"عَنْ قبِيصَةَ (*) بْنِ جَابِرٍ الأَسَدِىِّ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى عَلِىٍّ فَقَالَ: يَا أَميرَ الْمؤْمِنينَ! مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى الصَّبْرِ، وَالْيَقِينِ، وَالْجِهَادِ، والعَدْلِ، وَالصَّبْرُ عَلَى أَرْبَع شُعَبٍ: عَلَى الشَّوْقِ، والشَّفَقَةِ، والزَّهَادَةِ، والتَّرَقُّبِ ، فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلَا عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ أشْفَقَ مِن النَّارِ رَجَعَ عَنِ المحرَّماتِ، وَمَنْ أَبْصَرَ بِالدُّنْيَا تَهاوَنَ بِالْمُصِيبَاتِ ، وَمَنِ ارْتَقَبَ إِلَى الْموْتِ سَارَعَ
إِلَى الْخَيْراتِ، وَالْيَقِينُ عَلَى أَرْبعِ شُعَبٍ: عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ، وتَأوِيلِ الحُكْم لله، وَمَوْعِظةِ العِبْرَةِ، وسُنَّةِ الأوَّلِينَ، فَمَنْ تَبَصَّرَ فِى الْفِطْنَةَ تَأَوَّلَ الْحِكمَةَ، وَمَنْ تَأَوَّلَ الحِكْمَةَ عَرَفَ العِبْرَةَ، ومَن عَرَفَ الْعِبْرَةَ فَكأَنَّما كَانَ فِى الأَوَّلِينَ، والْعَدْلُ عَلَى أَرْبَعِ شُعَبٍ: عَلَى غَائِصِ الفَهْمِ، وزَهْرَةِ العِلْمِ ، ورَوْضَةِ الحِلْم، فَمنْ فَهِمَ فَسَّر جَميعَ العِلْمِ، ومَنْ عَلِمَ عَرَفَ شَرائعَ الحُكْمِ، وَمَنْ حَكَمَ لَمْ يُفَرَّطْ أَمْره وعَاشَ فِى النَّاسِ ، والْجهادُ علَى أرْبَعِ شُعَبٍ: أَمْرٌ بِمَعْروفٍ ونَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ، والصِّدقُ فِى المواعِظِ ، وشَنآنُ الفَاسِقِينَ، فَمَنْ أَمَرَ بالمعْروفِ شَدَّ ظَهْرَ المؤْمِنِ، ومَنْ نَهَى عَنِ المنكَرِ أَرْغَمَ أَنْفَ الْمَنافِقِ، وَمَنْ صَدَقَ فِى الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَليْهِ، وَمَنْ شَنَأَ الْفَاسِقِينَ، وَغَضِبَ لله، غَضِبَ الله لَهُ، فَقَامَ السَّائِلُ عِنْد هَذَا فَقَبَّلَ رأسَ عَلِىٍّ".