"عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نِعْمَ النِّساءُ يأتِينَ بِمِثْلِ أَميرِ الْمُؤمِنينَ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، وَالله مَا رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ رَئِيسًا يُوزَنُ بِهِ لَرَأَيْتُهُ يَوْمَ صِفِّينَ وَعَلَى رَأسِهِ عِمَامَةٌ بَيْضَاءُ قَد أَرْخَى طَرَفَهَا كَأَنَّ عَيْنَيْهِ سِرَاجَا سَلِيطٍ وَهُوَ يَقِفُ عَلَى شِرْذِمَةٍ يَحَضُّهُمْ حَتَّى انْتَهَى إِلىَّ وَأَنَا فِى كَثْفٍ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ اسْتَشْعِرُوا الْخَشْيَةَ، وَغُضُّوا الأَصْوَاتَ، وَتَجَلَّبُوا السَّكِينَةَ، وَأَعْمِلُوا الأَسِنَّةَ، وَاقْلِعُوا السُّيوفَ فِى الأَغْمَادِ قَبْلَ الشِّكَّةِ وَأَبَلِغُوا الْوَخْزَ وَنَافِحُوا الظُّبَا، وَصِلُوا السُّيُوفَ بالْخُطَا والنِّبَالَ بِالرِّمَاحِ فَإِنَكُمْ بِعَيْنِ الله وَمَعَ ابْنِ عَمِ نَبِيهِ ﷺ عَاوِدُوا الْكَرَّ واسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ فإِنَّهُ عَارٌ بَاقٍ فِى الأَعْقَابِ والأعْنَاقِ، وَنَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ وَطَيِّبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ أَنْفُسًا، وامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ سُجُحًا وَعَليْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الأَعْظَمِ والرَّوَاقِ الْمُطَنَّبِ فَاضْرِبُوا ثَبَجهُ فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ رَاكِبٌ ضَبْعَيْهِ وَمُفْتَرِشٌ ذِرَاعَيْهِ قَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَدًا وَأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا فَصمْدًا صَمْدًا حَتَىَ يَنْجَلِىَ لَكُم عَمُودُ الدِّينِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ والله مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُم أَعْمَالَكُمْ".