"يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا أوصِيكَ بِوَصَايَا إِنْ أَنْتَ حَفِظْتَها، نَفَعَكَ الله -تَعَالَى- بِهَا: جَاوِر الْقُبُور تَذْكُرْ بِهَا وعِيدَ الآخِرَة، وزرها بِالنَّهَار وَلا تَزُرْهَا بِاللَّيْلِ، وَاغْسِلِ الْموْتَى فَإِنَّ فِى مُعَالَجَةِ جَسَدٍ خَاوٍ وعظة، وَتَتَبَّع الْجَنَائِزَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحَرِّك الْقَلْب وَيُحزنهُ، وَاعْلم أَنَّ أَهْلَ الحُزن في أمنِ الله، وَجَالِس أَهْلَ الْبَلَاءِ وَالْمسَاكِين، وَكُل مَعَهُم وَمَع خَادِمك، لَعَلَّ الله -تَعَالَى- يَرْفَعُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، والْبس الْخَشن وَالصَّفيقَ مِنَ الثِّيَابِ تَذَلُّلًا لله ﷻ وَتَوَاضُغا لَعَلَّ الْفَخْرَ وَالْعِزَّ لَا يَجِدَانِ فِيكَ مَسَاغًا، وَتَزين أَحْيَانا في غِنَى الله بِزِينَة حَسَنَة تَعَفُّفا وَتَكَرُّمًا، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَضُرُّكَ إِنْ شَاءَ الله، وَعَسَى أَنْ تُحدثَ لله -تَعَالَى- شُكْرًا، يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّه لَا يَحلُّ فْرجٌ إِلَّا مِنْ وَجْهَيْن: نِكَاح الْمسْلِمينَ بِوَلِىٍّ وَشَاهدَىْ عَدْلٍ، وَفَرْج تَملْكُ رَقَبَتَهُ وَمَا سِوىَ ذَلِكَ زِنًا، يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّه لَا يَحِلُّ قَتْل نَفْسٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث: النَّفْس بِالنَّفْس وَالثَّيّب الزَّانِى، وَالْمُرتَد عَن دِينِهِ في الإِسْلَامِ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابِ وَإِلَّا قُتِلَ، يَا أَبَا ذَر وَكُلُّ مَالٍ
أصَبْتهُ في غَير أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ فَهُوَ حَرَامٌ: مَا أَصبتَ بِسَيْفِكَ، أَو تِجَارَةٍ عَنْ تَرَاضٍ، أَوْ مَا طَابَتْ بِه نَفْسُ أَخِيكَ الْمُسْلِم، وَمَا وَرثَ الْكِتَابُ".