"عَن معاوية بن خديج قال: بَعَثَنِى عمرو بن العاص إلى عمرَ بْنِ الخطاب بفتحِ الإسكندرية، فقدمتُ المدينةَ في الظُّهر فأنختُ راحلتى ببابِ المسجد ثم دخلت المسجدَ فبينا أنا قاعدٌ فيه، إذ خرجت جاريةٌ من منزلِ عمر بن الخطاب، فقالت: من أنتَ؟ قلت: أنا معاوية بن خديج رسولُ عمرِو بن العاص، فانصرفت عنّى ثم أقبلتْ تشدُّ فقالتْ: قُمْ فأجِبْ أميرَ المؤمنين فتبعتُها، فلما دخلتُ فإذا بعمرِ بن الخطاب يتناولُ رداءَه بإحدَى يديه ويَشُدُّ إِزَارَه بالأخرى، فقال: ما عندك؟ فقلت: خَيْرٌ يا أميرَ المؤمنين فتح اللَّه الإسكندرية، فخرج معى إلى المسجد فقال للمؤذن: أذِّنْ في الناس: الصلاة جامعة، فاجتَمع الناس ثم قال: قُمْ فأخبر النَّاسَ، فقمتُ فأخبرتُهم، ثم صلَّى ودخل منزله واستقبل القبلة فدعا بدعواتٍ ثم جلسَ فقال: يا جَارِيةُ: هل عندك من طعام؟ فأتت بخبزٍ
وزيت، فقال: كُلْ فأكلتُ على حياءٍ، ثم قال: كُل فإن المُسافِرَ يحبُّ الطعامَ فلو كنت آكلًا لأكلتُ معك، فأصبت على حياءٍ، ثم قال: يا جاريةُ: هل من تَمْر؟ فأتت بتمرٍ في طبقٍ، فقال: كُل، فأكلتُ على حياءٍ، ثم قال: ماذا قلت يا معاويةُ حين أتيتَ المسجد؟ قال: قلتُ: أميرُ المؤمنين قائِلٌ، قال: بِئْسما قلت -أو بِئْسما ظننتَ- لئن نمتُ النهار لأُضيعنَّ الرعيةَ، ولئن نمتُ الليلَ لأضيعنَّ نفسى، فكيف بالنوم مع هذين يا مُعاوية؟ ! ".