"عَنْ أبى بكر بن سالم بن عبد الله بن عمَر بن الخطاب قال: لما حَضَرَ أبا بكرٍ الموتُ أوصى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا عهدٌ من أبى بكرٍ الصديق عن آخر عهده بالدنيا خارجًا منها، وَأوَّلِ عَهْدِه بالآخِرَةِ داخلًا فيهَا، حيثُ يُؤْمِنُ الكافرُ، وَيَتَّقِى الفاجرُ، ويَصْدُق الكاذِبُ، إِنِّى أسْتَخْلِفُ مِنْ بَعْدِى عُمَرَ بن الخطَّابِ فَإنْ عَدَل فَذلكَ ظَنِّى به، وإِنْ جَارَ وَبَدَّل فَالْخيْرَ أَرَدْتُ وَلا أَعْلَمُ الغَيْبَ، وَسَيَعْلَمُ الذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، ثُمَّ بَعثَ إِلَى عُمَرَ فَدَعَاهُ، فَقَالَ: يا عُمَرُ! أَبْغضَكَ مُبْغِضٌ، وَأَحبَّكَ مُحِبٌّ وَقِدْمًا يُبْغضُ الخيرُ ويُحَبُّ الشَّرُّ، قَالَ: فَلا حَاجَةَ لِى فِيهَا، قَالَ: وَلَكِنْ لَكَ بهَا حَاجَةٌ وقَدْ رَأيْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وَصَحبتَهُ وَرَأَيْت أَثْرَتَهُ أُنْفُسَنَا عَلَى نَفْسِه حَتَّى أَنْ كُنَّا لَنُهْدِى لأهْلِهِ فَضْلَ مَا يأتِينَا مِنْهُ، ورأيتَنِى وصحبتنِى وَإِنَّمَا اتَّبَعْتُ أَثَرَ مَنْ كَانَ قَبْلِى، واللهِ: مَا نِمْتُ فحلُمْتُ، ولا شَهِدْتُ فتَوَهَّمْتُ، وَإِنِّى لَعَلَى طريقٍ مَا زُغْتُ، تَعْلَمُ يا عُمرُ: أنَّ للهِ حَقًا فِى اللَّيْلِ لا يَقْبَلُهُ بِالنَّهار، وَحَقًا فِى النَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِى اللَّيْلِ، وَإنَّما ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوارينُه يَوْمَ الْقِيَامَةِ باتِّباعهم الْحَقَّ وَحُقَّ لميزَانٍ أَنْ يثْقُلَ لا يَكُونُ فيه إلا الحقُّ، وَإِنَّما خَفَّتْ موازينُ مَنْ خَفَّتْ موازينه يوم القيامة باتِّبَاعِهمُ البَاطل وَحُقَّ لميزَانٍ أَنْ يخف لا يَكونُ فِيه إلا الباطلُ، أَوَّل من أحذرك نفسك وأُحذرك الناس، فإنهم قد طمحت أبصارهم، وانتفخت أجْوَافهم
وإن لهم لجَبْرةً عنَ زلَّةٍ تكون، وإياك أن تكونه، فإنهم لن يزالوا خائفين لك فَرِقِينَ مِنْك ما خفتَ من الله وَفَرِقْتَهُ، وهذه وصيتى وأَقرأُ عليك السَّلامَ".
Add your own reflection below:
Sign in from the top menu to add or reply to reflections.