"عَنْ أبِى بَكْرَةَ قَالَ: أُتِىَ النَّبِىُّ ﷺ بِمَالٍ فَقَعَدَ يقسمُهُ، فَكَانَ يَأخُذُ مِنْهُ بِيَدِهِ ثُمَ يَلتَفِتُ عَنْ يَمِينِهِ كأنَهُ يُخَاطِبُ رَجُلًا سَاعَةً ثُمَ يُعْطِيه من عنده، وَكَانُوا يَرَوْنَ أنَّ الذِى يُخَاطِبُهُ جِبْرِيلُ، فَأتَاهُ رَجُلٌ وَهُوَ عَلَى تِلكَ الحَالِ أَسْودُ طَوِيلٌ مُشَمِّر مُحَلوقُ الرَّأسِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ أثَرُ السُّجُودِ، فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ: وَالله مَا تَعْدِلُ، فَغَضِبَ النَّبِىُّ ﷺ حَتَى احْمَرَّت وَجْنَتَاهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ فَقَالَ أصْحَابُهُ: أَلَا نَضْرِبُ عُنُقَهُ
فَقَالَ: لا أُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ المُشْرِكُونَ أَنِّى أقْتُلُ أَصْحَابِى، إِنَّهُ يَخْرُجُ هَذَا في أمْثَالِهِ، وَفِى أشبَاهِه وَفِى ضَرَبَاتِهِ، مَا يَأتيهم الشَّيْطَانُ مِنْ قِبَلِ ذُرِّيَّتِهِمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرميِة (لَا يُرَى في قُطبِهِ وَلَا ريشهِ وَلَا عُودِهِ مَا فِى كَلَامٍ لَهُ إِلَّا أحْفَظُهُ) (*)، وَفِى لَفْظٍ إِنَّ هَذَا وَأصْحَابَهُ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّين كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ لَا يَتَعَلَّقُونَ مِنَ الإِسْلَام بِشَىْءٍ".