"عَنِ الْمقْدَاد قَالَ: لَمَّا تَصَافَفْنَا لِلقِتَالِ جَلَسَ رسُول الله ﷺ تَحْتَ رَايَة مُصْعَب بن عُمَيْر، فَلَمَّا قُتِلَ أَصْحَابُ اللِّوَاءِ، هزمَ الْمشْرِكُون الهَزِيمَة الأُولَى، وَأَغَارَ الْمُسْلِمُون عَلَى عَسْكَرِهِم فَانْتَبَهُوا ثم كَرُّوا عَلَى الْمُسْلِمينَ، فَأتوهُم مِنْ خَلْفِهِم، فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَنَادَى رَسُولُ الله ﷺ في أَصْحَابِ الأَلْويَةِ، فَأَخذَ اللِّوَاءَ مُصْعَب بن عُمَيْرٍ،
وَأَخَذ رَايَة الْخَزْرجَ سَعْد بن عُبَادَة وَرَسُولُ الله ﷺ قَائِمٌ تَحْتَهَا وَأَصْحَابُه مُحْدِقُونَ بِهِ وَدَفَعَ لِوَاءَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى أَبِى الرَّدْم الْعَبْدِى آخِرَ النَّهَارِ، وَنَظَرْتُ إِلَى لِوَاء الأَوْسِ مَعَ أسَيدِ ابن حُضَيْر، فَنَاوَشَهُم سَاعَةً واقْتَتَلُوا عَلَى الاختِلَاطِ مِنَ الصُّفُوفِ، وَنَادَى الْمُشْرِكُونَ بِشعَارِهِم بِالْعُزَّى وَبِالْهبل، فَأرْجَعَوا وَالله فِينَا قَتْلًا ذَرِيعًا، وَنَالُوا مِنْ رَسُولِ الله ﷺ مَا نَالُوا، أَلا وَالَّذِى بَعَثَهُ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ رَسُول الله ﷺ زالَ شِبْرًا وَاحِدًا، إنَّهُ لَفِى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَيَنوب إلَيْهِ طَائفَة مِنْ أَصْحَابِه مَرَّةً وَتَتَفَرَّق عَنْهُ مَرَّةً، فَرُبَّما رَأَيْتهُ قَائِمًا يَرْمِى عَنْ قَوْمِه أَوْ يَرمىِ بِالْحَجَرِ حَتَّىَ تَحَاجَزُوا وَثَبَتَ رَسُولُ الله ﷺ كَما هُو في عِصَابَةٍ صَبَرُوا مَعَه، أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا: سَبْعَةً مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَسَبْعَة مِنَ الأَنْصَارِ: أَبُو بَكْرٍ وَعْبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَعَلِى بن أَبِى طَالِب، وسَعْد بن أبى وَقَّاص، وَطَلَحَة بن عُبَيْدِ الله، وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجَراح، والزُّبيْر بن الْعَوام، وَمِنَ الأَنْصَارِ: الْحبَاب بن الْمُنْذِر، وأبُو دجَانَهَ وَعَاصِم بن ثَابِتٍ، والْحَارِث بن الصُّمَّة، وَسَهْل بن حُنَيف، وَأُسَيْد بن الْحضَيْر، وسَعْد بن مُعَاذ".