"يَا أَيُّهَا النَّاسُ: قَدْ أَظَلَّكُم شَهْرٌ عظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خيرٌ من أَلفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللهُ تَعَالَى صِيَامَهُ فَريضةً، وقِيامَه تَطَوُّعًا، مَنْ تَقرَّب فيهِ بِخَصْلَةٍ مِنْ الخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضةً فيمَا سِواهُ، ومَنْ أَدى فَريضةً فِيهِ كَانَ كمَن أَدَّى سبعينَ فريضةً فيمَا سِواه، وهو شهر الصَّبْرِ، والصَبْرُ ثوابهُ الجَنَّةُ، وشَهْرُ المُواسَاةِ، وشهرٌ يُزادُ فِيهِ رِزْقُ المُؤمِن، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صائِمًا، كَانَ له مغفِرةً لِذُنُوبه، وعِتْقَ رَقَبةٍ مِنَ النَّارِ،
وَكان له مثْلُ أجرِه مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجرهِ شَىْءٌ، يُعْطِى اللهُ تَعَالى هَذَا الثوابَ مَنْ فَطَّر صائِمًا عَلَى مَذْقُة لَبَن، أَو تمرةٍ، أَو شربةٍ مِنْ مَاءٍ، ومنْ أَشْبعَ صَائِمًا سقاه اللهُ من حَوْضى شربةً لا يظْمأُ حتى يدخلَ الجَنَّة، وهُو شَهْرٌ أوله رَحْمَةٌ، وأوسَطهُ مغفِرةٌ، وآخِرهُ عِتْق مِنَ النَّارِ، فاسْتَكثِروا فيهِ مِنْ أَربَعة خِصَالٍ: خَصلَتَان تُرْضُونَ بِهَمِا ربَكَّمْ وخَصْلَتَان لا غِنَى لَكُمْ عَنْهُمَا، فأَمَّا الخصلتَانِ اللَّتَانِ تُرضُونَ بِهَا ربَّكُمْ: فَشَهَادَةُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ، وَتَسَتَغْفِرُونَهُ، وَأَمَّا اللتَانِ لا غِنى بِكُم عَنْهُمَا فتسْألونَ الله الجَنةَ، وتعوذُونَ بِه مِنَ النَّارِ".