"يَا مُعَاذُ: إِنَّ المُؤْمِنَ لَدَى الحَقّ أسِيرٌ، يَعْلَمُ أنَّ عَلَيْه رُقَبَاءَ عَلَى سَمْعِهِ، وَبَصَرِهِ، وَلِسَانِهِ، وَيَدِهِ، وَرِجْلِهِ، وَبَطنِهِ، وَفَرْجِهِ، إِنَّ المُؤْمِنَ قَيدَهُ القُرآنُ عَنْ كثِيرٍ مِنْ هَوَى نَفْسِهِ وَشَهَوَاتِهِ، وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أن يَهْلِكَ فيمَا يَهْوَى بِإِذنِ الله، يَا مُعَاذُ: إِنَّ
المُؤْمِنَ لاَ يَأمَنُ قَلبهُ وَلاَ تَسْكُنُ رَوْعَتهُ، وَلاَ يَأمَنُ اضْطِرَاُبهُ حَتَّى يُخَلِّفَ الجسْرَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ؛ إِنهُ يَتَوَقَّعُ المَوْتَ صَبَاحًا وَمَسَاءً فَالتَّقْوَى رِقْبةٌ (*)، والقرآنُ دَلِيلهُ، والخَوْفُ مِحْجَنُهُ، والشوْقُ مَطِيَّتهُ، والحَذَرُ قَرِينُهُ، وَالوَجَلُ شِعَارُهُ، والصَّلاَةُ كَهْفُهُ، والصَّوْمُ جُنّتُهُ، والصَّدَقَةُ فكَاكُهُ، والصِّدْقُ أَميرُهُ، والحَيَاءُ وَزِيرُهُ، وَرَبُّهُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالمِرْصَادِ، يَا مُعَاذُ: إِن المُؤْمِنَ يُسْألُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَنْ جَمِيعِ سَعْيِه حتَّى عَنْ كحْلِ عَيْنَيْهِ، يَا مُعَاذُ: إِنِّى أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِى، وَأَنْهَيْتُ إِليْكَ مَا أَنْهَى إِلَىًّ جِبْرِيلُ فَلاَ أُلفِيَنَّكَ تَأتِى يَوْمَ القِيَامَةِ وَأَحَدٌ أسْعَدُ بِمَا آتَاهُ الله مِنْكَ".