"أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهرى، عن عبد الرحمنِ بنِ كعبِ بن مالكٍ، عن أبيه قال: كان معاذُ بنُ جبلٍ رجلًا سمحًا، شابًا جميلًا، من أفضلِ شبَابِ قَوْمه، وكان لا يُمْسِك شيئًا، فلم يزَل يَدَّانُ حتى أغْلَق ماله كله من الدين، فأتى النَّبِىَّ ﷺ يطلُبُ إليه أن يسألَ لَه غُرَمَاءَه أن يَضَعُوا لَه فأبَوْا، فلو تَرَكوا لأحدٍ من أجلِ أحدٍ تركوا لمعاذٍ من أجلِ النبىِّ ﷺ ، فباع النبى ﷺ كلَّ ماله في دينهِ حتى قامَ معاذٌ بغيرِ شَىْءٍ، حتى إِذا كَان عامُ فتح مكة بعثه النبى ﷺ على طائِفةٍ من اليمنِ أميرًا لِيَجْبُرَهُ، فمكث معاذٌ باليمن أميرًا، وكان أولَ من تَجِر في مالِ الله هُوَ، ومكث حتى أصابَ وحتى قُبِض النبى ﷺ ، فَلَما قَدِمَ قال عمرُ لأبِى بكر: أَرسل إلى هَذَا الرجلِ فدع له مَا يعيشه وخذ سائره منه، فقال أبو بكر: إِنَّمَا بَعثَه النبى ﷺ لِيَجْبُرَه ولست بآخذٍ منه شيئًا إلا أن يُعْطيَنى، فانطلق عمرُ إلى معاذٍ إِذ لم يعطه أبو بكر، فذكر ذلك عمرُ لمعاذ، فقال معاذٌ: إِنما أرْسَلنى رسُول الله ﷺ لِيَجْبُرنِى، ولست بفاعلٍ، ثم لقىَ مُعاذٌ عمر فقال: قد أُطيعُكَ وأنَا فاعِلٌ مَا أمرْتَنِى به، إنى رأيت فِى المنامِ أَنَّى فِى حَوْمَةِ ماءٍ قد خَشيتُ الغَرَقَ فَخَلَّصْتَنى منه يا عمرُ، فأتى معاذٌ أبَا بَكْرٍ فذكر ذلك له، وحلف له أنَّه لم يكتُمه شيئًا حتى بَيَّنَ له سوطه، فقال أبو بكر: والله لا آخذه منك، قد وهبته لكَ، فقال عمر: هذا خير طابَ وحَلَّ، فخرج معاذٌ عند ذلك إلى الشام، فقال معمر: فأخبرنى رجلٌ من قريش، قال: سمعتُ الزهرى يقول: لما باع النبى ﷺ مالَ معاذٍ أوْقَفَه للناسِ، فقال: من باع هذا شيئًا فهو بَاطِلٌ، فهو باطلٌ".
Request/Fix translation