتم لو كان فيكم عَمُّ موسى أكنتم تكرمونه؟ قالوا: نعم، قال: فأنا أحقُّ به، أنا عمُّ نبيكم ﷺ ، فكلم عمر الناس فأعطوه تلك البقية التى بقيت".
"عن العباس بن عبد اللَّه بن معبد قال: لما دوَّن عمر بن الخطاب الديوان كان أول من بدأ به في المدعى بنى هاشم، ثم كان أولُ بنى هاشم العباس بن عبد المطلب في وِلاية عمر وعثمان".
"عن موسى بن عبيدة قال: أخبرنا أَشياخُنا أن خالد بن سعيد بن العاص وهو من المهاجرين قتل رَجلًا من المشركين ثم لَبِسَ سَلبَهُ ديباجًا أو حريرًا، فنظر الناس إليه وهو مع عمر، فقالَ عمرُ: ما تنظرون؟ من شاء فليعمل مثلَ عمل خالدٍ، ثم يَلبَسُ لباس خالد".
"عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى ابْنِ بُرْثُنٍ قَالَ: قَدِمَ أَبُو مُوسَى وَزِيَادٌ عَلَى عُمَرَ ابْنِ الْخَطَّابِ فَرَأَى فِى يدِ زِيَادٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: اتَّخَذْتُمْ حِلَقَ الذَّهَبِ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسى: أَمَّا أنَا فَخَاتَمِى حَدِيدٌ، فَقَالَ عُمَرُ: ذَاكَ أَنْتَنُ أَوْ أَخْبَثُ، مَنْ كَانَ مْنِكُمْ مُتخَتِّمًا فَليَتَخَتَّمْ بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ".
"عَنْ مَحْمُود بْنِ لَبيدٍ قَالَ: أَمَّرَنِى يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَلَى جُرَشَ فَقَدمْتُهَا فَحَدَّثُونِى أَنَّ عَبْدَ اللَّه بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَال لِصَاحِبِ هَذَا الْوَجَعِ: الْجُذَامَ، اتَّقُوهُ كَمَا يُتَّقَى السَّبُعُ، إِذَا هَبَطَ وَادِيًا فَاهْبِطُوا غَيْرَهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: وَاللَّه لَئِنْ كَانَ ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَكُمْ هَذَا مَا كَذَبَكُمْ، فَلَمَّا عَزَلنِى عَنْ جُرَشَ قَدمْتُ الْمَدِينَةَ فلَقِيتُ عَبْدَ اللَّه بْنَ جَعْفَرٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ: مَا حِدَيثٌ حَدَّثَنِى بِهِ عَنْكَ أَهُلُ جُرَشَ؟ فَقَالَ: كَذَبُوا، مَا حَدَّثْتُهُمْ هَذَا، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب يُؤْتَى بِالإِنَاءِ فِيهِ الْمَاءُ فَيُعطِيهِ مُعَيْقِيبًا وَكَانَ رَجُلًا قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ ذَلِكَ الْوَجَعُ فَيَشْرَبُ مِنْهُ ثُمَّ يتَناوَلُهُ عُمَرُ مِنْ يَدِهِ فَيَضَعُ فَمَهُ (مَوْضَعَ فَمِهِ) حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ، فَعَرَفْتُ أَنَّمَا يَصْنَعُ عُمَرُ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ أَنْ يَدْخُلَهُ شَئ مِنَ الْعَدْوَى، قَالَ: وَكَانَ يطلُبُ لَهُ الطِّبَّ (مِنْ كُلِّ) منْ سَمِعَ لَهُ بِطِبٍّ حَتَّى قَدمَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: هَل عِنْدَكُمَا مِنْ طبٍّ لِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ؟ فَإِنَّ هَذَا الْوَجَعَ قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ، فَقَالَ: أَمَّا شَئٌ يُذْهِبُهُ فَلَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلكنَّا سَنُدَاوِيهِ دَوَاءً يَقِفُهُ (فَلَا يَزِيدُ) قَالَ عُمَرُ: عَافِيةٌ عَظِيمَةٌ أَنْ يَقِفَ فَلَا يَزِيدُ، فَقَالَا لَهُ: هَلْ تُنْبتُ أَرْضُكَ الْحَنْظَلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَا: فَاجْمَعْ لَنَا مِنْهُ، فَأَمَرَ فَجَمَعَ لَهُ مِنْهُ مِكْتَلَيْنِ عَظِيمَيْنِ فَعَمَدَا إِلَى كُلِّ حَنْظَلَةٍ فَشَقَّاهَا ثِنْتَيْنِ، ثُمَّ أَضْجَعَا مُعَيْقِيبًا ثُمَّ أخَذَ كُلُّ رَجُلٍ منْهُمَا بِإِحْدَى قَدَمَيهِ، ثُمَّ جَعَلَا يَدْلُكَانِ بُطَونَ قَدَمَيْهِ الْحَنْظَلَةَ حَتَّى إِذَا
(أَمْحَقَتْ) أَخَذَا أُخْرَى حَتَّى رَأَيْنَا مُعَيْقِيبًا يَتَنَخَّمُ أَخْضَرَ مُرًا، ثُمَّ أَرْسَلَاهُ، فَقَالا لِعُمَرَ: لَا يَزِيدُ وَجَعُهُ بَعْدَ هَذَا أَبَدًا، قَالَ: فَوَاللَّه مَا زَالَ مُعيْقِيبٌ مُتَمَاسِكًا لَا يَزِيدُ وَجَعُهُ حَتَّى مَاتَ".
"عَنْ خَارجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَاهُمْ لِغَدائِهِ فَهَابُوا وَكَانَ فِيهِمْ مُعَيْقِيبٌ وَكَانَ (بِهِ) جُذَامٌ فَأَكَلَ مُعَيْقِيبٌ مَعَهُمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: خُذْ مِمَّا يَلِيكَ وَمِنْ شِقِّكَ، فَلُو كَانَ غَيْرُكَ مَا آكَلَنِى فِى صَحْفَةٍ وَلَكَانَ بَيْنِى وَبَيْنه قِيدُ رُمْحٍ".
"عَنْ خَارجَةَ بْنِ زَيْد أَنَّ عُمَرَ وضُعَ لَهُ العَشَاءُ مَعَ النَّاسِ يَتَعَشَّوْنَ فَخَرَجَ فَقَالَ لِمُعَيْقِبِ بْنِ أَبِى فَاطِمَةَ الدَّوْسِى، وَكَانَ لَهُ صُحْبَة، وَكَانَ (مِنْ) مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ: ادْنُ فَاجْلِسْ؛ وَايْمُ اللَّه لَوْ كَانَ غَيْرُكَ بِهِ الَّذِى بِكَ مَا جَلَسَ مِنِّى أَدْنَى مِنْ قِيدِ رُمْحٍ".
ابن سعد، وابن جرير .
"عن القاسمِ قالَ: كَانَ عمرُ يَسْتَخْلِفُ زيدَ بنَ ثابتٍ في كل سفرٍ، وكان يُفرِّقُ النَّاسَ في البلدانِ، ويوجهُهُ في الأمورِ المهمةِ، ويُطْلَبُ إليهِ الرجالُ (المُسَمَّوْنَ)، فَقَالَ لَهُ: زيدُ بنُ ثابتٍ، فيقولُ لم يَسْقُطْ عَلَىَّ مكانُ زيدٍ، ولكنَّ أهل البلدِ محتاجونَ إلى زيدٍ فيمَا يجدونَ عندَهُ فيمَا يَحْدُثُ لَهمْ، (ما لا) يَجِدُونَ عِنْدَ غيرِهِ".
"عن سالم بنِ عبد اللَّه قَالَ: كنّا مع ابن عمر يومَ ماتَ زيدُ بنُ ثابتٍ فقلتُ: ماتَ عالمُ النَّاسِ اليومَ، فقالَ ابنُ عمر -يرحمهُ اللَّه-: اليومَ؟ فقد كَانَ عالمَ النَّاسِ في خلافةِ عمرَ وَحَبْرَهَا، فرَّقَهم عمرُ في البلدانِ ونهاهُمْ أن يُفْتُوا بِرَأيِهِمْ، وجلَسَ زيدُ بنُ ثابت بالمدينةِ (يُفْتِى أهْلَ المَدِينةِ)، وغَيرهُمْ مِن الطُّرَّاءِ -يعنى القُدَّام".
"عن سعد بن أَبِى وقاصٍ قالَ: ما رأَيتُ أَحدًا أحْضَر فَهْمًا ولا أَلَبَّ لُبًا ولا أكثَر عِلْمًا، ولا أَوْسَعَ حَلْمًا مِنَ ابْنِ عباسٍ، ولقد رأَيتُ عمرَ بنَ الخطابِ يدعوهُ لِلمُعْضِلَاتِ ثم يقولُ: عندكَ، قد جَاءَتْكَ معضلةٌ، ثم لا يجاوزُ قولَهُ، وإنَّ حَوْلَهُ لأَهلَ بدرٍ مِنَ المهاجرينَ والأنصارِ".
"عن ابنِ عباسٍ قَالَ: دخلتُ على عمرَ بنِ الخطابِ يومًا فسألنِى عَنْ مسألةٍ كَتَبَ إِليهِ بِهَا يَعْلى بنُ أميةَ من اليمنِ، فأَجبتُهُ فِيهَا، فقالَ عمرُ: أشهدُ أَنَّكَ تَنْطِقُ عن بَيْتِ نُبُوَّةٍ".
"عن عبد اللَّه بن محمدِ بن عمارِ بنِ سعدٍ، وعمارِ بنِ حفصِ بن عمرَ
ابن سعدٍ، وعمرَ بن (حفص بن) عمرَ بن سعدٍ، عن آبائِهِمْ، عن أجدادِهِمْ أنهمْ أخبروهُمْ أَنَّ النجاشِىَّ الحبشِىَّ بعثَ إِلَى رسولِ اللَّه ﷺ بثلاثِ عَنَزَاتٍ، فأمسكَ النبىُّ ﷺ واحدةً لنفسهِ، وأعطَى علىَّ بنَ (أَبى) طالبٍ واحدةً، وأعطَى عمرَ بنَ الخطابِ واحدةً، فكانَ بلالٌ يمشِى بتلكَ الْعَنْزَة التِى أمسكَهَا رسولُ اللَّه ﷺ لنفسِه بينَ يَدَىْ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - في العيدينِ: يَوم الفِطْرِ (ويوم) الأضحى حتى يأتَى المصلَّى فيركُزُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فيصلِّى إليهَا، ثم كَانَ يمشِى بِهَا بينَ يَدَى أَبى بكرٍ بعدَ رسولِ اللَّه ﷺ كذلكَ، ثم كَانَ سعدٌ القُرَظِى يمشِى بِهَا بين يَدَى عمرَ بن الخطابِ، وعثمانَ بن عفانَ في العيدين فَيركُزُهَا بين أَيْدِيهِمَا، ويُصليانِ إِلَيهَا، ولما تُوُفِّى رَسولُ اللَّه ﷺ جَاءَ بلالٌ إلى أَبى بكر الصديق فقال له: يا خليفة رسول اللَّه: أنى سمعت رسولَ اللَّه ﷺ يقولُ: أفْضَلُ عَمَلِ المؤمنِ الجهادُ في سبيلِ اللَّه، قالَ أبو بكرٍ: فما تَشَاءُ يا بِلَالُ؟ (قال: أردتُ أن أرَابِطَ في سبيلِ اللَّه حتَّى أموتَ، فقال أبو بكرٍ: أنشدكَ اللَّه يا بلالُ) وَحُرْمَتى وَحَقِّى فقد كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ واقتربَ أَجَلِى، فأقامَ بلالٌ مَعَ أَبِى بكرٍ حتَّى تُوفِّى أبُو بكرٍ (فلما تُوفَى أبُو بَكْرٍ) جاء بَلالٌ إلَى عُمَر بْنِ الخطابِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قالَ لأبِى بكرٍ، فَرَدَّ عليهِ (عُمَرُ كَمَا رَدَّ) أبو بكرٍ، فأبى بلالٌ عليهِ، فقالَ عمرُ: (فإلى) من تَرَى أن أجعل النداءَ؟ فقال: إلى سعدٍ، فإنَّهُ أَذَّنَ لرسولِ اللَّه ﷺ ، فدعا عمرُ سعدًا فجعلَ الأذانَ إليهِ وإلَى عَقِبِهِ من بعدِهِ".
"عن الحسنِ قَالَ: دخل عمرُ بنُ الخطابِ على النبىِّ ﷺ فرآهُ على حصيرٍ أو سريرٍ قد أثَّر بجنبِهِ وفى البيتِ أُهُبٌ عَطِنَةٌ، فبكَى عمرُ، فقالَ: ما يُبْكيكَ يا عمرُ؟ قالَ: أنتَ نَبِىُّ اللَّه وكِسْرَى وقيصر على أسرَّة الذهبِ! ! قَالَ: يا عمرُ، أمَا ترضَى أن تكونَ لَهُمُ الدنيا ولَنَا الآخرة".
"عن عطاءٍ قَالَ: دخلَ عمرُ بنُ الخطابِ على النبىِّ ﷺ ذَاتَ يومٍ وهو مُضْطجعٌ على ضِجَاعٍ من أدَمٍ محشوٍّ لِيفًا، وفى البيت أهبةٌ ملقاةٌ، فبكَى عمرُ، فقالَ: ما يبكِيكَ يا عمرُ؟ قالَ: أبكى أنَّ كسرَى في الخزِّ والقزِّ (والحرير) والديباجِ، وقيصرَ في مثلِ ذلكَ، وأنتَ نَجِيبُ اللَّه وَخِيرَتُهُ كَمَا أَرَى! ! قَالَ: لا تبكِ يا عمرُ؛ فلوْ أَشَاءُ أن تسيرَ الجبالُ ذهبًا لسارَتْ، ولو أن الدنيَا تَعْدِلُ عندَ اللَّه جناحَ بعوضةٍ ما أعْطى كَافِرًا منهَا شيئًا".
"عن عبد اللَّه بنِ أبِى الهُذَيْلِ أنَّ عمرَ رزقَ عَمَّارًا، وابنَ مسعودٍ، وعثمانَ بنَ حُنَيْفٍ شاةً، لعمارٍ شطرُهَا وبطنُهَا، ولعبدِ اللَّه رُبُعُها، ولعثمانَ رُبُعُها كلَّ يومٍ".
"عن عامرٍ الشعبىِّ قالَ: قال عمرُ لعمارٍ: أَساءَكَ عزلُنَا إياكَ؟ قالَ: لَئِنْ قلتَ ذَاكَ لَقَد ساءَنِى حينَ اسْتَعْمَلْتَنِى، وساءَنِى حينَ عَزلْتَنِى".
"عن محمد بن سيرين أَنَّ بُريدًا قدِمَ على عمر فنثر كِنَانَتَهُ فبدت صحيفةٌ، فأخَذَهَا فقرأَهَا فإذَا فِيهَا: -
أَلَا أَبْلِغُ أبا حفصٍ رَسُولًا ... فِدًى لك من أخى ثقةٍ إزَارِى
قَلائَصَنَا هداكَ اللَّه إنَّا ... شُغِلنا عنكُمُ زمنَ الحصَارِ
فَمَا قُلُصٌ وُجدْنَ معَقِّلاتٍ ... قَفَا سَلْع بِمختلف التجارِ
قلائِصُ من بنى سَعْدِ بن بكر ... وأسلَمَ أو جهينة أو غِفَارِ
يُعقِّلَهن جعدةُ من سُليمٍ ... وسعدًا يبتغى سقط العذار
فقالوا: ادعوا جعدة من سليم، فدعِى فجلدهُ مائةً معقولًا، ونَهاهُ أن يدخلَ على امرأةٍ مُغِيبَةٍ".
"عن سعيدِ بن المسيبِ أن عمرَ بنَ الخطابِ قالَ في وِلَايَتِهِ: مَن وَلِىَ الأمرَ بَعْدِى فليعلمْ أَن سَيُريدُهُ عنهُ القريبُ والبعيدُ، وايْمُ اللَّه ما كُنْتُ إلا أُقاتِلُ النَّاسَ عن نَفْسِى قتالًا".
"عن شهرِ بنِ حوشبٍ قالَ: قالَ عمرُ بنُ الخطابِ: لو أدركتُ أَبَا عبيدةَ فاستخلفْتُهُ، فسألِنى عنهُ ربِّى لقلتُ: سمعتُ نبيكَ يقولُ: هو أمينُ هذِه الأمةِ".
"عن رجلٍ من بنِى عامرٍ، عن خالٍ لهُ أن سلمانَ لمَّا قَدِمَ على عمرَ قالَ للناسِ: اخرُجُوا بِنَا نَتَلَقَّ سلمانَ".
"عن سالِم بنِ أَبِى الجعدِ: ان عمرَ جعلَ عطاءَ سلمانَ ستةَ آلاف".
"عن أنس بن مالك قال: بَعَثَنِى الأشعَرِىُّ إلى عمرَ، فقال عمرُ كيفَ تَركتَ الأشْعَرِىَّ؟ فقلتُ لَهُ: تركتُهُ يعلمُ النَّاسَ القرآنَ، فقالَ: أمَا إِنَّهُ كَيِّسٌ، ولا تُسْمِعْهَا إياهُ، ثم قالَ: كيفَ تركتَ الأعرابَ؟ قلتُ: الأشعَرِيِّينَ؟ قالَ: لَا، بلْ أهلَ البصرةِ قلتُ: أمَا إنَّهمْ لَو سَمِعُوا هَذَا لشقَّ عليهِمْ، قالَ: فَلَا تبلِغْهُمْ فإنهمْ أعرابٌ إِلا أن يَرزقَ اللَّه رجلًا جهادًا فِى سبيلِ اللَّه".
"عَنِ الْقَاسِم بْنِ عَبْدِ الرَّحمَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ انتَظَر أُمَّ عَبْدٍ بِالصَّلَاةِ علَى عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ وَكَانَتْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ، فسبقت بِالجِنَازَةِ".