"إِنَّما مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الدنيا كمَثَلِ قَوْمٍ سَلَكُوا مَفَازَةً غَبْرَاءَ لَا يَدْرُون مَا قطَعُوا مِنْهَا أكْثَرُ أمْ مَا بَقِى مِنْهَا، فَحَسَر ظَهْرُهم، وَنَفَذَ زَادُهُم، وسَقَطُوا بَيْنَ ظهْرَانِى المَفَازة، فَأَيْقَنُوا بِالْهلكَةِ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذلِكَ إِذْ خَرَجَ عَلَيْهم رَجُلٌ فِى حُلَّةٍ يَقْطُرُ رأْسُه فقالوا: إِنَّ هذا لحديث عَهْدِ بالريف، فانتهى إِلَيْهمْ فَقَالَ: مَا لَكُمْ يا هَؤُلاءِ؟ قالوا: مَا تَرَى، حَسَرَ ظَهْرُنَا، وَنَفِذَ زَادُنَا وسَقَطنَا بَيْنَ ظَهْرَانِى المَفَازة لَا نَدْرِى مَا قَطَنْا منْهُ أَكْثر أَمْ مَا بَقى عَلَينَا؟ قال: ما تَجْعَلُونَ لِى إِنَّ أَوْرَدْتُكمْ مَاءً روَاءً وَرِيَاضًا خُضْرًا قالوا: نَجْعَلُ لَكَ حُكْمَكَ (عَلَيْنَا) ، قال: تَجْعَلُون لى عُهُودَكُمْ ومواثيقكم أنْ لَا تَعصُونِى، فَجَعَلُوا لَهُ عُهُودَهُمِ، ومَواثيقَهُمْ أَن لا يَعْصُوه فَمَال بهم. فَأَوْرَدهم رِيَاضًا خُضرًا، وَمَاءً رِواءً، فَمَكَثَ يسِيرًا ثُمَّ قَالَ (لَهُمْ) هَلُمُّوا إلى ريَاضٍ أَعْشَبَ مِنْ ريَاضكُمْ وَمَاءٍ أَروى مِنْ مَائِكُمْ فقَال: جُلُّ القَوْمِ ما قَدَرْنا على هَذَا، حتى كِدْنَا أنْ لَا نَقْدِرَ عليه. وَقَالَتَ طائِفَةٌ
مِنْهُم، ألَسْتُمْ قدْ جَعَلْتُمْ لِهَذا الرَّجل عُهودَكم وَمواثِيقَكم أَن لا تَعْصُوهُ. وقَدْ صَدَقَكُمْ فِى أَوَّلِ حَديثِهِ، وآخرُ حَدِيثه مِثْلُ أَوَّلِه؟ فَرَاح ورَاحُوا مَعَه فَأوْرَدَهُم رِيَاضًا خُضْرًا وَمَاءً رِوَاءً وَأَتَى الأَخِيرينِ العَدُو مِنْ تَحْت لَيْلَتِهِم فَأَصْبَحُوا ما بَيْنَ قتيل وَأَسير ".