"عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ الْخُزَاعِىِّ قَالَ: سمِعْتُ مَنْ يَذْكُر أَنَّهُ كَانَ في زَمِن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ شَابٌّ مُتَعبِّدٌ قَدْ لزمَ الْمَسْجِدَ، وَكَانَ عُمَرُ بِهِ مُعْجَبًا، وَكَانَ لَهُ أَبٌ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَكَانَ إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ انْصَرَفَ إِلَى أَبِيهِ، وَكَانَ طَرِيقُهُ عَلَى بَابِ امْرَأَةِ فَافْتَتَنَتْ به فَكَانَتْ تَنْصِبُ نَفْسَهَا لَهُ عَلَى طَرِيقهِ، فَمَرَّ بِهَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَمَا زَالَتْ تُغْوِيهِ حَتَّى تَبِعَهَا، فَلَمَّا أَتَى الْبَابَ دَخَلَتْ وَذَهَبَ (يَدْخُلُ) فَذَكَرَ اللَّه وَجُلِّى عَنْهُ، وَمثلَتْ هَذه الآيَةُ عَلَى لسَانِه {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ}، فَخَرَّ الْفَتَى مَغْشِيًا
عَلَيْهِ، فَدَعَتِ الْمَرْأَةُ (جَارِيةً لَهَا) فَحَمَلُوهُ فَأَدْخَلُوهُ، فَتَعَاوَنَتَا عَلَيْهِ فَحَمَلَتَاهُ إِلَى بابِهِ، وَاحْتُبِسَ عَلَى أَبِيهِ، فَخَرَجَ أَبُوهُ يَطلُبُهُ فَإِذَا بِهِ عَلَى الْبَابِ مَغْشِيًا عَلَيْهِ، فَدَعَا بَعْضَ أَهْلِهِ فَحَملُوهُ فَأَدْخَلُوهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ حَتَّى ذَهَبَ مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّه، فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ: يَا بُنَىَّ مَالَكَ؟ قَالَ: خَيْرٌ فَإِنِّى أَسْأَلُكَ (باللَّه) فَأَخْبَرَهُ بِالأَمْرِ فَقَالَ: أَى بُنَىَّ، وَأَىَّ آيَةٍ قَرَأتَ؟ فَقَرأَ الآيَةَ الْتِى كَانَ قَرَأ، فَخَرَّ مَغْشِيًا عَلَيْهِ، فَحَرّكُوهُ فَإِذَا هُوَ ميِّتٌ، فَغَسَّلُوهُ وَأَخْرَجُوهُ وَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبحُوا رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ ؓ فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى أَبِيهِ فَعَزَّاه بِهِ وَقَالَ: أَلَا آذَنْتَنِى؟ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: كَانَ لَيْلًا، قَالَ عُمَرُ: فَاذْهَبُوا بنَا إِلَى قَبْرِهِ، فَأَتَى عُمَرُ وَمَنْ مَعَهُ الْقَبْرَ، فَقَالَ عمَرُ: يَا فُلانُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} فَأَجَابَهُ الْفَتَى مِنْ دَاخِلِ الْقَبْرِ (يَا عُمَر: ) قَدْ أعْطَانِيهمَا ربِّى في الْجَنَّةِ مَرَّتَيْنِ".