"عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ: كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ فَقَالَ لِحسَّان بْنِ ثَابِتٍ: يَا حَسَّانُ! أَنْشِدْنِي قَصِيدَةً مِنْ شِعْرِ الجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ الله قَدْ وَضَعَ عَنْكَ آثَامَهَا فِى شِعْرِهَا وَرِوَايَتِهَا، وَفِي لَفْظٍ: أنْشِدْنَا مِنْ شِعْرِ الْجَاهِليَّةِ مَا عَفَا الله لَنَا فِيهِ، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَة الأَعْشَى، هَجَا بِهَا عَلْقَمةَ بْنَ عُلَاثَةَ:
عَلْقَمُ مَا أَنْتَ إِلَى عَامِرٍ ... النَّاقِضِ الأَوْتَارِ وَالْوَاتِر
فِى هِجَاءٍ كَثِيرٍ هَجَا بِهِ عَلْقَمَةَ، فَقَالَ النَّبِىُّ: يَا حَسَّانُ! لَا تَعُدْ تُنْشِدُ إِلِىَّ هَذِهِ الْقَصِيْدَةَ بَعْدَ مَجْلِسِى هذا، وَفِي لَفْظٍ: لَا تُنْشِدْ لي مِثْلَ هَذَا بَعْدَ الْيَوْمِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! تَنْهَانِي عَنْ رَجُلٍ مُشْرِكٍ مُقِيمٍ عِنْدَ قَيْصَرَ؟ فَقَالَ النَّبِىُّ ﷺ يَا حَسَّانُ! أشْكَرُ النَّاسِ للِنَّاسِ أَشْكَرُهُمْ للهِ، وَإِنَّ قَيْصَرَ سَأَلَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ عنى فَتَنَاوَلَ مِنِّي، وَسَأَلَ هَذَا فَأَحْسَنَ الْقَوْلَ، فَشَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى ذَلِكَ وَفِي لَفْظٍ: فَقَالَ: يَا حَسَّانُ! إِنِّي ذُكِرْتُ عِنْدَ قَيْصرَ، وَعِنْدَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ، فَأَمَّا أَبُو سُفْيَانَ فَلَمْ يَتْرُكْ فِىَّ، وَأَمَّا عَلْقَمَةُ فَحَسَّنَ الْقَوْلَ، وَإِنَّهُ لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكرُ النَّاسَ".