"عَنْ أنَسٍ قَالَ: لَمَّا هُزِمَ المُشْرِكُونَ جَاءَ رَسُولُ الله ﷺ فَقَامَ، ثُمَّ أمَرَ بِأبِى جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَسُحِبَ فَألقىَ فِى القَليبِ، ثُمَّ أَمَرَ بِعتبَةَ بْنِ رَبيعَةَ فَسُحِبَ فَألقى فِى القَليبِ، ثُمَّ أَمَرَ بِشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَسُحِبَ فَألقِىَ فِى القَلِيبِ، ثُمَّ أَمَرَ بأميةَ بْنِ خَلَف فَسُحِبَ فَألقىَ فِى القَلِيبِ، وَأبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عتبَةَ قَائم إلَى جَنْبِ رَسُولِ الله ﷺ لَم يَفْطِنْ لَهُ النَّبِىُّ ﷺ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى أبيهِ سُحِبَ وَألقِىَ فِى القَلِيبِ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَالتفَتَ إِليهِ النبيُّ ﷺ قَالَ: يَا أَبَا حُذَيْفَةَ كَأنَّهُ سَألَ (*) مَا صَنَعْنَا بعُتْبَةَ، قَالَ يَا رَسُولَ الله مَا بِى أَنْ لاَ أكوُنَ مُؤْمِنًا بِالله وَرَسُولِهِ، وَلكِنْ لَمْ يَكُنْ فِى القَوْم أَحَد يُشْبِهُ عُتَبَةَ فِى عَقْلِهِ وَشَرَفهِ، فَكنتُ أَرْجُو أَنْ يَهْدِيَهُ الله إِلَى الإسْلاَم، فَلَمَّا رَأيْتُ مَصْرَعَهُ سَاءَنِى ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ النبيُّ ﷺ خَيْرًا، فَلَمَّا كَانَ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ، خَرجَ النبيُّ ﷺ فَسَمِعَه النَّاسُ وَهُوَ يُنَادِى فِى جَوْفِ اللَّيْلِ: يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَيَا عتبَةَ بن رَبِيعَةَ، وَيا شَيْبَةَ بن رَبِيعَةَ، وَيَا أمَيةَ بن
خَلفٍ: أوَ جَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّا، فإنِّى وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِى ربِّى حَقا، فَنَادَاهُ النَّاسُ يا رَسُولَ الله: أتُنَادِى قَوْمًا قَدْ جَيفُوا؟ قَالَ: وَالله مَا أنْتُمْ بِأسْمَعَ لِمَا أقُولُ مِنْهُمْ، وَلكِنهُمْ لاَ يَسْتَطِيعونَ أَنْ يُجِيبُوا".