"عَن العَبَّاسِ بْن مِرْدَاسٍ أَنَّهُ كَانَ فِى لِقَاحٍ لَهُ نِصْفَ النَّهَارِ، إِذْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ نَعَامَةٌ بَيْضَاءُ عَلَيْهَا رَاكِبٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بيضٌ مثْلُ اللَّبَنِ، فقَالَ يَا عَباسُ بْنِ مِرْدَاسٍ: أَلَمْ تَرَ أَن السَّمَاءَ كَفَّتْ أَحْرَاسَهَا، وَأَنَّ الحرْبَ تَجَرَّعَتْ أَنْفَاسَهَا، وَأَنَّ الخَيْلَ وَضعَتْ أَحْلاسَهَا (* *)، وَأَنَّ الدِّينَ نَزَلَ بِالبرِّ والتَّقْوَى يَوْمَ الاثْنَيْنِ لَيْلَةَ الثُّلاثَاء مَعَ صَاحِبِ النَّاقَة القُصْوَى، قَالَ: فَخَرَجْتُ مَذْعُورًا قَدْ رَاعَنِى مَا رَأيْتُ وَسَمِعْتُ حَتَّى أتَيْتُ وَثنًا لى يدْعَى الضِّمَار وَكُنَّا نَعْبُدُهُ وَيتَكَلَّمُ مِنْ جَوْفِهِ فَكَنَسْتُ مَا حَوْلَهُ ثُمَّ تَمَسَّحْتُ بِهِ وَقَبَّلتُهُ، وَإِذَا صَائِحٌ يَصِيحُ مِنْ جَوْفِهِ:
قُلْ لِلقبَائِل مِنْ سَلِيمٍ كلِّهَا ... هَلَكَ الضِّمَارُ (* * *) وَفَازَ أَهْلُ المسجدِ
هَلَكَ الضِّمَارُ وَكانَ يُعْبَدُ مَرَّةً ... قَبْلَ الصَّلاةِ مَعَ النَّبىِّ مُحَمَّدِ
إِنَّ الَّذِى بالقَوْلِ أرْسِلَ والهُدَى ... بَعْدَ ابْنِ مَرْيَمَ مِنْ قُريْشٍ مُهْتَدِ
قَالَ: فَخَرَجْتُ مَذْعُورًا حَتَّى جِئْتُ قَوْمى فَقَصَصْتُ عَلَيْهِمْ القِصَّةَ، وَأَخْبَرْتُهُمْ الخَبَرَ، فَخَرَجْتُ فِى ثَلَثمائة منْ قَوْمي بَنِى حَارِثَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ بِالمَدِينَةِ، فَدَخَلتُ المَسْجِدَ، فَلَمَّا رآنِى النَّبِىُّ ﷺ فَرحَ بِى، وَقَالَ: يَا عَبَّاسُ: كيْفَ كَانَ إِسْلامُكَ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ القِصَّةَ، فَسُرَّ بِذَلِكَ، وَقَالَ: صَدَقْتَ، فَأَسْلَمْتُ أَنَا وَقَوْمى".