"عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَ الزُّبيْرُ يُحَدِّثُ أَنَّهُ كَانَ في فَارع أُطُم حَسَّان بْنِ ثَابِتٍ مَعَ النسِّاءِ يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَمَعَهُمْ عُمَرُ بنُ أَبِى سَلَمَةَ، قَالَ ابنُ الزُّبيْرِ: وَمَعَنَا حَسَّانُ بنُ ثَابِت ضَارِبًا وَتَدًا في نَاحِيَةِ الأطُم، فَإِذَا حَمَلَ أصْحَابُ رَسُولِ الله ﷺ عَلَى المُشْرِكِينَ حَمَلَ عَلَى الوَتَد فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ، أَقْبَلَ المُشْرِكونَ، انْحَازَ عَنِ الوَتَدِ حَتَّى كَأنَّهُ يُقَاتِلُ قِرْنًا يَتَشَبَّهُ بِهِمْ، كَأَنَّهُ يُرَى أَنَّهُ يُجَاهِدُ عَنِ القِتَالِ، قَالَ: وَإِنِّى لأظْلِمُ ابْنَ أَبِى سَلَمَةَ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ أكْبَرُ مِنَى بِسَنَتَيْنِ، فَأَقُولُ لَهُ: تَحْمِلُنِى عَلَى عُنُقِكَ حتَّى أَنْظُر، فَإِنِّى أَحْمِلُكَ إِذَا
نَزَلَتَ، فَإِذَا حَمَلَنِى ثُمَّ سَأَلَنِى أَنْ يَرْكَبَ قُلتُ: هَذِهِ المَرَّة وَإنِّي لأنْطُرُ إِلَى أَبِى مُعْتَمًّا بِصُفْرَةٍ فَأخبر بِهَا أَبِى بَعْدُ، فَقَالَ: وَأَيْنَ أَنْتَ حِينَئِذٍ؟ قُلتُ: عَلَى عُنُقٍ ابنِ أَبِى سَلَمَةَ يَحْمِلُنِى، فَقَالَ: أَمَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ حِينَئِذٍ لَيَجْمَعُ لِى أَبَوَيْهِ، قَالَ ابْنُ الزُّبيْرِ: فَجَاءَ يَهُودِىُّ يَرْتَقِى إِلَى الحِصْنِ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِحَسَّانَ: عِنْدَكَ يَا حَسَّانُ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ مُقَاتِلًا مَعَ رَسُولِ الله ﷺ ، فَقَالَتْ صَفِيَةُ لَهُ: أَعْطِنِى السَّيْفَ فَأعْطَاهَا، فَلَمَّا ارْتَقَى اليَهُودِىُّ ضَرَبْتُهُ حتَّى قَتَلَتْهُ، ثُمَّ احْتَزَّتْ رَأسَهُ فَأَعْطَتْهُ حَسَّانَ وَقَالَتْ: طُرِحَ، فَإِنَّ الرَّجُلَ أسَدُّ دِيَة مِنَ المَرْأَةِ يُرِيدُ أَنْ يُرْعِبَ أَصْحَابَهُ".