" عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: النَّاسُ فِى الْغَزْوِ جُزأَنِ: فَجُزْءٌ خَرَجُوا يُكْثِرُونَ ذِكْرَ الله تَعَالَى وَالتَّذْكِيرَ بهِ وَيَجْتَنبُونَ الْفَسَادَ فِى الْمَسِيرِ، وَيُواسُونَ الصَّاحِبَ، وَيُنْفِقونَ كَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، فَهُمْ أَشَدُّ اغْتِبَاطًا بِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِم مِنْهُمْ بِمَا اسْتَفَادُوا مِنْ دُنْيَاهُمْ، فَإذَا كَانُوا فِى مَواطِنِ الْقتَالِ اسْتَحْيَوْا مِنَ الله فِى تلكَ الْمَوَاطِنِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى رِيبَةٍ فِى قُلُوبِهِمْ أَوْ خُذْلاَنٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا قَدَروُا عَلَى الْغُلُوَلِ طَهَّرُوا مِنْهُ قُلُوبَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ فَلَمْ يَسْتَطِعِ الشيطان أَنْ يَفْتِنَهُمْ، وَلاَ يَكْلِمَ قُلُوبَهُمْ، فَبِهِمْ يُعِزُّ الله دِينَهُ وَيَكْبتُ عَدُوَّهُ، وَأَمَّا الْجُزْءُ الأَخيرُ فَخَرَجُوا فَلَمْ يُكْثِرُوا ذِكْرَ الله وَلاَ التَّذْكِيرَ بِهِ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا الْفَسَادَ وَلَمْ يُنْفِقُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ، وَمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ رَأَوْهُ مَغْرَمًا، وَحَدَّثَهُمْ بِهِ الشَّيْطَانُ، فَإِذَا كَانُوا عِنْدَ مَوَاطِنِ
الْقتَالِ كَانُوا مَعَ الآخِرِ الآخِرِ الْخَاذِلِ الخَاذِلِ، وَيعْتَصِمُوا بِرُءوسِ الْجِبَالِ، يَنَظُرُونَ مَا يَصْنَعُ النَّاسُ، فَإِذَا فَتَحَ الله لِلْمُسْلِمِينَ كَانُوا أَشَدَّهُمْ تَخَاطُبَا بِالْكَذِبِ، فَإِذَا قَدَرُوا عَلَى الْغُلُولِ اجْتَرأُوا عَلَى الله، وَحَدَّثهُمُ الشَّيْطَانُ أَنَّهَا غَنِيمَةٌ، إِنْ أَصَابَهُمْ رَخَاءٌ بَطِرُوا، وَإِنْ أَصَابَهُمْ حَبْسٌ فَتَنَهُمُ الشَّيْطَانُ بِالْعَرَضِ، فَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ أَجْرِ الْمُؤْمِنِينَ شَيء، غَيْرَ أَنَّ أَجْسَادَهُمْ مَعَ أَجْسادِهِمْ، وَمَسِيرهُمْ مَع مَسِيْرِهِمْ، وَنِيَّاتُهُمْ وَأعمَالُهُمْ شتى حَتَّى يَجْمَعَهُمُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَفْرِقُ بَيْنَهُمْ".