"عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِى أَوْفَى قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا عَلَى أصحابِه فَقَالَ: يَا أَصحَابَ مُحَمَّد لَقَدْ أرَانى اللهُ اللَّيْلَةَ مَنَازِلَكُمْ فِى الجَنَّةِ، وَقَدْرَ مَنَازِلكُمْ مِنْ مَنْزِلِى، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلىٍّ فَقَالَ: يَا عَلِىُّ ألا تَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَنْزِلُكَ مُقَابِلَ مَنْزلِى في الجَنَّةِ؟ فَقَالَ عَلِىٌّ: بَلَى! بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُول اللهِ، قَالَ: فَإِنَّ مَنْزِلَكَ فِى الجَنَّةِ مُقَابِلَ مَنْزِلِى، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَبى بَكْرٍ فَقَالَ: إِنِّى لأعْرِفُ رَجُلًا باسْمهِ وَاسْم أبيهِ وَأمِّه إِذَا أَتَى بَابَ الجَنَّة لَمْ يَبْقَ بَاب مِنْ أبْوابِها، وَلا غُرْفَة مِنْ غُرَفِهَا إِلا قَالَ لَهُ: مَرْحبا، مَرْحَبا! فَقَالَ لَهُ سَلمَانُ: إِنَّ هَذَا لَغَيْرُ خَائِفٍ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: هُوَ أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى قُحَافَةَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ! لَقَدْ رَأَيْتُ فِى الجَنَّةِ قَصْرًا مِنْ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ، شُرفُهُ مِنْ لُؤْلُؤٍ أَبْيَضَ، مُشَيَّد بالياقُوتِ فَأعجَبَنِى حُسْنَهُ فَقُلْتُ: يا رِضْوَانُ لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالَ: لِفَتًى مِنْ قُرَيْشٍ فَظَنَنتُهُ لِى فَذَهَبْتُ لأدْخُلَهُ، فَقَالَ لِى رِضْوَانُ: يَا مُحَمَّدُ هَذَا لِعُمَرَ بْنِ لخَطَّابِ، فَلَوْلا غَيْرَتُكَ يَا أَبَا حَفْصٍ لَدَخَلتُهُ، فَبَكَى عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: أعَلَيْكَ أغَارُ يَا رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ على
عثمَانَ، فَقَالَ يَا عُثْمَانُ: إِنَّ لكُلِّ نَبىٍّ رَفِيقًا فِى الجَنَّة، وَأَنْتَ رَفيقِى في الجَنَّة، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى طَلحَةَ وَالزبيْر فَقَالَ: يَا طَلحَةُ، وَيَا زُبَيْرُ إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارىَّ، وَأَنْتُماْ حَوَارِىَّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَقَدْ بُطِّئَ بِكَ عنِّى حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ قَدْ هَلَكت ثُمَّ جئْتَ، وَقَدْ عَرِقتَ عَرَقًا شَدَيدًا، فَقُلتُ لَكَ: مَا بَطأ بِكَ عنِّى؛ لَقَدْ خَشيت أَنْ تَكُونَ قَدْ هَلَكْت! ! فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله كَثْرَةُ مَالِى، ما زِلتُ مَوْقُوفًا مُحْتبسًا، وأسألُ عَنْ مَالِى: مِنْ أيْنَ اكْتَسبْتهُ، وَفِيمَا أَنْفَقْتهُ؟ فَبَكَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ الله: هَذِهِ مِائَةُ رَاحِلَة جَاءَتْنِى اللَّيْلَةَ عَلَيْهَا مِنْ تجَارَةِ مِصْرَ، فَأشهِدُكَ أَنَّها بَيْنَ أرَامِلِ أهْل المَدِينَةِ وَأَيْتَامِهِمْ لَعَلَّ الله يُخَفِّفُ عنِّى ذَلِكَ اليَومَ".