"عن الحَرْمازِى قَال: كتَبَ عُمَر بنُ الخَطَّاب إلَى فَيرُوزَ الدَّيْلَمِى أَمَّا بَعْدُ: فَقَد بَلَغَنى أنَّه قَد شَغَلَكَ أكْلُ اللُّبابِ (*) بالعَسَلِ، فإذَا أتَاكَ كتَابِى هَذَا فَاقْدِمْ عَلَى بَرَكةِ الله تعالى، فَاغْزُ فِى سبيلِ الله، فَقَدِم فَيْرُوزُ فَاسْتَأذَنَ عَلَى عُمَرَ فَأَذِنَ لَه فَزَاحَمَهُ فَتًى مِن قُرَيْشٍ فَرَفَعَ فَيْرُوزُ يَدَهُ فَلَطَمَ أنْفَ القُرَشِىِّ، فَدَخَل القُرَشِىُّ عَلَى عُمَر مُسَتمدًا، فَقَالَ لَه عُمَرُ: مَن فَعَلَ ذَلِكَ بكَ؟ قَال: فيروزُ وَهُوَ عَلَى البَابِ، فَأذِنَ لِفَيرْوزَ بالدُّخولِ فَدَخَل، فَقَالَ: ما هَذَا يَا فَيْرُوزُ؟ قَال: يَا أَمِير المُؤمِنيِن! إنَّا كُنَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بملِك وإنَّكَ كَتَبْتَ إلَىَّ وَلَم تكْتُب إليْه، وَأذِنْتَ لِى بالدُّخولِ ولم تَأذَنْ لَه، فَأرَاد أَنْ يَدْخُلَ فِى إذنِى قَبْلِى، فَكَانَ مِنِّى مَا قَد أَخْبَركَ، قَالَ عُمَر: القِصَاصُ، قالَ فَيْروزُ: لاَ بُدَّ؟ قالَ: لاَ بُدَّ، قَال: فَجَثَى فَيْرُوزُ عَلى رُكْبَتَيْه، وَقَام الفَتى لِيقْتَصَّ مِنهُ، فَقَالَ لَه عُمَرُ: عَلَى رِسْلِكَ أيُّهَا الفَتَى حتَّى أُخْبِرَكَ
بِشَئٍ سَمِعْتُه مِنْ رَسولِ اللهِ ﷺ ، سَمِعْتُ رسُولَ الله ﷺ يَقُولُ ذاتَ غَدَاةٍ وَهُو يَقُولُ: قُتِلَ اللَّيلَةَ الأسْوَدُ العَنْسِيِ الكَذَّابُ، قَتَلَه الَعْبدُ الصَّالِحُ فَيروزُ الدَّيْلَمِى أَفَتُراكَ مُقْتَصّا منْه بَعدَ إذْ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رسول الله ﷺ ؟ قال الفتى: قَد عَفَوْتُ عَنْهُ بَعْد إذ خَبَرتَنِى عَن رَسولِ الله ﷺ بهذا، قال فَيْرُوزُ لِعُمَرَ: أفَتَرى هَذَا مُخْرِجِى ممَّا صَنَعْتُ إقَرارِى لَهُ وَعَفُوه غيرُ مُسْتَكْرَهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قَال فَيْرُوزُ: فَأشهِدُكَ أَنَّ سَيْفى وَفَرَسِى وَثَلاثِينَ ألفًا مِن مَالِى هِبَةٌ لَه، قَالَ: عَفْوتَ مأجُورًا يَا أخَا قُرَيشٍ وَأَخَذتَ مَالًا".