"عَنِ الْمَدَاينِى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَوْصَى يَزِيدَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ حينَ وَجَّهَهُ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ سِرْ عَلَى بَرَكَةِ الله، فَإِذَا دَخَلْتَ بِلَادَ الْعَدُوِّ فَكُنْ بَعِيدًا مِنَ الْحَمْلَةِ، فَإِنِّي لَا
آمَنُ عَلَيْكَ الْجَوْلَةَ، وَاسْتَظْهِرْ في الزَّادِ، وَسِرْ بِالأَدِلَّاءِ، وَلا تُقَاتِلْ بِمَجْرُوحٍ فَإِنَّ بَعْضَهُ لَيْسَ مَعَهُ، وَاحْتَرِسْ مِنَ البَيَاتِ فَإِنَّ في الْعَرَبِ غِرَّة، وأَقْلِلْ مِنَ الْكَلَامِ فَإِنَّمَا لَكَ مَا وُعِىَ عَنْكَ، فَإِذَا أَتَاكَ كتَابِى فَأَنْفِذْهُ، فَإِنَّما أَعْمَلُ عَلَى حَسَبِ انْفَاذِهِ، وَإِذَا قَدِمَتْ وُفُودُ الْعَجَمِ فَأَنْزِلْهُمْ مُعْظَمَ عَسْكَرِكَ، وَأسْبِغْ عَلَيْهِمُ النَّفَقَةَ، وَامْنَع النَّاسَ مِنْ مُحَادَثَتِهِمْ، لِيَخْرُجُوا جَاهِلينَ، وَلَا تَلِجَّنَّ في عُقُوبَةٍ، وَلَا تُسْرِعَنَّ إِلَيْهَا، وَأَنْتَ تَكْتَفِى بِغَيْرِهَا، وَاقْبَلْ مِنَ النَّاسِ عَلَانِيَتَهُمْ، وَكِلْهُمْ إِلَى الله في سَرَائِرِهِمْ، ولَا تَجَسَّسْ عَسْكَرَكَ فَتَفضَحهُ، وَلَا تُهْمِلْهُ فُتُفْسِدَهُ، وَأَستَوْدِعُكَ الله الَّذِى لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ".