"عن عبد اللَّه بن محمدِ بن عمارِ بنِ سعدٍ، وعمارِ بنِ حفصِ بن عمرَ
ابن سعدٍ، وعمرَ بن (حفص بن) عمرَ بن سعدٍ، عن آبائِهِمْ، عن أجدادِهِمْ أنهمْ أخبروهُمْ أَنَّ النجاشِىَّ الحبشِىَّ بعثَ إِلَى رسولِ اللَّه ﷺ بثلاثِ عَنَزَاتٍ، فأمسكَ النبىُّ ﷺ واحدةً لنفسهِ، وأعطَى علىَّ بنَ (أَبى) طالبٍ واحدةً، وأعطَى عمرَ بنَ الخطابِ واحدةً، فكانَ بلالٌ يمشِى بتلكَ الْعَنْزَة التِى أمسكَهَا رسولُ اللَّه ﷺ لنفسِه بينَ يَدَىْ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - في العيدينِ: يَوم الفِطْرِ (ويوم) الأضحى حتى يأتَى المصلَّى فيركُزُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فيصلِّى إليهَا، ثم كَانَ يمشِى بِهَا بينَ يَدَى أَبى بكرٍ بعدَ رسولِ اللَّه ﷺ كذلكَ، ثم كَانَ سعدٌ القُرَظِى يمشِى بِهَا بين يَدَى عمرَ بن الخطابِ، وعثمانَ بن عفانَ في العيدين فَيركُزُهَا بين أَيْدِيهِمَا، ويُصليانِ إِلَيهَا، ولما تُوُفِّى رَسولُ اللَّه ﷺ جَاءَ بلالٌ إلى أَبى بكر الصديق فقال له: يا خليفة رسول اللَّه: أنى سمعت رسولَ اللَّه ﷺ يقولُ: أفْضَلُ عَمَلِ المؤمنِ الجهادُ في سبيلِ اللَّه، قالَ أبو بكرٍ: فما تَشَاءُ يا بِلَالُ؟ (قال: أردتُ أن أرَابِطَ في سبيلِ اللَّه حتَّى أموتَ، فقال أبو بكرٍ: أنشدكَ اللَّه يا بلالُ) وَحُرْمَتى وَحَقِّى فقد كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ واقتربَ أَجَلِى، فأقامَ بلالٌ مَعَ أَبِى بكرٍ حتَّى تُوفِّى أبُو بكرٍ (فلما تُوفَى أبُو بَكْرٍ) جاء بَلالٌ إلَى عُمَر بْنِ الخطابِ فَقَالَ لَهُ كَمَا قالَ لأبِى بكرٍ، فَرَدَّ عليهِ (عُمَرُ كَمَا رَدَّ) أبو بكرٍ، فأبى بلالٌ عليهِ، فقالَ عمرُ: (فإلى) من تَرَى أن أجعل النداءَ؟ فقال: إلى سعدٍ، فإنَّهُ أَذَّنَ لرسولِ اللَّه ﷺ ، فدعا عمرُ سعدًا فجعلَ الأذانَ إليهِ وإلَى عَقِبِهِ من بعدِهِ".