"عَنْ مَحْمُود بْنِ لَبيدٍ قَالَ: أَمَّرَنِى يَحْيَى بْنُ الْحَكَمِ عَلَى جُرَشَ فَقَدمْتُهَا فَحَدَّثُونِى أَنَّ عَبْدَ اللَّه بْنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ قَال لِصَاحِبِ هَذَا الْوَجَعِ: الْجُذَامَ، اتَّقُوهُ كَمَا يُتَّقَى السَّبُعُ، إِذَا هَبَطَ وَادِيًا فَاهْبِطُوا غَيْرَهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: وَاللَّه لَئِنْ كَانَ ابْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَكُمْ هَذَا مَا كَذَبَكُمْ، فَلَمَّا عَزَلنِى عَنْ جُرَشَ قَدمْتُ الْمَدِينَةَ فلَقِيتُ عَبْدَ اللَّه بْنَ جَعْفَرٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ: مَا حِدَيثٌ حَدَّثَنِى بِهِ عَنْكَ أَهُلُ جُرَشَ؟ فَقَالَ: كَذَبُوا، مَا حَدَّثْتُهُمْ هَذَا، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب يُؤْتَى بِالإِنَاءِ فِيهِ الْمَاءُ فَيُعطِيهِ مُعَيْقِيبًا وَكَانَ رَجُلًا قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ ذَلِكَ الْوَجَعُ فَيَشْرَبُ مِنْهُ ثُمَّ يتَناوَلُهُ عُمَرُ مِنْ يَدِهِ فَيَضَعُ فَمَهُ (مَوْضَعَ فَمِهِ) حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ، فَعَرَفْتُ أَنَّمَا يَصْنَعُ عُمَرُ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ أَنْ يَدْخُلَهُ شَئ مِنَ الْعَدْوَى، قَالَ: وَكَانَ يطلُبُ لَهُ الطِّبَّ (مِنْ كُلِّ) منْ سَمِعَ لَهُ بِطِبٍّ حَتَّى قَدمَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: هَل عِنْدَكُمَا مِنْ طبٍّ لِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ؟ فَإِنَّ هَذَا الْوَجَعَ قَدْ أَسْرَعَ فِيهِ، فَقَالَ: أَمَّا شَئٌ يُذْهِبُهُ فَلَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلكنَّا سَنُدَاوِيهِ دَوَاءً يَقِفُهُ (فَلَا يَزِيدُ) قَالَ عُمَرُ: عَافِيةٌ عَظِيمَةٌ أَنْ يَقِفَ فَلَا يَزِيدُ، فَقَالَا لَهُ: هَلْ تُنْبتُ أَرْضُكَ الْحَنْظَلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَا: فَاجْمَعْ لَنَا مِنْهُ، فَأَمَرَ فَجَمَعَ لَهُ مِنْهُ مِكْتَلَيْنِ عَظِيمَيْنِ فَعَمَدَا إِلَى كُلِّ حَنْظَلَةٍ فَشَقَّاهَا ثِنْتَيْنِ، ثُمَّ أَضْجَعَا مُعَيْقِيبًا ثُمَّ أخَذَ كُلُّ رَجُلٍ منْهُمَا بِإِحْدَى قَدَمَيهِ، ثُمَّ جَعَلَا يَدْلُكَانِ بُطَونَ قَدَمَيْهِ الْحَنْظَلَةَ حَتَّى إِذَا
(أَمْحَقَتْ) أَخَذَا أُخْرَى حَتَّى رَأَيْنَا مُعَيْقِيبًا يَتَنَخَّمُ أَخْضَرَ مُرًا، ثُمَّ أَرْسَلَاهُ، فَقَالا لِعُمَرَ: لَا يَزِيدُ وَجَعُهُ بَعْدَ هَذَا أَبَدًا، قَالَ: فَوَاللَّه مَا زَالَ مُعيْقِيبٌ مُتَمَاسِكًا لَا يَزِيدُ وَجَعُهُ حَتَّى مَاتَ".