"عَنْ عَبْدِ الله بنِ يَزِيَدَ بنِ آدَمَ السُّلَمِىِّ الدَّمَشْقِىِّ، قَالَ: حَدَّثنِى أبُو الدَّرْدَاءِ، وأبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ، وأنَسُ بنُ مَالِك، وَوَاثِلةُ بْنُ الأسْقَع، قَالُوا: خَرجَ إِلَيْنَا رَسُولُ الله ﷺ وَنَحْنُ نَتَمَارَى فِى أمْر الدَّينِ، فَغَضِبَ غَضبًا شَدِيدًا لَمْ يَغْضَبْ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: مَهْ مَهْ يَا أمَّةَ مُحَمَّد! لاَ تَهِيجُوا عَلَى أنْفُسِكُم وَهْجَ النَّارِ، ثُمَّ قَالَ: أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟ ! أَوَ لَيْسَ عَنْ هَذَا نُهِيتُمْ؟ ! أَوَ لَيْسَ إِنَّمَا أُهْلكَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا؟ ! ثُمَّ قَالَ: ذَرُوا المِرَاءَ (*) لِقِلَّةِ خَيْرِهِ، فَإِن نَفْعَهُ قَلِيلٌ، وَيَهِيجُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الإِخْوَانِ، ذَرُوا الْمِرَاءَ فَإِنَّ الْمِرَاء لاَ تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ، ولا تُعْقَلُ حِكْمَتُهُ، ذَرُوا المِرَاءَ فَإِنَّهُ يُورِثُ الشَّكَّ وُيحْبِطُ العَمَلَ، ذَرُوا المِراءَ فَكَفَاكَ إِثْمًا أنْ لاَ تَزَالَ مُمَارِيًا، ذَرُوا المِرَاءَ فَإِنَّ المُؤمِنَ لاَ يُمَارِى، ذَروا المِرَاءَ فَإِنَّ الْمُمَارِىَ قَدْ تَمَّتْ خَسَارَتُهُ، ذَرُوا المِرَاءَ فَأنَا زَعِيم بِثَلاَثَة أبْيَات فِى الجنَّة: فِى رَبَضها، وَوَسَطِهَا، وَأعْلاَهَا، لمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَهُوَ صَادِقٌ، ذَرُوا المِرَاءَ فَإِنَّ المُمَارِىَ لَاَ أَشْفعُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَة، ذَرُوا الِمرَاءَ فَإِنَّ أوَّلَ مَا نَهَانِى عَنْه ربِّى بَعْدَ عِبَادَةِ الأوْثَانِ المِرَاء، وَشُرْب الخَمْرِ، ذَرُوا الِمرَاءَ فَإِن الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أنْ تَعْبُدُوهُ، وَلَكِنْ قَدْ رَضِىَ منْكُمْ بالتَّحْرِيش وَهُوَ الِمرَاءُ في دِينِ الله، ذَرُوا المِرَاءَ فَإِنَّ بَنى إسْرَائِيلَ افْتَرَقُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فرْقَةً، والنَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَة، وَإنَّ أُمَّتِى سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كلُّهَا ضَالٌّ إِلاَّ السَّوَادَ الأعْظَمَ، قَالُوا: يَارَسُولَ الله!
وَمَا السَّوَادُ الأعْظَمُ؟ قَالَ: مَنْ لاَ يُمَارِى فِى دِينِ الله، وَمَنْ كَانَ عَلَى مَا أنَا عَلَيْهِ اليَوْمَ وَأصْحَابِى، وَلَمْ يُكَفِّرْ أحَدًا مِنْ أهْلِ التَّوْحِيدِ بِذَنْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الإسْلاَمَ بَدَأ غَريبًا وَسَيعُود غَرِيبًا فَطُوبَى للغُرَبَاءِ، قَالَوا: يَا رَسُولَ الله! وَمَا الغُرَبَاءُ قَالَ: الَّذِينَ يَصْلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ، وَلاَ يُمَارُونَ فِى دِينِ الله، وَلاَ يُكفِّرُونَ أحَدًا مِنْ أهْلِ التَّوْحِيدِ بِالذَّنْبِ".