"عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده: أنه كان لزنْباع (الجُذامى) غلامٌ يقال له سندَر، فَوجَدَه يُقبِّلُ جاريةً له فجَبَّهُ (*) وجَذعَ أذنيهِ وأنفَهُ فأتى سَنْدَرٌ إلى رسول اللَّه ﷺ فأرسل إلى زنباع فقال: لا تُحملوهم ما لا يُطيقون، وأطعموهم مما تأكلون وأكسوهم مما تلبَسون، فإن رضيتمُوهم فأمسكوهم وإن كرِهتموهم فَبيعوا، ولا تُعَذِّبوا خَلقَ اللَّه، ومن مُثِّل به، أو أحرق بالنار فهو حر، وهو مولَى اللَّه ورسوله، فأعتقَ سندر، فقال: أوْصِ بى يا رسول اللَّه! قال أُوص بك كل مسلم فلما توفى رسول اللَّه ﷺ أتى سندرٌ إلى أَبى بكر الصديق فقال له: احْفَظْ فىَّ وَصِيَّةَ رسول اللَّه ﷺ (فَأجرى عليه القوت حتى مات) فعاله أبو بكر: حتى توفى، ثم أتى عمر فقال (له): احفَظْ فىَّ وصيةَ النبى ﷺ فقال: نعم إن رضيت أن تقيمَ (عندى) أجْرَيْتُ عليك ما كان يجرى أبو بكر عليك وإلَّا فانظُر أىَّ المواضع (تختارُ) أكتب لك؟ فقال سندرِ: مِصْر فإنها أرضُ ريفٍ فكتب له عمر: إلى عمرو بن العاص: أما بعدُ، فإنَّ سندرًا قد توجه إليك فاحْفَظْ (فيه) وصية رسول اللَّه ﷺ (فلما قدِمَ على عمرو قطع له أرضًا واسعةً، ودارًا، فجعلَ سندر يعيشُ فيها) فلما ماتَ قبضت في مال اللَّه".
31.04. Actions > ʿUmar b. al-Kaṭṭāb (41/75)
٣١.٠٤۔ الأفعال > مسند عمر بن الخطاب ص ٤١
"عن يزيد بن أَبى حبيب، أنَّ غلامًا لزِنْباع الجُذامى اتهم، فأمر بإخصائه وجدع أنفهِ وأذنيه، فأتى رسول اللَّه ﷺ (فأعتقه فقال: أيما مملوك مُثِّلَ به فهو حُرٌّ، وهو مولى اللَّه ورسوله) فكان في المدينة عند رسول اللَّه ﷺ يرفق (به) فلما اشتد مرض رسول اللَّه ﷺ قال له ابن سندر: يا رسول اللَّه: إنا كما ترى فمن لنا بعدَك؟ فقال رسول اللَّه ﷺ أوصى بك كلَّ مؤمن، فلما ولى عمرُ بن الخطاب أتاهُ ابن سندر فقال: احفظ فىَّ (وصية) رسول اللَّه ﷺ فقال: انظر أى أجناد المسلمين شئتَ فالحقْ به، آمرُ لكَ بما يُصلِحكَ، فقال ابن سندر: ألحقُ بمصر، فكتَب له إِلى عمرو ابن العاص (أن يأمر له بأرضٍ تسعُه، فلم يزل فيما يسعه بمصر".
"عن يزيد بن أَبى حبيب! مَنْ أدركَ ذلك. قال: كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص: انظرْ من كان قبلك ممن بايعَ النبى ﷺ تحت الشجرة فأتِمَّ لهم العطاء مائتى دينارٍ، وأتمَّها لنفسِكَ لإمارتِك، وأتمها لخارِجَةَ بن حُذَافَةَ لشجاعته، ولعثمان بن قَيْسِ بن أَبى العاص لضيافته".
"عن الليث بن سعدٍ قال: سأل المقوقس عمرو بن العاص أن يبيعه سفح المُقَطَّم بسبعين ألف دينار، فعجب عمرو من ذلك وقال: أكتُب في ذلك إلى أمير المؤمنين، فكتب بذلك إلى عمر (فكتبَ إليه عمرُ: ) سَلهُ لِمَ أعطاك به ما أعطاكَ وهى لا تُزْرعُ ولا يُستنبطُ بها ماءٌ ولا ينتفعُ بها؟ فسأله فقال: إنا لنجد صفتها في الكتب: أَنَّ فيها غِراسَ الجنة، فكتب بذلك إلى عمر (فكتب إليه عمرُ: (إنا لا نعلم غراسَ الجنة إلا للمؤمنين فأقبر فيها من مات قِبَلَك من المسلمين ولا تبعه بشئ".
"عن ابن لهيعة قال: إن المقوقس قال لعمرو: إنا لنجدُ في كتابنا أَنَّ ما بين هَذَا الجبل وحيثُ نزلتم يَنْبتُ فِيهِ شَجرُ الجَنَّة. فكتب بقوله إلى عمر بن الخطاب، فقال صدقَ فاجعلها مقبرةً للمسلمين".
"عن عبد اللَّه بن هبيرة: أن عمر بن الخطاب أمر بناذرة (*) أن يخرج إلى أمراءِ الأجنادِ يتقدمون إلى الرعية أن عطاءَهم قائمٌ، وأن أرزاقَ عيالاتهم سائِلٌ، فلا يزرعونَ ولا يزارعونَ".
"عن أنس: أن رجلًا من أهل مصرَ أتى عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين! عائذ بك من الظلم فقال: عُذْتَ معاذًا، قال: سابقتُ ابن عمرو بن العاص فسبقتُه، فجعل يضربنى بالسوط ويقولُ: أنا ابنُ الأكرمين، فكتب عمرُ إلى عمرو يأمرهُ بالقدومِ ويقدمَ بابنهِ معهُ، فقدم، فقال عمر: أين المصرى؟ خُذ السوط فاضرِبْ، فجَعَلَ يضرِبهُ بالسوطِ ويقول عمرُ: اضرب ابنَ الأكرمين، قال أنسٌ: فضربه، فواللَّهِ لقد ضربَه ونحنُ نُحِبُّ ضَرْبَه، فما أَقلَع عنهُ حتى تمنينا أنه يَرفعُ عنه، ثم قال عمر للمصرى: ضَعِ (السوطَ) على صُلعَةِ عمرو. فقال: يا أمير المؤمنين: إنما ابنهُ الذى ضربنى وقد استَقدت منه؛ فقال عمر لعمرو: مُذْ كنتم (*) تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟ قال: يا أمير المؤمنين، لم أعلم ولم يأتنى".
"عن عمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جده قال: كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله عن رجل أسلمَ ثم كفر، ثم أسلمَ ثم كفر، حتى فعل ذلك مرارًا أَيُقْبَلُ منه الإسلام؟ فكتب إليه عمر: أن اقبل منه (الإسلام) (*) ما قَبِلَ اللَّه منهم، اعرِضْ عليه الإسلام فإن قَبِلَ فاتركه وإلا فاضرب عنقه".
عن عمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جده قال: كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله عن عبدٍ وجدَ جرةً من ذهب مدفونةً، فكتب إليه عمر: أن ارضخْ له منها بشئٍ، فإنه أحرى أن يؤدُّوا ما وجدوا".
"عن نافع -مولى ابن عمر- أن صبيغًا العراقى جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجنادِ المسلمين حتى قدِمَ مصرَ، فبعث به عمرُو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، فلما أتاه الرسولُ بالكتابِ فقرأه، فقال: أين الرجل؟ (فقال: في الرحل) (*) قال عمر: أبصر أن يكون ذهب فيصيبك منى العقوبة الوجيعة، فأتاه به فقال له عمر: عم يسأل؟ مُحْدَثَةً؟ فأرسل عمر إلى ربايط الجريد فضربه بها حتى ترك ظهره دَبِرَةً ثم تركه حتى برأ، ثم عاد له، ثم تركه حتى برأ ثم دعا به ليعود له، فقال صبيغ: يا أمير المؤمنين، إن كنت تريد قتلى فاقتلنى قتلًا جميلًا، وإن كنت تريد أن تداوِيَنى فقد واللَّه بَرَأت، فأذن له إلى أرضه، وكتب له إلى أَبى موسى الأشعرى أن لا يجالسه (أحد من المسلمين، فاشتد ذلك على الرجل فكتب أبو موسى إلى عمر: أن) قد حسنت توبته، فكتب عمر: أن ائْذن للناس في مجالسته".
عن أَبى تميم الجيشانى قال: كتب عمرُو بن العاص إلى عمر بن الخطاب: إن اللَّه قد فتحَ علينا "طرابلس" وليس بيننا وبين إفريقية إلا تسعةُ أيامٍ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يغْزُوَها وَيَفْتَحَهَا اللَّه على يديه فعل، فكتب إليه عمر: لا، إنها ليست بإفريقية، ولكنها المُفَرِّقَةُ غادرةٌ، مغدور بها، لا يغزوها أحدٌ ما بقيت".
"عن مرة بن شريح المعافرى قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لإفريقيةَ: المفرقة -ثلاثَ مرات- لا أوجه إليها أحدًا ما مَقَلت (*) عينى الماءَ".
"عن مسعود بن الأسود صاحب رسول اللَّه ﷺ وكان بايع تحت الشجرة: أنه استأذن عمر بن الخطاب (في غزو إفريقية، فقال عمر: لا، إن إفريقية غادرة مغدور بها) ".
"عن الليث بن مسعود قال: قَدِمَ عمرو بن العاص على عمر بن الخطاب فسأله عمر: من استخلفت على مصر؟ قال: مجاهد بن جُبيْر، فقال له عمر: مولى ابنة غزوان؟ قال: نعَم إِنَّه كَاتِبٌ، فقال عمر: إن العلم ليرفع بصاحبه".
"عن عمرو بن دينار قال: قال الحسين بن على بن أَبى طالب لذُريح ابن قَيْسٍ: أَحِلٌّ لَكَ أَنْ فَرَّقْت بين قيسٍ ولبنَى؟ أما إنى سمعت عمر ابن الخطاب يقول: ما أُبالى أفرقتُ بين الرجلِ وامرأته أم مشيتُ إليهما بالسيفِ".
"عن عمرو بن دينارٍ قال: سمعتُ ابن الزبير يقرأ: {فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ} يا فلان {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (*) قال عمرو: وأخبرنى لقيط قال: سمعت ابن الزبير قال: سمعتُ عمرَ بن الخطاب يقرؤها كذلك".
"عن سليمانَ بن أرقمَ، عن الحسن وابن سيرين وابن شهاب الزهرىِّ -وكان الزهرى أَشبَعهم حديثًا- قالوا: لما أسرعَ القتلُ في قُرَّاءِ القرآن يومَ اليمامةِ قُتِلَ منهم يَوْمئذٍ أربعمائة رجلٍ، لقى زيدُ بن ثابتٍ عُمَرَ بن الخطاب فقال له: إنَّ هذا القرآنَ هو الجامعُ لديننا، فإن ذهبَ القرآنُ ذهبَ دينُنا، وقد عزمتُ علَى أن أجمعَ القرآن في كتابٍ، فقال: انتظر حتى أَسأَلَ أَبا بكرٍ، فمَضيَا إِلَى أَبِى بَكْرٍ فأخبراه بذلك فقال: لا تعجلا حتى أشاورَ المسلمين، ثم قام خطيبًا في الناس، فأخبرهم بذلك فقالوا: أَصبتَ، فجمعوا القرآنَ، وأمرَ أبو بكرٍ مناديًا ينادى في الناسِ: من كان عنده من القرآن شئ فليجئ به، فقالت حَفْصَةُ: إذا انتهيتم إلى هذه الآية فأخبرونى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فلما بلغوا إليها قالت: اكتبوا والصلاة الوسطى وهى صلاةُ العصر، فقال لها عمرُ: ألكِ بهذه بينةٌ؟ قالت: لا قال: فواللَّه لا نُدْخل في القرآن ما تشهدُ به امرأةٌ بِلا إقامةِ بينة، وقال عبد اللَّه بن مسعودٍ: اكتبوا {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} وإنَّه فيه إلى آخرِ الدهر، فقال عمر: نَحُّوا عَنَّا هذه الأعرابية".
"عن محمد بن سيف قال: سألتُ الحسنَ عن المصحف ينقَّطُ بالعربية؟ قال: أوَ ما بَلَغك كتابُ عمرَ بن الخطاب: أن تفَقَّهُوا في الدين، وأحسِنوا عبارَة الرُّؤيا، وتعلموا العَرَبية".
"عن رجل من بنى أسد: أنه شهد عمر بن الخطاب سأل أصحابه وفيهم طلحةُ وسلمانُ والزبيرُ وكعبٌ فقال: إنى سائلُكم عن شئ فإياكم أن تكذبونى فتُهلكونى وتهلِكوا أنفسَكم، أنشدُكم باللَّه، أخليفةٌ أنا أم ملكٌ؟ فقال طلحةُ والزبير: إنك لتسألُنا عن أمر ما نعرِفُه، ما ندرى ما الخليفةُ من الملك؟ فقال سلمان: يشهد بِلَحْمة ودَمِه إنك خليفةٌ ولست بملك، فقال عمر: إن تقلْ فقد كنت تدخلُ تَجلسُ مع رسول اللَّه ﷺ ثم قال سلمان: وذلك أنك تعدل في الرعية، وتَقسم بينَهم بالسوية، وتشْفق عليهم شفقةَ الرجلِ على أهلِه، وتقضى بكتاب اللَّه. فقال كعبٌ: ما كنتُ أحسبُ أنَّ في المجلس أحدًا يعرف الخليفة من الملك غيرى، ولكنَّ اللَّه ملأ سَلْمان حكمًا وعلمًا، ثم قال كعب: أشهد أنك خليفةٌ ولست بملكٍ. فقال له عمر: وكيف ذاك؟ قال: أجدك في كتابِ اللَّه. قال عمر: تجدُنى باسمى؟ قال: لا، ولكن بِنَعتِك: أجد نُبُوةً ثم خلافةً ورحمة على منهاج نبوةٍ (ثم خلافة ورحمة على منهاج نبوة) ثم مُلْكًا عضوضًا.
"عن محمد بن المنتشرِ قال: قال رجلٌ لعمرَ بن الخطاب: إنى لأعرفُ أشدَّ آية في كتاب اللَّهِ: فأهوى عمرُ فضرَبه بالدِّرةِ وقال: ما لك نَقَّبْتَ عنها حتى عَلِمْتَهَا؟
فانصرفتُ حتى كان الغدُ فقال له عمرُ: الآية التى ذكرتَ بالأمس، فقال: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ (*)} فما منَّا أحدٌ يعمل سوءًا إلا جُزى به، فقال عمر: لَبِثْنا حين نزلتْ ما ينفعُنا طعامٌ ولا شرابٌ حتى أنزلَ اللَّهُ بعد ذلك وَرَخَّصَ وقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (* *)} ".
"عن عمر: أنه دخل هو وأَبو بكر على النبى ﷺ وبه حُمَّى شديدةٌ فلم يردَّ عليهما شيئًا، فخرجا، فأَتْبَعهما برسولٍ فقال: إنكما دخلتُما علىَّ فَلمَّا خرجتما من عندى نزلَ الملكان فجلسَ أحدُهما عند رأسى والآخرُ عند رِجْلَىَّ (فقال الذى عند رجْلىَّ: ما به؟ قال الذى عندَ رأسى: حُمَّى شديدةٌ، قال الذى عند رجلىَّ: عَوَّذْهُ، فقال: بسم اللَّهِ أرقيك، واللَّه يشفيكَ من كل داءٍ يؤذيك، من كل نفس حاسدةٍ، وطرفةِ عين، واللَّه يَشْفيك، خُذها فلتَهِنكَ. فما نفثَ ولا نفخ وكُشِفَ ما بى، فأرسلت إليكُما لأُخبرَكُما".
"عن ربيعة بن عبد اللَّه بن هُدير قال: رأيت عمر بن الخطاب يقَدمُ الناسَ أمامَ جنازَةِ زينبَ بنتِ جحشٍ".
"عن عبد اللَّه الرومى قال: دخلت على أم طلقٍ بيتَها فإذا سقف بَيْتِهَا قصيرٌ، فقلت: ما أقصر سقف بيتك يا أمَّ طلقٍ، قالت: يا بنى إن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله أن لا تطيلوا بناءكم، فإن شرٌّ يأتِيكُمْ يوم تطيلون بناءكم".
"عن خرشة بن الحر قال: كان عمر يُغَلِّسُ بالفجر، ويُنَوّر، ويقرأُ سورة يوسفَ ويونسَ، ومن قصار المَثَانى والمفصل".
"عن أَبى إدريس الخولانى! أن أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نَفَر من أهل دمشق، ومعهم المصحفُ الذى جاء به أهل دمشق لِيعرضوه على أُبى بن كعبٍ، وزيد بن ثابت، وعَلىٍّ وأهل المدينة، فقرأ يومًا على عمر بن الخطاب فلما قرأ هذه الآية: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} ولو حميتم كما حمَوْا لفسد المسجد
الحرام فقال عمر: مَنْ أقرأَكم؟ قال لرجل من أهل المدينة: أدعُ لى أُبى بن كعب، وقال للرجل الدمشقى: انطلق معه، فوجدا أُبى بن كعب عند منزله يهنأ بعيرًا له بيده، فسلما ثم قال له المدينى: أجب أمير المؤمنين: فقال أُبى: ولمَ دعانى أمير المؤمنين؟ فأخبره المدينى بالذى كان معه، فقال أُبىٌّ للدمشقى: ما كنتم تنتهون معشر الركيب أو يَشدقنى منكم شرٌّ، ثم جاء إلى عمر وهو مُشَمّرٌ والقطرانُ على يديه، فلما أتى عمرَ قال لهم: اقرؤوا، فقرؤوا: "ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام" فقال أُبىٌّ: أنا أقرأتهم، فقال عمرُ لزيد: إقرأ يا زيد: فقرأ زيدٌ قراءةَ العامّة، فقال عمرُ: اللهم لا أعرفُ إلا هذا، فقال أُبَىٌّ: واللَّه يا عمرُ إنك لتعلم أنى كنت أحضر وتغيبون، وأُدعى وتحجبون، ويُصنعُ بى واللَّه لئن أحببت لأَلْزَمَنَّ بيتى فلا أحدث أحدُا بشئٍ".
"عن محمود بن خالد، حدثنا سويدُ بن عبد العزيز، حدثنا سيار أبو الحكم، عن أَبى وائل: أن عمر بن الخطاب استعمل بشر بن عاصم على صدقات هوازن فتخلف بشرٌ، فلقيهُ عُمَرُ فقال: ما خلفك؟ أما لنا عليك سمع وطاعة؟ قال: بلى ولكن سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: من وَلِى شيئًا من أمرِ المسلمين أُتى به يومَ القيامة حتى يوقفَ على جِسر جَهَنم فإن كان مُحْسنًا نجا، وإن كان مسيئًا انخرق به الجِسر فهوى فيه سبعينَ خريفًا، فرجع عمر كئيبًا حزِينًا، فلقيه أبو ذَرٍّ فقال: ما لى أراك كئيبًا حزينًا؟ قال: ما يمنعنى أنْ لا أكون كئيبًا حزينًا وقد سمعت بشر بن عاصم يحدث عن رسول اللَّه ﷺ أنه قال: (من ولى شيئًا من أمر المسلمين أتى به يوم القيامة حتى يوقفَ على جِسرِ جهنم، فإن كان محسنًا نجا، وإن كان مسيئًا انخرق به الجسر فهوى فيه سبعين خريفًا) قال أبو ذر: أما سمعته من رسول اللَّه ﷺ قال: لا، قال: أشهد أنى سمعت رسول اللَّه
ﷺ يقول: (من ولى أحدًا من الناسِ أُتى به يومَ القيامة حتى يوقفَ على جسرِ جهنم فإن كان محسنًا نجا وإن كان مسيئًا انخرق به الجسر فهوى به سبعين خريفًا) وهى سوداء مظلمة، فأى الحديثين أوجع لِقَلبك؟ قال: كلاهما قد أوجعَ قلبى، فمن يأخذُها بما فيها؟ (*) قال أبو ذر: من سلت (* *) اللَّه أنفَه وألصق خده بالأرض، أَمَا إنّا لا نعلمُ إلا خيرًا، وعسى إِن ولَّيْتها من لا يعدل فيها أَن لا ينجو من أثمها قط".
"عن أسلم قال: كان عمرُ يقولُ على المنبر: يا أيها الناسُ! أصلحوا عليكم مَثَاوِيكُمْ، وأخيفوا هذه الحيات قبل أن تُخِيفَكم، فإنَّه لن يبدو لكم مسلِموها، وإنا واللَّه ما سلمناهن منذ عاديناهن".
"عن ابن عمرَ قال: كان عمرُ يقولُ لِبَنيه: إذا أصبحتم فتبددوا، ولا تجمعوا في دارٍ واحدةٍ، فإنى أخافُ عليكم أن تقاطعوا، أو يكون بينَكم شَرٌّ".
"عن أَبى نَضرة قال: قال رجلٌ منا يقال له: جابر أو جويبر قال: طَلبْتُ حاجةً إلى عمر في خلافتِه فانتهيتُ إلى المدينة ليلًا فَقدمت عليه، وقد أُعطيتُ فِطنةً ولسانًا -أو قال منطقًا- فأخذتُ في الدُّنيا فصغرتها، فتركتها لا تسوى شيئًا، وإلى جنبه رجل أبيضُ الشعر فقال لما فرغتُ: كل قولك كان مقاربًا إلا وقوعَك في الدنيا، وهل تدرى ما الدُّنيا؟ إن الدنيا فيها بلاغُنا -أو قال -زادُنا- إلى الآخرة وفيها أعمالُك التى تُجزى بها في الآخرة، قال: فأخذَ في الدنيا رجلٌ هو أعلمُ بها منى، فقلت: يا أمير المؤمنين مَنْ هذا الرجل الذى إلى جنبك؟ قال: سيد المسلمين أُبىُّ بْن كعب".
"عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السّائِبِ قَالَ: أَخَّر عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ العِشَاءَ الآخِرَةَ فَصَلَّيتُ ودَخَلَ فَكَانَ فِى ظَهْرِى، فَقَرأتُ {وَالذَّارِيَاتِ} حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى قَولِهِ {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} فَرَفَعَ صَوْتَهُ حَتَّى مَلأ المَسْجِدَ، فَقَالَ: وَأَنَا أَشْهَدُ".
"عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ إِذَا رَأَى أَبَا مُوسَى قَالَ: ذَكِّرْنَا رَبَّنَا يَا أَبَا مُوسَى! فَيَقْرَأُ عِنْدَهُ".
"عَنْ عَبيدَةَ السَّلْمَانِىِّ: أَنَّ عُمَرَ كَرِهَ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ".
"عَنْ أُسِيْرِ بْنِ عَمْرو قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ سَعْدًا قَالَ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ أَلْحَقْتُهُ فِى الْعَيْنِ -فَقَالَ عُمَرُ: أُفٍّ أُفٍّ، أَيُعْطَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ ﷻ".
"عَنْ حَارِثَةَ بن مُضَرِّبٍ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ أَنْ تَعَلَّمُوا سُورَةَ النِّسَاءِ، والأَحْزَابِ، والنُّورِ".
"عَنْ عِكْرِمَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ كَانَ يَقْرأُهَا: وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ. بالدَّالِ".
"عَنْ عُمَرَ قَالَ: تَعَلَّمُوا إعْرَاب الْقُرْآنِ كَمَا تَعَلَّمُونَ حِفْظَهُ".
"عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَلَيْكُمْ بالتَّفَقُّهِ فِى الدِّينِ والتَّفَهُّمِ في العربية، وحُسْنِ العِبَادَةِ".
"عَنْ عُمَرَ قَالَ: اقْرَأُوا القُرْآنَ مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ فَقُومُوا عَنْهُ".
"عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ مَعَ رَجُلٍ مُصْحَفًا قَدْ كَتَبَهُ بِقَلَمٍ دَقِيقٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الْقُرآنُ كُلُّهُ، فَكَرِه ذَلِكَ عُمَرُ وَضَرَبَهُ، وَقَالَ: عَظِّمُوا كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ إِذَا رَأَى مُصْحَفًا عظِيمًا سَرَّهُ".
"عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَأَلْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ ﷻ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} قَالَ: كَانَ رِجَالٌ مِنَ المُهَاجِرينَ فِى أَنْسَابِهِمْ شَىْءٌ (فقَالُوا يومًا: واللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّه أنزل قُرآنًا فِى نَسبِنَا، فأنْزَلَ اللَّهُ مَا قَرأتَ، ثُمَّ قَالَ لِى: إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا -يَعْنِى عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ- إِن
وَلِىَ زَهِدَ وَلَكِنِّى أَخْشَى عليه عُجْبَهُ بِنَفْسِهِ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ، قُلْتُ يَا أَمِيرَ المؤمِنينَ: إِنَّ صَاحِبَنَا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ! وَاللَّهِ مَا نَقُولُ إِنَّهُ (مَا) غَيَّرَ وَلَا بَدَّلَ، وَلَا أَسْخَطَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَيَّامَ صُحْبَتِهِ! فَقَالَ: وَلَا بِنْتِ أَبِى جَهْلٍ؟ وَهوَ يُريدُ أَنْ يَخْطِبهَا عَلَى فَاطِمَةَ؟ ! قُلْتُ: قَالَ اللَّه فِى مَعصِيَةِ -آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ-: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} فَصَاحِبُنَا لَمْ يَعْزِم عَلَى (إسْخَاطِ) رَسُولِ اللَّه ﷺ وَلَكِنَّ الخَوَاطِرَ الِّتِى لا يَقْدرُ أَحَدٌ دَفعَهَا عَنْ نَفْسِهِ، ورُبَّمَا كَانَتْ مِنَ الفَقِيهِ فِى دينِ اللَّه، العَالِمِ بِأمْرِ اللَّهِ، فَإذَا نُبِّهَ عَلَيْهَا رَجَعَ وأَنَابَ، فَقَال: يَا بْنَ عَبَّاسٍ: مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَرِدُ بُحُورَكُمْ، فَيَغُوص فِيها (مَعَكُمْ) حَتَّى يَبْلُغَ قَعْرَهَا؛ لَقَدْ ظَنَّ عَجْزًا".
"عَنْ زِيَادِ بْنِ حَدِيرٍ الأَسَدِىِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بن الخَطَّابِ يقُولُ: ثَلاثٌ أَخَافُهُنَّ عَلَيْكُمْ وَبِهنَّ يُهْدَمُ الإِسْلامُ: زَلَّةُ عَالِمٍ، وَرَجُلٌ عَهِدَ النَّاسُ عِنْدَهُ عِلْمًا (فَاتَّبَعُوهُ عَلى زلَّةٍ (وَرَجُلٌ مُنافِقٌ) قَرَأ الْقُرْآنَ (فَمَا) أَسْقَطَ مِنْهُ أَلفًا وَلا وَاوًا أَضَلَّ النَّاسَ عَنِ الهُدَى (إِذْ) كَان أَجْدَلَهُمْ، وَأَئمَّةٌ مُضِلُّونَ".
"عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرانَ قَالَ: أَتَى عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرِ المُؤْمِنينِ إِنَّا لَمَّا فَتَحْنَا الْمَدَائِنَ أَصَبْتُ كِتَابًا فِيهِ كَلامٌ مُعْجبٌ، قَالَ: أَمِنْ كِتَابِ اللَّه؟ قُلْتُ: لَا، فَدَعَا بالدِّرَّةِ فَجَعَلَ يَضْربُهُ بِهَا وَيَقْرَأ {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلُكُمْ بِأنَّهُم أَقْبَلُوا عَلَى كُتُبِ عُلَمَائِهِم وَأسَاقِفِهمْ وَتَركُوا التَّوْراة والإِنْجِيلَ حَتَّى دَرَسَا وَذَهبَ مَا فِيهمَا مِنَ الْعِلْمِ".
"عَنْ إبراهِيمَ النَّخَعِىِّ قَالَ: كَانَ بالْكُوفَةِ رَجُلٌ يَطْلُبُ كُتُبَ دَانْيَال وَذَلكَ الضَّريبَةَ، وَجَاءَ فِيه كِتَابٌ مِنْ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ أَنْ يُرفَعَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ عَلاهُ بالدِّرَّة ثُمَّ جَعَل يَقْرَأُ عَلَيْهِ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} حَتَّى بَلَغَ {الْغَافِلِينَ} قَالَ: فَعَرفتُ مَا يُرِيدُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤمِنينَ: دَعْنِى فَوَاللَّه لَا أَدَعُ عِنْدِى شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْكُتُبِ إِلَّا أَحْرَقْتُهُ؛ فَتَرَكَهُ".
"عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَأذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: اسْتَأذِنُوا لابْنِ الأَخْيَارِ، فَقَالَ عُمَرُ: ائذَنُوا لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا ابْنُ فُلانِ ابْنِ فُلانِ ابْنِ فُلانٍ: فَعَدَّ رِجَالًا مِنْ أَشْرَافِ الْجَاهِليَّة، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْتَ يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاِهيمَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: ذَاكَ ابْنُ الأَخيَارِ، وَأَنْتَ ابْنُ الأَشْرَارِ؛ إِنَّمَا تَعُدُّ عَلَىَّ رِجَالَ أَهْلِ النَّارِ".
"عَنْ أَبى عُثْمَانَ قَالَ: (كَتَبَ عَامِلٌ) لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: إِنَّ هَهُنَا قَوْمٌ يَجْتَمِعُونَ فَيَدْعُونَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلِلأَمِيرِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَقْبِلْ وَأَقْبِلْ بِهِمْ مَعَكَ فَأَقْبَلَ: فَقَالَ عُمَرُ لِلبَوَّابِ: أَعِدَّ سَوطًا! فَلَما أُدْخِلُوا عَلَى عُمَرَ أَقْبَلَ عَلَى أَمِيرِهِمْ ضَرْبًا بالسَّوْطِ، فَقَالَ: يَا أَمِير المُؤْمِنينَ: إِنَّا لَسْنَا أُولَئِكَ الَّذِين تَعْنِى؛ أُولَئِكَ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ".
"عَن ابْنِ سِيرِين قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَقُصُّ بِالْبَصْرَةِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} إِلَى آخِرِ الآيَة، فَعَرَفَ الرَّجُلُ مَا أَرَادَ، فَتَرَكَهُ".
"عَنِ الحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْكِنْدِىِّ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ مِنَ الشَّامِ فَسَأَلَنِى عَنِ النَّاسِ، فَقَالَ: لَعَلَّ الرَّجُلَ مِنْكُمِ يَدْخُلُ المَسْجِدَ كَالْبَعيرِ النَّافِرِ فَإِنْ رَأَى مَجْلِسَ قَوْمِهِ ورَأَى مَنْ يَعرفُهم جَلَسَ إلَيْهمْ؟ وَإَلَّا خَرَجَ، قُلْتُ: لَا، وَلِكنَّهَا مَجَالِسُ شَتَّى يَجْلِسُونَ فَيَتعلَّمُونَ الْخَيْرَ وَيَذْكُرونَهُ، فَقَالَ: لَنْ تَزالُوا بِخَيرٍ مَا كُنْتُم كَذَلِكَ".
"عَنْ كَعْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ يَا كَعْبُ! أَتَجِدُنِى خَلِيفةً أَمْ مَلِكًا؟ قَالَ: بَلْ خَلِيفَةً، فَاسْتَحْلَفَهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: خَلِيفَةً وَاللَّه! مِنْ خَيْرِ الْخُلَفَاءِ، وَزَمَانُكَ خَيْرُ زَمَانٍ".
"عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسيِّبِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّه ﷺ عَلَى جَبَلٍ فَأَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ فَرَأَيْتُ شَابًا يَرْعَى غَنمًا لَهُ، أَعْجَبَنِى شَبَابُهُ، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَأَىُّ شَابٍّ؟ لَوْ كَانَ شَبَابُهُ فِى سَبيلِ اللَّه؟ ! فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ : يَا عُمَرُ: فَلَعَلَّهُ فِى بَعْضِ سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ لا تَعْلَمُ، ثُمَّ دَعَاهُ النَّبِىُّ ﷺ فَقَالَ: يَا شَابُّ هَلْ لَكَ مَنْ تَعُولُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: أُمِّى، فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ : الْزَمْهَا فَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهَا الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ ﷺ : لَئِنْ كَانَ الشَّهِيدُ لَيْسَ إِلَّا شَهِيدَ السَّيْفِ فَإِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِى إِذًا لَقَلِيلٌ، ثُمَّ ذَكَرَ صَاحِبَ الحَرْقِ، والشَّرَقِ، والْهَدْمِ، والْمَبْطُونِ، والْغَرِيقِ، وَمَنْ أَكَلهُ السَّبُعُ، وَمَنْ سَعَى عَلَى نَفْسِه لِيُعِزَّهَا وَيُغِنيَهَا عَنِ النَّاسِ فَهُوَ شَهِيدٌ".
"عَن ابن عمر قال: كتبَ عمرُ بن الخطاب إلى سعد بن أَبى وقاص وهو بالقادسية: أن وجِّه نَضْلَةَ بنِ معاويةَ إلى حُلوان العِرَاقِ فلْيغِرْ عَلَى ضَوَاحِيها، فوجَّه سعدٌ نضلةَ في ثَلَثِمائَةِ فارس، فخرجوا حتى أَتَوا حُلْوانَ فأغاروا على ضواحيها فأصابوا غنيمةً وسَبْيًا، فأقبلوا يَسوقون الغنيمةَ والسبىَ حتى إذا رَهَقهم العصرُ، وكادت الشمس أن تؤُوب فَألْجأَ نَضْلةُ الغنيمةَ والسبىَ إلى سفحِ جبل، ثم قام فأذن فقال: اللَّه أكبر اللَّه أكبر؛ فإذا مجيب من الجبل يجيبه: كبرت كبيرًا يا نضلة! قال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، قال: كلمة الإِخلاص يا نضلة! قال: أشهد أن محمدًا رسول اللَّه، قال: هو النذيرُ وهو الذى