"إِنَّمَا الشَّفَاعَةُ يَوْمَ القِيامَةِ لِمَنْ عَمِلَ الكَبَائِرَ مِنْ أُمَّتى، ثُمَّ مَاتُوا عَلَيْهَا فَهُمْ فِى البَاب الأَوَل مِنْ جَهَنَّم، لَا تَسْوَدُّ وَجُوهُهُم، ولا تزْرَق أَعْيُنهُمْ، ولا يُغَلُّون بالأَغْلَالِ، وَلَا يُقْرَنُونَ مَع الشَّيَاطينِ، ولا يُضْرَبُون بالمقَامِع، وَلَا يَصْرُخُونَ فِى الأَدَراك. مِنْهُمْ مَنْ يَمْكثُ فيهَا ساعة ثُمَّ يَخْرجُ، ومِنْهم مَنْ يَمْكُثُ فيهَا يَوْمًا ثُمَّ يَخْرجٌ، ومِنْهم مَنْ يَمْكثُ فيهَا شَهْرًا ثُمَّ يَخْرجٌ، ومِنْهم مَنْ يمكُثْ فِيهَا سَنَة ثُمَّ يَخْرجٌ، وأَطْوَلُهُمْ مُكْثًا فيها يَمْكُثُ بِمِثْل الدُّنْيَا يَوْمَ خُلِقَت إِلى يوْمِ أُفْنِيتْ وَذَلِكَ سَبْعَهُ آلاف سنَة ثُمَّ إِنَّ اللَّه تعالى إِذا أَرادَ أَن يُخْرِجَ الموحِّدين منها قَذَف في قُلُوب أَهْل الأدْيَاد فَقَالُوا لَهُمْ: كُنَّا نَحْن وَأَنْتُمْ جَمِيعًا في الدُّنْيَا فآمْنتُمْ وكفَرْنا، وصَدَّقُتُم وكذَّبْنا، وَأقْرَرْتُم وجَحدْنَا فَمَا أَغْنَى ذَلِك عَنكُمْ، نَحْنُ وَأَنْتُمْ اليَوْمَ فيها جميعا سواءٌ، تُعَذبونَ كَما نُعَذَّب، وتُخلَّدُون كما نُخلدُ فَيَغْضَبُ اللَّه عِنْدِ ذَلكَ غَضبًا لَمْ يَغْضَبهُ مِنْ شَئٍ فِيمَا مَضَى، ولا يَغْضَبُه مِنْ شَئ فيما بَقى، فَيَخْرج أَهْلُ التوحِيدِ مِنْها إِلى عَيْن بَيْن الجنَّة والصِّرَاطِ يُقَالُ لَهَا: نَهْرُ الحَيَاةِ فَيُرَشُّ عَلَيْهِمْ مِنَ المَاءِ فَيَنْبُتُون كما تَنْبُتُ الحبةُ في حَمِيل السَّيْلَ، فما يَلِى الظِلَّ مِنْها أَخْضَرُ ومَا يَلى
الشَّمْس منها أَصْفَر، يَدْخُلُون الجنَّةَ تكتَبُ في جِبَاهِم عُتَقَاءُ اللَّه مِن النارِ إِلا رَجلًا وَاحِدًا فإِنَّه يمكث فِيهَا بَعدَهم. ألف سنَة ثم ينَادِى: يَا حنَان يا مَنان فيبْعَث اللَّه إِليْه مَلكًا ليُخرِجَه فيخُوضُ في النار في طلبه (سَبْعينَ عامًا لا يَقِدر عَليْهِ، ثُمَّ يَرْجعُ فيَقولَ: إِنَّك أَمَرْتنِى أنْ أُخرِجَ عَبْدَكَ فلانًا مِنَ النَّارِ وَإِنى طَلَبْتهُ) منذ سَبْعِين سَنةً فَلَم اقْدِرِ عَليْهِ فَيَقول اللَّه تعَالى: انطلِق فهوَ فِى وَادِى كذَا وكذَا تَحْتَ صَخرَة فَأخْرِجْه فَيذهَبُ فيُخرِجُه مِنهَا، فيُدْخِله الجنة "