"عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَألْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقُلتُ: فِدَاكَ أبِى وَأُمِّى أَيْنَ كُنْتَ وآدَمُ فِى الْجَنَّةِ؟ فَتَبَسَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ فِى صُلْبِهِ وَهَبَطَ إِلَى الأرْض وَأَنَا فِى صُلبِهِ، وَركبَ بِى السَّفِينَةَ فِى صُلبِ أَبِى نُوحٍ، وَقُذِفَ بِى فِى صُلبِ أَبِى إِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَلتَقِ أَبَوَاىَ قَطُّ عَلَى سِفَاحٍ، وَلَمْ يَزَل الله يَنْقُلُنِى مِن الأَصْلابِ
الْحَسَنَةِ إِلَى الأرْحَامِ الطَّاهِرَةِ مُصَفَّى مُهَذَّبًا لا تَتَشَعَّبُ شُعْبَتَانِ إِلا كُنْتُ فِى خَيْرهِمَا، قَدْ أَخَذَ الله بِالنُّبُوَّةِ مِيثَاقِى وَبِالإِسْلامِ عَهْدِى، ونُشِّرَ فِى التَّوْرَاهِ وَالإِنْجِيلِ ذِكْرى، وَبَيَّنَ كُلُّ نَبِىٍّ صِفَتِى، تُشْرِقُ الأرْضُ بِنُورِى، وَالْغَمَامُ لِوَجْهِى، وَعَلَّمَنِى كتَابَهُ، وَرَقَى بِى فِى سَمَائِهِ، وَشَقّ لِى اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ، فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُود، وَأَنَا مُحَمَّدٌ، وَوَعَدَنِى أَنْ يَحْبُوَنِى بِالْحَوْضِ وَالكَوْثَرِ، وَأَنْ يَجْعَلَنِى أوَّلَ شَافِعٍ وَأَوَّلَ مُشَفَّعٍ، ثُمَّ أَخْرَجَنِى مِنْ خَيْرِ قَرْنٍ لأُمَّتِى (وَهُمْ) الْحَمَّادُونَ يَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ حَسَّانُ ابْنُ ثَابِتِ فِى النَّبِىِّ ﷺ :
مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِى الظّلالِ وَفِى ... مُسْتَوْدعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
ثُمَّ سَكَنْتَ البِلادَ لا بَشَرٌ ... أَنْتَ وَلا نُطفَةٌ وَلا عَلَقُ
مطهر تَرْكَب السَّفِين وَقَدْ ... ألْجَمَ أَهْلَ الضَّلالَةِ الْغَرَقُ
تُنَقَّلُ مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ ... إِذَا قَضَى طَبَقٌ بَدَا طَبَقُ
فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ يَرْحَمُ الله حَسَّانَ، فَقَالَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ: وَجَبَت الْجَنَّةُ لِحَسَّانَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ".